Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (13%)

(Using the AI)

شهدت رواندا إبادة جماعية مروعة عام 1994، راح ضحيتها نحو مليون شخص. تعود جذور الصراع لعقود من التمييز العرقي، والصراعات السياسية، والاستعمار. استطاعت رواندا، رغم ذلك، أن تنهض من خلال سياسات حوكمة شاملة و آليات محلية. ركزت الحكومة على المصالحة الوطنية، عبر إصلاحات دستورية وقانونية، ومؤسسات معنية بالوحدة، مثل محاكم "غاشاشا" ومبادرات مجتمعية كـ"الإنغاندو" و"الإيتوريرو" و"ندي أمونيارواندا". ساهمت هذه السياسات في تحقيق استقرار أمني واجتماعي، وتعزيز النمو الاقتصادي، وتمكين المرأة. لكن، يبقى تحدي تجاوز الماضي وتذكّر ضحايا التوتسي دون غيرهم من تحديات هذه العملية.


Original text

شهدت رواندا، البلد الصغير الواقع في قلب إفريقيا والذي يضم ثلاثة مجموعات عرقية رئيسية وهم الهوتو، الذين يشكلون الأغلبية بنسبة 84% من السكان ويعتمدون بشكل رئيسي على الزراعة، والتوتسي، الأقلية التي تمثل حوالي 14% من السكان وتعمل في الرعي، والتوا، الأقلية الأصغر بنسبة 1% والتي تزاول أنشطة الصيد والحرف اليدوية ، واحدة من أحلك صفحات التاريخ الإنساني الحديث. في عام 1994، تعرضت البلاد لإبادة جماعية مروعة، راح ضحيتها قرابة مليون شخص في غضون مئة يوم فقط. جذور هذا الصراع تعود إلى عقود طويلة من التمييز العرقي، والصراعات السياسية، والاستعمار الذي عمّق الانقسامات المجتمعية. تميزت تلك الحقبة بالانهيار التام للنسيج الاجتماعي والسياسي، حيث تلاشت ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة، وتحولت البلاد إلى مسرح لصراعات دموية طاحنة بين المجموعتين العرقيتين الرئيسيتين: الهوتو والتوتسي. ورغم هذا الإرث الثقيل، استطاعت رواندا أن تنهض من تحت رماد الصراعات لتصبح رمزًا عالميًا للمصالحة وإعادة بناء الدولة. من خلال الجمع بين سياسات الحوكمة والآليات المحلية والتوجهات الشمولية حيث خطت البلاد خطوات ملحوظة نحو استعادة السلم الاجتماعي وإعادة تأهيل مجتمعها المنقسم، وهو ما يجعلنا أمام حالة فريدة تستحق الوقوف أمامها ودراستها، ولهذا يهدف هذا المقال البحثي الي تحليل كيف نجحت رواندا، بعد الإبادة الجماعية التي مزقت نسيجها الاجتماعي، في معالجة الاثار السلبية للتنوع العرقي وتحقيق مصالحة وطنية وبناء هوية وطنية جامعة، وما دور سياسات الحكومة في إدارة التنوع العرقي بعد ذلك وضمان استدامة السلام في المجتمع؟
في هذا المقال، سنتناول بالتحليل جذور الحرب الأهلية والإبادة الجماعية في رواندا، مع استعراض مسار الأحداث التي أدت إلى هذه الكارثة الإنسانية. كما سنسلط الضوء على الجهود التي بُذلت لتحقيق المصالحة الوطنية، والدروس المستفادة من هذه التجربة الفريدة التي يمكن أن تلهم دولًا أخرى عانت من صراعات مشابهة.
 الخلفية التاريخية للإبادة الجماعية للتوتسي:
قبل الاستعمار، هيمنت أقلية التوتسي على الأغلبية الهوتو في معظم المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. وكان نظام الحكم في رواندا آنذاك ملكيًا، يتربع على عرشه ملك من التوتسي يُعرف بـ “الموامي" . وعلى الرغم من هذا التفاوت الاجتماعي والسياسي، تميزت تلك الفترة بالتعايش السلمي المشترك بين المجموعات الثلاث، حيث كانت مجتمعاتهم موحدة تجمعها تنظيمات سياسية واجتماعية واقتصادية تسعى لتعزيز الانسجام والتكامل بين أفرادها.
ولقد لعبت الإدارة الاستعمارية دوراَ أساسياَ في تمزيق هذه الوحدة والتعايش السلمي، فلقد تعرضت رواندا الي الاستعمار الألماني في 1885 وتحولت إلى مستعمرة بلجيكية بعد الحرب العالمية الأولي، ولقد انتهجت الإدارة البلجيكية في 1927 سياسات قائمة على تعميق التمييز بين التوتسي والهوتو باعتبار أن التوتسي متفوقين فكريا وثقافياً على الهوتو، كما رأت أنهم الأقرب شكلاً إلى الأوروبيين، وبناءً علي هذا سعت الإدارة الاستعمارية إلى تمكين التوتسي من المناصب الإدارية واستبدال كل القيادات بالتوتسي، علاوة علي ذلك استخدموا قادة التوتسي في تنفيذ سياسات الاستعمار القمعية وهو ما أدى إلى تصاعد التوترات وزيادة مشاعر العداء بينهم.
في خمسينيات القرن الماضي، أدرك عدد من أفراد التوتسي أن الاستعمار يهدف إلى تقسيم وطنهم، فامتنعوا عن التعاون مع السلطات الاستعمارية. وبدأوا في مواجهة المستعمر وخوض معارك ضده، مطالبين بتحقيق الاستقلال الوطني. ونتيجة لهذا تغيرت سياسات الاستعمار وبدأوا في استمالة الهوتو لصالحهم ليحلوا محل قادة التوتسي، وعملت القيادة الاستعمارية على تعبئة الهوتو ضد التوتسي للتخلص منهم. ونتيجة لهذا تزايدت التوترات العرقية بينهم وهو ما أدى إلى اندلاع أولى موجات العنف ضد التوتسي عام 1959، فيما عُرف بـ “الثورة الاجتماعية"، والتي أطاحت بالحكم الملكي للتوتسي وأدت إلى صعود الهوتو إلى السلطة، بعد قتل الالاف من التوتسي ونفي العديد منهم الي الدول المجاورة.
في عام 1962، حصلت رواندا على استقلالها تحت حكم الأغلبية الهوتو. وخلال العقود التالية، احتفظت الجمهوريتان الروانديتان بسياسات التمييز العرقي في ظل وجود أحزاب قائمة علي أسس عرقية، وتم استبعاد التوتسي من المناصب الحكومية وتعرضوا للاضطهاد السياسي وخاصة في ظل تعبئة وسائل الاعلام الهوتو ضد التوتسي وتعميق الانقسام والكراهية بينهم. نتيجة لهذا شكل التوتسي في المنفي الجبهة الوطنية الرواندية وهي جماعة مسلحة سعت للدفاع عن حقوق التوتسي وعودة اللاجئين.

ولقد اجتاحت الجبهة الوطنية الرواندية رواندا في 1990 وحاربها الجيش الرواندي التابع لحكومة رواندا من الهوتو، ولكن في 1992 تم وقف إطلاق النار بينهم والتوقيع على اتفاقية أروشا للسلام في 1993 لأنهاء الصراع بينهم، ولكن في النصف الأول من 1994، أدى إسقاط طائرة رئيس رواندا من الهوتو إلى اندلاع الإبادة الجماعية. حيث استخدمت الحادثة كذريعة من قبل المتطرفين الهوتو لإعادة الحرب بين الجيش الرواندي والجبهة الوطنية الرواندية وإطلاق حملة إبادة منظمة استهدفت التوتسي وكل من عارض الحكومة من المعتدلين الهوتو.

ولقد تركت الإبادة الجماعية رواندا في حالة من الدمار الشامل على كل المستويات، وأدت إلى مقتل أكثر من 800,000 ألف إنسان في هذه الإبادة معظمهم من التوتسي، وانتصرت الجبهة الوطنية الرواندية في هذه الحرب وأنهت الإبادة الجماعية وأعادت اللاجئين من التوتسي إلى بلادهم، في حين فر الهوتو إلى البلاد المجاورة، وفي 1994 تم تشكيل حكومة جديدة برئاسة بول كاغامي من التوتسي أخذت علي عاتقها محاولة توحيد نسيج المجتمع الرواندي من جديد وتحقيق المصالحة الوطنية.

 سياسات الحكومة الرواندية في معالجة تحديات التنوع العرقي بعد الإبادة:
تبنّت الحكومة الرواندية بقيادة الرئيس بول كاغامي مجموعة من السياسات والإجراءات التي تهدف إلى تعزيز الوحدة الوطنية والمصالحة بين مختلف المجموعات العرقية. وركزت على معالجة الخطاب المثير للفرقة، وتعزيز الهوية الوطنية على حساب الانتماءات العرقية، حيث سعت رواندا إلى بناء مجتمع متماسك قادر على تجاوز الماضي المأساوي والتطلع نحو المستقبل.
أدرك التوتسي على الرغم من كل المآسي التي تعرضوا لها أن الحل الوحيد لترميم المجتمع الرواندي يكمن في المصالحة الوطنية، وهي استراتيجية أطلقتها الحكومة الرواندية، بعد توليها الحكم وتغير اسمها الي حكومة الوحدة الوطنية، استندت على اتفاقات أروشا للسلام الموقعة عام 1993 بين الجبهة الوطنية الرواندية وحكومة الهوتو، والتي أكدت على مبادئ تقاسم السلطة وتشكيل حكومة وحدة وطنية، إعادة اللاجئين ودمجهم، وإنشاء لجنة وطنية للوحدة والمصالحة. وهدفت الي تحقيق إعادة الإعمار بعد الإبادة الجماعية كجزء من سياسة وطنية شاملة للتنمية المستقبلية، ووقد ربطت هذه السياسة الوطنية بين مفهومي "الوحدة" و"المصالحة" بوصفهما ممارسة توافقية تجمع مواطنين يتشاركون الجنسية والثقافة ذاتها، ويؤمنون بالمساواة والاحترام المتبادل والتسامح. فركزت علي تضميد جراح الماضي لبناء ثقافة قائمة على الهوية المشتركة كركيزة للتنمية والسلام المستدام.
ولقد أولت الحكومة الرواندية أهمية كبيرة للإصلاحات الدستورية والقانونية كجزء أساسي من جهود هذه المصالحة. حيث صدر دستور جديد في عام 2003 ينص على تعزيز الوحدة الوطنية ويحظر أي شكل من أشكال التمييز والانقسام بين الروانديين. وشملت هذه الإصلاحات إنشاء مؤسسات تهدف إلى تعزيز المصالحة مثل اللجنة الوطنية للوحدة والمصالحة، إلى جانب إحياء بعض الاليات التقليدية مثل إنشاء محاكم غاشاشا والتي استندت على نظام عدالة مجتمعي تقليدي كان يُستخدم لحل النزاعات على مستوى القرى من خلال تجمع السكان في أماكن مفتوحة تُسمى "غشاشا". فأعادت الحكومة الرواندية إحياء هذا النظام في عام 2001 واستُخدمت هذه المحاكم لمعالجة العدد الهائل من القضايا المتعلقة بجرائم الإبادة، حيث بلغ عدد المعتقلين أكثر من 200,000 شخص. واعتمدت محاكم غشاشا على مبدأ "العدالة التصالحية"، حيث لم تكن تهدف إلى العقاب فقط، بل إلى إعادة بناء النسيج الاجتماعي.

وفي 1999 تم إنشاء اللجنة الوطنية للوحدة والمصالحة والتي هدفت إلى تعزيز الوحدة الوطنية من خلال نهج تشاركي يسمح للروانديين بالتعبير عن آرائهم حول أسباب الانقسامات الماضية وسبل بناء مستقبل مشترك. وبدأت اللجنة عملها بجمع المواطنين للاستماع إلى احتياجاتهم لتحقيق المصالحة من أجل تمكين المشاركين من المشاركة كفاعلين في تنفيذ العملية. وقد نظّمت اللجنة العديد من الاجتماعات وورش العمل والمؤتمرات التي ركزت على الوحدة والمصالحة، إلى جانب تعديل المناهج التعليمية لتجنب الخطاب العنصري وترسيخ قيم المواطنة المشتركة.
كما لعبت العديد من المبادرات المحلية التقليدية الثقافية دوراً كبيراَ في تعزيز المصالحة مثل "الإنغاندو" وهي ورش عمل مجتمعية- أشبه بالمجتمعات العمرية- تهدف إلى تعزيز الوحدة والتماسك الاجتماعي، حيث مثلت منصة لمعالجة الصراعات وتعزيز فهم ضرورة التعايش السلمي وساعدت الروانديين على التغلب على الخوف المتبادل والتشكيك بالآخر والكراهية والرغبة في الانتقام وتعليم قيم الوطنية والتضامن. وفي مرحلة لاحقه تم استبدالها بـ “الإيتوريرو"، وهي مدرسة للتأهيل الوطني تُعلّم القيم الأخلاقية والوطنية وتعزز التعايش السلمي في محاولة لتعزيز الوحدة الوطنية. وهي أكثر تطورًا من معسكرات "الإنغاندو" وتتم على جميع مستويات الإدارة، من المحلي إلى المركزي، وأيضًا في دول الشتات. وتهدف هذه المبادرة إلى ترسيخ ثقافة خدمة الوطن دون مكافآت مالية، وزيادة الوعي بالوحدة والمصالحة، وتعزيز الحس الوطني والمسؤولية كعناصر أساسية للتقدم والتماسك الاجتماعي. إلى جانب ذلك، برز برنامج "ندي أمونيارواندا" الذي يعني "أنا رواندي" كأداة لتعزيز المواطنة المشتركة والتأكيد على وحدة الروانديين بعيدًا عن الهويات العرقية. كما تم تنظيم فعاليات لإحياء ذكرى الإبادة الجماعية تشمل النصب التذكارية والمراسم السنوية التي ترأسها الدولة، ولكن اقتصرت هذه الفعاليات على ضحايا التوتسي دون الهوتو أو الجرائم الأخرى المرتبطة بالصراع. وهذا في رأي يشكل تحدياً أساسياً وتناقضاَ أساسياَ مع سياسات الوحدة بينهم وتجاوز الماضي.
كما قامت الحكومة بإدماج الفئات المختلفة في الجيش الوطني الجديد، حيث تم دمج المقاتلين السابقين في القوات المسلحة الرواندية من خلال برامج إعادة التأهيل منها الانغاند. ولقد ساعد هذا الإدماج العسكري في تعزيز الاستقرار وبناء الثقة بين الفئات المتنازعة سابقًا، مما قلل من احتمالية نشوب صراعات مستقبلية. كما كان لبرنامج إعادة اللاجئين وإعادة إدماجهم في المجتمع دور أساسي في تعزيز المصالحة. فلقد عادت أعداد كبيرة من اللاجئين إلى رواندا بعد الإبادة الجماعية، حيث تم استقبالهم في معسكرات الإنغاندو أيضاً لإعادة تأهيلهم نفسيًا واجتماعيًا وصحياً قبل دمجهم في المجتمع المحلي. وركزت هذه البرامج على غرس قيم المصالحة والتسامح، ما ساعد العائدين على الاندماج بسهولة أكبر في مجتمعاتهم الأصلية.
وعلى المستوى المجتمعي، أطلقت الحكومة برامج للتنمية الاجتماعية والاقتصادية كوسيلة لتعزيز المصالحة. شملت هذه البرامج مبادرات تقليدية ثقافية مثل أموغاندا، وهو يوم عمل مجتمعي إلزامي يشارك فيه جميع المواطنين للعمل في مشاريع تخدم المجتمع مثل بناء المدارس والمستشفيات وإعادة تأهيل الطرق، وهو ما يساهم في تعزيز التضامن الاجتماعي والتعاون بين أفراد المجتمع، بغض النظر عن خلفياتهم العرقية أو الاجتماعية. وفي مجال التعليم، نفذت الحكومة إصلاحات واسعة تهدف إلى القضاء على التمييز الذي كان سائداً، فقامت بإلغاء الهويات العرقية من المدارس، وأطلقت برامج تعليمية تركز على تعزيز الوحدة الوطنية وركزت المناهج على تدريس قيم السلام والتسامح والمشاركة المدنية، كوسيلة لإعادة بناء النسيج الاجتماعي.
وفي إطار تعزيز الحوكمة الرشيدة، أطلقت الحكومة مبادرات تستهدف الفئات الضعيفة والمتضررة من الإبادة الجماعية. تضمنت هذه البرامج إنشاء صناديق دعم خاصة بالناجين من الإبادة الجماعية، وبرامج حماية اجتماعية تستهدف هذه الفئات. بالإضافة إلى ذلك، تم إنشاء برامج تدريب مهني ومبادرات اقتصادية لتوفير فرص عمل وتعزيز التنمية المحلية، وهو ما ساهم في الحد من الفقر وتعزيز الاستقرار الاجتماعي وتعزيز التنمية الاقتصادية بعد حالة من الركود في فترة الإبادة وما سبقها. ووضعت رواندا رؤية 2020 والتي هي خطة تنموية طويلة الأمد في عام 2000 استجابة للتحديات الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة التي أعقبت الإبادة الجماعية في عام 1994. ولقد ركزت الرؤية على تحقيق نمو اقتصادي مستدام، والحد من الفقر، وتعزيز التنمية البشرية، إلى جانب بناء أمه موحدة.
 اثار ونواتج السياسات:
لقد أدت تلك السياسات التي تبنتها رواندا بعد الإبادة الجماعية إلى نتائج ملحوظة وملموسة على الصيدين قصير وطويل المدى. شملت هذه السياسات إصلاحات شاملة في مختلف المجالات. وساهمت في تحسين أوضاع البلاد بشكل كبير.
فعلى المدى القصير، كان تحقيق الاستقرار الأمني والاجتماعي أحد أهم أولويات هذه السياسات. فلقد كانت رواندا تعاني من انهيار شامل في مؤسساتها وبنيتها التحتية بعد الإبادة الجماعية، إضافة إلى حالة من الانقسام الاجتماعي العميق كما سبق التوضيح. وفي هذا الإطار حققت الإصلاحات القانونية والدستورية التي أُجريت في رواندا نتائج قصيرة الأمد كان لها تأثير كبير على استقرار البلاد وتعزيز سيادة القانون. حيث ساهمت هذه الإصلاحات في إعادة هيكلة النظام القضائي من خلال إنشاء محاكم الغاشاشا التقليدية والتي مثلت خطوة محورية لمعالجة الجرائم المرتبطة بالإبادة الجماعية بشكل شامل وفعّال، مما ساعد في تخفيف أعباء النظام القضائي الرسمي وتعزيز المصالحة المجتمعية.
فلقد كان لها دور هاماَ في النهوض بالمجتمع الرواندي على المدي القصير حيث تم إنشاء أكثر من 10,000 محكمة غشاشا في مختلف أنحاء البلاد ترأسها قضاة من المواطنين العاديون يُعرفون باسم "إنيانغاموغايو" أي الأشخاص النزهاء وعلى مدار عشر سنوات، نظرت المحاكم في نحو 1.9 مليون قضية. وساهمت هذه المحاكم في كشف الحقيقة، وتحقيق العدالة التصالحية، وتعزيز المصالحة بين الضحايا والجناة، والقضاء على ثقافة الإفلات من العقاب، حيث شجعت محاكم غاشاشا الجناة على الاعتراف بجرائمهم علنًا وطلب الصفح من الضحايا وهو ما ساعد في تقليل العداء وتحفيز المصالحة على المستوى المحلي. كما أنها أتاحت للسكان فرصة للعمل معًا، مما عزز الشعور بالمشاركة والتعاون المحلي. ولكن على الرغم من نجاحها، إلا إنها تعرضت لانتقادات بشأن انتقائيتها وافتقارها للخبرة القانونية.
كما ساهمت سياسات رواندا في تشكيل جيش وطني قوي وإدماج القوات بعد إعادة تأهيلهم وتحويل عقيدتهم من الولاء العرقي إلى الولاء للدولة الوطنية الرواندية في تمكن الدولة من فرض النظام ووقف أعمال العنف الانتقامية التي كانت تهدد الاستقرار الداخلي، وهو ما أدى إلى استعادة الأمن والاستقرار وتعزيز المصالحة والتضامن، كما إنه ساعد على توفير فرص عمل للألاف من اللاجئين العائدين الي رواندا بعد الإبادة.
كما أدت سياسات ومبادرات توفير المساعدات العاجلة للناجين من الإبادة الجماعية، بما في ذلك من برامج حماية لهم وتوفير فرص عمل وإعادة تأهيلهم نفسياً وصحياً واجتماعيا من خلال معسكرات الإنغاندو، إلى تخفيف المعاناة وإعادة بناء الحياة اليومية تدريجيًا وتعزيز الاستقرار الاجتماعي في المجتمع الرواندي. ولقد أسهمت تلك المعسكرات المبادرات التقليدية مثل "الإنغاندو" و"الإيتوريرو" في تحقيق نتائج إيجابية على المدى القصير. من خلال تعزيز التعايش السلمي بين أعضاء المجتمع ووفرت منصات مفتوحة للحوار والتفاهم بينهم. كما ركزت "الإيتوريرو" على تأهيل الأفراد، لا سيما الشباب، لتعزيز قيم المواطنة والتضامن والوحدة الوطنية، مما ساعد في تعزيز الثقة بين أفراد المجتمع وإعادة بناء الروابط الاجتماعية. وهو ما ساهم في تخفيف التوترات العرقية وتجنب عودة الصراعات. هذا الاستقرار عزز ثقة المواطنين في الحكومة وشجع اللاجئين على العودة والمشاركة في إعادة بناء الدولة.
على المدى الطويل، كانت النتائج أكثر تعقيدًا وشمولية، حيث تجاوزت الأهداف مجرد استعادة الاستقرار إلى تحقيق تنمية مستدامة ومصالحة وطنية حقيقية لتجاوز الأزمة والمحنة للأبد، ولقد قامت رواندا بتبني إصلاحات دستورية تركز على تعزيز سيادة القانون ومكافحة الفساد والتي حققت نتائج طويلة الأمد إضافة إلى ما سبقنا الإشارة اليه، حيث كان لها تأثير كبير على استقرار البلاد وتعزيز سيادة القانون من خلال تعزيز مبدأ المساواة بين المواطنين، حيث حظر الدستور التمييز القائم على أساس العرق أو الجنس، مما أسهم في تقليل الانقسامات العرقية التي كانت سببًا رئيسيًا للصراع. كما عززت هذه الإصلاحات تمكين المرأة في الحياة السياسية والاجتماعية، حيث أصبحت رواندا نموذجًا عالميًا في تمثيل النساء في البرلمان حيث تملك المرأة 56% من مقاعد البرلمان.
ولقد نتج عن استقرار البلاد بسبب تطبيق سياسات المصالحة الوطنية والمشاركة السياسية، تعزيز النمو الاقتصادي حيث أولت الحكومة اهتماماً واسعاً بالقطاعات الاقتصادية، حيث استثمرت الحكومة بشكل كبير في قطاعات مثل الزراعة والصناعة، واستعانت بخبراء من الخارج وظهرت نتائج هذه السياسات بعد 5 أعوام من الإبادة الجماعية وتزايدت بعد هذا علي المدي الطويل، حيث انخفضت معدلات الفقر وتحولت رواندا لاهم الاقتصاديات الناهضة في 2017 بمعدل نمو 7.5% وتحولت رواندا إلى دولة جاذبة للاستثمارات، فوفقاً لتقرير الكوميسا لعام 2016 رواندا هي الدولة الأولي الجاذبة للاستثمارات. وأصبحت التجربة الرواندية أمصدر إلهام للعديد من الدول الأفريقية التي تسعى إلى تحقيق الاستقرار والتنمية


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

بدينا تخزينتنا ...

بدينا تخزينتنا ولم تفارقني الرغبة بان اكون بين يدي رجلين اثنين أتجرأ على عضويهما المنتصبين يتبادلاني...

خليج العقبة هو ...

خليج العقبة هو الفرع الشرقي للبحر الأحمر المحصور شرق شبه جزيرة سيناء وغرب شبه الجزيرة العربية، وبالإ...

فرضية كفاءة الس...

فرضية كفاءة السوق تعتبر فرضية السوق الكفء او فرضية كفاءة السوق بمثابة الدعامة او العمود الفقري للنظر...

‏@Moamen Azmy -...

‏@Moamen Azmy - مؤمن عزمي:موقع هيلخصلك اي مادة لينك تحويل الفيديو لنص https://notegpt.io/youtube-tra...

انا احبك جداً ت...

انا احبك جداً تناول البحث أهمية الإضاءة الطبيعية كأحد المفاهيم الجوهرية في التصميم المعماري، لما لها...

توفير منزل آمن ...

توفير منزل آمن ونظيف ويدعم الطفل عاطفيًا. التأكد من حصول الأطفال على الرعاية الطبية والتعليمية والن...

Le pêcheur et s...

Le pêcheur et sa femme Il y avait une fois un pêcheur et sa femme, qui habitaient ensemble une cahu...

في التاسع من ما...

في التاسع من مايو/أيار عام 1960، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على الاستخدام التجاري لأول أقر...

أهم نقاط الـ Br...

أهم نقاط الـ Breaker Block 🔹 ما هو الـ Breaker Block؟ • هو Order Block حقيقي يكون مع الاتجاه الرئي...

دوري كمدرب و مس...

دوري كمدرب و مسؤولة عن المجندات ، لا اكتفي باعطاء الأوامر، بل اعدني قدوة في الانضباط والالتزام .فالم...

سادساً: التنسيق...

سادساً: التنسيق مع الهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية وفريق إدارة شؤون البيئة لنقل أشجار المشلع ب...

I tried to call...

I tried to call the hospital , it was too early in the morning because I knew I will be late for ...