Online English Summarizer tool, free and accurate!
التطور التاريخي والعمراني لمدينة عمـان • الدكتور خليف مصطفى غرايبة الملخص تعود مدينة عمان في تاريخها إلى أكثر من خمسة آلاف سنة، أنظمة سياسية كثيرة (كاليونان والرومان والحكم الإسلامي) تركت وراءها كثيراً من المخلفات الأثرية. نسمة، متسارعاً؛ وذلك بسبب الهجرات القسرية الوافدة إليها من فلسطين ولبنان والكويت علاوة على الهجرات الإختيارية من مختلف أرجاء المملكة. هدفت هذه الدراسة إلى تتبع مراحل التطور التاريخي والعمراني للمدينة وتحليلها، ولتحقيق هذه الأهداف اتّبع الباحث المنهج التصاعدي التتبعي بأساليب توصلت الدراسة إلى نتائج وتوصيات مهمة من شأنها تحسين نوعية الحياة وقد ضمن الباحث هذه الدراسة العديد من الأشكال والرسوم التوضيحية التي تسهم في توضيح محتواها وتحقيق أهدافها. مقدمة: تعاقب على مدينة عمان وما يجاورها أنظمة سياسية كثيرة يعود أقدمها في تاريخه إلى أكثر من خمسة آلاف سنة قبل الميلاد، العصر الحجري والعصرين البرونزي والحديدي، مراحل تقدم وازدهار وتراجع وانحسار في أثناء تعاقب تلك الأنظمة عليها 1) يعد العمونيون أهم وأقدم الأنظمة التي عرفتها المدينة، وهم الذين أعطوها اسمهم فأطلقوا عليها في البداية اسم "ربة عمون"، والربة تعني العاصمة أو دار الملْك، ثم سقطت كلمة "ربة" مع مرور الزمن وبقيت "عمون" التي حورتّها الشّعوب المتعاقبة . وقد تعاقب على حكْم المدينة أنظمة كثيرة كاليونان والرومان والحكم الإسلامي بمراحله المتعاقبة (الأموي والعباسي والفاطمي والأيوبي والمملوكي والعثماني)، استقبلت مدينة عمان في العصر الحديث أفواجاً عديدة من المهاجرين، ابتدأ أولها عام 1876 بهجرة الشراكسة (الجراكسة) من القوقاز، تلاها هجرات عديدة بقدوم عديدة للفلسطينيين، وما تبعها من هجرات إثر الأزمات المتلاحقة لدولٍ عربيةٍ مجاورة 3) في الربع الأخير من القرن العشرين( في لبنان والكويت والعراق) ومنذ أن اتّخذ الهاشميون عمان عاصمة لملْكهم بدأت الحياة تتغير تغيراً كبيراً فيها نتيجة للزيادة المتسارعة في عدد سكّانها وما رافقه من توسع عمراني مضطرد أثّر بشكل واضح في تركيبها الداخلي ومراحل توسعها المورفولوجي 1) . تحتل مدينة عمان حالياً المرتبة الأولى في السلّم الطبقي لمراتب المدن الأردنية، الحضري على مستوى المملكة . ويمكن القول : إن أكثر السنوات تأثيراً في التوسع العمراني للمدينة هي المرحلة التي امتدت من نهاية القرن التاسع عشر ونهاية القرن العشرين (1876م - 2000م) وسورية وفلسطين ولبنان والعراق وغيرها). منطقة الدراسة: تتمثّل منطقة الدراسة في المساحة التي احتلها موضع مدينة عمان (منذ النشأة 626. 5كم، 2 مع الإشارة إلى أهمية موقعها في النصف الشرقي لإقليم مرتفعات البلقاء الممتدة بين نهر الزرقاء في الشمال ووادي الموجب في الجنوب بين درجتي 33ْ و 34ْ شرقاً ودرجتي عرض 32ْ و33ْ شمالاً، العوامل ا مل همة في وجود مدينة عمان أصلاً (شكل رقم 1) . مجالات الدراسة : وتتمثّل بما يأتي : 1 - المجال المكاني (المساحي): يتمثّل ذلك بالحدود الإدارية لموضع أمانة عمان 5كم. بمدة تقدر بخمسة آلاف سنة بشكل عام، عمر المدينة (1876 –م 2000) أهمها لما لهذه المرحلة من تأثير واضح في إلاّ بعض الموروثات العمرانية البسيطة. 3 - المجال السكّاني: ويتمثّل بعدد سكّان المدينة وكيفية تطوره في أثناء مدة الدراسة. أهمية الدراسة: مورفولوجيتها (الكلّ المرئي لها أو التاونسكيب واتسعت المدينة اتساعاً كبيراً أفُقياً ياً وانعكس ذلك على تنوع سكانها ومساكنها (مبانيها) ونموهم، فتعددت وتنوعت أحجام المباني وأشكالها وأغراضها من مرحلة تاريخية إلى أخرى، وتعقد التركيب الداخلي لها نظراً إلى موجات المهاجرين المتلاحقة التي تعاقبت على المدينة وعدتها بعض الدراسات أسرع المدن نمواً في المنطقة 2) العربية وعجزت الإدارة المحلية وهنا تكْمن أهمية هذه الدراسة (التوسع التاريخي والعمراني )، في أنّها تُشكّل – ولونسبياً - مؤشّرا للمخططين وللقائمين على إدارة المدينة من ناحية تطبيقية، للمختصين في دراسات المدينة من ناحية أكاديمية، ويأمل الباحث أن تشكّل هذه وقد جاء هذا البحث ليكون جهداً متواضعاً في هذا المجال، ومعلوماته مجموعة من المصادر والمراجع والخرائط والزيارات الميدانية، ومعرفة أهداف الدراسة: تسعى هذه الدراسة إلي تحقيق الهدف العام الآتي : دراسة التطور التاريخي والتطور العمراني لمدينة عمان، وتحليل نتاج التفاعل القائم بين هذين التطورين؛ كما تسعى هذه الدراسة إلى تحقيق الأهداف الفرعية الآتية: 2 - دراسة مدى استفادة الأنظمة التي تعاقبت على حكم المدينة من خصائص موقعها 3 - تعرف الموروثات العمرانية التي خلفتها الأنظمة السياسية في موضع المدينة. 5 - إبراز مراحل التوسع المورفولوجي للمدينة في أثناء مدة الدراسة. وأكاديمية مختلفة فمن الدراسات ما اهتم بالوضع الاجتماعي للمدينة ( هاكر) بأو المراحل المورفولوجية للمدينة (غرايبة) 3)
وهناك دراسة جغرافية 3) عامة عن المدينة (صالح) ودراسات عن الوضع السكاني للمدينة (أبو عياش) 4) و(أبو صبحه) و سمحه) 6) وهناك دراستان عن التركيب الداخلي لمناطق من 7) المدينة (أبوسنينه) و(علي) .اعتمد الباحث في دراسته هذه على تتبع مراحل التطور التاريخي والعمراني المنهج التتّبعي التصاعدي Approach Treatment Vertical الذي يهتم بكيفية نمو
. وامتد حكم العمونيون طيلة مرحلة العصر الحديدي (القرن12ق)، الأشوري الذي اجتاحهم عام 850ق. م حينما ثارت عمون على حكم أشور بانيبال فجاء بجيوشه وحاصرها وأحرق النار أسوارها واستولى عليها وأجلى أهلها إلى بلاده. بعد ذلك خضعت عمون لحكم الفرس فالاسكندر المقدوني فالبطالسة، وفي سنة 284ق. ونال موقعها إعجاب هذا القائد، فقام ببناء مدينة جديدة على أنقاض المدينة القديمة ومنحها اسماً جديداً مستمداً . ثم حكمها السلوقيون اليونان سنة 63ق. وفي هذه المرحلة أصبحت فيلادلفيا إحدى مدن الديكابولس فالرومان، المدينة، وقد ساعد ذلك على ازدهارها، بنائهم يقوم على أساس بناء هيكل هيراكليس في الوسط، وبقي هذا المخطط حتى عام 1860م حيث كان يرى شارع يمتد من راس العين شرقاً ليصل إلى جسر رغدان غرباً، 3) الشمال الغربي ليلتقي مع الشارع الأول في ساحة الجامع بمركز المدينة الحالي . اهتم الرومان في القرنين الثاني والثالث بعد الميلاد بالمدينة اهتماماً خاصاً فنظموا بناياتها وزادوها الأمر الذي أدى إلى اتساع مساحتها، فأقيمت بها المنشآت وتم تزويدها بالأسوار المنيعة وازدهرت . وشهدت المدينة ازدهاراً أكبر في العصر البيزنطي واستمر نموها إلى أن أصبحت –كما يقال– من أكبر المدن المسيحية الواقعة إلى الشرق من الأردن فأنشئت 2) فيها دار أسقفية، وبنيت فيها كنائس عديدة . 2 - عمان في العصور الإسلامية: باسمها الإغريقي "فيلادلفيا" بدليل أن الرسول صلى االله عليه وسلّم ذكرها في أحاديثة الشام، يزيد بن أبي سفيان سنة 16هـ وجعلها قاعدة للنصف الجنوبي من شرقي الأردن الذي ازدهرت عمان في العصر الأموي، ويستدل على ذلك من الآثار المكتشفة في جبل القلعة، حيث اكتشفت بعض البيوت الأموية التي امتازت بوجود واكتشف معملاً لضرب النقود 1) وامتازت المدينة في العصر الأموي بقلعتها الحصينة . ومع ذلك ظلت المدينة تحتفظ بقليل من أهميتها ومكانتها، ووصفها الجغرافيون العرب بأنها عامرة وافرة الغلال والثروات، وبقيت عمان مركزاً للوالي المسؤول عن البلقاء ومنطقة الشراه احتفظت عمان بأهميتها في عهد الدولة الفاطمية واستمرت مركزاً من مراكز البلقاء العمرانية، وقد زار ياقوت الحموي عمان في هذا العهد وقال : إنّها واسعة الخيرات غزيرة المياه . الأردن فقتلت ودمرت وقضت على الزراعة والعمران، وخاصة الزلازل) وتراكمت المستنقعات في عمان السفلى بسبب فيضانات السيل الذي فانتشر مرض الملاريا وخلت المدينة من السكان وتحولت إلى قرية إلاّ ورود قطعان الجمال الماشية إليها 5) للاستسقاء من مياهها المملوكي مقراً لولاية الأمير صرغتمش، 1) لتدريس المذهب الحنفي، . : كما وجد فيها حمام ضخم بالقرب من مبنى أمانة العاصمة الحالي، كما لا يزال فيها آثار الخان الذي يقع بين المسجد الجامع والحمام المذكور، السفلى (أطراف السيل)، أما أبرز المخلفات العمرانية الإسلامية في عمان العليا (جبل تبعت عمان بعد ذلك الحكم العثماني وكانت أحد المراكز المهمة – نسبياً – ولكن أهميتها بدأت بالتراجع حتى أنها أصبحت (3) لموقعها على طريق الحاج الشامي خاوية من السكان تقريباً طيلة القرن التاسع عشر، ة حيث وجدوها خالية من السكان وتحدثوا ثلاث مجموعات من المهاجرين الجركس (خلال سنوات ، 1880 1897) من المدينة (منطقة المحطة)، امتداد السيل شرقاً، الحديثة، ثم توافد إلى المدينة مجموعات كبيرة من سكان مدينة السلط والقرى المجاورة. ويذكر أحد الذين زاروها سنة 1912م بأن سكانها بلغوا 1800نسمة، وكان
: في عام 1921 ظهرت إمارة شرقي الأردن ككيان سياسي بقيادة الأمير عبد االله ابن الحسين بن علي، الذي اتخذ من عمان عاصمة لإمارته، وكان لهذا القرار السياسي . الأثر الأكبر في نمو المدينة في تزايد عدد سكانها واتساع مساحتها وتعقد استعمالات الأرض فيها. ويمكن تمييز مرحلتين فرعيتين لتطور عمان التاريخي العمراني في العهد الهاشمي وهي: أ - مرحلة الإمارة الأردنية(1921 –م 1946م): في هذه المرحلة بدأت عمان بالتزايد
. ومساحتها 3كم، في المدينة مبانٍ سكنية بسيطة تتكون من الحجر غير المهذّب والطين تلتفّ حول المسجد الحسيني، علاوة على الموروثات المعمارية التي ذُكِرتْ سابقاً (شكل رقم 2) وكانت وعلى مقربة من المدينة وعلى جبل القصور المجاوركان الأمير عبداالله قد أقام قصر رغدان وذلك عام
أ، ي ما يعادل 60 مرة من التطور. وفي هذه المرحلة التاريخية المهمة(مرحلة المملكة) مرت مدينة عمان بأربع : (شكل رقم4) نسمة ومساحتها 45كم، وأشدها وطأةً حيث عاصرت نكبة فلسطين 1948 وما تلاها من هجرات قسرية، كما أن المدينة أصبحت عاصمة للضفتين منذ عام 1950 إثر الوحدة، وشهدت عمان في هذه المرحلة تعاقب ثلاثة من حكم الهاشميين (الأمير المؤسس والملك طلال والملك حسين)، Urbanization ولهذا ازداد الطلب على المساكن والمرافق العامة، وازدهرت وأُنشئ العديد من المؤسسات التعليمية والثقافية والاجتماعية والصحية واضطرت أمانة عمان لتوسيع حدودها لتشمل أحياء جديدة مثل: المدينة ليغطّي معظم معظم سفوح الجبال في عملية زحف Accretion في جبال النزهة وفي هذه المرحلة شهدت المدينة ظهور نمط شاذ من التجمعات السكانية شكّلت بعداً جديداً في مورفولوجيتها وهو: إنشاء مخيمات اللاجئين الفلسطينيين وهي مخيم ومخيم الوحدات في جنوبها (41ألف ومخيم المحطة في شرقها (9آلاف نسمة)، تطوراً عمرانياً هائلاً، وتنوعت مواد البناء في مساكن المدينة من حجر وطين وإسمنت، وأما المخيمات فكانت من الصفيح. ب - المرحلة المورفولوجية الرابعة 1959 - 1972 : بلغ عدد سكّان المدينة مع 2 وفي هذه المرحلة زاد عدد سكان المدينة بمعدل %7 نتيجة للهجرة إليها من الأرياف والمدن الأردنية، وتوسعت المدينة على محاور خمسة هي: صويلح السلط شمالاً غرباً ووادي السير غرباً والزرقاء شمالاً شرقاً والقدس جنوباً غرباً ومادبا العقبة جنوباً (شكل كما شهدت المدينة توسعاً أفقياً مفرطاً في المباني وابتلع هذا التوسع بعض القرى كالقويسمة وابوعلندا وماركا وعبدون وأم الحيران وتلاع العلي وفي هذه المرحلة انتشرت في المدينة ظاهرة الحدائق حيث بلغ عددها 62 حديقة، وزاد عدد المباني الخدمية ووصل عدد المستشفيات إلى 11 مستشفى عام، وأُسستِ الجامعة الأردنية (1962)، وصدر قانون تسمية الشوارع (1965)، وأُسستْ مؤسسات مهمة كالتلفزيون ومدينة الحسين للشباب، للوظيفة السكنية ومباني الخدمات العامة، كما شهدت 2 المدينة area up built 40كم ومن أهم هذه الدواوير: الأول والثاني والثالث والرابع في جبل عمان، ودوار عبدالناصر (الداخلية سابقاً)، ودوار ومع نهايات هذه المرحلة انتشرت ظاهرة الإشارات المرورية الكهربائية. ج - المرحلة المورفولوجية الخامسة 1973 - :1986 بلغ عدد سكّان المدينة مليون 2 شهدت عمان في هذه المرحلة نهضة عمرانية وامتازت المدينة بالامتداد العمراني المتسارع وامتلأت الفضاءات، وأُنْشِئَ "أوتوستراد" وفي هذه المرحلة أُنْشِئَ العديد من الأسواق الشعبية والمنشآت الحكومية، وأُنْشِئَ أكبر مشروع وما يؤخذ على هذه المرحلة اتنشار ظاهرة السكن والأحياء غير المخططة 1) متخلّفة عما يجاورها، وفي هذه المرحلة قامت أمانة عمان بإنشاء العديد من صقرة . التي تهدف إلى وضع إطار تخطيطي ينظّم ظاهرة النمو العمراني، التخطيط والتنفيذ والمتابعة للمشاريع اللازمة. د - المرحلة المورفولوجية السادسة 1987 :2000- بلغ عدد سكان عمان نحو 2مليون الكبرى مهمتها الرئيسية الإشراف على تخطيط المدينة وتوجيه نموها، 14 بلدية و11مجلساً قروياً موزعة جغرافية على 20 منطقة (شكل رقم7 . وشهدت هذه المرحلة هجرة جديدة من الوافدين من دولة الكويت عام 1991م قُدر عددهم بـ300ألف نسمة، فازداد الطلب على السكن وانتشرت ظاهرة التوسع لسكني العمودي، كما انتشرت ظاهرة الأسواق التجارية الضخمة (المولات)، ورغم التوسع في خدمات البنية التحتية إلاّ أن كفاءتها كانت دون المستوى المطلوب . النتائج و التوصيات
التطور التاريخي والعمراني لمدينة عمـان
(منذ النشأة حتّى نهاية القرن العشرين)
• الدكتور خليف مصطفى غرايبة
الملخص
تعود مدينة عمان في تاريخها إلى أكثر من خمسة آلاف سنة، تعاقب على حكمها
أنظمة سياسية كثيرة (كاليونان والرومان والحكم الإسلامي) تركت وراءها كثيراً من
المخلفات الأثرية.
وسكانها 5 آلاف 2 دخلت عمان القرن العشرين كبلدة صغيرة مساحتها 2 كم
نسمة، وبعد اتخاذها عاصمة للهاشميين (1921) بدأت المدينة تشهد تطوراً عمرانياً
متسارعاً؛ وذلك بسبب الهجرات القسرية الوافدة إليها من فلسطين ولبنان والكويت
والعراق، علاوة على الهجرات الإختيارية من مختلف أرجاء المملكة.
هدفت هذه الدراسة إلى تتبع مراحل التطور التاريخي والعمراني للمدينة
وتحليلها، ولتحقيق هذه الأهداف اتّبع الباحث المنهج التصاعدي التتبعي بأساليب
اعتمدت العديد من المصادر والمراجع والخرائط والصور الجوية والفضائية للمدينة.
توصلت الدراسة إلى نتائج وتوصيات مهمة من شأنها تحسين نوعية الحياة
للسكان والاسترشاد بها من قبل المخططين وصانعي القرار في المدينة، وقد ضمن
الباحث هذه الدراسة العديد من الأشكال والرسوم التوضيحية التي تسهم في توضيح
محتواها وتحقيق أهدافها.
مقدمة:
تعاقب على مدينة عمان وما يجاورها أنظمة سياسية كثيرة يعود أقدمها في
تاريخه إلى أكثر من خمسة آلاف سنة قبل الميلاد، فقد نشأت فيها أقدم الحضارات في
العصر الحجري والعصرين البرونزي والحديدي، وشهدت عمان - كغيرها من المدن -
مراحل تقدم وازدهار وتراجع وانحسار في أثناء تعاقب تلك الأنظمة عليها
(1)
.
يعد العمونيون أهم وأقدم الأنظمة التي عرفتها المدينة، وهم الذين أعطوها اسمهم
فأطلقوا عليها في البداية اسم "ربة عمون"، والربة تعني العاصمة أو دار الملْك،ثم
سقطت كلمة "ربة" مع مرور الزمن وبقيت "عمون" التي حورتّها الشّعوب المتعاقبة
(2) فيما بعد إلى "عمان"
.
وقد تعاقب على حكْم المدينة أنظمة كثيرة كاليونان والرومان والحكم الإسلامي
بمراحله المتعاقبة (الأموي والعباسي والفاطمي والأيوبي والمملوكي والعثماني)،
وآخرها الحكم الهاشمي الحالي .
استقبلت مدينة عمان في العصر الحديث أفواجاً عديدة من المهاجرين، ابتدأ أولها
عام 1876 بهجرة الشراكسة (الجراكسة) من القوقاز، تلاها هجرات عديدة بقدوم
الأمير عبداالله بن الحسين (مؤسس النظام السياسي في الأردن) وما أعقبها من هجرات
عديدة للفلسطينيين، وما تبعها من هجرات إثر الأزمات المتلاحقة لدولٍ عربيةٍ مجاورة
(3) في الربع الأخير من القرن العشرين( في لبنان والكويت والعراق)
ومنذ أن اتّخذ الهاشميون عمان عاصمة لملْكهم بدأت الحياة تتغير تغيراً كبيراً
فيها نتيجة للزيادة المتسارعة في عدد سكّانها وما رافقه من توسع عمراني مضطرد
أثّر بشكل واضح في تركيبها الداخلي ومراحل توسعها المورفولوجي
(1)
.
تحتل مدينة عمان حالياً المرتبة الأولى في السلّم الطبقي لمراتب المدن الأردنية،
وتضطلع بأهمية سياسية واجتماعية (سكانية) واقتصادية وموقعية متميزة في الأردن،
علاوة على أنها تأد وما زالت تؤدي دوراً كبيراً في رسم صيغة التطور والنمو
الحضري على مستوى المملكة .
ويمكن القول : إن أكثر السنوات تأثيراً في التوسع العمراني للمدينة هي المرحلة
التي امتدت من نهاية القرن التاسع عشر ونهاية القرن العشرين (1876م - 2000م)
حيث جاءت إلى عمان موجات كبيرة من المهاجرين من شتى البقاع (القوقاز والحجاز
وسورية وفلسطين ولبنان والعراق وغيرها).
منطقة الدراسة:
تتمثّل منطقة الدراسة في المساحة التي احتلها موضع مدينة عمان (منذ النشأة
حتّى عام 2000م) بمناطقها العشرين والتي تُسمى بأمانة عمان الكبرى وتبلغ مساحتها
626.5كم،2 مع الإشارة إلى أهمية موقعها في النصف الشرقي لإقليم مرتفعات البلقاء
الممتدة بين نهر الزرقاء في الشمال ووادي الموجب في الجنوب بين درجتي 33ْ و
34ْ شرقاً ودرجتي عرض 32ْ و33ْ شمالاً، لأن هذا الموقع الحيوي كان أحد
العوامل ا مل همة في وجود مدينة عمان أصلاً (شكل رقم 1) .
مجالات الدراسة : وتتمثّل بما يأتي :
1 - المجال المكاني (المساحي): يتمثّل ذلك بالحدود الإدارية لموضع أمانة عمان
الكبرى الواقعة ضمن مناطقها العشرين وتبلغ مساحتها 626.5كم.2
2 - المجال الزماني: وتمتد من تاريخ نشأة مدينة عمان حتى نهاية القرن العشرين،
بمدة تقدر بخمسة آلاف سنة بشكل عام، ويعد القرن العشرون والربع الأخير من
عمر المدينة (1876 –م 2000) أهمها لما لهذه المرحلة من تأثير واضح في
توسعها العمراني لأن المدة الزمنية الطويلة التي سبقتها قد درستْ ولم يتبقَ منها
إلاّ بعض الموروثات العمرانية البسيطة.
3 - المجال السكّاني: ويتمثّل بعدد سكّان المدينة وكيفية تطوره في أثناء مدة الدراسة.
أهمية الدراسة:
تأد الظروف التاريخية التي مرت بها عمان قديماً وحديثاً دوراً كبيراً في تطور
مورفولوجيتها (الكلّ المرئي لها أو التاونسكيب
(1)
، واتسعت المدينة اتساعاً كبيراً أفُقياً
وعمود ،ياً وانعكس ذلك على تنوع سكانها ومساكنها (مبانيها) ونموهم، فتعددت
وتنوعت أحجام المباني وأشكالها وأغراضها من مرحلة تاريخية إلى أخرى، وتعقد
التركيب الداخلي لها نظراً إلى موجات المهاجرين المتلاحقة التي تعاقبت على المدينة
في القرن الأخير من عمرها، وعدتها بعض الدراسات أسرع المدن نمواً في المنطقة
(2) العربية
، فازداد الضغط على الخدمات التحتية والفوقية، وعجزت الإدارة المحلية
والإقليمية عن مواجهة هذه المشاكل والسيطرة على الأخطار الناجمة عنها، وهنا تكْمن
أهمية هذه الدراسة (التوسع التاريخي والعمراني )، في أنّها تُشكّل – ولونسبياً - مؤشّرا
للمخططين وللقائمين على إدارة المدينة من ناحية تطبيقية، علاوة على أهميتها
للمختصين في دراسات المدينة من ناحية أكاديمية، ويأمل الباحث أن تشكّل هذه
الدراسة مقدمة لدراسات أكثر تعمقاً في هذا الحقل.
وقد جاء هذا البحث ليكون جهداً متواضعاً في هذا المجال، كانت بياناته
ومعلوماته مجموعة من المصادر والمراجع والخرائط والزيارات الميدانية، ومعرفة
الباحث الشخصية الحميمة لمدينة عمان خلال الثُلث الأخير من القرن العشرين.
أهداف الدراسة:
تسعى هذه الدراسة إلي تحقيق الهدف العام الآتي : دراسة التطور التاريخي
والتطور العمراني لمدينة عمان، وتحليل نتاج التفاعل القائم بين هذين التطورين؛ وذلك
منذ نشأة المدينة حتى نهاية القرن العشرين.
كما تسعى هذه الدراسة إلى تحقيق الأهداف الفرعية الآتية:
1 - دراسة مميزات كل مرحلة من مراحل التطور التاريخي والعمراني للمدينة
وتحليلها.
2 - دراسة مدى استفادة الأنظمة التي تعاقبت على حكم المدينة من خصائص موقعها
وموضعها.
3 - تعرف الموروثات العمرانية التي خلفتها الأنظمة السياسية في موضع المدينة.
4 - دراسة نموسكان المدينة عبر مدة الدراسة لأن درجة نمو السكان ومستواهم
الحضاري هي من المعايير المهمة لهذه الدراسة.
5 - إبراز مراحل التوسع المورفولوجي للمدينة في أثناء مدة الدراسة.
6 - الاستفادة من النتائج والتوصيات التي تتضمنها هذه الدراسة لأغراض تخطيطية
وأكاديمية مختلفة
الدراسات السابقة:
تتعدد وتتنوع الدراسات التي تدرس المدن بشكل عام والعواصم منها بشكل خاص،
وذلك لتنوع طبيعة المدينة وتنوع الاهتمامات والتخصصات التي تدرسها، وهذا ما ينطبق
(1) على مدينة عمان، فمن الدراسات ما اهتم بالوضع الاجتماعي للمدينة ( هاكر)
، أو
بجغرافية العمران (حموده)
( 2)
بأو المراحل المورفولوجية للمدينة (غرايبة)
(3)
،
(1) أو الوضع التاريخي للمدينة( العابدي)
( و غوانمه)
(2)
، وهناك دراسة جغرافية
(3) عامة عن المدينة (صالح)
، ودراسات عن الوضع السكاني للمدينة (أبو عياش)
(4)
و(أبو صبحه)
(5)
( و سمحه)
(6)
،وهناك دراستان عن التركيب الداخلي لمناطق من
(7) المدينة (أبوسنينه)
و(علي)
(8)
ودراسة عن استعمالات الأرض غير المخططة في
، علاوة على منشورات أمانة عمان الكبرى (9) المدينة (العبداللات)
(10)
.اعتمد الباحث في دراسته هذه على تتبع مراحل التطور التاريخي والعمراني
لمدينة عمان وانعكاس ذلك على مورفولوجيتها (وخاصة الشكل أو الكل المرئي لها)،
وهذا ما تمتاز به هذه الدراسة عن غيرها من الدراسات السابقة .
المنهجية ومصادر بيانات الدراسة:
اعتمد الباحث لتحقيق أهداف دراسته هذه عن مدينة عمان خلال عمرها الطويل
المنهج التتّبعي التصاعدي Approach Treatment Vertical الذي يهتم بكيفية نمو
(1) الظاهرة التاريخية أو الجغرافية وتوسعها
، ولذا تم اتّباع الأساليب الآتية لتحقيق
المنهجية من جهة وتوفير مصادر بياناتها من جهةٍ أُخرى:
أ - العمل المكتبي: الذي يتمثل بقراءة الدراسات السابقة عن المدينة سواء كانت
مصادر أو مراجع، فضلاً عن المنشورات التي تصدرها أمانة عمان أو التي
صدرت عن أمانة العاصمة أو البلدية قبل ذلك..
ب - دراسة خرائط تطور المدينة الواردة في المراجع ومقارنتها ببعضها بهدف تعميق
المعرفة العلمية لدى الباحث عن المدينة.
ج - دراسة الخرائط التي أصدرها المركز الجغرافي الأردني عن مدينة عمان وهي:
البدائية في جبل القلعة وأطراف الوادي (السيل)، وذلك لتوافر الشروط الملائمة للسكن
(2) وهي
:
أ - وجود المياه الجارية في السيل (الوادي) الذي يعد رافداً من روافد نهر الزرقاء.
ب - وجود الكهوف التي تملأ السفوح المطلة على هذا السيل ولا يزال بعضها حتى
أيامنا هذه (شكل رقم 2 )، في العصر البرونزي (3000 1200-ق.م) جاءت قبائل
بني عمون (العمونيون) واستوطنوها وأصبحت عمان تعرف باسم "ربة بني
عمون"، وكلمة ربة تعني العاصمة أو دار الملك، ومع مرور الزمن سقطت كلمة
"ربة"، وبقيت عمون وهو الاسم الذي تحول على ألسنة الشعوب المتعاقبة إلى الاسم
(1) الذي نعرفه اليوم وهو "عمان"
وقد وصفتها التوراة بأنها المدينة الملكية، وبأنها مدينة المياه، وفي هذا إشارة إلى
(2) الينابيع التي كانت تنفجر من بين التلال التي تغذي سيل عمان
.
أقام العمونيون بيوتهم من نسيج شعر الحيوانات ووبرها ومن الحجارة وسكنوا
جبل القلعة وأطراف السيل، واعتصموا في جبل القلعة لدرء خطر المعتدين.
وبذلك تألفت ربة بني عمون من :- "عمان العليا" فوق جبل القلعة وفيها قصر
الحكم والإدارة ومساكن المواطنين تحيط بها الحصون والأبراج للحماية من الأخطار،
"وعمان السفلى" حول السيل ويعيش فيها عامة الناس ويمارسون أعمالهم اليومية من
رعي وزراعة وتجارة، وفي ذلك العهد كانت مساحة المدينة 245 دونماً
(245000م2)، تكاد تكون مناصفة بين القسم السلفي والقسم العلوي
(3)
. وامتد حكم
العمونيون طيلة مرحلة العصر الحديدي (القرن12ق)، ثم خضعت مملكتهم للحكم
الأشوري الذي اجتاحهم عام 850ق.م حينما ثارت عمون على حكم أشور بانيبال فجاء
بجيوشه وحاصرها وأحرق النار أسوارها واستولى عليها وأجلى أهلها إلى بلاده.
بعد ذلك خضعت عمون لحكم الفرس فالاسكندر المقدوني فالبطالسة، وفي سنة
284ق.م استولى القائد بطلموس فيلادلفوس الثاني عليها، ونال موقعها إعجاب هذا
القائد، فقام ببناء مدينة جديدة على أنقاض المدينة القديمة ومنحها اسماً جديداً مستمداً
(1) من اسمه (فيلادلفيا) أي مدينة الحب الأخوي
.
ثم حكمها السلوقيون اليونان سنة 63ق. وفي هذه المرحلة أصبحت فيلادلفيا
وبعد ذلك أصبحت المدينة تحت حكم الأنباط العرب (2)، إحدى مدن الديكابولس
فالرومان، وفي زمنهم شُقَّ الطريق الملكي الذي يصل بين دمشق والعقبة ليخترق
المدينة، وقد ساعد ذلك على ازدهارها، وأعاد الرومان تخطيط المدينة وكان طراز
بنائهم يقوم على أساس بناء هيكل هيراكليس في الوسط، ومنه كان يبدأ شارعان
كبيران يتقاطعان عند تلك النقطة .
وبقي هذا المخطط حتى عام 1860م حيث كان يرى شارع يمتد من راس العين
شرقاً ليصل إلى جسر رغدان غرباً، يقطعه شارع آخر يأتي من طريق السلط من
(3) الشمال الغربي ليلتقي مع الشارع الأول في ساحة الجامع بمركز المدينة الحالي
.
اهتم الرومان في القرنين الثاني والثالث بعد الميلاد بالمدينة اهتماماً خاصاً
فنظموا بناياتها وزادوها الأمر الذي أدى إلى اتساع مساحتها، فأقيمت بها المنشآت
العامة كالمعابد والساحة العامة والمدرج الكبير وشارع الأعمدة والملهى أو قاعة
الموسيقا (شكل رقم 2) وسبيل الحوريات، وتم تزويدها بالأسوار المنيعة وازدهرت
(1) فيها نقوش الفسيفساء الملونة الجميلة
.
وشهدت المدينة ازدهاراً أكبر في العصر البيزنطي واستمر نموها إلى أن
أصبحت –كما يقال– من أكبر المدن المسيحية الواقعة إلى الشرق من الأردن فأنشئت
(2) فيها دار أسقفية، وبنيت فيها كنائس عديدة
.
2 - عمان في العصور الإسلامية:
كانت عمان معروفة لدى عرب الجزيرة العربية باسمها السامي " عمان" وليس
باسمها الإغريقي "فيلادلفيا" بدليل أن الرسول صلى االله عليه وسلّم ذكرها في أحاديثة
بهذا الاسم، وكان القرشيون يعرفونها جيداً من خلال رحلتهم التجارية الصيفية إلى
الشام، أصبحت عمان من جملة المدن التي دخلت في حوزة المسلمين حين فتحها القائد
يزيد بن أبي سفيان سنة 16هـ وجعلها قاعدة للنصف الجنوبي من شرقي الأردن الذي
(3) كان يدعى البلقاء
، ازدهرت عمان في العصر الأموي، ويستدل على ذلك من الآثار
المكتشفة في جبل القلعة،حيث اكتشفت بعض البيوت الأموية التي امتازت بوجود
ساحة (حوش) تحيط بها الغرف – المقصورة بالكلس – من النواحي جميعها، واكتشف
بها كثير من الأواني الرخامية والقطع النقدية وتذكر المراجع أن الأمويين أقاموا فيها
معملاً لضرب النقود
(1)
، وامتازت المدينة في العصر الأموي بقلعتها الحصينة
وبالمسجد الجامع الذي لم يبقَ منه سوى الأساسات حيث أقيم عليه المسجد الكبير
(2) القريب من السيل
.
وفي زمن الدولة العباسية بدأت عمان بالتقهقر لانتقال عاصمة الحكم إلى العراق،
ومع ذلك ظلت المدينة تحتفظ بقليل من أهميتها ومكانتها، ووصفها الجغرافيون العرب
بأنها عامرة وافرة الغلال والثروات، وبقيت عمان مركزاً للوالي المسؤول عن البلقاء
ومنطقة الشراه
(3)
.
احتفظت عمان بأهميتها في عهد الدولة الفاطمية واستمرت مركزاً من مراكز
البلقاء العمرانية، وفي إبان الغزو الصليبي أصبحت المدينة جزءا ًمن الدولة الأيوبية،
وقد زار ياقوت الحموي عمان في هذا العهد وقال : إنّها واسعة الخيرات غزيرة المياه
(4 ) رخيصة الأسعار ووصفها بأنّها معدن الحبوب والأنعام
.
بقي الأمر كذلك حتى تعرض المشرق العربي لغزو التتار إذ أغارت قواتهم على
الأردن فقتلت ودمرت وقضت على الزراعة والعمران، ثم توالت النكبات على عمان
(وخاصة الزلازل) وتراكمت المستنقعات في عمان السفلى بسبب فيضانات السيل الذي
يجري فيها، فانتشر مرض الملاريا وخلت المدينة من السكان وتحولت إلى قرية
صغيرة، حتى أنه لم يبقَ من أثرٍ للحياة، إلاّ ورود قطعان الجمال الماشية إليها
(5) للاستسقاء من مياهها
ثم عاد إلى عمان عمرانها في أوائل القرن الرابع عشر حينما أصبحت في العهد
المملوكي مقراً لولاية الأمير صرغتمش، الذي قام عام 1356هـ ببناء مدرسة فيها
(1) لتدريس المذهب الحنفي، وكانت بمنزلة جامعة أو معهد عالٍ في وقتنا الحاضر
.
ويمكن إجمال أبرز الآثار والمخلفات العمرانية الإسلامية في موضع المدينة بما
ييأت
(2)
:
المسجد الجامع الذي كان يقع بمحاذاة الطرف الشمالي الأوسط للسيل، كما وجد
فيها حمام ضخم بالقرب من مبنى أمانة العاصمة الحالي، كما لا يزال فيها آثار الخان
الذي يقع بين المسجد الجامع والحمام المذكور، وهذه المخلفات جميعها توجد في عمان
السفلى (أطراف السيل)، أما أبرز المخلفات العمرانية الإسلامية في عمان العليا (جبل
القلعة) فهو دار العدل.
تبعت عمان بعد ذلك الحكم العثماني وكانت أحد المراكز المهمة – نسبياً –
. ولكن أهميتها بدأت بالتراجع حتى أنها أصبحت (3) لموقعها على طريق الحاج الشامي
خاوية من السكان تقريباً طيلة القرن التاسع عشر، ويؤكد ذلك كثير من الرحالة
الأجانب الذين زاروها خلال هذه المرحل ،ة حيث وجدوها خالية من السكان وتحدثوا
(4) عن هياكلها ومسارحها وأضرحتها
بقيت عمان كذلك حتى الربع الأخير من القرن التاسع عشر حين وفدت إليها
ثلاث مجموعات من المهاجرين الجركس (خلال سنوات ،1878 ،1880 1897)
بدافع من السلطان عبد الحميد الثاني بهدف حماية سكة حديد الحجاز التي كانت تمر
من المدينة (منطقة المحطة)، واستقر هؤلاء المهاجرون بالقرب من رأس العين وعلى
امتداد السيل شرقاً، وبذلك يمكن القول : إن هذه الجماعات هي التي كونت نواة عمان
الحديثة، ثم توافد إلى المدينة مجموعات كبيرة من سكان مدينة السلط والقرى
المجاورة.
ويذكر أحد الذين زاروها سنة 1912م بأن سكانها بلغوا 1800نسمة، وكان
(1) يديرها مدير ناحية
.
ومن الجدير بالذكر أن أول مجلس بلدي ثم تأسيسة لإدارة المدينة كان في عام
1909 حيث امتدت مبانيها التقليدية (حجر وطين) مع امتداد السيل، وظلت الأغلبية
السكانية للمدينة من الجراكسة (الشراكسة) حتى تأسست الإمارة الأردنية عام
1921 (2)
.
3 - عمان في العهد الهاشمي
(3)
:
في عام 1921 ظهرت إمارة شرقي الأردن ككيان سياسي بقيادة الأمير عبد االله
ابن الحسين بن علي، الذي اتخذ من عمان عاصمة لإمارته، وكان لهذا القرار السياسي
.
الأثر الأكبر في نمو المدينة في تزايد عدد سكانها واتساع مساحتها وتعقد استعمالات
الأرض فيها.
ويمكن تمييز مرحلتين فرعيتين لتطور عمان التاريخي العمراني في العهد
الهاشمي وهي:
أ - مرحلة الإمارة الأردنية(1921 –م 1946م): في هذه المرحلة بدأت عمان بالتزايد
والاتساع سكاناً ومكاناً حيث هاجر إليها – علاوة على سكانها من الجركس – أعداد
(1) كبيرة من مرافقي الأمير عبد االله من الحجاز وسورية وفلسطين
، وبدأت المدينة
العاصمة تجتذب المهاجرين من باقي أرجاء الإمارة فاتسع عمرانها وازدهر
موضعها كاستجابة طبيعية لنمو السكان وانتشرت فيها مؤسسات الدولة الخدمية
الرسمية المتعددة، وفي 17 كانون الثاني (يناير) 1946 أعلنت بريطانيا رسمياً في
اجتماع بهيئة الأمم أنها تعترف بتطور شرقي الأردن – وعلى رأسها عمان –
تطوراً جعلها أهلاً للاستقلال ورفع الانتداب البريطاني عنها وتعترف بشرق الأردن
بوصفها دولة مستقلة ذات سيادة
(2)
.
وفي عام 1930 بلغ عدد سكان المدينة 10 آلاف نسمة، ومساحتها 3كم،2 وكان
في المدينة مبانٍ سكنية بسيطة تتكون من الحجر غير المهذّب والطين تلتفّ حول
المسجد الحسيني، علاوة على الموروثات المعمارية التي ذُكِرتْ سابقاً (شكل رقم 2)
اشتملت المدينة على مجموعة من المحلاّت التجارية ذات الطراز القديم، وكانت
جميعها تقع بمحاذاة السيل الذي كان مصدر المياه الوحيد للسكان، وعلى مقربة من
المدينة وعلى جبل القصور المجاوركان الأمير عبداالله قد أقام قصر رغدان وذلك عام
1924م.
ومن الناحية العمرانية يمكن أن نُطلق على كلّ ما مر من تاريخ المدينة بالمرحلة
(1) المورفولوجية الأولى
.
وفي منتصف الأربعينيات من القرن العشرين دخلت عمان المرحلة
المورفولوجية الثانية فبلغ عدد سكّانها 60 ألف نسمة، واتسعت إلى 16 كم2 لتشمل
أجزاء من جبال القلعة واللويبدة وعمان والأشرفية والجوفة (شكل رقم 3)، وأصبحت
عمان كغيرها من المدن الشرقية التقليدية بشوارعها الضيقة وأزقّتها التقليدية، وشُقَّتِ
الطُرق بين الأحياء الجديدة وأُنشئت العديد من المدارس والمستشفيات والمباني
الخدمية، وأُنيرتِ المدينة بالكهرباء، وكانت الوظيفة السكنية تجمع بين بين العمارات
ذات الطوابق العديدة والبيوت ذات الطابق الواحد، فضلاً عن البيت المنفرد الذي كان
(2) سائداً في المرحلة المورفولوجية الأولى
.
ب - مرحلة المملكة الأردنية الهاشمية (1946 حتى نهاية مدة الدراسة): في 25 أيار
(مايو) 1946م تحولت الإمارة إلى مملكة، وأصبحت المدينة بعد تحول الإمارة
إلى مملكة تُمثّل قطباً تنموياً للمملكة الناشئة، وبدأ تركيز الحكومات المتعاقبة على
تنمية المدينة وإقليمها وباقي أرجاء الإمارة، فاستخدمت تلك الحكومات ممثلة
بالأجهزة التخطيطية والإدارية الحكومية (كوزارة التخطيط وأمانة عمان الكبرى)
تطبيق مفهوم المركز الأطراف كأسلوب تنموي إقليمي يدرس وينمي العلاقة
القائمة بين العاصمة ونطاقات حافاتها الحضرية الواقعة ضمن إقليمها من جهة
وبين إقليمها والأقاليم التنموية للمملكة من جهة أخرى
(3)
وبذلك بدأت المدينة بالاتساع نتيجة للاستقرار الذي نعمت به في العهد الجديد،
وقدوم أفواج جديدة من المهاجرين قسرياً خلال النكبات الفلسطينية عامي 1948
و،1967وفي عام 1991م إثر حرب الخليج الثانية جاءها ما تقديره 300ألف نسمة،
وتطورت عمان خلال العهد الهاشمي تطوراً ملفتاً للانتباه فكانت مساحتها –
(1) على سبيل المثال – 8كم2 في الثلاثينيات
، وأصبحت 500كم2 خلال نصف قرن
بعد ذلك
(2)
أ، ي ما يعادل 60 مرة من التطور.
وفي هذه المرحلة التاريخية المهمة(مرحلة المملكة) مرت مدينة عمان بأربع
مراحل مورفولوجية فرعية أُخرى يمكن إيجازها على النحو الآتي
(3)
: (شكل رقم4)
أ - المرحلة المورفولوجية الثالثة 1949 - :1958 بلغ عدد سكان المدينة 150 ألف
نسمة ومساحتها 45كم،2 ورغم أنها أقصر المراحل عمراً لكنها الأكثر توسعاً
وأشدها وطأةً حيث عاصرت نكبة فلسطين 1948 وما تلاها من هجرات قسرية،
كما أن المدينة أصبحت عاصمة للضفتين منذ عام 1950 إثر الوحدة، وشهدت
عمان في هذه المرحلة تعاقب ثلاثة من حكم الهاشميين (الأمير المؤسس والملك
طلال والملك حسين)، وعانت المدينة من الإفراط الحضاري -Over
Urbanization ولهذا ازداد الطلب على المساكن والمرافق العامة، وازدهرت
العاصمة، وأُنشئ العديد من المؤسسات التعليمية والثقافية والاجتماعية والصحية
والبعثات الدبلوماسية، واضطرت أمانة عمان لتوسيع حدودها لتشمل أحياء جديدة
مثل:
الشعيلية وأم تبنة والتاج والأشرفية والجوفة والنظيف والذراع، وامتد عمران
المدينة ليغطّي معظم معظم سفوح الجبال في عملية زحف Accretion في جبال النزهة
والقصور والهاشمي والمحطة ونزال (شكل رقم5).
وفي هذه المرحلة شهدت المدينة ظهور نمط شاذ من التجمعات السكانية شكّلت
بعداً جديداً في مورفولوجيتها وهو: إنشاء مخيمات اللاجئين الفلسطينيين وهي مخيم
الحسين في شمال المدينة (32ألف نسمة)، ومخيم الوحدات في جنوبها (41ألف
نسمة)، ومخيم المحطة في شرقها (9آلاف نسمة)، ونتيجة لكلّ ذلك شهدت عمان
تطوراً عمرانياً هائلاً، وتنوعت مواد البناء في مساكن المدينة من حجر وطين
وإسمنت، وأما المخيمات فكانت من الصفيح.
ب - المرحلة المورفولوجية الرابعة 1959 - 1972 : بلغ عدد سكّان المدينة مع
نهاية هذه المرحلة 550 ألف نسمة ومساحتها 100كم،2 وفي هذه المرحلة زاد
عدد سكان المدينة بمعدل %7 نتيجة للهجرة إليها من الأرياف والمدن الأردنية،
وتوسعت المدينة على محاور خمسة هي: صويلح السلط شمالاً غرباً ووادي
السير غرباً والزرقاء شمالاً شرقاً والقدس جنوباً غرباً ومادبا العقبة جنوباً (شكل
رقم6)، كما شهدت المدينة توسعاً أفقياً مفرطاً في المباني وابتلع هذا التوسع
بعض القرى كالقويسمة وابوعلندا وماركا وعبدون وأم الحيران وتلاع العلي
وعرجان (شكل رقم 5) .
وفي هذه المرحلة انتشرت في المدينة ظاهرة الحدائق حيث بلغ عددها 62
حديقة، وزاد عدد المباني الخدمية ووصل عدد المستشفيات إلى 11 مستشفى عام،
وأُسستِ الجامعة الأردنية (1962)، وصدر قانون تسمية الشوارع (1965)، وأُسستْ
مؤسسات مهمة كالتلفزيون ومدينة الحسين للشباب، وقد شغلت المساحة المبنية من
للوظيفة السكنية ومباني الخدمات العامة، كما شهدت 2 المدينة area up built 40كم
المدينة توسع شبكة الطرق وانتشار ظاهرة " الدواوير المرورية" نتيجة لكثافة السير،
ومن أهم هذه الدواوير: الأول والثاني والثالث والرابع في جبل عمان، ودوار
عبدالناصر (الداخلية سابقاً)، ودوار فراس (مكسيم سابقاً) في جبل الحسين، ودوار
الشرق الأوسط بالقرب من مخيم الوحدات، ومع نهايات هذه المرحلة انتشرت ظاهرة
الإشارات المرورية الكهربائية.
ج - المرحلة المورفولوجية الخامسة 1973 - :1986 بلغ عدد سكّان المدينة مليون
نسمة تقريباً ومساحتها 518كم،2 شهدت عمان في هذه المرحلة نهضة عمرانية
ذات معمار حجري أبيض وتصاميم هندسية ذات مظهر فنّي جميل، وامتازت
المدينة بالامتداد العمراني المتسارع وامتلأت الفضاءات، وأُنْشِئَ "أوتوستراد"
حول عمان فيما يعرف بطريق الحزام الأخضر Built Green، وفي هذه المرحلة
أُنْشِئَ العديد من الأسواق الشعبية والمنشآت الحكومية، وأُنْشِئَ أكبر مشروع
ترويحي في المدينة وهو حدائق الملك عبداالله في وادي صقرة .
وما يؤخذ على هذه المرحلة اتنشار ظاهرة السكن والأحياء غير المخططة
(العشوائية) مثل حي الطفايلة
(1)
، وقد شكّلت هذه الأحياء جيوباً اجتماعية areas social
متخلّفة عما يجاورها، وفي هذه المرحلة قامت أمانة عمان بإنشاء العديد من
التقاطعات والجسور لتخفيف حدة ازدحام السير مثل: تقاطع الشميساني وجسر وادي
صقرة .
امتازت هذه المرحلة بظهور مشروع الخطّة الشاملة لعمان الكبرى، التي تهدف
إلى وضع إطار تخطيطي ينظّم ظاهرة النمو العمراني، وإيجاد الهيكلية اللازمة لعملية
التخطيط والتنفيذ والمتابعة للمشاريع اللازمة.
د - المرحلة المورفولوجية السادسة 1987 :2000- بلغ عدد سكان عمان نحو 2مليون
نسمة، ووصلت مساحتها إلى 626كم،2 وفي هذه المرحلة تأسست أمانة عمان
الكبرى مهمتها الرئيسية الإشراف على تخطيط المدينة وتوجيه نموها، وتشكّلت من
14 بلدية و11مجلساً قروياً موزعة جغرافية على 20 منطقة (شكل رقم7 . )
وشهدت هذه المرحلة هجرة جديدة من الوافدين من دولة الكويت عام 1991م
قُدر عددهم بـ300ألف نسمة، استقر معظمهم في مناطق عمان الجديدة، فازداد الطلب
على السكن وانتشرت ظاهرة التوسع لسكني العمودي، كما انتشرت ظاهرة الأسواق
التجارية الضخمة (المولات)، ورغم التوسع في خدمات البنية التحتية إلاّ أن كفاءتها
كانت دون المستوى المطلوب .
النتائج و التوصيات
1 - صيانة المخلّفات الحضارية المعمارية التي توجد في قلب المدينة وتنتشر على
أطراف السيل.
2 – الاهتمام بالمباني والأسواق التجارية القديمة التي تتواجد على أطراف السيل
قريباً من المخلّفات الحضارية القديمة، وعزل قلب المدينة عن حركة السيارات
ليقتصر على المشاه فقط، وإصدار قانون يحمي هذه المنطقة وجعلها تحت
الإشراف المباشر من لجنة تضم في عضويتها أفراداً من أمانة عمان الكبرى
ووزارتي السياحة والآثار وبعض المهتمين من الأكاديميين .
3 - الاهتمام بمجمع الآثار الذي يوجد في جبل القلعة، الذي يجاور قلب المدينة من
الجهة الشمالية .
4 -تطوير الكلّ المرئي للمدينة scape Town ولاسيما المراكز الحضرية الواقعة على
أطرافها الشرقية في مناطق ماركا والهاشمي والجوفة (عمان القديمة )، ورفع
مستواها الخدمي، حتى تشكل مناطق سكنية جاذبة، بهدف التخفيف من ظاهرة
الازدحام الحادة من جهة، والتخفيف من حجم الضغط على المرافق والخدمات
العامة في المدينة .
5 -توجيه التطور العمراني للمدينة باتجاه المناطق غير الصالحة للزراعة وذلك في
الجهتين الشرقية والجنوبية الشرقية حفاظاً على الأراضي الزراعية في الجهتين
الغربية والجنوبية الغربية.
6 - يرى الباحث أن الموض عو ات الآتية تشكل مجالات خصبة للدراسة عن مدينة
عمان:
Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance
You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT
ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.
We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate
يهدف إلى دراسة الأديان كظاهرة اجتماعية وثقافية وتاريخية، دون الانحياز إلى أي دين أو تبني وجهة نظر مع...
تعريف الرعاية التلطيفية وفقا للمجلس الوطني للصحة والرفاهية ، يتم تعريف الرعاية التلطيفية على النح...
Risky Settings Risky settings found in the Kiteworks Admin Console are identified by this alert symb...
الممهلات في التشريع الجزائري: بين التنظيم القانوني وفوضى الواقع يخضع وضع الممهلات (مخففات السرعة) عل...
Lakhasly. (2024). وتكمن أهمية جودة الخدمة بالنسبة للمؤسسات التي تهدف إلى تحقيق النجاح والاستقرار. Re...
Management Team: A workshop supervisor, knowledgeable carpenters, finishers, an administrative ass...
تسجيل مدخلات الزراعة العضوية (اسمدة عضوية ومخصبات حيوية ومبيدات عضوية (حشرية-امراض-حشائش) ومبيدات حي...
My overall experience was good, but I felt like they discharged me too quickly. One night wasn't eno...
- لموافقة المستنيرة*: سيتم الحصول على موافقة مستنيرة من جميع المشاركين قبل بدء البحث. - *السرية*: سي...
تعزيز الصورة الإيجابية للمملكة العربية السعودية بوصفها نموذجًا عالميًا في ترسيخ القيم الإنسانية ونشر...
وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مساء الثلاثاء، الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة بأنها "مأساوية"، متعه...
Mears (2014) A system of justice that could both punish and rehabilitate juvenile criminals was the ...