Lakhasly

عرف الانسان المحاسبة منذ بدء الحضارة الانسانية ، فلقد مرت الحركة التجارية بمراحل كثيرة ، وذلك تبعا لتطور الحضارة الإنسانية ، و التوسع في الأعمال ، لذلك تعتبر المحاسبة قديمة قدم التاريخ ، فلم تبرز أي حضارة الا وكانت المحاسبة أحد ركائزها الأساسية ، وفرع هام ومرموق من فروع المعرفة ، فالمحاسبة بمفهومها العلمي المعاصر تعتبر أحد فروع العلوم الاجتماعية ، كما أنها تشترك مع العلوم التطبيقية في جوانب كثيرة ، و الانسان بصفته كائن بشري يهتم بمعرفة كل ما يحيط به ، لذا نجده يهتم بالمحاسبة بمفهومها البسيط منذ القدم ، و منذ ممارسته للأشكال البدائية ، و البسيطة من النشاط الاقتصادية ، هذا وقد حظيت المحاسبة بالاهتمام لعدة أسباب ، منها أنها :
• لغة المال ولسان حاله فهي وسيلة من وسائل توصيل المعلومات وتتمثل رموزها في الأرقام والكلمات وقواعدها تنحصر في اعداد كافة البيانات والمعلومات المتعلقة بالمنشأة .
• تمثل سجل تاريخي مالي للمنشأة .
• تؤثر المحاسبة تأثيرا جوهريا في اتخاذ القرار للمنشأة أو المجتمع عل السواء .
يتضح الأهمية التاريخية التي اكتسبتها المحاسبة منذ قديم الزمن ، وحتى تكون المدخل لاستعراض المراحل التاريخية لتطور المحاسبة ، حيث أن المحاسبة لم تنشأ من فراغ ، وانما نشأت وتطورت كحاجة ملحة لتلبية احتياجات المجتمع من المعلومات لاتخاذ القرار وتطورها ، لم يحدث فجأة ، أو دفعة واحدة .
ويمكن إن نقسم تطور المحاسبة إلى ثلاث مراحل:
1- المرحلة التمهيدية ما قبل عام 1494م ، ويطلق عليها مرحلة ما قبل القيد المزدوج .
2- المرحلة الفضية من 1494م الى 1775م ، ويطلق عليها مرحلة القيد المزدوج .
3- المرحلة الذهبية من 1775م حتى الان ، ويطلق عليها مرحلة التنظيم المهني .
وتتشابه معظم أنواع المحاسبة والأنظمة الأخرى في استخدام الأحداث الاقتصادية ، والاهتمام بالايرادات والمصروفات والأصول والتدفقات النقدية ، والاعتماد علي نظام المعلومات المحاسبي من حيث المدخلات والتشغيل والمخرجات ، واعتمادها علي مفهوم المسؤولية وان كان مجال التطبيق مختلف ، والتعامل في الأحداث الاقتصادية .
مفهوم المحاسبة :
المحاسبة تقنية متعارف عليها تجري بواسطتها رصد ومسايرة التدفقات المختلفة المتوجه لنشاط المؤسسة ، مهما كانت طبيعتها ، ويترجم ذلك في شكل نتائج مكرسة لمردودية هذا النشاط وفعاليته .
تتمثل تقنية المحاسبة في مجموعة من الإجراءات والطرق الفنية الموجهة لمتابعة نشاط المؤسسة ، ومدى تأثيره على هيكلية أموالها أو ذمتها المالية خلال مدة معينة و التي هي السنة المالية .
وعلية ، فيمكن القول أن المحاسبة عبارة عن أداة لكشف وتصوير المركز المالي للمؤسسة وتحديد نتائج نشاطها من حين لاخر ، واظهار مكونات حسابتها اثر هذه النتائج ، لا سيما بين دورة مالية وأخري .
فهي بصورة أشمل ، نظام متكامل لتنظيم ومسايرة التدفقات المتوجة لحركية الأموال أو التزامات المؤسسة ، عبر نشاطاتها أو حتى أنشطتها المختلفة ، سواء مع نفسها أي التصرف في النقدية أو الانتاج والتشغيل وغيرها ، أو مع بقية المتعاملين الاقتصاديين أي زبائن ، موردون ، مصالح جبائية ، مصارف وغيرها .
وسيتشكل هذا النظام المتكامل من :
• اجراءات معينة ، وفق ميكانزمات دقيقة ومحددة .
• وثائق ومستندات واضحة ومعلومة .
على أن يتم بواسطة هذه الاجراءات ، وعبر هذه الوثائق والمستندات مسك وترتيب أو تبويب وتسهيل كل المعطيات المتولدة عن نشاط المؤسسة والمجسدة لحركية أموالها أو التزاماتها تجاه نفسها وتجاه الغير ويمكن توضيح أكثر محتوى و الية التقنية المحاسبية كفن منفرد أو كعلم قائم بذاته ، من خلال تتويج العمليات السالفة الذكر : المسك ، الترتيب والتسهيل في واقع المؤسسة ، تنبثق عنها اليات متميزة ، يكرس الأداء المحاسبي والمالي ، على امتداد الدورة المالية الواحدة ، وعلى امتداد عمر المؤسسة ذاتها دورة بدورة غير أنه يمكن الاشارة الى دور المحاسبة في حياة المؤسسة ، وطبيعة المحاسبة الممارسة من قبل المؤسسة .
التطور التاريخي للمحاسبة :
وكانت تنتقل المحاسبة بين فترة وأخرى من بيئة أو حضارة الى بيئة أو حضارة أخرى بواسطة العديد من العوامل والوسائل والأهداف ، الى أن وصلت المحاسبة الى الوقت الحاضر بصورتها الحالية ، وخلال هذه المسيرة الطويلة يتضح تماما بأن المحاسبة هي نتاج دولي مشترك ، أي أن كل حضارة أو دولة ساهمت بجزء ما بشكل أو باخر في تشكيل المحاسبة .
1- المرحلة الأولى : المحاسبة في العصور القديمة والوسطى (مرحلة مسك الدفاتر) :
يرجع البعض تاريخ المحاسبة الأول الى عهد الاشوريين الذين عاشوا في بلاد ما بين النهرين (بلاد الرافدين) منذ حوالي 3500 عام قبل الميلاد ، من خلال مسك سجلات محاسبة عينية كأعداد الماشية أو أحجام الحبوب أو المعادن الثمينة .
ولقد طور علم الحساب أثناء هذه الحضرة مما سهل عملية القياس والاثبات المحاسبي ، فكانت البيانات تثبت على ألواح من الفخار وبشكل مرتب . كما أرجع البعض تاريخ المحاسبة الى البابليون ، وكان للمحاسبة الدور الكبير في جمع الضرائب للملك وتثبيت المعاملات التجارية بين الأفراد وحصر ايرادات الامبراطورية ومصروفاتها يتطلب نظام حسابي وتلك المرحلة في التطور . ثم جاءت بعد ذلك حضارة وادي النيل (الفرعوني) من 3000-1000 سنة قيل الميلاد . فقد احتفظ بالغلال مدة سبع سنين متتالبة . وللتأكيد على اهتمام الفراعنة بالمحاسبة عموما وبعملية المراجعة والرقابة خصوصا ، فقد كان يتطلب من الكاتب أن يعتم بتسجيل جميع المعاملات والأحداث ، وفي نهاية كل موسم من الحصاد يتطلب تقديم تقرير على أن يقرأ بصوت مرتفع في اجتماع عام على عموم الناس وبحضور الحاكم ومستشاريه للموقوف على صحة العمل المحاسب المثبت في الدفاتر والسجلات . في ظل الحضارة الاغريقية والرومانية التي سادت منذ 1000 عام قبل الميلاد . كل ذلك ترافق مع تطور في أنواع واعداد المستندات والدفاتر والاجراءات الحسابية ، وقد أعلن ذلك على بوابة المصنع .
2 - المحاسبة في العهد الإسلامي :
تميزت الفترة من 600 بعد الميلاد بظهور الحضارة الاسلامية وامبراطوريتها الواسعة المترامية الأطراف واكتشاف الأرقام العربية فظهرت الحاجة إلى الدواوين مثل ديوان بيت المال وغيره ، كما أدى استخدام النظام العشري من قبل الهنود والعرب الى قفزة نوعية كبيرة بفضل ما قدمه هذا النظام من مرونة حسابية كبيرة ، وفي عام 1100م عرض العلامة المسلم أحمد بن محمد المازندراني دفترا استخدمه العرب المسلمون بعرض النفقات في الجانب الأيسر والايرادات في الجانب الأيمن بما يشبه سجلات القيد المزدوج . ولقد عاشت البلدان العربية والاسلامية في تلك الفترة ازدهارا اقتصاديا واجتماعيا ، واحتوت هذه الحضارة على شعوب وجنسيات مختلفة ساهمت جميعا في اكتشاف العديد من العلوم وتطويرها ، كما قدمت الحضارة الاسلامية نموذجا يقتدى به في العديد من المجالات منها الادارة والاقتصاد .
شهدت العصور الوسطى فترة ركود بالنسبة لتطور المحاسبة نتيجة لتفشي الجهل في أوروبا ، حيث اقتصر الاثبات المحاسبي على سجلات من رقائق جلود الحيوانات ، وفي كل هذه المرحلة كانت المحاسبة بسيطة ولكنها تفي بالغرض . ولقد أسهمت الحروب الصليبية (1096 - 1291م) في نقل حضارة الشرق العربي الاسلامي الى الغرب في جانبها المادي وغير المادي ، واستخدم الغرب الأرقام العربية لأول مرة في ايطالية في عام 1143م .
أهداف المحاسبة :
الهدف الأساسي للمحاسبة المالية هو توفير المعلومات التي تتفق مع حاجات المستفيدين من القوائم المالية ، وأهم المستفيدون هم أصحاب رأس المال الحاليون والمستثمرون المرتقبون والمقرضون والموردون والعملاء والموظفين وأجهزة حكومية وجهات رقابية واخرون .
لذا فان أهم وظائف المحاسبة المالية هي تحديد ، تحليل ، قياس ، تبويب ، تلخيص ، وايصال تأثير العمليات
والأحداث والظروف لمنشأة معينة على مركزها المالي ونتائج أعمالها. وتعتبر المحاسبة المالية أداة خدمة هدفها الرئيسي هو انتاج وايصال معلومات ملائمة تساعد المستفيدين في اتخاذ القرارات المتعلقة بمنشأة معينة.
فالمحاسبة المالية تسعي الي تحقيق الكثير من الأهداف ، على سبيل المثال ما يلي :
• توفير المعلومات لادارة المنشأة لمساعدتها في عملية التخطيط ورسم السياسات للفترة أو الفترات القادمة ، ومساعدتها في الرقابة .

• اتخاذ القرارات وصناعتها ، حيث يوفر علم المحاسبة المعلومات للمستثمرين من أجل استخدامها في صناعة القرار .
• توفير البيانات الخاصة بالإقرارات الضريبية للشركة .
• إعداد المستندات التي تحتوي على مجموعة من المهام المالية مثل دفع فواتير العملاء ، واعداد كشوف رواتب الموظفين .
• التدقيق الداخلي ، حيث يتم من خلالها معرفة ما اذا كانت الاجراءات المالية الداخلية للشركة تتم عن طريق معالجة البيانات واتباع الأصول الموصوفة أم لا .
• قياس التغير في الموارد والحقوق وتخصيص أو تعيين التغييرات المتعلقة بفترة زمنية محددة .
• توفير البيانات والمعلومات اللازمة للتخطيط للفترات المستقبلية .
• تحديد نتيجة أعمال الشركة من ربح أو خسارة خلال فترة زمنية.
• تقديم المعلومات الملائمة لاحتياجات المستفيدين خارج المنشأة من القوائم المالية ، لمساعدتهم في اتخاذ القرارات الاستثمارية وقرارات منح القروض ، وفي تقييم درجة السيولة النقدية والموارد الاقتصادية المتوفرة للمنشأة .
• تحديد المركز المالي في هذة الفترة التي تحدد فيها المنشأة ممتلكاتها والتزماتها والتغيرات التي تطرأ عليها .
• الاحتفاظ بسجلات كاملة ومنظمه ودائمة للتصرفات المالية التي تقوم بها المنشأة حتي يمكن الرجوع اليها عند الحاجة .
• تحديد نتيجة أعمال المنشأة من ربح أو خسارة عن فترة زمنية معينة .
ويمكن تحديد أهداف القوائم المالية بما يلي :
1 - تقديم المعلومات الملائمة لاحتياجات المستفيدين الرئيسيين .
2 - القياس الدوري لدخل المنشأة .
3 - تقديم معلومات تساعد على تقييم قدرة المنشأة على توليد التدفق النقدي .
4 - تقديم معلومات عن الموارد الاقتصادية للمنشأة ومصادرها .
5 - تقديم معلومات عن التدفقات النقدية .
وظائف المحاسبة :
تنقسم وظائف المحاسبة الي وظيفة القياس وهي تعني التعبير عن الأداء الاقتصادي في صورة كمية ، مثل التسجيل والتويب والترحيل .
ووظيفة التوصيل وهي تعني عرض نتائج القياس المحاسبي وتوصيلها للمستفيدين من خلال بعض القوائم .
• القياس :
بعد تحديد العمليات المالية يجب قياسها بوحدة النقد ، العمليات التي لا يمكن قياسها بوحدة النقد يتم تجاهلها لأنها عمليات غير مالية .
• التحديد :
تحديد الأحداث الاقتصادية أو العمليات المالية التي ينبغي الاهتمام بها ومعالجتها وتجهيزها . حيث تنقسم العمليات الي مالية وغير مالية ، العمليات المالية مثل : بيع السلع ، تقديم الخدمات ، دفع الأجور .
العمليات غير المالية : مثل قرار تعيين موظف .
• التوصيل :
لكي تتم الاستفادة من العمليات المالية التي تم تحديدها وقياسها وتسجيلها ، ينبغي توصيل نتائجها الي المستفيدين عن طريق : اعداد التقارير المالية التي أهمها القوائم المالية . ثم تحليل وتفسير هذة القوائم للمستفيدين ليسترشدوا بها في اتخاذ القرارات .
• التسجيل :
بعد قياس العمليات المالية يتم اثباتها في الدفاتر الحسابية ، باتباع الطرق العلمية السليمة ، وذلك بشكل توثيقي تاريخي مستمر .
ويتضح أن للمحاسبة عدة وظائف ويمكن تلخيصها فيما يلي :
1 - الوظيفة القانونية :
سواء كانت المؤسسة انتاجية تجارية أو خدمية فانها ملزمة بمسك محاسبة فيجب علي كل شخص طبيعي له صفة تاجر ملزم بمسك دفتر اليومية يقيد فيها يوما بعد يوم عمليات المنشأة ، ويجب حفظ الدفاتر و المستندات لفترة طويلة كما يجب أن ترتب وتحفظ المراسلات الواردة ونسخ الرسائل الموجهة طيلة نفس المدة .
2 - الوظيفة التسييرية :
المحاسبة كما هي معروفة تقوم بتعريف وتسجيل ما للمؤسسة من حقوق وما عليها من التزامات ، ويظهر ذلك من خلال اعداد الميزانية التأسيسية للمؤسسة ، وللمحاسبة دور فعال في تسيير المخزونان عن طريق تسجيل كل ما يدخل وما يخرج وذلك يتم باستعمال الجرد الذي يعتبر تقنية أساسية في تسيير المخزونان ، كما أنها تلعب دور في التسيير المالي وذلك من خلال :
1 - تسيير الخزينة حتي يتمكن المسيرون من معرفة الحالة النقدية في تاريخ محدد والبحث في نفس الوقت علي الحلول الازمة في حالة عدم التوازن الذي يظهر في رصيد الخزينة .
2 - معرفة مصدر الأموال التي تحصل عليها المؤسسة ، تسيير المديونون والدائنون وهذا بمعرفة الديون التي هي للمؤسسة والتي هي علي عاتقها .
3 - الوظيفة الجبائية :
ان الزامية مسك الدفاتر المحاسبية تؤدي الي التحقق من أن العمليات المحاسبية تمت فعلا ، وهذا يؤدي الي تحديد النتيجة الجبائية للمؤسسة ، وبالتالي تحديد الضريبة علي الأرباح .
4 - الوظيفة الاقتصادية :
وهي اعطاء معلومات قيمة ومتنوعة الخاصة بنشاط المؤسسة وعن وضعها الاقتصادي ، وعن تجميع هذة المعلومات من جميع المؤسسات الوطنية يمكن وضع الاقتصاد الوطني .
5 - الوظيفة الرقابية :
وبدورها هذه الوظيفة تنقسم الي قسمين :
1 - رقابة داخلية تكون علي مستوي المؤسسة .
2 - رقابة خارجية تتم خارج المؤسسة .
الأطراف المستفيدة :
• إدارة المنشأة (المستخدم الداخلي) :
المستويات الادارية المختلفة داخل المنشأة التي أعدت التقارير المالية لاحتياج ادارة المنشأة للمعلومات المحاسبية لمساعدتها في اتخاذ القرارات الاقتصادية الرشيدة مثل مدى حاجة المنشأة للسيولة النقدية ، بالاضافة الى حاجة ادارة المنشأة للتأكد من تحقيق أهدافها طويلة الأجل في تحقيق الربح ويكون ذلك من خلال تقارير تفصيلية داخلية اضافة للتقارير المالية والقوائم المعدة .
• المستخدم الخارجي :
وتشمل جميع الأطراف غير ادارة المنشأة وهي :
• أصحاب المنشأة ( الملاك) :
للتعرف على مدى نجاح أعمالهم وقياس مدى كفاءة الادارة في استخدام وحماية أموالهم ، بالاضافة الى اتخاذ القرارات المتعلقة بزيادة أو تخفيض استثماراتهم أو ابقائها على ماهي عليه .
• المستثمرون الحالييون والمحتملون :
للتعرف على حجم العائد الحالي أو المتوقع ومدى كفاءة الادارة .
• الدائنون :
للاطمئنان على تحصيل مستحقاتهم من المنشأة .
• الأجهزة الحكومية :
مثل مصلحة الزكاة والدخل ، وزارة المالية والتجارة وديوان المراقبة العامة وذلك لأغراض مختلفة مثل جباية الزكاة وفرض الضرائب ، التخطيط الاقتصادي ، منح الاعانات .
• العاملون :
للاطمئنان على استمرار وظائفهم .
• الرأي العام :
وهم الخبراء والباحثون والمستشارون المالييون والاقتصاديون والمؤسسات العامة وذلك لأغراض مختلفة .