Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (2%)

إن كل من استنشق شيئا من المسحوق الذي بالعلبة ونطق بهذه الكلمة موتا بور عند شم مشوق استطاع أن يبدل نفسه إلى أي مخلوق يريده، فوافق السلطان على هذا الرأي وذهبا معا إلى البحيرة في أخر المدينة فوجدا هناك أنواعا مختلفة من الحيوان والطير وبخاصة البجع الذي يلفت النظر بجمال منظره وهدوء مشيته وشاهدا بالقرب منهما بجعة تسير بكل هدوء ورزانة تذهب أحيانا إلى الأمام ثم ترجع أحيانا إلى الخلف وهي تبحث عن الضفادع تأكلها وتحدث نفسها من وقت لأخر بلغة لا يفهمها إلا البجع، وتغيرت ساقا الإنسان إلى ساقين رفيعين حمراوين في ساقي البجع، وحاول كل منهما أن يتذكر الكلمة التي يجب قولها حتى يرجعها إلى صورتهما الأولى، وقد أعلن السلطان في جميع أنحاء البلاد أنه سيتزوج الأميرة وأقيمت الأفراح والليالي الملاح وعم الفرح والسرور جميع طبقات الشعب وشاطر الشعب السلطان أفراحه ومصراته وأصبحت الأميرة سلطانة البلاد.


Original text

السلطان المسحور يحكى أنه كان ببغداد في الزمن القديم سلطان عظيم يعيش في قصره الفخم على نهر دجلة، وأنه كان متعودا أن يجلس عصر كل يوم في حديقة قصره يدخن النارجيلة ويشرب القهوة ويمتع نفسه بمناظر الحديقة الجميلة وما فيها من أزهار وثمار وطيور، فيشعر براحة تامة وسرور كبير. وكان هذا الوقت هو أحسن الأوقات لزيارة السلطان. وكان رئيس الوزراء واسمه المنصور يختار هذا الوقت في كل يوم لمقابلة السلطان والتحدث معه. وفي ذات يوم أقبل رئيس الوزراء على السلطان، فلما صار قريبا منه انحنى أمامه وحياه، فرد السلطان على التحية وأمره بالجلوس، فجلس ساكتا وعلى وجهه علامات الهم والحزن فسأله السلطان. مالي أراك حزينا أيها الوزير؟ لا شك أن أمرا عظيما قد حدث. فشغل بالك حدثني عما جرى. فوضع رئيس الوزراء يديه على صدره وقال يا مولاي السلطان. لقد رأيت الأمان في فناء القصر وأنا داخل تاجرا يبيع أشياء غالية وجواهر ثمينة. وكنت أحب أن أشتري شيئا مما معه. ولكني لم أستطع لقلة ما عندي من المال. فحزنت في نفسي وظهر على وجه مارأيت يا مولاي من علامات الهم والألم. وكان السلطان حين أقبل عليه وزيره الأول جالسا يفكر في شعبه وفي الأعمال التي يحب أن يعملها ليسعد أمته ورقيها. وكان يفكر أيضا في تقديم هدية إلى رئيس وزرائه تقديرا لإخلاء نفسه ومكافأة له على اجتهاده واهتمامه بأمور الشعب. فلما حدثه الوزير عن سبب حزنه انتهز هذه الفرصة وأمر بإحضار التاجر أمامه، فذهب الخادم وأحضر به من فناء القصر، وكان التاجر رجلا قصير القامة قبيح الوجه، يلبس ملابس قديمة ويحمل معه صندوقا صغيرا، فلما وقف أمام السلطان سلم عليه في أدب واحترام، وفتح صندوقه، فإذا هذا فيه كثير من الخواتم الذهبية والعقود اللؤلؤي والأنماط المرصعة بالألماس والمسدسات المزينة بالحجارة الثمينة، وإذا فيه كذلك كثير من الأساور الجميلة والمسابح النفيسة والروائح العطرية النادرة. فأخذ كل من السلطان ورئيس وزرائه يقلب بين يديه هذه الأشياء وهو يتأملها ويختار منها ما يحب، فاشترى السلطان بعض المسدسات الجميلة له ولرئيس وزرائه، واشترى منشطا مرصعا بالجواهر هدية لزوجة رئيس الوزراء. وحينما أراد التاجر أن يغلق صندوقه رأى السلطان درجا صغيرا في الصندوق لم يفتحه التاجر ولم يعرض عليه ما فيه من بضاعة، فطلب منه أن يفتحه ليرى ما فيه، ففتح التاجر الدرج الصغير وأخرج منه علبة صغيرة بها مسحوق أسود قدمها للسلطان، ثم أخرج شريطا من الجلد كتبت عليه كتابة غريبة لم يرها السلطان من قبل، فأمر سك السلطان العلبة وقلبها بين يديه، وتأمل الكتابة التي على الشريط، لكنه لم يعرف المسحوق ولا فهم الكتابة، فسأل التاجر عن العلبة وما فيها والشريط وما كتب عليه. فأجابه التاجر لقد اشتريت العلبة والشريط من تاجر بمكة، ولا أعلم شيئا عما في العلبة، ولا أعرف ما كتب على الشريط، وإني أتشرف بأن أقدم ومهما هدية لسيدي وكان السلطان يحب الاحتفاظ بالتحف الأثرية والمخطوطات القديمة في مكتبته، وإن لم يستطع قراءتها فأخذ العلبة والشريط وأنعم على التاجر ومنحه مبلغا كبيرا من المال وصرفه. ثم أراد السلطان أن يعرف ترجمة الكتابة التي على الشريط وفائدة المسحوق الذي بالعلبة، فطلب من رئيس وزرائه أن يبحث له عن عالم من العلماء يستطيع قراءة هذه الكتابة الغريبة وشرحها، فقال رئيس الوزراء إن بالقرب من المسجد الأكبر رجلا عالما اسمه سليم العالم، يعرف كثيرا من اللغات الأجنبية، فإذا أمر مولاي أرسلت إليه ليحضر ويفسر لنا هذه اللغة العجيبة المكتوبة بحروف غريبة، فوافق السلطان على كلام رئيس الوزراء، وفي الحال أرسل أحد الحراس إلى سليم العالم، فحضر ووقف بين يدي السلطان، فقال السلطان يا سليم لقد سمعت أنك من العلماء الذين يعرفون كثيرا من اللغات الأجنبية، فخذ هذا الشريط وانظر إليه، فربما استطعت أن تقرأه، فإذا قرأته وفسرت معناه أعطيتك حلة جميلة من الملابس الفاخرة، وإذا لم تنجح في قراءته أمرت بجلدك على رجليك خمسا وعشرين جلدة. فكر سليم في الأمر قليلا ثم قال إني راض بما يأمر به سيدي. ونظر إلى الشريط نظرة طويلة ثم قال لقد عرفت هذه الكتابة وفهمت معناها. فقال السلطان إذا ترجمها وفسر لنا معناها. فبدأ سليم يترجم الشريط قائلا من وجد هذا الشريط يعرف سر العلبة فواجب عليه أن يحمد الله كثيرا. إن كل من استنشق شيئا من المسحوق الذي بالعلبة ونطق بهذه الكلمة موتا بور عند شم مشوق استطاع أن يبدل نفسه إلى أي مخلوق يريده، وأن كان له أن يفهم لغة جميع الحيوان، وإذا أراد أن يرجع إلى صورته الأولى وهي صورة الإنسان فعليه أن يتجه إلى الشرق وينحني ثلاث مرات ويقول في كل مرة موتى بور. ويجب على من يغير نفسه إلى صورة حيوان أو طائر أن لا يضحك، لأنه إذا ضحك ينسى كلمة موتى بور، فيبقى حيوانا أو طائرا طول الحياة. فلما انتهى سليم العالم من قراءة ما على الشريط وترجمه سر السلطان سرورا كثيرا، وأمر العالم أن لا يخبر أحدا بهذا السر ومنحه حلة جميلة من الملابس الفاخرة. فانصرف العالم شاكرا مسرورا. ثم التفت السلطان إلى رئيس الوزراء وقال له يا منصور هذه فرصة جميلة، وإني أريد أن أصير حيوانا أو طائرا، وسوف أنتظرك غدا صباحا لنذهب إلى الريف معا، ونأخذ بعض المشوق من العلبة، ونسمع لغة الحيوان والطير. وفي الصباح التالي استيقظ السلطان مبكرا ولبس ملابسه وتناول طعام الإفطار ووضع علبة المشوق في جيبه. ولما حضر رئيس الوزراء خرجا معا من غير أن يخبر السلطان أحدا بما عزم عليه. ومن غير أن يأخذ معه خدما ولا حرسا، بل تركهم جميعا في القصر، ولم يرافق أو يعرف سره إلا رئيس الوزراء. وقبل أن يغادرا القصر أخذا يسيران في الحديقة ليختار حيوانا أو طائرا مما فيها ينقلان إلى صورته، فلم يعجبه ما أحد منها. وأخيرا أشار المنصور بالذهاب إلى بحيرة بعيدة تقع في نهاية المدينة وتتجمع حولها أنواع كثيرة من الطيور، فوافق السلطان على هذا الرأي وذهبا معا إلى البحيرة في أخر المدينة فوجدا هناك أنواعا مختلفة من الحيوان والطير وبخاصة البجع الذي يلفت النظر بجمال منظره وهدوء مشيته وشاهدا بالقرب منهما بجعة تسير بكل هدوء ورزانة تذهب أحيانا إلى الأمام ثم ترجع أحيانا إلى الخلف وهي تبحث عن الضفادع تأكلها وتحدث نفسها من وقت لأخر بلغة لا يفهمها إلا البجع، وفي الوقت نفسه رأيا بجعة أخرى تطير نحوهما وتقرب منهما. فقال رئيس الوزراء إن هذين الزائرين يتحدثان الان معا بلغة لا نفهمها. فما قولك يا مولاي لو حول كل منا نفسه إلى بجعة؟ فأجاب السلطان هذا رأي جميل، ولكن يجب أن نتذكر جيدا كيف يرجع كل منا إلى صورته الأولى. فقال الوزير ما على الواحد منا إلا أن يتجه جهة الشرق وينحني ثلاث مرات ويقول في كل مرة موتا بور، وعلينا أن نحذر الضحك حتى تعود سلطانا كما كنت وأعود رئيسا للوزراء كما كنت. وإذا نسينا هذه الكلمة أو ضحكنا فقدنا أنفسنا وأضعنا وضاعت حياتنا. وفي أثناء الكلام رأى السلطان بجعة تطير في الفضاء ثم تهبط إلى الأرض وتدور حوله، فأعجب بها كثيرا وتمنى أن يكون مثلها. وفي الحال أخرج علبة النشوة من جيبه وأخذ قليلا منها وتنشق به، ثم أعطى المنصور العلبة ففعل كما فعل السلطان وقال كل منهما موتا بور. ففي الحال تغيرت صورتهما، وتغيرت ساقا الإنسان إلى ساقين رفيعين حمراوين في ساقي البجع، وتحولت اليدان إلى جناحين والقدمين إلى قدمي بجعة، وصارت رقبة كل منهما طويلة، ورقبة البجع، واختفى ذقن كل منهما، وتغطى الجسم بريش أبيض نظيف، كريش البجع واختفى ذقن كل منهما، وتغطى الجسم بريش أبيض نظيف كريش البجع. وهكذا صار كل منهما بجعة. فاستغرب كل الاستغراب، وعجب كل العجب، وأعجب السلطان بمن قال الوزير وقال له إني ما رأيت شيئا كمن قصرك الطويل الجميل. فحرك رئيس الوزراء رقبته الطويلة وشكر للسلطان ملاحظته الرقيقة، ثم قال له أرجو أن يسمح سيدي بأن أقول له إن عظمة السلطان وهو بجعة أجمل منه وهو سلطان. واقتربت البجعة الجديدتين وهما السلطان والوزير من البجعة الأصليين ليسمعوا لغة البجع، فسمعت البجعة الكبيرة تقول لزميلتها الصغيرة صباح الخير أيتها السيدة ذات الساقين الطويلتين. صباح الخير يا صاحبة المنقار الطويل. لماذا خرجت مبكرة جدا هذا الصباح؟ لقد خرجت مبكرة في الصباح وجئت إلى هذه الحديقة لا أتمرن على الرقص لأني سوف أرقص اليوم أمام ضيوف أبي هل تسمحين أن أقدم لك قطعة من فخذ الضفدعة؟ ألف شكر يا سيدتي. ألف شكر. إني لا أجد رغبة في الطعام هذا الصباح. وأخذت البجعة الصغيرة تتحرك وترقص بخطوات جميلة. منظر فرحة. وكانت تمرن نفسها على الرقص برجل واحدة أولا ثم على الرقص برجلين ثانيا. وتنشر جناحيها إلى أعلى مرة وإلى أسفل مرة أخرى. ونظرت سلطان والوزير إلى البجعة وهي تتمرن مدة طويلة. وقد عجيب كل العجب وأخذا يضحكان. وفجأة تذكر رئيس الوزراء النصيحة المكتوبة على الشريط وهي الحذر من الضحك. وأظهر للسلطان خوفه من أن يبقى بجعة طول المدة الباقية من حياته. وحاول كل منهما أن يتذكر الكلمة التي يجب قولها حتى يرجعها إلى صورتهما الأولى، فلم تحضر هذه الكلمة إلى ذاكرته فهما وقالا يجب أن نتجه جهة الشرق ونحن ثلاث مرات ونقول ميو ميو ميو اتجه السلطان ورئيس الوزراء نحو الشرق، وكان حانيا حتى مساء الأرض بمنقاره فيهما، وحاولا تذكر الكلمة السحرية، فلم يستطع أحد منهما أن يذكرها. لقد نسيها السلطان ونسميها رئيس الوزراء، فصار كل منهما يردد ميو ميو ميو ولم يستطيعا تكميل تها. وبقي السلطان ورئيس الوزراء بجائزتين لأنهما لم يتمكنا من النطق بالكلمة السحرية حتى يرجعوا إلى صورتهما الأولى. وأخذ السلطان ووزيره يسيران حزينين تائهين في الحدائق والحقول ولم يستطيعوا الوصول إلى وسيلة يرجعان بها إلى أصلهما، وقد فكروا في الرجوع إلى بغداد، ولكن ما الفائدة من رجوعهم وهما ومن في بغداد يصدق أن السلطان أصبح بجعة؟ ومن يصدق أن تلك البجعة كانت سلطانا في يوم من الأيام؟ وعلى فرض أن أهل بغداد صدقوا هذا القول فهل يرضون أن تحكمهم بشعا؟ وامتلأ قلب السلطان المسحور ووزيره المسحور بالهم والحزن ولم يجدا شيئا يخفف عنهما أحلامهما إلا الطيران في سماء بغداد ورؤية ما يحدث فيها. وفي أثناء طيرانها كما في الأيام الثلاثة الأولى رأيا علامات الانزعاج والاضطراب في شوارع بغداد. وفي اليوم الرابع هبطا إلى سطح القصر فرأينا احتفالا عظيما يمر أمامه وسمعنا قرع الطبول وزمر المزامير، ورأيا رجلا يلبس رداء قرمزي مطرزا بالذهب، ويركب حصانا وحوله كثير من الضباط والحرس وكثير من العبيد والخدم. وقد ازدحمت شوارع بغداد وسار الناس وراءه يصيحون بصوت حزين يحيا ميرزا سلطان بغداد. فنظرت كل بجعة إلى الأخرى وهما على سطح القصر وسأل السلطان وزيره هل تسمع ما يهتفون به؟ وهل يمكنك أن تفهم الأن لماذا سحرني تاجر الجواهر واللؤلؤ؟ إنهم ينادون بمرسى سلطانا عليهم. ومرسى هذا هو ابن عدوي الساحر الكبير قلب النور الذي كان يفكر دائما في الانتقام مني واستطاع فعلا أن ينتقم. فوضع هذا المسحوق السحري في العلبة وأرسله إلي مع ذلك الجاسوس الذي حضر إلى القصر وادعى أنه تاجر وقد انتصر علينا بحسن حيلته وانتقم منا بسحره ومهارته، وسوف أصبر على قضاء الله، ولكن لن أيأس وأنا واثق النفس أنتصر في النهاية على هذا العدو الشرير إن شاء الله. ثم فكر السلطان المسحور في الحج وزيارة قبر الرسول حتى ينقذه الله مما حل به، فقال لرئيس وزرائه تعال معي أيها الصديق الوفي لنصير ونزور قبر الرسول ونتحرك به حتى يبطل هذا السحر. ونرجع كما كنا. ونعود إلى صورتنا الأولى. ونشرا أجنحتهم. وتركا سطح القصر في بغداد. وطار في الجو. وفي أثناء الطيران شعر رئيس الوزراء بالتعب. فتنة لهذا. وقال سيدي السلطان لقد تعبت وأنا أستطيع أن أستمر في الطيران وقد قاربت الشمس أن تغرب. فيحسن بنا أن نبحث عن مكان نقضي فيه ليلتنا. فيستحسن السلطان هذا الرأي وأخذ كل منهما ينظر إلى الوادي الذي تحتهما للبحث عن مكان ينامان فيه، فوجدا بالقرب منهما قصرا غريبا فعزم على قضاء الليلة فيه واتجها نحوه وطار حتى وصلا إليه فرأى إياه قصرا مهدم فيه أعمدة أثرية جميلة وحجرات كثيرة تدل على أنه كان قصرا بديعا فيما مضى من الأيام، فأخذ السلطان ورفيقه يبحثان عن مكان يستريحون فيه ويمكث الثاني فيه ليلتهم، وفجأة وقف المنصور وظهرت عليه علامات الخوف، فسأله السلطان ما بالك يا منصور؟ فأجاب المنصور إني أشعر بشيء غريب في هذا المكان، وأسمع صوت إنسان يتألم وهو يتألم. وقف السلطان وسكت سكوتا تاما فسمع إنسانا يبكي بصوت ضعيف، وأراد أن يجري نحو مصدر الصوت والبكاء ليبحث عمن يبكي فأمسك فكه المنصور بمنقاره ورجلاه ألا يعرض نفسه لخطر أشد من الخطر الذي لحق بهما. ولكن السلطان كان جريئا شجاعا رقيق الشعور يتألم لألم غيره ويحزن لحزنه ويشاركه في همومه. فاندفع مسرعا نحو ممر مظلم في هذا القصر الغريب. استمر السلطان في سيره والمنصور وراءه حتى رأى السلطان بابا فنظر منه وأصغر فسمع صوت فتاة تتأوه وتبكي بكاء محزنا فدفع الباب بمنقاره ففتحت له فرأى حجرة غريبة يدخلها قليل من الضوء من نافذة صغيرة بها قضبان حديدية. ووجد بالحجرة شيئا غريبا يدعو إلى العجب والاستغراب. وجد بومة تبكي بكاء الفتاة والدموع تتساقط من عينيها الواسعة وتين. وحينما رأت البومة البجعة حزين انقطع بكائها ومسحت دموعها وتبدل حزنها وبقاءها إلى فرح وسرور، وعرفت أنهما السلطان المسحور ورئيس مجلس الوزراء المسحور. وقد عجب كل العجب حينما أخذت البومة تكلمهم بلغة عربية صحيحة قائلة أهلا وسهلا ومرحبا بكما. إنكم علامة من علامات نجاتي، فقد قيل لي من قبل ستكون نجاة وإنقاذ حياتي على يدي بجعة من البجعة. ولما أفاق السلطان من عجبه واستغرابه تقدم نحو البومة وأمال رقبته إليها وقال لها أيتها البومة إني أفهم من كلامك أنه سوء الحظ قد أصابك كما أصابنا. وكنا نحب أن نفك أسرارك وننفذ حياتك. ولكن وا أسفاه فليس في استطاعتنا اليوم أن نفعل شيئا لخلاصنا. ولو عرفت قصتنا وما حدث لنا لما فهمت أن من الخطأ أن تأمل النجاة والحرية على أيدينا. ورأت البومة السلطان أن يقص عليها قصته ويذكر لها ما حدث له، فأخبرها السلطان بما جرى له ولرئيس وزرائه، وقص عليها الحيلة التي احتال بها عدوه مرزا لينتقم منه ويتولى الحكم من بعده، فتعلمت البومة لما حدث لهما، ثم قالت أرجو أن تسمع يا سيدي قصتي، فقد أصابني سوء الحظ كما أصابكم، فإنني ابنة ملك بلاد الفرس، وليس لأبي ابنة أخرى غيري، وإن الساحر قد نور الذي احتال عليكما، وسحر لكما هو أيضا الذي سحرني وكان سببا في سوء حظي، فقد حضر ذات يوم وأراد أن يخطبني من أبي لأكون زوجة لابنه مرزا، فرفض أبي وتسرع في طرده، وأمر برميه تحت السلم، وانتقم مني شر انتقام لأنه بعد عدة أسابيع تستر في صورة عابد، ودس بين عبيد القصر، ووضع لي دواء سحريا في الشراب، فلما شربته تغيرت صورتي في الحال إلى هذه الصورة البشعة التي تراها أمامك الأن، فخفت خوفا شديدا ووقعت مغمى علي من شدة ما أصابني. وفي أثناء إغماء نقلني الساحر الملعون من القصر إلى هذا المكان الغريب وهددني بصوته المزعج وقال لي ستبقين هنا منعزلة وحدك ويحتقر كل من راكي حتى الوحوش وستستمر هنا طول حياتك حتى يحضر إليك من يقبل لك زوجة له، وسيكون خلاصك على يدي بجعة وهذا جزاء أبيك الذي أمر بطردي وإلقاء تحت السلم. وبهذه الوسيلة الوحشية انتقم من أبي ولا ذنب لي. وقد مضت عدة أشهر وأنا أعيش وحدي في هذا المكان الموحش بين جدرانه المظلمة والبشاعة، منظر يتجنب كل من في العالم وينفر مني كل من رأوني من الإنس والحيوان، وقد حرم علي التمتع بجمال الطبيعة ومناظرها الجميلة لأني أصبحت عاجزة عن الرؤية نهارا ولا يمكنني أن أرى الشيء إلا ليلا. وأخذت البومة تنتحب وتبكي بكاء مرا وتمسح عينيها بجناحيها فتأثر السلطان تأثرا شديدا حينما سمع قصتها المحزنة وحزينة وحزنها وتألم لكلامها وقال لها. إن هناك شبها كبيرا بين قصتنا وقصة فاتك فقد طقم منا هذا الرجل الشرير كما انتقم منك. ولا شك أن الله سينتقم من ذلك الظالم ويأخذ لنا بحقنا منه ويعاقب هو عقابا شديدا. ويجب علينا الأن أن نفكر في الوسيلة التي بها نفك هذا السحر حتى نرجع إلى صورتنا الأولى ونحيا كما يحيا الإنسان ونعيش كما كنا نعيش. فقالت البومة سيدي العزيز إني أشاركك في هذا الشعور ويجب أن نعمل على إنقاذ أنفسنا من هذه المصيبة التي نزلت بنا، ويمكنني أن أذكر لك الوسيلة التي تون جينا تنقذنا من هذا السحر. أعجب السلطان حينما سمع هذا الكلام من البومة وسألها ماذا تقصدين بهذا القول؟ وما الوسيلة التي تنقذنا مما نحن فيه؟ فأجابت البومة إن الساحر يأتي إلى هذا الحصن الخرب مرة كل شهر ومعه أصدقاؤه ورفقائه ليقضوا وقتا كله فرح وسرور في القاعة الكبيرة القريبة من هذه الحجرة، وكثيرا ما رأيتهم وهم مجتمعون يتحدثون ويأكلون ويلعبون، وكثيرا ما يقص الواحد منهم على زملائه الأعمال الشريرة التي قام بها ويذكر الألفاظ التي استعملها، فلو استمعت إلى حديثهم فقد تذكر الكلمة السحرية التي نسيتها فتحفظ بها وتقول لها حتى يفك هذا السحر المؤلم ويبطل هذا العمل القاسي. فصاح السلطان أيتها الأميرة العزيزة متى يأتي هذا الساحر الشرير؟ وما موعد حضوره؟ وأين القاعة الكبيرة التي يجتمع هو وأصدقاؤه فيها؟ ففكرت البومة قليلا قبل أن تجيب وقالت أيها السلطان إني متألمة لك ولست صديقك، وأشارك قوما في الألام والأحزان، وأرجو أن لا تظن بسوء إذا قلت إني سأخبرك بما تريد، وسوف أدلك على كل شيء بشرط واحد اشترطه، فإذا قابلته أخبرتك بما تريد. فصاح السلطان تكلمي سريعا تكلمي وأمر بما تريدين فإنني سأعمل مسرورا على تحقيق ما ترغبين ولو كان فيه هلاك وموت. فقالت البومة أشكر لك يا سيدي هذا الشعور النبيل، ولا أخفي عليك أني أريد أن أنقذ نفسي من هذه الذلة وهذه الحياة المؤلمة، ولا وسيلة لخلاص ونجاة إلا إذا رضي أحدكما أن أكون زوجة له، فقد قيل لي إن نجاة ستكون على يدي بجعة من البجع، فإذا وافق أحدكم على أن يتزوجني صرت في الحال أميرة كما كنت. ورجعت إلى صورة الأولى، وإذا لم ترضي بذلك حكم علي بأن أستمر بومة طول حياتي والأمر لكما فافعل ما تريدان. فنظر السلطان إلى المنصور ونظر المنصور إلى السلطان وأخذ كل منهما يفكر في الأمر ووقع في حيرة ولم يعرف كيف يجيبه. واستأذن من البومة في الخروج قليلا للتفكير في الأمر وحده ما فأذن لهما وذهبا بعيدا وأخذا يفكران في الجواب. واقترح السلطان على المنصور أن يتزوجها حتى يتخلص جميعا من هذه الورطة. فقال المنصور إني متزوج يا مولاي، وأنا رجل كبير السن، فأرجو المعذرة. وأنت يا مولاي لا تزال شابا ولم تتزوج حتى الأن، فأنت خير من يصلح ليتزوج هذه الأميرة الشابة الجميلة وفي يدك الحل السليم، وهذا رأيي قد ذكرته بكل إخلاص. وتنهد السلطان وهز جناحيه ثم سأل كيف تعرف أنها شابة جميلة وليس أمامنا الأن إلا بومة قبيحة المنظر. وأخذ كل منه يناقش الأخر مدة طويلة. وفي النهاية رضي السلطان أن يتزوج البومة ويقوم بتنفيذ الشرط. وذهب السلطان والمنصور إلى البومة. وأعلن السلطان أنه يرضى بكل سرور إلا أن يتخذ البومة زوجة له. ففرحت البومة فرحا كثيرا حينما سمعت ذلك. وفجأة رأى السلطان المنصور فتاة شابة جميلة الصورة حسنة القوام، وقد قفة أمامهما. تلبس أثمن الملابس وأجملها. وشكرت للسلطان وهو ما زال بجعة إنقاذه لها. ومدت يدها إليه وسألت ألا ترى مماتك؟ إنها الأميرة الكاملة وحمد السلطان الله حمدا كثيرا فقد أهدى إليه أميرة جميلة كاملة. ولم يهدي إليه بومة بشعة قبيحة المنظر. وحمدت الأميرة الله على نجاتها وشكر شكرت له نعمه الكثيرة ثم قالت لحسن الحظ أنكما حضرت ما في الوقت المناسب وسيحضر السحرة في هذه الليلة ويجتمعون في القاعة الكبيرة. وكانت الشمس قد غربت والمساء قد أقبل. فأخذت الفتاة البجعة عين وسارت بهما في ممر طويل مظلم حتى وصلوا جميعا إلى مكان فيه شعاع من الضوء قد نفذ من فتحة في حائط القاعة الكبيرة. ونصحت الأميرة لهما بالهدوء والسكون وعدم التكلم. ومن هذه الفتحة التي بالحائط استطاع الثلاثة أن يروا القاعة الكبيرة وما فيها من الأعمدة الأثرية الجميلة ذات النقوش البديعة والمصابيح الكثيرة ذات الألوان الزاهية المختلفة التي أضاءت القاعة ضوءا كضوء النهار، ورأوا في وسط القاعة مائدة مستديرة كبيرة مغطاة ب مفرش جميل من استيل الأبيض. وعلى المائدة أنواع مختلفة مما لذ وطاب من الطعام والشراب، وحولها جلس ثمانية من الرجال الشرقيين يتناولون طعام العشاء. نظر السلطان والمنصور إلى هؤلاء الرجال فعرف من بينهم التاجر المحتال الذي باع للسلطان المسحوق السحري الأسود في العلبة، وكان بجانب التاجر رجل نجاه أن يذكر له ما حدث منه في الأشهر الأخيرة، فأخذ التاجر يقص عليه بعض القصص الحديثة ومنها قصة السلطان والمنصور، وعندئذ سأله أحد الحاضرين وما الكلمة التي ذكرتها له لعمل السحر وفكه؟ فأجاب التاجر إنها كلمة موتى بور. فلما سمع السلطان والوزير هذه الكلمة فرحا فرحا كثيرا جدا وسرا سرورا عظيما، وأخذا يرددونها مرارا في أنفسهما بحيث لا يسمعها أحد. وقد حفظت الأميرة الكلمة وجروا جميعا مسرعين حتى خرجوا من باب القصر القديم والتفت السلطان المسحور والوزير المسحور جهة الشرق وكان حانيا ثلاث مرات، وقال بصوت كله فرح وسرور موتا بور، موتا بور، موتا بور. ففي الحال رجع كل منهما إلى صورته الأولى صورة السلطان ورئيس الوزراء قبل أن يتحولوا إلى مجموعتين. فرح السلطان ورئيس وزرائه فرحا كثيرا، وبكينا من كثرة الفرح، وأخذا يضحكان يبكيان وهما يتعانقان ويهنئ كل منهما الأخر، وهنأت لهما الأميرة تهنئة صادقة بنجاة وهما مما حل بهما، فقال لها السلطان الحمد لله والشكر لك أيتها الأميرة، فقد أنقذتني وأنقذت صديقي المنصور من الورطة التي كنا فيها، وأرجو أن تقبلين زوجا لك وسجد لله جميعا شاكرين فضله الكبير ونعمه الكثيرة. ووضع السلطان يده في يد الأميرة وأعجب كل الإعجاب برفقتها وجمالها وأخلاقها وكمالها، وقال لها أشكر الظروف التي أدت إلى معرفتي بك والاهتداء إليك وفي الحال سافر الثلاثة إلى بغداد. سار السلطان والمنصور والأميرة حتى وصلوا إلى أقرب مدينة، فقابل حاكمها وعرفوه بأنفسهم وطلبوا منه أن يعيش معهم ثلاثة أحصنة يركبون بها إلى بغداد، فأكرمه هم كل الإكرام، وقدم لهم أحسن الطعام والشراب، ثم أمر بإحضار الخيل لهم، فركب وأرسل معهم بعض الحرس لحراسته وهم في الطريق حتى وصلوا جميعا إلى بغداد. وأحدث وصول السلطان إلى بغداد ضجة كبيرة، فقد ظن الشعب بعد طول غيابه أنه قد مات. وعرف أهل بغداد اعتداء مرزا على وطنهم، فساروا جميعا إلى القصر بقوتهم وأسلحتهم وقلوبهم تغلي في صدورهم، وتقدموا ثائرين في غضب وقبضوا على ذلك الساحر الكبير قشور وابنه مرزا وأخذ يأخذهم إلى السجن مقيدين بالسلاسل والقيود الحديدية. وأمر سلطان البلاد بإرسال الساحر الكبير السن إلى القصر المهدم، وسجن في الحجرة التي وضع فيها الأميرة المسكينة بعد أن سحرها وجعلها بومة وألا يخرج من هذا السجن طول حياته. وهذا القصر هو الذي ذهب إليه السلطان مع وزيره ورأيا فيه الأميرة المسحورة، وقضي فيه الليلة وهما بجعة. وهناك رأيا الساحر وأصدقاءه وسمعوا كلمة السر التي كانت قد غابت عن أذهانهم، ولولا هذا لبقي يا مجموعتين إلى أخر حياتهما ولما كان ابنه ميرزا لم يعرف شيئا عما فعله أبوه قشور خيره السلطان بين أمرين أن يرسل إلى السجن مع أبيه، أو يشم جزءا من شوقه السحري الذي وضعه في العلبة فاختار مرزا أن يشم شوق أبيه، فأعطاه المنصور علبة الشوق فأخذ قليلا منه وشتمه ولفظ الكلمة السحرية موتا بور، فتحول في الحال إلى بجعة فأمر السلطان بوضع البجعة في قفص حديدي، وترك القفص في الحديقة مع الطيور الأخرى. وبعد أن انتهى السلطان من محاكمة الساحر الكبير وابنه على فعلهما أرسل رسلا إلى أبي الأميرة يخبره بما حدث لها، ويبشر بنجاحها وإنقاذ حياتها. وقد أعلن السلطان في جميع أنحاء البلاد أنه سيتزوج الأميرة وأقيمت الأفراح والليالي الملاح وعم الفرح والسرور جميع طبقات الشعب وشاطر الشعب السلطان أفراحه ومصراته وأصبحت الأميرة سلطانة البلاد. وعاش الزوجان عيشة سعيدة هانئة طول حياتهما وقد رزقهم الله خير الأبناء والبنات. وكان أولادهما يجدون لذة وسرورا وعجبا واستغراب حينما يسمعون قصة أبيهما السلطان المسحور وأمهم الأميرة المسحورة. وكانت هذه الذكريات تضحك حينا وتبكي أحيانا.


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

يتميز استخدام ا...

يتميز استخدام الأراضي في البلدية، كما هو موضح في قاعدة بيانات استخدام الأراضي البيوفيزيائية الأوروبي...

الكنيسة والنظام...

الكنيسة والنظام الديني 1 - المسيحية في عصورها الأولى: كانت الديانة المسيحية من أهم مميزات العصور ا...

باختصار، إن هند...

باختصار، إن هندسة البرمجيات هي فرع من فروع علوم الحاسب، والتي تستخدم مفاهيم هندسية محددة من أجل إنتا...

The objective o...

The objective of the present work was to determine the optimal protocol for timed AI on high-yield H...

‎الملخص التنفيذ...

‎الملخص التنفيذي ‎بــدأ سلاح الجــو الإســرائيلي فــي ســاعات مبكــرة مــن صبــاح يــوم الجمعــة الم...

This course is ...

This course is based on the guide for business data analytics, created by the International Institut...

منذ انطلاقها، ح...

منذ انطلاقها، حرصت قناة ناشيونال جيوغرافيك أبوظبي على توظيف أحدث التقنيات في إنتاج وبث برامجها الوثا...

التعايش هو العي...

التعايش هو العيش المشترك بسلام وتفاهم بين مجموعات متنوعة، سواء كانت هذه المجموعات منتمية إلى أعراق أ...

يعتبــر مصطلــح...

يعتبــر مصطلــح الإســاءة ضــد الطفــل مــن المصطلحــات التــي تتداخــل فيهــا العديــد مــن العوامـ...

في زحام الحياة ...

في زحام الحياة وتعدد الأفكار والمعتقدات واختلاف الأذواق، لا بد للإنسان من فضيلة تحميه من الانزلاق في...

هي مفهوم يشير إ...

هي مفهوم يشير إلى تطبيق القوانين بالقوة في المجتمعات المنظمة. وتعتمد هذه الأنظمة على الإجراءات الموح...

Aura X: The Fut...

Aura X: The Future of Bone and Tissue Repair, Right on Your Living Room Table Aura X isnt simply a ...