Lakhasly

قصة قضية فلسطين سنتحدث في هذا الفيلم عن قضية فلسطين وكيف تطورت احداثها في الخمسين سنة التي سبقت حرب النكبة
تقع فلسطين في منطقة جغرافية مميزة باركها الله تعالى. سكنها اليابوسيون منذ ستة الاف سنة واستقروا في القدس التي عرفت انذاك باسم يبوس
وتبعهم بطون الكنعانيين الذين استقروا شمال فلسطين حيث عرفت فلسطين بارض كنعان. اما اسم فلسطين فقد جاء على الاغلب من قبائل بالستيا
الذين دخلوا البلاد عبر البحر واندمجوا مع اهلها. فاصبحت تعرف باسم فلسطين. تناوب على حكم فلسطين الكثير من الاقوام
وكان اخرهم المسلمين الذين امتد حكمهم الى ما يقارب الفا ومئة عام تقريبا
ولقرون عديدة عاش اتباع الديانات من مسلمين ومسيحيين ويهود في ارض فلسطين مسالمين مطمئنين. ومع نهاية القرن التاسع عشر بدأت تظهر ملامح المخطط الصهيوني وبدأت الفصول الاولى لقضية فلسطين
في تلك المرحلة كان عدد سكان فلسطين يقرب من اربعمائة وستين الف نسمة. ولم يشكل اليهود سوى ثلاثة في المائة من عدد السكان انذاك
ومع تصاعد القومية الاوروبية زاد اضطهاد الاوروبيين لليهود. فبدأ اليهود بتنظيم انفسهم والتفكير بالهجرة من بلادهم. ولكن الى اين? هذا ما بحثه الصحفي اليهودي ثيادور هرتزل
الذي الف كتابا يدعو فيه لاقامة وطن يجمع اليهود المتفرقين. حيث اقترح فلسطين والارجنتين ومناطق اخرى من افريقيا. واقيمت مؤتمرات يهودية متتالية لجمع التبرعات ودعم الحركة الصهيونية
ووقع الاختيار على فلسطين. كما قام اليهود المتنفذون في بريطانيا وامريكا وغيرها من الدول بالضغط على حكوماتهم لدعمهم في هدفهم. وبدأت هجرة اليهود الى
هاجر خمسة وعشرون الف يهودي الى فلسطين قادمين من اوروبا الشرقية وروسيا. فاصبحت نسبة سكان فلسطين من اليهود خمسة في المئة. وسنرى كيف كانت هذه الهجرات الكثيفة المتتابعة لليهود المحملين بالفكر الصهيوني
سببا رئيسيا في محنة الشعب الفلسطيني. فمع كل هجرة كانت المشاكل على مصادر الرزق والسكن والاراضي مع اهل فلسطين الاصليين تزداد
وقد قدم وجهاء القدس عام الف وثمانمائة وواحد وتسعين احتجاجا الى السلطة العثمانية. طالبوا فيها بوقف هجرة اليهود الروس الى فلسطين وتحريم استملاكهم للاراضي فيها
لكن هجرة اليهود لم تتوقف وهجر اربعون الف يهودي الى فلسطين. فزادت نسبة سكانها من اليهود الى ثمانية في المائة. مع ضعف الدولة العثمانية وانتهاء الحرب العالمية الاولى
تقاسمت بريطانيا وفرنسا بلاد الشام حسب اتفاقية سايكس بيكو. ثم سيطرت بريطانيا على فلسطين بموجب اتفاقية سان ريمو. ووافقت على تطبيق وعد بلفور. فما هو وعد بلفور
في عام الف وتسعمائة وسبعة عشر اعطت بريطانيا وعدا سريا لليهود يقتضي مساعدتهم على اقامة وطن قومي لهم في فلسطين وتسهيل الهجرات الكبيرة وتملكهم للاراضي فيها
كما حظي هذا الوعد بتأييد الحكومة الامريكية. وكان لهذا الوعد اثر قوي على القضية الفلسطينية. ثم وصلت الموجة الثالثة من المهاجرين الى فلسطين فزادت نسبة اليهود الى اثني عشر في المئة
بالرغم من ذلك الا ان نسبة امتلاكهم للاراضي لم تزد عن ثلاثة في المائة. مع هذه التطورات تغيرت تركيبة السكان في فلسطين
المشكلة بين العرب واليهود فعقدت سبعة مؤتمرات فلسطينية كبيرة لرفض وعد بلفور واندلعت اول انتفاضة فلسطينية ثم شهدت يافا اضطرابات كبيرة
وعقد مجلس في نابلس يدعو الى المقاطعة الاقتصادية مع الصهاينة. وتأسس المجلس الاسلامي الاعلى بقيادة الحاج امين الحسيني. وفي المقابل تأسست الهجانة كمنظمة عسكرية صهيونية
مع انها كانت سرية وغير مشروعة. الا ان الانتداب البريطاني ساعدها وغض الطرف عن نشاطاتها. بينما لاحق البريطانيون اي عربي يخبئ سلاحا في بيته
وتوالت هجرات اليهود من بولندا وروسيا والمانيا وغيرها بشكل كبير. فوصلت نسبة اليهود الى سبعة عشر في المائة. وحدثت اضطرابات دموية حول حائط البهاق
واتسعت دائرة المشاركة الشعبية في المظاهرات. حيث خرجت مظاهرة القدس الكبرى عام الف وتسعمائة وثلاثة وثلاثين. وبعدها بعامين استشهد الشيخ المجاهد عز الدين القسام ورفاقه في معركة يعبد
يقاتلون جيش الاحتلال البريطاني. ثم وصلت دفعة اخرى من المهاجرين اليهود شملت حوالي ربع مليون يهودي. فوصلت نسبة اليهود في فلسطين الى ثلاثين في المئة
الثورة الفلسطينية الكبرى. اندلعت الثورة الفلسطينية الكبرى ضد البريطانيين والعصابات اليهودية في كل انحاء فلسطين. وكانت هذه الثورة اعم واكبر من سابقاتها
وبدأت باضراب عن العمل لمدة ستة اشهر. خلال فترة الثورة اسست الحكومة البريطانية لجنة بيل التي اوصت بتقسيم فلسطين الى دولة يهودية ودولة عربية مع بقاء القدس تحت الانتداب البريطاني
تهجير مئات الالاف من العرب من مناطق الدولة اليهودية الى العربية. في تلك الفترة لم يملك اليهود سوى خمسة ونصف في المائة من ارض فلسطين
ومع ذلك كانت الدولة اليهودية المقترحة تشمل ثلاثة وثلاثين في المائة من ارض فلسطين. رفض الفلسطينيون هذا الاقتراح ولم يقع تحت التنفيذ

وتحت ضغط الثورة قامت بريطانيا باصدار بيان عرف بالكتاب الابيض يحظر استمرار الهجرة اليهودية الى فلسطين خلال خمس سنوات. وعارضت الاستقلال للفلسطينيين خلال عشر سنوات
الحركة الصهيونية تلك المقترحات وشنت العصابات المسلحة مثل الهجانا والارجون وشتيرن عمليات دموية ومذابح ليس ضد الفلسطينيين فحسب بل ضد
ضد البريطانيين ايضا من اجل اجبار بريطانيا على الانسحاب من فلسطين لتأسيس الدولة اليهودية. ومن اشهر عملياتهم الدموية تفجير فندق الملك داود في القدس الذي كان مركزا لحكومة الانتداب البريطاني انذاك
مشروع تقسيم فلسطين. في عام الف وتسعمائة وسبعة واربعين قررت بريطانيا ترك فلسطين وطلبت من الامم المتحدة تقديم توصياتها
فعقدت الامم المتحدة جلسة طارئة واقترحت مشروع تقسيم فلسطين المشهورة باسم قرار واحد ثمانية واحد. نص القرار على تقسيم فلسطين الى دولتين عربية ويهودية. على
ان تبقى القدس منطقة دولية. حظي هذا القانون بموافقة الامم المتحدة وبدعم الاتحاد السوفيتي وامريكا. في تلك الفترة لم يملك اليهود سوى ستة ونصف في المائة من ارض فلسطين
بينما اعطى القرار ستة وخمسين في المائة من ارض فلسطين الى اليهود. رفض الفلسطينيون والعرب قرار التقسيم ولم ينفذ القرار. واتضح للجميع
ان حربا شاملة على ارض فلسطين على وشك الوقوع. فاعلنت الهجانة التعبئة العامة. ودعت اليهود التي تتراوح اعمارهم بين السابعة عشرة والخامسة والعشرين سنة للتسجيل في الخدمة العسكرية
في المقابل نظمت الجامعة العربية جيشا سمي بجيش الانقاذ. وجاءت موجة اخرى من الصهاينة الى فلسطين فوصلت نسبة سكان اليهود الى واحد وثلاثين في المئة قبيل النكبة
مع ذلك لم يملكوا سوى تسعة في المائة من ارض فلسطين. وهذه الصورة تبين ما ملكه اليهود في تلك الفترة. في عام الف وتسعمائة وثمانية واربعين انسحبت بريطانيا من فلسطين
واندلعت الحرب بين الجيوش العربية وبين اليهود. وانتهت الحرب بفوز اليهود واحتلالهم لثمانية وسبعين في المائة من ارض فلسطين واقامة دولة اسرائيل عليها. واعترفت بها امريكا فورا
وفي السنة التالية انضمت اسرائيل الى الامم المتحدة كدولة معترف بها عالميا. وبفعل الحرب تقسمت القدس الى قسمين غربية بيد اليهود وشرقية بقيت بيد الاردن
ثم احتلتها اسرائيل عام الف وتسعمائة وسبعة وستين. من تسعة في المائة قبل الحرب الى ثمانية وسبعين في المائة بعد الحرب. هذه هي نكبة ثمانية واربعين
اردنا ان نلخص سبب نشوء القضية الفلسطينية. فالمشكلة الرئيسية هي الهجرة الكثيفة لليهود المحملين بالفكر الصهيوني القائم على ان ارض فلسطين لهم وحدهم
وعليهم ان يقيموا عليها دولتهم باي وسيلة كانت. وبلا اهتمام لمصير الشعب الاصلي في فلسطين. وقد تواطأت الدول الاستعمارية على تنفيذ وتسهيل هذا المشروع الاستيطاني
الذي يتوافق مع مصالحها الاستراتيجية. الامر الذي ادى الى نشأة قضية فلسطين ومحنة الشعب الفلسطيني