Lakhasly

حيث إن كل نشاط من نشاطات المنظمة يرأسه مدير، ويعاونه فريق عمل، فإنهم يمارسون وظائف إدارية، ويتخذون العديد من القرارات التي تتفاوت في أهميتها، لكنها لا تخلو – بحال - من تأثيرات في العاملين، ومصلحة المنظمة، ومستقبلها عامة، "وهناك شبه إجماع بين علماء الإدارة على أن أهم وظائف الإدارة هي: التخطيط، والتنظيم، والتوجيه، والرقابة " (۱)؛ ومن ثم فإن هذه الوظائف إن لم توضع ضمن إطار أخلاقي، فإن ثمة مخاطرة في فقدان الإدارة لفعاليتها، سواء على المستوى الاقتصادي، أو الإنساني؛ لذلك ستناقش في هذا المبحث الدور المهم للأخلاقيات، وتأثيره تحديدا في هذه الوظائف - بوضعها مكونات أساسية للعملية الإدارية - ومسؤوليتها في تحقيق التكامل، وتوفير الفعالية للإدارة ؛ التمكينها من تحقيق أهدافها.
أولا: أخلاقيات الأعمال في التخطيط
يحتل التخطيط المركز الأول بين عناصر العملية الإدارية، بحكم مفهومه ومضمونه ؛ إذ به رسم الخطوط العريضة للمستقبل عن طريق تحديد أهداف المنظمة الإدارية ؛ وثم تعيين وسائل تحقيق هذه الأهداف، بخطوات متوافقة

ومتناسقة، باستخدام الإمكانات المادية والبشرية المتاحة، وأخيرا بمتابعة ومراقبة ما تم إنجازه من الخطة، وما تبقى من ذلك ؛ من أجل تقييم مدى النجاح أو تحديد أوجه القصور في هذا الإنجاز. فبدون التخطيط السليم يصبح النشاط الإداري عملا ارتجاليا لا هدف له، وتجده بلا مسار ثابت يسير على هداه وهذا يؤدي إلى الفوضى في العمل، وهو أمر لم يعد يتماشى مع روح العصر، وسرعة التقدم، وطموح الأهداف التي تصبو إليها شعوب العالم وقد عرف هنري فايول التخطيط بأنه توقع المستقبل، والاستعداد له كما أسهم علماء إدارة آخرون في وضع عدة تعريفات منها أن التخطيط هو: "تحديد أهداف المنظمة، وتقرير أفضل السبل الإنجازها، كما أن التخطيط هو عملية فكرية تعتمد على المنطق والتريث حيث يبذل فيها الجهد لتوضيح الأهداف التي تريدها الإدارة، والبحث عن أفضل السبل لتحقيقها وقد عرف بعض الباحثين التخطيط من المنظور الإسلامي بأنه التفكر والتدبر في أداء عمل مستقبلي مشروع مع ربط ذلك بمشيئة الله تعالى ثم بذل الأسباب المشروعة في تحقيقه، مع كامل التوكل والإيمان بالغيب فيما قضاه الله وقدره على النتائج
بناء على ما ذكر آنفا من تعريفات وغيرها، فإن مفهوم التخطيط يتضمن ثلاثة عناصر رئيسة، هي: 1- تحديد الأهداف المستقبلية، مع إعمال الفكر في رسم أهداف مشروعة. ۲- تعیین وسائل تحقيقها، مع تحديد الوسائل المتاحة، وفق الموارد
المباحة شرعا. ٣- تحديد مدة مناسبة للتنفيذ، ومن ثم البدء في التنفيذ، مع ربط النتائج
بقضاء الله وقدره.
وكما يلحظ فإنه - من خلال الاشتراطات المحددة لعناصر التخطيط السابقة - يترتب على وظيفة التخطيط في المنظمة مسؤولية اجتماعية وأخلاقية؛ إذ يجب أن يظهر الدور الأخلاقي للخطة بشكل واضح، ليعطي للمنظمة مشروعية عملها وأخلاقية تصرفاتها في مواردها، وفي إطار يخدم جميع فئات أصحاب المصالح
نقول ذلك لأن الملحوظ لدى كثير من منظمات الأعمال أنها تتبنى فلسفة مثالية في التخطيط، تقوم أساسا على اعتبارات التكلفة الاقتصادية المثلی، بما يحقق أقصى ربح ممكن للمنظمة، بعيدا عن مناقشة الجوانب الأخلاقية في قراراتها، لكن مع ذلك فإن ثمة القليل من المنظمات تحاول أن تكيف عملياتها التخطيطية بشكل أوسع، مع الجوانب الاجتماعية والأخلاقية، لأصحاب المصالح الذين تتعامل معهم. وقد يبدو أن هذا الأمر مطلوب وكاف، لكنه في الواقع لا يكفي حتى تتمثل رؤيتنا للعملية التخطيطية في ارتكازها على القيم الأخلاقية؛ بحيث تكون هذه القيم مرتكزات أساسية للخطط، وللعملية التخطيطية فتشمل الاتجاه الاستراتيجي العام للمنظمة، بحيث تغطي رؤيتها ورسالتها وأهدافها الاستراتيجية، وأن يكون ثمة توازن أخلاقي للأهداف في إطار الخطة، بمعنى أن يستند توزیع الموارد ضمن العملية التخطيطية على مبدأ العدالة، وتمثل الموضوعية، بعيدا عن التحيز بجميع أشكاله، والذي قد ينعكس سلبا على مصالح المنظمة والمجتمع، لا سيما إذا أخذنا في الحسبان ما قد تثيره بعض الخطط من صراعات بين أطراف المنظمة وإداراتها، والردود السلبية التي ستتعرض لها من قبل المنافسين والموردين والجهات الحكومية، وحتى وسائل الإعلان؛ إذا أظهرت المنظمة عدم التزامها بالجوانب الأخلاقية في خططها، وتوزيع مواردها
.أخلاقيات الأعمال في التنظيم
لا يتم التنظيم هدا في ذاته ، إنما هو وسيلة للوصول إلى الهدف بطريقة أفضل، وإذا كانت مهمة التخطيط هي تحديد أهداف المنظمة الإدارية، وإعداد الوسائل اللازمة لتحقيق هذه الأهداف، فإن التنظيم يمثل الوسيلة التي يتم بها إنجاز تلك الأهداف ؛ لذلك فإنه إن لم يتوافر تنظيم إداري سليم فإن المنظمة لن تنجح في الوصول إلى غاياتها بالكفاءة المطلوبة؛ فالتنظيم عبارة عن تجميع منطقي للأجزاء المترابطة لتكوين كل واحد مارس من خلاله السلطة، والتنسيق لتحقيق غاية محددة فهو يمثل كيان المنظمة أو هيكلها الذي بواسطته تمارس نشاطها وعن طريقه تحقق أهدافها فهو الجزء الذي يتوقع أن يكون مرتكزا على القيم الأخلاقية بشكل واضح وضروري؛ لأنه من خلال التنظيم سيتم توجيه جميع موارد الإدارة البشرية والمادية نحو تحقيق أهداف الإدارة وذلك من خلال تقسیم النشاطات المختلفة، وتجميع أوجه النشاط المتشابهة في وحدات معينة ، تتشابه أو تترابط فيها النشاطات بشكل منطقي كما يعمل التنظيم على تحديد العلاقات والتداخلات بين الوحدات الإدارية وهذا يؤدي في نهاية الأمر إلى العمل كمجموعة متسقة
رورة تحمل المدير للمسؤولية بعدل، وصدق، وأمانة، ونزاهة، مع
استعداده لسماع الرأي المعارض، والنقد البناء والموضوعي. وضع كل عمل وكل فرد في مكانه الصحيح، بعيدا عن التحيز
والتكتلات والشللية التي تعيق العمل. ضرورة إيجاد وحدات أو لجان في المنظمة تعمل كحلقة وصل بين
المنظمة والمجتمع بحيث ترسم صورة إيجابية للمنظمة في بيئتها المحيطة، معبرة عن حقيقة العمل في المنظمة وتعزيزا لمبدأ المسؤولية
الاجتماعية للمنظمة. الاهتمام بالتنظيم غير الرسمي داخل المنظمة ومن خلال إيجاد مواقف
واضحة وصحيحة تجاهه لتجعل الإدارة منه مدخلا لتطوير العمل والأداء
وليس وسيلة لتكوين الشلل وزيادة فرص المحسوبية والوساطة ضرورة النظر إلى المنظمة باعتبارها نظاما مفتوحا على المجتمع،
تتفاعل من خلاله عناصر التنظيم مع الثقافة والتكنولوجيا والإعلام فتعطي بذلك اهتماما بالشفافية التي ستجعلها حريصة على عدم الوقوع
في الممارسات غير الأخلاقية الاهتمام بالمناخ المادي للعمل، وغير ذلك من الأبعاد الوظيفية
الإيجابية التي بالضرورة ستعز الأداء في المنظمة. اهتمام المدير بالظروف الاستثنائية، والأوضاع غير العادية، التي تؤثر
في الهيكل التنظيمي؛ وذلك من خلال تعديله بما يتلاءم مع هذه الظروف والأوضاع، وتحت مظلة تحقيق المصلحة العامة قبل المصلحة الخاصة؛ بحيث تأتي الحلول نابعة من داخل المنظمة، ومعبرة عن احتياجاتها، ومتلائمة مع مطالب العمل، وسبل تحقيق الأهداف. وعلى هذا، فإنه يمكن القول بأن دور المدير داخل التنظيم لا يقتصر على