لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (100%)

شهادة - ١٤ -
فرع فلسطين / فرع الأمن العسكري حلب
علقوني عاريا في رافعة جنزير بلنكو من التي تستخدم في رفع محركات السيارات، ضربني السجان وشتمني ثُم ذهب. فوجئت أن هناك فتاة شابة عارية تمامًا معلقة في رافعة مقابلة كانت آثار التعذيب ظاهرة عليها. بقع لحروق على صدرها وإبطها ، عرفت لاحقا أنهم يطفئون سجائرهم هناك، وهناك دم متجمد على فخذيها أنفها ينزف، محلوق بطريقة عشوائية، جزء من فروة رأسها ظاهرة». وتهمتها كانت أنها أرسلت رسالة نصية إلى (قناة معارضة)، كان يضربها بالبوري الأخضر الذي نسميه الأخضر الإبراهيمي وهو يسألها عن هذه الرسالة. تئن فقط وتدعو الله أن يخلصها، كانت تقول له أحيانًا: مشان الله. وعندما كانت تقول له: مشان النبي، كان يرد عليها النبي مجاز اليوم». أقرأ في نظراتها شفقة علي وعلى ما أتعرض له، أكثرهم حضورا كان (أبو ربيع)، كان أكثرهم تركيزا على الجنس، يجبر منال على النظر إلى عورتي، ويحاول أن يحفزني جنسيا عبر استخدام ( الأخضر
الإبراهيمي) ليحك عورتي. ثم بعد ذلك يضربنا على نحو هستيري». دخل أبو ربيع وأخذ يتوعد ويشتم وهو يشرب الشاي من قدح في يده، ثم أخذ يسكب الشاي على عضوي التناسلي، وأخذت منال تصرخ بشكل هستيري، فضر بني بقدمه في بطني وعلى أسفل بطني، ثم أخرج ( الولاعة ) من جيبه، وأشعلها واقترب من منال وأحرق شعر عانتها. «كان هناك معنا شخص ثالث معلق أيضًا، لوجوده إلا عندما كلمه السجان صيدلي من درعا. ونادى على عساكر السخرة وقال لهم (شوفوا شغلكم). خمسة أو ستة عساكر تناوبوا على اغتصاب الفتاتين». ربما كان الجوع من أصعب ما مررنا به في السجن بسبب سوء
الأقدام مثل جذع شجرة بخشونته وملمسه وبسبب الجوع الشديد، بعض المعتقلين هم عناصر أمنية ارتكبوا مخالفات إدارية فيحكم عليهم ويعتقلون معنا لفترة ولكن معاملتهم تكون مختلفة، عادة يكون هذا المعتقل هو الآمر الناهي داخل المهجع، ويقوم بالتعذيب مثله مثل أي سجان. أكثرهم قذارة كان ( أبو شادي ) ، مسؤول الحاجز الأمني بمدخل جرمانا . (أبو شادي) هذا قتل ثلاثة معتقلين في يوم واحد، شاب بسيط درويش من حلب، ذهب ليتفقد بيته الواقع في مناطق التماس بين الجيش الحر وجيش النظام أوقفه الحاجز ومنعه من الدخول لوجود قناصة، عبد الحليم قال لهم بطريقة عادية (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا)، فجن جنونهم لأنه استخدم آية قرآنية في الحديث معهم. جلدوه بسلك معدني سبب له جروحًا بقيت مفتوحة لفترة طويلة، ثم ضربوه بكيبل حديدي على رأسه، عندما وصل إلينا كان قد أصيب بلوثة في عقله. في يوم في أثناء تعنيف وشتم (أبو شادي) لنا قاطعه عبد الحليم قائلا لو سمحت هات لي كاسة ماي) وكان هذا أمرًا ليس منطقيا وأثار غضب ( أبو شادي) ولكن قال لبعض المعتقلين أن يجلبوا له قدح ماء، بالصدفة الذي جلب له القدح كانت يده موشومة، فرفض عبد الحليم أن يأخذ الماء منه وقال إن الوشم حرام. هنا جن جنون أبو شادي وظل يضربه إلى أن مات». كانت القوانين في المهجع أن نبلغ الحارس عندما تحدث حالة وفاة. ندق الباب ونقول فلان فطس) . ممنوع منعا باتا أن نقول فلانا مات. كلمة فطس أساسية في التبليغ بالوفاة وإلا تعرضنا للضرب، يومها أبلغنا الحارس بأن عبد الحليم (فطس) . فقال لنا أن نلفه في بطانية وننتظر
القتيل الثاني كان صيدلانيا أصيب بإسهال شديد وصار يقضي حاجته على نفسه دون قدرة على التحكم، وساءه ذلك فأخذ يدعو الله بصوت مرتفع أن يميته. وأزعج هذا أبو شادي فقام وأخذ يدوس على بطنه إلى أن مات». «عندما أبلغنا الحارس بأنَّ فلانا فطس، قال إنه لم ينته بعد من الشاي ( ضعوه في بطانية )». تحدث بصوت مرتفع عن تأخر الطعام، وكان هذا يعتبر جريمة وقلة أدب، فقام أبو شادي بوضع رأسه أمام الجدار على الأرض، وأخذ يركل بقوة على الرأس إلى أن دخل في غيبوبة، «عندما بلغنا الحارس بأن فلانا الثالث قد فطس، نهرنا قائلا أن لا نقاطعه في أثناء شرب الشاي. كنا أتفه من أن يترك تحضير الشاي وشربه من أجل موت واحد منا أو ثلاثة». كان هذا هو المهجع رقم ١٠ في فرع فلسطين معروف بمهجع الموت لارتفاع نسبة الوفيات فيه. أنا وشخص آخر خرجنا معا، أما الوفيات فقد كانت إحدى عشرة وفاة في يوم واحد». منها ١٤ شهرا داخل زنزانة منفردة. لكني لم أكن قادرا على تحديد إن كانت هذه الفترة أفضل من سواها أو لا. كان الاكتظاظ يمنعنا من النوم بشكل يقترب من الطبيعي، كنا أكثر من ١٠٠ شخص في غرفة لا تتجاوز مساحتها ٤ في ٥ أمتار . كنا نقسم اليوم بيننا على ثلاث مناوبات ثماني ساعات وقوفا ، وثماني ساعات نوما بأن نضع رؤوسنا بين أقدامنا، ولكن عمليا ما كان من الممكن الحصول على هذه الساعات الثمانية بسبب العقوبات والأصوات والاكتظاظ في الزنزانة المنفردة كنت تقريبا أستطيع النوم وأنا ممدد. من أنواع العقوبات المستخدمة كان عقوبة الـ (٥٠٠) وتتألف من ٥٠٠ ضربة على جسد المعتقل يتناوب على أدائها عدة سجانين، وضع العقوبة كان الاستلقاء على البطن ثم رفع القدمين، ثم تنهال الضربات بالأخضر الإبراهيمي على أي مكان. كثير من الشباب توفوا في أثناء هذه العقوبة». من أنواع العقوبات أيضًا الحرمان من الطعام، ويحدث بأن تُرمى وجبات الطعام في دورات المياه، أحيانًا كنا نمتنع عن الطعام بأنفسنا لكيلا نضطر إلى قضاء حاجتنا. الدور على قضاء الحاجة كان يستغرق وقتا طويلا ، إذا سجلت على الدور في الثامنة صباحًا ، فإنَّ دوري سيحل في الثامنة مساء في اليوم التالي». كنت أشعر أني داخل مسلسل رعب بلا حلقة أخيرة. أحسد من تأتي حلقتهم الأخيرة بالموت وأتساءل متى أرتاح وأموت. كنت أتمنى الموت فقط». كنت أقضي الوقت في أحلام يقظة تبدو اليوم غريبة جدا. أحلم بأن تأتي توصية من جهة عليا في الدولة، جهة تقول إن فلانا يخصنا وتأمر لي. سندويشة فقط. كنا نحلم أيضًا بالملح والسكر. الطعام كان خاليا تماما من الملح والسكر كان يعتبر رفاهية لا نستحقها». ولا أزال أتعامل مع خروجي كمعجزة. اعتقلت من منزلي في حلب وكنت في فترة النقاهة من عملية جراحية، الضمادات لا تزال في بطني، ومحلول السيروم معلق في يدي. عندما نقلت من حلب إلى دمشق سحلوني على أرض مطار المزة، وضربوني في أثناء ذلك وفي الاستقبال في المطار على مكان إعاقتي تحديدًا، مما سبب لي كسرًا في مفصل الساق لم يعالج إلا عندما ذهبت بعد سنوات إلى فرنسا . لياقتي الصحية عموما كانت سيئة قبل دخولي المعتقل، كنت أرى من هم أفضل مني لياقة بدنية يموتون. كنت أشعر أصلا أن الموت بيننا في المهجع، كنت أفهم أن الموت كان يجلس بجانبه». لم يكن البقاء على الحياة هاجسا لي. كان هاجسي أن يعرف أهلي أني قد نقلت إلى دمشق. كنت أعرف أنهم يبحثون عن الجثث في حلب، وأن يبحثوا عني بين الجثث في دمشق». تعرفت إلى صديق هناك اسمه صفوان من حلب أيضًا. كنا نقضي الوقت في أحلام يقظة بسيطة، أن نخرج من المعتقل وأدعوه عندي في البيت على «السندوانات من يد والدتي، أو يدعوني هو على المامونية " من صنع والدته. صفوان كان يحب فتاة ويرغب في الارتباط بها ، لكن والدته كانت ترفضها وترغب في تزويجه من قريبة لهم. ذات ليلة صفوان إنه يشعر قال لي . وأخبرها إنه يقبل بالزواج ممن ترضى هي، ويطلب منها أن تعد له (المامونية ) . قالوا لي إنه مات ونقل في أثناء نومي. لم أستطع أني سأخرج قبله، وأوصاني أن أذهب إلى والدته أن أنفذ وصيته. ولا يزال الأمر يعيش معي». في إحدى جلسات التحقيق وضعوني في مغطس مليء بالماء القذر. كل جسدي مغطى بالماء عدا رأسي. ثم جاء المحقق بخشبة مربوطة بسلك كهربائي، كانت الصاعقات الكهربائية في كل جسدي عدا الألم الهائل لم أكن قادرًا على التنفس، عندما كان يرفع الخشبة من الماء كنت آخذ شهيقا فقط. في أثناء ذلك دق هاتف المحقق. فأوقف التعذيب ورد عليه. ( بابا شو علمتكم الآنسة اليوم بالإنجليزي؟ طيب شو معنی banana؟ صحيح. شو معنى apple تفاحة. كان يدلل ابنه كما يفعل أي أب رؤوف لطيف بأولاده. ثم يستأنف التعذيب بالكهرباء». في أواخر صيف ۲۰۱۳ حدث شيء غريب لم نفهمه. فجأة توقف التعذيب والتحقيق. لم نفهم ماذا يقصدون أعطونا تعيين «الخبز» لأسبوع بدلا من التعيين اليومي المعتاد واختفت أصوات الضباط والسجانين. فقط أصوات عساكر الخدمة الإلزامية. بعد أشهر تمكنا من فهم ما حدث. كانت مذبحة الغوطة التي استخدم فيها سلاح كيمياوي قد حدثت في تلك الفترة، وكانت هناك احتمالية أن تحدث ضربة عسكرية أمريكية على مقرات النظام، وشاع أن فرع فلسطين من ضمن هذه المقرات التي يحتمل أن تقصف. كانت خطتهم هي إخلاء الفرع من الضباط وعناصر الأمن، نقلت إلى سجن عدرا بعد قرابة السنتين الأمور كانت أفضل بالمقارنة بما سبق. امتحنت بكالوريا أدبي ودخلت الجامعة عن طريق الانتساب. لكن فصلت عندما صدر علي الحكم بتهمة التطاول على حزب البعث». بعد أربع سنوات خرجت من المعتقل شخصا آخر، كل الذكريات بكل التفاصيل لا تزال تعيش معي. يكفي أن أرى شخصا يشبه أحد المعتقلين أو يمر اسم شخص يشبه اسم أحد المعتقلين حتى أتذكر كل شيء. يجب أن أتمسك بشيء كي أتمكن من النوم. طرف منضدة أو دولاب. يجب أن أرتب طريقة نومي بحيث يكون السرير قريبا من شيء صلب أتمسك به. كما لو أني على شيء غير ثابت وأحتاج إلى شيء لأحفظ توازني. كل ما مررت به يسكنني بشكل دائم. لدي شعور دائم ومؤلم بالذنب الذنب لأني خرجت ونجوت وبقي خلفي آخرون لم يخرجوا . أشعر أن نسياني لشيء هو خيانة لكل من مات في المعتقلات أو من بقي
وأوصل صوتي إلى كل من يسمع». «الناس تعتقد أن التعذيب يحدث لكي نتكلم. في الحقيقة التعذيب يحدث لا لنتكلم بل لكي نسكت جميعًا، لكيلا يكون هناك صوت واحد ضدهم. أعرف أن معرفة تفاصيل ما حدث في المعتقل قد تجعل البعض يخنعون ويستسلمون للنظام، لكني واثق أن هناك آخرين سيتشكل عندهم - ولو بالتدريج - وعي رافض لكل هذا النظام. يجب أن نتكلم ونقول ماذا حدث. جملته الأخيرة تتكرر ويصبح لها صدى، تتداخل مع عبارات أخرى قيلت في الشهادات السابقة ( لن أنسى،


النص الأصلي

شهادة - ١٤ -
شاهر محمد طارق يونس
.فرع فلسطين / فرع الأمن العسكري حلب
علقوني عاريا في رافعة جنزير بلنكو من التي تستخدم في رفع محركات السيارات، ضربني السجان وشتمني ثُم ذهب.. فوجئت أن هناك فتاة شابة عارية تمامًا معلقة في رافعة مقابلة كانت آثار التعذيب ظاهرة عليها.. بقع لحروق على صدرها وإبطها ، عرفت لاحقا أنهم يطفئون سجائرهم هناك، وهناك دم متجمد على فخذيها أنفها ينزف، وشعرها
محلوق بطريقة عشوائية، جزء من فروة رأسها ظاهرة».
عرفت من كلام السجان معها أن اسمها منال، طالبة جامعية من دمشق، وتهمتها كانت أنها أرسلت رسالة نصية إلى (قناة معارضة)، كان يضربها بالبوري الأخضر الذي نسميه الأخضر الإبراهيمي وهو يسألها عن هذه الرسالة.. لم تكن تقول أي شيء، تئن فقط وتدعو الله أن يخلصها، كانت تقول له أحيانًا: مشان الله. فيرد: الله غير موجود الآن.. خرج. وعندما كانت تقول له: مشان النبي، كان يرد عليها النبي مجاز اليوم».
«كنت أشعر أحيانًا أن منال أقوى مني، أقرأ في نظراتها شفقة علي وعلى ما أتعرض له، وأحيانًا أقرأ في نظراتها استغاثة، ويجعلني أشعر هذا أيضًا بالضعف. لم نتبادل كلمة واحدة. لكن كل شيء كان مفهوما».
تناوب علينا عدة سجانين، أكثرهم حضورا كان (أبو ربيع)، كان أكثرهم تركيزا على الجنس، يجبر منال على النظر إلى عورتي، ويسألها إن كانت تعجبها، ويحاول أن يحفزني جنسيا عبر استخدام ( الأخضر
الإبراهيمي) ليحك عورتي... ثم بعد ذلك يضربنا على نحو هستيري».
في اليوم الثالث للتعليق، دخل أبو ربيع وأخذ يتوعد ويشتم وهو يشرب الشاي من قدح في يده، ثم أخذ يسكب الشاي على عضوي التناسلي، وكان ساخنا جدا، فأخذت أصرخ من الألم، وأخذت منال تصرخ بشكل هستيري، فضر بني بقدمه في بطني وعلى أسفل بطني، ثم أخرج ( الولاعة ) من جيبه، وأشعلها واقترب من منال وأحرق شعر عانتها. آخر ما أتذكره
كان رائحة الشياط، ثم رحت في غيبوبة».
عندما أنزلوني، كانت منال على الأرض. ملفوفة في كيس نايلون
وعلى جبينها رقم».
«كان هناك معنا شخص ثالث معلق أيضًا، لكن أبعد قليلًا، لم أنتبه
لوجوده إلا عندما كلمه السجان صيدلي من درعا. كان معلقًا قبلي،
وعندما أنزلوني، كان لا يزال معلقًا. لا أعرف ماذا حدث له».
في مرة أخرى، كانت هناك فتاتان، أخرجهما السجان من مهجع
النساء، ونادى على عساكر السخرة وقال لهم (شوفوا شغلكم). كانوا
خمسة أو ستة عساكر تناوبوا على اغتصاب الفتاتين».
ربما كان الجوع من أصعب ما مررنا به في السجن بسبب سوء
الأوضاع وقلة النظافة، كانت أقدامنا تنتفخ وتتشقق، تصبح جلود
الأقدام مثل جذع شجرة بخشونته وملمسه وبسبب الجوع الشديد، كنا
نأكل جلد أقدامنا ... أحيانا كان البعض يتمادى، فيأكل أيضًا جلد قدم
زميله الجالس بجانبه».
بعض المعتقلين هم عناصر أمنية ارتكبوا مخالفات إدارية فيحكم عليهم ويعتقلون معنا لفترة ولكن معاملتهم تكون مختلفة، عادة يكون هذا المعتقل هو الآمر الناهي داخل المهجع، ويقوم بالتعذيب مثله مثل أي سجان. أكثرهم قذارة كان ( أبو شادي ) ، مسؤول الحاجز الأمني بمدخل جرمانا .. (أبو شادي) هذا قتل ثلاثة معتقلين في يوم واحد، خلال فترة
لا تتجاوز الساعتين أو أقل.
القتيل الأول هو عبد الحليم، شاب بسيط درويش من حلب، ذهب ليتفقد بيته الواقع في مناطق التماس بين الجيش الحر وجيش النظام أوقفه الحاجز ومنعه من الدخول لوجود قناصة، عبد الحليم قال لهم بطريقة عادية (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا)، فجن جنونهم لأنه استخدم آية قرآنية في الحديث معهم. اتهموه بأنه داعشي. بل أنه أمير داعش. جلدوه بسلك معدني سبب له جروحًا بقيت مفتوحة لفترة طويلة، ثم ضربوه بكيبل حديدي على رأسه، عندما وصل إلينا كان قد أصيب بلوثة في عقله... في يوم في أثناء تعنيف وشتم (أبو شادي) لنا قاطعه عبد الحليم قائلا لو سمحت هات لي كاسة ماي) وكان هذا أمرًا ليس منطقيا وأثار غضب ( أبو شادي) ولكن قال لبعض المعتقلين أن يجلبوا له قدح ماء، بالصدفة الذي جلب له القدح كانت يده موشومة، فرفض عبد الحليم أن يأخذ الماء منه وقال إن الوشم حرام. هنا جن جنون أبو شادي وظل يضربه إلى أن مات».
كانت القوانين في المهجع أن نبلغ الحارس عندما تحدث حالة وفاة. ندق الباب ونقول فلان فطس) . ممنوع منعا باتا أن نقول فلانا مات. كلمة فطس أساسية في التبليغ بالوفاة وإلا تعرضنا للضرب، يومها أبلغنا الحارس بأن عبد الحليم (فطس) . فقال لنا أن نلفه في بطانية وننتظر
بينما يعد هو الشاي ليشربه».
القتيل الثاني كان صيدلانيا أصيب بإسهال شديد وصار يقضي حاجته على نفسه دون قدرة على التحكم، وساءه ذلك فأخذ يدعو الله بصوت مرتفع أن يميته.. وأزعج هذا أبو شادي فقام وأخذ يدوس على بطنه إلى أن مات».
«عندما أبلغنا الحارس بأنَّ فلانا فطس، قال إنه لم ينته بعد من الشاي ( ضعوه في بطانية )».
القتيل الثالث كان مهندس معلوماتية، تحدث بصوت مرتفع عن تأخر الطعام، وكان هذا يعتبر جريمة وقلة أدب، فقام أبو شادي بوضع رأسه أمام الجدار على الأرض، وأخذ يركل بقوة على الرأس إلى أن دخل في غيبوبة، ومات بعد قليل».
«عندما بلغنا الحارس بأن فلانا الثالث قد فطس، نهرنا قائلا أن لا نقاطعه في أثناء شرب الشاي. كنا أتفه من أن يترك تحضير الشاي وشربه من أجل موت واحد منا أو ثلاثة».
كان هذا هو المهجع رقم ١٠ في فرع فلسطين معروف بمهجع الموت لارتفاع نسبة الوفيات فيه... يوم خرجت من الفرع، كنا اثنين، أنا وشخص آخر خرجنا معا، أما الوفيات فقد كانت إحدى عشرة وفاة في يوم واحد».
قضيت أربع سنوات في المعتقل، منها ١٤ شهرا داخل زنزانة منفردة. كانت الفترة صعبة جدا، لكني لم أكن قادرا على تحديد إن كانت هذه الفترة أفضل من سواها أو لا. في المهجع الجماعي، كان الاكتظاظ يمنعنا من النوم بشكل يقترب من الطبيعي، كنا أكثر من ١٠٠ شخص في غرفة لا تتجاوز مساحتها ٤ في ٥ أمتار .. كنا نقسم اليوم بيننا على ثلاث مناوبات ثماني ساعات وقوفا ، وثماني ساعات جلوسًا، وثماني ساعات نوما بأن نضع رؤوسنا بين أقدامنا، ولكن عمليا ما كان من الممكن الحصول على هذه الساعات الثمانية بسبب العقوبات والأصوات والاكتظاظ في الزنزانة المنفردة كنت تقريبا أستطيع النوم وأنا ممدد. ليس ممددا تماما، لكن نسبيا».
من أنواع العقوبات المستخدمة كان عقوبة الـ (٥٠٠) وتتألف من ٥٠٠ ضربة على جسد المعتقل يتناوب على أدائها عدة سجانين، كلما تعب واحد جاء آخر، وضع العقوبة كان الاستلقاء على البطن ثم رفع القدمين، ثم تنهال الضربات بالأخضر الإبراهيمي على أي مكان.. القدمين.. الظهر... الرأس... كثير من الشباب توفوا في أثناء هذه العقوبة».
من أنواع العقوبات أيضًا الحرمان من الطعام، ويحدث بأن تُرمى وجبات الطعام في دورات المياه، وتبليغنا بذلك.. أحيانًا كنا نمتنع عن الطعام بأنفسنا لكيلا نضطر إلى قضاء حاجتنا... الدور على قضاء الحاجة كان يستغرق وقتا طويلا ، غالبا ٣٦ ساعة.. إذا سجلت على الدور في الثامنة صباحًا ، فإنَّ دوري سيحل في الثامنة مساء في اليوم التالي».
كنت أشعر أني داخل مسلسل رعب بلا حلقة أخيرة. أحسد من تأتي حلقتهم الأخيرة بالموت وأتساءل متى أرتاح وأموت... مسلسلي كان طويلا جدا .. كنت أتمنى الموت فقط».
كنت أقضي الوقت في أحلام يقظة تبدو اليوم غريبة جدا. أحلم بأن تأتي توصية من جهة عليا في الدولة، جهة تقول إن فلانا يخصنا وتأمر لي... بسندويشة. سندويشة فقط. هذا ما كنت أحلم به». كنا نحلم أيضًا بالملح والسكر. الطعام كان خاليا تماما من الملح والسكر كان يعتبر رفاهية لا نستحقها».
لم أكن أتوقع أن أنجو، ولا أزال أتعامل مع خروجي كمعجزة. اعتقلت من منزلي في حلب وكنت في فترة النقاهة من عملية جراحية، الضمادات لا تزال في بطني، ومحلول السيروم معلق في يدي. اعتقلت هكذا. وأنا أصلا شخص معاق، لدي شلل أطفال. عندما نقلت من حلب إلى دمشق سحلوني على أرض مطار المزة، وضربوني في أثناء ذلك وفي الاستقبال في المطار على مكان إعاقتي تحديدًا، مما سبب لي كسرًا في مفصل الساق لم يعالج إلا عندما ذهبت بعد سنوات إلى فرنسا .. لياقتي الصحية عموما كانت سيئة قبل دخولي المعتقل، لذا لم أتوقع أن أنجو، كنت أرى من هم أفضل مني لياقة بدنية يموتون.. لذا كان موتي أمرا طبيعيا جدا، كنت أشعر أصلا أن الموت بيننا في المهجع، لكننا لا نعرف أين يجلس، وعندما يموت واحد منا ، كنت أفهم أن الموت كان يجلس بجانبه». لم يكن البقاء على الحياة هاجسا لي.. كان هاجسي أن يعرف أهلي أني قد نقلت إلى دمشق. كنت أعرف أنهم يبحثون عن الجثث في حلب، وكنت أريد منهم أن يعلموا أني هنا في دمشق، وأن يبحثوا عني بين الجثث في دمشق».
تعرفت إلى صديق هناك اسمه صفوان من حلب أيضًا. كنا نقضي الوقت في أحلام يقظة بسيطة، أن نخرج من المعتقل وأدعوه عندي في البيت على «السندوانات من يد والدتي، أو يدعوني هو على المامونية " من صنع والدته. صفوان كان يحب فتاة ويرغب في الارتباط بها ، لكن والدته كانت ترفضها وترغب في تزويجه من قريبة لهم. ذات ليلة صفوان إنه يشعر قال لي . وأنقل لها سلامه، وأخبرها إنه يقبل بالزواج ممن ترضى هي، ويطلب منها أن تعد له (المامونية ) ... نمنا ليلتها ، واستيقظت بعد ساعات، ولم أجد صفوان سألت عنه. قالوا لي إنه مات ونقل في أثناء نومي. لم أستطع أني سأخرج قبله، وأوصاني أن أذهب إلى والدته أن أنفذ وصيته.. ولا يزال الأمر يعيش معي». في إحدى جلسات التحقيق وضعوني في مغطس مليء بالماء القذر. كل جسدي مغطى بالماء عدا رأسي. ثم جاء المحقق بخشبة مربوطة بسلك كهربائي، ووضعها في الماء. كانت الصاعقات الكهربائية في كل جسدي عدا الألم الهائل لم أكن قادرًا على التنفس، عندما كان يرفع الخشبة من الماء كنت آخذ شهيقا فقط. هذا كل ما كنت أريده. في أثناء ذلك دق هاتف المحقق. فأوقف التعذيب ورد عليه. فهمت أنه يحدث ابنه، ( بابا شو علمتكم الآنسة اليوم بالإنجليزي؟ طيب شو معنی banana؟ صحيح. شو معنى apple تفاحة. نعم بابا) . كان يدلل ابنه كما يفعل أي أب رؤوف لطيف بأولاده. ثم يستأنف التعذيب بالكهرباء». في أواخر صيف ۲۰۱۳ حدث شيء غريب لم نفهمه. فجأة توقف التعذيب والتحقيق. قالوا لنا سنترككم للموت تحت الحجر والتراب. لم نفهم ماذا يقصدون أعطونا تعيين «الخبز» لأسبوع بدلا من التعيين اليومي المعتاد واختفت أصوات الضباط والسجانين. فقط أصوات عساكر الخدمة الإلزامية.
بعد أشهر تمكنا من فهم ما حدث. كانت مذبحة الغوطة التي استخدم فيها سلاح كيمياوي قد حدثت في تلك الفترة، وكانت هناك احتمالية أن تحدث ضربة عسكرية أمريكية على مقرات النظام، وشاع أن فرع فلسطين من ضمن هذه المقرات التي يحتمل أن تقصف. كانت خطتهم هي إخلاء الفرع من الضباط وعناصر الأمن، وترك المعتقلين للموت تحت القصف».
نقلت إلى سجن عدرا بعد قرابة السنتين الأمور كانت أفضل بالمقارنة بما سبق. امتحنت بكالوريا أدبي ودخلت الجامعة عن طريق الانتساب. علوم سياسية. لكن فصلت عندما صدر علي الحكم بتهمة التطاول على حزب البعث».
بعد أربع سنوات خرجت من المعتقل شخصا آخر، كل الذكريات بكل التفاصيل لا تزال تعيش معي. يكفي أن أرى شخصا يشبه أحد المعتقلين أو يمر اسم شخص يشبه اسم أحد المعتقلين حتى أتذكر كل شيء. لا أزال أنام بطريقة معينة، يجب أن أتمسك بشيء كي أتمكن من النوم. طرف منضدة أو دولاب. يجب أن أرتب طريقة نومي بحيث يكون السرير قريبا من شيء صلب أتمسك به. كما لو أني على شيء غير ثابت وأحتاج إلى شيء لأحفظ توازني.. كل مناماتي هي عن المعتقل وفي المعتقل. كل ما مررت به يسكنني بشكل دائم. لدي شعور دائم ومؤلم بالذنب الذنب لأني خرجت ونجوت وبقي خلفي آخرون لم يخرجوا .. أو ماتوا.
لا أريد أن أنسى، بل أني أصر على التذكر، على حفظ التفاصيل، أشعر أن نسياني لشيء هو خيانة لكل من مات في المعتقلات أو من بقي
فيها. لذا أريد أن أحكي كل شيء، وأوصل صوتي إلى كل من يسمع».
«الناس تعتقد أن التعذيب يحدث لكي نتكلم. لانتزاع الاعترافات، في الحقيقة التعذيب يحدث لا لنتكلم بل لكي نسكت جميعًا، لكيلا يكون هناك صوت واحد ضدهم... أعرف أن معرفة تفاصيل ما حدث في المعتقل قد تجعل البعض يخنعون ويستسلمون للنظام، لكني واثق أن هناك آخرين سيتشكل عندهم - ولو بالتدريج - وعي رافض لكل هذا النظام.
يجب أن نتكلم ... يجب أن نتكلم ونقول ماذا حدث......
جملته الأخيرة تتكرر ويصبح لها صدى، تتداخل مع عبارات أخرى قيلت في الشهادات السابقة ( لن أنسى، لا أريد أن أنسى..) .


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

المبحث الرابع ح...

المبحث الرابع حرف " أوْ " - بفتح الهمزة وتسكين الواو - وهي تفيد أحد الشيئين أو الأشياء. وهي تقع بين ...

Internet of Thi...

Internet of Things (IoT) reveales the profound integration of wearable technology into our daily liv...

بالاطلاع على تا...

بالاطلاع على تاريخ رياضة الكاراتيه على المستوى المحلي نجد أن هذه الرياضة أدخلت إلى المملكة العربية ا...

1. Principle of...

1. Principle of Proximate Cause in Insurance Law The principle of proximate cause is fundamental in...

سرطان الرئة: سر...

سرطان الرئة: سرطان الرئة هو السبب الرئيسي لحالات الوفاة بالسرطان حول العالم يسبب سرطان الرئة من خلال...

This recognitio...

This recognition led to the convening of the World Assembly on Aging in 2002 with the participation ...

مطلوب! شاب ذكي ...

مطلوب! شاب ذكي يريد أن يصبح غنيا! يجب أن يكون على استعداد لإطاعة الأوامر دون طرح الأسئلة. إذا كنت مه...

التركيب الضوئي ...

التركيب الضوئي إنتاج المادة العضوية من طرف النباتات الية امتصاص الماء و الاملاح المعدنية عند النبات...

ﺇﻥ التدريس عملي...

ﺇﻥ التدريس عملية ﻟﻴﺴﺕ ﺴﻬﻠﺔ ﻜﻐﻴﺭﻫﺎ ﻤﻥ ﺍﻷﻋﻤﺎل ﺍﻷﺨﺭى ﻭﻤﻊ ﺫﻟﻙ ﻓﻬﻲ ﻤﻬﻤﺔ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﻘﻭﻡ ﺒﻬﺎ ﻜل ﻤﻥ ﺍﺴﺘﻬﻭﺍﻫﺎ ﻭ...

Evaluates each ...

Evaluates each market segment’s attractiveness and selects one or more segments to serveA group of p...

المقدمة: تعتبر...

المقدمة: تعتبر السياحة من القطاعات الاقتصادية الأساسية التي راهنت عليها الدولة التونسية منذ الاستقل...

ﻟﻢ ﻳﺘﻮﻗﻒ اﻟﻤﺜﻘﻔ...

ﻟﻢ ﻳﺘﻮﻗﻒ اﻟﻤﺜﻘﻔﻮن اﻟﻌﺮب ﻋﻦ ﻃﺮح اأﻟﺴﺌﻠﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ اﻟﺘ ﻟﻢ ﻳﻒ ﻋﻦ ﻃﺮﺣﻬﺎ اإﻟﺠﺎﺑﺔ ﻋﻨﻬﺎ أو ﻋﻦ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﺎﻟﻞ...