Lakhasly

يعتبر الإرشاد الطلابي )في التعليم العام( والأكاديمي )في التعليم العالي( ركيزة أساسية من ركائز نجاح العملية التعليمية المعاصرة، وتتفاوت درجة الاهتمام بهذه الركيزة من دولة إلى أخرى، فالدول المتقدمة من الناحية العلمية تولي اهتماما ً كبيرة لهذه الركيزة وتخصصات لها إدارات خاصة وميزانيات سنوية لما ترى لها من أهمية وأثر في الحياة العلمية والاجتماعية للطلاب، بينما في الدول التي تعتبر متأخرة من الناحية العلمية تغيب هذه الركيزة أو يضعف الاهتمام بها. وفي دول مجلس التعاون الخليجي ظهر الاهتمام بهذه الركيزة في نطاق التعليم الجامعي بشكل أكبر وضوحاً منه في التعليم العام، وفي المملكة العربية السعودية كانت الاهتمام بالإرشاد الطلابي واضحاً من خلال أنشأ الإدارة العامة لتوجيه الطلاب وإرشادهم في وزارة التربية والتعليم منذ العام 1410هـ والتي تولت وضع برامج متعددة لتقديم الخدمات الإرشادية لكافة طلاب مراحل التعليم العام الثلاث،
وتخصيص وظائف للمرشدين الطلابيين في مدارس التعليم العام )عبدالمقصود، 1410هـ(. ومن الناحية التأصيلية فإن تعريف الإرشاد الوارد في خطة وزارة التربية والتعليم يعتبر جيداً حيث ينص على: عملية منظمة تهدف إلى مساعدة الطالب لكل يفهم شخصيته ويعرف قدراته، ويحل مشكلاته في إطار التعاليم الإسلامية، ليصل إلى تحقيق التوافق النفسي والتربوي والمهني والاجتماعي وبالتالي يصل إلى تحقيق أهدافه في إطار الأهداف العامة للتعليم في المملكة العربية السعودية )خطة العمل لبرنامج توجيه الطلاب وإرشادهم للعام 1410هـ(. ولكن عندما ننظر للمجالات الخمسة للخطة نجدها كما يلي:ـ
451
المدخل إلى التأصيل الإسلامي لعلم النفس
1ـ الديني والأخلاقي 2ـ التربوي 3ـ التعليمي والمهني 4ـ الوقائي 5ـ الجماعي وهذا التقسيم يغيب عنه الوعي التأصيلي، حيث سبق وأن بينا أن الإسلام دين شامل لكل ما يتعلق بأنشطة الإنسان، ولا يصلح حصره على جانب وإغفال أثره في الجوانب الأخرى، فهذه المجالات )من 2ـ5( يجب أن تقدم في إطار وجهة إسلامية واعية، بحيث توظف الفنيات الموجودة في التراث النفسي على أن يكون المحتوى مصبوغ بصبغة إسلامية. كما أن هذه المجالات المذكورة فيها تداخل كما هو الحال في المجال التربوي والتعليمي، ويغيب عنها مجالات هامة منها الإنمائي والعلاجي والأسري والبيئي. والواقع اليوم يحكي غياب أو الضعف الشديد لواقع الإرشاد الأكاديمي في الجامعات السعودية، حيث لا يوجد ميزانيات مخصصة للإنفاق على برامج الإرشاد، ولا يجد الطلاب جدية من إدارات الجامعات والكليات والأقسام لقيام أعضاء هيئة التدريس بمهام المرشد الأكاديمي بشكل صحيح، حيث يغيب كلياً في بعض الجامعات ويوجد بشكل شكلي غير عملي في جامعات أخرى. ولتفعيل دور المرشد الأكاديمي بشكل سليم يلزم الوعي من قبل أعضاء هيئة التدريس برسالتهم العظيمة باعتبارهم ورثة الأنبياء، وعليهم التخلق بأخلاق الإسلام وآدابه وحمل هم الدعوة إلى الإسلام عن طريق تخصصاتهم بدراستها وتدريسها بمنظور إسلامي يعكس تميز الأستاذ المسلم عن غيره، وينعكس ذلك على طلابه بحيث ينقل إليهم هم رسالة الإسلام في الحياة الدنيا، عن طريق تخصصاتهم العلمية. كما يلزم الجامعات وضع خطط سنوية ترصد لها ميزانيات مالية مناسبة ويقوم على تنفيذها أهل الاختصاص، حتى يقدموا للعملية التعليمية واحدة من أهم ركائز نجاحها في المجتمعات المعاصرة. وتوجد في الساحة العديد من دراسات التأصيل الإسلامي للعملية الإرشادية منها ما قدم في لقاءات علمية )اللقاءات السنوية للجمعية السعودية للعلوم التربوية والنفسية، وندوات الأقسام العلمية في كليات التربية( أو على شكل دراسات علمية منشورة في الدوريات
المدخل إلى التأصيل الإسلامي لعلم النفس
452
العلمية، أو رسائل ماجستير ودكتوراه في كليات التربية والعلوم الاجتماعية في الجامعات. هذه الثروة العلمي يحسن الرجوع إليها من قبل إدارات الإرشاد الطلابي والأكاديمي في وزارة التربية والتعليم والجامعات لوضع برامج إرشادية مبنية على رؤية تأصيلية تحقق الأهداف المرجوة بصورة مناسبة في مجتمع مسلم. كما لا ننسى دور الجمعية السعودية للعلوم التربوية والنفسية للقيام بما يجب عليها من حيث تخصص عدد من لقاءاتها السنوية وندواتها الشهرية لتقديم بحوث تأصيلية تخدم كافة مجالات الإرشاد الطلابي والأكاديمي. وكذلك تقع على الأقسام العلمية مسئولية تبنى الرؤية التأصيلية في تدريس المقررات الدراسية، ومساعدة طلاب الدراسات العليا وتوجيهم لتقديم موضوعاتهم برؤية تأصيلية، مما يساعد على نشر الفكر الأصيل وتكوين أجيال من علماء المستقبل
يحملون هم تقديم تخصصاتهم برؤية مؤصلة.