Lakhasly

لخص مع تصحيح الأخطاء رجاءا
أعطى علم الجيوبوليتيك جغرافية
الدولة أبعادا سياسية، ويبحث هذا العلم في تأثير الظروف
الجغرافية الطبيعية على حياة الدولة السياسية وعلى
عالقاتها الخارجية1.
يقول هوشوفر: "ان الجغرافيا السياسية هي دراسة الروابط
بين األرض والسياسية، وعليها أن تدلل كيف أن السياسة
محددة بمعطيات جغرافية، لذلك فهي تعني بتفحص أثر المناخ
والتضاريس وأشكال النبات والسكان وأخيرا أثر الموقع على
حياة المجتمعات البشرية".ويجزم "فيكتور كوزان" في إعطاء
الجغرافيا السياسية موقعا هاما في تحديد قوة الدولة
وتأثيرها حين يقول : "أعطوني خريطة بلد ما وهيئته
ومناخه ومياهه ورياحه وكل جغرافيته الفيزيائية أعطوني
منتجاته الطبيعية ومجموع نباتاته وحيواناته..إلخ.
وأنا أتكفل بأن أقول لكم جازما من سيكون رجل هذا البلد،
وما سيكون دور هذا البلد في التاريخ ، ليس قوال اتفاقا
بل قوال بالضرورة، وليس في زمن معين بل في كل األزمنة".
ويؤكد "إيف الكوست" أن الجغرافيا تستخدم في المقام األول
لخوض الحرب,ولكنه يضيف أيضا:"القول من البداية أن
الجغرافيا تستخدم ، في المقام األول، لخوض الحرب ال يعني
أنها ال تستخدم إال للقيام بالعمليات العسكرية، وإنما
تستخدم أيضا لتنظيم األقاليم ، وليس فقط توقعا للمعارك
التي يتعين خوضها ضد هذا الخصم أو ذاك، بل وكذلك
لمضاعفة التحكم في السكان". "والجغرافيا هي قبل كل شيء
معرفة استراتيجية على اتصال وثيق بمجموعة من الممارسات
السياسية والعسكرية التي تتطلب التجميع المنسق لمعلومات
شديدة التنوع، تبدو ألول وهلة ال متجانسة، وال يمكن أن
نفهم الغاية منها وأهميتها، إذا احتكمنا إلى صحة
تقسيمات العلم من أجل العلم".ويقول راتزل صاحب نظرية
الفراغ )المجال الحيوي( أن كل دولة هي "بالضرورة في
صراع مع العالم الخارجي للدفاع عن الفراغ الذي تشغله، و
كل دولة متينة التنظيم تحاول زيادة فراغها، سواء ألن هذا
االمتداد يؤمن لها سالمة أكبر. وسعة األرض عامل جوهري في
اإلدراك الذي يكونه كل شعب عن مصيره".ويفسر "بيير رينوفان" نظرية راتزل بقوله:" إن هذا اإلحساس بالفراغ هو
مركز النظرية الراتزلية"، ألن للمواطنين في كل دولة ذات
رقعة فسيحة، تطلعات واسعة، ألنهم يتصرفون بوسائل حياتية
مختلفة، وحرية كبيرة في الحركة، في حين أن للشعوب التي
تشغل فراغا صغيرا استعدادات فكرية أكثر تهيبا أو
تواضعا. فالفراغ إذا قوة سياسية، إذ لم تعد الدولة
الصغيرة في العالم الحاضر تأمل في التوسع وهي ال تكاد
توفق في صيانة استقاللها الكامل، بينما نرى شعب الدولة
الكبرى في أغلب األحيان دائم "التعطش للتوسع"، مع ذلك
فإن راتزل ال يتوقع زوال هذه الدول الصغرى, هذا وقد
أصبحت هذه النظرية هي المحرك وراء النزعة التوسعية
أللمانيا، حيث اعتمدت النظرية األلمانية في التوسع على
التفسير الحرفي لمقوالت راتزل "إن الدولة كائن حي يكبر"،
"وليس للدول الصغرى أي مستقبل". إن دراسة العامل
الجغرافي يتطلب دراسة مكونات هذا العامل، كالموقع
والمساحة والحدود والموارد الطبيعية.
.1.أ-الموقع: يقول رينوفان: "إن دوال صغيرة الرقعة قد
خلفت بفضل موقعها الجغرافي أثرا في التاريخ لم تخلفه
دوال أكثر سعة مزودة بموارد أكثر تفوقا". ويقصد بالموقع
وقوع الدولة بالنسبة للماء واليابسة، أي الموقع البحري
والموقع البري,بل وفوق دلك يركز رينوفان على مفهوم
"المراقبة"Le controle2 الدي يمنحه الموقع للدولة. وفي
الواقع إن كل موقع جغرافي ثابت على الكرة األرضية، ولكن
قيمته السياسية تتغير، وذلك في إطار عالقة اإلقليم
)الدولة( بجيرانه. فالدول التي تملك واجهة بحرية أو
أكثر يمكنها االستفادة منها عسكريا واقتصاديا. فمن
الناحية العسكرية نقوم ببناء أسطول بحري وتحصل على
المساعدات من الحلفاء بشكل يسير، وكذلك من الناحية
االقتصادية، فالدول البحرية تملك عالقات تجارية واسعة مع
المحيط الخارجي، بينما الدول التي ال تملك واجهة بحرية
تصبح معتمدة بجارتها المطلة على البحر، وقد سببت سياسات
الدول في النفاذ إلى البحار الكثير من الحروب.وقد كان
البحث عن منفذ البحر دافعا من الدرجة األولى باألهمية في
توجيه سياسة الدول الخارجية، فعلى سبيل المثال، قامت
سياسة روسيا القيصرية في القرن الثامن عشر على الوصول إلى بحر البلطيق والبحر األسود، وعندما حصل ذلك أصبحت
لروسيا مكانة على الصعيد األوربي لم تكن تحظى بها من قبل
ذلك. وقد تحول الموقع اإلستراتيجي الممتاز من نعمة إلى
نقمة بالنسبة إلى الدول الضعيفة والتي ال تملك إمكانيات
عسكرية للدفاع عن أمنها ووجودها، ومن األمثلة على ذلك
مصر، والجزائر و فلسطين وغيرها من األمثلة.
.1.ب-الموارد الطبيعية: تعتبر الثروات الطبيعية من نفط
وغاز ومعادن ومياه وغابات..إلخ إحدى العوامل الهامة في
تقرير قوة الدولة ودورها في العالقات الدولية، فالدول
التي تمتلك موارد كافية تستطيع أن تبني اقتصادا قويا
وتؤمن الرفاهية لشعبها، وكذلك تستطيع إذا ما قام على
إدارتها حكومة ذات خبرة من التحكم في األسواق العالمية
والتأثير على سياسات الدول األخرى حتى ولو كانت أقوى
منها وأكبر. وهو ماحصل للعرب عندما استخدموا سالح النفط
في حرب 1973 للضغط على الدول الحليفة للكيان الصهيوني
في الغرب وعلى رأسها الواليات المتحدة األمريكية، فرغم
ضعف الدول العربية مقابل الغرب إال أنها وبدراسة
للمعطيات الدولية حولت سلعة تجارية إلى سالح فعال جعل
الغرب يغير من سياسته المنحازة بالكامل إلى جانب الكيان
الصهيوني، وأصبح يتعاطى بإيجابية مع قضية الصراع في
الشرق األوسط، كونه اكتشف أن مصالحه الحقيقية هي مع
العرب، وإذا كان ذلك ينطبق على أوربا الغربية، فإنه لم
ينجح بالكامل مع أمريكا إال أن األخيرة قد اكتشفت أن
مصالحها قد تتعرض للخطر مرة أخرى من دول ليست ذات قيمة
عسكرية حقيقية. وال يمكن تجاهل القوة المالية التي
يؤمنها الفائض الناتج عن صادرات الثروات الطبيعية3.
فالمركز المالي الذي تتبوأه المملكةالعربية السعودية
والكويت ودولة اإلمارات هو ذو شأن سياسي ومالي. وقد
ازداد كثيرا دور هذه الدول في العالقات الدولية مع
ازدياد المداخيل البترولية لها. فالمملكة السعودية
تعتبر قوة مالية كبيرة وسياساتها المالية كان لها تأثير
كبير على توازن نظام النقد المالي. كما أن دولة اإلمارات
القليلة السكان استطاعت بفضل سياساتها المالية أن تلعب
دورا أكثر أهمية من أدوار دول عديدة تتجاوزها بعدد
السكان والمساحة وقد وصلت المساعدات التي قدمتها هذه
الدولة في السبعينات والثمانينات من القرن العشرين لدول العالم الثالث الى ما يقارب 10% من دخلها القومي، كذلك
فإن الثروة المالية بإمكانها أن تؤمن شروط أفضل من أجل
الحصول على التقنية المتقدمة.وهكذا أصبحت الحياة
االقتصادية للدولة مشروطة بامتالك أو عدم امتالك الموارد
الطبيعية التي لها تأثير استثنائي في السياسة الدولية،
وأصبح من النادر أن تنعم دولة بمستويات عالية من الحياة
لشعبها أو أن يكون لها مركزا هاما في الشؤون الدولية
إذا كانت تعاني من عوز في الثروات الطبيعية، والقوة
العالمية تبدو مستحيلة بدون تحقيق التصنيع الذي بدوره
يعتمد على توفر المعادن