لخّصلي

الشاهد عـ 1 ـدد
إنه مشكلة، ألنه الموجود المتناقض الذي حار في وصفه الفالسفة فقالوا في تعريفه إنه حيوان
ناطق أو حيوان صانع أوحيوان مدني أوحيوان متدين أو حيوان ميتافيزيقي أو حيوان إالهي
أو حيوان ضاحك. وشاء قوم منهم أن يرسموا له صورة قاتمة فقالوا إنه ذئب ألخيه اإلنسان.
ويمضي بعض الوجوديين إلى حد أبعد من ذلك في تصوير عبث الموجود البشري فيقول
زعيمهم سارتر إن اإلنسان هو الموجود الذي يشعر بأنه قد وجد جزافا، أعني أنه يدرك ذاته
بوصفه عبثا ال طائل تحته.
زكريا إبراهيم، مشكالت فلسفية، مشكلة اإلنسان، ص7.
الشاهد عـ 2 ـدد

لإلنسان حقيقتان متداخلتان فما هو بيولوجي يجعله ينتمي الى عالم الحيوان في حين
أن الحقيقة الثانية هي حقيقة ثقافية ذهنية ترتقي بالكائن الى عالم اإلنسان، هذا الكائن المهيمن
من حيث وجود على األرض بذكائه وقدرته على التأقلم ومواكبة التجربة وبالتالي قدرته على
إنشاء عالقات اجتماعية وعلى التواصل وعلى إنتاج خطاب رمزي معقد.
المنصف المحواشي، درس عام لطلبة الماجستير، 2006/2007
الشاهد عـ 3 ـدد

إن اإلنسان منقسم إلى سر وعلن، أما علنه فهو الجسم المحسوس
ّما بأعضائه، وقد وقف الحس على ظاهره
ود ّل التشريح على باطنه. وأ

سره فقوى روحه.
الفارابي نقال عن جالل الدين سعيد، معجم المصطلحات
والشواهد الفلسفية، ص. .58
الشاهد عـ 4 ـدد
ّ نشأت العلوم اإلنسانية من المشروع القاضي بأن ق
ُطب
ت
على اإلنسان النّماذج التي نجحت في علوم الطبيعة.
فاإلنسان، ال ّذي اعتبر طويال سابقا على كل معرفة وعصيّا
بالتالي على أية مقاربة موضوعية، سيكون قادرا على أن
يصير بدوره بمثابة موضوع، فاإلنسان فيها هو الباحث
بمجر أن ّ وموضوع البحث. كانت الموضوعية أمرا مستحيال د
التّ يكون موضوع المعرفة وآداتها شيئا واحدا. فالمعرفة ي
يكوّ اإلنسان عن نفسه تبقى دائما ملطّخة بال ّذاتية. نها
رينيه بوقرس، علوم اإلنسان والفلسفة، العرب والفكر
العالمي، ص.63.

النــفـــس

رغم الجهود الكبرى التي رافقت محاوالت تعريف هذا
المصطلح، فإن الالفت أن سمة الضبابية الزمت تقريبا كل المقدمات
المطروحة في هذا الصدد باختالف وجهات النظر والمدارس الفكرية
والفقهية والفلسفية، فما هي مميزات هذه المقدمات وكيف يمكن
فهم هذه الضبابية أو التداخل في كل محاوالت تعريف مصطلح
النفس؟
.1 ماهية النفس

وكالعادة تتبع
"
" النفس

تفرض محاوالت تقديم ماهية مصطلح
المصطلح من جهة اشتقاقية من خالل البحث في أمهات المعاجم،
ثم البحث في السياقات الداللية من خالل تتبع السيرورة التاريخية
للمصطلح وأهم التطورات الحاصلة فيه.

1.1 في الماهية اشتقاقا
يرد في لسان العرب البن منظور انطالقا من الصفحة 233 ما
يلي:" النفس: الروح، قال ابن سيده: وبينهما فرق ليس من غرض
هذا الكتاب، قال أبو إسحاق: النفس في كالم العرب يجري على
ضربين: أحدهما قولك خرجت نفس فالن أي ُروحه. وفي نفس فالن
أن يفعل كذا وكذا أي في روعه، والضرب اآلخر معنى النفس فيه
معنى جملة الشيء وحقيقته، تقول: قتل فالن نفسه وأهلك
نفسه أي أوقع اإلهالك بذاته كلها وحقيقته... والنفس يعبر بها عن
اإلنسان جميعه كقوله تعالى: أن تقول نفس يا حسرتا على ما
فرطت. روي عن ابن عباس أنه قال: لكل إنسان نفسان: إحداهما
نفس العقل الذي يكون به التمييز، واألخرى نفس الروح الذي به
الحياة.
2.1 في الماهية اصطالحا
يتحدث جالل الدين سعيد عن هذا المصطلح فيقول: " هي
مبدأ الحياة أو مبدأ الفكر أو االثنين معا بوصفها واقعا متميزا عن
الجسم الذي تنشط من خالله وتسلك سلوكا معينا.
والنفس والروح لفظان مترادفان، إال أن بعض الفالسفة يفرقون
بينهما باعتبار أن معنى النفس يتضمن معنى الجوهرية الفردية وأن
مفهومها أغنى من مفهوم الروح ومجالها أوسع.
.2 جدلية الظاهر والباطن
يتحدث أفالطون عن ماهية اإلنسان فيشير إلى أن اإلنسان
ثنائية، نفس من مصدر علوي )عالم المثل وهو العالم الحقيقي(
وجسد من مصدر سفلي )عالم المحسوسات وهو عالم الضالل
واألوهام(. ويقول ديكارت:" اإلنسان ثنائية الجوهر المفكر أو النفس
التي أنا بها ما أنا والجوهر الممتد أو الجسم الذي تحكمه قوانين
اآللية." ويقول كانط:" من حيث هو جسد ينتمي اإلنسان إلى
مملكة الضرورة ومن حيث هو عقل ينتمي إلى مملكة الحرية، من
حيث هو جسد يمكن تناوله علميا ومن حيث هو عقل يخرج عن
نطاق المعرفة العلمية." ويضيف الفارابي:" إن اإلنسان منقسم إلى
سر وعلن: أما علنه فهو الجسم المحسوس بأعضائه وقد وقف
الحس على ظاهره ودل التشريح على باطنه وأما سره فقوى
روحه". وبهذا المعنى يكون اإلنسان ظاهر وباطن، جسد وروح، فما
الجسد وما الروح؟

1.2 الجسد
الجسد "هو جسم اإلنسان وال يقال لغيره من األجسام. وال
يقال لغير اإلنسان جسد من خلق األرض. والجسد هو البدن، قال
أبو إسحاق: الجسد هو الذي ال يعقل وال يميز، إنما معنى الجسد
معنى الجثة فقط. ويضيف جالل الدين سعيد معرفا الجسد:"
الجسد هو الجوهر الممتد القابل لألبعاد الثالثة: الطول والعرض
والعمق وهو ذو شكل ووضع وله مكان إذا شغله منع غيره من
الدخول فيه معه. والجسد هو الجسم البشري من حيث هو جسم
مادي وبيولوجي قابل للوصف والتشريح الموضوعيين.
2.2 الروح
يعرف صاحب معجم المصطلحات والشواهد الفلسفية الروح
بقوله:" الروح مبدأ الحياة في البدن. يرد في التنزيل:" ويسألونك
عن الروح قل الروح من أمر ربي." وتأويل الروح أنه ما به حياة
النفس والكالم البن منظور الذي يضيف: "قال الفراء والروح هو الذي
يعيش به اإلنسان لم يخبر هللا تعالى به أحدا من خلقه ولم يعط
علمه العباد."
.3 الحياة النفسية
إن اإلقرار بوجود ظاهر وباطن يخص هذا اإلنسان، بوجود جسد
ونفس، هو إقرار باألساس بوجود حياة باطنية تخص هذا الكائن
وبالتالي نحن نتحدث هنا عن حياة نفسية. ويعتبر زكرياء إبراهيم
في كتابه مشكلة اإلنسان هذه الحياة النفسية ُبع ًدا من أبعاد هذا
اإلنسان وهو البعد الداخلي. يقول:" إنه إنسان واإلنسان ذاتية،
سر، حياة باطنية، ذات عميقة، ثراء داخلي."
ال يمكننا الحديث عن هذه الذات العميقة دون الرجوع إلى
االكتشافات والثورة الحقيقية التي أنجزها فرويد في هذا المجال.
فاالكتشاف الجوهري الذي قدمه فرويد لعلم النفس هو إدخال
الالوعي كبعد رئيسي في الظواهر النفسية. فالالوعي عند فرويد
" كل نسق نفسي تدل مظاهره على وجوده بينما ال نعلم عنه
هو
شيئا رغم أنه يحدث فينا." وهذا التعريف يرتكز على وجود عوامل
نفسية ال يدركها الفرد بشكل واع من جهة كما يؤكد على أن
الالوعي هو الذي يمثل حقيقة اإلنسان وأما الوعي فهو مجرد
سطح من جهة أخرى.
.4 التحليل النفسي

يبدو أنه من الصعوبة بمكان أن نقف عند تعريف أو تعريفات
واضحة لما يمكن تسميته بعلم النفس أو التحليل النفسي، فمجال
هذا العلم أو هذه الدراسة متعلق أساسا باإلنسان هذا الكائن
المتغير بامتياز، بل هو متعلق بذلك الجانب الالّواعي والالشعوري
من هذا اإلنسان ومن هنا تتأتى صعوبة الوقوف عند تعريف واضح،
ولكن ورغم هذه الصعوبات ترد عديد التعريفات للتحليل النفسي
نقف عند أهمها.
1.4 في الماهية
"التحليل النفسي طريقة في معالجة االضطرابات النفسية
تقوم على بحث أعماق النفس البشرية تقصيا للدوافع الالشعورية
المتحكمة عموما في سلوك اإلنسان، لكن التحليل النفسي لم
يبق مجرد طريقة في العالج بل أصبح علما يسعى إلى تفسير
السلوك اإلنساني عموما بل أصبحت طريقة التحليل النفسي
توظف في فهم اآلثار األدبية والفلسفية والفنية وما إليها وفي
تسليط أضواء جديدة عليها."
2.4 في المناهج

بينات" BENET : إن أسئلة علم
"
يقول العالم النفساني الفرنسي
النفس ال يمكن حلّها بنظريات أدبية ولكن بدراسة دقيقة لألوضاع
وهي دراسة تعتمد على المالحظة والتجريب، هذه هي الطريقة
الوحيدة التي تمكننا من الحصول على جزء من الحقيقة." وتحيل
هذه المقولة للوقوف عند أهم المناهج المعتمدة في علم النفس
وهي:

• المنهج التجريبي: ويعتمد باألساس على التجريب من خالل تتبع
  المراحل الثالث، المالحظة والفرضية والتجريب.


• المنهج اإلحصائي أو القياسي: ويتمثل في القيام بمسح
  إحصائي لواقع ووضع وتفسير هذا الواقع والوضع على ضوء النتائج
  الكمية المتحصل عليها.


• المنهج السريري أو العيادي: ويتمثل في التعامل مع الحالة
  بشكل فردي معزول عكس المنهج اإلحصائي.
  3.4 في المشروعية
  تساءل الباحث منذ زمن بعيد ما إذا كان من الضروري دراسة
  " كما تساءل عما إذا كانت مشاغل عالم

علم النفس
"
هذا العلم
النفس هي نفسها منذ انطالق العمل بهذا العلم؟ واألكيد أن

اإلجابة عن هذا السؤال ال بد وأن تمر عبر تتبع النشأة وجملة
العالقات بين هذا العلم وبقية المباحث.
1.3.4 التحليل النفسي والفلسفة
لم نكن لنعرف لعلم النفس وجود بمعزل عن الفلسفة، فتاريخ
علم النفس ممتزج بتاريخ الفلسفة شأنه شأن بقية العلوم األخرى،
وبهذا ال يمكن البتة الحديث عن قيام أي علم إالّ متى حقق ذلك
االستقالل عن الرحم الفلسفي األصلي على حد تعبير الفيلسوف
كوسنييه. لقد شكل موضوع علم النفس ولعقود طويلة محور
مسائل عديدة ناقشها الفالسفة لعل أهمها مسألة طبيعة الروح
وعالقتها بالمادة. وخالل هذه المرحلة الفلسفية اتخذ علم النفس
شكل الخطاب الماورائي المركز ضمنيا على عالقات الجسد بالروح.
إن أهم محطة ميزت هذه المرحلة هي تلك التي قدمها الفكر
الديكارتي الذي عارض الفالسفة المؤمنين بالوحدة الجوهرية
للجسد والنفس وقال بخالف ذلك بوجود كيانين منفصلين، النفس
والجسد، وعليه يمكن التمييز بين حياة عضوية وحياة نفسية
يمارسان التأثير المتبادل وهذا التأثير كان محور الجدال لفترة طويلة
بين مؤيد للديكارتية وناقد لها.
2.3.4 التحليل النفسي والعلم
لم يبرز علم النفس كعلم مستقل إال خالل القرن التاسع
عشر، ويعود الفضل لهذه االستقاللية لظهور العلميين كالفيزيائيين
والفيزيولوجيين واألطباء وظهور المختبرات المتخصصة. والحقيقة أن
الفالسفة كانوا يدعون أنه من الممكن تأسيس علم للحياة
ِ النفسية إال أنهم كانوا يعتبرون أن هذا العلم يبقى تجريديا ال ؤدي
ي
إلى نتائج علمية وال إلى اكتشافات حقيقية، إالّ أن العلميون وبفضل
الطريقة التجريبية واكتشافات علوم الفيزياء واألحياء أكدوا إمكانية
قيام علم نفس يقوم على أسس علمية ونتائج حقيقية.