لخّصلي

موقع لخّصلي
المحور السادس:الميزانية د.سعداوي نعيمة
تعريف الميزانية:
تهدف الموازنة العامة للدولة إلى تقدير النفقات الضرورية، إلشباع الحاجات العامة، واإليرادات
الالزمة لتغطية هذه النفقات عن فترة مقبلة هي في العادة مدة سنة.
فالميزانية هي، إذن نظرة توقيعية لنفقات وايرادات الدولة عن مدة مقبلة تخضع إلجازة من السلطة
المختصة. ومن هذا التعريف يتضح أن الميزانية تتضمن عنصرين أساسيين: األول: التوقع، والثاني:
اإلقرار أو اإلجازة.
الميزانية نظرة توقعية مستقبلية:
تعتبر الميزانية سجال لما تتوقع السلطة التنفيذية أن تنفقه وأن تحصله من مبالغ خالل مدة زمنية
محددة تقدر عادة بسنة واحدة. وتعكس الميزانية، بما تتضمنه من نفقات وايرادات و المبالغ المرصودة
لكل منهما، برنامج عمل الحكومة في الفترة المستقبلية على الصعد السياسية و االقتصادية و االجتماعية.
فإذا ما قررت الحكومة مثال زيادة االعتمادات المخصصة للدفاع في الميزانية، فإن ذلك يعكس سياسة
حكومية إزاء ما قد تتعرض له الدولة من تهديدات خارجية. وإذا ما تقلصت النفقات التي ترصدها
الحكومة من الميزانية لصالح المشروعات القومية التي تقوم بها، فإن ذلك يعكس سياسة اقتصادية معينة
تنتوي الحكومة إتباعها في الفترة المستقبلة، وهي االنسحاب تدريجيا من النشاط االقتصادي وتركه لمجال
المبادرات الخاصة )سياسة الخصخصة(. وزيادة االعتمادات الخاصة بالتكافل االجتماعي في الميزانية،
و الميزانية، باعتبارها نظرة توقعية لفترة مستقبلة، تختلف بذلك عن الحساب الختامي للموازنة
فبينما تحتوي الميزانية على تقديرات للنفقات و االيرادات تتعلق بفترة مقبلة قد تتحقق أو ال تتحقق، فإن
الحساب الختامي للموازنة عبارة عن بيان للنفقات و االيرادات التي أنفقت وحصلت فعال عن فترة سابقة.
وبعبارة موجزة، إذا كانت الميزانية نظرة توقيعة إلى فترة قادمة فإن الحساب الختامي للموازنة هو نظرة
تسجيلية عن مدة ماضية.
الميزانية تتطلب اقرار او اإلجازة من السلطة المختصة:
تختص السلطة التشريعية باعتماد الميزانية، أي بالموافقة على نظرة الحكومة التوقعية للنفقات
وااليرادات عن عام مقبل. فال تستطيع الحكومة أن تقوم بتنفيذ الميزانية إال إذا تم إجازتها من قبل السلطة
التشريعية، وفي حدود هذه االجازة. وحق السلطة التشريعية في إجازة الميزانية مر بتطور طويل حتى
أصبح من المبادئ الدستورية المستقرة في النظم السياسية المعاصرة.
ويعد هذا الحق من أقوى الحقوق التي تتمتع بها السلطة التشريعية، إذ بواسطته تستطيع هذه
األخيرة مراقبة أعمال الحكومة في جميع المجاالت. بل وتستطيع السلطة التشريعية، في الدول
الديمقراطية إسقاط الحكومات عن طريق رفض الموافقة على الميزانيات المقدمة منها، مما يؤدي في
نهاية المطاف إلى إجبار هذه األخيرة على االستقالة، أو إلى حل السلطة التشريعية ذاتها.
المحور السادس:الميزانية د.سعداوي نعيمة
وجدير بالذكر، أن الذي يخضع إلجازة او إقرار السلطة التشريعية، بالمعنى الفني للكلمة، هو
تقديرات أو نظرة الحكومة التوقعية للنفقات العامة وحدها دون تقديراتها التوقعيةلاليرادات العامة. ذلك
أن إجازة السلطة التشريعية للنفقات يعطي الحكومة الخيار في أن تقوم بها أو ال تقوم.
أما إجازة أو موافقة هذه السلطة على تقديرات االيرادات فال يتضمن أو ال يترك أي خيار أمام
الحكومة في تحصيلها من عدمه، إذ انها واجبة التحصيل طبقا لنصوص القوانين التي تقررها، كقوانين
الضرائب مثال.
وقد تحاول الحكومة أن تضمن الميزانية أوجه جديدة لاليرادات، كضرائب جديدة مثال، بحيث
تعتبر إجازة السلطة التشريعية للميزانية موافقة صادرة منها في نفس الوقت على فرض هذه الضرائب
الجديدة. وهذا ما يعرف في الواقع العملي بملحقات الميزانية وتسلك الحكومة هذا الطريق بقصد تسهيل
الحصول على موافقة السلطة التشريعية على فرض الضرائب. ولكن ملحقات الميزانية، وإن كانت تفيد
الحكومة في الحصول على موافقة سهلة على فرض ضرائب جديدة، ال تتفق مع ما يجب من إتاحه
الوقت الكافي لمناقشة مبدأ فرض الضريبة وأسبابه ونتائجه. هذا فضال، عن أن تشريعات الضرائب، بما
لها من خطورة وأهمية وديمومة، البد وأن تصدر في شكل قوانين مستقلة يسهل الرجوع إليها، وليس في
شكل ملحق بإحدى الميزانيات التي تتسم بطابع التأقيت كقاعدة عامة.
الميزانية العامة و الميزانية الخاصة:
وعنصر اإلجازة هو الذي يفرق الميزانية العامة، أي ميزانية الدولة عن الميزانية الخاصة، أي
ميزانية المشروع الخاص. فبينما يتحد االثنان في أن كليهما يعد نظرة توقعية للمبالغ المنتظر إنفاقها
والمنتظر تحصيلها خالل فترة زمنية مقبلة، تتحدد في الغالب بعام واحد، فإنهما يفترقان من حيث إن
األولى نظرة توقعية عامة، بينما الثانية نظرة توقعية خاصة. هذا فضال عن أن الميزانية العامة تتضمن
عنصر إجازة السلطة التشريعية، على النحو الذي رأيناه، بينما ال تتطلب الميزانية الخاصة مثل هذه
اإلجازة.
الميزانية و المحاسبة القومية )الميزانية القومية و الحسابات القومية(:
ان اجتماع العنصرين، سالفا الذكر، أي التوقع و اإلجازة، هو الذي يفرق بين ميزانية الدولة
والميزانية القومية تهتم الدول المتقدمة في الوقت الحاضر بإعداد ما يسمى بالميزانية القومية أو
االقتصادية وهي عبارة عن التقديرات الكمية المتوقعة للنشاط االقتصادي في مجموعه، أي في القطاعين
العام و الخاص وفي عالقاته الداخلية و الخارجية خالل فترة مقبلة. وذلك من خالل التوقعات الخاصة
بحجم الدخل القومي في هذه الفترة، وتكوينية وتداوله. بمعنى آخر، إذا كانت ميزانية الدولة تعكس
مختلف أوجه نشاط الدولة وحدها كشخص اعتباري عن فترة مقبلة، فإن الميزانية القومية تعكس مختلف
المحور السادس:الميزانية د.سعداوي نعيمة
هذه األوجه في األمةكلها، بما فيها الدولة، عن نفس هذه الفترة. وتتميز الميزانية القومية عن ميزانية
الدولة بأنها توقع فحسب، أما ميزانية الدولة فهي توقع و إجازة في نفس الوقت.
وعلى ذلك ال يمكن أن تحل الميزانية القومية محل ميزانية الدولة، شأنها في ذلك شأن ميزانية
الدولة التي ال يمكن أن تحل محل ميزانية أي مشروع خاص. فدور الميزانية القومية يقتصر، إذن على
كونه مجموعة البيانات األساسية التي يمكن على هديها إعداد ميزانية الدولة. فهي الموجهة للحكومة عند
إعدادها لسياستها االقتصادية، بصفة عامة، وميزانية الدولة بصفة خاصة. إذ يجب أن تأخذ البيانات
المشار إليها في االعتبار حتى تكون لدى الحكومة فكرة صحيحة وواضحة عن النشاط االقتصادي
القومي في مجموعه، ومدى التأثير الذي يمكن لهذا القرار أو ذلك، من القرارات التي تتخذها الحكومة،
أن يعكسه على النشاط االقتصادي.
ويرتبط بالميزانية القومية ما يسمى بالحسابات القومية أو الحسابات الدخل القومي فصلة الحساب
القومي بالميزانية القومية تشبه تماما صلة الحساب الختامي بميزانية الدولة. بمعنى أن الحساب القومي
عبارة عن سجل لكافة أوجه النشاط االقتصادي لألمة عن فترة ماضية، وذلك من خالل العمليات التي
تمت فعال و الخاصة بحجم الدخل القومي في هذه الفترة وتكوينه وتداوله وتوزيعه. أما الميزانية القومية
فهي، وعلى ما سلف البيان، نظرة توقعية عن مدة مستقبلة للتقديرات الكمية المتوقعة للنشاط االقتصادي
في مجموعه. وطبقا للنظام الدولي للحسابات القومية الذي قررته األمم المتحدة، فإن هذه الحسابات تشتمل
على مجموعات أربع من الحسابات هي: المجموعة األولى: حساب المشروعات، ويشمل العمليات التي
أجريت بواسطة المشروعات و التنظيمات المنتجة لسلع وخدمات مخصصة للبيع بأثمان تتناسب مع نفقة
إنتاجها باإلضافة إلى حساب المشروعات العامة و المرافق العامة الصناعية و التجارية. وتمثل هذه
المجموعة حساب "عمليات اإلنتاج".
المجموعة الثانية: حسابات األفراد، وتتضمن عمليات األفراد و الهيئات الخاصة التي ال تستهدف
تحقيق الربح كالجمعيات و النوادي الرياضية و الثقافية و االتحادات و التنظيمات القومية غير الحكومية،
وتمثل هذه المجموعة حساب "عمليات االستهالك". المجموعة الثالثة: حساب القطاع العام، ويشمل
حسابات الدولة باعتبارها شخصا اعتباريا و الهيئات العامة و المرافق العامة المستقلة غير الصناعية
والتجارية. و المجموعة الرابعة: حساب الخارج، ويشمل عمليات االستيراد و التصدير و االستثمارات
الجنبية و التمويالت الدولية. وتأخذ كل مجموعة من هذه الحسابات صورة جدول ينقسم إلى جانبين،
ي