لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (50%)

ثانياً : سيميولوجية رولان بارت تبحث اللسانيات في المعنى الذي يتكون من تمفصل الأصوات. فيبحث في مشروعه السيميولوجي عن المعنى الذي يسنده الناس إلى الأشياء التي لا صوت لها. قليلة الفائدة من وجهة سوسيولوجية كقانون الطرقات مثلاً، ولأن اللغة كذلك تقحم نفسها دائماً في كل أنساق الدلالة. إن فعل ذل» فعل مفصلي عنده لا يمكن خلطه مع فعل «تواصل»، فالأشياء والأمتعة ليست حمالة معلومات فحسب، بل تشكل أنساقا مبنية من العلاقات بما فيها من فروقات وتعارضات وتباينات. لكن ما معنى «المتاع» (Objet) موضوع القراءة؟ تجيب المعاجم بحياد لا يعلمنا الكثير بأنه الشيء» الذي تراه العين. والمتاع هو ما يسمح للإنسان أن يفعل في العالم، ولكن إلى جانب هذا البعد الوظيفي، وكل شيء ينخرط في توليد المعنى، وحتى تلك الأشياء التي توهم بأن لا معنى يسكنها، تنتهي بأن تضخ في معنى اللامعنى، المعنى فتدل بلا دلالتها فجاءت نصوصاً متحركة متطورة بشكل تصاعدي، نفياً لما سبقه، وخلافاً لبيار بورديو الذي لولا كفاءة الباحث الذاتية وعمقه، لتحنط إنتاجه في مفاهيم ومقولات وانحسرت إمكاناته الإبداعية. دون أن يحدث تشتتاً في المنهج، فمن المصارعة الحرة مثلاً في ميثولوجيات إلى موضة اللباس، ومن اليابان في مملكة العلامات إلى الإشهار، وغيره، خلافاً لما تروج له القوى المهيمنة، ويبلغه الإشهار باستعاراته ومجازاته. بوضع حد فاصل بين العلم والحسن المشترك. يطارد بارت أقنعة مشاكلة لمواقع (Le Vraissemblable) تسعى إلى تكريس الأيديولوجيا المهيمنة عبر نفي التاريخ القائم في العلامة والإيهام بعالمية العابر والطارئ. تاريخياً، أتبرم ما أراه تداخلاً، كاللباس والإشهار والأكل واللعبة، متى بنيت هذه الأنساق. فاللغة ليست واحدة، فيجعل من الشكل سلوكاً، وتتكون عنده ما يسميه بارت به الإيتيقاه الكتابة (١١). مغامرة الدال محاولات في الأدب والفن والثقافة : المطبخ اللباس السيارة الرياضة اللعبة الخمر، وغيرها من المسائل السيميولوجية بالمعنى السوسيري للكلمة كلها قراءات ينجزها محاول (Essayiste)، ولكنه محاول مغامر والمغامرة عند بارت ليست رغبة مرتجلة، وهي لفظة عادة ما تتردد في مدخل كل نص يكتبه، ويحصرها في ثلاث لحظات : الصادر عام ١٩٥٦ وفي هذه السنة، الذي صدر في السنة التالية. هذه المادة تمثل نماذج من ثقافة البرجوازية الصغيرة التي تسعى إلى تثبيت عالميتها، وهنا تظهر السيميولوجيا كمنهج أساسي للنقد الأيديولوجي. اللحظة الثانية هي تلك التي حرص فيها على تقديم السيميولوجيا كعلم وتمتد من عام ١٩٥٧ إلى عام ١٩٦٣ ، ومبادئ في السيميولوجيا، أما اللحظة الثالثة، فهي التي أفضت به في النهاية إلى مفهوم النص، إلى ستروس، وصولاً إلى دريدا ولاكان، وتمتد هذه الفترة من عام ١٩٦٦ إلى عام ۱۹۷۰ ، فالنص عنده أضحى مختلفاً جذرياً عن العمل الأدبي، بل ممارسة دالة؛ ما يلح عليه النص هو الدال قبل الدلالة. هناك أنساق من العلامات تتعدى حدود اللغة المكتوبة. هذا ما أراد إثباته بارت في تحليله للباس بما هو لغة ولقد افترض قبله بروست (Proust) وبلزاك (Balzac) وجود لغة للباس فنحن نتواصل من خلاله كما نتواصل من خلال الحركة والسلوك والحوار. لكن ما أنجزه بارت في نسق الموضة لا يعدو أن يكون سيميولوجيا بدائية تكتفي باقتفاء أثر اللسانيات لتطبقها على موضة اللباس المكتوب دون أن تنظر في اللباس من خلال الواقعي لما له من وجود يومي نابض بالعلامة الاجتماعية . هكذا ظلت سيميولوجيته في هذا العمل بالذات تونولوجية ما دامت تنغلق بإرادة الباحث عن المجتمع، فهي في منهجها ونتائجها قد لا تفضي إلا إلى نسق مغلق ثابت مكتف بذاته، تلك كانت قناعة الستينيات عند بارت، أما الآن ومع طغيان الصورة على الكتابة، هكذا، يتحدث بارت عن مغامرة الدال في كتاب المغامرة السيميولوجية الصادر عام ۱۹۸۵ ، الذي احتوى على مجموعة من أهم نصوصه، وقد اشتق العنوان من نص قصير لبارت سماه المغامرة السيميولوجية، وأكمله عام ١٩٦٣، من الحديث عن المغامرة، فيعتبر أن كل عمل سيميولوجي تطبيقي ينبغي أن يكون اكتشافاً أو بالأحرى استكشافاً، فبالرغم من أن الجهاز المفاهيمي للسيميولوجيا خلال هذه الفترة لم يتكون بعد بشكل جلي، فقد حاول أن ينجز عملاً سيميولوجياً مطبقاً على ملابس الموضة، كما تصفها مجلاتها، مستوداً في البداية ببعض المفاهيم الإجرائية فقط ومع ذلك تغير المشروع السيميولوجيي وتغير معه الباحث نفسه، فانحاز إلى الثاني، أي أن التحليل سينحصر في الموضة المكتوبة دون غيرها . لقد كان بارت واحداً ممن حاولوا تجسير الفجوة بين مناهج وعلوم إنسانية وأدبية مختلفة، والاستفادة منها في سياق ما يسمى اليوم بـ تضافر العلوم (Interdisciplinarite). ومن مفارقات هذا المؤلف أنه يصبح أكثر بعداً عما يؤلفه كلما حصر أفق عمله في منهج واحد، فهو لا يبدو بارتياً بما يكفي في مؤلفيه اللذين اقترنا بالسيميولوجيا دون غيرها من المناهج وهما: نسق الموضة، ومبادئ في السيميولوجيا في الأول هو كتاب في المنهج يحلل فيه بنيوياً ملابس النساء، كما تصفها مجلات الموضة، كان هدفه فيه هو تكوين نظام من المعنى دون اللجوء المكثف إلى مفاهيم خارجية (١٣)؛ أما الثاني، وبالمسليف، أو بالأخرى يبدو مصنفاً» للسيميولوجيا يثبت فيه قواعد المنهج ومفاهيمه الأساسية. ورغم الفوائد النظرية والتعليمية لهذين المؤلفين، فإنهما يبدوان الأكثر بعداً عن بارت، وتكبله عن إمكانية التجوال والمراوحة بين معارف مختلفة ومتعددة. أما في ما عدا ذلك، والبنيوية مغامراً من خلال ذلك كله في قضايا وتمثلات، عادة ما تكون خارج الاهتمامات العلمية المألوفة، ومصنفة ضمن المهمل على اعتبار أنها فاقدة للمعنى، ولعل أصالة الدراسات البارتية» تكمن في هذا بالأساس: إنه سؤال المعنى في ما لا يقرأ عادة لضالته وقلة جدواه؛ لا سؤال الطفل : لماذا ؟ وإنما السؤال الإغريقي القديم، إذن، كسيميولوجي،


النص الأصلي

ثانياً : سيميولوجية رولان بارت
تبحث اللسانيات في المعنى الذي يتكون من تمفصل الأصوات. أما رولان بارت، وهو يشتغل على اللسانيات، وينهل منها، فيبحث في مشروعه السيميولوجي عن المعنى الذي يسنده الناس إلى الأشياء التي لا صوت لها. وما تعثر هذا المشروع إلا لأن البحث توقف عند سنن (Codes) أولية، قليلة الفائدة من وجهة سوسيولوجية كقانون الطرقات مثلاً، ولأن اللغة كذلك تقحم نفسها دائماً في كل أنساق الدلالة. فلا وجود لأنساق دالة من الأشياء خالية من اللغة .
إن فعل ذل» فعل مفصلي عنده لا يمكن خلطه مع فعل «تواصل»، فالأشياء والأمتعة ليست حمالة معلومات فحسب، بل تشكل أنساقا مبنية من العلاقات بما فيها من فروقات وتعارضات وتباينات. لكن ما معنى «المتاع» (Objet) موضوع القراءة؟ تجيب المعاجم بحياد لا يعلمنا الكثير بأنه الشيء» الذي تراه العين.
والمتاع هو ما يسمح للإنسان أن يفعل في العالم، أن يغيره، وأن يتموضع فيه بحيوية. إنه يتوسط الفعل والإنسان، مما يعني أنه لا وجود لشيء عديم الجدوى. ولكن إلى جانب هذا البعد الوظيفي، تحمل الأشياء معاني تفيض عنها، ويحمل بها ومنها، وتظهر في الاستعمال القلم، مثلاً شيء - علامة (Objet-signe) قد يخيط أحياناً دلالة البذخ أو البساطة أو الصرامة والجدية أو الفنتازيا. وكل شيء ينخرط في توليد المعنى، وحتى تلك الأشياء التي توهم بأن لا معنى يسكنها، تنتهي بأن تضخ في معنى اللامعنى، المعنى فتدل بلا دلالتها
إن كل ما أنتجه رولان بارت كان صراعاً دائماً ضد تخثر الفكرة، ضد جمودها، فجاءت نصوصاً متحركة متطورة بشكل تصاعدي، كمثل كلود ليفي ستروس، الذي لم ينجز مؤلفاً، إلا وكان في بعض مواضعه على الأقل، نفياً لما سبقه، وخلافاً لبيار بورديو الذي لولا كفاءة الباحث الذاتية وعمقه، لتحنط إنتاجه في مفاهيم ومقولات وانحسرت إمكاناته الإبداعية.
لقد كان بارت يتنقل من فكرة إلى أخرى من مبحث إلى آخر، دون أن يحدث تشتتاً في المنهج، فمن المصارعة الحرة مثلاً في ميثولوجيات إلى موضة اللباس، ومن اليابان في مملكة العلامات إلى الإشهار، ومن الدرجة الصفر في الكتابة إلى ميثولوجيات إلى عناصر في السيميولوجيا. وأثناء كل هذا وذاك، وغيره، يتطور المنهج السيميولوجي شيئاً فشيئاً، ويفتح أفقاً علمياً. يفعل بارت كل هذا، دون أن يجيد في الغالب عن مشروعه الأساسي الذي ينزع إلى كشف التاريخي خلف ما يبدو طبيعياً بشكل مخاتل. فالعلامة تاريخية، وليست طبيعية، خلافاً لما تروج له القوى المهيمنة، ويبلغه الإشهار باستعاراته ومجازاته. ولقد تأسست السوسيولوجيا مع إميل دوركهايم بالقطع مع الأحكام المسبقة، بوضع حد فاصل بين العلم والحسن المشترك.
كذلك تأسست اللسانيات الحديثة مع فرديناند دي سوسير بالقطع مع المعيارية». وهو تقريباً مشروع بارتي قام على هتك ستر ما يبدو بديهيا» - Le-ce-qui) va-de-soi، وكشف زيف البداهات المضللة (٩). يطارد بارت أقنعة مشاكلة لمواقع (Le Vraissemblable) تسعى إلى تكريس الأيديولوجيا المهيمنة عبر نفي التاريخ القائم في العلامة والإيهام بعالمية العابر والطارئ. يقول بارت في ميثولوجيات : كان منطلقي في التحليل شعور فيه ضيق وتبرم إزاء ما هو طبيعي، تلبسه الصحافة والفن والحس المشترك، دون انقطاع، لباساً واقعياً، تاريخياً، لكأن به واقعنا الذي نحياه وفي كلمة واحدة، أتبرم ما أراه تداخلاً، في سيرتنا الراهنة بين الطبيعة والتاريخ وأريد من جهتي القبض مجدداً على التعسف الأيديولوجي الذي يتخفى وراء العرض الديكوري لـ ما يبدو بديهياً (١٠)، كاللباس والإشهار والأكل واللعبة، وكلها أنساق دلالية يظهر فيها الطغيان الأيديولوجي، متى بنيت هذه الأنساق.
إن كشف الكامن يعني عند بارت البحث عن الأيديولوجي خلف أقنعته، ومنها الكتابة التي راود فيها درجتها الصفر في مؤلفه الدرجة الصفر في الكتابة تلك الكتابة البيضاء المحايدة الهادئة ذات الشفافية المطلقة التي تفسح المجال واسعاً أمام مسؤولية الفكر الكتابة البيضاء يمكن مطابقتها مع غريب البير كامو وما فيه من محايدة بلغت درجة الصفرة حتى إزاء موت الأم.
أما الكتابة المنطوقة، فهي كتابة كوينو (Queneau) التي صاغها بروست (Proust) عندما صنف وبين خصائص كل لغة من لغات شخوص الرواية. فاللغة ليست واحدة، بل طبقات واختلافات بين المنطوق والمكتوب. إنها متعددة منضدة هذا التعدد، وهذا التنضيد ظاهرة حديثة في الكتابة تجبر الكاتب على الاختيار، فيجعل من الشكل سلوكاً، وتتكون عنده ما يسميه بارت به الإيتيقاه الكتابة (١١). هذا الالتزام السارتري بالشكل يحيل إلى المشروع البارتي الأساسي الذي لطالما راود تعرية البعد الأيديولوجي للعلامة مراودة يدفعها حلم مثير للغبطة يسعى إلى معانقة علمية الظواهر عبر التفكيك وإعادة البناء، وغير كشف مراوغات الأساطير اليومية التي تسكننا.
. مغامرة الدال
يقدم بارت أعماله على أنها محاولات، محاولات في الأدب والفن والثقافة : المطبخ اللباس السيارة الرياضة اللعبة الخمر، وغيرها من المسائل السيميولوجية بالمعنى السوسيري للكلمة كلها قراءات ينجزها محاول (Essayiste)، ولكنه محاول مغامر والمغامرة عند بارت ليست رغبة مرتجلة، بل هي خيار واع ومقصود تقترن عنده بكل ممارسة سيميولوجية، وهي لفظة عادة ما تتردد في مدخل كل نص يكتبه، إن ارتباط نصوصه بالمغامرة جعله يصل إلى حد تعريف السيميولوجيا بأنها مغامرة (١٢). وهكذا لا تكون عنده، علماً أو تخصصاً أو مدرسة؛ بل هي ما يخطر له من الدال ؛ إنها مغامرة شخصية، ولكنها ليست ذاتية، ويحصرها في ثلاث لحظات :
اللحظة الأولى كان موضوعها تحليل الخطاب، بدءاً من مؤلفه الأول: درجة الصفر في الكتابة، الصادر عام ١٩٥٦ وفي هذه السنة، قام بتجميع مادة كانت موضوع مؤلفه ميثولوجيات، الذي صدر في السنة التالية. هذه المادة تمثل نماذج من ثقافة البرجوازية الصغيرة التي تسعى إلى تثبيت عالميتها، وهنا تظهر السيميولوجيا كمنهج أساسي للنقد الأيديولوجي.
اللحظة الثانية هي تلك التي حرص فيها على تقديم السيميولوجيا كعلم وتمتد من عام ١٩٥٧ إلى عام ١٩٦٣ ، أنجز خلالها نسق الموضة، ومبادئ في السيميولوجيا، ليبحث عن مفاهيم إجرائية في اللسانيات تسمح بالحديث عن علم للسيميولوجيا؛ لكن ما يهمه أكثر حتى خلال هذه الفترة هو ممارسة نوع من النسقية (Une Systematique)، هذه المتعة التي يجدها في النشاط التصنيفي، أو ما يسميها بـ «النشوة المبدعة المتأتية من الحذلقة، وإعادة تكوين الأنساق.
أما اللحظة الثالثة، فهي التي أفضت به في النهاية إلى مفهوم النص، مستفيداً من المفاهيم الجديدة التي تنسج حوله، اعتباراً من فلاديمير بروب (Propp)، إلى ستروس، إلى جوليا كريستيفا، وصولاً إلى دريدا ولاكان، وتمتد هذه الفترة من عام ١٩٦٦ إلى عام ۱۹۷۰ ، أي بين إنجازه المقال مدخل إلى التحليل البنيوي للقصص ومؤلفه : 5/2، فالنص عنده أضحى مختلفاً جذرياً عن العمل الأدبي، فهو ليس إنتاجاً جمالياً، بل ممارسة دالة؛ ما يلح عليه النص هو الدال قبل الدلالة.
هناك أنساق من العلامات تتعدى حدود اللغة المكتوبة. هذا ما أراد إثباته بارت في تحليله للباس بما هو لغة ولقد افترض قبله بروست (Proust) وبلزاك (Balzac) وجود لغة للباس فنحن نتواصل من خلاله كما نتواصل من خلال الحركة والسلوك والحوار. لكن ما أنجزه بارت في نسق الموضة لا يعدو أن يكون سيميولوجيا بدائية تكتفي باقتفاء أثر اللسانيات لتطبقها على موضة اللباس المكتوب دون أن تنظر في اللباس من خلال الواقعي لما له من وجود يومي نابض بالعلامة الاجتماعية .

هكذا ظلت سيميولوجيته في هذا العمل بالذات تونولوجية ما دامت تنغلق بإرادة الباحث عن المجتمع، فلا ترى إلا نحوها الخاص، فهي في منهجها ونتائجها قد لا تفضي إلا إلى نسق مغلق ثابت مكتف بذاته، مثلها مثل عيوب البنيوية التقليدية ذات النزعة اللسانية. ولعل هذا الاختيار نابع من قناعة مفادها أن العلامة غير اللسانية لا يمكن أن تكون سوى تجريد وطوباوية. تلك كانت قناعة الستينيات عند بارت، أما الآن ومع طغيان الصورة على الكتابة، وتكثيف الاستعارات الاجتماعية، فبالإمكان تشريع البحث عن العلامة الاجتماعية التي تسري في عالم الشارع، وما فيه من نصية توليدية.
هكذا، إذن، يتحدث بارت عن مغامرة الدال في كتاب المغامرة السيميولوجية الصادر عام ۱۹۸۵ ، أي بعد وفاته بسنتين، الذي احتوى على مجموعة من أهم نصوصه، منها مبادئ في السيميولوجيا». وقد اشتق العنوان من نص قصير لبارت سماه المغامرة السيميولوجية، يتحدث فيه عن طالبة، اقترحت عليه مستفزة إنجاز أطروحة دكتوراه حول النقد الأيديولوجي للسيميولوجيا. كان هذا المشهد منطلقاً للحديث عن المغامرة السيميولوجية .
ينطلق بارت في مؤلفه : نسق الموضة، الذي بدأه عام ١٩٥٧ ، وأكمله عام ١٩٦٣، من الحديث عن المغامرة، فيعتبر أن كل عمل سيميولوجي تطبيقي ينبغي أن يكون اكتشافاً أو بالأحرى استكشافاً، فبالرغم من أن الجهاز المفاهيمي للسيميولوجيا خلال هذه الفترة لم يتكون بعد بشكل جلي، فقد حاول أن ينجز عملاً سيميولوجياً مطبقاً على ملابس الموضة، كما تصفها مجلاتها، مستوداً في البداية ببعض المفاهيم الإجرائية فقط ومع ذلك تغير المشروع السيميولوجيي وتغير معه الباحث نفسه، فقد كان هدفه في البداية إعادة بناء دلالة الموضة الواقعية الملبوس أو المصور)، ولكنه وجد نفسه مجبراً على الاختيار بين النظام الواقعي والنظام المكتوب، فانحاز إلى الثاني، أي أن التحليل سينحصر في الموضة المكتوبة دون غيرها .
ثالثاً : تنوع مصادر المعرفة عند بارت
لقد كان بارت واحداً ممن حاولوا تجسير الفجوة بين مناهج وعلوم إنسانية وأدبية مختلفة، والاستفادة منها في سياق ما يسمى اليوم بـ تضافر العلوم (Interdisciplinarite). ومن مفارقات هذا المؤلف أنه يصبح أكثر بعداً عما يؤلفه كلما حصر أفق عمله في منهج واحد، فهو لا يبدو بارتياً بما يكفي في مؤلفيه اللذين اقترنا بالسيميولوجيا دون غيرها من المناهج وهما: نسق الموضة، ومبادئ في السيميولوجيا في الأول هو كتاب في المنهج يحلل فيه بنيوياً ملابس النساء، كما تصفها مجلات الموضة، مستفيداً في ذلك من علم العلامات العام الذي يسميه فرديناند دي سوسير بـ السيميولوجيا. كان هدفه فيه هو تكوين نظام من المعنى دون اللجوء المكثف إلى مفاهيم خارجية (١٣)؛ لذلك بدا أشبه ما يكون يعمل الفيزيائي أو بـ حذلقة الترقيع، حسب عبارة كلود ليفي ستروس، أما الثاني، مبادئ في السيميولوجيا، فهو بمثابة العمل التأليفي للمفاهيم الأساسية التي وردت في السانيات دي سوسير، وبالمسليف، وجاكسون (1)، أو بالأخرى يبدو مصنفاً» للسيميولوجيا يثبت فيه قواعد المنهج ومفاهيمه الأساسية. ورغم الفوائد النظرية والتعليمية لهذين المؤلفين، فإنهما يبدوان الأكثر بعداً عن بارت، وقد يعود ذلك إلى ما فيهما من صرامة منهجية تمنعه من المغامرة» وتسلبه متعة الكتابة والذة النص، وتكبله عن إمكانية التجوال والمراوحة بين معارف مختلفة ومتعددة.
أما في ما عدا ذلك، فإن بارت يبدو في أغلب ما كتب مراوحاً بين مناهج و ميادين معرفية مختلفة اللسانيات والأنثروبولوجيا، وعلم الاجتماع والإثنولوجيا، والسيميولوجيا، والبنيوية مغامراً من خلال ذلك كله في قضايا وتمثلات، عادة ما تكون خارج الاهتمامات العلمية المألوفة، ومصنفة ضمن المهمل على اعتبار أنها فاقدة للمعنى، فيحولها إلى معنى ووصف وتأويل. ولعل أصالة الدراسات البارتية» تكمن في هذا بالأساس: إنه سؤال المعنى في ما لا يقرأ عادة لضالته وقلة جدواه؛ ذلك هو مصدر العلامة ومطبخ العلامة ومطبخ المعنى». إنه مسكون بهاجس دائم ووهمي) للتساؤل عن أي حدث مهما صغر حجمه، لا سؤال الطفل : لماذا ؟ وإنما السؤال الإغريقي القديم، هو سؤال المعنى، ما معنى ذلك؟ ومهما يكن الثمن، ينبغي تحويل الحدث إلى فكرة، وإلى وصف، وإلى تأويل، وباختصار ينبغي أن تعثر له على اسم مخالف لاسمه. تكمن حذلقة بارت، إذن، كسيميولوجي، في ولعه الدائم بتأسيس المعنى من التمظهرات التي تنتمي إلى سطح اليومي، ويُنظر إليها عادة على أنها «مسلمات» لا يمكن أن تسمو إلى منزلة المعرفة العلمية؛ إنه صيد للعلامة في حقول الصدفة فيكتشف المغالاة الدالة للعالم، بإرجاع أواليات اشتغالها إلى المعقولية


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

[1] الحمد لله ...

[1] الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا أخذه ورسوله صلى ...

ad يترقب المقيم...

ad يترقب المقيمون في دول مجلس التعاون الخليجي بدء تفعيل التأشيرة الخليجية الموحدة بعد مرور أكثر من ع...

Bullying is a r...

Bullying is a repeated aggressive behavior that involves an imbalance of power between the bully and...

فاللغة العربية ...

فاللغة العربية ليست فقط لغة المسلمين، ووسيلة لتحقيق غاية أخرى وهي تعديل سلوك التلاميذ اللغوي من خلال...

1-تعتبر أسرة مح...

1-تعتبر أسرة محمد آل علي الإبداع والإبتكار هي أول نقطة في الإنطلاق إلى التحسين في شتى المجالات حيث ق...

يعتبر فول الصوي...

يعتبر فول الصويا من المحاصيل الغذائية والصناعية الهامة على المستوى العالمي نظراً لاحتواء بذوره على ن...

Traffic Padding...

Traffic Padding: inserting some bogus data into the traffic to thwart the adversary’s attempt to use...

السلام عليكم ور...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اليوم ذهب إلى دورة القرآن وتعلمت القرآن ثم عدت إلى منزلي ومكتبي قلي...

يجمع نظام التكا...

يجمع نظام التكاليف بجوار المحاسبة على الفعليات،التوفيق في ظروف حدوثها وأسبابها ومدى الكفاءة في التنف...

نطاق البحث يركز...

نطاق البحث يركز هذا البحث على تحليل الأطر القانونية والمؤسساتية لعدالة الأحداث، مع دراسة النماذج الد...

نفيد بموجب هذا ...

نفيد بموجب هذا الملخص أنه بتاريخ 30/03/1433هـ، انتقل إلى رحمة الله تعالى المواطن/ صالح أحمد الفقيه، ...

العدل والمساواة...

العدل والمساواة بين الطفل واخواته : الشرح اكدت السنه النبويه المطهرة علي ضروره العدل والمساواة بين...