لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (36%)

فرنسا على القيام بحملة صليبية الى الشرق، اذ كانت الهدنة القائمة بين الصليبين ويبين الملك العادل أخى صلاح الدين الايوبى أن تنتهى، وكانت مدينة بيت المقدس نفسها في يد المسلمين بعد أن استردها صلاح الدين، بل كانت فلسطين كلها في ايديه باستثناء صور وبعض المدن المتبقية للافرنج على الساحل الشامي. بعد أن تكتل الشرق الأدنى الاسلامى على يد صلاح الدين، ولقيت ترحيبا من البابا الروماني الرسلت الثالث (۱۱۹۸ - ۱۲۱۶م) الذي بادر بارسال الدعاة الى كل مكان فى الغرب لحض الناس على الاشتراك فيها. غير أن الامبراطورية الغربية والدول الأوروبية الأخرى لم تستطع وقتذاك تلبية تلك الدعوة بسبب الظروف التي ألمت بها والتي لم تسمح لها بالمساهمة الفعلية في حرب خارج أراضيها. بعد فتوح صلاح الدين الكبرى فى حطين والبيت المقدس. فاذا ظرنا الى الامبراطورية الغربية مثلا نجد انها كانت فى شغل شاغل عن الفكرة الصليبية الحرب التي ثارت بين أوتو الرابع وفيليب دوق موابيا ممثل بيت الهو هنشتاوفن . الأمر الذى حال بين كل من المانيا وفرنسا وانجلترا وبين المساهمة الفعلية ى حرب صليبية جديدة . ولذلك بقيت زعامة تلك الحملة المزمع قيامها في يد البابوية
الاقطاعيين من أهل الغرب. اذ كان من الشروط التي تم الاتفاق
وفعلا قامت الحملة على هذا الأساس، واذا سرت حسابها نهائيا مع الدولة البيزنطية، عملت عل يتحويلها بعد ذلك عن غرضها الرأيسي وعن الشواطئ المصرية الى مشروع هدم الدولة البيزنطية نفسها والاستيلاء على القسطنطينية، والخلاصة أن هذه الحملة الرابعة
تعبر عن ذروة اطماع الصليبيين في الدولة البيزنطية . ولم يكن الصليبيون بحاجة إلى من يقنعهم بضرورة هذا المشروع الذي تقدمت به البندقية، وفى نظر قادة هذه الحملة عدوا قديما للصليبيين كنا اسلفنا ، اذ كان الكسيس ابن الامبراطور السجين المخلوع يطلب النجدة ضد عمه المغتصب للعرش. وكانت الامبراطورية الألمانية تريد أن تسوى حسابها هي الاخرى مع الدولة البيزنطية التي وقفت ضد مشاريعها التوسعية في ايطاليا منذ أيام الامبراطور
والذي يهم هنا أن هذه التيارات كلها جاءت موافقة لاهواء البندقية ورغباتها، وجعلت كلمتها هي الأولى في أوساط الصليبيين، كما وعدهم بتزويدهم بما يحتاجون اليه بمجرد نجاحهم في اقامة ابيه فى الامبراطورية البيزنطية . هذا، بل أن أهالي العاصمة البيزنطية اعتبروا الحملة واساطيلها قوة اجنبية معادية أعادت الى أذهانهم الذكرى الأليمة المتعلقة بأحداث الحملة الصليبية الأولى، والتي أحدثت جرحا لم
يندمل بعد. وتطورت الحال بين بيزنطة واللاتين وانتهت الحوادث بقرار الامبراطور الكسيس الثالث واستيلاء الصليبيين على القسطنطينية واعادة اسحق انجيلوس واقامته امبراطورا فى أغسطس سنة ١٢٠٣م، بحيث تكون هناك كنيسة واحدة هي الكنيسة الرومانية الكاثوليكية، أما السبب الثالث والأخير فهو أن التنظيم الاقطاعي الذي فرضه اللاتين على
كان لا يمكن أن
فبينما كان الغرب فى الاقطاعية والمحلية التي
مركزية الحكم والادارة. الغرب، كانت المدينة هي العمود الفقرى فى بيزنطة . كان نشاط الشرق تجاريا ويسود فيه الاقتصاد
النقدي أو المالي. ومن هنا لم يكن من المتوقع أن تتأصل جذور النظام الاقطاعي في
أرض غير مهيأة لتقبله . بل كان لابد أن تلفظه في أول فرصة مواتية . مما هيأ الجو لطرد
أو اختفت، بل الذي حدث هو أنه تكونت فى مدينة نيقية بآسيا الصغرى سنة ۱۲۰٦م امبراطورية بيزنطة في المنفى على رأسها صهر الامبراطور المخلوع الثالث. واسم هذا الامبراطور في نيقية هو تيودور الأول لاسكاريس ( ۱۲۰٤ - ۱۲۲۲ م) . وقد ورد اسمه في الأصول والمصادر العربية تحت اسم الاشكرى». ويلاحظ أن الكتاب والمؤرخين العرب دأبوا في كتبهم وتأليفهم على تسمية أباطرة الدولة البيزنطية باسم «الأشكرى حتى انتهاء هذه الدولة على يد الأتراك العثمانين فى أواسط القرن الخامس عشر. وبقيت هذه الامبراطورية حتى القرن الخامس عشر. وتكمن أهمية هذه الدول البيزنطية في أن النجاح الفجائي السريع الذي أحرزه الصليبيون الغربيون لم يكن من المنتظر أن يستمر . وكانت هذه الحكومات البيزنطية في المنفى مصدر متاعب وقلاقل لدولة اللاتين في القسطنطينية . وأن يسود وبين اللاتين فى بيزنطة حسن الجوار ولكن زعماء الدولة الصليبية كانوا يتمون موقفا صلبا حبال الشعوب البلقانية وشعوب الشرق الأدنى. بل لم تلق عطقا
وتولى الامبراطورية البيزنطية فى نيقية بعد قيودور لاسكاريس سنة ١٢١٢ م الامبراطور دوماكس فاتاتزيس (۱۲۲۲ - ١٥٤م) . ذلك أنه كان يرحب بالاتفاق مع اى قوة تعادى البابوية. وكايت البابوية وقتها فى صراع عنيف ضد الامبراطور فريدريك الثاني على المسائل الدنيوية. فكانت هذه فرصة مواتية لأن بجد الامبراطور فريدريك الثانى فى الدولة البيزنطية فى نيقية ميدانا لمساعدته في صراعه ضد خصومه، وأن تجد الامبراطورية البيزنطية كذلك فى فريدريك مساعداً لها ضد اللاتين. يضاف الى ذلك أن مجرد فكرة قيام امبراطورية ثالثة كان مسألة تجعل الامبراطور فريدريك يعمل بكل السبل على هدم تلك
والفاحص المدفق يرى أن نهاية الامبراطورية اللاتينية بدت وشيكة بعد سنة ١٢٤٤م ، ولم يؤخر نهايتها سوى ما وقع بين الطامعين فى العرش البيزنطي بعد نهاية حكم فاتاتريس سنة ١٢٥٤ م . على أن ذلك العامل الذى أبقى على امبراطورية اللاتين في القسطنطينية، وجعلها تستطيع مواجهة المشاكل من كل ناحية قد انتهى باعتلاء ميخائيل الثامن باليولوجس عرش نيقية . وأن يعلن تحالفه مع جنوه بعد أن وعدها بجميع الامتيازات التي تتمتع بها البندقية. وكان من الطبيعي أن ترحب جنوة بهذا العرض المغرى والواقع أن التنافس التجاري بين جنوه والنبدقية كان عاملاً هاماً في توجيه كثير من حوادث الرق الأدنى خلال تلك الفترة من
سواء بين الدول المسيحية ودولة الماليك في مصر والشام.


النص الأصلي

فرنسا على القيام بحملة صليبية الى الشرق، اذ كانت الهدنة القائمة بين الصليبين ويبين الملك العادل أخى صلاح الدين الايوبى أن تنتهى، وكانت مدينة بيت المقدس نفسها في يد المسلمين بعد أن استردها صلاح الدين، بل كانت فلسطين كلها في ايديه باستثناء صور وبعض المدن المتبقية للافرنج على الساحل الشامي.


اذن، كانت دولة الصليبيين الغزاة في الأراضي المقدسة فى طريقها الى الانهيات والزوال، بعد أن تكتل الشرق الأدنى الاسلامى على يد صلاح الدين، وبعد أن اصبحت القاهرة هي معقل القوى الاسلامية والقلب النابض بالحركة والحياة للعالم الاسلامي ومنها كانت توجه الخربات القوية المؤثرة الى بقية معاقل اللاتين في الأراضي المقدسة بهدف طردهم منها . لذا كانت الصيحات المذعورة والدعايات الهستيرية في أوروبا على أششدها لقيام حملة صليبية جديدة بقصد ارجاع الحالة الى ما كانت عليها قبل جهاد صلاح الدين ضد الصليبيين، وقبل فتوحاته المظفرة . وقامت الدعوة الحملة صليبية سنة ١١٦٩ ، ولقيت ترحيبا من البابا الروماني الرسلت الثالث (۱۱۹۸ - ۱۲۱۶م) الذي بادر بارسال الدعاة الى كل مكان فى الغرب لحض الناس على الاشتراك فيها. غير أن الامبراطورية الغربية والدول الأوروبية الأخرى لم تستطع وقتذاك تلبية تلك الدعوة بسبب الظروف التي ألمت بها والتي لم تسمح لها بالمساهمة الفعلية في حرب خارج أراضيها.


حقيقة أنه حدث أن لبى جميع ملوك أوروبا الدعوة لحملة صليبية سابقة، هي المعروفة بالحملة الثالثة، بعد فتوح صلاح الدين الكبرى فى حطين والبيت المقدس. واجتمع أولئك الملوك فى الشام سنة ۱۱۹۲ ، ولكن هذه الحملة فشلت في تحقيق هدفها الذى قامت من أجله . والمهم هنا أنه حدثت فى الفترة ما بين رجوع تلك الحملة الثالثة غير نتيجة وبين سنة ۱۱۹۹م حوادث شتى شغلت أوروبا عن فكرة الحروب الصليبية. ضلا عن أن الروح الصليبية في الغرب بدأت تفتر وتتقلص بعد أن اتضحت أبعاد الحركة الصليبية، وأخذ الناس ينصرفون عنها من حولها، ويتشككون في جدواها وقيمتها. فاذا ظرنا الى الامبراطورية الغربية مثلا نجد انها كانت فى شغل شاغل عن الفكرة الصليبية الحرب التي ثارت بين أوتو الرابع وفيليب دوق موابيا ممثل بيت الهو هنشتاوفن . كما كان حليب أوغسطس ملك فرنشا، وقد سبق له الاشتراك في الحملة الثالثة، في نضال مع حنا لك انجلترا، الأمر الذى حال بين كل من المانيا وفرنسا وانجلترا وبين المساهمة الفعلية ى حرب صليبية جديدة . ولذلك بقيت زعامة تلك الحملة المزمع قيامها في يد البابوية


الاقطاعيين من أهل الغرب.


وقد تطلبت الحملة عددا من السفن لنقل الجند والعتاد الى الشرق كالمعتاد، وليس في ذكر أهمية خاصة، فقد تم استئجار عدد من السفن ودفع الثمن لاصحابها من بنادقة وجنوبة وغيرهما. ولكن المهم فى الموضوع أن زعماء تلك الحملة ارسلوا في فبراير سنة ۱۲۰۱ م إلى البندقية سفارة للمفاوضة فى أمر هذه السفن. وكان من ضمنها رجل خلدت الحوادث اخباره، منها سجل هو احداث هذه الحملة، ذلك هو فيلهاردوان - Villehar daiuin الذي اشترك فى هذه الحملة وسجل وقائعها فى كتاب ديزال باقيا الى اليوم. وقد قبلت البندقية أن تؤجر السفن، وأن تضم المؤنة اللازمة للحملة كالمعتاد مقابل مبلغ معين من المال، وزادت بأن أعلنت عن رغبتها فى أن تشارك الصليبيين في تلك الحملة مشاركة فعلية . ولم يكن فى هذا جديد، فقد شارك البنادقة فى حملات صليبية وفقا لما تمليه عليهم مصالحهم كما اسلفنا .


وكيفما كان الأمر، فانه يتضح من المفاوضات التي قامت بين رجال الحملة والبندقية مدى اهتمام البندقية بالحروب الصليبية . اذ كان من الشروط التي تم الاتفاق


عليها أن يكون للبندقية نصف ما ستفتحه تلك الحملة من البلاد الشامية. واتفقت الآراء بين زعماء تلك الحملة أن تكون وجهتها الشواطئ المصرية حيث توجد الدولة الايوبية القوية، اعتقادا منهم أنه بالقضاء على مصر زعيمة العالم الاسلامي يمكن تحقيق باقي الاطماع في الأراضي المقدسة. وقد عارضت البندقية في هذا الاتجاه بسبب مصالحها التجارية الواسعة التي كانت مصر أهم أسواقها . وهو نفس الموقف الذي اتخذته البندقية في حملة صليبية تالية في الحملة السابعة على مصر عندما رفضت الاشتراك فيها أو تزويدها بالسفن. وكان للبندقية رأى مسموع بحكم مركزها وباعتبارها صاحبة السفن التي ستعتمد عليها الحملة، فضلا عن مشاركتها الرسمية فيها . وأخذ دوج البندقية في استغلال ما بدا من عجز الصليبيين عن دفع قيمة التأخير، بأن يطلب منهم الموافقة على خدمة مصالح البندقية وهم في طريقهم الى الشرق ، مقال التنازل عما عليهم من المال. واقترح


داندولو أن تستولى الحمه اثناء الطريق على مدينة زارا Zara من المجربين.


وفعلا قامت الحملة على هذا الأساس، وتم الاستيلاء على ثغر زارا في نوفمبر سنة ۱۲۰۲م. غير أن البندقية كانت تريد تحقيق اغراض أخرى لتجعل سيادتها البحرية حقيقة واقعة ليس بجانبها قوة أخرى منافسة . ورأت أنها تستطيع أن تصل الى تلك الدرجة من القوة والسيادة اذا استولت على القسطنطينية. واذا سرت حسابها نهائيا مع الدولة البيزنطية، وهى المنناس الأكبر والخطيرة لتجارة البندقية . فبعد أن حولت الحملة الصليبية تحويلا أوليا باستخدامها للاستيلاء على ثغر زارا، عملت عل يتحويلها بعد ذلك عن غرضها الرأيسي وعن الشواطئ المصرية الى مشروع هدم الدولة البيزنطية نفسها والاستيلاء على القسطنطينية، وهو الأمل الذى لاشك قد راود زعماء الحملة الصليبية الأولى قبل ذلك بحوالي قرن من الزمان وعلى هذا انغالي اذا قلنا أن هذا الموقف الذي وقته زعماء الحملة الرابعة هو تجسيد حي لموقف الصليبيين في الحملة الأولى من بيزنطة عندما عاشوا فيها فسادا اثناء مرورهم بها وهم فى طريقها الى الأراضي المقدسة الأمر الذي ترتب عليه قيام الاحتكاك بين الطرفين. والخلاصة أن هذه الحملة الرابعة


تعبر عن ذروة اطماع الصليبيين في الدولة البيزنطية .


ولم يكن الصليبيون بحاجة إلى من يقنعهم بضرورة هذا المشروع الذي تقدمت به البندقية، فقد كانت بيزنطة في نظر الأوروبيين، وفى نظر قادة هذه الحملة عدوا قديما للصليبيين كنا اسلفنا ، بل أن هناك من كبار أهل ورومى من دعوا إلى وجوب غزو الدولة البيزنطية والقضاء عليها فى التاريخ مثل الامبراطور بارباروسا نفسه. وكانت الفرصة مواتبة وسائحة وقتذاك . اذ كان الكسيس ابن الامبراطور السجين المخلوع يطلب النجدة ضد عمه المغتصب للعرش. ويبدو أن فيليب دوق صوابيا قد أرسل الى البندقية والى زعيم الحملة الصليبية المجهزة باسمه مونتفرات يوصيه بتلك الحملة لنجدة ابن الامبراطور المخلوع . وكانت الامبراطورية الألمانية تريد أن تسوى حسابها هي الاخرى مع الدولة البيزنطية التي وقفت ضد مشاريعها التوسعية في ايطاليا منذ أيام الامبراطور


مانوبل كومنين.


والذي يهم هنا أن هذه التيارات كلها جاءت موافقة لاهواء البندقية ورغباتها، وجعلت كلمتها هي الأولى في أوساط الصليبيين، فاستغلت كل هذه الظروف لتحقيق أغراضها. وقد توجه ابن الامبراطور المخلوع الى البندقيه، ووعد الصليبيين وعودا كثيرة، ومنها دفع ما قد يتبقى على الصليبيين للبندقية، كما وعدهم بتزويدهم بما يحتاجون اليه بمجرد نجاحهم في اقامة ابيه فى الامبراطورية البيزنطية . هذا، فضلا عن مشاركة الدولة البيزنطية فيما قد يعتزم القيام به من غزو للشواطئ المصرية أو الشواطئ الشامية. وتم الاتفاق نهائيا، وظهر الاسطول البندقى وعليه جنود الحملة الصليبية الرابعة قبالة القسطنطينية في يونيو من سنة ۱۲۰۳م ، غير أن الحملة لم تجد من القسطنطينية ترحيبا، بل أن أهالي العاصمة البيزنطية اعتبروا الحملة واساطيلها قوة اجنبية معادية أعادت الى أذهانهم الذكرى الأليمة المتعلقة بأحداث الحملة الصليبية الأولى، والتي أحدثت جرحا لم
يندمل بعد.
هكذا انقلب أهل القسطنطينية ضد الصليبيين. وتطورت الحال بين بيزنطة واللاتين وانتهت الحوادث بقرار الامبراطور الكسيس الثالث واستيلاء الصليبيين على القسطنطينية واعادة اسحق انجيلوس واقامته امبراطورا فى أغسطس سنة ١٢٠٣م، غير أن الاستيلاء على القسطنطينية لم يكن هو خطوة أولى في سبيل تحقيق اطماع البندقية التي لم تدخل عنها لحظة تستهدف الى جانب القضاء على العالم الاسلامي، تحقيق وحدة الكنيسة المسيحية على مذهب روما الكاثوليكي، بحيث تكون هناك كنيسة واحدة هي الكنيسة الرومانية الكاثوليكية، ويكون هناك بابا واحد هو بابا روما، ويكون لبابا روما حيث مقر كرسى القديس بطرس المكانة الأولى والكلمة العليا فى العالم المسيحي وقتذاك ارتكاز على


نظرية السيادة البطرسية التي نادت بها بابوبة روما.


أما السبب الثالث والأخير فهو أن التنظيم الاقطاعي الذي فرضه اللاتين على


بيزنطة، وسرى في أقسام الامبراطورية المختلفة بعد سنة ١٢٠٤م، كان لا يمكن أن


يمتزج بالمدنية البيزنطية. ذلك أن النظام الاجتماعي والاقتصادي في بيزنطة كان


يختلف تماما عما كان سائدا في الغرب. فبينما كان الغرب فى الاقطاعية والمحلية التي


أضعفت من سلطة الحكومة المركزية، كانت الدولة البيزنطية بيروقراطية السبغة والطابع


مركزية الحكم والادارة. وبينما كانت القرية بما فيها ومن عليها هي اساس الحياة في


الغرب، كانت المدينة هي العمود الفقرى فى بيزنطة . وبينما كان نشاط الغرب نشاطا


زراعيا واقتصاده اقتصادا طبيعيا اقطاعيا، كان نشاط الشرق تجاريا ويسود فيه الاقتصاد


النقدي أو المالي. ومن هنا لم يكن من المتوقع أن تتأصل جذور النظام الاقطاعي في


أرض غير مهيأة لتقبله . بل كان لابد أن تلفظه في أول فرصة مواتية . وهذا ما حدث


بالفعل، وتلك هى أهم العوامل والاسباب التي باعدت بين اللاتين الفاتحين وبين


البيزنطيين المحكومين في وقت كانت فيه شقة الخلاف واسعة بينهما، مما هيأ الجو لطرد


اللاتين من بيزنطة.


وعلى أية حال، فان ما حدث بعد استيلاء اللاتين على بيزنطة لم يكن يعنى أن الدولة البيزنطية وبيوتها الامبراطورية قد اندثرت وزالت، أو اختفت، بل الذي حدث هو أنه تكونت فى مدينة نيقية بآسيا الصغرى سنة ۱۲۰٦م امبراطورية بيزنطة في المنفى على رأسها صهر الامبراطور المخلوع الثالث. وقامت تلك الامبراطورية بحركة قومية تستهدف طرد من البلاد واررجاع الدولة البيزنطية الى القسطنطينية وممتلكاتها. واسم هذا الامبراطور في نيقية هو تيودور الأول لاسكاريس ( ۱۲۰٤ - ۱۲۲۲ م) . وقد ورد اسمه في الأصول والمصادر العربية تحت اسم الاشكرى». ويلاحظ أن الكتاب والمؤرخين العرب دأبوا في كتبهم وتأليفهم على تسمية أباطرة الدولة البيزنطية باسم «الأشكرى حتى انتهاء هذه الدولة على يد الأتراك العثمانين فى أواسط القرن الخامس عشر. وقد عملت الامبراطورية المشردة على التمكين لنفسها في آسيا الصغرى، وعلى تكوين القوة الكافية


التي تساعدها على استعادة القسطنطينية من قبضة اللاتين.


كذلك تكونت امبراطورية ثانية في المنفى في طرابيزون على البحر الأسود، وعلى رأسها سيد من أسرة كومنين. وبقيت هذه الامبراطورية حتى القرن الخامس عشر. هذا، فضلاً عن امارات بيزنطية تكونت بجهات لم تصل إليها أيدى زعماء الحملة الصليبية الرابعة. وتكمن أهمية هذه الدول البيزنطية في أن النجاح الفجائي السريع الذي أحرزه الصليبيون الغربيون لم يكن من المنتظر أن يستمر . بل لم يكن من المنتظر أن تظل


الدولة الصليبية على أنقاض الامبراطورية البيزنطية القوية .


وكانت هذه الحكومات البيزنطية في المنفى مصدر متاعب وقلاقل لدولة اللاتين في القسطنطينية . وكانت هناك مصادر أخرى لمتاعب اللاتين فى بيزنطة، منها الدولة البلغارية التي كانت قد أخذت تتكون من بلغاريا في أواخر القرن الثاني عشر. وكانت تلك الدولة عدوة للامبراطورية البيزنطية التي قضت على استقلال البلغار في القرون الماضية. وقد رحبت هذه الدولة البلغارية بمقدم الحملة الرابعة والقضاء على عدوتها الدولة البيزنطية. وكان ملك البلغار في ذلك الوقت بأمل أن يحالف القوى اللاتينية الجديدة، وأن يسود وبين اللاتين فى بيزنطة حسن الجوار ولكن زعماء الدولة الصليبية كانوا يتمون موقفا صلبا حبال الشعوب البلقانية وشعوب الشرق الأدنى. بل لم تلق عطقا


ووعودا خلابة لم تبلث أن ذهبت ادراج الرياح بعد مغادرتها الجزيرة.


وتولى الامبراطورية البيزنطية فى نيقية بعد قيودور لاسكاريس سنة ١٢١٢ م الامبراطور دوماكس فاتاتزيس (۱۲۲۲ - ١٥٤م) . وإليه يرجع الفضل الأكبر في القضاء على امبراطورية اللاتين في القسطنطينية . فهو الذي خالف البلغار، وهو الذي أخرج اللاتين من آسيا الصغرى سنة ١٢٤١م ، وهو الذى استمال الامبراطور فريدريك الثاني إليه بزواجه من ابنته سنة ١٢٤٤ ، وكان ذلك الموقف توفيقا حالف الدولة البيزنطية التي كانت تنظر إلى الدولة الغربية دائماً بنظرة المغتصب للمقام الامبراطور والمنصب وقد رحب فريدريك بالتحالف مع البيزنطيين، ذلك أنه كان يرحب بالاتفاق مع اى قوة تعادى البابوية. وكايت البابوية وقتها فى صراع عنيف ضد الامبراطور فريدريك الثاني على المسائل الدنيوية. فضلا عن أن الأمبراطور الالمانى كان كارها لبعض الجمهوريات الايطالية ومنها البندقية ذات المصالح الكبرى. فكانت هذه فرصة مواتية لأن بجد الامبراطور فريدريك الثانى فى الدولة البيزنطية فى نيقية ميدانا لمساعدته في صراعه ضد خصومه، وأن تجد الامبراطورية البيزنطية كذلك فى فريدريك مساعداً لها ضد اللاتين. أي أن المصالح المشتركة وحدت بين فريدريك والبيزنطيين في نيقية الذين كانوا يستعدون لاسترداد ملكهم المغتصب. يضاف الى ذلك أن مجرد فكرة قيام امبراطورية ثالثة كان مسألة تجعل الامبراطور فريدريك يعمل بكل السبل على هدم تلك


الامبراطورية.


والفاحص المدفق يرى أن نهاية الامبراطورية اللاتينية بدت وشيكة بعد سنة ١٢٤٤م ، ولم يؤخر نهايتها سوى ما وقع بين الطامعين فى العرش البيزنطي بعد نهاية حكم فاتاتريس سنة ١٢٥٤ م . على أن ذلك العامل الذى أبقى على امبراطورية اللاتين في القسطنطينية، وجعلها تستطيع مواجهة المشاكل من كل ناحية قد انتهى باعتلاء ميخائيل الثامن باليولوجس عرش نيقية . اذ استطاع أن يعبر البحر الى ضواحي القسطنطينية سنة ١٢٦١ م، وأن يمهد للاستيلاء عليها باثارة البنادقة والجنوية على بعضها، وأن يعلن تحالفه مع جنوه بعد أن وعدها بجميع الامتيازات التي تتمتع بها البندقية. وكان من الطبيعي أن ترحب جنوة بهذا العرض المغرى والواقع أن التنافس التجاري بين جنوه والنبدقية كان عاملاً هاماً في توجيه كثير من حوادث الرق الأدنى خلال تلك الفترة من


الزمن ، سواء بين الدول المسيحية ودولة الماليك في مصر والشام.


وأخيراً، هاجمت جيوش ميخائيل مدينة القسطنطينية، وكانت الامبراطورية اللاتينية المتداعية تتوقع هذا الحادث ولم تقاومه . وهرب الامبراطور اللاتيني والبطريك وممثلي البندقية سنة ١٢٦١م . وفى أغسطس من نفس العام دخل ميخائيل العاصمة البيزنطية وإنتهت قصة أمبراطورية اللاتين بالقسطنطينية، وعادت الامبراطورية البيزنطية إلى عاصمتها .


غير أن ذلك لم يكن يعنى أن القوى اللاتينية قد زالت فجأة من كافة أقاليم الدولة البيزنطية، وأنها أقتلعت من جذورها تماماً، أو أن الدولة البيزنطية قد عادت سيرتها الأولى قبل الحملة الصليبية الرابعة، بل واقع الأمر أن معظم القوى اللاتينية التي حلت ببلاد الدولة البيزنطية قد ظلت مصدر متاعب للبيت الباليولوجي، وسببا رئيسياً لضعف الدولة البيزنطية رغم عودتها إلى العاصمة بعد أكثر من نصف قرن في المنفى، ويكفى أن مؤرخاً معروفاً مثل نورمان بينز يرى فى مقدمة كتابة الامبراطورية البيزنطية، أنه لم يبق للقسطنطينية من عظمتها الغابرة سوى ظلا باهتاً وشبحا متهالكاً، بعد تلك المؤثرات الجديدة التى تسربت من الغرب البيزنطي . بل أنه يرى إن الدولة البيزنطية بما تمثله من مثل وقيم ومفاهيم العصر الوسيط كانت قد إنتهت بالفعل سنة ١٢٣٤ م بسقوطها في قبضة اللاتين، ولذلك فهو لا يعرف بالدولة البيزنطية بعد ذلك ، ويتوقف سوده


لتاريخ هذه الدولة سنة ١٢٠٤م.


وواقع الأمر ان الدولة البيزنطية لم تفق مما سببته لها الحملة الصليبية الرابعة من متاعب ومشاكل وصعاب، كما لم تفق من كارثة تشريدها مدة نصف قرن تقريباً، سيما وأن الدولة العثمانية كانت تنمو نمواً مستمراً في القرن الرابع عشر. ولم يكن بإستطاعة الدولة البيزنطية التي عادت إلى القسطنطينية مقاومة الدولة العثمانية النامية. وتاريخ الدولة البيزنطية من أوائل القرن الرابع عشر حتى سقوط القسطنطينية في قبضة الأتراك العثمانيين سنة ١٤٥٣ م هو تاريخ لدولة تعالج مشكلتين كبيرتين: الأولى مشكلة القوى اللاتينية الباقية فيها، والثانية مشكلة الدولة العثمانية التي دأبت على التوسع على حساب


ممتلكات البيزنطيين في آسيا الصغرى وفي البلقان أيضاً.


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

الفصل الرابع ال...

الفصل الرابع التفكير المنطقي مفهوم التفكير المنطقي : يقصد بعلم المنطق العلم الذي يدرس عمل العلماء لي...

إذا تجاوزت التد...

إذا تجاوزت التدفقات النقدية الشهرية الخارجة التدفقات الواردة، فيمكن أن تساعدك الميزانية على العيش في...

الرد المناسب عل...

الرد المناسب على مقالة "مستقبل الشباب يبدو مشرقًا" يمكن أن يكون كما يلي: --- أولاً، أود أن أشكر ال...

It is the proce...

It is the process of revealing and dismantling colonialist power in all its forms. It includes disma...

والحقيقة كما يذ...

والحقيقة كما يذكر مصطفى الشكعة أن إيراد الخبر على هذا النحو يشكل خطًأ جسيما يخدش من سمعة هذا المؤرخ...

وتأهيل القيادات...

وتأهيل القيادات ووليف شكرا جزيلا لكم بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله اللهم لا علم لنا الا م...

جيد: الأهداف وا...

جيد: الأهداف واضحة وتتمثل في دراسة تأثير الخجل على بناء التعلمات لدى تلاميذ وتلميذات المستوى الثالث ...

-الإعداد لبرنام...

-الإعداد لبرنامج عمل مهمة التدقيق الشرعي الداخلي من خلال تحديد (الخطوات التي سيتم اتباعها) وهي تحدي...

المقدمات النحوی...

المقدمات النحویة۱۳ ۱-ِالعَوض عن حرف:ویكون ذلك في الاسم المنقوص إذا جاء على صیغة ٍ منتھى الجموع، مثل:...

إن المتتبع لنشأ...

إن المتتبع لنشأت وتطور التعليم والتدريب المهني، يري أنه بدأ منذ وقت مبكر يرجع إلى فترة الثورة الصناع...

شركة الجار الإم...

شركة الجار الإماراتية نبذة تعريفية: تُعد شركة الجار الإماراتية شركة رائدة في مجال توفير حلول الأمن ا...

والمعلمون هم صن...

والمعلمون هم صناع هؤلاء القادة، فيحمل الأطفال ما يتعلمونه لبقية حياتهم، ويمكن القول بأنّ المعلم يشكل...