Lakhasly

وهو الانتباه المثير يشبع حاجات الفرد ودوافعه الذاتية حيث يركز الفرد انتباهه الى مثير واحد من بين عدة مثيرات بيسر وسهولة تامة كأن يميز الجائع رائحة الطعام من بين روائح أخرى.

الانتباه
يُعد الانتباه أول عملية معرفية نمارسها عند التعامل مع المثيرات البيئية الحسية قبل الإدراك، إذ يصبح أول هدف لنا هو التعرف على طبيعة المثيرات المتوافرة في النظام الحسي، لتقدير أي المثيرات سيتم الاهتمام بها ومعالجتها وإدراكها.وهواستخدام الطاقة العقلية في عملية معرفية، أوتوجيه الشعور في شيء معين، وتركيزه استعداداً لملاحظته أو أدائه أو التفكير فيه.والملاحظةمحاولة معرفة البيئة بواسطة الحواس، والإحساسشعور بوجود مثير أومنبه.
ورغم تعدد المنبهات الحسية التي تثير الإنسان وكثرة ما يجول بذهنه من أفكار إلا انه لا ينتبه اليها جميعاً بل يختار منها ما يهمه، ويؤدي الى إشباع دوافعه أو خفض توتره. بمعنى ان الانتباه تركيز الشعور في شيء.
ونحن حينما نحصر انتباهنا أو نركز شعورنا في شيء نصبح في حالةتهيؤ ذهني استعداداً لملاحظة هذا الشيء أو التفكير فيه وفحصه وفهمه أو أدائه،فالأم التي تأخر طفلها عن ميعاد عودته من المدرسة تحصر انتباهها وتسترق السمع لأصوات الأطفال في الشارع وتهمل كل ما عدا ذلك من مثيرات.
كيف تحدث عملية الانتباه
حينما ينتبه الفرد لشيء تتكيف أعضاء الحس لاستقبال المنبهات من موضوع الانتباه وتصبح العضلات مشدودة ويصبح انموذج موجات المخ أكثر تعقيداً مما كان عليه قبل حالة الانتباه وموضوعها.ولابد ان نميز بين ثلاثة مفاهيم مترابطة ومتسلسلة في معالجة المعلومات وهيالانتباه، والإحساس، والإدراك.
ويحدث الإحساس عندما يستقبل أي جزء من أعضاء الحس كالعين، او الإذن، او الأنف، او اللسان،اوالجلد مثيراً منبهاً مشيراً لحدوث شيء ما في البيئة الخارجية المحيطة بالإنسان. فالموجات الصوتية مثلاً موجودة حولنا بصورة شبه دائمة كصوت التلفاز او المذياع وغيرها إذ تنتقل هذه الموجات في الفضاء الى ان ترتطم بصيوان الإذن ثم تدخل الى القناة السمعية عبر الطبلة الى الأذن الوسطى ثم الأذن الداخلية وتقوم الإذن بنقل هذه المثيرات الصوتية على شكل نبضات عصبية عبر العصب السمعي الى الدماغ مما يدلل على ان الإذن كبقية الحواس تنقل فعلياً كل ما يصل اليها من مثيرات عديدة تحدث كل ثانية وتغرق الدماغ بهذا الكم الهائل من المثيرات السمعية.
ويبدأ دور الانتباه عند وصول هذا الكم الهائل من المثيرات الى الدماغ ليعتمد الفرد أي المثيرات سيهتم بها واي منها سيهملها ولا يتعامل معها.
وبالنسبة للإدراك وهو العملية الثالثة التي يبدأ عملها بعد الانتباه ليقوم الفرد بتحليل المثيرات القادمة وترميزها وتفسيرها في الذاكرة حتى تظهر الاستجابة المناسبة.
أنواع الانتباه
يمكن أن نميز بين عدة أنواع من الانتباه، وهي كالآتي:
الانتباه الإرادي الانتقالي:
هذا الانتباه إراديا حيث يحاول الفرد تركيز انتباهه على مثير واحد من بين عدة مثيرات كما انه انتقائياً بسبب محدودية الطاقة العقلية للفرد ومحدودية التخزين وسرعة المعالجة للمعلومات. لذلك يتطلب هذا الانتباه طاقة وجهد كبير من الفرد لأن عوامل التشتت غالباً ما تكون عالية والدافعية لاستمرار الانتباه قد لا تكون بدرجة عالية وخير مثال على ذلك عندما يستمع طالب الى محاضرة مملة عن موضوع لا يثير اهتمامه فانه على الأغلب يحتاج الى جهد عقلي وجسدي كبير لاستمرار التركيز على المحاضرة.
الانتباه اللا إرادي القسري:
ويعد هذا النوع من الانتباه لا إراديا أو قسرياً حيث يركز الفرد انتباهه على مثير يفرض نفسه على الفرد بطريقة قسرية ودون بذل جهد عالي للاختيار بين المثيرات لدرجة يصبح بها الانتباه وكأنه لا شعوري وغير انتقائي حيث يعزل فيه الفرد نفسه بالكامل خارج أطار المثير الذي يّشد انتباهه وخير مثال على ذلك صوت مفاجئ في جو هادئ.
الانتباه الانتقائي التلقائي:
وهو الانتباه المثير يشبع حاجات الفرد ودوافعه الذاتية حيث يركز الفرد انتباهه الى مثير واحد من بين عدة مثيرات بيسر وسهولة تامة كأن يميز الجائع رائحة الطعام من بين روائح أخرى.

وظيفة الانتباه:
وظيفة الانتباه تركيز العمليات المعرفية على المنبهات الخارجية حتى يمكن تجمع المعلومات حولها.
ويمكن تحديد وظائف الانتباه بما يأتي:

1. تساعد عمليات التعلم والتذكر والإدراك من خلال التركيز على المثيرات التي تساهم في زيادة فاعلية التعلم والإدراك مما سينعكس على زيادة فاعلية هذه العمليات.


2. عزل المثيرات التي تعيق عمليات التعلم والتذكر والإدراك بمعنى (مشتتات الانتباه) من خلال ضعف التركيز عليها.


3. يحتاج الفرد الى الانتباه لتنسيق السلوك، وضبطه. فالانتباه نظام يمكنه تعيين الأولويات في حالة الصراعات أو حينما تقاطعنا أحداث ذات أهمية وغير متوقعة.


4. يعمل الانتباه على تنظيم البيئة المحيطة بالإنسان. فالانتباه لا يسمح بتراكم المثيرات الحسية على حاسة واحدة.
   العوامل المؤثرة في شد الانتباه، وحصره
   أولا: عوامل خارجية
   وهي مجموعة من العوامل تتعلق بطبيعة المثير الحسي المراد الانتباه له وتشمل:


5. شدة المثير: فالمثيرات شديدة القوة من حيث الألوان، والروائح، والاصوات، والاضواء، والحركة تعمل على جذب الانتباه للمثير بسرعة عالية فالناس يستجيبون بسرعة أعلى الى المثيرات شديدة القوة والمتحركة أكثر من غيرها.


6. حداثة المثير: فالمثيرات الجديدة او غير المألوفة تجذب الانتباه أكثر من المثيرات المألوفة.


7. المثيرات الشرطية: وهي التي تكونت بفعل الاشتراط كونها تثير انتباهنا أكثر من المثيرات الأخرى، فمثلا تسمع الأم بكاء طفلها حتى لو كان الجو مليئاً بالضوضاء.


8. تكرار المنبه: كمحاولة لجذب الانتباه.


9. التغير الفجائي للمنبه: في اللون أو الحجم أو الشدة أو الموضوع، الخ. وكذلك التناقض أي اختلاف المثير عما حوله.


10. موضوع المنبه: جذب الانتباه يتأثر بموضع المنبه بالنسبة لمجال الإدراك، فمثلايميل الإنسان لقراءة الأجزاء الموجودة بالنصف الأعلى من الصحف قبل الأجزاء السفلى منها.
    ثانياً: عوامل داخلية
    وهي مجموعة من العوامل تتعلق بالفرد،وهي ظروف تدفع نحو المثير،وتؤثر في الانتباه له وتخضع للضبط الإرادي، ومنها ما هو مؤقت مثل:


11. الحاجات والدافعية: فالجائع تسترعي انتباهه رائحة الطعام.


12. الاهتمام والميول والقيم: فالانتباه والاهتمام مظهران لشيء واحد فالاهتمام عبارة عن انتباه كامن، بينما الانتباه اهتمام فاعل ومن الطبيعي أننا نختلف في اهتماماتنا وميولنا فما يجذب انتباه عالم الفيزياء غير ما يجذب عالم النفس.


13. التهيؤ الذهني: كانتظار قدوم شخص يهمك أمره، ومهم للذهن استقبال منبهات معينة بالذات فيسترعي انتباهك مثلاً أصوات الأقدام أو رنة جرس الباب.


14. إيحاءات الأخريين: قد تؤثر القابلية للإيحاء في توجيه الانتباه لموضوعات معينة.
    ومنها ما هو دائم مثلالسمات والصفات الشخصية كعادات الفرد في الإصغاء، وحب الاستطلاع، وحتى نمط الشخصية.
    العوامل المشتتة للانتباه
    من الاضطرابات الشائعة التي يعاني منها كثير من الناس ضعف القدرة على التركيز او حصر الانتباه. والتركيز اصطلاح شائع يعني القدرة على التحكم في الانتباه، وخاصة القدرة على مقاومة التشتت، ويرجع ضعف القدرة على التركيز الى عدة عوامل مشتتة للانتباه، بعضها داخلي أو ذاتي، يرجع الى الفرد ذاته، وبعضها الآخر خارجي، يرجع الى البيئة.
    أولا: العوامل الداخلية
    ومنها:
    أ‌. العوامل الفسيولوجية، كاضطرابات الأجهزة الجسمية، وسوء التغذية، والتعب والإرهاق والملل، فالتعب عبارة عن هبوط أو فقدان قابلية التنبه أي أنه لا يمكن الجمع بين التعب والانتباه.
    ب‌. العوامل النفسية: كالعقد النفسية والصراعات كونها تستنفذ قدراً كبيراً من الطاقة العصبية اللازمة لعملية الانتباه من أمثلة ذلك عقدة الذنب أو النقص، والقلق والأفكار السوداوية، وحدة الانفعالات، والإسراف في التأمل واجترار المتاعب والآلام والاستسلام لأحلام اليقظة، وانشغال الفرد بأمور أخرى غير موضوع الانتباه.
    ثانياً: العوامل الخارجية
    ومنها:
    أ‌. عوامل اجتماعية، وتشمل الأمور ذات الأهمية الخاصة للفرد مثل المشكلات العائلية أو المالية والتي لم تحسم بعد، ولا يستطيع الفرد الخلاص منها.
    ب‌. عوامل بيئية، كالضوضاء أو سوء الإضاءة أو سوء التهوية وارتفاع درجة الحرارة ونسبه الرطوبة إذ تؤدي الى سرعة التعب وازدياد قابلية الفرد للتهيج وبالتالي فقدان القدرة على حصر الانتباه.
    ويرتبط الانتباه ايضا بالذكاء العام، والعمر، والخبرة، والدوافع، وتتأثر حتى بالوراثة. وهناك اضطرابات الانتباه مثلشرود الذهن، أو (ابروسكسيا) وهو فقدان القدرة على تثبيت الانتباه حتى لفترة وجيزة و(هيبربروسكسيا) وهو الإفراط في الانتباه.

نظريات الانتباه

1. نظرية القدرة غير المحدودة:
   أكد العالمكاردنرGardner ان للإفراد القدرة على معالجة المعلومات من خلال مجموعة من القنوات المتوازية،وهذه القدرة غير محدودة، فللدماغ القدرة الكافية على الانتباه لعدد كبير من المثيرات وإجراء المعالجة اللازمة لها مثل الذاكرة العاملة.


2. نظرية القدرة المحدودة:
   وضعها عالم الكائناتكانمانKahnmanويرى فيها ان أي عملية معرفية تتطلب كمية من الطاقة العقلية والقدرة على معالجة المعلومات. وهو ما يخالف النظرية الأولى التي تشير الى محدودية الطاقة. كما أكدت على ان بعض الأنشطة المعرفية (المعروفة والمألوفة) تحتاج الى كميات محدودة من طاقة وبعض الأنشطة الصعبة غير المألوفة تحتاج الى كميات كبيرة من الطاقة وتستنفد كميات كبيرة من القدرة على المعالجة المعرفية.


3. نظرية تخصيص الموارد:
   اتفق نورمانNormanوبوبروBobrow مع العالم كانمان في محدودية القدرات والطاقة المتوافرة للانتباه والمعالجة المعرفية.
   وتنشأ محدودية الطاقة عن القيام بمهام محدودة المعلومات او مهام محدودة الموارد فاذا كانت المهمة محدودة المعلومات فيتم تخصيص الموارد المتاحة لأداء أكثر من مهمة دون ان يتأثر الأداء في المهمة الرئيسة، أما إذا كانت المهمة غير محدودة الموارد فسوف يتم استخدام جميع الموارد المتاحة مما يعني انخفاض في مستوى الأداء وخصوصاً في حالة وجود مهمات أخرى.


4. نظرية المدخلات المتعددة:
   أكدجونستونJohnstonوهاينزHeinz على دور الوعي والذاكرة الفاعلة كعناصر مهمة في توجيه الانتباه الانتقائي،ويتم معالجة المدخلات الحسية، وتخزينها في الذاكرة الفاعلة على وفق آليات يفرضها نظام معالجة المعلومات للأمر الذي يوفر لهذه المعلومات فرصة في دخول الوعي والخبرة مقارنة مع المعلومات التي لا يتوفر لها آليات في حالة الانتباه غير الانتقائي.


5. نظرية المعالجة عديدة القنوات:
   أقترح ألبرت Allport ان محدودية الانتباه تحول الى المهام المطلوبة وتتنافس عليها آليات عديدة فاذا كانت لدينا قناة مخصصة للتعامل مع معلومة ما فإنها لن تتمكن من التعامل مع معلومة أخرى في نفس الوقت وعلى نفس الحاسة. بينما يمكن الانتباه لمثيرين على حاستين مختلفتين ومعالجتهما كالسمع والبصر في نفس الوقت كما يحدث عند مشاهدة التلفاز