لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (50%)

التحولات الاجتماعية والاسرية ومشاكل الاحداث في الامارات ، شهد المجتمع الاماراتي منذ الستينيات إلى السبعينيات من القرن العشرين, اشكالا متعددة من التباين بين الاجيال, وهذا التباين يعتبر ظاهرة صحية وثقافية وإجتماعية من حيث هو السبيل للتعبير عن التجديد والتطوير في الحياة. ولما كان الشباب كقوة دينامية ذات فاعلية تؤثر في نشاط المجتمع وحركته ونمو العمل والانتاج باعتباره جزءا لا يتجزأ من التركيب الإجتماعي يتأثر به وبما يدور من حوله من احداث إجتماعية وإقتصادية وسياسية وتقنية, فإننا نهتم به وبالتباين القيمي الذي يظهر في صفوفه, وكان على الجوانب اللامادية من قيم واعراف وتقاليد وتنظيمات إجتماعية التي ينتمي إليها الشباب كالاسرة والقبيلة والاندية الثقافية والرياضية وغيرها ان تتفاعل مع التحولات الكاسحة. إذ ان معالم هذه التحولات التي جربتها وتجربها دولة الإمارات إلى اليوم وآثارها على الحياة الإجتماعية والثقافية وخاصة الحياة الاسرية والحياة اليومية المعاشة إذ جعلت جيل الكبار غير قادر على ملاحقة هذه التغيرات ومن ثم عجزه ان يقدم المعاونة المؤثرة لجيل الشباب والاخذ بايديهم والسعي إلى ربط تلك التحولات وآثارها برعاية (الاحداث المراهقين) في مجتمع الإمارات, خاصة ما يظهر انه سيكون الاتجاه العام في المستقبل القريب. فالفئة الاولى هم الاشخاص الذين تتراوح اعمارهم بين السابعة إلى السادسة عشرة. اما الفئة الثانية فهم الاشخاص الذين تتراوح اعمارهم بين السادسة عشرة والثامنة عشرة (اي كلاهما في فترة سن البلوغ والمراهقة) وقد حكم عليهم القضاء الشرعي او المدني (بالقانون الإتحادي لعام 1976م), إن اعتماد هذا التعريف لمفهوم (الاحداث) يشير إلى فئات عمرية متنوعة تتفاوت من حيث نموها الجسمي والانفعالي والإجتماعي والاخلاقي, الامر الذي يشير الى اختلاف نوعي وكمي من حيث المشكلات التي قد يعاني منها افراد هذه الفئات, والذي يتطلب في الوقت نفسه إجراء دراسات علمية تحليلية شاملة تتناول طبيعة هذه المشكلات في سياقها الطبيعي وارتباطاتها بالتغيرات التطورية المتنوعة التي تطرأ على سلوك الحدث خلال تلك الفترة الزمنية. وبما أننا نبحث في دور الاسرة والمؤسسات التربوية والتنظيمات الإجتماعية في الحد من مشكلات الاحداث وانسجاماً إلى حد ما مع ما جاء في التوصية الآنفة الذكر, وعلى وجه التحديد مع هذه الشريحة من المجتمع. واستقلالية وتذمر هذه الفئة نتيجة التدليل المفرط في النظام الاسري من جهة اخرى. والتفاعلات الاسرية التي يسودها التداخل الكبير, وهذا الجو الاسري لا يسمح إلا بقليل من الخصوصية وكل القرارات والانشطة ليست موجهة نحو الافراد ولكنها تتمركز حول الاسرة كلها. ومثل هذه الحياة الاسرية قد تترك تأثيرات سلبية على افرادها مثلها في ذلك مثل الحياة الاسرية المتصفة بالتداخل الكبير. ان الفجوة بين الانفصال والتداخل تبلورت في شكل اختلافات بالقيم التي ادت دوراً كبيراً في تشكيل الكيان النفسي للحدث بشكل عام, في الوقت الذي ادت إلى انعكاس هذا التباين في شكل قلق نفسي بين الاحداث وادت إلى عدم اشباعها وبالتالي ادت إلى تعلم القلق وهذا ما نلاحظه في شباب اليوم (الذين يندرجون تحت مسمى الاحداث وهم بالتحديد المعرضين للانحراف). واعني كلما كان هناك تباين بين التداخل والانفصال في النظام الاسري تزداد درجة القلق بزيادة هذا التباين الذي يؤدي على المدى البعيد إلى تهديد قيم هذه الفئة العمرية فيؤدي إلى حدث عميق هو امتلاء دور الاحداث بهم. بان تربية الابناء وتنشئتهم قد تكون من اصعب التحديات التي واجهتها الاسرة في بداية التسعينيات من القرن العشرين في حياتهم من جهة, ومن اكبرها تأثيراً في إعطاء معنى للحياة وبعث الشعور بالرضا في النفس الاسرية في بداية القرن الحادي والعشرين من جهة اخرى. وبالرغم من الاهمية البالغة للحياة الاسرية بالنسبة لنا جميعاً في بداية هذا القرن, والدليل على ذلك عدم وجود القناعة بالنظام التربوي والتعليمي والتقني عند بعض الاسر التي تصر على تسرب ابنائها من الدراسة في سن الرابعة عشرة والخامسة عشرة من اجل اشباع حاجاتها المادية واصبح كل شيء عندها يُباع ويشترى حتى ابناؤها. وليس من شك ان بعض الاسر تناست نظرة الدول اليوم للشباب بانهم ثروة بشرية لابد من استثمارها, والاهدار في هذه الفئة يعني ان المفقود فيه هو عبء على الاسرة والمجتمع وخسارة لجزء مهم من الاستثمار, فالاسر الاماراتية يتزايد تسرب قيم ابنائها السلوكية كماً وكيفاً والإقبال على الإنحراف شديد دون ادنى مراقبة من الاسر, حيث يعتبر إهدارا في العامل البشري الذي هو موضوع الاستثمار وهو الاساس في التنمية في بلد ناهض, يتيح المجال لوضع حلول لهذه المشكلة الواضحة التي تسهم في حال الاخذ بها في الحد من مشاكل الاحداث والمعرضين للانحراف وفي تقدم التعليم والتوازن الاسري والتقليل من الفاقد الإجتماعي والاسري والجهد البشري, لندفع إلى المجتمع باناس متعلمين يساهمون في تنمية مجتمعهم واسرهم وبلدهم النامي وتطويره والتقليل من الاعتماد على العمالة الاجنبية والتي لايهمها سوى الكسب السريع المشروع وغير المشروع دون وضع اساس متين للتنمية الافقية والرأسية, وهذه المشكلة تمس عدداً كبيراً من الاسر الغنية والفقيرة في كل إمارات الدولة, فحجم الاحداث والمعرضين للانحراف بالنسبة لعدد السكان يمثل مشكلة كبرى ومهمة. وليس من شك ان الاسرة الاماراتية احتلت مكانة مهمة منذ تأسيس الإمارات ككيانات سياسية. فقد كانت الاسرة في مجتمع الإمارات هي المؤسسة الإجتماعية الوحيدة التي تعلم الاطفال وتعدهم للمستقبل بالرغم من الظروف العصيبة التي مرت عليها الإمارات في فترة الشدة الاقتصادية. التعليم والنفط ومع تتطور الحياة الاماراتية وبالتحديد منذ ظهور التعليم النظامي في بداية السبعينيات الذي كان له الدور الكبير في تطور الاسرة والعملية التربوية التعليمية, وخاصة منذ التسعينيات بدأت تتغير الادوار التربوية للاسرة حيث ان المجتمعات الحديثة والتكنولوجيا سلبت الاسرة وظائفها تدريجياً من الاوسع إلى الواسع ثم إلى الضيق فالاضيق, فوظائف الاسرة الاماراتية كانت واسعة كل السعة شاملة لمعظم شئون الحياة الإجتماعية والثقافية, وينتزعها من الاسرة واحدة بعد اخرى, ويعهد بكل منها إلى اجهزة خاصة تسير تحت إشرافه حتى كاد يجردها منها جميعاً. اما في وقت ظهور النفط والوقت الراهن فهناك بعض القواسم المشتركة تعاني منها الاسرة الاماراتية, فثمة من يعتقد ان الاسرة الاماراتية في حالة إنحدار وذلك بفعل التناقضات الناجمة عن التوجهات الثقافية والقيمية المتغيرة سريعاً والمتباينة كثيراً, بسبب عوامل كثيرة منها تزايد نسبة الطلاق والعنوسة وتعدد الزوجات وازدياد اعداد الامهات اللواتي يتركن المنازل للعمل وتلاشي الاسرة الممتدة. فالجميع يتفق على ان هذا العصر هو عصر الاسرة الهشة وان الحياة الاسرية اصبحت على مفترق خطير, والدليل على ذلك تزايد اعداد الاسر التي تقوم على رعايتها امهات فقط, بالإضافة إلى ذلك دور الحضانة ورياض الاطفال ذات النوعية الضعيفة التي لايهمها إلا الكسب الوفير, إذ انها اصبحت تنوب عن الآباء والامهات في تنشئة عدد كبير من الاطفال الذين ينتمون إلى اسرة عاملة, خاصة في الاوقات ما بين انتهاء الدوام المدرسي وعودة الوالدين للمنزل بعد انتهاء العمل. تظهر اهمية المعلومات التي اسلفنا ذكرها في شكوى وتذمر الاسر من طبائع واتجاهات وسلوكيات الاولاد والبنات اليوم, وكيف انهم يختلفون وبشكل نوعي عن مفاهيم الاجيال السابقة عليهم. في الوقت الذي تجاهلت بعض الاسر دورها تجاه الاولاد والبنات نظراً لعدم التفكير في التحولات والتيارات التي يعيشها الجميع اليوم, فالتحولات كما يعرف الجميع التي تمر بها الاسرة الاماراتية اليوم من حيث بنيتها ونمط السكن فيها والسلطة والوظائف المطلوبة فيها والادوار التي يلعبها اطرافها تغيرت عما سبق. وهذا يقودنا إلى معرفة الاسباب التي ادت إلى ولادة مشكلة الاحداث والمعرضين للانحراف في مجتمع الإمارات, وللمقارنة لابد من تحديد الخلفية التاريخية للتحولات التي طرأت على مجتمع الإمارات واأدت إلى بروز تلك المشكلة. الفترة الاولى منذ ظهور النفط في الستينيات بكميات تجارية, فعلى سبيل المثال تزايد عدد السكان في السبعينيات حيث بلغ 862 ألف نسمة في عام 1975م ووصل عام 1985م 1. وحينما نرجع إلى العقود الثلاثة الماضية شهدت دولة الإمارات حركات سكانية واسعة عملت على انتقال السكان من المناطق الريفية ومن اسلوب الحياة الترحالية الرعوة ليستقروا في المدن التي شكلت ما عرف بمحاور التنمية. ومن ثم فإن ميزانية الدولة توجهت إلى تطوير الإمارات السبع التي استوعبت المشاريع الاقتصادية والإسكانية وغيرها. اثرت التحولات الإقتصادية الكبيرة والحركات السكانية وخاصة الواسعة للسكان من الارياف والبوادي إلى المدن ومن ثم الاختلاط بأعداد كبيرة من العمالة الاجنبية من كافة انحاء العالم والحاملين ثقافات وأديان ولغات وتصورات مختلفة متباينة, إلا انه لم يكن هناك من يرشد وينبه إلى هذه المخاطر التي ادت في نهايتها إلى بعض التحولات التي تأثرت بها الاسرة. ولعل من ابرز تلك التحولات التي طالت الاسرة الاماراتية, وبشكل متزايد بين الفئات الإجتماعية المختلفة, ولقد ادت هذه الشروط ايضاً إلى تحولات مهمة جداً في بنية وهيكل الاسرة حينما اشتد ساعد الابناء وتقدموا في السن وخاصة في السابعة عشرة والثامنة عشرة ولعل من ابرز تلك المؤشرات تحول العديد من الابناء من ملتزمين بواجباتهم من كافة النواحي سواء الثقافية او الإجتماعية او الاقتصادية ـ إلى متهورين والسبب في ذلك كثرة المطالب من ناحية الابناء وكثرة المطالب من ناحية الام بالرغم من التزام الزوج بشروطها المادية, بمعنى ان يستطيع الاطفال في سن المراهقة القيام بممارسات بعيدة عن مراقبة الابوين وخاصة إذا كانت الاسرة مفككة, فتظهر عملية التدخين وشم الغراء والمشاجرات مع اقرانهم ثم يتطور الامر إلى إدمان وانحراف نتيجة الابتعاد عن القيم الاسرية المتمثلة بالاسرة الكبيرة الممتدة. اما في حالة معرفة الابوين بتلك الممارسات فأغلب الاسر تقوم بكتم الاسرار لهذه الظواهر وغيرها, فمثلاً يعلم الاب بممارسات الولد او البنت وبالعكس من جانب الام, مما يسمح لظهور انواع جديدة من الترتيبات الاسرية, فتتزايد مشكلة الابناء اكثر مما مضى فيتعرضون للانحراف المزمن الذي لا تستطيع الاسرة البسيطة معالجته إلا بالتعاون مع جمعيات دور الاحداث او المستشفيات التخصصية. تنوع الاسباب تلك كانت بعض الاسباب التي ادت إلى هدم اركان فعالية الاسرة الاماراتية في تلك الفترة, إلا ان هناك اسبابا اخرى لا تقل اهمية عنها وتعتبر حجر الزاوية في هدم بنية الاسرة, حدوث تطورات وتغيرات عديدة على الإنسان الاماراتي عامة والمراهق خاصة الذي تفتحت نظرته إلى تلك التطورات مما ادى إلى تكوين نظرته تجاه الوالدين بأنهم مسالمان له, فهو كما يؤثر في المجتمع تتأثر به فئة الشباب وخاصة المراهقين وكونت لديهم العديد من المفاهيم والإتجاهات التي امتصها وتشبع بها. ودراسة الاسباب التي ادت إلى ازدياد نسبة الاحداث والمعرضين للانحراف امر مرغوب فيه بالتسعينيات إلى يومنا هذا, ومعايير العلاقات بين افراده, نتيجة ازدياد نسبة التباين في القيم بين الآباء والابناء لأسباب كثيرة منها خارجية, اولا ًـ الاسباب الخارجية: في عقد التسعينيات الذي دخلت القنوات الفضائية والتي تجاوزت عوائق الطبقة او الخلفية الإجتماعية فهي منتشرة بين الجميع, إلا ان هناك برامج موجهة عمداً للمشاهد العربي بشكل عام والاماراتي بشكل خاص, فيبدأ الانحراف السلوكي من جراء تلك القنوات والذي يقود إلى حالتين خطيرتين على الاسرة والمجتمع هما: الانحراف وتزايد عدد الاحداث في دور الاحداث. فعلى سبيل المثال, بدأت الشرارة الاولى لهدم البنت وقيمها في بداية التسعينيات إلى يومنا هذا, اما بالنسبة للولد فيحدث له ما حدث للبنت. وهذا الامر يقودنا إلى الجانب الثاني من تأثير القنوات الفضائية الا وهو الاغاني (الفيديو كليب) التي اثرت على الاولاد والبنات, من خلال آلية جبارة من الدعاية والاعلان المغري وهكذا تتولد احتياجات اولية تجعلهم يحاولون فرض آرائهم على آبائهم بتوفير كل تلك المستلزمات بغض النظر عن لمستوى المعيشي لهؤلاء الآباء اغنياء او فقراء, قيماً سلوكية بنظرها داخل اطار الجيل الجديد على انها تجسيد للإنجازات الفردية وعلى انها تأكيد على هوية الذات المقدمة بشكل يومي للآخرين. ولكنها كلها إعلانات اجتماعية مستهلكة تقوده للانحراف الفعلي غير المحسوس من قبل الوالدين. وسلاح لهدم الاسرة إذا لم يحسن افراد الاسرة استخدامه, يوفر اولياء الامور شبكة الانترنت, وبعدها لا يجدون من الوقت ما يسمح لهم بالرقابة الواعية على اجهزة الانترنت. فينغمس الولد والبنت في برامج غير لائقة تدفعهم إلى التخلص عن قيمهم ومن ثم يصبحون دون وعي مقلدين للجرائم بأنواعها, اما السبب الجوهري والمرتبط ارتباطاً وثيقاً من قريب بالاولاد ومن بعيد بالنسبة للبنات, فهو مشاهدة افلام الجريمة والجنس سواء في السينما او في التلفزيون بواسطة الفيديو, مهما كانت احوالهم الاسرية غنية او فقيرة! تلك كانت العوامل الخارجية التي ادت إلى انحراف العديد من الشباب المراهقين وتحول العديد منهم إلى احداث منحرفين في المجتمع, وهي بلا شك عوامل وتطورات تؤثر على النسق القيمي والاسري السائد في مجتمعنا. جيل يحلم بتحقيق كل الطموحات والرغبات بشكل آن وسريع ومع الاعتماد, في ظل هذه البنية تشكلت عدة مفاهيم غير واقعية في النظام الاسري عند بعض الاسر مما تشكلت لدى الابناء وخاصة المراهقين شخصية تابعة في جميع جوانبها. وكل هذه الامور نتيجتها الرحلات العائلية غير المقننة وخاصة إذا كان هناك بعض الابناء ممن لم يختلطوا بأحد من اقرانهم منذ نعومة اظافرهم! اما الجانب الثاني فهو الاختلاط الاسري في الحفلات العائلية, مثل عقد القران واشهار الزواج. وفي ظل هذه التحولات الآخذة في تقليد ما يجري في المجتمعات الغربية يزداد التباهي بين المراهقين في تلك الحفلات نتيجة الانفتاح الاسري. فمثلاً منذ التحولات البنائية التي مرت على دولتنا من جميع الجوانب منذ التسعينيات, فإن المرأة احد الشرائح الاجتماعية التي مرت عليها تلك التغيرات, فالمرأة تتغير يوماً بعد يوم وبشكل سريع, خاصة بعد انتشار التعليم وتعميمه إلى اعلى المستويات. فلابد ان نتقبل إيجابياته وسلبياته, بالرغم من ان المجتمع والاسرة لما يحسبا لها اي اعتبار إلا اعتبار واحد الا وهو (التفوق العلمي للابناء) إلا اننا لابد ان نلقي الضوء على حقيقة هذه الانماط من الدروس التي تدس السم في اجسام ابناء الاسر الاماراتية دون ان تشعر. نتيجة انفصال الاسرة عن المدرسة, فازداد (تجار الشنطة المدرسية) على حسب التسعيرة ورأس المال المناسب, فهذه الظاهرة ناتجة عن العديد من العوامل, منها ما ترجع إلى الاسرة ذاتها كالانفتاح والبعد عن الوازع الديني وغيرها. فالتردد على هذه الاماكن من قبل بعض المراهقين هو للبحث عن الاسوأ لتفريغ ما بأنفسهم, فهذه بجملتها ومضمونها تسهل للمراهقين عملية تبادل المعلومات بكل ما هو جديد حول الانحراف السلوكي, وهناك حالات نادرة تجعل المراهقين يتعرضون للانحراف, مثل سلوك الوالدين السلبي الشاذ! استلهام القيم تلك كانت التحولات التي طرأت على الاسرة الاماراتية بين فترتين مختلفتين وانعكاساتها على المراهقين والاحداث, ويحتاج مجتمعنا الاماراتي, وهو دون شك يفعل ذلك من خلال الجمعيات ذات النفع العام بأنواعها والمحاولات الاسرية, ان يمر بمرحلة تكييف جذرية وإعادة بناء الاسرة الاماراتية على اساس مفاهيم إجتماعية وثقافية من شأنها ان تمكن المجتمع من ان يتعامل معها ومع الظروف والسياقات والتغيرات الإجتماعية بصورة جديدة, ومن المستحسن ان تُبقى على الكثير من القيم والاخلاق التقليدية التي ثبت نجاحها خاصة ما تعلق منها بالروابط الاسرية التي تعمل على رعاية الاحداث والعمل معهم وذلك من خلال بناء اطر إجتماعية تسهل عليهم التكيف مع ظروفهم الجديدة التي طرأت عليهم منذ بداية التسعينيات, خاصة بعد الإحالة إلى دور الاحداث التابعة لمعظم الإمارات او عندما يبدأون في التعرض للانحراف السلوكي دون ان يخل ذلك بكرامة الاسر وبحقوق ومصالح ابنائهم الذين يقومون بإعالتهم. ويمكن ان يتم ذلك من خلال إعادة التاأكيد على قيم واحترام الحدث والمنحرف والمعرض للانحراف وتكريمهم في العديد من المناسبات سواء الاسرية والمدرسية والمجتمعية او دور الاحداث, والعمل على إدماج نشاطاته بشكل مفيد وملموس في السياق العام, سواء في داخل الاسرة او بالتطوع في الاعمال العامة والإفادة من خبرات وتجارب الاحداث عموماً في الحياة العامة. بطبيعة الحال تحتاج هذه الجهود إلى توعية الاحداث والمعرضين للانحراف وتعليمهم بشكل مباشر للكيفية التي ينبغي عليهم ان يتعاملوا فيها مع هذه المرحلة العمرية التي سيدخلونها سواء في الاسرة, او في دور الاحداث, سواء في داخل النظام الاسري او خارج النظام الاسري النواحي الصحية والغذائية التي لابد ان تؤخذ بعين الاعتبار في هذه المرحلة, ومن المطلوب ايضاً, والكيفية التي يمكن ان ينظم بها جهد الرعاية ومجالاته حتى لا يصبح الجهد على طرف واحد فيها يجعله شبه متفرغ لذلك مما يؤدي احياناً إلى إعاقة تحقيقه لذاته او تطلعاته. على العكس, وكذلك الآخرون من افراد الاسرة والشرطة ودور الاحداث, وبشكل يقوم على تقسيم العمل فيما بينهم, ان الاسرة في ظل ما ذكرناه من الاستقلالية في جميع المجالات وانشغالها اللاهث لتحقيق ما تصبو إليه من كماليات إجتماعية وحراك إقتصادي وتحقيق للذات الحياة. ممن ينتمون إلى وزارة التربية, وإعطائهم مساحة كبيرة في التنسيق والتعاون مع افرادها على كافة المستويات بما يسهم في تقديم العون والمساعدة للفئات المعرضة للانحراف والاحداث وإدماجهم في الحياة الاسرية والحياة العامة. إن رعاية الاحداث تحتاج إلى معرفة بما يقدمه علم النفس والإجتماع من تفهم لحالة المعرضين من المراهقين للإنحراف, وما يمرون به من تغيرات حتى يمكن تجاوز ما قد يظهر انه من العوائق لإمكانيات تقديم المساعدة والرعاية المطلوبة لمن يعانون من حالات بوادر إدمان المواد المخدرة كالغراء او شم الإطارات المحروقة او بعض الحشرات مثل (السماسيم) او لمن يعانون من امراض نفسية وإجتماعية تجعلهم يترددون على الشوارع من غير وعي. إضافة إلى معرفة بصحة الاحداث والامراض التي غالباً ما يمرون بها واعراضها وكيفية التعامل معها واساليب الرعاية الغذائية ومقادير الغذاء المناسب والكيفية التي ينبغي تقديم الدواء لهم وخاصة المقادير فهم اصحاب مناعة محدودة من جراء الشم والمخدرات ويخشى عليهم التسمم او الضرر من جراء إعطائهم جرعات غير مناسبة. ولابد من التعامل معهن بحذر وخاصة في دور الاحداث, وإنما (الرعاية) بالمعنى الجديد معرفة النقص الحقيقي لهؤلاء الاحداث. اي معرفة ما ينبغي لمساعدتهم ورعايتهم وفق اسس ومعايير علمية في كافة المجالات الإجتماعية والإقتصادية والثقافية والنفسية والمعيشية, والعمل مع مؤسسات متخصصة وجمعيات عديدة على تقديم الخدمات والمرافق المناسبة التي تساعد الحدث على خدمة نفسه بنفسه واستمتاعه بحياة افضل واطول, لان بقاءهم في دور الاحداث وتهميشهم لن يحل المشكلة, يقدم قيماً ومثلاً ونماذج رائعة ينبغي ان يستفاد منها, ويمكن الاستفادة منها وتشكل دافعاً متميزاً وعناصر حث على العمل من اجل تطوير وتحسين اساليب ورعاية الاحداث وبشكل خلاق, لا ان تبقى من جانب الاسر ودور الاحداث في مدار القيام بالواجب! الوقاية اولا في ضوء ما تقدم من عرض في تمهيد الدراسة والتحولات والاسباب التي (اسلفنا ذكرها) وما توصلت إليه الدراسة من نتائج, حيث ان الاسرة والمدرسة والمجتمع والبيئة من اهم المتغيرات التي تساعد المعرض للانحراف والحدث على اكتساب المفاهيم بانواعها حتى يصبح نافعاً لنفسه ولاسرته ووطنه, وعلى مختلف المستويات بعمل مشروع لرعاية الاحداث والشباب المعرضين للانحراف وإطلاق شعارات تتناسب مع الفئة العمرية لهم مثل (سلوك وشباب) او (قيم وسلوك) . واستثمار هذه البرامج عن طريق المواد الإعلامية والثقافية في التأكيد على المعاني والمضامين والدلالات الإنسانية والاخلاقية والدينية والإجتماعية لرعاية الاحداث والاهتمام بالمعرضين للانحراف في المجتمع, 3ـ السعي إلى تمثيل تعاليم وقيم الدين الإسلامي الحنيف عن طريق الاسرة ودور الاحداث في السلوك الفردي والممارسات اليومية لهؤلاء الشباب المعرضين للانحراف والاحداث, وإنما هي نتيجة ظروف مرة في حياة الإنسان في مرحلة من مراحل حياته. وعلى النحو الذي يعكس امتنان ووفاء المجتمع للاحداث وتقديره لعطائهم وإسهامهم وخاصة إذا اصبحوا اناسا إيجابيين في دور الاحداث وبعد ذلك في المجتمع. 6ـ التوسع في برامج ودورات التثقيف والإعداد المسبق لمرحلة المراهقة التي تعتبر من اخطر المراحل التي يمر بها الشباب سواء في الاسرة او المدرسة او المجتمع, وبحيث يتاح للشباب المعرضين للانحراف فرصة التخطيط والتحضير المناسب للانتقال إلى هذه المرحلة بأقل ما يمكن من مضاعفات سلبية, وعلى ان يستفاد في تنفيذ هذه البرامج والدورات من التجارب المحلية والعربية والدولية ومن الخبرات الناجمة لهذه الفئة العمرية. 7ـ إجراء المزيد من المسوح الاستطلاعية والدراسات الميدانية على مختلف إمارات الدولة تحت إشراف وزارة الداخلية بمساعدة وزارة التربية ووزارتي العمل والتخطيط, من اجل توفير البيانات الحقيقية والفعلية عن كل إمارة على حدة للشباب المعرضين للانحراف وخاصة ممن يتجمعون في الاحياء الشعبية, فالحصول على معلومات فعلية من كل حي شعبي (7 افراد على الاقل من كل إمارة على سبيل المثال), سيقلل من الهدر الاسري والتربوي, 8ـ التسيق بين مختلف الجهات المعنية الرسمية منها والاهلية في إمارات الدولة, لوضع الخطط الكفيلة بتنفيذ ما يتناسب مع ظروف وخصوصية كل إمارة من المبادئ والمواثيق والإعلانات وخطط العمل المعتمدة ذات العلاقة بقضايا الاحداث وشئونهم ومتطلبات رعايتهم. 10ـ العمل على رفع معنويات الاحداث وخاصة الذين يمكثون مدة سنة فاكثر في دور الاحداث عن طريق المشهورين من شرائح المجتمع كالفنانين والرياضيين والكتاب والاطباء, وذلك من اجل تخفيف الاكتئاب الذي يشعرون به فترة بقائهم في الدار, 13 ـ إنشاء محكمة خاصة بالاحداث منفصلة من جميع جوانبها عن المحاكم الحالية, بحيث تغرس الثقة النفسية والإقناع الذاتي للاحداث. 15 ـ تشكيل هيئة عامة لرعاية الشباب المعرضين للانحراف, إن ثورة المعرضين للانحراف بشكل عام والاحداث بشكل خاص من الثورات الشرسة القادمة والمهمة, فيتطلب الإعداد الكفء لها منذ الآن,


النص الأصلي

التحولات الاجتماعية والاسرية ومشاكل الاحداث في الامارات ، بقلم: حسن علي الحمادي
التاريخ: 19 يونيو 2000
شهد المجتمع الاماراتي منذ الستينيات إلى السبعينيات من القرن العشرين, اشكالا متعددة من التباين بين الاجيال, وهذا التباين يعتبر ظاهرة صحية وثقافية وإجتماعية من حيث هو السبيل للتعبير عن التجديد والتطوير في الحياة. وبالفعل استطاعت تلك الاجيال في فترة زمنية محدودة ، الوصول إلى اعلى مراتب الشرف والتقدم في جميع نواحي الحياة. ولكن هذا التباين في عصرنا الحالي (القرن الحادي والعشرين) يأخذ شكلاً مختلفاً نظراً لما وجد فيه من التغيرات الفجائية احياناً والشاذة احياناً اخرى. ولما كان الشباب كقوة دينامية ذات فاعلية تؤثر في نشاط المجتمع وحركته ونمو العمل والانتاج باعتباره جزءا لا يتجزأ من التركيب الإجتماعي يتأثر به وبما يدور من حوله من احداث إجتماعية وإقتصادية وسياسية وتقنية, فإننا نهتم به وبالتباين القيمي الذي يظهر في صفوفه, إلا ان شباب اليوم في دولتنا, بدأوا يفقدون ذلك التباين تدريجياً منذ اكتشاف النفط الذي جعلهم يمرون بتغيرات وتحولات جذرية طالت البنى الاساسية للحياة الإجتماعية والثقافية فيهم, وربما عاد ذلك بشكل رئيسي إلى تطور وازدهار الصناعة النفطية في دولتنا والتي جاءت بعوائد مالية كبيرة فتحت امام ابناء المجتمع آفاقاً كبيرة وسريعة للتنمية الشاملة التي غيرت بسرعة البيئة المادية لثقافة هذا المجتمع. وكان على الجوانب اللامادية من قيم واعراف وتقاليد وتنظيمات إجتماعية التي ينتمي إليها الشباب كالاسرة والقبيلة والاندية الثقافية والرياضية وغيرها ان تتفاعل مع التحولات الكاسحة. إذ ان معالم هذه التحولات التي جربتها وتجربها دولة الإمارات إلى اليوم وآثارها على الحياة الإجتماعية والثقافية وخاصة الحياة الاسرية والحياة اليومية المعاشة إذ جعلت جيل الكبار غير قادر على ملاحقة هذه التغيرات ومن ثم عجزه ان يقدم المعاونة المؤثرة لجيل الشباب والاخذ بايديهم والسعي إلى ربط تلك التحولات وآثارها برعاية (الاحداث المراهقين) في مجتمع الإمارات, خاصة ما يظهر انه سيكون الاتجاه العام في المستقبل القريب. فمن هم الاشخاص الذين يطلق عليهم الاحداث وما هي اعمارهم؟ ومن هم المعرضون للانحراف؟ قسمت بعض الدراسات القانونية والجنائية مفهوم (الحدث او الاحداث) إلى فئتين. فالفئة الاولى هم الاشخاص الذين تتراوح اعمارهم بين السابعة إلى السادسة عشرة. اما الفئة الثانية فهم الاشخاص الذين تتراوح اعمارهم بين السادسة عشرة والثامنة عشرة (اي كلاهما في فترة سن البلوغ والمراهقة) وقد حكم عليهم القضاء الشرعي او المدني (بالقانون الإتحادي لعام 1976م), بالسجن نتيجة ارتكابهم جرائم متنوعة سواء سرقة او مشاجرة الخ. اما الاشخاص المعرضون للانحراف فهم نفس الشريحة العمرية التي تخلت عن قيمها السلوكية وتمارس الافعال بغير حق قانوني.. مثل التسول وشم الغراء.. وما شابه ذلك, ولكن لهم إجراءات اخرى للتخلص من هذه الممارسات طالما لم يصلوا إلى القضاء. مثل النصح والارشاد في الشرطة والمدرسة وغيرها من المؤسسات الإجتماعية. إن اعتماد هذا التعريف لمفهوم (الاحداث) يشير إلى فئات عمرية متنوعة تتفاوت من حيث نموها الجسمي والانفعالي والإجتماعي والاخلاقي, الامر الذي يشير الى اختلاف نوعي وكمي من حيث المشكلات التي قد يعاني منها افراد هذه الفئات, والذي يتطلب في الوقت نفسه إجراء دراسات علمية تحليلية شاملة تتناول طبيعة هذه المشكلات في سياقها الطبيعي وارتباطاتها بالتغيرات التطورية المتنوعة التي تطرأ على سلوك الحدث خلال تلك الفترة الزمنية. وبما أننا نبحث في دور الاسرة والمؤسسات التربوية والتنظيمات الإجتماعية في الحد من مشكلات الاحداث وانسجاماً إلى حد ما مع ما جاء في التوصية الآنفة الذكر, يمكننا تحديد مفهوم (الحدث) بالطلبة الذين يرتادون المدارس الإبتدائية والإعدادية والثانوية والذين تسربوا من الدراسة وبقوا في رعاية الاسرة ودور الاحداث. بين مرحلتين لاشك ان الترابط الشبابي الانحرافي ( yong man choesion) , الذي نشاهده بين الحين والآخر, سواء في الطرقات الخارجية او الداخلية وقيادتهم السيارات الغريبة نوعاً ما في شكلها بطرق شرعية او غير شرعية لعدم بلوغهم العمر القانوني للحصول على رخصة القيادة, بالإضافة إلى تردد هذه الفئة العمرية على صالونات الحلاقة وشاطىء البحر وغيرها من الاماكن الشبيهة لها, هو مرآة تعكس الطرق التي تتفاعل فيها النظم الاسرية الفرعية مع بعضها البعض, وعلى وجه التحديد مع هذه الشريحة من المجتمع. فالفئة هذه ترتبط ارتباطاً وثيقاً مع الرباط العاطفي الذي يشد افراد الاسرة نحو بعضهم البعض من اجل إيجاد ثغرة لتدليل هذه الفئة من جهة, واستقلالية وتذمر هذه الفئة نتيجة التدليل المفرط في النظام الاسري من جهة اخرى. وعليه فمن الممكن تصور (الحدث) واسرته بانهما مدرج متصل احد طرفيه التداخل Enmeshment وطرفه الآخر الانفصال Disengagement. في حالة التداخل الكبير تكون حدود كل نظام في الحياة الاسرية غير واضحة او ضعيفة. والتفاعلات الاسرية التي يسودها التداخل الكبير, وهي غالباً ما تظهر عند الاغنياء والطبقة الوسطى في المجتمع التي تتسم بالتداخل المبالغ فيه والحماية المفرطة, وهذا الجو الاسري لا يسمح إلا بقليل من الخصوصية وكل القرارات والانشطة ليست موجهة نحو الافراد ولكنها تتمركز حول الاسرة كلها. اما الحياة الاسرية التي تتصف بانفصال افرادها فهي غالباً ما تظهر عند الفقراء والطبقة الكادحة في المجتمع, إذ انها تتسم بحدود صارمة تفضل النظم الفرعية المكونة للنظام الاسري عن بعضها البعض. ومثل هذه الحياة الاسرية قد تترك تأثيرات سلبية على افرادها مثلها في ذلك مثل الحياة الاسرية المتصفة بالتداخل الكبير. ويتضح مما سبق, ان التوازن بين طرفي الترابط (الانفصال والتداخل) هو من خصائص الاسرة التي تقوم بوظائفها بشكل جيد, إلا ان الملاحظ في العقدين الاخيرين من القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين الذي نعيشه وننتمي إليه, ان الفجوة بين الانفصال والتداخل تبلورت في شكل اختلافات بالقيم التي ادت دوراً كبيراً في تشكيل الكيان النفسي للحدث بشكل عام, في الوقت الذي ادت إلى انعكاس هذا التباين في شكل قلق نفسي بين الاحداث وادت إلى عدم اشباعها وبالتالي ادت إلى تعلم القلق وهذا ما نلاحظه في شباب اليوم (الذين يندرجون تحت مسمى الاحداث وهم بالتحديد المعرضين للانحراف). واعني كلما كان هناك تباين بين التداخل والانفصال في النظام الاسري تزداد درجة القلق بزيادة هذا التباين الذي يؤدي على المدى البعيد إلى تهديد قيم هذه الفئة العمرية فيؤدي إلى حدث عميق هو امتلاء دور الاحداث بهم. إن من نافلة القول, بان تربية الابناء وتنشئتهم قد تكون من اصعب التحديات التي واجهتها الاسرة في بداية التسعينيات من القرن العشرين في حياتهم من جهة, ومن اكبرها تأثيراً في إعطاء معنى للحياة وبعث الشعور بالرضا في النفس الاسرية في بداية القرن الحادي والعشرين من جهة اخرى. وبالرغم من الاهمية البالغة للحياة الاسرية بالنسبة لنا جميعاً في بداية هذا القرن, إلا ان كثيرين هم الذين يدخلونها دون اي استعداد. والدليل على ذلك عدم وجود القناعة بالنظام التربوي والتعليمي والتقني عند بعض الاسر التي تصر على تسرب ابنائها من الدراسة في سن الرابعة عشرة والخامسة عشرة من اجل اشباع حاجاتها المادية واصبح كل شيء عندها يُباع ويشترى حتى ابناؤها. وليس من شك ان بعض الاسر تناست نظرة الدول اليوم للشباب بانهم ثروة بشرية لابد من استثمارها, فالاستثمار البشري هو الذي يعطي المردود الصحيح, وهو الذي يصحح مسار الاستثمارات الاخرى ويُفضّلها, والاهدار في هذه الفئة يعني ان المفقود فيه هو عبء على الاسرة والمجتمع وخسارة لجزء مهم من الاستثمار, كان من الممكن ان يستغل في صنع حرفة اجداده او في مساعدة والده المعاق او المسن او في رعاية اخوانه, او لتحسين ظروف حياته الاسرية او خدمة مجتمعه. ونظراً للتطور السريع والانفتاح الذي تشهده دولتنا في مختلف المجالات, فالاسر الاماراتية يتزايد تسرب قيم ابنائها السلوكية كماً وكيفاً والإقبال على الإنحراف شديد دون ادنى مراقبة من الاسر, لذلك فالنهوض بهذه الاسر يتطلب الحقائق والمعوقات التي تقف وراء هذا النمو والتزايد, فمشكلة الاحداث او المعرضين لها من اهم هذه المعوقات, حيث يعتبر إهدارا في العامل البشري الذي هو موضوع الاستثمار وهو الاساس في التنمية في بلد ناهض, قليل السكان, يحتاج إلى كل فرد من ابنائه, ولا يحتمل اي فاقد للجهد البشري من اهل البلد, خاصة وان الدولة تسخر وتوفر العديد من الحاجات الضرورية المادية والمعنوية, مثل مساعدات صندوق الزواج وبرنامج زايد للاسكان والنصح والارشاد من جانب المؤسسات الحكومية وغيرها. فالتعرف على هذه الظاهرة ودراستها ونحن في بدايات القرن الحادي والعشرين, يتيح المجال لوضع حلول لهذه المشكلة الواضحة التي تسهم في حال الاخذ بها في الحد من مشاكل الاحداث والمعرضين للانحراف وفي تقدم التعليم والتوازن الاسري والتقليل من الفاقد الإجتماعي والاسري والجهد البشري, وتنمية الحدث او المعرضين للانحراف, لندفع إلى المجتمع باناس متعلمين يساهمون في تنمية مجتمعهم واسرهم وبلدهم النامي وتطويره والتقليل من الاعتماد على العمالة الاجنبية والتي لايهمها سوى الكسب السريع المشروع وغير المشروع دون وضع اساس متين للتنمية الافقية والرأسية, وهذه المشكلة تمس عدداً كبيراً من الاسر الغنية والفقيرة في كل إمارات الدولة, فحجم الاحداث والمعرضين للانحراف بالنسبة لعدد السكان يمثل مشكلة كبرى ومهمة. وليس من شك ان الاسرة الاماراتية احتلت مكانة مهمة منذ تأسيس الإمارات ككيانات سياسية. فقد كانت الاسرة في مجتمع الإمارات هي المؤسسة الإجتماعية الوحيدة التي تعلم الاطفال وتعدهم للمستقبل بالرغم من الظروف العصيبة التي مرت عليها الإمارات في فترة الشدة الاقتصادية. ولما كانت الحياة في تلك الفترة يسودها الضيق وضراوة العيش, فإن التنشئة الإجتماعية لم تكن معقدة بل كانت اقرب ما تكون من عملية التربية غير المقصودة وكانت تتضمن استخدام الإيضاح والتعلم بالمحاكاة والممارسة. التعليم والنفط ومع تتطور الحياة الاماراتية وبالتحديد منذ ظهور التعليم النظامي في بداية السبعينيات الذي كان له الدور الكبير في تطور الاسرة والعملية التربوية التعليمية, وخاصة منذ التسعينيات بدأت تتغير الادوار التربوية للاسرة حيث ان المجتمعات الحديثة والتكنولوجيا سلبت الاسرة وظائفها تدريجياً من الاوسع إلى الواسع ثم إلى الضيق فالاضيق, فوظائف الاسرة الاماراتية كانت واسعة كل السعة شاملة لمعظم شئون الحياة الإجتماعية والثقافية, ولكن المجتمع العام اخذ ينتقص هذه الوظائف من اطرافها شيئاً فشيئا, وينتزعها من الاسرة واحدة بعد اخرى, ويعهد بكل منها إلى اجهزة خاصة تسير تحت إشرافه حتى كاد يجردها منها جميعاً. اما في وقت ظهور النفط والوقت الراهن فهناك بعض القواسم المشتركة تعاني منها الاسرة الاماراتية, فثمة من يعتقد ان الاسرة الاماراتية في حالة إنحدار وذلك بفعل التناقضات الناجمة عن التوجهات الثقافية والقيمية المتغيرة سريعاً والمتباينة كثيراً, بسبب عوامل كثيرة منها تزايد نسبة الطلاق والعنوسة وتعدد الزوجات وازدياد اعداد الامهات اللواتي يتركن المنازل للعمل وتلاشي الاسرة الممتدة. فالجميع يتفق على ان هذا العصر هو عصر الاسرة الهشة وان الحياة الاسرية اصبحت على مفترق خطير, والدليل على ذلك تزايد اعداد الاسر التي تقوم على رعايتها امهات فقط, بينما غاب دور الاب غياباً تاماً وهذا ما نلاحظه في العقدين الماضيين. بالإضافة إلى ذلك دور الحضانة ورياض الاطفال ذات النوعية الضعيفة التي لايهمها إلا الكسب الوفير, إذ انها اصبحت تنوب عن الآباء والامهات في تنشئة عدد كبير من الاطفال الذين ينتمون إلى اسرة عاملة, فثمة تزايد ملحوظ في عدد الاطفال الذين يقضون جزءاً من يومهم بدون إشراف من آبائهم وامهاتهم, خاصة في الاوقات ما بين انتهاء الدوام المدرسي وعودة الوالدين للمنزل بعد انتهاء العمل. ويعكس هذا الامر حقيقة هامة جداً وهي ان مصير هؤلاء الاطفال هو الفشل والانحراف مستقبلاً وخاصة في سن المراهقة ثم يصبحون احداثا بحكم القانون! وعلى كل حال, تظهر اهمية المعلومات التي اسلفنا ذكرها في شكوى وتذمر الاسر من طبائع واتجاهات وسلوكيات الاولاد والبنات اليوم, وكيف انهم يختلفون وبشكل نوعي عن مفاهيم الاجيال السابقة عليهم. في الوقت الذي تجاهلت بعض الاسر دورها تجاه الاولاد والبنات نظراً لعدم التفكير في التحولات والتيارات التي يعيشها الجميع اليوم, فالتحولات كما يعرف الجميع التي تمر بها الاسرة الاماراتية اليوم من حيث بنيتها ونمط السكن فيها والسلطة والوظائف المطلوبة فيها والادوار التي يلعبها اطرافها تغيرت عما سبق. وهذا يقودنا إلى معرفة الاسباب التي ادت إلى ولادة مشكلة الاحداث والمعرضين للانحراف في مجتمع الإمارات, وتزايدها (واقعياً) وليس (إحصائياً) في العقدين الاخيرين من القرن العشرين والتصدي لها في بداية القرن الحادي والعشرين. وللمقارنة لابد من تحديد الخلفية التاريخية للتحولات التي طرأت على مجتمع الإمارات واأدت إلى بروز تلك المشكلة. سوف لن ابتعد كثيراً في تصنيف الفترتين التاريخيتين , فالفترة الاولى التي اعنيها هي منذ بدايات ظهور النفط حتى الثمانينيات من القرن العشرين. اما الفترة الثانية فهي من اوائل التسعينيات إلى يومنا هذا. الفترة الاولى منذ ظهور النفط في الستينيات بكميات تجارية, انعكست حياة مجتمع الإمارات انعكاساً كبيراً, وما ان حلت فترة السبعينيات من القرن العشرين حتى اخذت معدلات التحضر والسكان تنمو كماً وكيفاً, فعلى سبيل المثال تزايد عدد السكان في السبعينيات حيث بلغ 862 ألف نسمة في عام 1975م ووصل عام 1985م 1.622 مليون نسمة ووصل عام 1989م 2.20 مليون نسمة. وحينما نرجع إلى العقود الثلاثة الماضية شهدت دولة الإمارات حركات سكانية واسعة عملت على انتقال السكان من المناطق الريفية ومن اسلوب الحياة الترحالية الرعوة ليستقروا في المدن التي شكلت ما عرف بمحاور التنمية. ذلك لان خطط التنمية الطموحة التي تتبناها دولتنا جعلت المدن مركز نشاطها, ومن ثم فإن ميزانية الدولة توجهت إلى تطوير الإمارات السبع التي استوعبت المشاريع الاقتصادية والإسكانية وغيرها. ومن اهم خصائص النمو الحضري في المنطقة سرعة التغير وجذريته. فمثلاً تصعب المقارنة بين دبي الاربعينيات والخمسينيات التي تصفها التقارير والوثائق التاريخية وبين ما اصبحت دبي في نهاية الستينيات وبداية السبعينيات. فما تطلب من اوروبا مئة عام لإنجازه من تطور ونمو حضاري لم يستغرق هنا اكثر من عقدين. اثرت التحولات الإقتصادية الكبيرة والحركات السكانية وخاصة الواسعة للسكان من الارياف والبوادي إلى المدن ومن ثم الاختلاط بأعداد كبيرة من العمالة الاجنبية من كافة انحاء العالم والحاملين ثقافات وأديان ولغات وتصورات مختلفة متباينة, مما ادى إلى التأثيرات المتباينة في شباب الإمارات والذين كان عليهم ان يكونوا حذرين من هذه التأثيرات, إلا انه لم يكن هناك من يرشد وينبه إلى هذه المخاطر التي ادت في نهايتها إلى بعض التحولات التي تأثرت بها الاسرة. ولعل من ابرز تلك التحولات التي طالت الاسرة الاماراتية, مسألة تأخر سن الزواج, فلم يعد الزواج المبكر هو الزواج المفضل, فلقد اصبح من المهم, وبشكل متزايد بين الفئات الإجتماعية المختلفة, ان لا يتزوج الابناء الذكور حتى يكونوا قد قطعوا شوطاً كبيراً في التعليم الرسمي يضمن لهم مورداً (محترما) فمنهم من نجح في الحصول على الدخل ومنهم من تسرب من المدرسة ولم يستطع تحقيق الدخل. وهكذا اصبحت شروط التعليم والعمل من اهم متطلبات إقامة حياة اسرية دون معرفة معايير مدخلات ومخرجات التعليم. وكذلك اخذ (الجنسان) في الابتعاد عن الزواج نهائياً نوعاً ما بحجة التعليم والعمل وكذلك أخذ بعض الشباب يشترط ان يكون للزوجة مسكن مستقل, وكذلك اخذ اولياء الامور يشترطون ايضاً الحق في التعليم والعمل لبناتهم وذلك ضماناً لارتفاع مستوى الفتاة علمياً ومالياً, واصبحت عقود الزواج في المدن وفي الارياف ايضا لاتكاد تخلو من شروط التعليم والسكن الخاص, وراتب الزوجة نصفه للأب والنصف الآخر لها او للزوج.. الخ مما ادى إلى التأثير سلبيا على الحياة الزوجية وخاصة في الاسرة البسيطة التي يتكون عدد افرادها من ثلاثة افراد لم تتجاوز اعمارهم من 7 ـ 13 سنة بحجة الشروط التي تم التوقيع عليها. ولقد ادت هذه الشروط ايضاً إلى تحولات مهمة جداً في بنية وهيكل الاسرة حينما اشتد ساعد الابناء وتقدموا في السن وخاصة في السابعة عشرة والثامنة عشرة ولعل من ابرز تلك المؤشرات تحول العديد من الابناء من ملتزمين بواجباتهم من كافة النواحي سواء الثقافية او الإجتماعية او الاقتصادية ـ إلى متهورين والسبب في ذلك كثرة المطالب من ناحية الابناء وكثرة المطالب من ناحية الام بالرغم من التزام الزوج بشروطها المادية, مما جعل الاسرة الابوية في ورطة.كذلك ادى شرط الاستقلال إلى تغير بنائي في غاية الاهمية هو التحول من نظام الاسرة الكبيرة التي تتداخل فيها حياة اكثر إلى اسرة فيها حرية قائمة على حياة الزوجين واطفالهما غير المتزوجين. بمعنى ان يستطيع الاطفال في سن المراهقة القيام بممارسات بعيدة عن مراقبة الابوين وخاصة إذا كانت الاسرة مفككة, فتظهر عملية التدخين وشم الغراء والمشاجرات مع اقرانهم ثم يتطور الامر إلى إدمان وانحراف نتيجة الابتعاد عن القيم الاسرية المتمثلة بالاسرة الكبيرة الممتدة. اما في حالة معرفة الابوين بتلك الممارسات فأغلب الاسر تقوم بكتم الاسرار لهذه الظواهر وغيرها, فمثلاً يعلم الاب بممارسات الولد او البنت وبالعكس من جانب الام, فتتفاقم المشكلة الاسرية شيئاً فشيئاً, مما يسمح لظهور انواع جديدة من الترتيبات الاسرية, منها الطلاق او خروج الاب خارج المنزل مدة طويلة من الوقت المحدد للرجوع إلى المنزل, فتتزايد مشكلة الابناء اكثر مما مضى فيتعرضون للانحراف المزمن الذي لا تستطيع الاسرة البسيطة معالجته إلا بالتعاون مع جمعيات دور الاحداث او المستشفيات التخصصية. تنوع الاسباب تلك كانت بعض الاسباب التي ادت إلى هدم اركان فعالية الاسرة الاماراتية في تلك الفترة, إلا ان هناك اسبابا اخرى لا تقل اهمية عنها وتعتبر حجر الزاوية في هدم بنية الاسرة, الا وهي, تعدد الزوجات, الزواج من اجنبيات, إغراق الابناء بالمال, التقليل من قيمة التعليم والمعلمين امام الابناء. فقد فرضت الاسباب التي (اسلفنا ذكرها) في فترة الستينيات إلى نهاية الثمانينيات, حدوث تطورات وتغيرات عديدة على الإنسان الاماراتي عامة والمراهق خاصة الذي تفتحت نظرته إلى تلك التطورات مما ادى إلى تكوين نظرته تجاه الوالدين بأنهم مسالمان له, واصبح هو فارس الميدان, وبفتوته يستطيع تحقيق كل شيء, إلا ان الإخفاقات من هذه الفئة نشاهد بقاياها تجاه اسرهم ومجتمعهم! ولذلك فقد جاءت فترة التسعينيات, فأصبح التطور مفتوحاً اكثر مما مضى كماً وكيفاً للمعارف الإنسانية سواء اجتماعية او اقتصادية او ثقافية, فهو كما يؤثر في المجتمع تتأثر به فئة الشباب وخاصة المراهقين وكونت لديهم العديد من المفاهيم والإتجاهات التي امتصها وتشبع بها. ودراسة الاسباب التي ادت إلى ازدياد نسبة الاحداث والمعرضين للانحراف امر مرغوب فيه بالتسعينيات إلى يومنا هذا, حيث يلقي الضوء على طبيعة المجتمع ودوافع الحياة فيه, ومعايير العلاقات بين افراده, وخاصة المعرضين للانحراف في الوقت الحاضر, نتيجة ازدياد نسبة التباين في القيم بين الآباء والابناء لأسباب كثيرة منها خارجية, واعني من خارج الدولة, ومنها داخلية من داخل الدولة. اولا ًـ الاسباب الخارجية: في عقد التسعينيات الذي دخلت القنوات الفضائية والتي تجاوزت عوائق الطبقة او الخلفية الإجتماعية فهي منتشرة بين الجميع, وحتى لو اقتصر الامر على التقاط البرامج الهادفة التي تحبها بعض الاسر, إلا ان هناك برامج موجهة عمداً للمشاهد العربي بشكل عام والاماراتي بشكل خاص, فإن هذه البرامج تفتح عوالم وآفاقاً عند الاسر المحافظة التي لم تكن في يوم من الايام تفكر بوجودها. فيبدأ الانحراف السلوكي من جراء تلك القنوات والذي يقود إلى حالتين خطيرتين على الاسرة والمجتمع هما: الانحراف وتزايد عدد الاحداث في دور الاحداث. فعلى سبيل المثال, بدأت الشرارة الاولى لهدم البنت وقيمها في بداية التسعينيات إلى يومنا هذا, منذ ظهور المسلسلات المدبلجة التي تعرض من خلالها قيم وعادات جديدة تهز وتتجاوز ما تعارف عليه المجتمع تقليدياً. فالبطلة قد تقوم بأعمال ممنوعة او محرمة كلياً لكن مع ذلك يبقى التعاطف والتفهم لمشاعرها واحاسيسها قائماً, بل وربما يزداد الاعجاب بشجاعتها وحذقها وإلى ما ذلك من قيم. فتقوم البنت بتقليد ما شاهدته وتطبيق ذلك عن طريق عدة وسائل ومن ثم التخلي شيئاً فشيئاً عن قيمها السلوكية التي نشأت عليها ومن ثم الانحراف. اما بالنسبة للولد فيحدث له ما حدث للبنت. وهذا الامر يقودنا إلى الجانب الثاني من تأثير القنوات الفضائية الا وهو الاغاني (الفيديو كليب) التي اثرت على الاولاد والبنات, من خلال آلية جبارة من الدعاية والاعلان المغري وهكذا تتولد احتياجات اولية تجعلهم يحاولون فرض آرائهم على آبائهم بتوفير كل تلك المستلزمات بغض النظر عن لمستوى المعيشي لهؤلاء الآباء اغنياء او فقراء, وفي حالة عدم التنفيذ يبدأ الانتقام من الوالدين. وتصبح هذه القيم غير السلوكية, قيماً سلوكية بنظرها داخل اطار الجيل الجديد على انها تجسيد للإنجازات الفردية وعلى انها تأكيد على هوية الذات المقدمة بشكل يومي للآخرين. ولكنها كلها إعلانات اجتماعية مستهلكة تقوده للانحراف الفعلي غير المحسوس من قبل الوالدين. ومن ضمن الاسباب ايضاً الانترنت فهو سلاح ذو حدين, سلاح يمكن الاستفادة منه, وسلاح لهدم الاسرة إذا لم يحسن افراد الاسرة استخدامه, وهذا ما نلاحظه في وقتنا الحالي, فمثلاً, يوفر اولياء الامور شبكة الانترنت, وبعدها لا يجدون من الوقت ما يسمح لهم بالرقابة الواعية على اجهزة الانترنت. فينغمس الولد والبنت في برامج غير لائقة تدفعهم إلى التخلص عن قيمهم ومن ثم يصبحون دون وعي مقلدين للجرائم بأنواعها, والارتباط بعلاقات عاطفية تقودهم إلى الانحراف والبعد عن العقيدة الإسلامية. اما السبب الجوهري والمرتبط ارتباطاً وثيقاً من قريب بالاولاد ومن بعيد بالنسبة للبنات, فهو مشاهدة افلام الجريمة والجنس سواء في السينما او في التلفزيون بواسطة الفيديو, فهذه بجملتها ومضمونها تتاجر بالغرائز (للجنسين) وتشجع على الانحراف والإجرام وخاصة الاولاد الذين يتعلمون من خلالها السرقة والجنس والمخدرات وغيرها, مهما كانت احوالهم الاسرية غنية او فقيرة! تلك كانت العوامل الخارجية التي ادت إلى انحراف العديد من الشباب المراهقين وتحول العديد منهم إلى احداث منحرفين في المجتمع, وهي بلا شك عوامل وتطورات تؤثر على النسق القيمي والاسري السائد في مجتمعنا. ولذا فإن مراقبة الآباء حتمية لابنائهم والبحث عن النافع المفيد من الاسباب (التي اسلفنا ذكرها) . ثانيا ـ الاسباب الداخلية: إن الاجيال الشابة تعيش بحبوحة المعيشة في التسعينيات, من طرف اجيال عاشت شظف العيش والعوز في بداية الستينيات وآثرت ان تقدم لابنائها كل وسائل وسبل الراحة والدعة الممكنة, بحيث تكوّن ما عرف (بجيل الطفرة المادية) و(جيل الخدم والمربيات) . جيل يحلم بتحقيق كل الطموحات والرغبات بشكل آن وسريع ومع الاعتماد, ومنذ الصغر, خاصة عند الطبقة الحضرية الغنية والوسطى على وجود ايد مساعدة متمثلة في الخدم والمربيات والسائقين من الجنسين, مع حرص الاهل على عدم تعريض الابناء لما عاشه الاجداد من شظف العيش. في ظل هذه البنية تشكلت عدة مفاهيم غير واقعية في النظام الاسري عند بعض الاسر مما تشكلت لدى الابناء وخاصة المراهقين شخصية تابعة في جميع جوانبها. وهذه الابعاد والمعطيات تقودنا للتعرف على الاسباب الداخلية التي ادت وتؤدي إلى الانحراف. اما الجانب الاول لتلك الاسباب فهي الرحلات العائلية التي تميزت بها مجموعة من الاسر في دولتنا التي مازالت تعيش كوكبة المظاهر الإجتماعية, بحيث اصبح هناك فجوة اجتماعية في القيم والمعايير والاعراف, والسبب في ذلك إلى الاحتكاك والاختلاط بين المراهقين من الجنسين, الذي يؤدي من خلاله التخلي عن القيم السلوكية بحجة انهم (دقة جديدة) وهذا التفكير الافتراضي من جانب المراهقين يؤدي إلى انفصالهم عن آبائهم , ويقلل من احترامهم لهم تدريجياً, وربما يضعف من ارتباطهم العاطفي بهم, وكل هذه الامور نتيجتها الرحلات العائلية غير المقننة وخاصة إذا كان هناك بعض الابناء ممن لم يختلطوا بأحد من اقرانهم منذ نعومة اظافرهم! اما الجانب الثاني فهو الاختلاط الاسري في الحفلات العائلية, بخلاف احتفالات المناسبات الرسمية المتعارف عليها, مثل عقد القران واشهار الزواج. وفي ظل هذه التحولات الآخذة في تقليد ما يجري في المجتمعات الغربية يزداد التباهي بين المراهقين في تلك الحفلات نتيجة الانفتاح الاسري. وهكذا تغرس هذه الحفلات مجموعة من القيم غير السلوكية وخاصة عند البنت التي لم تتعود على هذا النمط من الحفلات والتي تقاوم وتتردد في بداية الامر ثم تستسلم لهذا الواقع المرير. اما السبب الثالث فهو الانتقام من الوالدين. فمثلاً منذ التحولات البنائية التي مرت على دولتنا من جميع الجوانب منذ التسعينيات, فإن المرأة احد الشرائح الاجتماعية التي مرت عليها تلك التغيرات, فالمرأة تتغير يوماً بعد يوم وبشكل سريع, خاصة بعد انتشار التعليم وتعميمه إلى اعلى المستويات. فمثلاً اصبحت الفتاة عنصراً مهماً وحاسماً في مسألة الاختيار للزواج, إلا ان هناك بعض الابناء تجاوزوا الخطوط الحمراء في القيم السلوكية واختيار الزوج وغيرها من الامور. اما السبب الرابع فهو (الدروس الخصوصية) التي ربما يستغرب البعض من ذكرها من ضمن هذه الاسباب, إلا إنها واقع نعيشه, فلابد ان نتقبل إيجابياته وسلبياته, بالرغم من ان المجتمع والاسرة لما يحسبا لها اي اعتبار إلا اعتبار واحد الا وهو (التفوق العلمي للابناء) إلا اننا لابد ان نلقي الضوء على حقيقة هذه الانماط من الدروس التي تدس السم في اجسام ابناء الاسر الاماراتية دون ان تشعر. وحينما نرجع إلى الواقع التاريخي لهذه الظاهرة فقد كانت سائدة منذ بداية التعليم في دولتنا, إلا انها ازدادت في وقتنا الحالي اكثر مما مضى. فمنذ التسعينيات اتخذت هذه الظاهرة نمطا آخر, نتيجة انفصال الاسرة عن المدرسة, فازداد (تجار الشنطة المدرسية) على حسب التسعيرة ورأس المال المناسب, وبدون شعور وفي غفلة يزج ولي الامر بإابنه أو ابنته المراهقين في حقل الغام هؤلاء التجار من (الجنسين), وبدون وعي ولا سابق آنذار يُصدم هؤلاء الآباء بانحراف ابنائهم ! فهل تنتظر الاسر الاماراتية مزيدا من التشتت والتشرذم والانحراف في القيم السلوكية؟ ام انها تنتظر قانون وزارة التربية لحمايتها من هؤلاء التجار؟ اما السبب الخامس فهو صالونات التجميل والحلاقة للجنسين. فهذه الظاهرة ناتجة عن العديد من العوامل, منها ما ترجع إلى الاسرة ذاتها كالانفتاح والبعد عن الوازع الديني وغيرها. ومنها ما يرجع إلى المراهق نفسه, نتيجة الفراغ الذي يدب فيه, فالتردد على هذه الاماكن من قبل بعض المراهقين هو للبحث عن الاسوأ لتفريغ ما بأنفسهم, من حاجات يبحثون عنها مع رفاق السوء, كالتدخين والمخدرات والخمر والمعاكسة وغيرها من الامور المشابهة. والسبب السادس, هو اماكن التسلية والترفيه كصالات الالعاب الالكترونية التي يوجد في برامجها غير المراقبة فعلياً, افضل طرق المشاجرة والعنف, فهذه بجملتها ومضمونها تسهل للمراهقين عملية تبادل المعلومات بكل ما هو جديد حول الانحراف السلوكي, ناهيك عن الاستهزاء والسخرية بالمارة في تلك الطرقات. فالانحراف السلوكي واضح هنا جملة وتفصيلاً. وهناك اسباب اساسية اخرى لاتقل اهمية عن الاسباب التي اسلفنا ذكرها مثل التجمع حول بقالات الفريج, والكافتريات المنتشرة في كل شبر من الاحياء الشعبية والطرقات العامة, بالإضافة إلى المقاهي وصالات الديسكو...الخ. وهناك حالات نادرة تجعل المراهقين يتعرضون للانحراف, مثل سلوك الوالدين السلبي الشاذ! استلهام القيم تلك كانت التحولات التي طرأت على الاسرة الاماراتية بين فترتين مختلفتين وانعكاساتها على المراهقين والاحداث, لذا فإن هناك العديد من القيم الإيجابية ما زالت اصداؤها فيها بقايا من قيم الماضي القريب الذي يعطي للحدث والمراهق المعرض للانحراف مكانة اجتماعية رفيعة ولايتردد عن رعاية تلك الفئات, والتأكيد على أهمية ان يلعبوا دوراً إيجابياً في المجتمع, لذلك اصبح من الملح ان نؤكد على ان اهمية المحافظة على القيم التقليدية والاستمرار في تأكيد تأثيرها على هذه الفئات المحتاجة إلى ضبط النفس والنصيحة اكثر من التهميش والتحطيم. ويحتاج مجتمعنا الاماراتي, وهو دون شك يفعل ذلك من خلال الجمعيات ذات النفع العام بأنواعها والمحاولات الاسرية, ان يمر بمرحلة تكييف جذرية وإعادة بناء الاسرة الاماراتية على اساس مفاهيم إجتماعية وثقافية من شأنها ان تمكن المجتمع من ان يتعامل معها ومع الظروف والسياقات والتغيرات الإجتماعية بصورة جديدة, ومن المستحسن ان تُبقى على الكثير من القيم والاخلاق التقليدية التي ثبت نجاحها خاصة ما تعلق منها بالروابط الاسرية التي تعمل على رعاية الاحداث والعمل معهم وذلك من خلال بناء اطر إجتماعية تسهل عليهم التكيف مع ظروفهم الجديدة التي طرأت عليهم منذ بداية التسعينيات, خاصة بعد الإحالة إلى دور الاحداث التابعة لمعظم الإمارات او عندما يبدأون في التعرض للانحراف السلوكي دون ان يخل ذلك بكرامة الاسر وبحقوق ومصالح ابنائهم الذين يقومون بإعالتهم. ويمكن ان يتم ذلك من خلال إعادة التاأكيد على قيم واحترام الحدث والمنحرف والمعرض للانحراف وتكريمهم في العديد من المناسبات سواء الاسرية والمدرسية والمجتمعية او دور الاحداث, والعمل على إدماج نشاطاته بشكل مفيد وملموس في السياق العام, سواء في داخل الاسرة او بالتطوع في الاعمال العامة والإفادة من خبرات وتجارب الاحداث عموماً في الحياة العامة. بطبيعة الحال تحتاج هذه الجهود إلى توعية الاحداث والمعرضين للانحراف وتعليمهم بشكل مباشر للكيفية التي ينبغي عليهم ان يتعاملوا فيها مع هذه المرحلة العمرية التي سيدخلونها سواء في الاسرة, وخاصة عند الشعور بأن احد افرادها معرض للانحراف, او في المدرسة, او في دور الاحداث, فلابد من تهيئة هذه الفئة من حيث القيمة والاهمية الإجتماعية, كذلك تعليم وإرشاد المدمنين منهم, سواء في داخل النظام الاسري او خارج النظام الاسري النواحي الصحية والغذائية التي لابد ان تؤخذ بعين الاعتبار في هذه المرحلة, وتدريبهم على كيفية قضاء اوقات فراغهم وبرامج الترفيه المتاحة او بالتعاون مع غيره من الاحداث الذين تحسنت حالتهم الصحية والإجتماعية وذلك بواسطة الرقابة الاسرية التي ترعاها وتنشطها او من خلال دور الاحداث. ومن المطلوب ايضاً, توعية الاسر وتدريبها على الكيفية التي ينبغي ان تساعد من خلالها على رعاية احداثها, والكيفية التي يمكن ان ينظم بها جهد الرعاية ومجالاته حتى لا يصبح الجهد على طرف واحد فيها يجعله شبه متفرغ لذلك مما يؤدي احياناً إلى إعاقة تحقيقه لذاته او تطلعاته. واعني إذا تم اكتشاف حالة إنحراف احد الطلاب في داخل المدرسة فلابد ان تتعاون الاسرة مع المدرسة وبالعكس. وهكذا مع المؤسسات الاخرى, مثل المستشفيات والشرطة الخ. فكما هو معروف ليس المطلوب ان تكون عملية الرعاية والتوجيه على حساب طرف او نموه وإنما, على العكس, فالمطلوب ان تكون عملية الرعاية والتكريم والتوجيه عملية متبادلة, الكل يسهم فيها ويستفيد منها, فالحدث والمعرض للانحراف يملكان الكثير ويمكن ان يقدما الكثير من حولهما, وكذلك الآخرون من افراد الاسرة والشرطة ودور الاحداث, وبشكل يقوم على تقسيم العمل فيما بينهم, بحيث لاتكون مشقة على اي واحد منهم في مساعدة المعرض للانحراف او الاحداث حتى لايتجاوزا افعالهم غير القانونية, والوقوف عند نقطة البدء في الخطا, حتى تستطيع تلك الفئات تجاوز احتياجاتها الصحية والنفسية والغذائية من اي عمل خاطئ قامت به او ربما تقوم به, بل الاهم من ذلك النصح والإرشاد الإجتماعي بالحديث معهم, وعدم تركهم ضحية العزلة والوحدة ومواصلة نشاطاتهم الشاذة. ومن الواضح مما تقدم, ان الاسرة في ظل ما ذكرناه من الاستقلالية في جميع المجالات وانشغالها اللاهث لتحقيق ما تصبو إليه من كماليات إجتماعية وحراك إقتصادي وتحقيق للذات الحياة., فلابد من البحث عن آليات لسد الفجوة العميقة عند بعض الاسر الهشة, ولايتم ذلك إلا بواسطة المؤسسات الحكومية في مجال رعاية المعرضين للانحراف والاحداث مثل دار رعاية الاحداث والشرطة والمستشفيات العلاجية, وذلك من اجل تخفيف معاناتهم وإبراز مشكلاتهم الرئيسية والتصدي لها من جذورها. وينبغي على تلك المؤسسات افساح المجال للاخصائيين الإجتماعيين والمعلمين اصحاب السمعة الطيبة (القدوة), ممن ينتمون إلى وزارة التربية, وإعطائهم مساحة كبيرة في التنسيق والتعاون مع افرادها على كافة المستويات بما يسهم في تقديم العون والمساعدة للفئات المعرضة للانحراف والاحداث وإدماجهم في الحياة الاسرية والحياة العامة. إن رعاية الاحداث تحتاج إلى معرفة بما يقدمه علم النفس والإجتماع من تفهم لحالة المعرضين من المراهقين للإنحراف, وما يمرون به من تغيرات حتى يمكن تجاوز ما قد يظهر انه من العوائق لإمكانيات تقديم المساعدة والرعاية المطلوبة لمن يعانون من حالات بوادر إدمان المواد المخدرة كالغراء او شم الإطارات المحروقة او بعض الحشرات مثل (السماسيم) او لمن يعانون من امراض نفسية وإجتماعية تجعلهم يترددون على الشوارع من غير وعي. إضافة إلى معرفة بصحة الاحداث والامراض التي غالباً ما يمرون بها واعراضها وكيفية التعامل معها واساليب الرعاية الغذائية ومقادير الغذاء المناسب والكيفية التي ينبغي تقديم الدواء لهم وخاصة المقادير فهم اصحاب مناعة محدودة من جراء الشم والمخدرات ويخشى عليهم التسمم او الضرر من جراء إعطائهم جرعات غير مناسبة. اما البنات الاحداث فإن هناك العديد من الحالات المرضية تظهر لاحقاً عندهن, ولابد من التعامل معهن بحذر وخاصة في دور الاحداث, وعدم الحكم عليهن مسبقاً بالفشل العلاجي, لان العودة إلى الجريمة الجنسية ستكون سهلة جداً. لذا فإن رعاية الاحداث ليست مجرد إذعان لطلباتهم او ان نرعاهم ونقدم لهم التكنولوجيا الحديثة والمعاصرة, وتعليمهم الكمبيوتر والانترنت وغيرها من مطلباتهم اثناء مكوثهم في دور الاحداث. وإنما (الرعاية) بالمعنى الجديد معرفة النقص الحقيقي لهؤلاء الاحداث. اي معرفة ما ينبغي لمساعدتهم ورعايتهم وفق اسس ومعايير علمية في كافة المجالات الإجتماعية والإقتصادية والثقافية والنفسية والمعيشية, والعمل مع مؤسسات متخصصة وجمعيات عديدة على تقديم الخدمات والمرافق المناسبة التي تساعد الحدث على خدمة نفسه بنفسه واستمتاعه بحياة افضل واطول, فبمجرد إعتدال سلوكهم القيمي في دور الاحداث, لابد من إعطائهم الفرصة لممارسة حياتهم الطبيعية في الحياة من جميع جوانبها, لان بقاءهم في دور الاحداث وتهميشهم لن يحل المشكلة, فلابد من تكاتف الجميع والاستماع لهم ولمشاكلهم الفعلية من اجل ضمان مستقبل هذه الشريحة الإجتماعية على المدى البعيد. إن التراث الاماراتي, يقدم قيماً ومثلاً ونماذج رائعة ينبغي ان يستفاد منها, فاولها التعليم التقليدي الإلزامي الذي حول العديد من طاقاته إلى برامج عمل ومشاريع, اصبحنا نلمسها اليوم في العديد من المواقع, ويمكن الاستفادة منها وتشكل دافعاً متميزاً وعناصر حث على العمل من اجل تطوير وتحسين اساليب ورعاية الاحداث وبشكل خلاق, لا ان تبقى من جانب الاسر ودور الاحداث في مدار القيام بالواجب! الوقاية اولا في ضوء ما تقدم من عرض في تمهيد الدراسة والتحولات والاسباب التي (اسلفنا ذكرها) وما توصلت إليه الدراسة من نتائج, حيث ان الاسرة والمدرسة والمجتمع والبيئة من اهم المتغيرات التي تساعد المعرض للانحراف والحدث على اكتساب المفاهيم بانواعها حتى يصبح نافعاً لنفسه ولاسرته ووطنه, فإنه يمكن الوصية بما يلي: 1ـ الانطلاق في رعاية الاحداث والشباب المعرضين للانحراف من خصوصية وأصالة المجتمع الاماراتي المسلم الذي تظله تعاليم واحكام الدين الإسلامي العظيم المستمد من الآيات القرآنية الكريمة والاحاديث النبوية الشريفة. 2ـ السعي من اجل توظيف مختلف اجهزة الإعلام, وعلى مختلف المستويات بعمل مشروع لرعاية الاحداث والشباب المعرضين للانحراف وإطلاق شعارات تتناسب مع الفئة العمرية لهم مثل (سلوك وشباب) او (قيم وسلوك) ..الخ. واستثمار هذه البرامج عن طريق المواد الإعلامية والثقافية في التأكيد على المعاني والمضامين والدلالات الإنسانية والاخلاقية والدينية والإجتماعية لرعاية الاحداث والاهتمام بالمعرضين للانحراف في المجتمع, بما يكفل لهم احترامهم وطمأنينتهم. 3ـ السعي إلى تمثيل تعاليم وقيم الدين الإسلامي الحنيف عن طريق الاسرة ودور الاحداث في السلوك الفردي والممارسات اليومية لهؤلاء الشباب المعرضين للانحراف والاحداث, وتجسيد احكام الشريعة السمحاء في واقع معاش ضمن تطبيقات ملموسة تلبي احتياجات الاحداث في دور الرعاية وتكفل حقوقهم وتستجيب لمتطلبات الحياة المدنية الحديثة وفقاً لظروفهم حتى لايعاودوا الانحراف مرة اخرى. 4ـ العمل على تعديل وتقويم الاتجاهات المجتمعية السلبية السائدة تجاه مفهوم الاحداث ليس باعتبارها حالة من حالات الدمار والتشرد والإجرام, وإنما هي نتيجة ظروف مرة في حياة الإنسان في مرحلة من مراحل حياته. 5ـ دعوة القطاع الخاص لتحمل مسئولياته في دعم الخدمات والبرامج المقدمة لرعاية الاحداث وتوفير مختلف التسهيلات الخاصة لهم, وعلى النحو الذي يعكس امتنان ووفاء المجتمع للاحداث وتقديره لعطائهم وإسهامهم وخاصة إذا اصبحوا اناسا إيجابيين في دور الاحداث وبعد ذلك في المجتمع. 6ـ التوسع في برامج ودورات التثقيف والإعداد المسبق لمرحلة المراهقة التي تعتبر من اخطر المراحل التي يمر بها الشباب سواء في الاسرة او المدرسة او المجتمع,وبحيث يتاح للشباب المعرضين للانحراف فرصة التخطيط والتحضير المناسب للانتقال إلى هذه المرحلة بأقل ما يمكن من مضاعفات سلبية, وعلى ان يستفاد في تنفيذ هذه البرامج والدورات من التجارب المحلية والعربية والدولية ومن الخبرات الناجمة لهذه الفئة العمرية. 7ـ إجراء المزيد من المسوح الاستطلاعية والدراسات الميدانية على مختلف إمارات الدولة تحت إشراف وزارة الداخلية بمساعدة وزارة التربية ووزارتي العمل والتخطيط, من اجل توفير البيانات الحقيقية والفعلية عن كل إمارة على حدة للشباب المعرضين للانحراف وخاصة ممن يتجمعون في الاحياء الشعبية, فالحصول على معلومات فعلية من كل حي شعبي (7 افراد على الاقل من كل إمارة على سبيل المثال), سيقلل من الهدر الاسري والتربوي, وتستطيع بعد ذلك المؤسسات الحكومية والخاصة بمساعدة وزارة الداخلية ان تضع اهداف مقننة يمكن الاستفادة منها في عملية تخطيط وتنفيذ المشروعات والبرامج المستقبلية لهذه الفئة العمرية وتساعد ايضاً على تقليل عدد الاحداث في المجتمع. 8ـ التسيق بين مختلف الجهات المعنية الرسمية منها والاهلية في إمارات الدولة, لوضع الخطط الكفيلة بتنفيذ ما يتناسب مع ظروف وخصوصية كل إمارة من المبادئ والمواثيق والإعلانات وخطط العمل المعتمدة ذات العلاقة بقضايا الاحداث وشئونهم ومتطلبات رعايتهم. 9ـ تبادل التجارب والخبرات بين إمارات الدولة في مجال رعاية الاحداث والشباب المعرضين للانحراف, والإطلاع على الانظمة والمواثيق واللوائح الداخلية التي تنظم وتحكم عمل المؤسسات العاملة في هذا المجال, الرسمية منها والاهلية, والاستفادة منها في دعم وترسيخ العمل مع الاحداث. 10ـ العمل على رفع معنويات الاحداث وخاصة الذين يمكثون مدة سنة فاكثر في دور الاحداث عن طريق المشهورين من شرائح المجتمع كالفنانين والرياضيين والكتاب والاطباء, وذلك من اجل تخفيف الاكتئاب الذي يشعرون به فترة بقائهم في الدار, وإعدادهم الإعداد الجيد بواسطة احد هؤلاء المشهورين, لجعلهم نواة التجديد الإجتماعي بعد خروجهم. 11ـ تقوية الوازع الديني للذين يمكثون في دور رعاية الاحداث عن طريق الوعاظ الدينيين. 12ـ ضرورة توفر العدد المؤهل من العناصر المواطنة الذين يدركون بعمق احتياجات الشباب وانحرافاتهم من اجل مد جسور الصلة بينهم وبين المؤسسات المسئولة. 13 ـ إنشاء محكمة خاصة بالاحداث منفصلة من جميع جوانبها عن المحاكم الحالية, بحيث تغرس الثقة النفسية والإقناع الذاتي للاحداث. 14 ـ إعطاء الفرصة المناسبة للامهات ممن يعملن في القطاع العام والخاص, حسب المواقيت المناسبة التي يرونها, من اجل تربية البنات المراهقات. وذلك كنوع من الحافز المادي والمعنوي الذي يعود بالنفع على الاسرة والمجتمع والوظيفة التي تدرج تحتها كل الامهات. 15 ـ تشكيل هيئة عامة لرعاية الشباب المعرضين للانحراف, تحت إشراف وزارة الداخلية ووزارة التربية والتعليم والشباب, من اجل النهوض بهؤلاء الشباب إجتماعياً وثقافياً ونفسياً. وفي الختام, إن ثورة المعرضين للانحراف بشكل عام والاحداث بشكل خاص من الثورات الشرسة القادمة والمهمة, مهما ذكرت عنها احصائيات وزارة الداخلية والدراسات المماثلة انها في تناقص, واعني بأن المخفي من المعرضين للانحراف اشد واعظم. فيتطلب الإعداد الكفء لها منذ الآن, إذ سيعيشها مجتمعنا الاماراتي في بداية هذه الالفية, فهي ستدخل في إعداد الدول التي ستزيد فيها نسبة الاحداث بين السكان عن النسبة الحالية ومن ثم يتوجب إعداد العّدة للتعامل مع هذه الشريحة العمرية التي ستمر بها الاجيال القادمة, إذا لم يتم غرس القيم الاخلاقية والسلوكية فيها منذ الآن.


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

The 140-Charact...

The 140-Character Conversation: Mastering Twitter for Modern Marketing In the ever-evolving landscap...

المطلب الأول: م...

المطلب الأول: مفهوم الجيوبوليتيك والجغرافية السياسية يرجع تعبير الى العالم الألماني كانت (1724) 180...

accidental or d...

accidental or deliberate overload without also compromising network performance. The provision of si...

والنظرة إلى (ال...

والنظرة إلى (الاستِشراق التنصيري) لا تُبنَى من كثير بحث؛ فهم عَلَمٌ بين أولئك؛ ذلك أنَّ فِئامًا منهم...

فيليبو برونيليس...

فيليبو برونيليسكي هو فنان إيطالي شهير وازدهرت حياته في القرن السابع عشر. إليك ملخصًا لحياته: النشأة...

some kind of mo...

some kind of modification(s) of the genome/DNA of the host organism, hence the term of genetically m...

و المنهج الذي ي...

و المنهج الذي يتناول العمل األدبي من بدايت ه إلى نموه واكتماله من حيث الكشف عن العناصر الشعوري ة، و...

‏▪ We assessed ...

‏▪ We assessed the susceptibility of Shell’s Consolidated Financial Statements to material misstatem...

تلعب الدولة دور...

تلعب الدولة دورًا حاسمًا في مواجهة التضخم من خلال السياسات النقدية والمالية. فعلى صعيد السياسة النقد...

من خلال إطلاع ا...

من خلال إطلاع الباحث على الدراسات السابقة ذات الصلة بموضوع الدراسة واستجابة التوصيات تلك الدراسات، ي...

أدخل في روح الل...

أدخل في روح اللعب في بعض الأحيان، يحتاج الكبار إلى الدخول في روح اللعب مع تلاميذهم. يتيح ذلك للبالغ...

المبحث الأول: ب...

المبحث الأول: بداية الصراع. شهدت أوروبـا وجـود الـديانتين اليهوديـة، والنـصرانية، وقـد حرفتـا، ِِ وو...