Online English Summarizer tool, free and accurate!
٢٠٦ - انْصِبْ بِفِعْلِ القَلْبِ جُزْأَي ابْتِدا أَعْني رَأَى حَالَ عَلِمْتُ وَجَدا (۱) ۲۰۷ - ظَنَّ حَسِبْتُ وَزَعَمْتُ مَعَ عَدْ حَجا دَرَى وَجَعَلَ اللَّهِ كَاعْتَقَدْ (۲) = يعلم إذا حذف، ولو أنه حذفه فقال : ولا كريم من الولدان لفهم منه أن المراد: ولا كريم من الولدان موجود ؛ لأن الذي يحذف عند عدم قيام قرينة هو الكون العام، هذا تخريج البيت على ما يريد الشارح والناظم تبعًا لسيبويه شيخ النحاة. وقد أجاز الأعلم الشنتمري وأبو علي الفارسي وجار الله الزمخشري أن يكون الخبر محذوفا، لأنهما في التقدير مبتدأ عند سيبويه، قال الأعلم : ويجوز أن يكون نعتا لاسمها محمولاً على الموضع، وتقديره موجود، ونحوه اهـ . يحتمل أمرين : أحدهما أن يترك فيه طائيته إلى اللغة الحجازية، ولكن صفة محمولة على محل لا مع المنفي اهـ . ويريد بترك طائيته أنه ذكر خبر «لا» ؛ لأنك قد علمت أن لغة الطائيين حذف خبر لا مطلقا، أعني سواء أكان ظرفًا أو جارا ومجرورًا أم كان غيرهما ، متى فهم ودلت عليه قرينة، أو عند تعلق الغرض بذكره لداعية من الدواعي، لكن الذي يقرره العلماء أن العربي لا يستطيع أن يتكلم بغير لغته التي درب عليها لسانه، وهو الرفع - حتى يكون كلامه جاريا على لغة قومه، والله يرشدك ويبصرك . ۱ وفاعله ضمير مستتر فيه وجوباً تقديره أنت بفعل جار ومجرور متعلق بانصب، والقلب مضاف إليه جزأي» مفعول به لانصب، وابتدا» مضاف إليه «أعني» فعل مضارع، علمت، وجدا كلهن معطوفات على رأى بعاطف مقدر. «ظن، حسبت وزعمت كلهن معطوفات على رأى المذكور في البيت السابق بعاطف مقدر فيما عدا الأخير مع ظرف متعلق بأعني، ومع مضاف، «وعد» قصد لفظه : مضاف إليه «حجا، درى، هذا هو القِسْمُ الثالث من الأفعال الناسخة للابتداء ، وهو ظَنَّ وأخواتها (2). وَدَرَى ، والثاني منهما : ما يدلُّ على الرجحان، وذكر المصنِّفُ منها ثمانية : خالَ ، وَظَنَّ ، وَحَسِبَ ، وَحَجا، وَهَبْ . فمثالُ رَأَى قول الشاعر : [الوافر ] ش ۱۱۷ - رَأَيْتُ اللهَ أَكْبَرَ كُلِّ شَيْءٍ مُحاوَلَةٌ وَأَكْثَرَهُمْ جُنودا (٥) ۱) «وهب، الآتي انصب فعل أمر، 4) أو التضيير، وتدلُّ على تحويل اسمها إلى خبرها، وستأتي . وتطلق على طلب الشيء بحيلة، والمعنى الثاني من هذين لا يليق بجانب الله تعالى وأكثرهم جنودًا قد لفق الشارح العلامة - تبعًا لكثير من النحاة ـ هذه اللفظة من روايتين : إحداهما رواها أبو زيد، وهي : وأكثَرَهم عَدِيدا» والثانية رواها أبو حاتم، وهي : وأكثره جنودا». الإعراب: «رأيت فعل وفاعل «الله» منصوب على التعظيم، وأكبر مضاف، وشيء مضاف إليه «محاولة» تمييز «وأكثرهم» الواو عاطفة، أكثر : معطوف على أكبر وأكثر مضاف والضمير مضاف إليه «جنودا» تمييز أيضًا . الشاهد فيه : قوله : «رأيت الله أكبر . إلخ» فإن رأى فيه دالة على اليقين، وقد نصبت مفعولين؛ والثاني قوله : «أكبر» على ما بيناه في الإعراب. فاستعمل رَأَى فيه لليقين، وقد تستعمل «رأى» بمعنى «ظَنَّ» (١) ، يَرَوْنَهُ بَعِيدًا [المعارج : ٦] أي : يَظُنُّونَه . ومثالُ عَلِمَ : عَلِمْتُ زَيْداً أَخاك» وقول الشاعر : [البسيط] ش ۱۱۸ - عَلِمْتُكَ البَاذِلَ المَعْرُوفِ فَانْبَعَثَتْ إِلَيْكَ بي واجفاتُ الشَّوْقِ وَالأَمَلِ (۲) ۱) تأتي رأى بمعنى علم وبمعنى ظن، وقد ذكرهما الشارح هنا ، وتُسمى الحلمية، وبمعنى اعتقد نحو : رأى أبو حنيفة حِلَّ كذا»، وهي بهذه المعاني الثلاثة تتعدى لمفعول واحد، وقد تتعدى التي بمعنى اعتقد إلى مفعولين، كقول الشاعر : رأى النَّاسَ إِلَّا مَن رأى مِثلَ رَأيِهِ فأما تعديتها لواحد، ففي قوله : «رأى مثل رأيه وأما تعديتها لاثنين، ففي قوله : رأى الناس خوارج هكذا قيل، ولو قلت : إن «خوارج» حال من الناس لم تكن قد أبعدت . ۲) هذا البيت من الشواهد التي لم ينسبوها لقائل معين . اللغة : «الباذل» اسم فاعل من البذل، وهو الجود والإعطاء، وفعله من باب نصر المعروف» اسم جامع لكل ما هو من خيري الدنيا والآخرة، وفي الحديث : صَنَائِعُ المَعروفِ تَقِي مَصارع السوء» و«فانبعثت) ثارت ومضت ذاهبة في طريقها واجفات أراد بها دواعي الشوق وأسبابه التي بعثته على الذهاب إليه، وهي جمع واجفة، وتقول : وجف البعير يجف وجفا - بوزن وعد يَعِدُ وعدًا - ووجيفًا ، إذا سار، وقد أوجفه صاحبه، الإعراب: «علمتك فعل وفاعل ومفعول أول الباذل» مفعول ثان لعلم المعروف» يجوز جره بالإضافة، وانبعث : فعل ماض والتاء للتأنيث إليك بي كل منهما جار ومجرور متعلق بانبعث «واجفات فاعل بانبعث، وواجفات مضاف، و«الشوق» مضاف إليه «والأمل» معطوف على الشوق . الشاهد فيه : قوله : «علمتك الباذل . وقد نصب به مفعولين: أحدهما الكاف، والذي يدل على أن «علم» في هذا البيت بمعنى اليقين أن المقصود مدح المخاطب واستجداؤه، وذلك = ومثال «وَجَدَ» قوله تعالى : ﴿وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ﴾ [الأعراف: ۱۰۲] ومثال «دَرَى» قوله : [الطويل] ش ۱۱۹ - دريتَ الوَفي العَهْدِ يا عُرْوَفَاغْتَبِطْ فَإِنَّ اغْتِباطاً بالوفاءِ حَميدُ (۱) فلهذا أسرعت إليك مؤملاً جدواك . وقد تأتي «علم» بمعنى ظن، ويمثل لها العلماء بقوله تعالى : ﴿فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَةٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ وهي - إذا كانت بمعنى اليقين أو الظن - تتعدى إلى مفعولين. وقد تأتي بمعنى عَرَفَ، فتتعدى لواحد. تأتي بمعنى : صار أعلم - أي : مشقوق الشفة العليا - فلا تتعدى أصلاً . ۱) وهذا الشاهد أيضًا لم ينسبوه إلى قائل معين . اللغة : «دريت بالبناء للمجهول من درى، وهي : أن تتمنى مثل حال الغير من غير أن تتمنى زوال حاله عنه، وأراد الشاعر بأمره بالاغتباط أحد أمرين ؛ أولهما : الدعاء له بأن يدوم له ما يغبطه الناس من أجله، المعنى : إن الناس قد عرفوك الرجل الذي يفي إذا عاهد، فيلزمك أن تغتبط بهذا وتقر به عينا، ولا لوم عليك في الاغتباط به . الإعراب: «دریت دری: فعل ماض مبني للمجهول، والتاء نائب فاعل، وهو المفعول الأول «الوفي» مفعول ثان العهد» يجوز جره بالإضافة، لأن قوله : «الوفي صفة مشبهة، وعرو : منادى مرخم بحذف التاء، اغتبط : فعل أمر، وقد نصب به مفعولين، أحدهما : التاء التي وقعت نائب فاعل والثاني : هو قوله : «الوفي» على ما سبق بيانه . هذا، واعلم أن «درى» يستعمل على طريقين: أحدهما : أن يتعدى لواحد بالباء نحو قولك : دريت بكذا ، فإن دخلت عليه همزة تعدى بها لواحد ولثان بالباء، كما في قوله تعالى : ﴿وَلَا أَدْرَنَكُم بِهِ ﴾ [يونس : ١٦] والثاني : أن ينصب مفعولين بنفسه كما في بيت الشاهد، ولكنه قليل. ش ۱۲۰ - تَعَلَّمْ شِفَاءَ النَّفْسِ قَهْرَ عَدُوِّها وهذه مثل الأفعال الدالة على اليقين . قبالِغُ بِلُطْف في التَّحَيُّلِ والمَكْرِ (۲) ومثال الدالة على الرُّجْحان قولُكَ : خِلْتُ زَيْداً أَخاكَ ) (3) وقَدْ تستعمل «خال» لليقين، كقوله : [الطويل] أحدها : أن قولك : تعلم النحو أمر بتحصيل العلم في المستقبل، وذلك بتحصيل أسبابه، وأما قولك : تعلم أنك ناجح» فإنه أمر بتحصيل العلم بما يذكر مع الفعل من المتعلقات في الحال. والأخرى تتعدى إلى مفعول واحد وثالثها: أن التي من أخوات ظن جامدة غير متصرفة، وتلك متصرفة تامة التصرف تقول : تعلم الحساب يتعلمه وتعلمه أنت . ۲) البيت لزياد بن سيار بن عمرو بن جابر . اللغة : تعلم» اعلم واستيقن شفاء النفس» قضاء مآربها «لطف رفق «التحيل أخذ الأشياء بالحيلة . فيلزمك أن تبالغ في الاحتيال لذلك لكي تبلغ ما تريد. وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت شفاء» مفعول أول لتعلم، وشفاء مضاف، و النفس مضاف إليه «قهر» مفعول ثان لتعلم، وقهر مضاف، وعدو من عدوها مضاف إليه، وعدو مضاف، وها مضاف إليه فبالغ» الفاء للتفريع، بالغ : فعل أمر، الشاهد فيه : قوله: تعلم شفاء النفس قهر عدوها حيث ورد فيه تعلم بمعنى اعلم، كما في قول النابغة الذبياني : تَعَلَّم أَنَّهُ لَا طَيرَ إِلَّا عَلَى مُتطَيِّرٍ وَهُوَ النُّبُورُ وقول الحارث بن ظالم المري : تعلَّم أبيتَ اللَّعْنَ أَنِّي فَاتِكَ من اليوم أو مـن بـعـده بـابـن جـعـفـر وكذلك قول الحارث بن عمرو، وينسب لعمرو بن معد يكرب : ويندر أن تنصب مفعولين كل منهما اسم مفرد غير جملة، كما في بيت الشاهد. 3) خلت أخال - بفتح الهمزة - والأكثر إخال بكسرها على خلاف القياس . كقوله تعالى : ﴿وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ﴾ [التوبة : ۱۱۸] و «حَسِبْتُ زَيْداً صاحِبَكَ» وقد تستعمل لليقين، كقوله : [الطويل] ليَ اسْمٌ فَلا أُدْعَى بِهِ وَهُوَ أَوَّلُ (۱) فَقَدْ أَقفَرَتْ مِنهَا سَرَاءُ فَيَدْبُلُ تَأَبَّدَ مِن أطلالِ جَمرَةَ مَأْسِلُ اللغة : دعاني الغواني الغواني : جمع غانية، وهي التي استغنت بجمالها عن الزينة، أو هي التي استغنت ببيت أبيها عن أن تزف إلى الأزواج، ويروى : «دعاني العذاري والعذارى : جمع عذراء، وهي الجارية البكر ، ويروى : دعاء العذارى ودعاء - في هذه الرواية - مصدر دعا مضاف إلى فاعله، وعمهن : مفعوله . الإعراب: «دعاني» دعا : فعل ماض والنون للوقاية، والياء مفعول أول «الغواني» فاعل دعا «عمهن» عم : مفعول ثان لدعا، وعم مضاف، والنون للوقاية، وفيه اتحاد الفاعل والمفعول في كونهما ضميرين متصلين لمسمى واحد وهو المتكلم، وذلك من خصائص أفعال القلوب لي جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «اسم» مبتدأ مؤخر، والجملة من المبتدأ والخبر في محل نصب مفعول ثان لخال «فلا) نافية (أدعى فعل مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا وهو الواو واو الحال، وهو : ضمير منفصل مبتدأ «أول» خبر للمبتدأ، والجملة من المبتدأ وخبره في محل نصب حال. الشاهد فيه : قوله : وخلتني لي اسم فإن «خال فيه بمعنى فعل اليقين، وليس هو بمعنى فعل الظن؛ لأنه لا يظن أن لنفسه اسما ، وقد نصب بهذا الفعل مفعولين؛ أولهما ضمير المتكلم، وهو الياء، ۲) هذا البيت للبيد بن ربيعة العامري من قصيدة طويلة عِدَّتُها اثنان وتسعون بيتًا، وأولها قوله : وكَانَت لَهُ خَيْلاً عَلَى النَّأَي خَابِلَا حِسَاءَ البُطَاحِ وَانتَجَعْنَ المَسَابِلَا اللغة: كبيشة على زنة التصغير : اسم امرأة عاقلاً بالعين المهملة والقاف : اسم جبل، قال ياقوت : الذي يقتضيه الاشتقاق أن يكون عاقل اسم جبل، والأشعار التي قيلت فيه بالوادي أشبه، ويجوز أن يكون الوادي منسوبًا إلى الجبل، لكونه من لحفه اهـ . «خبلاً» الخبل : فساد العقل، ويروى : «وكانت له شغلاً على النأي شاغلا وقوله : «تربعت الأشراف معناه : نزلت به في وقت الربيع، والأشراف: اسم موضع، ولم يذكره ياقوت تصيفت حساء البطاح نزلت به زمان الصيف، وحساء البطاح : منزل لبني يربوع، وهو بضم باء البطاح كما قال ياقوت، = رباح» بفتح الراء : الربح (ثاقلاً» ميتا ؛ فإذا فارقته ثقل . ومثال «زَعَمَ» قوله : [الطويل] المعنى : لقد أيقنت أن أكثر شيء ربحا إذا اتجر فيه الإنسان إنما هو تقوى الله تعالى والجود، الإعراب: «حسبت فعل وفاعل «التقى» مفعول أول والجود معطوف على التقى خير» مفعول ثان لحسبت، وخير مضاف، وتجارة مضاف إليه «رباحًا » تمييز «إذا» ظرف لما يستقبل من الزمان «ما» زائدة «المرء» اسم لأصبح محذوفة تفسرها المذكورة بعد وخبرها محذوف أيضاً، والتقدير : إذا أصبح المرء ثاقلاً ، والجملة من أصبح المحذوفة ومعموليها في محل جر بإضافة «إذا» إليها أصبح فعل ماض ناقص، أولهما قوله : «التقى وثانيهما قوله : «خير تجارة على ما بيناه في الإعراب . ۱) هذا البيت لأبي ذؤيب الهذلي . اللغة : «أجهل الجهل هو الخِفَّة والسفه «الحلم» التؤدة والرزانة . المعنى : لئن كان يترجح لديك أني كنت موصوفًا بالنزق والطيش أيام كنت أقيم بينكم، فإنه قد تغير عندي كل وصف من هذه الأوصاف، وتبدلت بها رزانة وخلقا كريما . الإعراب: «إن شرطية تزعميني فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بحذف النون وياء المخاطبة فاعل، والنون للوقاية، وياء المتكلم مفعول أول «كنت كان : فعل ماض ناقص، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا والجملة من أجهل وفاعله في محل نصب خبر كان، والجملة من «كان» واسمها وخبرها في محل نصب مفعول ثان لتزعم فيكم جار ومجرور متعلق بأجهل «فإني» الفاء واقعة في جواب الشرط، والجملة من شرى وفاعله في محل رفع خبر (إن والجملة من إن ومعموليها في محل جزم جواب الشرط «الحلم» مفعول به لشريت بعدك بعد : ظرف متعلق بشريت وبعد مضاف والكاف ضمير المخاطبة مضاف إليه بالجهل جار ومجرور متعلق بشريت . أحدهما ياء المتكلم، والثاني جملة «كان» ومعموليها ، وقوله سبحانه : بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّن تَجْعَلَ لَكُم مَوْعِدًا [الكهف : ٤٨] ، أم كانت مشددة، كما في قول عبيد الله بن عتبة : فَذُق هَجْرَهَا قد كُنْتَ تَزِعُمُ أَنَّهُ = وكما في قول كثير عزة : ومثال «عَدَّ» قوله : [الطويل] ش ١٢٤ - فَلا تَعْدُدِ المَوْلَى شَرِيكَكَ في الغِنَى وَلِكنَّما المَوْلَى شَرِيكُكَ فِي العُلْمِ (۱) وَقَد زَعَمتْ أَنِّي تَغَيَّرْتُ بَعدَهَا وَمَن ذا الذي يَا عَزَّ لَا يَتَغَيَّرُ وهذا الاستعمال مع كثرته ليس لازما ، بل قد تتعدى زعم إلى المفعولين بغير توسط «أن» بينهما ؛ فمن ومنه قول أبي أمية الحنفي، واسمه أوس : إِنَّمَا الشَّيخُ مَن يَدِبُّ دَبِيبًا وزعم الأزهري أن زعم لا تتعدى إلى مفعوليها بغير توسط «أن»، وبأن القول بالضرورة خلاف الأصل . اللغة : «لا تعدد لا تظن المولى» يطلق في الأصل على عدة معان سبق بيانها (ج ١ ص ٢٠٤) والمراد منه هنا الحليف، فإنما الصديق الحق هو الذي يلوذ بك ويشاركك أيام فقرك وحاجتك . الإعراب: «فلا» ناهية تعدد فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه السكون وحرك بالكسر للتخلص من التقاء الساكنين، لكن : حرف استدراك، وما : كافة المولى» مبتدأ شريكك شريك : خبر المبتدأ، وشريك مضاف، الشاهد فيه : قوله : فلا تعدد المولى شريكك حيث استعمل المضارع من عد» بمعنى تظن، والثاني قوله : «شريك» على ما سبق بيانه في الإعراب. ومثل بيت الشاهد في ذلك قول أبي دواد جارية بن الحجاج : لا أعد الإقتار عدماً وَلكِنْ فَقدُ مَنْ قَدْ فَقَدْتُهُ الإعدام فقوله : «أعد» بمعنى أظن، والإقتار : مصدر أقتر الرجل ، إذا افتقر، وهو مفعوله الأول، تَعُدُّونَ عَقْرَ النِّيبِ أَفضَلَ مَجْدِكُم بَنِي ضَوْطَرَى لَولَا الكَمِيَّ المُقَنَّعَا فتعدون : بمعنى تظنون ؛ وعقر النيب : مفعوله الأول، وأفضل مجدكم : مفعول الثاني . ومثال «حَجَا» قوله : [البسيط] ۲۹ ومثالُ جَعَلَ» قوله تعالى : ﴿وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَدُ الرَّحْمَنِ إِننَّا [الزخرف: ١٩]. ورواه ياقوت في معجم البلدان (١٦٥/٧) أول أربعة فَقُلتُ والمرءُ تُخطِيهِ عَطِيَّتُهُ أَدنَى عَطِيَّتِهِ إِيَّايَ مِيثَاتُ اللغة: «أحجو» أظن ألمت نزلت والملمات جمع ملمة، وهي النازلة من نوازل الدهر . المعنى : لقد كنت أظن أبا عمرو صديقا يُركن إليه في النوازل، ولكني قد عرفت مقدار مودته إذ نزلت بي نازلة فلم يكن منه إلا أن نفر مني وأعرض عني ولم يأخذ بيدي فيها . الإعراب: «قد حرف تحقيق كنت كان فعل ماض ناقص، والتاء اسمه أحجو» فعل مضارع، وأبا مضاف، و «عمرو» مضاف إليه «أخا» مفعول ثان لأحجو، وجملة أحجو ومعموليه في محل نصب خبر كان ثقة» يقرأ بالنصب منوناً مع تنوين أخ، ويقرأ بالجر منونًا ، فأخا حِينَئِذٍ مضاف، و«ثقة مضاف إليه، وعلى الأول هو معرب بالحركات، الشاهد فيه : قوله : «أحجو أبا عمرو أخاً حيث استعمل المضارع من حجا» بمعنى ظن، ونصب به مفعولين، أحدهما : «أبا عمرو» والثاني: «أخاً ثقة». هذا ، وهي : أن تلقي على مخاطبك كلمة يخالف لفظها معناها ، وتأتي حجا أيضًا بمعنى قصد، عص ملكهم : أي صلب واشتد . حَيثُ تَحَجَّى مُطرِقٌ بِالفَالِقِ فَهُنَّ يَعْكُفْنَ بِهِ إِذَا حَجَا عَكْفَ النَّبِيطِ يَلْعَبُونَ الفَنْزَجَا والتي بمعنى غلب في المحاجاة أو قصد تتعدى إلى مفعول واحد، والتي بمعنى أقام في المكان لا تتعدى بنفسها، وإنما تتعدى بالباء، وقيد المصنِّفُ جَعَلَ» بكونها بمعنى اعتقد احترازاً من (جعل) التي بمعنى (صَيَّرَ» فإنها من أفعال التحويل، ومثال «هَبْ» قوله : [المتقارب] ش ١٢٦ - فَقُلْتُ أَجِرْني أبا مالك وَإِلَّا فَهَبْني امْرَأَ هالكا (۱) وهو قسمان : لازم، نحو : «كَرِهْتُ زيداً». هذا أصله، المعنى : فقلت : أغثني يا أبا مالك ؛ الإعراب: «فقلت» فعل وفاعل «أجرني» أجر : فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوباً تقديره أنت، والياء مفعول به لأجر «أبا منادى بحرف نداء محذوف، وأبا مضاف، و«مالك» مضاف إليه وإلا» هي إن الشرطية مدغمة في لا النافية، وفعل الشرط محذوف يدل عليه ما قبله من الكلام وتقديره : وإن لا تفعل، مثلاً فهبني» الفاء واقعة في جواب الشرط هب»: فعل أمر، والياء مفعول أول امرأ» مفعول ثان لهب «هالكاً» نعت لامرئ . الشاهد فيه قوله : «فهبني امرأ» فإن «هب» فيه بمعنى فعل الظن، وقد نصب مفعولين : أحدهما ياء المتكلم، وثانيهما قوله : «امرأ» على ما أوضحناه في الإعراب. واعلم أن هب بهذا المعنى فعل جامد لا يتصرف ؛ بل هو ملازم لصيغة الأمر، قال الله تعالى : وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ [الأنعام: ٨٤]، وقال سبحانه: يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَتَا [الشورى: ٤٩]، واعلم أيضًا أن الغالب على هب» أن يتعدى إلى مفعولين صريحين كما في البيت الشاهد، وقد يدخل على «أن» المؤكدة ومعموليها ، فزعم ابن سيده والجرمي أنه لحن، وقال الأثبات من العلماء المحققين : ليس لحنا ؛ لأنه واقع في فصيح العربية، وقد روي من حديث عمر : هَبْ أنَّ أبانا كان حمارًا»، وهو مع فصاحته قليل . فارجع إليه إن شئت . وهو أفعال القلوب. وأما أفعال التحويل، وهي المرادة بقوله : والتي كصيرا . إلى آخره» فتتعدى أيضاً إلى مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر، وعَدَّها بعضُهم سبعة : و «وَهَبَ» كقولهم : وَهَبَني الله فداك أي : صيَّرني . ش ۱۲۷ - وَرَبَّيْتُهُ حَتَّى إِذا ما تَرَكْتُهُ أخا القَوْمِ وَاسْتَغْنَى عَنِ الْمَسْحِ شَارِبُهُ (۲) «النشر» (۲۳۹/۲). ۲) البيت لفرعان بن الأعرف - ويقال : هو فرعان بن الأصبح بن الأعرف - أحد بني مرة، ثم أحد بني نزار ابن مرة، من كلمة له يقولها في ابنه منازل، والبيت من أبيات رواها أبو تمام حبيب بن أوس الطائي في ديوان الحماسة (انظر شرح التبريزي : ١٨/٤ بتحقيقنا وأول ما رواه صاحب الحماسة منها قوله : جَزَت رَحِمٌ بَيني وبين مُنَازِل لربيتُهُ حَتَّى إذا آضَ شَيظَمَاً قريبا وذا الشخص البَعِيدِ أُقَارِبُهُ تَغَمَّطَ حَقِّي باطلاً وَلَوَى يَدِي لَوَى يَدَهُ اللهُ الَّذِي هُوَ غالبه اللغة: واستغنى عن المسح شاربه كناية عن أنه كبر واكتفى بنفسه، و«القوم مضاف إليه واستغنى فعل ماض عن المسح جار ومجرور متعلق باستغنى شاربه» شارب : فاعل استغنى وشارب مضاف والهاء ضمير الغائب مضاف إليه . الشاهد فيه قوله : تركته أخا القوم حيث نصب فيه بـ «ترك مفعولين لأنه في معنى فعل التصيير، أحدهما : الهاء التي هي ضمير الغائب، وثانيهما قوله : أخا القوم»، هذا، وقد قال الخطيب التبريزي في شرح الحماسة»: إن أخا القوم حال من الهاء في تركته» وساغ = بِمِقْدَارٍ سَمَدْنَ لَهُ سُمُودا ورَدَّ وُجُوهَهُنَّ البيض سودا (۱) أفعال القلوب ١ - صير ما يدل على اليقين : ٢ - جعل ٤- تخذ ٦ - حجا وجد
.
لخص ظَنَّ وَأَخَواتُها
٢٠٦ - انْصِبْ بِفِعْلِ القَلْبِ جُزْأَي ابْتِدا
أَعْني رَأَى حَالَ عَلِمْتُ وَجَدا (۱)
۲۰۷ - ظَنَّ حَسِبْتُ وَزَعَمْتُ مَعَ عَدْ
حَجا دَرَى وَجَعَلَ اللَّهِ كَاعْتَقَدْ (۲)
= يعلم إذا حذف، ولو أنه حذفه فقال : ولا كريم من الولدان لفهم منه أن المراد: ولا كريم من الولدان موجود ؛ لأن الذي يحذف عند عدم قيام قرينة هو الكون العام، ولا شك أن هذا المعنى غير المقصود له
هذا تخريج البيت على ما يريد الشارح والناظم تبعًا لسيبويه شيخ النحاة.
وقد أجاز الأعلم الشنتمري وأبو علي الفارسي وجار الله الزمخشري أن يكون الخبر محذوفا، وعليه يكون قوله : «مصبوح نعتا لاسم لا باعتبار أصله، وهو المعبر عنه بأنه تابع على محل «لا» واسمها معا ؛ لأنهما في التقدير مبتدأ عند سيبويه، كما تقدم بيانه .
قال الأعلم : ويجوز أن يكون نعتا لاسمها محمولاً على الموضع، ويكون الخبر محذوفًا لعلم السامع، وتقديره موجود، ونحوه اهـ .
وقال الزمخشري : وقول حاتم : ولا كريم ... إلخ، يحتمل أمرين : أحدهما أن يترك فيه طائيته إلى اللغة الحجازية، والثاني ألا يجعل مصبوح» خبرًا، ولكن صفة محمولة على محل لا مع المنفي اهـ .
ويريد بترك طائيته أنه ذكر خبر «لا» ؛ لأنك قد علمت أن لغة الطائيين حذف خبر لا مطلقا، أعني سواء أكان ظرفًا أو جارا ومجرورًا أم كان غيرهما ، متى فهم ودلت عليه قرينة، أو كان كونا مطلقا، ويكون حاتم قد تكلم في هذا البيت على لغة أهل الحجاز الذين يذكرون خبر «لا» عند عدم قيام القرينة على حذفه، أو عند تعلق الغرض بذكره لداعية من الدواعي، لكن الذي يقرره العلماء أن العربي لا يستطيع أن يتكلم بغير لغته التي درب عليها لسانه، فإن نحن راعينا ذلك وجب أن نصير إلى الوجه الآخر - وهو أن نقدر قوله : مصبوح» نعتا لقوله : «لا كريم أي نعتا على محل «لا» مع اسمها ، وهو الرفع - حتى يكون كلامه جاريا على لغة قومه، فاعرف هذا ، والله يرشدك ويبصرك .
(۱
) «انصب» فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوباً تقديره أنت بفعل جار ومجرور متعلق بانصب، وفعل مضاف، والقلب مضاف إليه جزأي» مفعول به لانصب، وجزأي مضاف، وابتدا» مضاف إليه «أعني» فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوباً تقديره أنا رأى» قصد لفظه : مفعول به لأعني «خال، علمت، وجدا كلهن معطوفات على رأى بعاطف مقدر.
(۲
) «ظن، حسبت وزعمت كلهن معطوفات على رأى المذكور في البيت السابق بعاطف مقدر فيما عدا الأخير مع ظرف متعلق بأعني، ومع مضاف، «وعد» قصد لفظه : مضاف إليه «حجا، درى، وجعل» معطوفات على عد بعاطف مقدر فيما عدا الأخير اللذ» اسم موصول - وهو لغة في الذي - صفة لجعل كاعتقد جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة الموصول.
۲۲
۲۰۸ - وَهَبْ تَعَلَّمْ وَالَّتِي كَصَيَّرا
أيضاً بها انصِبْ مُبْتَداً وَخَبَرا (۱)
هذا هو القِسْمُ الثالث من الأفعال الناسخة للابتداء ، وهو ظَنَّ وأخواتها (2). وتنقسم إلى
قسمين : أحدهما : أفعال القلوب (3) ،
والثاني : أفعال التحويل (4) .
فأما أفعال القلوب فتنقسم إلى قسمين ؛ أحدهما : ما يَدُلُّ على اليقين، وذَكَرَ المصنِّفُ منها خمسة : رأى ، وَعَلِمَ ، وَوَجَدَ، وَدَرَى ، وَتَعَلَّمْ ، والثاني منهما : ما يدلُّ على الرجحان، وذكر المصنِّفُ منها ثمانية : خالَ ، وَظَنَّ ، وَحَسِبَ ، وَزَعَمَ ، وَعَدَّ، وَحَجا، وَجَعَلَ ، وَهَبْ .
فمثالُ رَأَى قول الشاعر : [الوافر ]
ش ۱۱۷ - رَأَيْتُ اللهَ أَكْبَرَ كُلِّ شَيْءٍ
مُحاوَلَةٌ وَأَكْثَرَهُمْ جُنودا (٥)
(۱) «وهب، تعلم معطوفان على عد» بعاطف محذوف من الثاني والتي اسم موصول : مبتدأ «كصيرا» جار ومجرور متعلق بفعل محذوف تقع جملته صلة التي أيضاً» مفعول مطلق لفعل محذوف «بها» جار ومجرور متعلق بقوله : انصب، الآتي انصب فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوباً تقديره أنت «مبتدأ» مفعول به لا نصب وخبراً» معطوف على مبتدأ، وجملة انصب وفاعله في محل رفع خبر المبتدأ.
(2) تنصب هذه الطائفة المبتدأ والخبر مفعولين لها بعد أن تستوفي فاعلها .
(3) قال في «أوضح المسالك ١/ ٣٥٩ : وإنما قيل لها ذلك؛ لأن معانيها قائمة في القلب.
(4) أو التضيير، وتدلُّ على تحويل اسمها إلى خبرها، وستأتي .
(٥) البيت لخداش بن زهير بن ربيعة بن عمرو بن عامر بن صعصعة بن بكر بن هوازن .
اللغة : «محاولة» تطلق المحاولة على القوة والقدرة، وتطلق على طلب الشيء بحيلة، والمعنى الثاني من هذين لا يليق بجانب الله تعالى وأكثرهم جنودًا قد لفق الشارح العلامة - تبعًا لكثير من النحاة ـ هذه اللفظة من روايتين : إحداهما رواها أبو زيد، وهي : وأكثَرَهم عَدِيدا» والثانية رواها أبو حاتم، وهي : وأكثره جنودا».
الإعراب: «رأيت فعل وفاعل «الله» منصوب على التعظيم، وهو المفعول الأول «أكبر» مفعول ثان لرأى، وأكبر مضاف، وكل مضاف إليه، وكل مضاف، وشيء مضاف إليه «محاولة» تمييز «وأكثرهم» الواو عاطفة، أكثر : معطوف على أكبر وأكثر مضاف والضمير مضاف إليه «جنودا» تمييز أيضًا .
الشاهد فيه : قوله : «رأيت الله أكبر .. إلخ» فإن رأى فيه دالة على اليقين، وقد نصبت مفعولين؛ أحدهما لفظ الجلالة، والثاني قوله : «أكبر» على ما بيناه في الإعراب.
فاستعمل رَأَى فيه لليقين، وقد تستعمل «رأى» بمعنى «ظَنَّ» (١) ، كقوله تعالى : إِنَّهُمْ
يَرَوْنَهُ بَعِيدًا [المعارج : ٦] أي : يَظُنُّونَه .
ومثالُ عَلِمَ : عَلِمْتُ زَيْداً أَخاك» وقول الشاعر : [البسيط]
ش ۱۱۸ - عَلِمْتُكَ البَاذِلَ المَعْرُوفِ فَانْبَعَثَتْ إِلَيْكَ بي واجفاتُ الشَّوْقِ وَالأَمَلِ (۲)
(۱) تأتي رأى بمعنى علم وبمعنى ظن، وقد ذكرهما الشارح هنا ، وتأتي كذلك بمعنى حلم، أي : رأى في منامه، وتُسمى الحلمية، وسيذكرها الناظم بعد، وهي بهذه المعاني الثلاثة تتعدى المفعولين، وتأتي بمعنى أبصر نحو : رأيت الكواكب، وبمعنى اعتقد نحو : رأى أبو حنيفة حِلَّ كذا»، وتأتي بمعنى أصاب رئته، تقول: رأيت محمدًا تريد ضربته فأصبت رئته، وهي بهذه المعاني الثلاثة تتعدى لمفعول واحد، وقد تتعدى التي بمعنى اعتقد إلى مفعولين، كقول الشاعر :
رأى النَّاسَ إِلَّا مَن رأى مِثلَ رَأيِهِ
خَوَارِجَ تَرَّاكِينَ قَصْدَ المَخَارِجِ
وقد جمع الشاعر في هذا البيت بين تعديتها لواحد وتعديتها لاثنين، فأما تعديتها لواحد، ففي قوله : «رأى مثل رأيه وأما تعديتها لاثنين، ففي قوله : رأى الناس خوارج هكذا قيل، ولو قلت : إن «خوارج» حال من الناس لم تكن قد أبعدت .
(۲) هذا البيت من الشواهد التي لم ينسبوها لقائل معين .
اللغة : «الباذل» اسم فاعل من البذل، وهو الجود والإعطاء، وفعله من باب نصر المعروف» اسم جامع لكل ما هو من خيري الدنيا والآخرة، وفي الحديث : صَنَائِعُ المَعروفِ تَقِي مَصارع السوء» و«فانبعثت) ثارت ومضت ذاهبة في طريقها واجفات أراد بها دواعي الشوق وأسبابه التي بعثته على الذهاب إليه، وهي جمع واجفة، وهي مؤنث اسم فاعل من الوجيف، وهو ضرب من السير السريع، وتقول : وجف البعير يجف وجفا - بوزن وعد يَعِدُ وعدًا - ووجيفًا ، إذا سار، وقد أوجفه صاحبه، وفي الكتاب العزيز : فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابِ﴾ [الحشر : ٦].
الإعراب: «علمتك فعل وفاعل ومفعول أول الباذل» مفعول ثان لعلم المعروف» يجوز جره بالإضافة، ويجوز نصبه على أنه مفعول به للباذل فانبعثت الفاء عاطفة، وانبعث : فعل ماض والتاء للتأنيث إليك بي كل منهما جار ومجرور متعلق بانبعث «واجفات فاعل بانبعث، وواجفات مضاف، و«الشوق» مضاف إليه «والأمل» معطوف على الشوق .
الشاهد فيه : قوله : «علمتك الباذل .. إلخ» فإن علم في هذه العبارة فعل دال على اليقين، وقد نصب به مفعولين: أحدهما الكاف، والثاني قوله : الباذل على ما بيناه في الإعراب .
والذي يدل على أن «علم» في هذا البيت بمعنى اليقين أن المقصود مدح المخاطب واستجداؤه، وذلك =
ومثال «وَجَدَ» قوله تعالى : ﴿وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ﴾ [الأعراف: ۱۰۲] ومثال «دَرَى»
قوله : [الطويل]
=
ش ۱۱۹ - دريتَ الوَفي العَهْدِ يا عُرْوَفَاغْتَبِطْ
فَإِنَّ اغْتِباطاً بالوفاءِ حَميدُ (۱)
يستدعي أن يكون مراده : إني أيقنت بأنك جواد كريم تعطي من سألك ؛ فلهذا أسرعت إليك مؤملاً جدواك .
وقد تأتي «علم» بمعنى ظن، ويمثل لها العلماء بقوله تعالى : ﴿فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَةٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ
الممتحنة : ١٠].
وهي - إذا كانت بمعنى اليقين أو الظن - تتعدى إلى مفعولين. وقد تأتي بمعنى عَرَفَ، فتتعدى لواحد. وقد
تأتي بمعنى : صار أعلم - أي : مشقوق الشفة العليا - فلا تتعدى أصلاً .
(۱) وهذا الشاهد أيضًا لم ينسبوه إلى قائل معين .
اللغة : «دريت بالبناء للمجهول من درى، إذا علم فاغتبط» أمر من الغبطة، وهي : أن تتمنى مثل حال الغير من غير أن تتمنى زوال حاله عنه، وأراد الشاعر بأمره بالاغتباط أحد أمرين ؛ أولهما : الدعاء له بأن يدوم له ما يغبطه الناس من أجله، والثاني : أمره بأن يبقى على اتصافه بالصفات الحميدة التي تجعل الناس يغبطونه .
المعنى : إن الناس قد عرفوك الرجل الذي يفي إذا عاهد، فيلزمك أن تغتبط بهذا وتقر به عينا، ولا لوم عليك في الاغتباط به .
الإعراب: «دریت دری: فعل ماض مبني للمجهول، والتاء نائب فاعل، وهو المفعول الأول «الوفي» مفعول ثان العهد» يجوز جره بالإضافة، ونصبه على التشبيه بالمفعول به، ورفعه على الفاعلية؛ لأن قوله : «الوفي صفة مشبهة، والصفة المشبهة يجوز في معمولها الأوجه الثلاثة المذكورة «يا عرو» يا : حرف نداء، وعرو : منادى مرخم بحذف التاء، وأصله عروة فاغتبط» الفاء عاطفة، اغتبط : فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت فإن الفاء للتعليل، إن : حرف توكيد ونصب «اغتباطا» اسم إن «بالوفاء» جار ومجرور متعلق باغتباط، أو بمحذوف صفة لاغتباط «حميد» خبر «إن» مرفوع بالضمة الظاهرة .
الشاهد فيه : قوله : «دريت الوفي العهد» فإن «درى فعل دال على اليقين، وقد نصب به مفعولين، أحدهما :
التاء التي وقعت نائب فاعل والثاني : هو قوله : «الوفي» على ما سبق بيانه .
هذا، واعلم أن «درى» يستعمل على طريقين: أحدهما : أن يتعدى لواحد بالباء نحو قولك : دريت بكذا ، فإن دخلت عليه همزة تعدى بها لواحد ولثان بالباء، كما في قوله تعالى : ﴿وَلَا أَدْرَنَكُم بِهِ ﴾ [يونس : ١٦] والثاني : أن ينصب مفعولين بنفسه كما في بيت الشاهد، ولكنه قليل.
ومثالُ تَعَلَّمْ» ـ وهي التي بمعنى اعْلَمْ (۱) ـ قوله : [الطويل]
ش ۱۲۰ - تَعَلَّمْ شِفَاءَ النَّفْسِ قَهْرَ عَدُوِّها وهذه مثل الأفعال الدالة على اليقين .
قبالِغُ بِلُطْف في التَّحَيُّلِ والمَكْرِ (۲)
ومثال الدالة على الرُّجْحان قولُكَ : خِلْتُ زَيْداً أَخاكَ ) (3) وقَدْ تستعمل «خال» لليقين، كقوله : [الطويل]
(۱) احترز بقوله : وهي التي بمعنى اعلم عن التي في نحو قولك : تعلم النحو والفرق بينهما من ثلاثة أوجه :
أحدها : أن قولك : تعلم النحو أمر بتحصيل العلم في المستقبل، وذلك بتحصيل أسبابه، وأما قولك : تعلم أنك ناجح» فإنه أمر بتحصيل العلم بما يذكر مع الفعل من المتعلقات في الحال. وثانيها : أن التي من أخوات ظن تتعدى إلى مفعولين، والأخرى تتعدى إلى مفعول واحد وثالثها: أن التي من أخوات ظن جامدة غير متصرفة، وتلك متصرفة تامة التصرف تقول : تعلم الحساب يتعلمه وتعلمه أنت .
(۲) البيت لزياد بن سيار بن عمرو بن جابر .
اللغة : تعلم» اعلم واستيقن شفاء النفس» قضاء مآربها «لطف رفق «التحيل أخذ الأشياء بالحيلة . المعنى : اعلم أنه إنما يشفي نفوس الرجال أن يستطيعوا قهر أعدائهم والتغلب عليهم؛ فيلزمك أن تبالغ في الاحتيال لذلك لكي تبلغ ما تريد.
الإعراب: «تعلم» فعل بمعنى اعلم، وهو فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت شفاء» مفعول أول لتعلم، وشفاء مضاف، و النفس مضاف إليه «قهر» مفعول ثان لتعلم، وقهر مضاف، وعدو من عدوها مضاف إليه، وعدو مضاف، وها مضاف إليه فبالغ» الفاء للتفريع، بالغ : فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوباً تقديره أنت بلطف جار ومجرور متعلق ببالغ في التحيل جار ومجرور متعلق بلطف، أو بمحذوف صفة له والمكر معطوف على التحيل .
الشاهد فيه : قوله: تعلم شفاء النفس قهر عدوها حيث ورد فيه تعلم بمعنى اعلم، ونصب به مفعولين على ما ذكرناه في الإعراب.
ثم اعلم أن هذه الكلمة أكثر ما تتعدى إلى «أن» المؤكدة ومعموليها، كما في قول النابغة الذبياني :
تَعَلَّم أَنَّهُ لَا طَيرَ إِلَّا
عَلَى مُتطَيِّرٍ وَهُوَ النُّبُورُ
وقول الحارث بن ظالم المري :
تعلَّم أبيتَ اللَّعْنَ أَنِّي فَاتِكَ
من اليوم أو مـن بـعـده بـابـن جـعـفـر
قَتِيلٌ بَينَ أَحجَارِ الكُلَابِ
وكذلك قول الحارث بن عمرو، وينسب لعمرو بن معد يكرب :
تَعَلَّم أَنَّ خَيرَ النَّاسِ طُرًا
ويندر أن تنصب مفعولين كل منهما اسم مفرد غير جملة، كما في بيت الشاهد.
(3) خلت أخال - بفتح الهمزة - والأكثر إخال بكسرها على خلاف القياس .
ش ۱۲۱ - دعاني الغواني عَمَّهُنَّ وَخِلْتُني و ظَنَنْتُ زَيْداً صاحِبَك وقد تستعمل لليقين ، كقوله تعالى : ﴿وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ﴾ [التوبة : ۱۱۸] و «حَسِبْتُ زَيْداً صاحِبَكَ» وقد تستعمل لليقين، كقوله : [الطويل]
ليَ اسْمٌ فَلا أُدْعَى بِهِ وَهُوَ أَوَّلُ (۱)
ش ۱۲۲ - حَسِبْتُ التَّقَى وَالجودَ خَيْرَ تِجَارَةٍ
رَبَاحاً إِذا ما المَرْءُ أَصْبَحَ ثَاقِلا (۲)
فَقَدْ أَقفَرَتْ مِنهَا سَرَاءُ فَيَدْبُلُ
(۱) هذا البيت للنمر بن تولب العُكلي من قصيدة له مطلعها قوله :
تَأَبَّدَ مِن أطلالِ جَمرَةَ مَأْسِلُ
اللغة : دعاني الغواني الغواني : جمع غانية، وهي التي استغنت بجمالها عن الزينة، أو هي التي استغنت ببيت أبيها عن أن تزف إلى الأزواج، أو هي اسم فاعل من غني بالمكان أي أقام به، ويروى : «دعاني العذاري والعذارى : جمع عذراء، وهي الجارية البكر ، ويروى : دعاء العذارى ودعاء - في هذه الرواية - مصدر دعا مضاف إلى فاعله، وعمهن : مفعوله .
الإعراب: «دعاني» دعا : فعل ماض والنون للوقاية، والياء مفعول أول «الغواني» فاعل دعا «عمهن» عم : مفعول ثان لدعا، وعم مضاف، والضمير مضاف إليه وخلتني فعل وفاعل، والنون للوقاية، والياء مفعول أول، وفيه اتحاد الفاعل والمفعول في كونهما ضميرين متصلين لمسمى واحد وهو المتكلم، وذلك من خصائص أفعال القلوب لي جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «اسم» مبتدأ مؤخر، والجملة من المبتدأ والخبر في محل نصب مفعول ثان لخال «فلا) نافية (أدعى فعل مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا وهو الواو واو الحال، وهو : ضمير منفصل مبتدأ «أول» خبر للمبتدأ، والجملة من المبتدأ وخبره في محل نصب حال.
الشاهد فيه : قوله : وخلتني لي اسم فإن «خال فيه بمعنى فعل اليقين، وليس هو بمعنى فعل الظن؛ لأنه لا يظن أن لنفسه اسما ، بل هو على يقين من ذلك، وقد نصب بهذا الفعل مفعولين؛ أولهما ضمير المتكلم، وهو الياء، وثانيهما جملة لي اسم من المبتدأ والخبر على ما بيناه في الإعراب.
(۲) هذا البيت للبيد بن ربيعة العامري من قصيدة طويلة عِدَّتُها اثنان وتسعون بيتًا، وأولها قوله :
كُبَيشَةُ حَلَّتْ بَعدَ عَهْدِكَ عَاقِلَا تربَّعَتِ الأَسْرَافَ ثُمَّ تَصَيَّفَتْ
وكَانَت لَهُ خَيْلاً عَلَى النَّأَي خَابِلَا حِسَاءَ البُطَاحِ وَانتَجَعْنَ المَسَابِلَا
اللغة: كبيشة على زنة التصغير : اسم امرأة عاقلاً بالعين المهملة والقاف : اسم جبل، قال ياقوت : الذي يقتضيه الاشتقاق أن يكون عاقل اسم جبل، والأشعار التي قيلت فيه بالوادي أشبه، ويجوز أن يكون الوادي منسوبًا إلى الجبل، لكونه من لحفه اهـ . «خبلاً» الخبل : فساد العقل، ويروى : «وكانت له شغلاً على النأي شاغلا وقوله : «تربعت الأشراف معناه : نزلت به في وقت الربيع، والأشراف: اسم موضع، ولم يذكره ياقوت تصيفت حساء البطاح نزلت به زمان الصيف، وحساء البطاح : منزل لبني يربوع، وهو بضم باء البطاح كما قال ياقوت، ووهم العيني في ضبطه بكسر الباء لظنه أنه جمع بطحاء
= رباح» بفتح الراء : الربح (ثاقلاً» ميتا ؛ لأن البدن يكون خفيفًا ما دامت الروح فيه، فإذا فارقته ثقل .
ومثال «زَعَمَ» قوله : [الطويل]
ش ۱۲۳ - فَإِنْ تَزْعُميني كُنْتُ أَجْهَلُ فِيكُمُ فَإِنِّي شَرَيْتُ الحِلْمَ بَعْدَكِ بِالجَهْلِ (۱)
المعنى : لقد أيقنت أن أكثر شيء ربحا إذا اتجر فيه الإنسان إنما هو تقوى الله تعالى والجود، وإنه ليعرف الربح إذا مات، حيث يرى جزاء عمله حاضرًا عنده .
الإعراب: «حسبت فعل وفاعل «التقى» مفعول أول والجود معطوف على التقى خير» مفعول ثان لحسبت، وخير مضاف، وتجارة مضاف إليه «رباحًا » تمييز «إذا» ظرف لما يستقبل من الزمان «ما» زائدة «المرء» اسم لأصبح محذوفة تفسرها المذكورة بعد وخبرها محذوف أيضاً، والتقدير : إذا أصبح المرء ثاقلاً ، والجملة من أصبح المحذوفة ومعموليها في محل جر بإضافة «إذا» إليها أصبح فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى المرء (ثاقلاً» خبر أصبح، وهذه الجملة لا محل لها مفسرة .
الشاهد فيه : قوله : حسبت التقى خير تجارة .. إلخ حيث استعمل الشاعر فيه حسبت» بمعنی علمت ونصب به مفعولين، أولهما قوله : «التقى وثانيهما قوله : «خير تجارة على ما بيناه في الإعراب .
(۱) هذا البيت لأبي ذؤيب الهذلي .
اللغة : «أجهل الجهل هو الخِفَّة والسفه «الحلم» التؤدة والرزانة .
المعنى : لئن كان يترجح لديك أني كنت موصوفًا بالنزق والطيش أيام كنت أقيم بينكم، فإنه قد تغير عندي كل وصف من هذه الأوصاف، وتبدلت بها رزانة وخلقا كريما .
الإعراب: «إن شرطية تزعميني فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بحذف النون وياء المخاطبة فاعل، والنون للوقاية، وياء المتكلم مفعول أول «كنت كان : فعل ماض ناقص، والتاء اسمه «أجهل» فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا والجملة من أجهل وفاعله في محل نصب خبر كان، والجملة من «كان» واسمها وخبرها في محل نصب مفعول ثان لتزعم فيكم جار ومجرور متعلق بأجهل «فإني» الفاء واقعة في جواب الشرط، إن : حرف توكيد ونصب، والياء اسمها شريت» فعل وفاعل، والجملة من شرى وفاعله في محل رفع خبر (إن والجملة من إن ومعموليها في محل جزم جواب الشرط «الحلم» مفعول به لشريت بعدك بعد : ظرف متعلق بشريت وبعد مضاف والكاف ضمير المخاطبة مضاف إليه بالجهل جار ومجرور متعلق بشريت .
الشاهد فيه : قوله : تزعميني كنت أجهل حيث استعمل المضارع من زعم بمعنى فعل الرجحان، ونصب به مفعولين، أحدهما ياء المتكلم، والثاني جملة «كان» ومعموليها ، على ما ذكرناه في إعراب البيت .
واعلم أن الأكثر في زعم أن تتعدى إلى معموليها بواسطة «أن المؤكدة، سواء أكانت مخففة من الثقيلة، نحو قوله تعالى : زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا ﴾ [التغابن : ] ، وقوله سبحانه : بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّن تَجْعَلَ لَكُم مَوْعِدًا [الكهف : ٤٨] ، أم كانت مشددة، كما في قول عبيد الله بن عتبة :
فَذُق هَجْرَهَا قد كُنْتَ تَزِعُمُ أَنَّهُ
رَشَادٌ أَلَا يَا رُبَّمَا كَذَبَ الزَّعَمُ
= وكما في قول كثير عزة :
ومثال «عَدَّ» قوله : [الطويل]
ش ١٢٤ - فَلا تَعْدُدِ المَوْلَى شَرِيكَكَ في الغِنَى
وَلِكنَّما المَوْلَى شَرِيكُكَ فِي العُلْمِ (۱)
وَقَد زَعَمتْ أَنِّي تَغَيَّرْتُ بَعدَهَا
وَمَن ذا الذي يَا عَزَّ لَا يَتَغَيَّرُ
وهذا الاستعمال مع كثرته ليس لازما ، بل قد تتعدى زعم إلى المفعولين بغير توسط «أن» بينهما ؛ فمن
ذلك بيت الشاهد الذي نحن بصدده، ومنه قول أبي أمية الحنفي، واسمه أوس :
زَعَمَتْنِي شَيْئًا وَلَسْتُ بِشَيخ
إِنَّمَا الشَّيخُ مَن يَدِبُّ دَبِيبًا
وزعم الأزهري أن زعم لا تتعدى إلى مفعوليها بغير توسط «أن»، وعنده أن ما ورد مما يخالف ذلك ضرورة من ضرورات الشعر لا يقاس عليها ، وهو محجوج بما روينا من الشواهد، وبأن القول بالضرورة خلاف الأصل .
(۱) هذا البيت للنعمان بن بشير الأنصاري الخزرجي .
اللغة : «لا تعدد لا تظن المولى» يطلق في الأصل على عدة معان سبق بيانها (ج ١ ص ٢٠٤) والمراد منه هنا الحليف، أو الناصر «العدم» هو هنا بضم العين وسكون الدال : الفقر ، ويقال : عَدِمَ الرجل يَعْدَمُ - بوزن علم يعلم - وأعدم فهو مُعْدِم؛ إذا افتقر .
المعنى : لا تظن أن صديقك هو الذي يشاطرك المودة أيام غناك ؛ فإنما الصديق الحق هو الذي يلوذ بك ويشاركك أيام فقرك وحاجتك .
الإعراب: «فلا» ناهية تعدد فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه السكون وحرك بالكسر للتخلص من التقاء الساكنين، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوباً تقديره أنت المولى» مفعول أول لتعدد «شريكك» شريك : مفعول ثان لتعدد وشريك مضاف والكاف مضاف إليه في الغنى جار ومجرور متعلق بشريك ولكنما» الواو عاطفة، لكن : حرف استدراك، وما : كافة المولى» مبتدأ شريكك شريك : خبر المبتدأ، وشريك مضاف، والكاف مضاف إليه في العدم جار ومجرور متعلق بشريك .
الشاهد فيه : قوله : فلا تعدد المولى شريكك حيث استعمل المضارع من عد» بمعنى تظن، ونصب به مفعولين، أحدهما قوله : «المولى»، والثاني قوله : «شريك» على ما سبق بيانه في الإعراب.
ومثل بيت الشاهد في ذلك قول أبي دواد جارية بن الحجاج :
لا أعد الإقتار عدماً وَلكِنْ
فَقدُ مَنْ قَدْ فَقَدْتُهُ الإعدام
فقوله : «أعد» بمعنى أظن، والإقتار : مصدر أقتر الرجل ، إذا افتقر، وهو مفعوله الأول، وعدماً : مفعوله الثاني. ومثله أيضًا قول جرير بن عطية :
تَعُدُّونَ عَقْرَ النِّيبِ أَفضَلَ مَجْدِكُم
بَنِي ضَوْطَرَى لَولَا الكَمِيَّ المُقَنَّعَا
فتعدون : بمعنى تظنون ؛ وعقر النيب : مفعوله الأول، وأفضل مجدكم : مفعول الثاني .
ظَنَّ وَأَخَوَاتُها
ومثال «حَجَا» قوله : [البسيط]
۲۹
ش ١٢٥ - قَدْ كُنْتُ أَحْجو أبا عَمْرٍو أَخاً ثِقَةٌ حَتَّى أَلَمَّتْ بِنا يَوْماً مُلِمَّاتُ (۱)
ومثالُ جَعَلَ» قوله تعالى : ﴿وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَدُ الرَّحْمَنِ إِننَّا [الزخرف: ١٩].
(
۱) هذا البيت نسبه ابن هشام إلى تميم بن أبي بن مقبل ، ونسبه صاحب المحكم» إلى أبي شنبل الأعرابي، ونسبه ثعلب في أماليه إلى أعرابي يقال له القنان، ورواه ياقوت في معجم البلدان (١٦٥/٧) أول أربعة
أبيات، وبعده قوله :
فَقُلتُ والمرءُ تُخطِيهِ عَطِيَّتُهُ
أَدنَى عَطِيَّتِهِ إِيَّايَ مِيثَاتُ
اللغة: «أحجو» أظن ألمت نزلت والملمات جمع ملمة، وهي النازلة من نوازل الدهر .
المعنى : لقد كنت أظن أبا عمرو صديقا يُركن إليه في النوازل، ولكني قد عرفت مقدار مودته إذ نزلت بي نازلة فلم يكن منه إلا أن نفر مني وأعرض عني ولم يأخذ بيدي فيها .
الإعراب: «قد حرف تحقيق كنت كان فعل ماض ناقص، والتاء اسمه أحجو» فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا أبا » مفعول أول لأحجو، وأبا مضاف، و «عمرو» مضاف إليه «أخا» مفعول ثان لأحجو، وجملة أحجو ومعموليه في محل نصب خبر كان ثقة» يقرأ بالنصب منوناً مع تنوين أخ، فهو حينئذ صفة له، ويقرأ بالجر منونًا ، فأخا حِينَئِذٍ مضاف، و«ثقة مضاف إليه، وعلى الأول هو معرب بالحركات، وعلى الثاني هو معرب بالحروف لاستيفائه شروط الإعراب بها «حتى» حرف غاية «ألمت ألم : فعل ماض والتاء للتأنيث «بنا» جار ومجرور متعلق بألم يوما » ظرف زمان متعلق بألم «ملمات» فاعل ألم .
الشاهد فيه : قوله : «أحجو أبا عمرو أخاً حيث استعمل المضارع من حجا» بمعنى ظن، ونصب به مفعولين، أحدهما : «أبا عمرو» والثاني: «أخاً ثقة».
هذا ، واعلم أن العيني صرح بأنه لم ينقل أحد من النحاة أن حجا يحجو ينصب مفعولين غير ابن مالك رحمه الله .
واعلم أيضًا أن حجا» تأتي بمعنى غلب في المحاجاة، وهي : أن تلقي على مخاطبك كلمة يخالف لفظها معناها ، وتسمى الكلمة أُحْجِيَّة وأُدْعِيَّة، وتأتي حجا أيضًا بمعنى قصد، ومنه قول الأخطل :
حَجَوْنَا بَنِي النُّعْمَانِ إِذ عَصَّ مُلكُهُمْ
وقَبلَ بَنِي النُّعْمَانِ حَارَبَنَا عَمْرُو
(عص ملكهم : أي صلب واشتد . وتأتي أيضًا بمعنى أقام، ومنه قول عمارة بن أيمن :
حَيثُ تَحَجَّى مُطرِقٌ بِالفَالِقِ
وقول العجاج :
فَهُنَّ يَعْكُفْنَ بِهِ إِذَا حَجَا
عَكْفَ النَّبِيطِ يَلْعَبُونَ الفَنْزَجَا
والتي بمعنى غلب في المحاجاة أو قصد تتعدى إلى مفعول واحد، والتي بمعنى أقام في المكان لا تتعدى بنفسها، وإنما تتعدى بالباء، كما رأيت في الشواهد.
وقيد المصنِّفُ جَعَلَ» بكونها بمعنى اعتقد احترازاً من (جعل) التي بمعنى (صَيَّرَ» فإنها من أفعال التحويل، لا من أفعال القلوب.
ومثال «هَبْ» قوله : [المتقارب]
ش ١٢٦ - فَقُلْتُ أَجِرْني أبا مالك وَإِلَّا فَهَبْني امْرَأَ هالكا (۱)
ونَبَّه المصنف بقوله : «أَعْني رَأَى على أنَّ أفعال القلوب منها ما ينصب مفعولين، وهو «رأى» وما بعدَهُ ممَّا ذكره المصنّف في هذا الباب، ومنها ما ليس كذلك (2) ، وهو قسمان : لازم، نحو : جَبنَ زيد ومُتَعَدِّ إلى واحد، نحو : «كَرِهْتُ زيداً».
(1) البيت لابن همام السلولي .
اللغة: «أجرني» اتخذني لك جارا تدفع عنه وتحميه، هذا أصله، ثم أريد منه لازم ذلك، وهو الغياث والدفاع والحماية، فمعنى «أجرني حينئذ : أغثني وادفع عني أبا مالك يروى في مكانه : «أبا خالد» هبني» أي عُدني واحسبني .
المعنى : فقلت : أغثني يا أبا مالك ؛ فإن لم تفعل ، فظن أني رجل من الهالكين .
الإعراب: «فقلت» فعل وفاعل «أجرني» أجر : فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوباً تقديره أنت، والنون للوقاية، والياء مفعول به لأجر «أبا منادى بحرف نداء محذوف، وأبا مضاف، و«مالك» مضاف إليه وإلا» هي إن الشرطية مدغمة في لا النافية، وفعل الشرط محذوف يدل عليه ما قبله من الكلام وتقديره : وإن لا تفعل، مثلاً فهبني» الفاء واقعة في جواب الشرط هب»: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوباً تقديره أنت والنون للوقاية، والياء مفعول أول امرأ» مفعول ثان لهب «هالكاً» نعت لامرئ .
الشاهد فيه قوله : «فهبني امرأ» فإن «هب» فيه بمعنى فعل الظن، وقد نصب مفعولين : أحدهما ياء المتكلم، وثانيهما قوله : «امرأ» على ما أوضحناه في الإعراب.
واعلم أن هب بهذا المعنى فعل جامد لا يتصرف ؛ فلا يجيء منه ماض ولا مضارع، بل هو ملازم لصيغة الأمر، فإن كان من الهبة - وهي التفضل بما ينفع الموهوب له - كان متصرفا تام التصرف، قال الله تعالى : وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ [الأنعام: ٨٤]، وقال سبحانه: يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَتَا [الشورى: ٤٩]، وقال : وهَبْ لِي حُكْمًا [الشعراء : ۸۳] . واعلم أيضًا أن الغالب على هب» أن يتعدى إلى مفعولين صريحين كما في البيت الشاهد، وقد يدخل على «أن» المؤكدة ومعموليها ، فزعم ابن سيده والجرمي أنه لحن، وقال الأثبات من العلماء المحققين : ليس لحنا ؛ لأنه واقع في فصيح العربية، وقد روي من حديث عمر : هَبْ أنَّ أبانا كان حمارًا»، وهو مع فصاحته قليل .
(2) وقد ذكر السيوطي في البهجة» ص ١٣٤ - ١٣٧ المعاني غير المرادة لكل من أفعال هذه الطائفة، فارجع إليه إن شئت .
هذا ما يتعلق بالقسم الأول من أفعال هذا الباب، وهو أفعال القلوب.
وأما أفعال التحويل، وهي المرادة بقوله : والتي كصيرا .. إلى آخره» فتتعدى أيضاً إلى
مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر، وعَدَّها بعضُهم سبعة :
صَيَّر» نحو : «صَيَّرْتُ الطِّينَ خَزَفاً» .
و جَعَلَ» نحو قوله تعالى : ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْتَهُ هَبَاءَ مَّنثُورًا [الفرقان : ٢٣] .
و «وَهَبَ» كقولهم : وَهَبَني الله فداك أي : صيَّرني .
و «تَخِذَ» كقوله تعالى : لَتَخِذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً﴾ [الكهف : ٧٧] (1) .
واتَّخَذَ» كقوله تعالى : ﴿وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا﴾ [النساء : ١٢٥].
و تَرَكَ» كقوله تعالى : ﴿وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضِ ﴾ [الكهف : ٩٩] وقول الشاعر : [الطويل]
ش ۱۲۷ - وَرَبَّيْتُهُ حَتَّى إِذا ما تَرَكْتُهُ
أخا القَوْمِ وَاسْتَغْنَى عَنِ الْمَسْحِ شَارِبُهُ (۲)
(1) هي قراءة ابن كثير وأبي عمرو ويعقوب. «النشر» (۲۳۹/۲).
(۲) البيت لفرعان بن الأعرف - ويقال : هو فرعان بن الأصبح بن الأعرف - أحد بني مرة، ثم أحد بني نزار ابن مرة، من كلمة له يقولها في ابنه منازل، وكان له عاقا ، والبيت من أبيات رواها أبو تمام حبيب بن أوس الطائي في ديوان الحماسة (انظر شرح التبريزي : ١٨/٤ بتحقيقنا وأول ما رواه صاحب الحماسة منها قوله :
جَزَت رَحِمٌ بَيني وبين مُنَازِل
جَزَاءً كما يَسْتَنْزِلُ الدَّرَّ حَالِبُهُ
لربيتُهُ حَتَّى إذا آضَ شَيظَمَاً
فَلَمَّا رَآنِي أُبْصِرُ الشَّخصَ أَشْخُصا
يَكَادُ يُسَاوِي غَارِبَ الفَحْلِ غَارِبُهُ
قريبا وذا الشخص البَعِيدِ أُقَارِبُهُ
تَغَمَّطَ حَقِّي باطلاً وَلَوَى يَدِي
لَوَى يَدَهُ اللهُ الَّذِي هُوَ غالبه
اللغة: واستغنى عن المسح شاربه كناية عن أنه كبر واكتفى بنفسه، ولم تعد به حاجة إلى الخدمة.
الإعراب: «ربيته» فعل وفاعل ومفعول حتى ابتدائية «إذا» ظرف تضمن معنى الشرط «ما» زائدة تركته» فعل ماض وفاعله ومفعوله الأول، والجملة في محل جر بإضافة «إذا» إليها أخا» مفعول ثان لترك، وأخا مضاف، و«القوم مضاف إليه واستغنى فعل ماض عن المسح جار ومجرور متعلق باستغنى شاربه» شارب : فاعل استغنى وشارب مضاف والهاء ضمير الغائب مضاف إليه .
الشاهد فيه قوله : تركته أخا القوم حيث نصب فيه بـ «ترك مفعولين لأنه في معنى فعل التصيير، أحدهما : الهاء التي هي ضمير الغائب، وثانيهما قوله : أخا القوم»، وقد أوضحناهما في الإعراب. هذا، وقد قال الخطيب التبريزي في شرح الحماسة»: إن أخا القوم حال من الهاء في تركته» وساغ =
و «رَدَّ» كقوله : [الوافر]
ش ۱۲۸ - رَمَى الحِدْثانُ نِسْوَةَ آلِ حَرْبٍ فردَّ شُعورهُنَّ السُّودَ بِيْضاً
بِمِقْدَارٍ سَمَدْنَ لَهُ سُمُودا ورَدَّ وُجُوهَهُنَّ البيض سودا (۱)
أفعال القلوب
«ظن» وأخواتها
أفعال التحويل :
١ - صير
ما يدل على اليقين :
ما يدل على الرجحان :
٢ - جعل
1 - رأى
۱ - خال
ه - عد
وهب
٤- تخذ
۲- ظن
٦ - حجا
ه - اتخذ
وجد
جعل
دری
زعم
تعلَّم
٦ - ترك
رد
وقوعه حالاً . مع كونه معرفة ؛ لأنه مضاف إلى المحلى بأل، والحال لا يكون إلا نكرة؛ لأنه لا يعني قوما بأعيانهم ، ولا يخص قوما دون قوم، وإنما عنى أنه تركه قويا مستغنيا لاحقا بالرجال، اهـ بإيضاح، وعليه لا استشهاد في البيت، ولكن الذي عليه الجماعة أولى بالنظر والاعتبار؛ لأن «أخا القوم» معرفة، والمعرفة لا تقع حالاً إلا بتأويل، وما لا يُحوج إلى تأويل أولى مما يحوج إليه .
=
(1) البيتان لعبد الله بن الزبير - بفتح الزاي وكسر الباء - الأسدي، وهما مطلع كلمة له اختارها أبو تمام في «ديوان الحماسة» وقد رواها أبو علي القالي في ذيل أماليه» (ص (١٥١) ولكنه نسبها إلى الكميت بن معروف الأسدي، وروى ابن قتيبة في عيون الأخبار» (٦٧٦/٢) البيتين اللذين استشهد بهما الشارح ونسبهما إلى فضالة بن شريك، والمعروف المشهور هو ما ذكره أبو تمام (انظر التبريزي (٢ / ٤٩٤)، وبعد البيتين قوله : فإِنَّكَ لَوْ رَأَيتَ بُكَاءَ هِند ورَمْلَةَ إِذْ تَصُكَانِ الخُدُودا
سَمِعت بكاءَ بَاكِيَةٍ وباك
أبان الدهر واحدها الفَقِيدًا
=
= اللغة : «الحدثان جعله العيني عبارة عن الليل والنهار، وكأنه حسبه مثنى، وإنما الحدثان - بكسر فسكون - نوازل الدهر وحوادثه سمدن من باب قعد : أي : حزن وأقمن متحيرات، وتوهمه العيني مبنيا للمجهول فرد وجوههن . .. إلخ» يريد أنه قد صير شعورهن بيضًا من شدة الحزن، ووجوههن سودا من شدة اللطم، ويشبه هذا ما روي أن العريان بن الهيثم دخل على عبد الملك بن مروان، فسأله عن حاله، فقال : ابيض مني ما كنت أحب أن يسود ، واسود مني ما كنت أحبُّ أن يبيض. يريد ابيض شعره وكبرت سنه وذهبت نضارة وجهه ورونق شبابه فصار أسود كابيا .
۲۰۹ - وَخُصَّ بالتَّعْليق والإلغاء ما
مِنْ قَبْلِ هَبْ وَالْأَمْرَ هَبْ قَدْ أُلزِما (۱)
۲۱۰ - كذا تَعَلَّمْ وَلِغَيْرِ المَاضِ مِنْ
سواهما اجْعَلْ كُلَّ مَا لَهُ زُكِنْ (۲)
الإعراب: «رمى» فعل ماض «الحدثان فاعل رمى نسوة» مفعول به لرمى، ونسوة مضاف، و «آل» مضاف إليه، وآل مضاف، و «حرب» مضاف إليه بمقدار جار ومجرور متعلق برمی سمدن» فعل وفاعل «له» جار ومجرور متعلق بسمد سمودًا» مفعول مطلق مؤكد لعامله «فرد» الفاء عاطفة رد فعل ماض وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على الحدثان شعورهن شعور مفعول به أول لرد، وشعور مضاف، وضمير النسوة مضاف إليه السود) صفة لشعور بيضًا مفعول ثان لرد ورد وجهوههن البيض سوداً مثل الجملة السابقة .
الشاهد فيه : قوله : فرد شعورهن ... إلخ) وقوله : ورد وجوههن ... إلخ حيث استعمل «رد» في معنى التصيير والتحويل، ونصب به - في كل واحد من الموضعين - مفعولين .
(۱) «وخص فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوباً تقديره أنت بالتعليق جار ومجرور متعلق بخص والإلغاء» معطوف على التعليق «ما» اسم موصول : مفعول به لخص مبني على السكون في محل نصب، ويجوز أن يكون خص فعلاً ماضياً مبنيا للمجهول، وعليه يكون «ما» اسماً موصولاً مبنيا على السكون في محل رفع نائب فاعل لخص، ولعل هذا أولى، لأن الجملة المعطوفة على هذه الجملة خبرية من قبل جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة ما، وقبل مضاف و هب» قصد لفظه : مضاف إليه والأمر» الواو حرف عطف، الأمر - بالنصب - مفعول ثان مقدم على عامله، وهو «ألزم» الآتي «هب» قصد لفظه : مبتدأ، وقد حرف تحقيق «ألزما» ألزم: فعل ماض مبني للمجهول، والألف للإطلاق، ونائب الفاعل - وهو مفعوله الأول - ضمير مستتر فيه جوازاً تقديره هو يعود على هب، والجملة من ألزم ومعمولاته في محل رفع خبر المبتدأ.
(۲) «كذا» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم تعلم» قصد لفظه : مبتدأ مؤخر ولغير» الواو عاطفة، لغير : جار ومجرور متعلق بقوله : اجعل الآتي، وغير مضاف، والماض»: مضاف إليه «من سواهما» الجار والمجرور متعلق بمحذوف نعت لغير ، وسوى مضاف والضمير مضاف إليه (اجعل فعل أمر، وفاعله =
تقدم أنَّ هذه الأفعال قسمان، أحدهما : أفعال القلوب، والثاني : أفعال التحويل.
فأما أفعال القلوب، فتنقسم إلى : متصرفة، وغَيْرِ متصرفة .
فالمتصرفةُ : ما عدا «هَبْ، وَتَعلَّمْ فيستعمل منها الماضي، نحو: «ظَنَنْتُ زيداً قائماً» وغير الماضي، وهو المضارع نحو : «أظنُّ زَيْداً قائماً والأمْرُ، نحو : «ظُنَّ زَيْداً قائماً» واسم الفاعل، نحو : «أنا ظانٌ زَيْداً قائماً واسم المفعول، نحو : «زَيْدٌ مَظنون أبوه قائماً» فأبوه : هو المفعول الأول، ارتفع لقيامه مقام الفاعل، وقائماً» المفعول الثاني. والمصدر، نحو : عَجِبْتُ مِنْ ظَنَّكَ زَيْداً قائماً ويَثْبُتُ لها كلّها من العمل وغيره ما ثبت للماضي.
وغير المتصرف اثنان، وهما : هَبْ وَتَعلَّمْ، بمعنى اعْلَمْ ، فلا يستعمل منهما إلا صيغة الأمر ) ، كقوله : [الطويل]
تَعَلَّم شِفَاءَ النَّفْسِ قَهْرَ عَدُوِّها وقوله : [المتقارب]
فَبَالِغْ بِلُطْفٍ في التَّحَيُّلِ والمَكْرِ [١٢٠] (٢)
فقلْتُ أَجِرْني أبا مالِكِ
وَإِلَّا فَهَبْني امْرَأَ هالكا [١٢٦] (٣)
=
ضمير مستتر فيه وجوباً تقديره أنت «كل» مفعول به لاجعل، وكل مضاف، و «ما» اسم موصول مضاف إليه «له» جار ومجرور متعلق بزكن الآتي زكن فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازاً تقديره هو يعود إلى ما الموصولة، والجملة من زكن ونائب فاعله لا محل لها صلة الموصول.
(1) وحكي تصرُّف تعلّم عن ابن السكيت، وهو مذهب الأعلم، وصححه ابن الدماميني . «حاشية الصبان» ٣٧/٢
(۲) ارجع إلى شرح هذا البيت فيما مضى أول الباب، وهو الشاهد رقم ۱۲۰.
(۳) قد شرحنا هذا الشاهد آنفًا ، فارجع إليه، وهو الشاهد رقم ١٢٦ .
واخْتَصَّتِ القَلْبية المتصرفة بالتعليق والإلغاء (۱) (2) ؛ فالتعليق هو : تَرْكُ العملِ لَفْظاً دون مَعْنَى لمانع (3) ، نحو : «ظَنَنْتُ لَزَيْدٌ قائم ، فقولك : «لَزَيْدٌ قائِمٌ» لم تعمل فيه «ظننتُ» لفظاً، لأجل المانع لها من ذلك، وهو اللام، لكنه في موضع نَصْب ، بدليل أَنَّكَ لو عَطَفْتَ عليه لَنَصِبْتَ ، نحو : «ظَنَنْتُ لَزَيْدٌ قَائِمٌ وَعَمْراً مُنْطَلِقاً فهي عاملة في «لَزَيْدٌ قائِمٌ في المعنى دون اللفظ (٤) .
والإلغاء : هو تَرْكُ العمل لفظاً ومَعْنَى لا لمانع (5) ، نحو : «زَيْدٌ ظَنَنْتُ قَائِمٌ» فليس لـ «ظننت» عَمَلٌ في «زيد قائِمٌ لا في المعنى ولا في اللفظ .
(۱) هذه العبارة موهمة أن التعليق والإلغاء لا يجري واحد منهما في غير أفعال القلوب إلا ما استثناه، وليس كذلك، بل يجري التعليق في أنواع من الأفعال سنذكرها لك فيما بعد، وعلى هذا يكون معنى كلام الناظم والشارح أن الإلغاء والتعليق معاً مما يختص بأفعال القلوب دون جميع ما عداها من الأفعال، وهذا لا ينافي أن واحدا منهما بمفرده قد يجري في غير أفعال هذا الباب، وهو التعليق .
ثم إن التعليق يجري في أربعة أنواع من الفعل :
(الأول) : كل فعل شك لا ترجيح فيه لأحد الجانبين على الآخر، نحو : شككت أزيد عندك أم عمرو ، ونسيت أإبراهيم مسافر أم خالد، وترددت أكان معي خالد أمس أم لم يكن .
(الثاني): كل فعل يدل على العلم، نحو : تبينت أصادق أنت أم كاذب، واتضح لي أمجتهد أنت أم مقصر .
(النوع الثالث) : كل فعل يطلب به العلم نحو : فكرت أتقيم أم تسافر ، وامتحنت عليا أيصبر أم يجزع، وبلوت إبراهيم أيشكر الصنيعة أم يكفرها ، وسألت أتزورنا غدًا أم لا ، واستفهمت أمقيم أنت أم راحل . (الرابع) : كل فعل من أفعال الحواس الخمس نحو : لمست وأبصرت واستمعت، وشممت، وذقت.
(2) علل الأشموني ذلك بقوله : لأن هذه الأفعال لا تؤثر فيما دخلت عليه تأثير الفعل في المفعول؛ لأن متناولها في الحقيقة ليس هو الأشخاص، وإنما متناولها الأحداث التي تدل على أسامي الفاعلين والمفعولين، فهي ضعيفة العمل بخلاف أفعال التصيير . «شرحه» ٣٦/٢ - ٣٧ .
(3) المانع : مجيء ما له صدارة الكلام بعد الفعل كأداة الاستفهام، أو لام الابتداء، وسيذكره الشارح بالمثال لا بالنص. ويُزاد عليه «ما» و «إنْ» النافيتان؛ كما في قوله تعالى : ﴿لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنطِقُونَ [الأنبياء : ٦٥].
(٤) مثل ذلك قول كثير بن عبد الرحمن صاحب عزة : وَمَا كُنتُ أدرِي قَبْلَ عَزَّةَ مَا البُكَى
وَلَا مُوجِعَاتِ القَلبِ حَتَّى تَوَلَّتِ
فأنت ترى أنه عطف موجعات القلب بالواو على جملة ما البكى» التي علق عنها «أدري» بسبب «ما» الاستفهامية، وقد أتى بالمعطوف منصوبا بالكسرة نيابة عن الفتحة لأنه جمع مؤنث سالم .
(5) أي : لا لمانع لفظي، وإلا فالمانع المعنوي من ضعف العامل بسبب توسطه أو تأخره موجود.
ويثبت للمضارع وما بعده مِنَ التَّعليق وغيره ما ثَبَتَ للماضي، نحو : «أَظُنُّ لَزَيْدٌ قَائِمٌ» وزَيْدٌ أَظُنُّ قائِمٌ» وأخواتها .
وغير المتصرفة لا يكون فيها تعليق ولا إلغاء (1) ، وكذلك أفعالُ التَّحويل، نحو : «صَيَّرَ» وأخواتها .
التصريف في «ظن» وأخواتها
أفعال القلوب
متصرف
غير متصرف
ما عدا «هَبْ»
و «تَعَلَّمْ» واختصت بـ
تَعَلَّمْ»
التعليق :
الإلغاء :
أفعال التحويل
متصرفة
ترك العمل لفظاً دون معنى لمانع
ترك العمل لفظاً ومعنى لا لمانع
۲۱۱ - وَجَوِّزِ الإِلغاء لا في الابتدا
وانو ضميرَ الشَّأْنِ أَوْ لامَ ابْتِدا (۲)
(1) علل الأشموني عدم تعليق أو إلغاء «هَبْ» و «تَعَلَّمُ بضعف شبههما بأفعال القلوب من حيث لزوم صيغة الأمر. «شرحه» ۳۷/۲.
(۲) «وجوز» فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوباً تقديره أنت «الإلغاء» مفعول به لجوز «لا» حرف عطف في الابتداء جار ومجرور معطوف على محذوف، والتقدير : جوز الإلغاء في التوسط وفي التأخر لا في الابتداء وانو» الواو حرف عطف انو : فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوباً تقديره أنت ضمير» مفعول به لانو وضمير مضاف، والشأن مضاف إليه «أو» عاطفة «لام معطوف على ضمير، ولام مضاف، وابتدا مضاف إليه، وقد قصره للضرورة.
۲۱۲ - في مُوهِم إِلغاء ما تقدما ۲۱۳ - وَإِنْ» و«لا» لامُ ابْتِدَاءِ أَوْ قَسَمْ
والتزم التَّعْليقُ قَبْلَ نَفْي «ما» (۱)
كذا والاستفهام ذا لَهُ انْحَتَمْ (۲)
يجوز إلغاء هذه الأفعال المتصرّفَةِ إذا وقعَتْ في غير الابتداء كما إذا وقعتْ وَسَطاً، نحو : زَيْدٌ ظَنَنْتُ قَائِمٌ أو آخراً ، نحوُ : « زَيْدٌ قائمٌ ظَنَنْتُ (۳) ، وإذا تَوَسَّطَتْ، فقيل :
(۱) في موهم جار ومجرور متعلق بانو في البيت السابق، وفاعل «موهم ضمير مستتر فيه «إلغاء» مفعول به لموهم، وإلغاء مضاف، و «ما» اسم موصول مضاف إليه تقدما فعل ماض وفاعله ضمير مستتر فيه جوازاً تقديره هو يعود إلى ما الموصولة، والجملة من تقدم وفاعله لا محل لها صلة ما الموصولة «والتزم» فعل ماض مبني للمجهول التعليق نائب فاعل لالتزم قبل ظرف متعلق بالتزم وقبل مضاف، ونفي» مضاف إليه، ونفي مضاف، و «ما» قصد لفظه : مضاف إليه.
(۲) «وإن، ولا معطوفان على «ما» في البيت السابق لام» مبتدأ، ولام مضاف وابتداء» مضاف إليه «أو» عاطفة «قسم» معطوف على ابتداء كذا» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ والاستفهام» مبتدأ أول «ذا» اسم إشارة : مبتدأ ثان «له» جار ومجرور متعلق بانحتم الآتي انحتم فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازاً تقديره هو يعود إلى اسم الإشارة، والجملة من انحتم وفاعله في محل رفع خبر المبتدأ الثاني، وجملة المبتدأ الثاني وخبره في محل رفع خبر المبتدأ الأول.
(
۳) ظاهر هذه العبارة أن الإلغاء جائز في كل حال ما دام متوسطا أو متأخرا، وليس كذلك، بل للإلغاء مع ذلك ثلاثة أحوال : حال يجب فيه، وحال يمتنع فيه، وحال يجوز فيه . فأما الحال الذي يجب فيه الإلغاء فله موضعان : أحدهما أن يكون العامل مصدرًا متأخرًا، نحو قولك : عمرو مسافر ظَنِّي، فلا يجوز الإعمال هنا ؛ لأن المصدر لا يعمل متأخرًا . وثانيهما : أن يتقدَّم المعمول وتقترن به أداة تستوجب التصدير، نحو قولك : لزيد قائم ظننت، وأما الحال الذي يمتنع فيه الإلغاء فله موضع واحد وهو : أن يكون العامل منفيا ، نحو قولك : زيدًا قائما لم أظن ؛ فلا يجوز هنا أن تقول : زيد قائم لم أظن ؛ لئلا يتوهم أن صدر الكلام مثبت، ويجوز الإلغاء والإعمال فيما عدا ذلك .
للإلغاء ثلاثة أحوال
حال يجب فيه
أن يكون العامل مصدراً متأخراً (عمرو مسافر ظني)
أن يتقدم المعمول وتقترن به أداة تستوجب التصدير لزيد قائم ظننت
حال يمتنع فيه
أن يكون العامل منفيا زيداً قائماً لم أظن)
حال يجوز فيه
يجوز الإعمال والإلغاء فيما عدا ذلك
الإعمال والإلغاء سيّانِ ، وقيل : الإعمال أحسن من الإلغاء (1) ، وإن تَأَخَّرَتْ فالإلغاء أحْسَنُ ، وإن تقدَّمت امتنع الإلغاء عند البصريين ؛ فلا تقول : «ظَنَنْتُ زَيْدٌ قَائِمٌ» بل يجب الإعمال (2) ؛ فتقولُ : «ظَنَنْتُ زَيْداً قائماً فإن جاء من لسان العرب ما يوهم إلغاءها مُتقدِّمةً أُولَ على إضمار ضميرِ الشَّأْنِ، كقوله : [البسيط]
Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance
You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT
ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.
We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate
القياس هو التعبير عن الاشياء بالارقام حسب قواعد محدده هو وصف كمي للسلوك او تكميم الظواهر هو عمليه...
تتناول هذه الدراسة الجانب الأخلاقي في المعاملات ، فالمعاملات في الإسلام تحکمها قواعد ثابتة وقيم أخلا...
not only domesticated animals who have acted heroically.In the middle of the attack, a group of dol...
بحكمة القائدين خرج لقاؤهما بإعلان دبي عام 8691م، والذي بشر بإقامة اتحاد بين الإمارتَيْن،ِ رَنِّيسُهُ...
Gaupe, også kjent som eurasisk gaupe (Lynx lynx), er en rovdyrart som tilhører kattfamilien. Den er ...
متى يتحقق التوازن في السوق النقدي ؟ يتحقق التوازن في السوق النقدي عندما تتساوى كمية الأموال المطلوبة...
قام المحققون بتطبيق الخطوات المحددة لحماية دليل الجريمة وفقًا لما هو مذكور في المصادر العملية. تم تأ...
Some of the main Emirati media channels include Dubai TV, which broadcasts Arabic entertainment and ...
ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﻨﮭﺎ ﺑﺪ اﻷول اﻟﻔﺼﻞ ﻻ ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ.. ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﻤﻘﺪﻣﺔ : أوﻻً ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻟﻨﻄﺮح اﻟﻔﺼﻞ ھﺬا ﻋﻨﻮان ﻣﻌﺎ ﻧﺘﺄ...
The S*" Grey's biology 5 The nervous system Second Peripheral nervous system ال ال Nelwork • it conn...
كانت لماريلا أسبابها الوجيهة التي جعلتها تُحْجِم عن إعلام أن أنها ستبقى في المرتفعات الخضراء، ولم تع...
طرق قياس العلاقات الاجتماعية (1) طريقة مورينو وضع مورينو الاختبار السيوسومتري الذي يمر من يمر من ي...