Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (100%)

مصدر «اعتبر» وهو مأخوذ من مادّة (ع ب ر) الّتي تدلّ على النفوذ والمضيّ في الشّيء، يقال: عبرت النّهر عبورا، وعبر النّهر (بالفتح والكسر) شطّه. والمعبر شطّ نهر هيّيء للعبور، والمعبر سفينة يعبر عليها النّهر، قال الخليل:عبرة الدّمع جريه، قال: والدّمع أيضا عبرة؛ لأنّ الدّمع يعبر أي ينفذ ويجري. فأمّا الاعتبار والعبرة فهما عند ابن فارس مقيسان من عبري النّهر (أي شاطئيه) لأنّ كلّ واحد منهما مساو لصاحبه، فذاك عبر لهذا وهذا عبر لذاك، فإذا قلت اعتبرت الشّيء، فكأنّك نظرت إلى الشّيء فجعلت ما يعنيك عبرا لذاك فتساويا عندك، وقال تعالى: فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ (الحشر/ 2) كأنّه قال: انظروا إلى من فعل ما فعل فعوقب بما عوقب به، فتجنّبوا مثل صنيعهم لئلّا ينزل بكم مثل ما نزل بأولئك، ومن الدّليل على صحّة هذا القياس قول الخليل:عبّرت الدّنانير تعبيرا إذا وزنتها دينارا دينارا، والعبرة الاعتبار بما مضى «1» . وقال الرّاغب: أصل العبر تجاوز من حال إلى حال، فأمّا العبور فيختصّ بتجاوز الماء. ومنه عبر النّهر لجانبه حيث يعبر إليه (المرء) أو منه، واشتقّ منه عبر العين للدّمع والعبرة كالدّمعة، وقيل عابر سبيل أي المارّ وعبر القوم إذا ماتوا كأنّهم عبروا قنطرة الدّنيا، والاعتبار والعبرة (يكون) بالحالة الّتي يتوصّل بها من معرفة المشاهد إلى ما ليس بمشاهد، قال تعالى: إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً* «2» وقال: فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ «3» «4» ، وفي حديث أبي ذرّ:«فما كانت صحف موسى؟ قال: كانت عبرا كلّها» ، والعبر جمع عبرة وهي كالموعظة ممّا يتّعظ به الإنسان ويعمل به ويعتبر ليستدلّ به على غيره «5» والعبرة أيضا: الاعتبار بما مضى، والعرب تقول: اللهمّ اجعلنا ممّن يعبر الدّنيا ولا يعبرها، أي ممّن يعتبر بها ولا يموت سريعا حتّى يرضيك بالطّاعة، ويقال:عبرت عينه واستعبرت: دمعت وعبر عبرا واستعبر: بدت عبرته وحزن. وفي حديث أبي بكر رضي الله عنه أنّه ذكر النّبيّ صلى الله عليه وسلم ثمّ استعبر فبكى هو، استفعل من العبرة وهي تحلّب الدّمع «6» . 1) مقاييس اللغة (4/ 209، الآية 13 من سورة آل عمران و26 من النازعات. لسان العرب (عبر) ص 2782. قال الكفويّ: الاعتبار هو النّظر في حقائق الأشياء وجهات دلالتها ليعرف بالنّظر فيها شيء آخر من جنسها، وقيل: الاعتبار هو التّدبّر وقياس ما غاب على ما ظهر. وقال المناويّ: العبرة والاعتبار: الّاتعاظ، ويكون بمعنى الاعتداد بالشّيء في ترتيب الحكم، وقال بعضهم: الاعتبار المجاوزة من عدوة دنيا إلى عدوة قصوى، ومن علم أدنى إلى علم أعلى «1» . وقال الجرجانيّ: الاعتبار: أن يرى الدّنيا للفناء. وهي رؤية فناء الدّنيا كلّها باستعمال النّظر في فناء جزئها «2» . قال الغزاليّ- رحمه الله: اعلم أنّ معنى الفكر هو إحضار معرفتين في القلب، وأراد أن يعرف أنّ الآخرة أولى بالإيثار من العاجلة فله طريقان: أحدهما: أن يسمع من غيره أنّ الآخرة أولى بالإيثار من الدّنيا، ويصدّقه من غير بصيرة بحقيقة الأمر، فيميل بعمله إلى إيثار الآخرة اعتمادا على مجرّد قوله، وهذا يسمّى تقليدا ولا يسمّى معرفة. والطّريق الثّاني: أن يعرف أنّ الأبقى أولى بالإيثار، فيحصل له من هاتين المعرفتين معرفة ثالثة، وهو أنّ الآخرة أولى بالإيثار، ولا يمكن تحقّق المعرفة بأنّ الآخرة أولى بالإيثار إلّا بالمعرفتين السّابقتين. فإحضار المعرفتين السّابقتين في القلب للتّوصّل به إلى المعرفة الثّالثة يسمّى تفكّرا واعتبارا وتذكّرا ونظرا وتأمّلا وتدبّرا. أمّا التّدبّر والتأمّل والتّفكّر: فعبارات مترادفة على معنى واحد ليس تحتها معان مختلفة. يتوارد على شيء واحد، فالصّارم يدلّ على السّيف من حيث هو قاطع، والمهنّد يدلّ عليه من حيث نسبته إلى موضعه، والسّيف يدلّ دلالة مطلقة من غير إشعار بهذه الزّوائد «4» . انظر صفات: التدبر- التأمل- التذكر- التذكير- التفكر. انظر صفات: الإعراض- البلادة والغباء- الغفلة- التفريط والإفراط- الضلال- سوء الخلق] . 1) الكليات للكفوي (147) ، والتوقيف على مهمات التعاريف للمناوي (235) . المهند: السيف المطبوع من حديد الهند. إحياء علوم الدين (4/ 425- 426) . قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ (13)«1» وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (65) وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ (66) وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (67)«2» وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ (21) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ (43) يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ (44)«4» سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ (2)«5» ‌الاعتبار بالمرويات: لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111)«6» 2) 3) 4) يوسف: 111 مكية 7- هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى (15) إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً (16) اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى (17) فَحَشَرَ فَنادى (23) فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى (24) فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى (25) ‌الآيات الواردة في «الاعتبار» معنى إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ وَما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164)«2» وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خافَ عَذابَ الْآخِرَةِ ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (103)«3» لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (72) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (77)«4» 11- وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْها جائِرٌ وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ (9) هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (10) 2) 4) الحجر: 72- 77 مكية 5) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (7) 13- فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63) وَأَنْجَيْنا مُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (65) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (67)«2» 2) الأحاديث الواردة في (الاعتبار) 1- فوضعها في يد زانية فأصبحوا يتحدّثون. قال:اللهمّ لك الحمد على زانية، تصدّق على غنيّ، لأتصدّقنّ بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد سارق، فأصبحوا يتحدّثون. تصدّق على سارق. فأتي. ولعلّ السّارق يستعفّ بها عن سرقته» ) * «1» . 2-

  • (عن أبي سعيد الخدريّ- رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، ولا أحلّ مسكرا، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي فكلوا وادّخروا» ) * «2» . ‌الأحاديث الواردة في (الاعتبار) معنى
  1. مسلم (1022) وأصله في الصحيحين من حديث بريدة. 1-
  • (عن طاوس قال: قال الحواريّون لعيسى عليه السلام: «يا روح الله! هل على الأرض اليوم مثلك؟ فقال: نعم، وصمته فكرا، فإنّه مثلي» ) * «1» . 2-
  • (قال عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه: «الشّقيّ من شقي في بطن أمّه، والسّعيد من وعظ بغيره» ) *» . * (وعن ابن عمر- رضي الله عنهما: أنّه كان إذا أراد أن يتعاهد قلبه يأتي الخربة «3» فيقف على بابها فينادي بصوت حزين: أين أهلك؟ ثمّ يرجع إلى نفسه فيقول: كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) * «4» . * (وعن أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رحمه الله: أنّه بكى يوما بين أصحابه فسئل عن ذلك فقال: فكّرت في الدّنيا ولذّاتها وشهواتها فاعتبرت منها بها، ولئن لم يكن فيها عبرة لمن اعتبر، * (قال وهب بن منبّه: «ما طالت فكرة امرىء قطّ إلّا فهم، ولا علم امرؤ قطّ إلّا عمل» ) * «6» . 6-
  • (قال سفيان بن عيينة: «الفكر نور يدخل قلبك، إذا المرء كانت له فكرة ففي كلّ شيء له عبرة» ) * «7» . 7-
  • (قال عبد الله بن المبارك: «مرّ رجل براهب عند مقبرة ومزبلة فناداه فقال: يا راهب، كنز الرّجال وكنز الأموال» ) * «8» . * (قال الحسن البصريّ- رحمه الله: ومن لم يكن سكوته تفكّرا فهو سهو، ومن لم يكن نظره اعتبارا فهو لهو» ) * «9» . * (قال الشّيخ أبو سليمان الدّارانيّ: «إنّي لأخرج من منزلي فما يقع بصري على شيء إلّا رأيت لله عليّ فيه نعمة ولي فيه عبرة» ) * «11» . ج 4، ج 4، المرجع السابق (مج 1، ص 439) . ص 439) ، 8) ج 4، 10) المرجع السابق (4/ 425) . 11) تفسير ابن كثير (مج 1، ج 4، 11- وشاهدوا الموقف بقلوبكم؛ وانظروا إلى المنصرف بالفريقين إلى الجنّة أو النّار، وكان يبكي عند ذلك حتّى يرفع صريعا من بين أصحابه قد ذهب عقله» ) * «1» . 12- وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً ودلالة حكمة خالقها وقدرته ورحمته ولطفه» ) * «2» . 13-
  • (وقال رحمه الله في تفسير قوله تعالى: 14-
  • (قال ابن الجوزيّ- رحمه الله: افتح عين الفكر في ضوء العبر لعلّك تبصر مواقع خطابك» ) * «5» . 16- فإنّ شهوته ضعفت، وسرور من النّبا غيّرته وأهله نحمد الله وحده ص 469) . أوغل: طعن فيه وتقدم وأوغل في الأرض أبعد فيها. كلت: تعبت. صيد الخاطر (450) . 10) الغير: صروف الدهر وأحواله. 11) ج 4، ص 440) . 12) بمكّة بين الصّفا والمروة، قال: ثمّ عدت بعد حين فدخلت بغداد، فكنت على الجسر، قال: فجعلت أنظر إليه وأتأمّله. فقلت له: شبهتك برجل رأيته بمكّة، ووصفت له الصّفة، فقلت ما فعل الله بك؟ فقال: فوضعني الله حيث يترفّع النّاس» ) * «2» . 20- فقلت له: عظني، 21- في ضلال قبل هود فعصيناه ونادى فأتتنا صحيحة ته فتوافينا كزرع ‌من فوائد (الاعتبار) كثرة التّفكّر والاعتبار تقوّي الإيمان بالله عز وجل. 3)

برد الأكباد عند فقد الأولاد (68) .


Original text

الاعتبار

‌الاعتبار لغة:
مصدر «اعتبر» وهو مأخوذ من مادّة (ع ب ر) الّتي تدلّ على النفوذ والمضيّ في الشّيء، يقال: عبرت النّهر عبورا، وعبر النّهر (بالفتح والكسر) شطّه..
والمعبر شطّ نهر هيّيء للعبور، والمعبر سفينة يعبر عليها النّهر، ومن الباب العبرة، قال الخليل:عبرة الدّمع جريه، قال: والدّمع أيضا عبرة؛ لأنّ الدّمع يعبر أي ينفذ ويجري.
فأمّا الاعتبار والعبرة فهما عند ابن فارس مقيسان من عبري النّهر (أي شاطئيه) لأنّ كلّ واحد منهما مساو لصاحبه، فذاك عبر لهذا وهذا عبر لذاك، فإذا قلت اعتبرت الشّيء، فكأنّك نظرت إلى الشّيء فجعلت ما يعنيك عبرا لذاك فتساويا عندك، هذا اشتقاق الاعتبار. وقال تعالى: فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ (الحشر/ 2) كأنّه قال: انظروا إلى من فعل ما فعل فعوقب بما عوقب به، فتجنّبوا مثل صنيعهم لئلّا ينزل بكم مثل ما نزل بأولئك، ومن الدّليل على صحّة هذا القياس قول الخليل:عبّرت الدّنانير تعبيرا إذا وزنتها دينارا دينارا، والعبرة الاعتبار بما مضى «1» .
الآيات/ الأحاديث/ الآثار
13/ 2/ 22
وقال الرّاغب: أصل العبر تجاوز من حال إلى حال، فأمّا العبور فيختصّ بتجاوز الماء.. ومنه عبر النّهر لجانبه حيث يعبر إليه (المرء) أو منه، واشتقّ منه عبر العين للدّمع والعبرة كالدّمعة، وقيل عابر سبيل أي المارّ وعبر القوم إذا ماتوا كأنّهم عبروا قنطرة الدّنيا، والاعتبار والعبرة (يكون) بالحالة الّتي يتوصّل بها من معرفة المشاهد إلى ما ليس بمشاهد، قال تعالى: إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً* «2» وقال: فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ «3» «4» ، وفي حديث أبي ذرّ:«فما كانت صحف موسى؟ قال: كانت عبرا كلّها» ، والعبر جمع عبرة وهي كالموعظة ممّا يتّعظ به الإنسان ويعمل به ويعتبر ليستدلّ به على غيره «5» والعبرة أيضا: الاعتبار بما مضى، وقيل:العبرة الاسم من الاعتبار، والعرب تقول: اللهمّ اجعلنا ممّن يعبر الدّنيا ولا يعبرها، أي ممّن يعتبر بها ولا يموت سريعا حتّى يرضيك بالطّاعة، ويقال:عبرت عينه واستعبرت: دمعت وعبر عبرا واستعبر: بدت عبرته وحزن. وفي حديث أبي بكر رضي الله عنه أنّه ذكر النّبيّ صلى الله عليه وسلم ثمّ استعبر فبكى هو، استفعل من العبرة وهي تحلّب الدّمع «6» .


(1) مقاييس اللغة (4/ 209، 210)(بتصريف يسير) .
(2)
الآية 13 من سورة آل عمران و26 من النازعات.
(3)
الآية 2 من سورة الحشر.
(4)
مفردات الراغب (320) .
(5)
النهاية (3/ 171) .
(6)
لسان العرب (عبر) ص 2782.


والاعتبار اصطلاحا:
قال الكفويّ: الاعتبار هو النّظر في حقائق الأشياء وجهات دلالتها ليعرف بالنّظر فيها شيء آخر من جنسها، وقيل: الاعتبار هو التّدبّر وقياس ما غاب على ما ظهر.
وقال المناويّ: العبرة والاعتبار: الّاتعاظ، ويكون بمعنى الاعتداد بالشّيء في ترتيب الحكم، وقال بعضهم: الاعتبار المجاوزة من عدوة دنيا إلى عدوة قصوى، ومن علم أدنى إلى علم أعلى «1» .
وقال الجرجانيّ: الاعتبار: أن يرى الدّنيا للفناء. والعاملين فيها للموت. وعمرانها للخراب.
وقيل: الاعتبار اسم من المعتبرة، وهي رؤية فناء الدّنيا كلّها باستعمال النّظر في فناء جزئها «2» .

‌كيفية التفكر والاعتبار:
قال الغزاليّ- رحمه الله: اعلم أنّ معنى الفكر هو إحضار معرفتين في القلب، ليستثمر منهما معرفة ثالثة. ومثاله أنّ من مال إلى العاجلة، وآثر الحياة الدّنيا، وأراد أن يعرف أنّ الآخرة أولى بالإيثار من العاجلة فله طريقان: أحدهما: أن يسمع من غيره أنّ الآخرة أولى بالإيثار من الدّنيا، فيقلّده، ويصدّقه من غير بصيرة بحقيقة الأمر، فيميل بعمله إلى إيثار الآخرة اعتمادا على مجرّد قوله، وهذا يسمّى تقليدا ولا يسمّى معرفة. والطّريق الثّاني: أن يعرف أنّ الأبقى أولى بالإيثار، ثمّ يعرف أنّ الآخرة أبقى. فيحصل له من هاتين المعرفتين معرفة ثالثة، وهو أنّ الآخرة أولى بالإيثار، ولا يمكن تحقّق المعرفة بأنّ الآخرة أولى بالإيثار إلّا بالمعرفتين السّابقتين.
فإحضار المعرفتين السّابقتين في القلب للتّوصّل به إلى المعرفة الثّالثة يسمّى تفكّرا واعتبارا وتذكّرا ونظرا وتأمّلا وتدبّرا. أمّا التّدبّر والتأمّل والتّفكّر: فعبارات مترادفة على معنى واحد ليس تحتها معان مختلفة. وأمّا اسم التذكّر والاعتبار والنّظر؛ فهي مختلفة المعاني، وإن كان أصل المسمّى واحدا؛ كما أنّ اسم الصّارم، والمهنّد «3»، والسّيف؛ يتوارد على شيء واحد، ولكن باعتبارات مختلفة. فالصّارم يدلّ على السّيف من حيث هو قاطع، والمهنّد يدلّ عليه من حيث نسبته إلى موضعه، والسّيف يدلّ دلالة مطلقة من غير إشعار بهذه الزّوائد «4» .
[للاستزادة، انظر صفات: التدبر- التأمل- التذكر- التذكير- التفكر.
وفي ضد ذلك، انظر صفات: الإعراض- البلادة والغباء- الغفلة- التفريط والإفراط- الضلال- سوء الخلق] .


(1) الكليات للكفوي (147) ، والتوقيف على مهمات التعاريف للمناوي (235) .
(2)
كتاب التعريفات (30) .
(3)
المهند: السيف المطبوع من حديد الهند.
(4)
إحياء علوم الدين (4/ 425- 426) .


الآيات الواردة في «الاعتبار»

‌الاعتبار بالمشاهدات:
1-
قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ (13)«1»
2-
وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (65)
وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ (66)
وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (67)«2»
3-
وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ (21)
عَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ
(22)
«3»
4-
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ (43)
يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ (44)«4»
5-
سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1)
هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ (2)«5»

‌الاعتبار بالمرويات:
6-
لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111)«6»


(1) آل عمران: 13 مدنية
(2)
النحل: 65- 67 مكية
(3)
المؤمنون: 21- 22 مكية
(4)
النور: 43- 44 مدنية
(5)
الحشر: 1- 2 مدنية
(6)
يوسف: 111 مكية


7-
هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى (15)
إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً (16)
اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى (17)
فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى (18)
وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى (19)
فَأَراهُ الْآيَةَ الْكُبْرى (20)
فَكَذَّبَ وَعَصى (21)
ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعى (22)
فَحَشَرَ فَنادى (23)
فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى (24)
فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى (25)
إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى (26)«1»

‌الآيات الواردة في «الاعتبار» معنى
8-
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ وَما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164)«2»
9-
وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خافَ عَذابَ الْآخِرَةِ ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (103)«3»
10-
لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (72)
فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ (73)
فَجَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ (74)
إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (75)
وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ (76)
إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (77)«4»
11-
وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْها جائِرٌ وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ (9)
هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (10)
يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (11)
وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (12)«5»


(1) النازعات: 15- 26 مكية
(2)
البقرة: 164 مدنية
(3)
هود: 102- 103 مكية
(4)
الحجر: 72- 77 مكية
(5)
النحل 9- 12 مكية


12-
أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (7)
إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (8)«1»
13-
فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ (60)
فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61)
قالَ كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ (62)
فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63)
وَأَزْلَفْنا ثَمَّ الْآخَرِينَ (64)
وَأَنْجَيْنا مُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (65)
ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (66)
إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (67)«2»


(1) الشعراء: 7- 8 مكية
(2)
الشعراء: 60- 67 مكية


الأحاديث الواردة في (الاعتبار)
1-



  • (عن أبي هريرة- رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «قال رجل: لأصدّقنّ اللّيلة بصدقة، فخرج بصدقته، فوضعها في يد زانية فأصبحوا يتحدّثون. تصدّق اللّيلة على زانية. قال:اللهمّ لك الحمد على زانية، لأتصدّقنّ بصدقة فخرج بصدقته فوضعها في يد غنيّ، فأصبحوا يتحدّثون. تصدّق على غنيّ، قال: اللهمّ لك الحمد على غنيّ، لأتصدّقنّ بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد سارق، فأصبحوا يتحدّثون. تصدّق على سارق. فقال: اللهمّ لك الحمد على زانية وعلى غنّي وعلى سارق. فأتي.
    فقيل له: أمّا صدقتك فقد قبلت. أمّا الزّانية فلعلّها تستعفّ بها عن زناها، ولعلّ الغنيّ يعتبر فينفق ممّا أعطاه الله، ولعلّ السّارق يستعفّ بها عن سرقته» ) * «1» .
    2-

  • (عن أبي سعيد الخدريّ- رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، فإنّ فيها عبرة. ونهيتكم عن النّبيذ ألا فانتبذوا، ولا أحلّ مسكرا، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي فكلوا وادّخروا» ) * «2» .

    ‌الأحاديث الواردة في (الاعتبار) معنى
    [انظر صفات: التدبر- التذكر- التفكر- الوعظ]


(1) مسلم (1022)
(2)
أحمد (3/ 38)، وقال الحاكم في المستدرك (1/ 375) واللفظ له: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي، وأصله في الصحيحين من حديث بريدة.


من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (الاعتبار)
1-



  • (عن طاوس قال: قال الحواريّون لعيسى عليه السلام: «يا روح الله! هل على الأرض اليوم مثلك؟ فقال: نعم، من كان منطقه ذكرا، وصمته فكرا، ونظره عبرة، فإنّه مثلي» ) * «1» .
    2-

  • (قال عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه: «الشّقيّ من شقي في بطن أمّه، والسّعيد من وعظ بغيره» ) *» .
    3-

  • (وعن ابن عمر- رضي الله عنهما: أنّه كان إذا أراد أن يتعاهد قلبه يأتي الخربة «3» فيقف على بابها فينادي بصوت حزين: أين أهلك؟ ثمّ يرجع إلى نفسه فيقول: كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) * «4» .
    4-

  • (وعن أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رحمه الله: أنّه بكى يوما بين أصحابه فسئل عن ذلك فقال: فكّرت في الدّنيا ولذّاتها وشهواتها فاعتبرت منها بها، ما تكاد شهواتها تنقضي حتّى تكدّرها مرارتها، ولئن لم يكن فيها عبرة لمن اعتبر، إنّ فيها مواعظ لمن ادّكر) * «5» .
    5-

  • (قال وهب بن منبّه: «ما طالت فكرة امرىء قطّ إلّا فهم، ولا فهم امرؤ قطّ إلّا علم، ولا علم امرؤ قطّ إلّا عمل» ) * «6» .
    6-

  • (قال سفيان بن عيينة: «الفكر نور يدخل قلبك، وربّما تمثّل بهذا البيت:
    إذا المرء كانت له فكرة

    ففي كلّ شيء له عبرة» ) * «7» .
    7-

  • (قال عبد الله بن المبارك: «مرّ رجل براهب عند مقبرة ومزبلة فناداه فقال: يا راهب، إنّ عندك كنزين من كنوز الدّنيا لك فيهما معتبر، كنز الرّجال وكنز الأموال» ) * «8» .
    8-

  • (قال الحسن البصريّ- رحمه الله:
    «من لم يكن كلامه حكمة فهو لغو، ومن لم يكن سكوته تفكّرا فهو سهو، ومن لم يكن نظره اعتبارا فهو لهو» ) * «9» .
    9-

  • (قال حاتم الأصمّ: «من العبرة يزيد العلم، ومن الذّكر يزيد الحبّ، ومن التّفكّر يزيد الخوف» ) * «10» .
    10-

  • (قال الشّيخ أبو سليمان الدّارانيّ: «إنّي لأخرج من منزلي فما يقع بصري على شيء إلّا رأيت لله عليّ فيه نعمة ولي فيه عبرة» ) * «11» .


(1) إحياء علوم الدين (4/ 424) . ونحوه عند ابن كثير، (مج 1، ج 4، ص 448) .
(2)
مسلم (2645) جزء من حديث طويل.
(3)
الخربة: المكان الخرب.
(4)
تفسير ابن كثير (مج 1، ج 4، ص 439) .
(5)
المرجع السابق (مج 1، ج 4، ص 439) .
(6)
المرجع السابق (مج 1، ج 4، ص 439) .
(7)
تفسير ابن كثير (مج 1، ج 4، ص 439) ، وإحياء علوم الدين (3/ 425) .
(8)
تفسير ابن كثير (مج 1، ج 4، ص 439) .
(9)
إحياء علوم الدين (4/ 424) .
(10)
المرجع السابق (4/ 425) .
(11)
تفسير ابن كثير (مج 1، ج 4، ص 439) .


11-



  • (قال مغيث الأسود: «زوروا القبور كلّ يوم تفكّركم؛ وشاهدوا الموقف بقلوبكم؛ وانظروا إلى المنصرف بالفريقين إلى الجنّة أو النّار، وأشعروا قلوبكم وأبدانكم ذكر النّار ومقامها وأطباقها، وكان يبكي عند ذلك حتّى يرفع صريعا من بين أصحابه قد ذهب عقله» ) * «1» .
    12-

  • (قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى:
    وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً

    (النحل/ 66) إنّ لكم أيّها النّاس في الإبل والبقر والغنم آية، ودلالة حكمة خالقها وقدرته ورحمته ولطفه» ) * «2» .
    13-

  • (وقال رحمه الله في تفسير قوله تعالى:
    إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى (النازعات/ 26) أي لمن يتّعظ وينزجر) * «3» .
    14-

  • (وقال في تفسير قوله تعالى: يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ (النور/ 44) أي لدليلا على عظمته تعالى) * «4» .
    15-

  • (قال ابن الجوزيّ- رحمه الله:
    «يا خاطبا حور الجنّة وهو لا يملك فلسا من عزيمة، افتح عين الفكر في ضوء العبر لعلّك تبصر مواقع خطابك» ) * «5» .
    16-

  • (وقال أيضا- رحمه الله: «العجب ممّن يقول: اخرج إلى المقابر فاعتبر بأهل البلى ولو فطن علم أنّه مقبرة يغنيه الاعتبار بما فيها عن غيرها خصوصا من قد أوغل «6» في السّنّ، فإنّ شهوته ضعفت، وقواه قلّت، والحواسّ كلّت «7» والنّشّاط فاتر «8» ، والشّعر أبيض. فليعتبر بما فقد وليستغن عن ذكر من فقد، فقد استغنى بما عنده عن التّطلّع إلى غيره» ) * «9» .
    17-

  • (وقال الحسين بن عبد الرّحمن: نزهة
    المؤمن الفكر

    لذّة المؤمن العبر
    نحمد الله وحده

    نحن كلّ على خطر
    ربّ لاه وعمره

    قد تقضّى وما شعر
    ربّ عيش قد كان فو

    ق المنى مونق الزّهر
    في خرير من العيو

    ن وظلّ من الشّجر
    وسرور من النّبا

    ت وطيب من الثّمر
    غيّرته وأهله

    سرعة الدّهر بالغير «10»
    نحمد الله وحده

    إنّ في ذاك معتبر
    إنّ في ذا لعبرة

    للبيب إن اعتبر» ) * «11»
    18-

  • (قال الغزاليّ- رحمه الله: «كثر الحثّ في كتاب الله تعالى على التّدبّر والاعتبار والنّظر والافتكار» )* «12» .
    19-

  • (عن عمرو بن شيبة قال: «كنت


(1) المرجع السابق (مج 1، ج 4، 439) .
(2)
المرجع السابق (مج 2، ج 14، ص 575) .
(3)
المرجع السابق (مج 4، ج 30، ص 469) .
(4)
المرجع السابق (مج 3، ج 18، ص 298) .
(5)
صيد الخاطر (386) .
(6)
أوغل: طعن فيه وتقدم وأوغل في الأرض أبعد فيها.
(7)
كلت: تعبت.
(8)
فاتر: ضعيف قد لان بعد شدته.
(9)
صيد الخاطر (450) .
(10)
الغير: صروف الدهر وأحواله.
(11)
تفسير ابن كثير (مج 1، ج 4، ص 440) .
(12)
إحياء علوم الدين (4/ 423) .


بمكّة بين الصّفا والمروة، فرأيت رجلا راكبا بغلة وبين يديه غلمان ينفّرون النّاس. قال: ثمّ عدت بعد حين فدخلت بغداد، فكنت على الجسر، فإذا أنا برجل حاف حاسر «1» طويل الشّعر، قال: فجعلت أنظر إليه وأتأمّله. فقال لي: مالك تنظر إليّ، فقلت له:
شبهتك برجل رأيته بمكّة، ووصفت له الصّفة، فقال له: أنا ذلك الرّجل. فقلت ما فعل الله بك؟ فقال:
ترفّعت في موضع يتواضع فيه النّاس، فوضعني الله حيث يترفّع النّاس» ) * «2» .
20-



  • (قال محمّد بن الحسين: «دخلت على محمّد بن مقاتل، فقلت له: عظني، فقال: اعمل فإن متّ لم تعد أبدا. وانظر إلى الذّاهبين هل عادوا؟
    تذهب أيّامنا على لعب

    منّا بها والذّنوب تزداد
    أين أحبابنا وبهجتهم؟

    بطيب أيّام عيشهم بادوا) * «3» .
    21-

  • (قال بعض الحكماء: من نظر إلى الدّنيا بغير العبرة انطمس من بصر قلبه بقدر تلك الغفلة» )* «4» .
    22-

  • (قال الشّاعر:
    اعتبر يا أيّها المغ

    رور بالعمر المديد
    أنا شدّاد بن عاد

    صاحب الحصن المشيد
    وأخو القوّة والبأ

    ساء والملك الحشيد
    دان أهل الأرض طرّا

    لي من خوف الوعيد
    وملكت الشّرق والغر

    ب بسلطان شديد
    فأتى هود وكنّا

    في ضلال قبل هود
    فدعانا لو قبلنا

    هـ إلى الأمر الرّشيد
    فعصيناه ونادى

    ما لكم هل من محيد
    فأتتنا صحيحة ته

    وي من الأفق البعيد
    فتوافينا كزرع

    وسط بيداء «5» حصيد) * «6»

    ‌من فوائد (الاعتبار)
    (1)
    كثرة التّفكّر والاعتبار تقوّي الإيمان بالله عز وجل.
    (2)
    توسّع مدارك المؤمن وتدلّه على آيات الله تعالى.
    (3)
    تكسب المؤمن خوفا من الله عز وجل ومهابة من عقابه.
    (4)
    تجعله يعرف الدّنيا أنّها ظلّ زائل وأنّ الآخرة هي دار القرار.
    (5)
    يقنع المؤمن بما رزقه الله عمّا في أيدي النّاس.
    (6)
    يعيش المؤمن بسعادة واطمئنان.


(1) حاسر: مكشوف الرأس.
(2)
إحياء علوم الدين (3/ 343) .
(3)
برد الأكباد عند فقد الأولاد (68) .
(4)
تفسير ابن كثير (مج 1، ج 4، ص 439) .
(5)
بيداء: صحراء واسعة.
(6)
زاد المسير لابن الجوزي (9/ 116- 117) .


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

لقد حقق قسم بحو...

لقد حقق قسم بحوث المقننات المائية والري الحقلي إنجازات متعددة تعزز كفاءة استخدام المياه وتدعم التنمي...

1. قوة عمليات ا...

1. قوة عمليات الاندماج والاستحواذ المالية في المشهد الديناميكي للأعمال الحديثة، ظهرت عمليات الاندماج...

اﻷول: اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻠﻰ...

اﻷول: اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻠﻰ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﺗﻤﮭﯿﺪﯾﺔ ﻣﻘﺪﻣﮫ ﺳﻨﻀﻊ اﻟﻤﺒﺤﺚ ھﺬا ﻓﻲ ﺳﺘﻜﻮن ﺧﻼﻟﮭﺎ ﻣﻦ واﻟﺘﻲ اﻟﻌﻼﻗﺔ ذﻟﺒﻌﺾ ھﺎﻌﻠﻮم ﻔﺎت ...

الوصول إلى المح...

الوصول إلى المحتوى والموارد التعليمية: تشكل منصات وسائل التواصل الاجتماعي بوابة للدخول إلى المحتوى ...

ـ أعداد التقاري...

ـ أعداد التقارير الخاصه بالمبيعات و المصاريف والتخفيضات و تسجيل الايرادات و المشتريات لنقاط البيع...

وهي من أهم مستح...

وهي من أهم مستحدثات تقنيات التعليم التي واكبت التعليم الإلكتروني ، والتعليم عن والوسائط المتعدد Mult...

كشفت مصادر أمني...

كشفت مصادر أمنية مطلعة، اليوم الخميس، عن قيام ميليشيا الحوثي الإرهابية بتشديد الإجراءات الأمنية والر...

أولاً، حول إشعي...

أولاً، حول إشعياء ٧:١٤: تقول الآية: > "ها إن العذراء تحبل وتلد ابنًا، وتدعو اسمه عمانوئيل" (إشعياء...

يفهم الجبائي ال...

يفهم الجبائي النظم بأنّه: الطريقة العامة للكتابة في جنس من الأجناس الأدبية كالشعر والخطابة مثلاً، فط...

أعلن جماعة الحو...

أعلن جماعة الحوثي في اليمن، اليوم الخميس، عن استهداف مطار بن غوريون في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع...

اهتم عدد كبير م...

اهتم عدد كبير من المفكرين والباحثين في الشرق والغرب بالدعوة إلى إثراء علم الاجتماع وميادينه، واستخدا...

وبهذا يمكن القو...

وبهذا يمكن القول في هذه المقدمة إن مصطلح "الخطاب" يعدُّ مصطلحًا ذا جذور عميقة في الدراسات الأدبية، ح...