Lakhasly

ثالثاً: تصنيف الأحداث: تعددت تصنيفات الأحداث علمياً بحسب مجال كل فرع معرفي. فمن منظور علم الاجتماع، يُصنفون لأربع أو خمس فئات: مشكلون (كذب، عناد، تحطيم..)، مضطربون نفسياً (شذوذ جنسي، انحرافات أخلاقية..)، مهملون (إساءة معاملة، تفكك أسري..)، جانحون (جرائم معاقَب عليها). كما يُصنفون لخمس فئات أخرى: مدمنون (جرأة، عدم احترام القانون)، خطرون (تربوا في أحضان الجريمة)، بلا ميول إجرامية (إهمال أدى للانحراف)، دفعهم الفقر للانحراف، فقراء جداً لكنهم يعملون أعمالاً غير قانونية. من منظور علم النفس، يُصنفون لثلاث أو خمس فئات: مضطربون عقلياً، مرضى بعاهات عقلية، عاديون (يستمرون في الجريمة رغم علمهم). أخرى: مرضى عقلياً، أذكياء عاطفياً، مجرمون بالتكوين، بالصدفة، أو محتملون. قانونياً، يُصنفون لثلاث طوائف: مرتكبي أفعال مُعاقَب عليها، معرضون لخطر الانحراف (مشردون، مشكلون، في خطر)، فاقدي القوى العقلية (يُودعون مصحات عقلية). يصعب وضع تصنيف شامل، لأن كل حدث يختلف عن الآخر في دوافعه، حتى وإن تشابه سلوكهم، فالتصنيفات الحالية أغفلت عوامل كثيرة.

رابعاً: العوامل المسببة لانحراف الأحداث: ينتج سلوك الحدث المنحرف عن تفاعل عوامل نفسية، اجتماعية، جسمية، اقتصادية، وعقلية، مقسمة لعوامل شخصية وبيئية. العوامل الشخصية تشمل: وراثية (جسمية، عقلية، نفسية)، جسمية (أمراض، اضطرابات غدد، عاهات)، عقلية (تخلف عقلي، ذكاء شديد)، نفسية (نزعات سيطرة، خضوع، إثبات الذات). العوامل البيئية تشمل: داخلية (فقر، تفكك أسري، تنشئة غير سليمة، مشاكل مدرسية، رفاق سوء، مغريات بيئية)، وخارجية (مجتمعية). الانحراف ليس نتيجة عامل واحد، بل تفاعل عوامل في موقف محدد.

ثالثاً: تصنيف الأحداث:
لقد تعددت التصنيفات التي حددها العلماء للأحداث، ولكن تخصص تصنيف بني على مجال اهتمام كل فرع من تلك الفروع من المعرفة. وفيما يلي تلخيصاً لتلك التصنيفات:
[١] تصنيف الأحداث من المنظور السيسيولوجي:
يصف بعض علماء الاجتماع الأحداث إلى أربع فئات رئيسية هي:
١) أحداث مشكلون: وهم أمثلة ذلك: حالات الكذب والعناد والتحطيم والهروب من المدرسة أو العمل وما إليها.
٢) أحداث يعانون من اضطراب في التركيب النفسي: وهم الذين يعانون من اضطرابات نفسية أو أمراض نفسية بما يؤدي إلى ظهور حالات غير سوية من أمثلتها حالات الشذوذ الجنسي والانحرافات الأخلاقية... الخ.
٣) أحداث مهملون: وهم الذين يساء معاملتهم بسبب ضعف رقابة الآباء أو بسبب تفكك الأسرة أو تحطيمها نتيجة للطلاق أو وفاة أحد الوالدين أو كليهما، مما يؤدي إلى الانحلال الخلقي أو إلى التشرد الحدث أو إلى انطوائه تحت لواء العصابات التي يجد في ظلالها إشباع حاجته إلى العطف والتقدير الذي يفتقدهما في محيط أسرته أو في جماعة العمل أو المدرسة، وهؤلاء قد لا يرتكبون أفعالاً يمكن اعتبارها جرائم، ومع ذلك فإنهم يمرون في مرحلة التخصيب للجريمة وهي المرحلة التي يحتمل أن يتحول فيها الحدث إلى ارتكاب الجريمة.
٤) أحداث جانحون: وهم الذين يرتكبون جرائم تقع تحت طائلة العقاب أو يرتكبون أفعالاً فيها اعتداء على القانون والنظام العام أو تنبي قوانين المجتمع أو نظمه، فهؤلاء الأحداث يطلق على جرائمهم اسم الجناح لأن العقوبة التي توجه إلى الفعل المناظر من جانب الكبار تأخذ درجة أعنف مما تأخذه في حالة هؤلاء الأحداث نظراً لظروف صغر السن.
وهناك من يصنفهم أيضاً من المنظور السيسيولوجي إلى خمس فئات هم:
١- الأحداث المدمنون: وهم الذين يتميزون بالجسارة والجرأة، وهم أولئك الذين لفظهم المجتمع ولم يعودوا يقيمون وزناً للقانون أو الإنسانية، ويرجع انحرافهم في الغالب إلى الطفولة المضطربة.
٢- الأحداث الخطورون: وهم الذين تربوا في أحضان الجريمة ودفعهم إليها آباؤهم أو المجرمون المحترفون كأصحاب مدارس النشل وعصابات إفساد الأخلاق.
٣- الأحداث الذين لم تكن لديهم ميول إجرامية: وهم ليس لديهم ميول إجرامية ولكن الإهمال الأثيم يؤدي بهم إلى التديهور، وافتقاد الشعور الديني والتأثير الأدبي والحاجة إلى داخل المنزل يفقدهم بالتدريج إلى الانحراف لعدم وجود الرقابة على سلوكياتهم أو محاسبتهم عما يقومون به من أفعال حتى ولو كانت صغيرة
٤- الأحداث الذين قادهم الفقر والعوز إلى الانحراف: وهم الذين لم تكف قوانين المساعدة الفقراء في إشباع احتياجاتهم الاقتصادية بسبب قصور المساعدة أو إهمال السلطات لمشاكلهم، وبالتالي لجأوا إلى الانحراف لإشباع تلك الاحتياجات خاصة الاقتصادية منها.
٥- الأحداث الذين يعيشون هم وذويهم في فقر مدقع: ومع ذلك فإن لهم موارد مشروعة للمعيشة ولو أنها موارد تافهة قد تعرضهم للقبض عليهم في أحد حالات التشرد نتيجة لعملهم في تلك الأعمال التي تمثل لهم مورداً للتكسب ولكنها تقع ضمن الحالات التي يعتبر فيها الحدث مشرداً.
[٢] تصنيف الأحداث من المنظور السيكولوجي:
يقسم بعض علماء الطب النفسي الأحداث المنحرفين إلى ثلاث فئات هي:
١- الأحداث المضطربون عقلياً:
٢- الأحداث المرضى: بعاهات عقلية.
٣- الأحداث العاديون: ويقصد بهم الأحداث الأسحاء عقلياً الذين يستمرون الجريمة ويواظبون عليها ولا يترددون في ارتكابها، رغم علمهم أنهم مجرمون، وإحساسهم بالخطيئة التي ينطوي عليها سلوكهم.
وهناك من يصنف الأحداث من المنظور السيكولوجي إلى خمس فئات هي:
١- فئة الأحداث المرضى في عقولهم.
٢- فئة الأحداث المحبين ذكاءً وشعوراً أو عاطفة.
٣- فئة الأحداث المجرمين بالتكوين.
٤- فئة الأحداث المجرمين بالصدفة.
٥- فئة الأحداث المحتمل إجراهم.
[٣] تصنيف الأحداث من المنظور القانوني:
أنه وفقاً للفلسفة الحديثة في الانحراف أصبحت التشريعات المنظورة من وجهة نظر قانونيين بشأن الأحداث تشمل بوجه عام طوائف الأحداث التالية:
١- الأحداث الذين يرتكبون أفعالاً وضع لها القانون عقوبة معينة:
٢- الأحداث الذين يرتكبون آخرين الجرائم التي ينص عليها قانون العقوبات والقوانين الجنائية الأخرى.
٣- الأحداث المعرضون لخطر الانحراف:
ويقسمون بدورهم إلى عدة فئات:
(١-١) الحدث المشرد: وهو الذي لا عائل له، وليست له وسيلة مشروعة للتعيش.
(٢-٢) الحدث المشكل: وهو الذي يتميز بمشاكل سلوكية وأخلاقية ونفسية، ويعد من قبيل ذلك الحدث الذي يأبى الطاعة والخضوع للنظام، والحدث المارق من سلطة أبويه، والذي يهرب من المدرسة أو يتعمد إلحاق الضرر بنفسه.
(٢-٣) الحدث في خطر: وهو الحدث الذي يفقد الرعاية أو يتعرض لعدوى الانحراف من مخالطة غيره من المنحرفين أو تردده على الأماكن التي يعبث فيها الانحراف.
وقد جمع التشريع المصري رقم ٣١ لسنة ١٩٧٤ هذه الفئات الثلاث وأطلق عليهم وصف الأحداث المعرضين للانحراف.
٣- طائفة فاقدي القوى العقلية:
وهذه الطائفة تخرج في الحقيقة عن نطاق الانحراف وكل ما يراه التشريع بشأن هذه الطائفة أنه إذا ثبت ارتكاب أحد أفرادها سلوكاً إجرامياً، فإنه يتعين إيداعه في أحد المحال المعدة للأمراض العقلية.
ويتبين من كل ما تقدم أنه من الصعوبة بمكان وضع تصنيف شامل جامع مانع من النقد لجميع أنماط الانحراف من جانب وظوائف الأحداث جميعاً من جانب آخر، لأن كل حدث منحرف يميزه طابع خاص من السلوك، وهو يختلف عن المنحرف الآخر في العوامل التي دفعت كليهما للانحراف، ولو تشابه سلوك كل منهما، ولذلك فإنه يتعين لكي يكون التصنيف شاملاً لجميع أنماط الانحراف وظوائف الأحداث أن يستجمع كافة العوامل التي تؤدي إلى انحراف الحدث، وهذا ما لم تستطع التصنيفات التي عرضناها أن تحققه بسبب كثرة عوامل الانحراف وتنوعها وتعددها، ولذلك فإن أكثرها قد أثر الاكتفاء بالعوامل البارزة منها وأغفل ما عداها، كما أن البعض الآخر قد أولى عنايته سواء بأنماط معينة من الانحراف أو واحدة من المنحرفين دون الطوائف الأخرى.
رابعاً: العوامل المسببة لانحراف الأحداث:
يمكن إرجاع سلوك الحدث المنحرف إلى تفاعل مجموعة من العوامل النفسية والاجتماعية والجسمية والاقتصادية والعقلية والتي يمكن تقسيمها إلى مجموعتين من العوامل هما: العوامل الشخصية والعوامل البيئية. ويمكن عرضهما على النحو الآتي:
المجموعة الأولى: العوامل الشخصية:
وتتضمن العوامل الوراثية وأهمها وراثة الصفات الجسمية والعقلية والنفسية التي قد تكون عاملاً من عوامل عدم التكيف الاجتماعي والنفسي.
ويمكن تحديد أهم تلك العوامل فيما يلي:

• العوامل الجسمية: وأهمها الأمراض المختلفة واضطراب الغدد الصماء والقصور الجسمي والعاهات البدنية الموروثة التي قد تدفع الصغير إلى العصبية وسهولة الاستثارة أو إلى السرقة، فضلاً عن الإصابات والتشوهات الخلقية.


• العوامل العقلية: وأهمها التخلف العقلي أو الذكاء الشديد والقدرات الخاصة التي قد تدفع الصغير إلى استغلالها في السلوك الانحرافي مثل المهارة اليدوية في الحل والتركيب.


• العوامل النفسية: والتي منها شدة نزعات السيطرة أو الخضوع أو إثبات الذات والتقلب والقابلية للاستهواء والإيحاء والتملك.
  المجموعة الثانية: العوامل البيئية:
  وتتضمن مجموعة من العوامل الداخلية المرتبطة بأسرة الحدث، وأخرى خارجية أي عوامل مجتمعية خارجية، ويمكن حصرها فيما يلي:
  أ- العوامل الداخلية: وتتضمن ما يلي:


• الفقر: وأثره على حرمان الصغير من حاجاته الضرورية مثل عدم توفير المسكن المناسب فيلجأ الصغير إلى الشارع متنقلاً إشباع هذه الحاجات فيختلط بمشرد أو متسولاً ليبدأ أولى مراحل الانحراف، كما أن ضيق المسكن عامل هام في إلمام الصغير مبكراً بالعلاقات الزوجية ومشاكلها فيندفع في خيالات ضارة أو تقليد مبكر يسوقه إلى الانحراف.


• التفكك الأسري: كالطلاق أو الهجر أو المشادات الدائمة التي تفقد الصغار شعورهم بالأمن أو الثقة أو الطمأنينة فينزعون إلى الهروب من المنزل أو المدرسة كنتيجة لهذا القلق أو سعياً وراء إشباع حاجاتهم التي لم تشبع.


• التنشئة الاجتماعية غير السليمة: والتي من أهمها التدليل الزائد أو القسوة المفرطة أو الإهمال أو التذبذب في المعاملة، وكذلك القدوة السيئة التي تؤدي إلى التقليد السيئ.


• ظروف المدرسة ومشكلاتها: وتشتمل:
  
  
  
  • مشكلات الدراسة والتحصيل ومدى قدرة الصغير على الاستيعاب والتكيف مع مقتضيات الجو المدرسي وعلاقاته بالزملاء والمدرسين.
  
  
  • خاصة حالات التنقل المبكر في مهن قد لا يميل إليها الصغير أو لا يجدها ليندأ في الهروب من العمل ومن المنزل ويبدأ الانحراف.
  
  
  
  


• رفاق السوء: من الصبية المارقين من أبناء الحي أو رفاق الدراسة أو رفاق العمل.


• مغريات البيئة: التي منها أساليب الترفيه غير السوية مثل الفيديو والمجلات وما إلى ذلك والتي قد تدفع الصغير إلى مغريات قد تدفع به إلى الانحراف.
  والانحراف لا يحدث كرد فعل لعامل واحد أو أكثر من هذه العوامل ولكن نتاج لتفاعل أو بعض هذه العوامل في تفاعلها معاً إزاء موقف مثير هو الذي يفجر السلوك الانحرافي كاستجابة طبيعية للموقف في لحظة معينة.