لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (50%)

مازال ما نعلمه عن هذه الظاهرة أقل من أن يعطينا الحق في القول الفصل عن السر فيما يبدو من أن فرط التنبيه ينتج ذلك السلوك الدال علي العجز ذلك فإننا نلتقط بعض القرائن الهامة إذا ما أدركنا أن فرط التنبيه يقع على ثلاثة مستويات ، وأقرب هذه المستويات إلى الفهم هو المستوى الحسى ؛ فقد أوضحت تجارب التجريد من الحس ، أن غياب المنبه الحسى المستجد يمكن أن يؤدى إلى الذهول وإفساد العمل الذهني. فإن تلقى الكثير من المنبهات الحسية غير المنسقة ، ومن هنا كان اتجاه الممارسين لعمليات غسيل المخ السياسية أو الدينية إلى عدم استخدام التجريد الحسى وحده ( كالعزل الانفرادي مثلا) وإنما أيضا إلى مهاجمة الحواس بوسائل تشمل الأضواء الوامضة والتغيير السريع للأشكال والألوان والمؤثرات الصوتية المشوشة- وكل ترسانة السيكو ديليك المشكالية
إن ما نلحظه من هوس ديني وسلوك شاذ على بعض طوائف الهيبيين قد لا يكون من نتائج تعاطى المخدرات فحسب ، بل أيضا من تجارب الجماعة في ممارسة أساليب التجريد الحسى ومهاجمة الحواس. إن الترتيل الرتيب للترانيم ، والتي تصل أحيانا إلى الهلوسة
والأجسام التي تصبح بشرتها رسوما من كل شكل ولون ، تلف وتدور وتختلج ليخلق كل هذا بيئة حسية تتسم بزاد وفير من الجدة والفجأة
إن قدرة أي كائن عضوى على مواجهة الزائد الحسى تتوقف على بنائه الفسيولوجي. فلو فحصنا سرعة انتقال الإشارة داخل الكائنات المختلفة لوجدنا أنه كلما هبط مستوى التطور أبطأت حركة الإشارة وهكذا نجد ، أنه فى بيضة قنفذ البحر ، وواضح أنه بمثل هذا المعدل لايستطيع لكائن أن يستجيب إلا الجزء محدود جدا من بيئته. ٠٠٠ مرة ، وبين الحشرات والقشريات ۱۰۰۰ في الثانية ، ٠٠٠ سم في الثانية. ومع ذلك ، ٠٠٠ سم فى الثانية ، فإن النظام البيولوجى يفرض حدوده ( الإشارات الكهربية في الكومبيوتر على سبيل المقارنة أسرع من ذلك ببلايين المرات). إن قصور قدرة أعضاء الحس والجهاز العصبى يعنى أن الكثير من الأحداث البيئية يقع بمعدلات أسرع من أن نستطيع تتبعها. ومن ثم فإن خبرتنا فى أحسن حالاتها لا تعدو أن تكون عينات مما يقع في البيئة. وعندما تكون الإشارات التى تصل إلينا منتظمة وتكرارية ، فإن عملية انتقاء العينات هذه تستطيع أن تعطى صورة ذهنية لا بأس بها للواقع. ولكن عندما تكون على درجة عالية من عدم الانتظام ، عندما تكون مستجدة وغير متوقعة فان دقة تصورنا بالضرورة سوف تتناقص وتتشوه صورة الواقع في اذهاننا ولعل في هذا مايفسر لماذا عندما نتعرض لفرط التنبيه فاننا نعاني الاضطراب وتمويه الخط الفاصل بين الحقيقة والوهم
إذا كان فرط التنبيه عند المستوى الحسى يزيد من تشويه وعينا للواقع ، فإن فرط التنبيه عند المستوى الإدراكي يتدخل فى قدرتنا على التفكير ». وبينما تكون بعض الاستجابات البشرية للجدة تلقائية ، فإن البعض الآخر يكون مسبوقا بالتفكير الواعي. إن السلوك الراشد ، بنوع خاص ، يعتمد على التدفق المستمر لمعطيات البيئة. على الأقل لدرجة مقبولة ، بمعقبات أفعاله. إن سلامة العقل ذاتها معلقة بقدرة الإنسان على التنبؤ بمستقبله الشخصى القريب على أساس من المعلومات التي تغذيه بها البيئة. عندما يزج بالفرد في موقف سريع وغير منتظم التغيير أو في بيئة مفعمة بالجدة ، ولا يعد يستطيع عمل التقديرات السليمة التي يعتمد عليها السلوك الراشد. والارتفاع بدقة تنبؤه مرة أخرى إلى المستوى المعتاد ، زاد بالتالى ما يحتاج الفرد إلى معالجته من المعلومات حتى يستطيع أن يتخذ قرارات راشدة وفعالة. ولكن ، وتنص كلمات الاخصائى النفسى چورچ أ. وقد نستطيع من خلال تصنيف المعلومات وتلخيصها ووضعها في صيغ رمزية باساليب مختلفة ان نمط هذه القيود ولكن هناك ادلة قاطعة على ان قدراتنا على ذلك محدودة
ولاكتشاف هذه الحدود ، شرع أخصائيو علم النفس ونظريات الاتصال في اختبار ما سموه: « قدرة القناة » فى الكائن البشرى. وبعد أن تعالج تخرج في شكل أفعال مؤسسة على قرارات. ثم عينوا المعلومات فنيا وقسموها إلى وحدات أطلقوا عليها اسم القطع. وحتى الآن استطاعت التجارب أن تضع معدلات لمعالجة المعلومات في محيط واسع التنوع من الأفعال: من القراءة ، إلى إجراء عمليات الحساب العقلية. إلا أنهم يتفقون بشدة على مبدأين أساسيين: الأول: أن للإنسان قدرة محدودة. والثاني أن زيادة الحمل على الجهاز العصبى تؤدى إلى تدهور خطير فى الأداء. عمله أن يضغط على زر ما كلما مر مكعب أحمر على السير الناقل الذي أمامه. فمادام السير يتحرك بسرعة معقولة فلن يلاقى هذا العامل أى صعوبة في عمله وسوف تقترب دقته إلى مائه فى المائة. إننا نعرف أنه لو كانت محركة السير بطيئة جدا ، كما سيصبح على الأرجح متوترا مهتاجا. وقد يضرب الماكينة بدافع من الإحباط الخالص. وأخيرا سيكف عن محاولة متابعة السير في سرعة حركته
في المثال السابق ، كانت المعلومات المطلوبة متسمة بالبساطة ، ولكن فلنتصور مهمة أكثر تعقيدا: فالمكعبات المتدفقة على السير الآن متعددة الألوان ، والتعليمات المعطاة للعامل هى الضغط على الزر عندما يظهر نسق معين من الألوان- مثلا مكعب أصفر متبوعا بمكعبين أحمرين ثم بمكعب أخضر. ففي هذه الحالة سيتلقى ويعالج معلومات أكثر من قبل أن يقرر هل يضغط على الزر أم لا ؟ في هذه الحالة لوزادت سرعة السير فسيعانى صعوبة أكبر مما عاناه في الحالة الأولى. وقد نخالف أيضا بين عدد المرات التي سيضغط فيها على كل زر- لقد أصبحت التعليمات المعطاة له الآن تقول: بالنسبة للنسق أصفر- أحمر- أحمر- أخضر. وبالنسبة للنسق أخضر- أزرق- أصفر- أخضر- اضغط على الزر رقم سنة ثلاث مرات ، فشملت الاختبارات الأضواء الوامضة ، قد تضاءلوا فى أثناء الاختبارات إلى حالات يرثى لها من الحمق والتخبط
لقد أسفرت النتائج ، بجلاء لا لبس فيه ، عن أنه أيا كان نوع العمل سرعة لا يمكن تجاوزها في أدائه- ليس لمجرد عدم كفاية المهارة فثمة العضلية ، فالحد الأقصى للسرعة تفرضه فى الغالب حدود القدرة الذهنية أكثر مما تفرضه حدود القدرة العضلية. كما أسفرت هذه التجارب أيضا أنه كلما زاد عدد الأفعال البديلة أمام الشخص الذي يجرى عليه الاختبار اقتضاه ذلك وقتا أطول للوصول إلى قرار وتنفيذه
فالمديرون المبتلون بمطالب اتخاذ سيل لا ينقطع من القرارات السريعة المعقدة ، والتلاميذ المغرقون بفيضان من المعلومات والحقائق المروعون بالامتحانات المتكررة ، وغواء التليفزيون فى البهو- كل هؤلاء قد يجدون أن قدرتهم على التفكير بجلاء والتصرف برشد وقد أصابها الوهن والفساد بفعل موجات المعلومات المتدافعة إلى حواسهم. والمصابين بصدمة الثقافة يمكن أن نعزوها الى مثل هذا الحمل الزائد من المعلومات
ج. - مخروطات ، إلى آخر ، أما إذا سئل المريض بالفصام العقلى أن يصنفها فمن المحتمل أن يقول: « إنهم جميعا جنود » ، أو « إنهم جميعا يثيرون الحزن في نفسي »
لقد قسم من أجريت عليهم التجارب من الأشخاص الطبيعيين إلى مجموعتين ، وطلب منهم أن يربطوا بين كلمات مختلفة وكلمات أو مفهومات أخرى. ج. من تلقى المعلومات ، وقد أسفرت هذه التجارب بدورها عن أن زيادة سرعة الاستجابة تنتج عنه أشكال من الأخطاء بين الأشخاص الطبيعيين تتشابه- بدرجة عجيبة- بأخطاء المرضى بالفصام العقلى
والنتيجة أن المرضى بالانفصام يرتكبون أخطاء عند المعدل المعتاد شبيهة بتلك التي يرتكبها الأشخاص العاديون تحت ظروف المعدلات السريعة والمفروضة فرضا ». وباختصار ، فإن ميللر يطرح فكرة أن انهيار القدرة على الأداء لدى البشر تحت وطأة التحميل الزائد بالمعلومات قد يكون مرتبطا بالامراض العقلية بأسباب لم يبدا لعد في استكشافها ومع ذلك فإننا نعجل بتسارع المعدل العام للتغيير في المجتمع دون فهم منا لتأثيراته
اننا نضطر الناس الى التكيف مع خطوة اسرع للحياة ومواجهة مواقف مستجدة والسيطرة عليها خلال وقت دائم التقاصر. إننا ، بعبارة أخرى ، أما ما هي الآثار التي يمكن أن يتركها هذا فى الصحة العقلية في مجتمع ما فوق التصنيع ، ولكن المشكلة تأخذ وضعا عكسيا بين أهل المستقبل. هؤلاء الذين يهرولون بل يعدون ، من عمل إلى عمل وهم يغمغمون: ه قرارات. إن السرفيا يحسونه من عجلة وانفعال هو أن الزوال والحدة والتنوع تفرض مطالب متناقضة ومن ثم تضعهم رهن
قيد موجع
إن دفعة التغيير المتسارعة ومقابلها السيكولوجى- الزوال- يدفعان بنا دفعا إلى الإسراع فيما نتخذه من قرارات خاصة وعامة. إن الاحتياجات الجديدة والطوارئ والأزمات المستجدة تتطلب استجابة سريعة. ثم إن جدة الظروف فى حد ذاتها تأتى معها بتغيير ثورى في طبيعة القرارات التي ينبغي أن تتخذ. يصعد إلى القطار كما ظل يفعل لشهور وسنوات. لقد قرر منذ زمن أن قطار الساعة ٨, ٠٥ هو أنسب مواصلة متاحة له ضمن جدول القطارات. إنه أقرب إلى الفعل المنعكس منه إلى القرار. فالمعيار المائل ، فإن صاحبنا يفكر جاهدا قبل أن يتخذ مثل هذا القرار. وبهذا المعنى فالقرارات المنهجية لا تكلف العقل كثيرا. وثمة عوامل عديدة يجب أن تدرس وتوزن ، وكمية ضخمة من المعلومات يجب أن تعالج ، والحياة بالنسبة لكل منا مزيج من الاثنين معاً. فنبدأ أحياناً- لا شعورياً- في البحث عن سبل لإدخال الجدة على حياتنا ، ومن ، ثم تعديل « خلطة » القرارات. و مرهقة ومفعمة بالقلق ، م. جروس أستاذ نظرية التنظيم يقول: « إن السلوك برترام. والروتين لا غنى عنه لأنه يوفر الطاقات الخلاقة للتعامل مع التشكيلة الأكثر إرباكاً من المشكلات الجديدة والتي سيكون المقترب الروتيني بالنسبة لها مقترباً لا عقلانياً). ونحن إن لم نستطع أن نمنهج ( الكثير من حياتنا فإننا حريون بأن نقاسي ونتعذب. واحتساء كل قدح ، وبداية كل نتفة من عمل ، لأننا إن لم نمنهج إلى حد كبير من سلوكنا ، أضعنا الكثير من قدرتنا على معالجة المعلومات في سبيل توافه الأمور. من أجل هذا نكون عاداتنا. لاحظ لجنة ما وقد عادت لاستئناف اجتماعها بعد فترة الغداء ، فستجد أن كل عضو تقريباً من أعضائها يتجه إلى نفس المقعد الذي كان يجلس عليه من قبل. إن بعض الأنثروبولوجيين ينقبون في نظرية الإقليمية) بحثاً عن تفسير لهذا السلوك. نظرية أن كل إنسان يظل إلى الأبد يحاول أن ينحت لنفسه ( مرجاً » مقدساً. ولكن ثمة تفسيراً أبسط يكمن فى حقيقة أن المنهجة توفر فاقداً لا مبرر له من قدرتنا على معالجة المعلومات ، واختيار نفس المقعد يوفر علينا مؤونة دراسة وتقييم الاحتمالات البديلة
وفى البيئة المألوفة نستطيع أن نعالج الكثير من مشكلات حياتنا بقرارات منهجية لا تكلف كثيراً. فعندما ننتقل إلى جيرة جديدة مثلا ، وصناعة سلسلة كاملة غالية الكلفة من قرارات المرة الأولى اللامنهجية. والواقع أننا سنكون آنذاك مطالبين بإعادة منهجة أنفسنا
ويصدق نفس الشيء تماماً على الوافد دون استعداد على ثقافة غريبة ، وبنفس الدرجة أيضاً يصدق على الرجل الذى مازال يعيش في مجتمعه ثم يقذف به إلى المستقبل دون سابق إنذار. إن مقدم المستقبل في شكل من الجدة والتغيير يعنى على كل ما تعب فى بنائه وتجميعه من روتينات سلوكية. إنه يكتشف فجأة- لدهشته وفزعه- أن هذه الروتينات القديمة تعقد من مشكلاته بدلا من أن تحلها. فالمطلوب قرارات جديدة لم « تمنهج » بعد وبإيجاز ، فإن الجدة تقلب ميزان مزيجه لصالح القرارات الأصعب والأغلى
حقيقة إن بعض الناس أقدر على تقبل الجديد أكثر من البعض الآخر وإن المزيج الأمثل لكل منا يختلف من فرد لآخر. ولكن عدد ونوع القرارات المطلوبة من أينا لا يقع تحت سيطرته الفردية المطلقة. إن المجتمع هو الذي يحدد أساساً مزيج القرارات التي ينبغي لنا أن نصنع ، والسرعة التي يجب علينا أن نفعل بها ذلك. إن أحدهما يرغمنا على أن نتخذ قرارات أسرع ،


النص الأصلي

مازال ما نعلمه عن هذه الظاهرة أقل من أن يعطينا الحق في القول الفصل عن السر فيما يبدو من أن فرط التنبيه ينتج ذلك السلوك الدال علي العجز ذلك فإننا نلتقط بعض القرائن الهامة إذا ما أدركنا أن فرط التنبيه يقع على ثلاثة مستويات ، على الأقل ، هي: المستوى الحسى ، والمستوى الإدراكي ، ومستوى الحسم أو القرار
وأقرب هذه المستويات إلى الفهم هو المستوى الحسى ؛ فقد أوضحت تجارب التجريد من الحس ، التي يعزل فيها المتطوعون عن المنبهات الطبيعية الحواسهم ، أن غياب المنبه الحسى المستجد يمكن أن يؤدى إلى الذهول وإفساد العمل الذهني. وعلى أساس من نفس القاعدة ، فإن تلقى الكثير من المنبهات الحسية غير المنسقة ، والمشوشة قد يحدث تأثيرات مماثلة. ومن هنا كان اتجاه الممارسين لعمليات غسيل المخ السياسية أو الدينية إلى عدم استخدام التجريد الحسى وحده ( كالعزل الانفرادي مثلا) وإنما أيضا إلى مهاجمة الحواس بوسائل تشمل الأضواء الوامضة والتغيير السريع للأشكال والألوان والمؤثرات الصوتية المشوشة- وكل ترسانة السيكو ديليك المشكالية
إن ما نلحظه من هوس ديني وسلوك شاذ على بعض طوائف الهيبيين قد لا يكون من نتائج تعاطى المخدرات فحسب ، بل أيضا من تجارب الجماعة في ممارسة أساليب التجريد الحسى ومهاجمة الحواس. إن الترتيل الرتيب للترانيم ، ومحاولة تركيز فكر الفرد على مشاعره الداخلية لعزله عن المنبهات الخارجية ، كل هذه من قبيل محاولات إحداث التأثيرات الغريبة لنقص التنبيه ، والتي تصل أحيانا إلى الهلوسة


وعند الطرف الآخر للسلم ، نلاحظ تلك النظرات الزجاجية والوجوه المتبلدة الخالية من التعبير للراقصين من الشباب فى قاعات موسيقى الروك الكبيرة حيث الأضواء المتغيرة ، وشاشات السينما المجزأة ، والصرخات الحادة ، والنداءات المدوية ، والتأوهات ، والأزياء العجيبة المتنوعة ، والأجسام التي تصبح بشرتها رسوما من كل شكل ولون ، تلف وتدور وتختلج ليخلق كل هذا بيئة حسية تتسم بزاد وفير من الجدة والفجأة
إن قدرة أي كائن عضوى على مواجهة الزائد الحسى تتوقف على بنائه الفسيولوجي. إن طبيعة أعضائه الحسية والسرعة التي تتدفق بها النبضات خلال جهازه العصبى تفرض حدودا بيولوجية على كمية المعطيات الحسية التي تستطيع تقبلها. فلو فحصنا سرعة انتقال الإشارة داخل الكائنات المختلفة لوجدنا أنه كلما هبط مستوى التطور أبطأت حركة الإشارة وهكذا نجد ، على سبيل المثال ، أنه فى بيضة قنفذ البحر ، التي تفتقر إلى جهاز عصبى بالمفهوم المعروف ، تنتقل الإشارة خلال عظمة غشائية بسرعة سنتيمتر واحد فى الساعة. وواضح أنه بمثل هذا المعدل لايستطيع لكائن أن يستجيب إلا الجزء محدود جدا من بيئته. فإذا ما صعدنا سلم التطور إلى السمك الهلامى بجهازه العصبى البدائى ، ارتفعت سرعة الإشارة ٣٦,٠٠٠ مرة ، ووصلت إلى عشرة سنتيمترات ، فى الثانية. أما في الدودة فتبلغ السرعة ١٠٠ سم فى الثانية ، وبين الحشرات والقشريات ۱۰۰۰ في الثانية ، أما بين القردة العليا فتصل سرعة الإشارة إلى ١٠,٠٠٠ سم في الثانية. وبالرغم من أن هذه الأرقام ليست دقيقة إلا أنها تفسر لماذا كان الإنسان بلا جدال من أقدر المخلوقات على التكيف
ومع ذلك ، وحتى بالنسبة للإنسان الذى تصل سرعة انتقال الإشارات في جهازه العصبى إلى ٣٠,٠٠٠ سم فى الثانية ، فإن النظام البيولوجى يفرض حدوده ( الإشارات الكهربية في الكومبيوتر على سبيل المقارنة أسرع من ذلك ببلايين المرات). إن قصور قدرة أعضاء الحس والجهاز العصبى يعنى أن الكثير من الأحداث البيئية يقع بمعدلات أسرع من أن نستطيع تتبعها. ومن ثم فإن خبرتنا فى أحسن حالاتها لا تعدو أن تكون عينات مما يقع في البيئة. وعندما تكون الإشارات التى تصل إلينا منتظمة وتكرارية ، فإن عملية انتقاء العينات هذه تستطيع أن تعطى صورة ذهنية لا بأس بها للواقع. ولكن عندما تكون على درجة عالية من عدم الانتظام ، عندما تكون مستجدة وغير متوقعة فان دقة تصورنا بالضرورة سوف تتناقص وتتشوه صورة الواقع في اذهاننا ولعل في هذا مايفسر لماذا عندما نتعرض لفرط التنبيه فاننا نعاني الاضطراب وتمويه الخط الفاصل بين الحقيقة والوهم
إذا كان فرط التنبيه عند المستوى الحسى يزيد من تشويه وعينا للواقع ، فإن فرط التنبيه عند المستوى الإدراكي يتدخل فى قدرتنا على التفكير ». وبينما تكون بعض الاستجابات البشرية للجدة تلقائية ، فإن البعض الآخر يكون مسبوقا بالتفكير الواعي. ويتوقف هذا على قدرتنا على امتصاص المعلومات ومعالجتها ، وتقويمها « تقييمها والاحتفاظ بها
إن السلوك الراشد ، بنوع خاص ، يعتمد على التدفق المستمر لمعطيات البيئة. إنه يعتمد على قدرة الفرد على التنبؤ الصحيح ، على الأقل لدرجة مقبولة ، بمعقبات أفعاله. وحتى يقدر على ذلك فلابد بالتالي من أن يكون قادرا على التنبؤ بما ستستجيب به البيئة لهذه الأفعال. إن سلامة العقل ذاتها معلقة بقدرة الإنسان على التنبؤ بمستقبله الشخصى القريب على أساس من المعلومات التي تغذيه بها البيئة.
عندما يزج بالفرد في موقف سريع وغير منتظم التغيير أو في بيئة مفعمة بالجدة ، فإن قدرته على التنبؤ الدقيق تهبط ، ولا يعد يستطيع عمل التقديرات السليمة التي يعتمد عليها السلوك الراشد.
ومن أجل استعراض هذا ، والارتفاع بدقة تنبؤه مرة أخرى إلى المستوى المعتاد ، ينبغى أن يغترف ويعالج المعلومات بأكثر مما كان يفعل من قبل. كما ينبغي أن يفعل ذلك بمعدلات فائقة من السرعة. وباختصار كلما زادت معدلات الجدة وسرعة التغيير فى البيئة ، زاد بالتالى ما يحتاج الفرد إلى معالجته من المعلومات حتى يستطيع أن يتخذ قرارات راشدة وفعالة. ولكن ، كما أن ثمة حدودا لما نقدر على تقبله من زاد حسى ، كذلك فإن هناك قيودا مفروضة على قدرتنا على معالجة المعلومات. وتنص كلمات الاخصائى النفسى چورچ أ. میللر ، من جامعة روكفلر: « هناك قيود شديدة على ما نستطيع استقباله ومعالجته ، وتذكره من المعلومات ». وقد نستطيع من خلال تصنيف المعلومات وتلخيصها ووضعها في صيغ رمزية باساليب مختلفة ان نمط هذه القيود ولكن هناك ادلة قاطعة على ان قدراتنا على ذلك محدودة
ولاكتشاف هذه الحدود ، شرع أخصائيو علم النفس ونظريات الاتصال في اختبار ما سموه: « قدرة القناة » فى الكائن البشرى. ومن أجل هذه التجارب اعتبروا الإنسان بمثابة ( قناة » تدخل إليها المعلومات من الخارج ، وبعد أن تعالج تخرج في شكل أفعال مؤسسة على قرارات. و تقاس سرعة ودقة ومعالجة المعلومات بمقارنة سرعة المعلومات الداخلة بسرعة ، ودقة الأفعال والقرارات الناتجة.
ثم عينوا المعلومات فنيا وقسموها إلى وحدات أطلقوا عليها اسم القطع.. وحتى الآن استطاعت التجارب أن تضع معدلات لمعالجة المعلومات في محيط واسع التنوع من الأفعال: من القراءة ، والكتابة على الآلة الكاتبة ، والعزف على البيانو ، إلى إجراء عمليات الحساب العقلية. وبينما يختلف الباحثون من حيث دقة الأرقام ، إلا أنهم يتفقون بشدة على مبدأين أساسيين: الأول: أن للإنسان قدرة محدودة. والثاني أن زيادة الحمل على الجهاز العصبى تؤدى إلى تدهور خطير فى الأداء.
تخيل مثلا عاملا على خط تجميع بمصنع ينتج لعب البناء للأطفال ، عمله أن يضغط على زر ما كلما مر مكعب أحمر على السير الناقل الذي أمامه. فمادام السير يتحرك بسرعة معقولة فلن يلاقى هذا العامل أى صعوبة في عمله وسوف تقترب دقته إلى مائه فى المائة. إننا نعرف أنه لو كانت محركة السير بطيئة جدا ، فإن فكره سيتشتت وسيتدهور أداؤه. ونعرف أيضا أنه إذا تحرك السير سريعا جدا فسوف يتردد ويخطئ ويضطرب ويفقد تماسكه ، كما سيصبح على الأرجح متوترا مهتاجا. وقد يضرب الماكينة بدافع من الإحباط الخالص. وأخيرا سيكف عن محاولة متابعة السير في سرعة حركته
في المثال السابق ، كانت المعلومات المطلوبة متسمة بالبساطة ، ولكن فلنتصور مهمة أكثر تعقيدا: فالمكعبات المتدفقة على السير الآن متعددة الألوان ، والتعليمات المعطاة للعامل هى الضغط على الزر عندما يظهر نسق معين من الألوان- مثلا مكعب أصفر متبوعا بمكعبين أحمرين ثم بمكعب أخضر. ففي هذه الحالة سيتلقى ويعالج معلومات أكثر من قبل أن يقرر هل يضغط على الزر أم لا ؟ في هذه الحالة لوزادت سرعة السير فسيعانى صعوبة أكبر مما عاناه في الحالة الأولى.
فلو زدنا المهمة صعوبة بأن فرضنا على العامل ليس مجرد معالجة كمية أكبر من المعلومات قبل أن يقرر هل يضغط الزر أم لا ؟ وإنما أيضا أن يقرر أى زر من بين عدة أزرار سيضغط عليه. وقد نخالف أيضا بين عدد المرات التي سيضغط فيها على كل زر- لقد أصبحت التعليمات المعطاة له الآن تقول: بالنسبة للنسق أصفر- أحمر- أحمر- أخضر. اضغط على الزر رقم اثنين مرة واحدة. وبالنسبة للنسق أخضر- أزرق- أصفر- أخضر- اضغط على الزر رقم سنة ثلاث مرات ، وهكذا.. مثل هذه المهام تتطلب من العامل معالجة كمية ضخمة من المعلومات حتى يستطيع أداء عمله ، وفى هذه الحالة لو زادت سرعة السير ، فستتدهور دقة أدائه بأكثر وأسرع مما حدث في المثلين السابقين
لقد صعدت مثل هذه التجارب حتى وصلت إلى مستويات مفزعة من التعقيد. فشملت الاختبارات الأضواء الوامضة ، والأنغام الموسيقية ، والحروف ، والنماذج ، والكلمات المنطوقة ، وتشكيلة واسعة من المنبهات الأخرى.. إن الذين طلب إليهم ممن أجريت عليهم الاختبارات أن ينقروا بأطراف أصابعهم ، والنطق بعبارات ، وحل ألغاز ، وأداء طائفة منوعة من غير ذلك من المهام ، قد تضاءلوا فى أثناء الاختبارات إلى حالات يرثى لها من الحمق والتخبط
لقد أسفرت النتائج ، بجلاء لا لبس فيه ، عن أنه أيا كان نوع العمل سرعة لا يمكن تجاوزها في أدائه- ليس لمجرد عدم كفاية المهارة فثمة العضلية ، فالحد الأقصى للسرعة تفرضه فى الغالب حدود القدرة الذهنية أكثر مما تفرضه حدود القدرة العضلية. كما أسفرت هذه التجارب أيضا أنه كلما زاد عدد الأفعال البديلة أمام الشخص الذي يجرى عليه الاختبار اقتضاه ذلك وقتا أطول للوصول إلى قرار وتنفيذه
وواضح من الاضطراب النفسى. فالمديرون المبتلون بمطالب اتخاذ سيل لا ينقطع من القرارات السريعة المعقدة ، والتلاميذ المغرقون بفيضان من المعلومات والحقائق المروعون بالامتحانات المتكررة ، وربات البيوت المفروض عليهن المواجهة المستمرة بصراخ الأطفال ، ورنين التليفونات والغسالات المعطلة ، وضجيح الروك آند رول في حجرة استقبال المراهقين ، وغواء التليفزيون فى البهو- كل هؤلاء قد يجدون أن قدرتهم على التفكير بجلاء والتصرف برشد وقد أصابها الوهن والفساد بفعل موجات المعلومات المتدافعة إلى حواسهم. إن بعض الأعراض التى لوحظت على الجنود المرهقين بالمعركة ، وضحايا الكوارث ، والمصابين بصدمة الثقافة يمكن أن نعزوها الى مثل هذا الحمل الزائد من المعلومات
إن أحد رواد الدراسات التى أجريت عن المعلومات- وهو الدكتور جيمس. ج. ميللر مدير معهد بحوث الصحة العقلية بجامعة متشيجان- قد وضعها هكذا صريحة واضحة عندما قال: « إن إنخام المرء بأكثر مما يستطيع معالجته من معلومات- يؤدى إلى اضطرابه » ، وفى رأيه أن زيادة التحميل بالمعلومات قد تكون لها صلة وثيقة بأشكال مختلفة من المرض العقلى.
إن من أبرز أعراض مرض الشيزوفرانيا ( الانفصام العقلى) على سبيل المثال هو: « تداعى الاستجابات الخاطئة » حيث تنعدم الصلة الصحيحة بين الأفكار والكلمات فى ذهن المريض. إن المريض بالانفصام العقلى يفكر بمعايير اعتباطية ، أو خاصة به وحده. إن الشخص السليم عندما يواجه بمجموعة مختلفة الأنواع من المجسمات مثلثات ، مكعبات ،- مخروطات ، إلى آخر ، فإنه يصنفها طبقا لمعايير هندسية. أما إذا سئل المريض بالفصام العقلى أن يصنفها فمن المحتمل أن يقول: « إنهم جميعا جنود » ، أو « إنهم جميعا يثيرون الحزن في نفسي »
ويصف ميللر فى كتابه: ( اضطرابات الاتصال) تجارب استخدمت فيها اختبارات تداعى الكلمة للمقارنة بين الأشخاص الطبيعيين وبين المصابين بالانفصام العقلى. لقد قسم من أجريت عليهم التجارب من الأشخاص الطبيعيين إلى مجموعتين ، وطلب منهم أن يربطوا بين كلمات مختلفة وكلمات أو مفهومات أخرى. وترك لإحدى المجموعتين حرية إتمام المهمة في الوقت الذي يناسبها ، فى حين عملت المجموعة الأخرى تحت ضغط وقت محدود. وكانت النتيجة أن أولئك الذين عملوا تحت ظروف التلقى السريع للمعلومات ، بفعل الضغط الذى يسببه الوقت المحدود ، قد جاءوا باستجابات أقرب شبها باستجابات مرضى الانفصام من تلك التي جاء بها الذين عملوا بعيدا من مثل هذا الضغط
وقد أجريت تجارب مماثلة تحت إشراف الأخصائيين النفسيين ج. أوزدانسكي ول. ج. تشابمان مكنت من عمل تحليل أدق لنماذج الأخطاء التي يقع فيها أولئك الذين يعملون تحت ظروف سرعة مفروضة فرضا ، ومعدلات عالية ، من تلقى المعلومات ، وقد أسفرت هذه التجارب بدورها عن أن زيادة سرعة الاستجابة تنتج عنه أشكال من الأخطاء بين الأشخاص الطبيعيين تتشابه- بدرجة عجيبة- بأخطاء المرضى بالفصام العقلى
ویری میللر: ( أن المرء يستطيع أن يخمن أن الانفصام العقلى ( من خلال عملية غير معروفة حتى الآن ربما كان خطأ في عمليات التمثيل يزيد من ( الضوضاء » العصبية ( يهبط بكفاية القنوات التي تحدث بها عمليات المعالجة الإدراكية للمعلومات. فالمرضى بالانفصام يلاقون صعوبات في معالجة المعدل العادى لزاد المعلومات تماثل الصعوبات التي يعانيها المرضى الأشخاص الطبيعيون في معالجة المعدلات السريعة ، والنتيجة أن المرضى بالانفصام يرتكبون أخطاء عند المعدل المعتاد شبيهة بتلك التي يرتكبها الأشخاص العاديون تحت ظروف المعدلات السريعة والمفروضة فرضا ». وباختصار ، فإن ميللر يطرح فكرة أن انهيار القدرة على الأداء لدى البشر تحت وطأة التحميل الزائد بالمعلومات قد يكون مرتبطا بالامراض العقلية بأسباب لم يبدا لعد في استكشافها ومع ذلك فإننا نعجل بتسارع المعدل العام للتغيير في المجتمع دون فهم منا لتأثيراته
اننا نضطر الناس الى التكيف مع خطوة اسرع للحياة ومواجهة مواقف مستجدة والسيطرة عليها خلال وقت دائم التقاصر. إننا نضطرهم إلى الانتقاء بين اختيارات تتضاعف بسرعة. إننا ، بعبارة أخرى ، نجبرهم على معالجة المعلومات بسرعة أكبر مما كان ضروريا في المجتمعات الأقل تحركا. ومن ثم فإننا نجعل من بعضهم على الأقل عرضة لفرط التنبيه الإدراكي. أما ما هي الآثار التي يمكن أن يتركها هذا فى الصحة العقلية في مجتمع ما فوق التصنيع ، فأمر ما زال إلى الآن في حاجة إلى أن يحدد
وسواء أكنا نعرض جموعا من الناس لأحمال زائدة من المعلومات أم لا ، إلا أننا ولاشك تؤثر سلبيا في سلوكهم بما نفرضه عليهم من ذلك الشكل الثالث من أشكال فرط التنبيه- ضغط عملية الحسم أو القرار. إن كثيرا من الأفراد المحاصرين داخل بيئات بطيئة التغيير يتحرقون شوقا إلى الانعتاق والانطلاق إلى حيث الأعمال والأدوار التى تتطلب منهم اتخاذ قرارات أسرع وأكثر تعقيدا. ولكن المشكلة تأخذ وضعا عكسيا بين أهل المستقبل. هؤلاء الذين يهرولون بل يعدون ، من عمل إلى عمل وهم يغمغمون: ه قرارات... قرارات..... إن السرفيا يحسونه من عجلة وانفعال هو أن الزوال والحدة والتنوع تفرض مطالب متناقضة ومن ثم تضعهم رهن
قيد موجع


إن دفعة التغيير المتسارعة ومقابلها السيكولوجى- الزوال- يدفعان بنا دفعا إلى الإسراع فيما نتخذه من قرارات خاصة وعامة. إن الاحتياجات الجديدة والطوارئ والأزمات المستجدة تتطلب استجابة سريعة. ثم إن جدة الظروف فى حد ذاتها تأتى معها بتغيير ثورى في طبيعة القرارات التي ينبغي أن تتخذ. إن الحقن السريع للبيئة بالجدة يزعزع التوازن الحساس بين القرارات المنهجية) و ( اللامنهجية » في منظماتنا وفي حياتنا الخاصة على حد سواء.
فالقرار المنهجي هو ذلك القرار الروتيني التكرارى السهل الاتخاذ. إن الراكب الواقف على حافة الرصيف حيث قطار الساعة ٨,٠٥ يخشخش قبل أن يتوقف ، يصعد إلى القطار كما ظل يفعل لشهور وسنوات. لقد قرر منذ زمن أن قطار الساعة ٨,٠٥ هو أنسب مواصلة متاحة له ضمن جدول القطارات. وبالتالى فإن القرار الفعلى بالصعود إلى القطار قرار منهجى. إنه أقرب إلى الفعل المنعكس منه إلى القرار. فالمعيار المائل ، والذي سيؤسس عليه القرار بسيط وواضح. ولأن كل الظروف المحيطة به ظروف مألوفة ، فإن صاحبنا يفكر جاهدا قبل أن يتخذ مثل هذا القرار. إنه ليس مطالبا بمعالجة الكثير من المعلومات. وبهذا المعنى فالقرارات المنهجية لا تكلف العقل كثيرا.
قارن بين هذا القرار ونوع القرارات التي يفكر فيها نفس الراكب وهو في طريقه إلى المدينة ، هل يقبل الوظيفة التى عرضها عليه شركة س. ؟ هل ينبغي له أن يشترى منزلا جديداً ؟ هل ينشى علاقة خاصة بينه وبين سكرتيرته ؟ كيف يستطيع أن يقنع اللجنة الإدارية بالموافقة على اقتراحاته الخاصة بالحملة الإعلانية الجديدة ؟ مثل هذه الأسئلة تتطلب إجابات لا روتينية. إنها تضطره إلى اتخاذ قرارات من نوع قرارات المرة الوحيدة أو من نوع قرارات المرة الأولى التى ستنشئ عادات جديدة وإجراءات سلوكية جديدة. وثمة عوامل عديدة يجب أن تدرس وتوزن ، وكمية ضخمة من المعلومات يجب أن تعالج ، والقرارات قرارات لا منهجية ، إنها تقتضى العقل ثمناً باهضا
والحياة بالنسبة لكل منا مزيج من الاثنين معاً. فإن كانت نسبة القرارات المنهجية في المزيج هى الأعلى ، وجدنا الحياة سخيفة ومملة. فنبدأ أحياناً- لا شعورياً- في البحث عن سبل لإدخال الجدة على حياتنا ، ومن ، ثم تعديل « خلطة » القرارات. ولكن عندما تكون نسبة القرارات اللامنهجية في المزيج أعلى مما ينبغى ، وإذا ما قوبلنا بمواقف مستجدة من الكثرة بحيث تصبح المنهجة أمراً مستحيلا ، تصبح حياتنا بالتالى مشوشة إلى حد مؤلم ، و مرهقة ومفعمة بالقلق ، ومسوقة نحو النهاية- نحو الاضطراب العقلى
لقد كتب برترام. م. جروس أستاذ نظرية التنظيم يقول: « إن السلوك برترام.م.جروس أ الراشد يتضمن تركيباً معقداً من الروتينية والابتكار. والروتين لا غنى عنه لأنه يوفر الطاقات الخلاقة للتعامل مع التشكيلة الأكثر إرباكاً من المشكلات الجديدة والتي سيكون المقترب الروتيني بالنسبة لها مقترباً لا عقلانياً).


ونحن إن لم نستطع أن نمنهج ( الكثير من حياتنا فإننا حريون بأن نقاسي ونتعذب. وكما كتب وليام جيمس يقول: « ليس هناك أشد بؤساً من رجل يكون إشعال كل سيجار بالنسبة له ، واحتساء كل قدح ، وبداية كل نتفة من عمل ، هى محل ترو ، ودراسة ، وتفكير ». لأننا إن لم نمنهج إلى حد كبير من سلوكنا ، أضعنا الكثير من قدرتنا على معالجة المعلومات في سبيل توافه الأمور.
من أجل هذا نكون عاداتنا.. لاحظ لجنة ما وقد عادت لاستئناف اجتماعها بعد فترة الغداء ، فستجد أن كل عضو تقريباً من أعضائها يتجه إلى نفس المقعد الذي كان يجلس عليه من قبل. إن بعض الأنثروبولوجيين ينقبون في نظرية الإقليمية) بحثاً عن تفسير لهذا السلوك. نظرية أن كل إنسان يظل إلى الأبد يحاول أن ينحت لنفسه ( مرجاً » مقدساً. ولكن ثمة تفسيراً أبسط يكمن فى حقيقة أن المنهجة توفر فاقداً لا مبرر له من قدرتنا على معالجة المعلومات ، واختيار نفس المقعد يوفر علينا مؤونة دراسة وتقييم الاحتمالات البديلة
وفى البيئة المألوفة نستطيع أن نعالج الكثير من مشكلات حياتنا بقرارات منهجية لا تكلف كثيراً. ولكن التغيير والجدة يرفعان من الثمن العقلى الذى ندفعه في صنع القرارات. فعندما ننتقل إلى جيرة جديدة مثلا ، فإننا نضطر إلى تعديل علاقاتنا القديمة وإنشاء عادات روتينية جديدة. ولن نستطيع أن نفعل ذلك بدون إلغاء آلاف القرارات المنهجية السابقة ، وصناعة سلسلة كاملة غالية الكلفة من قرارات المرة الأولى اللامنهجية. والواقع أننا سنكون آنذاك مطالبين بإعادة منهجة أنفسنا
ويصدق نفس الشيء تماماً على الوافد دون استعداد على ثقافة غريبة ، وبنفس الدرجة أيضاً يصدق على الرجل الذى مازال يعيش في مجتمعه ثم يقذف به إلى المستقبل دون سابق إنذار. إن مقدم المستقبل في شكل من الجدة والتغيير يعنى على كل ما تعب فى بنائه وتجميعه من روتينات سلوكية.
إنه يكتشف فجأة- لدهشته وفزعه- أن هذه الروتينات القديمة تعقد من مشكلاته بدلا من أن تحلها. فالمطلوب قرارات جديدة لم « تمنهج » بعد وبإيجاز ، فإن الجدة تقلب ميزان مزيجه لصالح القرارات الأصعب والأغلى
حقيقة إن بعض الناس أقدر على تقبل الجديد أكثر من البعض الآخر وإن المزيج الأمثل لكل منا يختلف من فرد لآخر. ولكن عدد ونوع القرارات المطلوبة من أينا لا يقع تحت سيطرته الفردية المطلقة. إن المجتمع هو الذي يحدد أساساً مزيج القرارات التي ينبغي لنا أن نصنع ، والسرعة التي يجب علينا أن نفعل بها ذلك. إن ثمة صراعاً خفياً يدور في حياتنا اليوم بين ضغوط التسارع وضغوط الجدة. إن أحدهما يرغمنا على أن نتخذ قرارات أسرع ، في حين أن الآخر يجبرنا على اتخاذ القرارات الأصعب والأحوج
بالتالي إلى وقت أطول.
إن القلق الناتج من هذا التصادم تزداد أيضاً حدته بفعل اتساع التنوع فثمة أدلة لا مراء فيها على أن زيادة عدد الاختيارات المتاحة أمام الفرد ترفع من كمية المعلومات التي ينبغي له أن يعالجها إذا ما كان سيمارس الانتقاء من بين هذه الاختيارات. لقد أثبتت الاختيارات المعملية على الإنسان والحيوانات أنه كلما زادت الاختيارات أبطأ ز من رد الفعل
إن القلق الناتج من هذا التصادم تزداد أيضاً حدته بفعل اتساع التنوع فثمة أدلة لا مراء فيها على أن زيادة عدد الاختيارات المتاحة أمام الفرد ترفع من كمية المعلومات التي ينبغي له أن يعالجها إذا ما كان سيمارس الانتقاء من بين هذه الاختيارات. لقد أثبتت الاختيارات المعملية على الإنسان والحيوانات أنه كلما زادت الاختيارات أبطأ ز من رد الفعل
إن تصادم هذه المطالب الثلاثة المتضاربة هو الذي تنتج عنه الآن أزمة صنع القرار في المجتمعات المتقدمة تكنولوجيا. وباجتماع هذه الضغوط الثلاثة تنشأ حالة حادة من فرط التنبيه عند مستوى صنع القرار. هذه الحالة تفسر إلى حد كبير لماذا تشعر كتل هائلة من الناس فى هذه المجتمعات بأنهم مسوقون لا حول لهم ، وغير قادرين على صنع مستقبلهم الخاص. والنتيجة الحتمية لتصادم هذه القوى هو تعميق الاعتقاد بأن سباق الجرذان قد صار أشد قسوة ، وأن الأمور قد انفلت عيارها وأصبحت خارج نطاق التحكم: وذلك لأن التسارع المطلق العنان للتغيير العلمى والتكنولوجي والاجتماعي يدمر قدرة الفرد على اتخاذ قرارات معقولة وفعالة فيما يتصل بمصيره.


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

ثورة أحمد بن ال...

ثورة أحمد بن الأحرش الدرقاوي وبقي بها إلى أن تولى بايا بقسنطينة / وحاله لم يتشوش إلى أن قام عليه (ص ...

1 مدخل اضاتكيب ...

1 مدخل اضاتكيب االجتماعي و السياسي في المجتمعات المختلفة ، كما يعبر عن االفتريعكس اإلعالم عادة التر ...

- الأهمية المنه...

- الأهمية المنهجية لاستخدام البراديغم في البحوث العلمية: يرى "كون" أن البراديغمات تكتسب مرتبتها لأن...

 < ;89:76...

 < ;89:76ponml k jihgfed ,/)? @9)2, A) B /) ( 9) /) B C D, ,9F GH ...

ومن هذه التفسير...

ومن هذه التفسيرات: «حيوية الدولة» (محمّد عنان)، (القوة الحيوية للشعب» (محمد کامل عياد)، «القوة المحر...

ماريلا التي ستخ...

ماريلا التي ستخرج بعد الظهر ، اقترحت دعوة ديانا لتناول الشاي ، وصلت ديانا بعد ظهر ذلك اليوم على الفو...

1تعريف القيم : ...

1تعريف القيم : التعريف اللغوي جاء في اللسان: "القيمة واحدة القيم، وأصله الواو: لأنه يقوم مقام الشيء"...

عن مكان تدفق اأ...

عن مكان تدفق األسمدة فيه، ّ ألن الطحالب ُّ ب ١ .تنمو الجماعة الحيوية للطحالب ويزداد عددها بسرعة في ...

وبينهما في التأ...

وبينهما في التأثير ما بين السماء والأرض، وربما كان ذلك بسبب أسلوب العرض؛ فترى أن نفوس الناس قد أقبلت...

أ ـ يستحب الذكر...

أ ـ يستحب الذكر بعد الصلوات المفروضات من غير فصل بنافلة، لما رواه أبو داود: «... فَقَامَ الرَّجُلُ ا...

النظرية البيروق...

النظرية البيروقراطية: يعتبر نموذج خاص بالتنظيم وتقوم على أساس مجموعة من السمات يمكن تلخيصها فيما يل...

في اطار جهود ال...

في اطار جهود المملكة لمكافحة المخدرات تعمل هيئة الرقابة الدوائية العامة على العديد من الاتجاهات للحد...