Lakhasly

الفكر الجغرافي هو تاريخ من المساهمات والأفكار التي قدمها علماء الجغرافيا عبر العصور. بدأت رغبة الإنسان في فهم بيئته وتوفير احتياجاته، وهو يعكس استجابة الإنسان العفوية للظروف المحيطة به. تميز التفكير الجغرافي بفضول الإنسان حول العلاقات المكانية والاستطلاع في البيئة المحيطة به. الجغرافيا والفكر الجغرافي يتداخلان ويمثلان جوهرًا واحدًا، حيث يمثل علم الجغرافيا التجسيد العملي للفكر الجغرافي على الأرض.

تمثل ميدانًا شاملاً يتداخل بين العلوم البشريةالجغرافيا والطبيعية، وتشهد تطورًا متواصلًا. يتضح أن التحولات في البيئة العلمية تجعل الجغرافيا تواجه تحديات تتطلب منها التكيف وتغيير أسلوبها. يوجد جدل بين العلماء حول مدى تصنيف الجغرافيا كعلم مستقل أو مجرد فرع للعلوم الأخرى. تتفاعل الجغرافيا بشكل وثيق مع العلوم البحتة والتطبيقية، وتقدم منتجات معرفية متنوعة تشمل الخرائط وحلولًا للمشكلات البيئية.

تظهر فعالية الجغرافيا في التعامل مع تنوع مصادر البيانات ونظم التحليل والتقنيات المستخدمة. تُبرز الجغرافيا كتخصص معقد تفاصيله تشمل المناهج التقليدية والمناهج العلمية المتقدمة. يعكس الشكل النهائي للجغرافيا مدى تعقيدها وتعددها، حيث تقدم معرفة نفعية وتحليلية تمتد من الخرائط إلى التخطيط الإقليمي، مع الاستفادة من تكنولوجيا المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد.
الجغرافيا تمثل مجالًا فريدًا يجمع بين العلوم البشرية والطبيعية، حيث تشهد تطورًا مستمرًا وتفاعلًا مع عدة تخصصات. يظهر تحول في أسلوب الجغرافيا بفعل التنافس مع علوم أخرى، وتجد نفسها تتحدى وتتكيف مع هذا التغيير. يُثير التداخل بين الجغرافيا والعلوم الأخرى جدلاً بين العلماء، حيث يُعارض بعضهم فكرة تصنيف الجغرافيا كعلم بحد ذاته. من جهة أخرى، يروج البعض لأهمية الجغرافيا كملتقى لمختلف المعارف والعلوم.

الجغرافيا تتفاعل مع العلوم البحتة والتطبيقية، وتقدم منتجات معرفية تشمل الخرائط، وفنون التخطيط الإقليمي، وحلول لمشكلات بيئية. يظهر تعدد مصادر البيانات والتحليل والتقنيات في مجال الجغرافيا. تتميز الجغرافيا بتعدد المنتجات النفعية التي تقدمها للمجتمع، حيث تمثل ملتقى للعديد من العلوم وتكنولوجيات التحليل، مع الاحتفاظ بالجوانب البحثية والتطبيقية.

ثنائة علم الجغرافيا

في بدايات المعرفة الإنسانية، نشأت الجغرافيا كعلم يرتبط بوصف وفهم مكان الأشياء. بمرور الوقت، تطورت المعرفة الجغرافية لتشمل مجموعة واسعة من التفاصيل والملاحظات ذات الصبغة الجغرافية، وذلك للحفاظ على الحياة وتوجيه الإنسان في تنقلاته. يتميز علم الجغرافيا بتعدد تعريفاته على مر العصور، وقد اعتمد في بدايته على الوصف، وتعود أصول الكلمة إلى الإغريق، حيث يعني "جيو" الأرض و"جرافيا" الوصف.

يُعزى إلى هيكانيوس أنه أول من استخدم مصطلح "جغرافيا" في القرن السادس قبل الميلاد. يبرز الاهتمام الجغرافي في التاريخ القديم من خلال عملاء مثل سترابو وبطليموس. مع تقدم الزمن، خاض علم الجغرافيا تحولات كبيرة في فهمه وأساليب بحثه.

في منتصف القرن التاسع عشر، شهدت الجغرافيا تطورًا حاسمًا مع تحولها من المرحلة الوصفية إلى مرحلة كمية. قدم همبولت ورتر أفكارًا مبتكرة، وكان لهما الدور الرئيسي في بناء الأسس الصحيحة للجغرافيا الحديثة. تميزت الجغرافيا الحديثة بتوجيه اهتمامها إلى الجوانب البشرية والفهم الشامل للظواهر المكانية.

على الرغم من اعتبار الجغرافيا علمًا مزدوجًا يعتمد على العلوم الطبيعية والاجتماعية، إلا أنها تحاول التغلب على هذا الازدواج من خلال التوجه إلى المنهج الإقليمي. يعتبر علم الجغرافيا ميدانًا شاملاً يعتمد على نتائج علوم متعددة، ويسعى لفهم العلاقة بين الظواهر المتشابهة والتطور الزمني والترتيب في المكان.

بهذا، تتجلى أهمية الجغرافيا في تفسير الظواهر الطبيعية والبشرية، ويتجسد دورها في مجال البحث والتطبيق باستخدام تكنولوجيا المعلومات الجغرافية لتحليل الأمور المكانية.

في ظل ظهور أفكار الجغرافيا الحديثة، خاصةً عندما تباينت الجغرافيا الطبيعية عن السابق بفضل استبعاد الجغرافيا الرياضية والفلكية، أصبحت الجغرافيا أساسًا لفهم الجوانب البشرية. تعرض علم الجغرافيا لتحديات عندما تعرضت أفكار "همبولت" و"رتر" لفكرة الازدواجية، التي فصلت بين الجوانب الطبيعية والبشرية. بالرغم من وجود ازدواجية في الطبيعة الثنائية للجغرافيا، إلا أنها تحاول التغلب على ذلك بالانتقال إلى المنهج الإقليمي.

الجغرافيون اتجهوا نحو المنهج الإقليمي للتغلب على الثنائية، حيث أسسوا منهجين للدراسة الجغرافية: المنهج الأصولي (systematic) أو العام، والمنهج الإقليمي (regional) أو الخاص. تعتبر الجغرافيا علمًا مزدوجًا، حيث يعتمد على نتائج علوم متعددة، فهو طبيعي وبشري. يتنوع الاهتمام في الجغرافيا بتفسير الظواهر الطبيعية والبشرية، ويستخدم تكنولوجيا المعلومات الجغرافية لتحليل الأمور المكانية. ينشأ اهتمام الإنسان بحركته وملاحظته للاختلافات المكانية، وهكذا نشأت علم الجغرافيا في عصوره القديمة.
تعريف الجغرافيا
علم الجغرافيا يتسم بتعدد التعريفات نظرًا لطبيعته الشاملة وتطوره المستمر. يشمل ذلك:

1. 
   

   الجغرافيا علم وصف الأرض:

   
   
   
   
   • يركز على جمع المادة الوصفية حول الظواهر الجغرافية.
   
   
   • انتقادات: يغفل التحليل والتعليل ويقتصر على التسجيل.
   
   
   
   


2. 
   

   الجغرافيا علم كوكب الأرض:

   
   
   
   
   • يركز على دراسة الأرض كجزء من المجموعة الشمسية وقشرتها.
   
   
   • انتقادات: يجعل الجغرافيا خالية من دراسة الجوانب البشرية وتأثيرها على البيئة.
   
   
   
   


3. 
   

   الجغرافيا علم العلاقات (العلاقات بين الظواهر):

   
   
   
   
   • يركز على فهم العلاقات المركبة بين الطبيعة والإنسان.
   
   
   • انتقادات: يمكن أن يؤدي التركيز الزائد على العلاقات إلى فقدان تكامل الجغرافيا.
   
   
   
   

يجمع الجدل حول التعريفات على أهمية توازن ما بين جوانب العلم الطبيعية والبشرية في دراسته.
تلخيص:

علم الجغرافيا يشهد تعدد تعريفاته، حيث يقسم إلى ثلاث مفاهيم رئيسية:

1. 
   

   علم التوزيعات:

   
   
   
   
   • يعنى بتوزيع الظواهر على سطح الأرض.
   
   
   • نقد: يفتقر إلى تعريف واضح للظواهر المدروسة ويجمع ظواهر متنافرة.
   
   
   
   


2. 
   

   علم الاختلاف المكاني:

   
   
   
   
   • يبرز الاختلافات الإقليمية في الظواهر الجغرافية.
   
   
   • يشكل توازنًا بين الجوانب الطبيعية والبشرية.
   
   
   
   


3. 
   

   علم التواصل والتأثير:

   
   
   
   
   • يركز على العلاقات بين البيئة والإنسان ويسعى للتعليل.
   
   
   • يحاول فهم كيفية تأثير البيئة وتأثير الإنسان على بعضهما.
   
   
   
   

منهج الجغرافيا يتألف من توزيع وربط وتعليل الظواهر الجغرافية، مما يجعله علمًا معقدًا يجمع بين جوانب متنوعة، حيث يسعى لإبراز الفروق المكانية وتحقيق التوازن بين الوحدة العلمية والتنوع الإقليمي.

مدارس الفكر الجغرافي
مدارس الفكر الجغرافي:

الجغرافية الحديثة اكتسبت صفة العلم بجهود المدرسة الجغرافية الألمانية في القرن التاسع عشر، حيث أبرز روادها همبولت وريتر. همبولت اهتم بالدراسات الطبيعية، وتأثرت دراسته برحلته العلمية إلى أمريكا اللاتينية، ونشر كتابه "العالم Cosmos ». أما ريتر، فاتجه نحو المنهج الإقليمي والبيئي، حيث قام بدراسة العلاقات بين الظواهر داخل الإقليم وألف كتابًا بعنوان "الأرض". اتجاهات همبولت وريتر تكملت بعضها بعضًا، حيث نظر همبولت إلى العالم بنظرة كلية وأسهم في المنهج الأصولي، بينما اهتم ريتر بدراسة الأقاليم، وتكونت أفكارهما أساسًا لتطور الجغرافيا الحديثة.
الحتم الجغرافي (Determinism) :

مدرسة الحتم الجغرافي نشأت بعد همبولت وريتر، وبرانزل راتزل كان أحد أبرز ممثليها في نهاية القرن التاسع عشر. ركزت هذه المدرسة على أسس منهج أصولي لدراسة الجغرافيا البشرية، مؤكدة دور الطبيعة وتأثيرها على الإنسان ونشاطه. بدأت في ألمانيا وانتقلت لتؤثر في فرنسا وأمريكا. من مؤيديها كانت ديمولان في فرنسا وسمبل في أمريكا، حيث أبرزت سمبل أهمية تأثير الأرض على الإنسان، مع توجيه الاهتمام لعوامل مثل المناخ.

مدرسة الإمكانية (Possibilism) :

نشأت برؤية الجغرافي الفرنسي لابلاش La Blache، حيث ترى أن الإنسان يلعب دورًا حاسمًا في تأثير وتعديل سطح الأرض. تؤكد هذه المدرسة على دور الإنسان وإمكانيته في اتخاذ قرارات مستقلة بشكل يعكس استجابته للظروف البيئية. بدلاً من الركوع تمامًا للظروف الطبيعية، يعتبر الإنسان هنا عاملًا نشطًا يختار كيف يستفيد من الظروف المحيطة به، سواء في الزراعة أو استغلال الموارد الطبيعية.

مدرسة الإقليمية، كما وردت في أفكار هيتنر الألماني، تبرز فكرة أن الجغرافيا ليست مجرد توزيع للظواهر الجغرافية على سطح الأرض، بل هي علم يركز على التباين الإقليمي والعلاقة بين الإنسان والطبيعة ضمن سياق إقليمي. يتناول هذا التوجه دراسة الأقاليم من خلال التوصيف والتفسير والتحليل، مما يميزه عن الجغرافيا العامة التي تعنى بتوزيع الظواهر الجغرافية بشكل عام على مستوى الأرض.