Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (50%)

السبع، والسموات السبع. ما إن وطئت قدماي مدرج مطار إسلام آباد حتى انصرف تفكيري نحو أخي هزاع قبل سنّ وعشرين سنة أقلتنا سفينة إلى هذا البلد قبل أن نسافر جواً إلى نيودلهي. هذه المرة أقلتني
طائرة بصفتي رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة. عجباً كيف أن بعض الأمكنة تكلمك وتبدو لك أليفة بعد أن كانت مجهولة بالأمس. هذا على أي حال ما أحسسته لدى اكتشافي باكستان. منذ ذلك الحين بقيت هذه البلاد عزيزة علي. هكذا بقيت باكستان عزيزة علي. لكن يجدر القول إن إسلام آباد مدينة محيرة حيث الشوارع والجادات تكاد تسحقها الحرارة وتجمع حروف
الأبجدية بمعنى لا يعرفه أحد سواها. على الرغم من الطابع الاحتفالي لهذا العشاء كان ثمة تباين مع الجو المتكلف في ولائم قصر باكنغهام. حل لحم الغنم محل السلمون والبرياني محل التفاح البري، ومحل الملابس الإنجليزية الرسمية حل الشوريدار الأنيق
كان بصدد تطبيق ما أسماه الاشتراكية الإسلامية» معتبراً أن تعاليم الإسلام متلائمة مع مبدأي المساواة وإعادة توزيع الثروات ولتحقيق هذا الهدف يعتزم القيام بسلسلة طويلة من التأميمات ابتداء بالبنوك والقطاع الصناعي. شخصياً كنت لا أشاطره وجهة النظر هذه فأنا بقدر ما أرى
لا بل حيوي، أرفض مصادرة الملكية الخاصة، كان محقاً. لكن كيف ننسى أننا كنا في وادي السند ملتقى
الحضارات العالمية منذ فجر التاريخ؟
لفتني فيه وجه فتي أسيل يخفي عمره الذي قدرته بحوالي أربعين عاماً. سموك، اسمح لي أن أقدم نفسي، أنا محسن شابير، أستاذ العلوم الطبيعية في جامعة القائد الأعظم. هناك أيضاً
أروع الصقور. zeta - اسم ذلك المكان؟
التفت على الفور نحو مضيفي. هناك ؟
لكن يا صاحب السمو قال لي، ونحن الآن في يناير. الصقور. ساعة بالطائرة. لا يوجد مطار في رحيم يارخان ولا
نعم، يا صاحب السمو. - أنت تكلم بدوياً، سيادة الرئيس، على ظهر الجمل تحت شمس حارقة ما قيمة بضع ساعات
لبت بضع ثوان قبل أن يجيب:
موافق. سوف نقدم لكم المؤن والماء وكل المعدات
الضرورية. لكن لا بد من حراس يرافقونكم. وافقت. - هل تعرف المنطقة جيداً، دكتور شابير؟
ولدت فيها. إذن، لعلك تقبل أن تكون دليلنا. - هذا شرف لي، سموك. ألقيت نظرة خاطفة على نشيبي. بعد ثمان وأربعين ساعة مع خيوط الفجر الأولى، بدأنا المسير يرافقنا 5y عسكري اختيرت عناصره بدقة، ولا شك في أن من بينهم أفراداً من الحرس الشخصي للرئيس
بوتو. كانت الرحلة رائعة. بين الفينة والفينة كان المشهد الطبيعي يتغير، بيداء، ومن حين إلى حين تظهر فجأة عند منعطف بيوت صغيرة مبنية بالآخر. أكواخ قافلة جمال تسير وسط زوابع رملية ملتفة. وكلما اقتربنا من غولستان أصبحت الأرض أكثر وعورة. لا أذكر متى رأينا بناء ضخماً وصلباً مؤلفاً من نحو أربعين موقعاً محصناً على ارتفاع حوالي ثلاثين متراً. هذه قلعة دروار، تحتوي على قبور أمراء مدينة باها ولبور، ولا يُعرف عمرها. يؤكد بعضهم أنها بنيت قبل أكثر من قرنين فرادة هذه القلعة أنها بنيت بآلاف مؤلفة من قطع القرميد الصغيرة التي تم نقلها بواسطة سلسلة بشرية انطلاقاً من مدينة أوش شريف على مسافة عشرات الكيلومترات. كان الرجال يمررون قطع القرميد باليد
من أحدهم إلى الآخر على مدى أيام وأيام. تطوراً، وأن يُشيد مباني رائعة بأيد عارية». والشاحنات المزينة بكثافة حتى لكأنها لوحات فنية على أربع عجلات بدت لي المدينة فقيرة جداً ومن دون بنية تحتية أساسية. أو تطريز بياضات منزلية. مدمرة كنت أقرب إلى الحقيقة مما تصورت. وأصبحت المدينة أكثر فقراً وحرماناً من أي وقت مضى. إن
نهر السند قلب لا تؤمن مفاجآته. أنتم بحاجة إلى مطار قبل كل شيء. بالتأكيد. هل عندكم مستشفيات؟
مستشفى وحيد، لكنه قديم ويفتقر إلى التجهيزات. والعديد من المنازل لا تصلها مياه الشرب. بدت كثبان غولستان قريبة جداً. لكن حال نشيبي لم تكن كذلك فهو لم يعتد النوم في سرير مخيم على الأرض. بسكينة. وعندما اقتربنا منها ذهلت : قلما رأيت صقوراً بمثل هذا الجمال. وأول ما تبادر إلى ذهني هو أن أمتلك بعضها لأخذه إلى بلادي. لكن ذلك مستحيل، لأنها لن تتحمل الرحلة، فضلاً عن أن فصلها عن
مروضيها لا معنى له. - كما قلت لكم، قال الدكتور شابير، ستجدون صعوبة
5 ^ - نجتاز حدود غولستان برفقة اثنين منمروضي الصقور. للأسف، عدنا بخفي حنين. احرصوا على حفظ الحبارى الطبيعة هشة. تأملت في الأمر طويلاً وأدركت أن
صيد الظباء بالبندقية هو أسرع وسيلة للتسبب بانقراضها. في البداية عرضت على الرئيس بوتو إنشاء مطار في رحيم يارخان ومستشفى حديثا، وتعهدت بإعادة توطين ظباء الشينكارا في غولستان. ومنذ ذلك الحين أصبحت باكستان بمنزلة وطني الثاني، أو لم أعلن ذات يوم لتيسيغر: «إذا ما توليت الحكم يوماً ما فسوف أكرس كل جهدي وما أنعم علي الله به من قدرة لكي أسمع العالم كله صوت الشعوب المتطلعة إلى الحرية وأساعدها على العيش بأمان وسكينة. حان الوقت لأقرن
حاكم الشارقة الشيخ خالد كان علينا أن نتصرف بسرعة. فور علمنا بالنباً قررنا التدخل عسكرياً. وفي بضع ساعات استتب الأمن مجدداً واعتقل المسؤول عن التمرد. غير أن ما يدعو إلى الأسف هو مقتل الشيخ خالد أثناء الاشتباكات من دون معرفة ظروف الحادث. والله الحمد، فورث منصبه، وهو جدير بذلك. كنت أعرف الرجل. كان ذكياً المعياً ومهندساً زراعياً تخرج حديثاً من جامعة القاهرة، ومثقفاً رفيع المستوى، ولا شك في أن توليه الحكم في الشارقة سيكون مدعاة للطمأنينة. عدنا سبعة مجدداً. السبعة رقم له أسراره. تماماً كعجائب الدنيا السبع، والقارات السبع، والسموات
من باب المصادفة أيضاً أن يكون عدد الأودية التي يذكرها
الشاعر الكبير فريد الدين العطار في «منطق الطير» سبعة:
الثاني وادي العشق. الثالث وادي العرفان. الرابع وادي الاستغناء. السابع وادي الفقر والفناء. لكن هل ثمة مصادفة؟ على أي حال كنت أرى أن هذا
أكتوبر 1973. في السادس من أكتوبر الساعة 14، بدأ الجيشان المصري والسوري الهجوم. لم يكن التوقيت اعتباطياً. كان هذا اليوم العاشر من شهر تشري في التقويم العبري، تلك هي اللحظة المثالية التي اختارها الرئيس أنور
السادات لإطلاق عملية بدر. طوال الأسبوع السابق تكثفت التدريبات العسكرية المصرية على الضفة الغربية لقناة السويس. ولوحظ تحرك قوات سورية على جبهة الجولان وعلى الرغم من هذه المؤشرات المنذرة استبعدت حكومة غولدا مائير إمكانية
الهجوم. كانت مخطئة. في أقل من نصف ساعة انصب سيل هائل من القذائفعلى خط الدفاع الإسرائيلي المعروف بخط بارليف. في الوقت نفسه اجتازت أول فرقة مدرعات مصرية القناة. بعد
هذا الدعم الأمريكي كان حاسماً. في الحادي عشر من أكتوبر انقلبت المعركة لمصلحة إسرائيل. نجح الجيش الإسرائيلي بقيادة أربيل شارون - الذي قرر التحرك من تلقاء
بعد ثمان وأربعين ساعة استعاد الجيش الإسرائيلي
الجولان. مرة أخرى تهب ريح الحرب لمصلحة إسرائيل. منذ اليوم التالي لبدء الحرب بعثت برسالة دعم وتضامن
إلى الرئيسين السادات والأسد. شجعني على ذلك الموقف الاستثنائي الذي كانت قد اتخذته قبل ثلاث سنوات، في 1970. المملكة المتحدة أحد الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن، وحليف الولايات المتحدة، ولها تأثير كبير في القضايا الدولية. لذلك كان يحدوني الأمل في إقناع رئيس الوزراء إدوارد هيث، بضرورة الدعم البريطاني لنا وحمل الولايات المتحدة على إعادة النظر في سياستها. طبعاً، ولا أجهل العلاقات الوثيقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل التي تعدها واشنطن الولاية الأمريكية الحادية والخمسين. غير أنني أبدي حياله أسمى مشاعر التقدير. فيما كان العالم يعتقد أن فرنسا ماتت كان له من النباهة أن حمل جثمانها بين ذراعيه لإقناع العالم بأنها لا تزال حية. عندما سئل عن رأيه في الوضع آنذاك أدلى بتصريح ما زلت أذكر كل كلمة فيه. قال: «إني لأتساءل ما إذا كان اليهود الذين كانوا مشتتين والذين بقوا مثل ما كانوا في كل الأزمنة، شعباً نخبوياً، واثقاً من نفسه، ميالاً للسيطرة، سيحولون أمانيهم المؤثرة، التي ظلت تراودهم منذ تسعة عشر قرناً، في أن يلتقوا العام المقبل في إسرائيل، إلى طموح جامح
ونزعة للغزو حالما يجتمعون في موقع مجدهم الغابر».


Original text

باكستان يناير 1972


سبعة كعجائب الدنيا السبع، والقارات


السبع، والسموات السبع.


ما إن وطئت قدماي مدرج مطار إسلام آباد حتى انصرف تفكيري نحو أخي هزاع قبل سنّ وعشرين سنة أقلتنا سفينة إلى هذا البلد قبل أن نسافر جواً إلى نيودلهي. هذه المرة أقلتني


طائرة بصفتي رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة.


عجباً كيف أن بعض الأمكنة تكلمك وتبدو لك أليفة بعد أن كانت مجهولة بالأمس. هذا على أي حال ما أحسسته لدى اكتشافي باكستان. منذ ذلك الحين بقيت هذه البلاد عزيزة علي. هكذا بقيت باكستان عزيزة علي.


لكن يجدر القول إن إسلام آباد مدينة محيرة حيث الشوارع والجادات تكاد تسحقها الحرارة وتجمع حروف


الأبجدية بمعنى لا يعرفه أحد سواها.


مساء اليوم الذي وصلت فيه أقيم حفل عشاء رسمي تكريماً لي. على الرغم من الطابع الاحتفالي لهذا العشاء كان ثمة تباين مع الجو المتكلف في ولائم قصر باكنغهام. حل لحم الغنم محل السلمون والبرياني محل التفاح البري، ومحل الملابس الإنجليزية الرسمية حل الشوريدار الأنيق


ذو الألوان الزاهية.


كان معي نشيبي الذي لا يفارقني. جلست إلى يمين الرئيس ذو الفقار علي بوتو حدثني بحماسة عن الآمال التي يرجو تحقيقها لبلاده. كان بصدد تطبيق ما أسماه الاشتراكية الإسلامية» معتبراً أن تعاليم الإسلام متلائمة مع مبدأي المساواة وإعادة توزيع الثروات ولتحقيق هذا الهدف يعتزم القيام بسلسلة طويلة من التأميمات ابتداء بالبنوك والقطاع الصناعي. شخصياً كنت لا أشاطره وجهة النظر هذه فأنا بقدر ما أرى


أن إعادة توزيع الثروات وتطبيق مبدأ الزكاة أمر ضروري، لا بل حيوي، أرفض مصادرة الملكية الخاصة، غير أنني أحترم وجهة نظره. ذكرني بأننا لا ننتمي إلى دين واحد فحسب بل إن دولتينا متشابهتان من حيث إنهما حديثنا الولادة؛ فقبل خمس وعشرين سنة لم تكن العاصمة الباكستانية موجودة ولم يكن فيها سوى الأعشاب الضارة ترعاها الجمال الجائعة. كان محقاً. لكن كيف ننسى أننا كنا في وادي السند ملتقى


الحضارات العالمية منذ فجر التاريخ؟


في لحظة ما خاطبني رجل كان يجلس قبالتي. لفتني فيه وجه فتي أسيل يخفي عمره الذي قدرته بحوالي أربعين عاماً.


سموك، اسمح لي أن أقدم نفسي، أنا محسن شابير،


أستاذ العلوم الطبيعية في جامعة القائد الأعظم.


حييته واضعاً يدي على صدري وانتظرت التتمة.


سمعت أنك تهوى صيد الصقر. وهو شغفي أنا أيضاً. في صحراء غولستان في البنجاب مكان مشهور بالحباري لكونه إحدى المحطات الإلزامية في هجرتها. هناك أيضاً


أروع الصقور.


التمتعت عيناي ما إن تذكر هذه الكلمة حتى تستيقظ


حواسي كلها.


zeta - اسم ذلك المكان؟


رحیم یارخان


التفت على الفور نحو مضيفي.


هناك ؟


سيادة الرئيس بعد إذنك هل يمكنني الذهاب إلى


كبح علي بوتو انتفاضة ذعر صغيرة. لكن يا صاحب السمو قال لي، لسنا في فصل الصيد الذي يبدأ في أكتوبر وينتهي في مارس، ونحن الآن في يناير. - لا يهم، إن كنت قد فهمت جيداً يوجد هناك أجمل


الصقور.


لكن المسافة بين إسلام آباد و رحیم یارخان زهاء


تسعمائة كيلومتر.


ساعة بالطائرة. لا شيء.


بدا الضيق على محيا الرئيس.



  • أنا محرج حقاً. لا يوجد مطار في رحيم يارخان ولا


يمكن الوصول إليها إلا براً والطريق سيئة جداً.


لعلك تعيرني سيارة لاندروفر وبعض الخيم؟


نعم، لكن المسافة تسعمائة كيلومتر، يا صاحب السمو. - أنت تكلم بدوياً، سيادة الرئيس، عندما تقطع كيلومترات


على ظهر الجمل تحت شمس حارقة ما قيمة بضع ساعات


في السيارة؟


لبت بضع ثوان قبل أن يجيب:


موافق. سوف نقدم لكم المؤن والماء وكل المعدات


الضرورية. لكن لا بد من حراس يرافقونكم.


لم أحبذ يوماً وجود حراس الحياة والموت بيد العلي القدير يوزعهما بمشيئته. لكن هنا لا خيار لي. وافقت.


أشرت بإصبعي إلى الأستاذ:



  • هل تعرف المنطقة جيداً، دكتور شابير؟
    ولدت فيها.


إذن، لعلك تقبل أن تكون دليلنا.



  • هذا شرف لي، سموك.


ألقيت نظرة خاطفة على نشيبي. بدا المسكين مذعوراً. بعد ثمان وأربعين ساعة مع خيوط الفجر الأولى، بدأنا المسير يرافقنا 5y عسكري اختيرت عناصره بدقة، ولا شك في أن من بينهم أفراداً من الحرس الشخصي للرئيس


بوتو.


كانت الرحلة رائعة.


بين الفينة والفينة كان المشهد الطبيعي يتغير، بيداء، أجمات صمغية نباتات مدارية جبال قاحلة وعرة بألوان المغرة الحمراء. ومن حين إلى حين تظهر فجأة عند منعطف بيوت صغيرة مبنية بالآخر. أكواخ قافلة جمال تسير وسط زوابع رملية ملتفة. وكلما اقتربنا من غولستان أصبحت الأرض أكثر وعورة. لا أذكر متى رأينا بناء ضخماً وصلباً مؤلفاً من نحو أربعين موقعاً محصناً على ارتفاع حوالي ثلاثين متراً.
هذه قلعة دروار، أوضح لي الأستاذ شابير، تحتوي على قبور أمراء مدينة باها ولبور، ولا يُعرف عمرها. يؤكد بعضهم أنها بنيت قبل أكثر من قرنين فرادة هذه القلعة أنها بنيت بآلاف مؤلفة من قطع القرميد الصغيرة التي تم نقلها بواسطة سلسلة بشرية انطلاقاً من مدينة أوش شريف على مسافة عشرات الكيلومترات. كان الرجال يمررون قطع القرميد باليد


من أحدهم إلى الآخر على مدى أيام وأيام.


فكرت: «لقد وهب الله الإنسان قدرات لامتناهية. يمكنه في الوقت ذاته أن يسير على القمر بواسطة التكنولوجيا الأكثر


تطوراً، وأن يُشيد مباني رائعة بأيد عارية».


عندما وصلنا إلى رحيم يارخان كانت الشمس تغيب وراء الكثبان صدمت على الفور بجلبة عربات «التوكتوك» والدراجات النارية التي تسير في الشوارع سيراً متعرجاً، والشاحنات المزينة بكثافة حتى لكأنها لوحات فنية على أربع عجلات بدت لي المدينة فقيرة جداً ومن دون بنية تحتية أساسية. أمام البيوت ترى نسوة منهمكات بالطبخ على نار الخشب، أو تطريز بياضات منزلية. وثمة رجال مسنون يستلقون على أسرة من أطر خشبية طرحت عليها فرش ميدانية


أمام مراوح التهوية للتخفيف من حرارة الجو هنا وهناك أطفال يلهون على عتبات المنازل بلعب خشبية. وأكثر ما استرعى انتباهي كثرة المباني المهدمة وكأنها تعرضت لعاصفة


مدمرة كنت أقرب إلى الحقيقة مما تصورت.


عندما نقلت انطباعي إلى الدكتور شابير قال: منذ سنتين اجتاح إعصار مداري المنطقة وأحدث أضراراً هائلة وخلف وراءه نحو نصف مليون ضحية، وأصبحت المدينة أكثر فقراً وحرماناً من أي وقت مضى. إن


لم نعان من الأعاصير نابت عنها الأمطار الغزيرة التي تحدث


فياضات. نهر السند قلب لا تؤمن مفاجآته.


أنتم بحاجة إلى مطار قبل كل شيء.


بالتأكيد.


هل عندكم مستشفيات؟


مستشفى وحيد، لكنه قديم ويفتقر إلى التجهيزات.


والعديد من المنازل لا تصلها مياه الشرب.


نصبنا الخيام على أطراف المدينة وأشعلنا نار المخيم.
بدت كثبان غولستان قريبة جداً. أظن أنني لم أنم نوماً عميقاً كما نمت تلك الليلة. لكن حال نشيبي لم تكن كذلك فهو لم يعتد النوم في سرير مخيم على الأرض. غير أنه تحمل البلاء


بسكينة.


في اليوم التالي اصطحبني الدكتور شابير لزيارة بعض مروضي الصقور كنا لا نزال على مسافة مائة متر تقريباً من المكان المقصود عندما تعرفت إلى صيحة الذكور المبهورة والمرتفعة وزعيق الإناث الصار والأبح. وعندما اقتربنا منها ذهلت : قلما رأيت صقوراً بمثل هذا الجمال. وأول ما تبادر إلى ذهني هو أن أمتلك بعضها لأخذه إلى بلادي. لكن ذلك مستحيل، لأنها لن تتحمل الرحلة، فضلاً عن أن فصلها عن


مروضيها لا معنى له.



  • كما قلت لكم، قال الدكتور شابير، ستجدون صعوبة


إن أردتم الصيد في هذا الفصل.



  • لا بأس، سوف أعود لكن في هذه الأثناء لا شيء يمنعنا من المحاولة بعد أن قطعنا كل هذه المسافة.


بعد ساعة 1.5 ^ - نجتاز حدود غولستان برفقة اثنين منمروضي الصقور.


للأسف، بعد أن قضينا أربع ساعات في ترصد الحبارى


عدنا بخفي حنين.


في طريق العودة كانت مسألة تلهب شفتي.


احرصوا على حفظ الحبارى الطبيعة هشة. والإسراف في قتل هذه الطيور يهدد بانقراضها. يجب إقامة محميات تسرح فيها، مثل محميات الظباء والبقر الوحشي. لقد منعت اصطيادها هل تعلم الحافز الذي دفعني إلى اتخاذ قراري؟ ذات يوم كنت ألاحق مجموعة من الظباء اقتفيت آثارها وانتهى بي الأمر إلى تحديد موقعها وبدأت إطلاق النار. بعد ثلاث ساعات توقفت لكي أتفقد حصيلة الصيد وتبين لي أنني قتلت أربعة عشر ظبياً. تأملت في الأمر طويلاً وأدركت أن


صيد الظباء بالبندقية هو أسرع وسيلة للتسبب بانقراضها.


أطلق الدكتور شابير تنهيدة.



  • ما أحسن ما قلت هذا التهديد الذي أشرت إليه يطاول


حالياً ظباءنا الشينكارا. إن لم نفعل شيئاً فسوف تختفي.
عندما عدنا إلى إسلام آباد كنت قد اتخذت قراري. علي أن أساعد هذه البلاد. في البداية عرضت على الرئيس بوتو إنشاء مطار في رحيم يارخان ومستشفى حديثا، ومدرسة. وتعهدت بإعادة توطين ظباء الشينكارا في غولستان. كما أنني قدمت عدة ملايين من الدولارات كهبة. ومنذ ذلك الحين أصبحت باكستان بمنزلة وطني الثاني، ومن واجبي أن أساعدها ما استطعت. أو لم أعلن ذات يوم لتيسيغر: «إذا ما توليت الحكم يوماً ما فسوف أكرس كل جهدي وما أنعم علي الله به من قدرة لكي أسمع العالم كله صوت الشعوب المتطلعة إلى الحرية وأساعدها على العيش بأمان وسكينة. سوف أمد يد العون للبلدان السائرة في طريق النمو والتي تبذل قصارى جهدها لإبعاد شبح الحرب». حان الوقت لأقرن


القول بالفعل.


لم تكد تمضي ثلاثة أيام على عودتي من باكستان حتى بلغنا في الرابع والعشرين من يناير 1972 أن انقلاباً أطاح
حاكم الشارقة الشيخ خالد كان علينا أن نتصرف بسرعة. فور علمنا بالنباً قررنا التدخل عسكرياً. وفي بضع ساعات استتب الأمن مجدداً واعتقل المسؤول عن التمرد. غير أن ما يدعو إلى الأسف هو مقتل الشيخ خالد أثناء الاشتباكات من دون معرفة ظروف الحادث. لكن أخاه الشيخ سلطان لم يصب بأذى، والله الحمد، فورث منصبه، وهو جدير بذلك. كنت أعرف الرجل. كان ذكياً المعياً ومهندساً زراعياً تخرج حديثاً من جامعة القاهرة، ومثقفاً رفيع المستوى، عارفاً بتاريخ الحضارات. ولا شك في أن توليه الحكم في الشارقة سيكون مدعاة للطمأنينة. التقطت أنفاسي. ثمة انفراج في هذا الوضع المتقلب في العاشر من فبراير 1972 قرر حاكم رأس الخيمة الذي كان متحفظاً في البدء أن ينضم إلى اتحادنا.


عدنا سبعة مجدداً.


السبعة رقم له أسراره.


تماماً كعجائب الدنيا السبع، والقارات السبع، والسموات


السبع.


من باب المصادفة أيضاً أن يكون عدد الأودية التي يذكرها
الشاعر الكبير فريد الدين العطار في «منطق الطير» سبعة:


الأول وادي الطلب.


الثاني وادي العشق.


الثالث وادي العرفان.


الرابع وادي الاستغناء.


الخامس وادي التوحيد.


السادس وادي الخيرة.


السابع وادي الفقر والفناء.


لكن هل ثمة مصادفة؟ على أي حال كنت أرى أن هذا


الرقم حافل بالآمال.


أكتوبر 1973.


منذ أسبوع وعيناي لا تحيدان عن شاشة التلفزيون.


في السادس من أكتوبر الساعة 14، بدأ الجيشان المصري والسوري الهجوم. لم يكن التوقيت اعتباطياً. كان هذا اليوم العاشر من شهر تشري في التقويم العبري، ويوم الغفران. وهو مناسبة تحظى باحترام شديد لدى اليهود بمن فيهم غالبية العلمانيين في هذا اليوم تشل الحياة في إسرائيل، وتعلق البرامج التلفزيونية، ويتوقف النقل العام، وتغلق المتاجر أبوابها. تلك هي اللحظة المثالية التي اختارها الرئيس أنور


السادات لإطلاق عملية بدر.


طوال الأسبوع السابق تكثفت التدريبات العسكرية المصرية على الضفة الغربية لقناة السويس. ولوحظ تحرك قوات سورية على جبهة الجولان وعلى الرغم من هذه المؤشرات المنذرة استبعدت حكومة غولدا مائير إمكانية


الهجوم. كانت مخطئة.


في أقل من نصف ساعة انصب سيل هائل من القذائفعلى خط الدفاع الإسرائيلي المعروف بخط بارليف. في الوقت نفسه اجتازت أول فرقة مدرعات مصرية القناة. بعد


ساعة وربع الساعة من بدء الهجوم تم تدمير خط بارليف. كانت هذه المرة الأولى التي يذوق فيها تساهال طعم الهزيمة.


تأخر الجيش الإسرائيلي ثلاثة أيام قبل أن يبدأ الرد مدعوماً بجسر جوي أقيم على عجل بين الدولة العبرية والولايات المتحدة. هذا الدعم الأمريكي كان حاسماً. في الحادي عشر من أكتوبر انقلبت المعركة لمصلحة إسرائيل. نجح الجيش الإسرائيلي بقيادة أربيل شارون - الذي قرر التحرك من تلقاء


في التسلل إلى غرب القناة، في منطقة الدفرسوار، نفسه


وطوق الجيش المصري الثالث.


بعد ثمان وأربعين ساعة استعاد الجيش الإسرائيلي


الجولان.


مرة أخرى تهب ريح الحرب لمصلحة إسرائيل.


منذ اليوم التالي لبدء الحرب بعثت برسالة دعم وتضامن


إلى الرئيسين السادات والأسد. وبعد يومين ذهبت إلى لندن


بصحبة ترجماني الأمين نشيبي كنت أعتزم الدفاع عنالقضية الفلسطينية لدى الحكومة البريطانية. شجعني على ذلك الموقف الاستثنائي الذي كانت قد اتخذته قبل ثلاث سنوات، في 1970. يومها صوت المندوب البريطاني في مجلس الأمن الدولي على قرار يشجب السياسة الإسرائيلية ويطالب بالانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967.


المملكة المتحدة أحد الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن، وحليف الولايات المتحدة، ولها تأثير كبير في القضايا الدولية. لذلك كان يحدوني الأمل في إقناع رئيس الوزراء إدوارد هيث، بضرورة الدعم البريطاني لنا وحمل الولايات المتحدة على إعادة النظر في سياستها. طبعاً، لست ساذجاً. ولا أجهل العلاقات الوثيقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل التي تعدها واشنطن الولاية الأمريكية الحادية والخمسين. لكن ألا تبين الأمة العظيمة عن نفسها في مقارعتها للظلم؟ لهذا السبب كنت معجباً بالجنرال ديغول الذي لم يساعدني الحظ في التعرف إليه شخصياً، وهذا ما آسف له، غير أنني أبدي حياله أسمى مشاعر التقدير. في عام 1940، فيما كان العالم يعتقد أن فرنسا ماتت كان له من النباهة أن حمل جثمانها بين ذراعيه لإقناع العالم بأنها لا تزال حية. وإبان الحرببين العرب وإسرائيل عام 1967 اتخذ الجنرال ديغول موقفاً يستحق التحية. عندما سئل عن رأيه في الوضع آنذاك أدلى بتصريح ما زلت أذكر كل كلمة فيه. قال: «إني لأتساءل ما إذا كان اليهود الذين كانوا مشتتين والذين بقوا مثل ما كانوا في كل الأزمنة، شعباً نخبوياً، واثقاً من نفسه، ميالاً للسيطرة، سيحولون أمانيهم المؤثرة، التي ظلت تراودهم منذ تسعة عشر قرناً، في أن يلتقوا العام المقبل في إسرائيل، إلى طموح جامح


ونزعة للغزو حالما يجتمعون في موقع مجدهم الغابر». أثناء إقامتي في العاصمة البريطانية بذلت قصارى جهدي


محاولاً التوصل إلى حل للأزمة يحفظ مصالح الأشقاء العرب، ولا سيما منهم الشعب الفلسطيني في الوقت نفسه كانت الحكومتان المصرية والسورية ترسلان نداءات الاستغاثة. كان


البلدان كلاهما بحاجة ماسة إلى المواد الغذائية والأدوية.


بادرت في الحال إلى تخصيص نحو مائة مليون جنيه استرليني كمساعدة للبلدين وأوعزت إلى أعضاء سفارتنا بشراء أطنان من المعلبات والأدوية وإرسالها على وجه السرعة


إلى دمشق والقاهرة بواسطة طائرة شحن مستأجرة.


بعد الاجتماع الذي عقدته في مقر رئيس الوزراء، 10


داوننغ ستريت بقيت بضعة أيام في لندن حيث أجريت


محادثات مع مسؤولين بريطانيين لم تسفر عن نتيجة.


كنت ساخطاً ومحبطاً في آن واحد. وكان نشيبي يشاطرني مشاعري. كيف لا وهو الفلسطيني المولود في القدس، مثل أهله وجدوده. كانت فلسطين تجري مع الدم


في شرايينه.


كنا جالسين إلى منضدة نحتسي الشاي عندما أطلعته على


ما أصابني من إحباط.


لماذا لا يفهم اليهود أن استمرارهم في رفض تقسيم الأرض على نحو عادل لا يمكن أن يقودهم إلا إلى الكارثة ليس غداً، ولا بعد عشر سنوات، ولكن ذات يوم؟ هذا أمر محتم. لا يمكننا محاربة التاريخ. التاريخ يعمل من دون علمنا.


لم تسفر جهودي في إنجلترا عن نتيجة فعدت إلى الديار. ما إن نزلت من الطائرة حتى أعلنت: «النفط العربي ليس أغلى من الدم العربي. لن ندخر جهداً لإيجاد حل عادل لهذا


النزاع».


أعلنت منظمة أوبك بإجماع الأعضاء، حظر تصديرالنفط إلى البلدان الداعمة لإسرائيل، ولا سيما منها الولايات المتحدة وهولندا. غير أن الحظر لم يستمر. جاءت الخيانة من


شاه إيران الذي قرر الاستمرار في تصدير نفطه وحتى مضاعفة


إنتاجه. أصبح الاستمرار في الحظر بلا جدوى.


في الثاني والعشرين من أكتوبر، فيما أعلن أطراف القتال القبول بوقف إطلاق النار، ذهبت إلى القاهرة ودمشق. كانت هذه الحرب قد أسفرت عن 15 ألف قتيل وأكثر من 35 ألف جريح أكثرهم مدنيون وأطفال أصيبوا بكسر الزجاج وشظايا القذائف أبكتني تلك المشاهد. كانت المستشفيات تغص بالمصابين ولم تعد قادرة على استقبال المزيد، فعرضت علاج بعضهم عندنا، ونقل من كانت إصابتهم بليغة إلى الخارج ولا سيما لندن حيث يمكن أن يتلقوا العلاج على يد


أطباء مختصين.


كنت مرعوباً حقاً. كل ما يتصل بالحرب هو صفعة للحس السليم وتجديف بحق الخالق. أكره الحرب. أكره كل الحروب. إنها لا تؤدي إلا إلى مصائر محطمة. المنتصرون اليوم منهزمون غداً. لحسن الحظ كنا نحن بعيدين عن الصخبوالدم المراق. وكانت خطتي الخمسية قد حققت أهدافها، وعملية التطوير مستمرة حلت مكان البراستي مبان رائعة، غير أنني منعت بناء ناطحات سحاب في العين لأنني حريص على أن تحافظ هذه الواحة على أصالتها. تم افتتاح أكثر من مائة وخمسين مدرسة تستوعب ما يزيد عن أربعين ألف طالب المستشفيات والمستوصفات تستقبل مئات المرضى. كلما أنقذت حياة إنسان كنت أتذكر الصغيرة أمينة التي ماتت لعدم توفر العلاج. شبكة الطرق تمددت وعن قريب سوف تغطي البلاد كلها. وإدراكاً مني بأن كل أشكال التغيير يمكن أن تؤدي إلى هلاك صنف من الكائنات منعت صيد البقر


الوحشية والظباء وذلك في الإمارات كلها.


بعد حين طرح السؤال الأساسي: لدينا أرض مشتركة، ودفاع مشترك وسياسة مشتركة، أفلا ينبغي أن تكون لنا


عملة مشتركة؟


في العشرين من مايو 1973 ظهرت أولى أوراق النقد الموحد قامت مؤسسة بريطانية بطبع الأوراق النقدية نظراً لعدم وجود بنك مركزي بعد وحدة هذه العملة هي الدرهم الإماراتي على الورقة النقدية تظهر عبارة «الإمارات العربيةالمتحدة»، وأشكال هندسية ورسوم تمثل رموزاً وطنية مثل النخيل ورأس الحصان وساحل البحر وقارب شراعي وجمال


وجمال وعقود لؤلؤ وبرج نفط ....


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

السابقة كان الش...

السابقة كان الشيخ زايد يبذل كل ما في وسعه للدعوة إلى تنفيذ المشروعات التنموية ضمن ميزانية ملائمة وخط...

بل بل انت واجد ...

بل بل انت واجد ساطعا كل السطوع في ديوان (( القوس العذراء)) ، جيث نجد ثلاثة وعشرين بيتا قالها الشماخ...

بناء الاختبارات...

بناء الاختبارات النفسية هو عملية معقدة تتطلب تخطيطًا جيدًا واستنادًا إلى المعايير العلمية. إليك بعض ...

In recent years...

In recent years, agriculture has faced increasing challenges due to factors such as climate change, ...

Active engageme...

Active engagement in pharmacology-related activities beyond the required curriculum entails seeking...

Every country h...

Every country has a past that seems to be embraced within their contemporary character, projected on...

العين، 17 أبريل...

العين، 17 أبريل 1962 العقيد يوغ بوستيد، المندوب السياسي لحلالتها إلى أليك دوغلاس هوم، وزير الخارجية ...

كان أول ظهور لل...

كان أول ظهور للحاسب منذ أكثر من خمسين عاما،ً وبالتحديد سنة 1946 حيث كان يتكون من أكثر من 18000 صمام ...

) الوعي السياحي...

) الوعي السياحي الوعي السياحي يعد شكلا جديدا من أشكال الوعي الاجتماعي، ظهر نتيجة توسع نشاط الإنسان و...

تبدأ الرواية من...

تبدأ الرواية من مرحلة طفولة الراوي، حيث كان في السادسة من عمره ويقرأ أحد الكتب التي تتحدث عن أفعى ال...

فقطاع التأمين ف...

فقطاع التأمين في المملكة مقارنة بحجم الاقتصاد ليس بمستوى الطموح لا من جهة حجم الشركات المتواجدة في ا...

مصطلحات البحث: ...

مصطلحات البحث: النبات : كائن حي أخضر ذاتي التغذية يصنع غذاءه بنفسه وذلك بواسطة مجموعه الخضري الذي ي...