لخّصلي

تمهيد: إن الدعوى القضائية، هي من الأفكار التي اشتد الخلاف حول تعريفها وتحديد خصائصها ومميزاتها عن غيرها من النظم القانونية الأخرى، تعد الدعوى القضائية بمثابة العمود الفقري بالنسبة لقانون الإجراءات المدنية والإدارية.

المبحث الأول
التعريف بالدعوى القضائية
لقد اختلف الفقه اختلافا كبيرا، أولا تعريف الدعوى القضائية وتحديد ماهيتها، ومحور هذا الخلاف يدور حوله تحديد العلاقة بين الحق في الدعوى والحق الموضوعي الذي تحميه، ويمكن حصر تلك الاتجاهات في اتجاهين رئيسيين، أحدهما يقيم الوحدة الكاملة بين الدعوى والحق الموضوعي، وإنطلاقا من ذلك يقوم بتعريف الدعوى، والآخر يقيم فاصلا بين الحق في الدعوى والحق الموضوعي الذي تحميه.

• وتبعا لذلك سأتناول هذين الاتجاهين، فيما يلي:
  أولا: الإتجاه الموحد
  وتتزعم هذا الاتجاه المدرسة التقليدية، حيث ترى أن الدعوى والحق الموضوعي هما شيء واحد، فهما يشكلان وحدة واحدة لا انفصال بينهما، والدعوى ليست إلا مظهرا من مظاهر الحق، حيث يظل الحق ساكنا، فإذا وقع اعتداء عليه، تحرك للدفاع عن نفسه ويسمى في هذه الحالة بالدعوى.
  إذن الدعوى - في تصور هذا الاتجاه - عبارة عن حق في حالة الحركة، فهو يبقى ساكنا إذا لم ينازع فيه أحد ويتحرك إذا ما وقع اعتداء عليه، وطبقا لهذا النظر، يمثل الحق الموضوعي حالة قانونية ساكنة، في حين إن الدعوى تمثل الحالة القانونية نفسها في حالة الحركة.
  ثانيا: الإتجاه المزدوج
  ظهر إتجاه - يشكل المدرسة الحديثة - في الفقه كرد فعل للاتجاه السابق الموحد بين الدعوى القضائية والحق الموضوعي الذي تحميه، وهو يمكن تسميته بالاتجاه المزدوج، حيث ينظر إلى الدعوى كفكرة مستقلة عن الحق الموضوعي الذي تحميه.


• ويعرف هذا الاتجاه الدعوى على أنها المطالبة القضائية، ويوضح أصحاب هذا الرأي أن مفهوم الدعوى في قانون الإجراءات المدنية، يختــلف عنه في القانون المدني، فيقصد بالدعوى في القانون المدني، الحماية القضائية للحقوق، في حين يقصد بها في قانون الإجراءات المدنية والإدارية التقدم بالفعل إلى القضاء بطلب ما.
  ثالثا: تعريف تشريعي للدعوى
  لــم يشأ المشــــرع الفرنســـي عند وضعه مجموعة الإجراءات لسنة 1806 أن يتطرق إلى تعريف الدعوى القضائيــة، ضنا منه أن هذه المسائل يغلب عليها الطابع الفقهي، من ثم جاءت هذه المجموعة خالية من أي تعريف، ومن بعده قانون الإجراءات المدنية الجزائري، نسجا على منوال القانون الفرنسي.


• غير أن المشرع الفرنسي قد تراجع عن هذا الموقف، وأخذ على عاتقه تعريـف الدعـــوى القضائيــة، فقد تطرق إلى تعريفها في المادة 30 من قانون الإجراءات المدنية الفرنسي، حيث جاء فيها ما يلي:
  " فالدعوى هي حق مقدم الإدعاء في أن يسمع إدعائه من حيث الموضوع، لكي يتمكن القاضي من تحديد ما إذا كان هذا الإدعاء مؤسس أو غير مؤسس.
  وبالنسبة للخصم، فالدعوى يا حق في مناقشة أساس الإدعاء"
  في حين نجد أن المشرع الجزائري، قد حذا حذو المشرع الفرنسي، تطرق إلى تعريف الدعوى القضائية في المادة 3 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، حيث جاء فيها ما يلي:
  المادة 3 ق إ م إ: يجوز لكل شخص يدعي حقا، رفع دعوى أمام القضاء للحصول على ذلك الحق أو حمايته.
  يستفيد الخصوم أثناء سير الخصومة بفرص متكافئة لعرض طلباتهم ووسائل دفاعهم.
  يلتزم الخصوم والقاضي بمبدأ الوجاهية.
  تفصل الجهات القضائية في الدعاوى المعروضة أمامها في آجال معقولة.
  إذن يعرف هذا النص الدعوى القضائية بأنها عبارة عن ادعاء بحق أمام القضاء، وبذلك يكون المشرع الجزائري قد تبنى أحد الاتجاهات الفقهية التي تعرف الدعوى باعتبارها إدعاء بحق أمام القضاء.