لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (50%)

لمطلب الثاني: موقف المشرع الجزائري حيال المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي.تكريسا للمواقف الفقهية حيال مدى إمكانية قيام المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي اختلفت التشريعات حيال إقرارها، فهناك من التشريعات التي انتهجت الاتجاه المعارض لقيامها، مثل القانون الألماني الذي لا يعترف بها بحيث إنه عند وقوع الجريمة في نطاق أعمال الشخص المعنوي يسأل ممثلها " الشخص الطبيعي"، بينما تبقى الجريمة التي ارتكبها الشخص المعنوي ذات طابع إداري ترصد لها جزاءات إدارية.بينما أخذت تشريعات أخرى بالاتجاه المؤيد لمسؤولية الشخص المعنوي على الصعيد الجنائي (19) مثل القانون الانجليزي الذي يعد أقدم التشريعات التي أخذت بالاتجاه المؤيد لمسؤولية الشخص المعنوي على الصعيد الجنائي، وكذا القانون الفرنسي الصادر سنة 1992 الساري مفعوله إلى يومنا هذا بعد أن كان لا يعترف بها، بينما لم يعترف بها المشرع السعودي (20) وكذلك التونسي كقاعدة عامة إلا في أحوال استثنائية (21).أما عن موقف مشرعنا الوطني فقد انتقل بالتدرج من عدم إقرارها إلى غاية الاعتراف الصريح بها، وتعميمها في كل المنظومة القانونية، إذ تعتبر التعديلات الواردة على قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجزائية سنة 2004 معيار التمييز بين المواقف المتباينة التي مرت بالجزائر حيال المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي.الفرع الأول: مرحلة ما قبل سنة 2004
قبل صدور التعديلات التي مست المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي وآثارها، وكل ما يخص متابعة الشخص المعنوي جزائيا كان المشرع الجزائري في البداية لا يعترف بها لينتقل بعد ذلك لاعتراف جزئي بموجب بعض القوانين الخاصة.أولا ـ مرحلة عدم الاعتراف بالمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي
وهي المرحلة التي كان فيها الأمر 66/156 (22) المتضمن قانون العقوبات لا يتضمن إقرارا بالمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي وهو أمر مبرر آنذاك، بحيث إنه قبل صدور الأمر 75/58 (23) لم يكن هناك اعتراف بالشخصية القانونية للشخص المعنوي، هنا نكون أمام موقف صريح رافض لمساءلة الشخص المعنوي جزائيا.إلا أنه تم اعتبار موقف المشرع الجزائري آنذاك إقرارا ضمنيا بها، على أساس الكثير من العبارات المتضمنة في قانون العقوبات آنذاك مثل ما ورد في المادة 9 منه بخصوص اعتبار حَلّ الشخص المعنوي عقوبة تكميلية يجوز الحكم بها في مواد الجنح والجنايات ، كذلك ما ورد في المادة 17 منه بشأن "إغلاق المؤسسة نهائيا أو مؤقتا" في حالات محددة بنص القانون ، كذلك نص المادة 26 منه بخصوص منع الشخص المعنوي من ممارسة نشاطه ، إلا أن الأستاذ رضا فرج اعتبر كل هذه العبارات تدل على تدابير أمنية تطبق في مواجهة الأشخاص الطبيعيين، بحيث إن المشرع الجزائري لم يسلم كقاعدة عامة بالمسؤولية الجزائية للأشخاص الاعتباريين، وإنما توقع احتمال صدور نصوص خاصة لتجريم بعض الأفعال مع توقيع عقوبات جنائية، لذلك حرص النص على العقوبات التكميلية، وعلى تدابير الأمن التي توقع على الشخص الاعتباري الذي تصدر بشأنه عقوبة جنائية. (24)
أما ما ورد في المادة 647 من قانون الإجراءات الجزائية آنذاك (25) بخصوص ضرورة فرض إنشاء صحيفة للسوابق القضائية لتقييد العقوبات التي تطبق على الشركات التجارية، فقد اعتبرها الأستاذ رضا فرج بعيدة عن الإقرار الضمني بالمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي، وإنما أرجع ذلك إلى أحكام استثنائية تقرر بموجب نصوص خاصة تعاقب الشخص المعنوي.ثانيا ـ مرحلة الاعتراف الجزئي بالمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي
سمينا هذه المرحلة بالاعتراف الجزئي للدلالة على أن قانون العقوبات الجزائري لم يعترف بالمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي من جهة، ومن جهة أخرى كرس هذه المسؤولية بموجب قوانين خاصة نذكر منها الأمر 75/37 (26) المتعلق بالأسعار وقمع المخالفات الخاصة بتنظيم الأسعار حيث أقرت المادة 61 منه صراحة هذه المسؤولية حيث ورد فيها :" عندما تكون المخالفات المتعلقة بأحكام هذا الأمر مرتكبة من القائمين بإدارة الشخص المعنوي أو مسيريه أو مديريه ، باسم ولحساب الشخص المعنوي يلاحق هذا الأخير وتصدر بحقه العقوبات المالية المنصوص عليها في هذا الأمر ، فضلا عن الملاحقات التي تجري بحق هؤلاء في حالة ارتكابهم خطأ عمديا " ، كما نصت المادة 303 من قانون المالية 1992 (27) المتعلق بالرسم على رقم الأعمال على أنه: " عندما ترتكب المخالفة من شركة أو شخص معنوي آخر تابع للقانون الخاص يصدر الحكم بعقوبات الحبس المستحقة وبالعقوبات التكميلية ضد المتصرفين والممثلين الشرعيين أو القانونيين للمجموعة ، ويصدر الحكم بالغرامات الجزائية ضد المتصرفين أو الممثلين الشرعيين وضد الشخص المعنوي .".
ونشير كذلك لما ورد في المادة 5 من الأمر 96/22 (28) المتعلق بقمع مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج؛ حيث نص على أنه: " تطبق على الشخص المعنوي الذي ارتكب المخالفات المنصوص عليها في المادتين 1 و2 من هذا الأمر للعقوبات التالية، دون المساس بالمسؤولية الجزائية للممثلين الشرعيين".وقد تدارك المشرع الجزائري الخطأ الذي وقع فيه وذلك بموجب الأمر 03/01 (29) المعدل للقانون السالف الذكر؛ حيث حصر نطاق الأشخاص المعنويين المعنيين بالمسؤولية الجزائية في دائرة الخاضعين للقانون الخاص (30) لتتغير المادة 5 منه وتصبح على النحو التالي: " يعتبر الشخص المعنوي الخاضع للقانون الخاص دون المساس بالمسؤولية الجزائية للممثلين الشرعيين مسؤولا عن (مخالفات الصرف) المرتكبة لحسابه من قبل أجهزته أو ممثليه الشرعيين".الفرع الثاني: مرحلة ما بعد سنة 2004
مواكبة من المشرع الجزائري للتطورات العالمية والمحلية في مختلف جوانب الحياة السياسية ، الاقتصادية والاجتماعية ، أصبح من الضروري الإقرار بالمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي الذي تزايدت أعداده، وتعاظمت نشاطاته ومنه توسعت إمكانية ارتكابه جرائم جسيمة تلحق أضرارا تفوق ما يأتي به إجرام الأشخاص الطبيعيين، لذلك قرر المشرع الجزائري بموجب التعديلات التي مست قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجزائية وبموجب قوانين خاصة تلت هذه التعديلات استحداث مسؤولية جنائية محددة المعالم من حيث الأشخاص المعنويون والشروط المتطلبة لقيامها،فبالرجوع إلى القانون 04/15(31) المتعلق بقانون العقوبات نلحظ المواد 15 مكرر إلى 18 مكرر 3 التي تحدد العقوبات المطبقة على الأشخاص المعنويين، وذلك في الباب الأول مكرر بعنوان " العقوبات وتدابير الأمن" وهو ما سنبرزه في أوانه.كما ورد في المادة 51 مكرر التي تناولت شروط قيام المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي كما سنبينه لاحقا.كذلك المادة 53 مكرر 7 التي تناولت ظروف تخفيف العقوبة على الشخص المعنوي، وظروف تشديدها في المواد 53 مكرر 8، 54 مكرر 5، 54 مكرر 9 التي وردت في الفصل الثالث "شخصية العقوبة"، كما ذهب المشرع إلى وضع نصوص جديدة تحدد الجرائم المرتكبة من الشخص المعنوي في الكتاب الثالث بعنوان " الجنايات والجنح وعقوبتها" التابع للجزء الثاني بعنوان " التجريم " وسنذكر بعضها لاحقا.أما التعديل 04/14 (32) المتعلق بقانون الإجراءات الجزائية فقد ورد في مواده من 65 مكرر إلى 65 مكرر 4 تحديد الاختصاص القضائي المحلي، إجراءات التحقيق والمحاكمة وتمثيله خلال هذه الأطوار، وذلك في الفصل الثالث بعنوان " في المتابعة الجزائية للشخص المعنوي "التابع للباب الثاني بعنوان" في التحقيقات " من الكتاب الأول بعنوان " في مباشرة الدعوى العمومية وإجراء التحقيق"، كل هذه الأمور تدل على العناية الفائقة التي أولاها المشرع الجزائري لموضوع المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي مواكبة للتطورات العالمية والمحلية على مستوى كل الأصعدة .المبحث الثاني: شروط وأثر قيام المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي
حتى يكون الشخص المعنوي مسؤولا جزائيا يجب أن يكون من أشخاص القانون الخاص، كما يجب أن يحدد القانون الجرائم التي تتحدد فيها مسؤوليته، والتي يجب أن يأتي بها باسمه ولحسابه، ليترتب عن ذلك حق الدولة في معاقبته ومنه تحقيق الردع العام.المطلب الأول: شروط قيام المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي
تنص المادة 51 مكرر من قانون العقوبات الجزائري على ما يلي: " باستثناء الدولة والجماعات المحلية والأشخاص الخاضعة للقانون العام يكون الشخص المعنوي مسؤولا جزائيا عن الجرائم التي ترتكب لحسابه من طرف أجهزته أو ممثليه الشرعيين عندما ينص القانون على ذلك.إن المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي لا تمنع مساءلة الشخص الطبيعي كفاعل أصلي أو كشريك في نفس الأفعال"
ومنه نخلص الى القول بأن المادة 51 مكرر أعلاه حددت شروط قيام المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي منها شروط تتعلق بالشخص المعنوي محل المساءلة، والذي يجب أن يكون خاضعا للقانون الخاص، وأن تكون مسؤوليته منصوصا عليها صراحة بنص القانون (الفرع الأول)، وهناك شروط تتعلق بمظهر الجريمة محل المساءلة؛ إذ يجب أن ترتكب الجريمة لحساب الشخص المعنوي، وأن يتم ارتكابها من ممثله الشرعي (الفرع الثاني).الفرع الأول: شروط تتعلق بالشخص المعنوي محل المسائلة.أولا ـ أن يكون الشخص المعنوي خاضعا للقانون الخاص: حدد المشرع الجزائري الأشخاص المعنويين المسؤولين جزائيا ، وهو ما انتهجته معظم التشريعات التي تُقر بمبدأ مسؤولية هؤلاء الأشخاص( 33) ، هذا التحديد يستند إلى تقسيم الأشخاص المعنويين إلى أشخاص معنويين عامة وأشخاص معنويين خاصة (34) إذ إن المادة 51 مكرر من قانون العقوبات السالفة الذكر استثنت صراحة الأشخاص المعنويين العامين، وكان ذلك نتيجة آراء فقهية تستبعد مسؤوليتها الجزائية ، إذ إنه منذ الحرب العالمية الأولى والثانية دارت الأبحاث حول تقرير مسؤوليتها على الصعيد الدولي، ووضع الأستاذ ألبرت لوفيت مشروع قانون عقوبات دولي في عشرة مواد مع اقتراح آخر من الأستاذ رو بخصوص إنشاء محكمة نقض دولية ، كما أنه أثناء الحرب العالمية الثانية التي انتهت بهزيمة ألمانيا النازية تجددت المحاولات الهادفة إلى تقرير تلك المسؤولية للتنكيل بالمنهزمين وإشباع رغبة المنتصر (35) لكن يبقى هذا الأمر على الصعيد الدولي ، أما على الصعيد الداخلي فقد تم استبعاد قيام المسؤولية الجنائية للأشخاص المعنويين العامين على أساس أن ذلك يتناقض مع مبادئ القانون العام الذي يهدف لإشباع الحاجيات العامة ( 36) كما أن مساءلة الشخص المعنوي العام يمس بمبدأ العدالة؛ إذ إن هؤلاء الأشخاص المعنويين يعملون لحساب ومصلحة الكافة، فهي تهدف إلى تحقيق الصالح العام فمعاقبتها يؤدي الى إهدار المصلحة العامة.كما يرى جانب من الفقه أن إقرار مسؤوليتها الجنائية يؤدي إلى انكسار مبدأ المساواة أمام الأعباء العامة بين الأفراد أو المواطنين، لأن بعضهم يستحقون العواقب الجنائية دون البعض الآخر رغم أنهم لم يرتكبوا أي جرم، كما هو الحال بالنسبة للبلدية أو الولاية عند إدانتها في جريمة، وإلزامها بدفع الغرامة فإنها تلجأ إلى فرض ضرائب إضافية على المواطنين لسدادها ويقتصر هذا على المواطنين المقيمين فيها، وهو ما يؤدي إلى تضررهم (37).بينما تسأل الأشخاص المعنويين الخاضعين للقانون الخاص مهما كان الشكل الذي تتخذه (مدنية أو تجارية) وأيا كان شكل إدارتها، مهما كان هدفها سواء كان ربحيا أو دون مقابل، وكذا كل الجماعات ذات الطابع الاجتماعي أو الثقافي أو الرياضي ذات الأهداف الاقتصادية، مع ملاحظة أن العبرة بالشخصية القانونية، إذ إن شركة المحاصة والشركة الفعلية لا تسأل جنائيا لعدم تمتعها بالشخصية القانونية. ثانيا ـ نص القانون على مسؤولية الشخص المعنوي جزائيا (38): أخذ المشرع الجزائري بمبدأ التخصص بحيث رصد نصوصا صريحة تحدد الجرائم محل المساءلة (39)، نذكر بعضا من النصوص على سبيل المثال للدلالة على حالات يكون فيها الشخص المعنوي مسؤولا جنائيا، فقد نصت المادة 253 مكرر من قانون العقوبات على ما يلي: " يكون الشخص المعنوي مسؤولا جزائيا عن الجرائم المحددة في هذا الفصل، وذلك طبقا للشروط المنصوص عليها في المادة 51 مكرر من هذا القانون.تطبق على الشخص المعنوي العقوبات المنصوص عليها في المادة 18 مكرر، وعند الاقتضاء تلك المنصوص عليها في المادة 18 مكرر2 من هذا القانون.ويتعرض أيضا لواحدة أو أكثر من العقوبات التكميلية المنصوص عليها من المادة 18 مكرر "، وذلك بشأن جرائم التزوير المنصوص عليها في الفصل السابع بعنوان "التزوير" التابع للباب الأول بعنوان " الجنايات والجنح وعقوبتها"
كما نذكر أن المادة 382 مكرر 1 من قانون العقوبات بشأن الجرائم المتعلقة بالأموال تنص على أنه: " يمكن أن يكون الشخص المعنوي مسؤولا جزائيا عن الجرائم المحددة في الأقسام 1 و2 و3 من هذا الفصل، وذلك طبقا للشروط المنصوص عليها في المادة 51 مكرر".الفرع الثاني: شروط تتعلق بمظهر الجريمة محل المساءلة
لا يكفي لكي يكون الشخص المعنوي مسؤولا جزائيا بمجرد أن يكون من أشخاص القانون الخاص، بل لابد أن ترتكب الجريمة من شخص طبيعي يعبر عن إرادته، و هنا نجد بعض الفقهاء مثل الفقيه ميستر يذهب إلى التفرقة بين العضو والممثل، حيث اعتبر العضو هو الفرد أو مجموعة الأفراد المنوط بهم اتخاذ القرارات باسم الشخص المعنوي، أما الممثل فيناط به مجرد وظيفة بسيطة يشغلها، ولا تعد قراراته صادرة عن الشخص المعنوي بطريقة مباشرة(40)
ويلاحظ أن المشرع الجزائري جنّب نفسه مشقة البحث عن التفرقة بين الممثل والعضو تفاديا لما قد يترتب عن هذه التفرقة؛ بحيث حدد المقصودين من عبارة "الممثل الشرعي" ( 41 ) وذلك بموجب المادة 65 مكرر 2 الفقرة 2 من قانون الإجراءات الجزائية التي تنص على أن: ". الممثل القانوني للشخص المعنوي هو الشخص الطبيعي الذي يخوله القانون أو القانون الأساسي للشخص المعنوي تفويضا لتمثيله." وبالتالي تم استبعاد مستخدمي الشخص المعنوي غير المفوضين لتمثيله ، فما يرتكبونه من جرائم بصدد وظائفهم لا تحسب على الشخص المعنوي التابعين له،ويجدر التنويه بما قد يثار من صعوبات بصدد الجرائم السلبية (الإهمال/الامتناع) فيما يتعلق بتحديد الشخص الطبيعي المرتكب للجريمة بصفته ممثلا شرعيا في حالة تعددهم، ودور كل واحد منهم، كما أن مسؤولية الشخص المعنوي تتحدد بقدر دور ممثله الشرعي في الجريمة (فاعل أصلي/شريك) وتبقى مسؤولية الشخص المعنوي الجزائية قائمة حتى ولو كان ممثلها الشرعي مجهولا، وهذه الحالة قد تكون في حالة اشتراك العديد من الممثلين الشرعيين في اتخاذ قرارات الشخص المعنوي.هذا الأمر يقودنا لشرط آخر وهو أن ترتكب الجريمة لحساب الشخص المعنوي، وليس لمجرد تحقيق هدف شخصي لممثليه الشرعيين، حيث نصت المادة 51 مكرر من قانون العقوبات على ما يلي:
".. يكون الشخص المعنوي مسؤولا جزائيا عن الجرائم التي ترتكب لحسابه من طرف أجهزته أو ممثليه الشرعيين عندما ينص القانون على ذلك .والمقصود من عبارة "لحسابه" هي كل ما يكون من الأفعال التي تخدم المصالح المادية و المعنوية سواء كانت بتحقيق هدف معين، أو التهرب من خسارة سواء كان ذلك محققا أو ممكنا.إن قيام المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي يترتب عليها أثر يعتبر هو الهدف من وراء كل المحاولات الرامية لمحاسبة الشخص المعنوي جزائيا،وقد أصبح توقيع العقاب على الشخص المعنوي ضرورة ملحة لا غنى عنها، لذا فالحل الأمثل هو توقيع العقاب على الشخص المعنوي ذاته، ومن ثم تأييد موقف الفقه الحديث.الفرع الأول: العقوبات الأصلية التي تطبق على الشخص المعنوي
وهي العقوبات الواردة بنص المادة 18 مكرر من قانون العقوبات الجزائري بحيث رصدت للشخص المعنوي في كل من مواد الجنايات والجنح عقوبة أصلية تتمثل في الغرامة التي تساوي من مرة واحدة إلى 05 مرات الحد الأقصى وهي إلزام المحكوم عليه بدفع مبلغ من المال إلى خزينة الدولة، وتعتبر الغرامة من أهم العقوبات التي تطبق على الشخص المعنوي وأنسبها (42)
كما نصت المادة 18 مكرر 1 بصورة صريحة على هذه العقوبات في مواد لا تثير أي لبس على النحو التالي: " العقوبات التي تطبق على الشخص المعنوي في المخالفات هي: الغرامة التي تساوي من 01 مرة إلى 5 مرات الحد الأقصى للغرامة المقررة للشخص الطبيعي في القانون الذي يعاقب على الجريمة، كما يمكن الحكم بمصادرة الشيء الذي استعمل في ارتكاب الجريمة أو نتج عنها". مع العلم أنه إذا لم يحدد المشرع غرامة معينة للشخص الطبيعي فإن حساب الغرامة للشخص المعنوي يكون حسب المادة 18 مكرر 2 المستحدثة بموجب التعديل 06/23 43 المتعلق بقانون العقوبات كالآتي:
ـ إذا كانت عقوبة الشخص الطبيعي هي الإعدام والسجن المؤبد، تكون الغرامة بالنسبة للشخص المعنوي 2.000.000 دج ـ إذا كانت عقوبة الشخص الطبيعي هي السجن المؤقت فإن عقوبة الشخص المعنوي هي 1.000.000 دج.ـ إذا كانت الجريمة جنحة فإن عقوبة الشخص المعنوي 500.000 دج.لهذه العقوبات المالية دور في تحقيق العدالة إذ إن فرض غرامات مالية تصل إلى خمسة أضعاف ما يفرض على الشخص الطبيعي في الجرائم المماثلة يحقق التناسب بين عدم التزام الشخص المعنوي بالتقيد بالقانون، وجسامة الأضرار الناجمة عن ذلك، هذا من جهة ومن جهة أخرى، فإن ضآلة الغرامات المالية المفروضة على الشخص المعنوي تدفعه إلى الإهمال والاستهتار لما يملكه من أموال.الفرع الثاني: العقوبات التكميلية التي تطبق على الشخص المعنوي
كما حددت المادة 18 مكرر عقوبات تكميلية "في مواد الجنح والجنايات" تطبق واحدة منها أو أكثر، وقد وردت بالترتيب الآتي:
أولا ـ حل الشخص المعنوي: وهي عقوبة بمثابة الإعدام تجاه الشخص الطبيعي والمقصود بها كعقوبة هو إنهاء وجود الشخص المعنوي، مع العلم أن القانون لم يلزم القاضي بالنطق بها؛ إذ تبقى له السلطة التقديرية إزاءها. ثانيا ـ غلق المؤسسة أو فرع من فروعها لمدة لا تتجاوز 05 سنوات: إلا أن الملاحظ قبل تعديل 06/23 المتعلق بقانون العقوبات السالف الذكر أن هذه العقوبة كانت عقوبة أصلية من قبيل التدابير العينية التي تطبق على الشخص المعنوي.ثالثا ـ الاقصاء من الصفقات العمومية لمدة لا تتجاوز 05 سنوات: وقد يكون هذا المنع بصفة مباشرة أو غير مباشرة، ويبقى القاضي متمتعا بالسلطة التقديرية في تحديد هذه النشاطات، ويقصد بها أن يستبعد الشخص المعنوي المدان من كل صفقة تبرمها الدولة وجماعاتها المحلية ومؤسساتها العامة، وبصفة عامة كل المشاريع التي تلجأ طواعية أو على سبيل الإلزام إلى تطبيق إجراءات قانون الصفقات العمومية.رابعا ـ المصادرة: وذلك بمصادرة الشيء الذي أستعمل في ارتكاب الجريمة أو نتج عنها، والمصادرة هي نزع ملكية مال من صاحبه جبرا، وإضافته إلى ملكية الدولة دون مقابل، كما أنه لا يترتب على نزع ملكية هذا المال أي خصم من مقدار الضرائب المستحقة عليها، فهي ذات أثر مزدوج بالنسبة للشركات التجارية (الشخص المعنوي) إذ تتعرض لعقوبة جزائية من جهة، ومن جهة أخرى إلى خسارة المال المصادر، أضف إلى ذلك الانخفاض في رقم أعمالها، وذلك يعود لانخفاض في مردود إنتاجها (44 )
خامسا ـ نشر وتعليق حكم الإدانة: وهو ما يلحق أضرارا بسمعة الشخص المعنوي، ويقصد بالحراسة القضائية الوضع تحت إشراف القضاء لمدة معينة، وطبيعة هذه العقوبة تقترب من نظام الرقابة القضائية الذي يؤمر به أثناء مرحلة التحقيق القضائي ضد الشخص الطبيعي، ويتمثل الهدف من هذه المراقبة التأكد بأن الشخص المعنوي المحكوم عليه يحترم الأنظمة التي تحكم المعاملات التجارية، والتي تنظم نشاطاتها(46 ) .خاتمة
إن فكرة المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي كانت فكرة غير مطروحة قبل مدة وجيزة ، وقد تمخض عنها اتجاهان فقهيان: الأول يعارض مساءلة الشخص المعنوي جزائيا وأرجع ذلك لطبيعته المفترضة،


النص الأصلي

لمطلب الثاني: موقف المشرع الجزائري حيال المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي.


تكريسا للمواقف الفقهية حيال مدى إمكانية قيام المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي اختلفت التشريعات حيال إقرارها، فهناك من التشريعات التي انتهجت الاتجاه المعارض لقيامها، مثل القانون الألماني الذي لا يعترف بها بحيث إنه عند وقوع الجريمة في نطاق أعمال الشخص المعنوي يسأل ممثلها " الشخص الطبيعي"، بينما تبقى الجريمة التي ارتكبها الشخص المعنوي ذات طابع إداري ترصد لها جزاءات إدارية.


بينما أخذت تشريعات أخرى بالاتجاه المؤيد لمسؤولية الشخص المعنوي على الصعيد الجنائي (19) مثل القانون الانجليزي الذي يعد أقدم التشريعات التي أخذت بالاتجاه المؤيد لمسؤولية الشخص المعنوي على الصعيد الجنائي، وكذا القانون الفرنسي الصادر سنة 1992 الساري مفعوله إلى يومنا هذا بعد أن كان لا يعترف بها، بينما لم يعترف بها المشرع السعودي (20) وكذلك التونسي كقاعدة عامة إلا في أحوال استثنائية (21).


أما عن موقف مشرعنا الوطني فقد انتقل بالتدرج من عدم إقرارها إلى غاية الاعتراف الصريح بها، وتعميمها في كل المنظومة القانونية، إذ تعتبر التعديلات الواردة على قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجزائية سنة 2004 معيار التمييز بين المواقف المتباينة التي مرت بالجزائر حيال المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي.


الفرع الأول: مرحلة ما قبل سنة 2004


قبل صدور التعديلات التي مست المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي وآثارها، وكل ما يخص متابعة الشخص المعنوي جزائيا كان المشرع الجزائري في البداية لا يعترف بها لينتقل بعد ذلك لاعتراف جزئي بموجب بعض القوانين الخاصة.


أولا ـ مرحلة عدم الاعتراف بالمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي


وهي المرحلة التي كان فيها الأمر 66/156 (22) المتضمن قانون العقوبات لا يتضمن إقرارا بالمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي وهو أمر مبرر آنذاك، بحيث إنه قبل صدور الأمر 75/58 (23) لم يكن هناك اعتراف بالشخصية القانونية للشخص المعنوي، هنا نكون أمام موقف صريح رافض لمساءلة الشخص المعنوي جزائيا.


إلا أنه تم اعتبار موقف المشرع الجزائري آنذاك إقرارا ضمنيا بها، على أساس الكثير من العبارات المتضمنة في قانون العقوبات آنذاك مثل ما ورد في المادة 9 منه بخصوص اعتبار حَلّ الشخص المعنوي عقوبة تكميلية يجوز الحكم بها في مواد الجنح والجنايات ، كذلك ما ورد في المادة 17 منه بشأن "إغلاق المؤسسة نهائيا أو مؤقتا" في حالات محددة بنص القانون ، كذلك نص المادة 26 منه بخصوص منع الشخص المعنوي من ممارسة نشاطه ، إلا أن الأستاذ رضا فرج اعتبر كل هذه العبارات تدل على تدابير أمنية تطبق في مواجهة الأشخاص الطبيعيين، بحيث إن المشرع الجزائري لم يسلم كقاعدة عامة بالمسؤولية الجزائية للأشخاص الاعتباريين، وإنما توقع احتمال صدور نصوص خاصة لتجريم بعض الأفعال مع توقيع عقوبات جنائية، لذلك حرص النص على العقوبات التكميلية، وعلى تدابير الأمن التي توقع على الشخص الاعتباري الذي تصدر بشأنه عقوبة جنائية. (24)


أما ما ورد في المادة 647 من قانون الإجراءات الجزائية آنذاك (25) بخصوص ضرورة فرض إنشاء صحيفة للسوابق القضائية لتقييد العقوبات التي تطبق على الشركات التجارية، فقد اعتبرها الأستاذ رضا فرج بعيدة عن الإقرار الضمني بالمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي، وإنما أرجع ذلك إلى أحكام استثنائية تقرر بموجب نصوص خاصة تعاقب الشخص المعنوي.


ثانيا ـ مرحلة الاعتراف الجزئي بالمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي


سمينا هذه المرحلة بالاعتراف الجزئي للدلالة على أن قانون العقوبات الجزائري لم يعترف بالمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي من جهة، ومن جهة أخرى كرس هذه المسؤولية بموجب قوانين خاصة نذكر منها الأمر 75/37 (26) المتعلق بالأسعار وقمع المخالفات الخاصة بتنظيم الأسعار حيث أقرت المادة 61 منه صراحة هذه المسؤولية حيث ورد فيها :" عندما تكون المخالفات المتعلقة بأحكام هذا الأمر مرتكبة من القائمين بإدارة الشخص المعنوي أو مسيريه أو مديريه ، باسم ولحساب الشخص المعنوي يلاحق هذا الأخير وتصدر بحقه العقوبات المالية المنصوص عليها في هذا الأمر ، فضلا عن الملاحقات التي تجري بحق هؤلاء في حالة ارتكابهم خطأ عمديا " ، كما نصت المادة 303 من قانون المالية 1992 (27) المتعلق بالرسم على رقم الأعمال على أنه: " عندما ترتكب المخالفة من شركة أو شخص معنوي آخر تابع للقانون الخاص يصدر الحكم بعقوبات الحبس المستحقة وبالعقوبات التكميلية ضد المتصرفين والممثلين الشرعيين أو القانونيين للمجموعة ، ويصدر الحكم بالغرامات الجزائية ضد المتصرفين أو الممثلين الشرعيين وضد الشخص المعنوي ...".


ونشير كذلك لما ورد في المادة 5 من الأمر 96/22 (28) المتعلق بقمع مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج؛ حيث نص على أنه: " تطبق على الشخص المعنوي الذي ارتكب المخالفات المنصوص عليها في المادتين 1 و2 من هذا الأمر للعقوبات التالية، دون المساس بالمسؤولية الجزائية للممثلين الشرعيين".


وقد تدارك المشرع الجزائري الخطأ الذي وقع فيه وذلك بموجب الأمر 03/01 (29) المعدل للقانون السالف الذكر؛ حيث حصر نطاق الأشخاص المعنويين المعنيين بالمسؤولية الجزائية في دائرة الخاضعين للقانون الخاص (30) لتتغير المادة 5 منه وتصبح على النحو التالي: " يعتبر الشخص المعنوي الخاضع للقانون الخاص دون المساس بالمسؤولية الجزائية للممثلين الشرعيين مسؤولا عن (مخالفات الصرف) المرتكبة لحسابه من قبل أجهزته أو ممثليه الشرعيين".


الفرع الثاني: مرحلة ما بعد سنة 2004


مواكبة من المشرع الجزائري للتطورات العالمية والمحلية في مختلف جوانب الحياة السياسية ، الاقتصادية والاجتماعية ، أصبح من الضروري الإقرار بالمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي الذي تزايدت أعداده، وتعاظمت نشاطاته ومنه توسعت إمكانية ارتكابه جرائم جسيمة تلحق أضرارا تفوق ما يأتي به إجرام الأشخاص الطبيعيين، لذلك قرر المشرع الجزائري بموجب التعديلات التي مست قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجزائية وبموجب قوانين خاصة تلت هذه التعديلات استحداث مسؤولية جنائية محددة المعالم من حيث الأشخاص المعنويون والشروط المتطلبة لقيامها، مع الحفاظ على مساءلة الأشخاص الطبيعيين فاعلين كانوا أم شركاء في الجريمة التي يرتكبها الشخص المعنوي.


فبالرجوع إلى القانون 04/15(31) المتعلق بقانون العقوبات نلحظ المواد 15 مكرر إلى 18 مكرر 3 التي تحدد العقوبات المطبقة على الأشخاص المعنويين، وذلك في الباب الأول مكرر بعنوان " العقوبات وتدابير الأمن" وهو ما سنبرزه في أوانه.


كما ورد في المادة 51 مكرر التي تناولت شروط قيام المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي كما سنبينه لاحقا.


كذلك المادة 53 مكرر 7 التي تناولت ظروف تخفيف العقوبة على الشخص المعنوي، وظروف تشديدها في المواد 53 مكرر 8، 54 مكرر 5، 54 مكرر 9 التي وردت في الفصل الثالث "شخصية العقوبة"، كما ذهب المشرع إلى وضع نصوص جديدة تحدد الجرائم المرتكبة من الشخص المعنوي في الكتاب الثالث بعنوان " الجنايات والجنح وعقوبتها" التابع للجزء الثاني بعنوان " التجريم " وسنذكر بعضها لاحقا.


أما التعديل 04/14 (32) المتعلق بقانون الإجراءات الجزائية فقد ورد في مواده من 65 مكرر إلى 65 مكرر 4 تحديد الاختصاص القضائي المحلي، إجراءات التحقيق والمحاكمة وتمثيله خلال هذه الأطوار، وذلك في الفصل الثالث بعنوان " في المتابعة الجزائية للشخص المعنوي "التابع للباب الثاني بعنوان" في التحقيقات " من الكتاب الأول بعنوان " في مباشرة الدعوى العمومية وإجراء التحقيق"، كل هذه الأمور تدل على العناية الفائقة التي أولاها المشرع الجزائري لموضوع المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي مواكبة للتطورات العالمية والمحلية على مستوى كل الأصعدة .


المبحث الثاني: شروط وأثر قيام المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي


حتى يكون الشخص المعنوي مسؤولا جزائيا يجب أن يكون من أشخاص القانون الخاص، كما يجب أن يحدد القانون الجرائم التي تتحدد فيها مسؤوليته، والتي يجب أن يأتي بها باسمه ولحسابه، ليترتب عن ذلك حق الدولة في معاقبته ومنه تحقيق الردع العام.


لذلك سنتناول كلا من شروط قيام المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي (المطلب الأول) ثم الأثر المترتب وهو عقاب الشخص المعنوي (المطلب الثاني).


المطلب الأول: شروط قيام المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي


تنص المادة 51 مكرر من قانون العقوبات الجزائري على ما يلي: " باستثناء الدولة والجماعات المحلية والأشخاص الخاضعة للقانون العام يكون الشخص المعنوي مسؤولا جزائيا عن الجرائم التي ترتكب لحسابه من طرف أجهزته أو ممثليه الشرعيين عندما ينص القانون على ذلك.


إن المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي لا تمنع مساءلة الشخص الطبيعي كفاعل أصلي أو كشريك في نفس الأفعال"


ومنه نخلص الى القول بأن المادة 51 مكرر أعلاه حددت شروط قيام المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي منها شروط تتعلق بالشخص المعنوي محل المساءلة، والذي يجب أن يكون خاضعا للقانون الخاص، وأن تكون مسؤوليته منصوصا عليها صراحة بنص القانون (الفرع الأول)، وهناك شروط تتعلق بمظهر الجريمة محل المساءلة؛ إذ يجب أن ترتكب الجريمة لحساب الشخص المعنوي، وأن يتم ارتكابها من ممثله الشرعي (الفرع الثاني).


الفرع الأول: شروط تتعلق بالشخص المعنوي محل المسائلة.


أولا ـ أن يكون الشخص المعنوي خاضعا للقانون الخاص: حدد المشرع الجزائري الأشخاص المعنويين المسؤولين جزائيا ، وهو ما انتهجته معظم التشريعات التي تُقر بمبدأ مسؤولية هؤلاء الأشخاص( 33) ، هذا التحديد يستند إلى تقسيم الأشخاص المعنويين إلى أشخاص معنويين عامة وأشخاص معنويين خاصة (34) إذ إن المادة 51 مكرر من قانون العقوبات السالفة الذكر استثنت صراحة الأشخاص المعنويين العامين، وكان ذلك نتيجة آراء فقهية تستبعد مسؤوليتها الجزائية ، إذ إنه منذ الحرب العالمية الأولى والثانية دارت الأبحاث حول تقرير مسؤوليتها على الصعيد الدولي، ووضع الأستاذ ألبرت لوفيت مشروع قانون عقوبات دولي في عشرة مواد مع اقتراح آخر من الأستاذ رو بخصوص إنشاء محكمة نقض دولية ، كما أنه أثناء الحرب العالمية الثانية التي انتهت بهزيمة ألمانيا النازية تجددت المحاولات الهادفة إلى تقرير تلك المسؤولية للتنكيل بالمنهزمين وإشباع رغبة المنتصر (35) لكن يبقى هذا الأمر على الصعيد الدولي ، أما على الصعيد الداخلي فقد تم استبعاد قيام المسؤولية الجنائية للأشخاص المعنويين العامين على أساس أن ذلك يتناقض مع مبادئ القانون العام الذي يهدف لإشباع الحاجيات العامة ( 36) كما أن مساءلة الشخص المعنوي العام يمس بمبدأ العدالة؛ إذ إن هؤلاء الأشخاص المعنويين يعملون لحساب ومصلحة الكافة، فهي تهدف إلى تحقيق الصالح العام فمعاقبتها يؤدي الى إهدار المصلحة العامة.


كما يرى جانب من الفقه أن إقرار مسؤوليتها الجنائية يؤدي إلى انكسار مبدأ المساواة أمام الأعباء العامة بين الأفراد أو المواطنين، لأن بعضهم يستحقون العواقب الجنائية دون البعض الآخر رغم أنهم لم يرتكبوا أي جرم، كما هو الحال بالنسبة للبلدية أو الولاية عند إدانتها في جريمة، وإلزامها بدفع الغرامة فإنها تلجأ إلى فرض ضرائب إضافية على المواطنين لسدادها ويقتصر هذا على المواطنين المقيمين فيها، وهو ما يؤدي إلى تضررهم (37).


بينما تسأل الأشخاص المعنويين الخاضعين للقانون الخاص مهما كان الشكل الذي تتخذه (مدنية أو تجارية) وأيا كان شكل إدارتها، مهما كان هدفها سواء كان ربحيا أو دون مقابل، وكذا كل الجماعات ذات الطابع الاجتماعي أو الثقافي أو الرياضي ذات الأهداف الاقتصادية، مع ملاحظة أن العبرة بالشخصية القانونية، إذ إن شركة المحاصة والشركة الفعلية لا تسأل جنائيا لعدم تمتعها بالشخصية القانونية.


ثانيا ـ نص القانون على مسؤولية الشخص المعنوي جزائيا (38): أخذ المشرع الجزائري بمبدأ التخصص بحيث رصد نصوصا صريحة تحدد الجرائم محل المساءلة (39)، نذكر بعضا من النصوص على سبيل المثال للدلالة على حالات يكون فيها الشخص المعنوي مسؤولا جنائيا، فقد نصت المادة 253 مكرر من قانون العقوبات على ما يلي: " يكون الشخص المعنوي مسؤولا جزائيا عن الجرائم المحددة في هذا الفصل، وذلك طبقا للشروط المنصوص عليها في المادة 51 مكرر من هذا القانون.


تطبق على الشخص المعنوي العقوبات المنصوص عليها في المادة 18 مكرر، وعند الاقتضاء تلك المنصوص عليها في المادة 18 مكرر2 من هذا القانون.


ويتعرض أيضا لواحدة أو أكثر من العقوبات التكميلية المنصوص عليها من المادة 18 مكرر "، وذلك بشأن جرائم التزوير المنصوص عليها في الفصل السابع بعنوان "التزوير" التابع للباب الأول بعنوان " الجنايات والجنح وعقوبتها"


كما نذكر أن المادة 382 مكرر 1 من قانون العقوبات بشأن الجرائم المتعلقة بالأموال تنص على أنه: " يمكن أن يكون الشخص المعنوي مسؤولا جزائيا عن الجرائم المحددة في الأقسام 1 و2 و3 من هذا الفصل، وذلك طبقا للشروط المنصوص عليها في المادة 51 مكرر".


الفرع الثاني: شروط تتعلق بمظهر الجريمة محل المساءلة


لا يكفي لكي يكون الشخص المعنوي مسؤولا جزائيا بمجرد أن يكون من أشخاص القانون الخاص، وأن يتم النص على مسؤولية تجاه جرائم محددة، بل لابد أن ترتكب الجريمة من شخص طبيعي يعبر عن إرادته، فهو بمثابة اليد التي تعمل والرأس الذي يفكر، و هنا نجد بعض الفقهاء مثل الفقيه ميستر يذهب إلى التفرقة بين العضو والممثل، حيث اعتبر العضو هو الفرد أو مجموعة الأفراد المنوط بهم اتخاذ القرارات باسم الشخص المعنوي، أما الممثل فيناط به مجرد وظيفة بسيطة يشغلها، ولا تعد قراراته صادرة عن الشخص المعنوي بطريقة مباشرة(40)


ويلاحظ أن المشرع الجزائري جنّب نفسه مشقة البحث عن التفرقة بين الممثل والعضو تفاديا لما قد يترتب عن هذه التفرقة؛ بحيث حدد المقصودين من عبارة "الممثل الشرعي" ( 41 ) وذلك بموجب المادة 65 مكرر 2 الفقرة 2 من قانون الإجراءات الجزائية التي تنص على أن: "... الممثل القانوني للشخص المعنوي هو الشخص الطبيعي الذي يخوله القانون أو القانون الأساسي للشخص المعنوي تفويضا لتمثيله..." وبالتالي تم استبعاد مستخدمي الشخص المعنوي غير المفوضين لتمثيله ، فما يرتكبونه من جرائم بصدد وظائفهم لا تحسب على الشخص المعنوي التابعين له، إنما يسألون عنها لوحدهم.


ويجدر التنويه بما قد يثار من صعوبات بصدد الجرائم السلبية (الإهمال/الامتناع) فيما يتعلق بتحديد الشخص الطبيعي المرتكب للجريمة بصفته ممثلا شرعيا في حالة تعددهم، ودور كل واحد منهم، كما أن مسؤولية الشخص المعنوي تتحدد بقدر دور ممثله الشرعي في الجريمة (فاعل أصلي/شريك) وتبقى مسؤولية الشخص المعنوي الجزائية قائمة حتى ولو كان ممثلها الشرعي مجهولا، وهذه الحالة قد تكون في حالة اشتراك العديد من الممثلين الشرعيين في اتخاذ قرارات الشخص المعنوي.


هذا الأمر يقودنا لشرط آخر وهو أن ترتكب الجريمة لحساب الشخص المعنوي، وليس لمجرد تحقيق هدف شخصي لممثليه الشرعيين، حيث نصت المادة 51 مكرر من قانون العقوبات على ما يلي:


"... يكون الشخص المعنوي مسؤولا جزائيا عن الجرائم التي ترتكب لحسابه من طرف أجهزته أو ممثليه الشرعيين عندما ينص القانون على ذلك ..."


والمقصود من عبارة "لحسابه" هي كل ما يكون من الأفعال التي تخدم المصالح المادية و المعنوية سواء كانت بتحقيق هدف معين، أو التهرب من خسارة سواء كان ذلك محققا أو ممكنا.


المطلب الثاني: أثر قيام المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي:


إن قيام المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي يترتب عليها أثر يعتبر هو الهدف من وراء كل المحاولات الرامية لمحاسبة الشخص المعنوي جزائيا، والمتمثل في ردعه وذلك بعقابه، مع العلم أن العقوبة يقصد بها الجزاء الذي يقرره المشرع ويوقعه القاضي على من تثبت مسؤوليته في ارتكاب جريمة.


وقد أصبح توقيع العقاب على الشخص المعنوي ضرورة ملحة لا غنى عنها، إذ إنه لا يتصور تسليط العقوبات على الأشخاص الممثلين لهذه الشخصيات المعنوية فقط وبقاء هذه الأخيرة ممارسة لنشاطها، لذا فالحل الأمثل هو توقيع العقاب على الشخص المعنوي ذاته، ومن ثم تأييد موقف الفقه الحديث.


لذلك سنتناول العقوبات الأصلية المطبقة على الشخص المعنوي المسؤول جزائيا (الفرع الأول) والعقوبات التكميلية التي يجوز للقاضي تطبيق واحدة منها أو أكثر (الفرع الثاني).


الفرع الأول: العقوبات الأصلية التي تطبق على الشخص المعنوي


وهي العقوبات الواردة بنص المادة 18 مكرر من قانون العقوبات الجزائري بحيث رصدت للشخص المعنوي في كل من مواد الجنايات والجنح عقوبة أصلية تتمثل في الغرامة التي تساوي من مرة واحدة إلى 05 مرات الحد الأقصى وهي إلزام المحكوم عليه بدفع مبلغ من المال إلى خزينة الدولة، وتعتبر الغرامة من أهم العقوبات التي تطبق على الشخص المعنوي وأنسبها (42)


كما نصت المادة 18 مكرر 1 بصورة صريحة على هذه العقوبات في مواد لا تثير أي لبس على النحو التالي: " العقوبات التي تطبق على الشخص المعنوي في المخالفات هي: الغرامة التي تساوي من 01 مرة إلى 5 مرات الحد الأقصى للغرامة المقررة للشخص الطبيعي في القانون الذي يعاقب على الجريمة، كما يمكن الحكم بمصادرة الشيء الذي استعمل في ارتكاب الجريمة أو نتج عنها".


مع العلم أنه إذا لم يحدد المشرع غرامة معينة للشخص الطبيعي فإن حساب الغرامة للشخص المعنوي يكون حسب المادة 18 مكرر 2 المستحدثة بموجب التعديل 06/23 43 المتعلق بقانون العقوبات كالآتي:


ـ إذا كانت عقوبة الشخص الطبيعي هي الإعدام والسجن المؤبد، تكون الغرامة بالنسبة للشخص المعنوي 2.000.000 دج ـ إذا كانت عقوبة الشخص الطبيعي هي السجن المؤقت فإن عقوبة الشخص المعنوي هي 1.000.000 دج.


ـ إذا كانت الجريمة جنحة فإن عقوبة الشخص المعنوي 500.000 دج.


لهذه العقوبات المالية دور في تحقيق العدالة إذ إن فرض غرامات مالية تصل إلى خمسة أضعاف ما يفرض على الشخص الطبيعي في الجرائم المماثلة يحقق التناسب بين عدم التزام الشخص المعنوي بالتقيد بالقانون، وجسامة الأضرار الناجمة عن ذلك، هذا من جهة ومن جهة أخرى، فإن ضآلة الغرامات المالية المفروضة على الشخص المعنوي تدفعه إلى الإهمال والاستهتار لما يملكه من أموال.


الفرع الثاني: العقوبات التكميلية التي تطبق على الشخص المعنوي


كما حددت المادة 18 مكرر عقوبات تكميلية "في مواد الجنح والجنايات" تطبق واحدة منها أو أكثر، وقد وردت بالترتيب الآتي:


أولا ـ حل الشخص المعنوي: وهي عقوبة بمثابة الإعدام تجاه الشخص الطبيعي والمقصود بها كعقوبة هو إنهاء وجود الشخص المعنوي، مع العلم أن القانون لم يلزم القاضي بالنطق بها؛ إذ تبقى له السلطة التقديرية إزاءها.


ثانيا ـ غلق المؤسسة أو فرع من فروعها لمدة لا تتجاوز 05 سنوات: إلا أن الملاحظ قبل تعديل 06/23 المتعلق بقانون العقوبات السالف الذكر أن هذه العقوبة كانت عقوبة أصلية من قبيل التدابير العينية التي تطبق على الشخص المعنوي.


ثالثا ـ الاقصاء من الصفقات العمومية لمدة لا تتجاوز 05 سنوات: وقد يكون هذا المنع بصفة مباشرة أو غير مباشرة، ويبقى القاضي متمتعا بالسلطة التقديرية في تحديد هذه النشاطات، ويقصد بها أن يستبعد الشخص المعنوي المدان من كل صفقة تبرمها الدولة وجماعاتها المحلية ومؤسساتها العامة، وبصفة عامة كل المشاريع التي تلجأ طواعية أو على سبيل الإلزام إلى تطبيق إجراءات قانون الصفقات العمومية.


رابعا ـ المصادرة: وذلك بمصادرة الشيء الذي أستعمل في ارتكاب الجريمة أو نتج عنها، والمصادرة هي نزع ملكية مال من صاحبه جبرا، وإضافته إلى ملكية الدولة دون مقابل، كما أنه لا يترتب على نزع ملكية هذا المال أي خصم من مقدار الضرائب المستحقة عليها، فهي ذات أثر مزدوج بالنسبة للشركات التجارية (الشخص المعنوي) إذ تتعرض لعقوبة جزائية من جهة، ومن جهة أخرى إلى خسارة المال المصادر، أضف إلى ذلك الانخفاض في رقم أعمالها، وذلك يعود لانخفاض في مردود إنتاجها (44 )


خامسا ـ نشر وتعليق حكم الإدانة: وهو ما يلحق أضرارا بسمعة الشخص المعنوي، الأمر الذي يبعد الغير عن التعامل معه.


سادسا ـ الوضع تحت الحراسة القضائية: (45) وذلك لمدة لا تتعدى 05 سنوات، وقد حدد القانون نطاقها في النشاط المؤدي إلى ارتكاب الجريمة، ويقصد بالحراسة القضائية الوضع تحت إشراف القضاء لمدة معينة، وطبيعة هذه العقوبة تقترب من نظام الرقابة القضائية الذي يؤمر به أثناء مرحلة التحقيق القضائي ضد الشخص الطبيعي، ويتمثل الهدف من هذه المراقبة التأكد بأن الشخص المعنوي المحكوم عليه يحترم الأنظمة التي تحكم المعاملات التجارية، والتي تنظم نشاطاتها(46 ) .


خاتمة


إن فكرة المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي كانت فكرة غير مطروحة قبل مدة وجيزة ، وقد تمخض عنها اتجاهان فقهيان: الأول يعارض مساءلة الشخص المعنوي جزائيا وأرجع ذلك لطبيعته المفترضة، وتخصصه في هدفه من جهة ، ومن جهة أخرى اعتبر مساءلته جزائيا تتعارض مع شخصية العقوبة وأهدافها، والثاني يؤيد ويعترف بالمسؤولية الجزائية للشخص الاعتباري ، استند في رأيه إلى الرد على حجج الاتجاه المعارض بحيث اعتبروا وجود الشخص المعنوي وجودا فعليا كما اعتبروا مساءلته جنائيا لا يتعارض مع مبدأ تخصصه ولا مع شخصية العقوبة وأهدافها، بل برروا ذلك بحماية مصالح المجتمع .


بسبب تباين الآراء حول إمكانية قيام المسؤولية الجزائية للشخص الاعتباري اختلفت التشريعات بين منكر ومؤيد، ليكون موقف مشرعنا الوطني في ظل الأمر 66/156 المتضمن قانون العقوبات رافضا ومستبعدا لفكرة المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي، ليكرسها لاحقا بموجب نصوص خاصة، وبذلك انتقل المشرع الجزائري من الإنكار التام إلى الاعتراف الجزئي بهذه الفكرة.


وفي سنة 2004 صدر القانون 04/15 المتعلق بقانون العقوبات والقانون 04/14 المتعلق بقانون الإجراءات الجزائية ليصبح المشرع الجزائري معترفا صراحة بالمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي ، وجعلها مقرونة بشروط وهي أن يكون الشخص المعنوي المراد مساءلته من أشخاص القانون الخاص وبالتالي استبعاد أشخاص القانون العام ( الدولة ، الولاية ، البلدية ...) ، بالإضافة إلى تحديد القانون للجرائم التي تتحدد فيها مسؤولية الشخص المعنوي الجزائية، وهنا حبذا لو أخذ المشرع الجزائري بمبدأ العموم حتى لا يجد حرجا في المستقبل أمام أفعال خطيرة ومضرة بالمصالح الاجتماعية يرتكبها الشخص المعنوي دون نص يعاقبه .


كما اشترط المشرع الجزائري لقيام مسؤولية الشخص المعنوي الجزائية ارتكاب الجريمة باسمه أو بواسطة ممثليه الشرعيين، وأن يكون ذلك لحساب الشخص المعنوي أي لتحقيق مصالحه.


بتوافر هذه الشروط تقوم مسؤولية الشخص المعنوي الجزائية، ويترتب على ذلك حق الدولة في توقيع العقاب عليه بعقوبات تتناسب وطبيعته المختلفة عن طبيعة الشخص الطبيعي، وهو الهدف من وراء كل المساعي للاعتراف بمسؤولية الشخص المعنوي الجزائية ـ بل ومن وراء كل قاعدة جنائية ـ والمتمثل في تحقيق الردع الخاص " ردع الشخص المرتكب للجريمة " والردع العام " ردع الأشخاص الآخرين الذين يمكن أن يرتكبوا جرائم في المستقبل" .


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

ىي عبارة عؼ مجس...

ىي عبارة عؼ مجسؽعة بخامج يسكؼ استخجاميا في عسمية تذغيل السعجات و اإلشخاف عمييا و تزػ ىحه ً البخامج ن...

البرنامج القائم...

البرنامج القائم على الوحدات التعليمية الوحدات التعليمية مناهج رياض الأطفال) الوحدة التعليمية هي: ...

* من فن التعليم...

* من فن التعليم إلى نظرية التعليم: في أوائل القرن التاسع عشر للميلاد وضع العالم الألماني " هربرت" ال...

يتم تقييم الأصو...

يتم تقييم الأصول سنويًا، مع استثمار الأموال الزائدة في أطراف ثالثة. تشمل طرق التقييم متوسط أسعار الأ...

Her waist size ...

Her waist size is 35 feet, which would make it awfully tough to find pants, and the tablet she holds...

ومن أهم ما يميز...

ومن أهم ما يميز الإنترنت :- بنيتها اللامركزية حيث يقف المستثمرون العاديون على قدم ا مع أكبر الشركات...

La pollution de...

La pollution de l’air est l’une des pollutions environnementales qui est principalement causée par ...

واليوم نستكشف ا...

واليوم نستكشف الجديد عن القلب الذي يكشف العلم عنه يوماً بعد يوم أنه أكثر تعقيداً بكثير مما كنا نتصور...

LSU's Flau'jae ...

LSU's Flau'jae Johnson brags that she would turn on Kim Mulkey for the right price in new rap song S...

التمريض علم وفن...

التمريض علم وفن يهتم بالفرد ككل-ا جسموعقلاا وروح يهدف الى تقديم العناية – للمجموعة وللفرد و أ البشري...

الاجتماعي والثق...

الاجتماعي والثقافي دون أن توجد عقبات تحول بينه وبين التكيف للأوضاع الاجتماعية القائمة، أو تحد من قدر...

وبين جنبات المت...

وبين جنبات المتحف المصري ببرلين، تقف بوابة معبد كلابشة الشهيرة بين آلاف القطع الأثرية المصرية، تزهو ...