لخّصلي

يمكن التعرف على هذا الكائن خارج الحقل اللغوي؛
إن كل ما يحدث في هذا العالم،
شئنا أم أبينا مرتبط باللغة « فقد نأت مع نشوء العمل وتطورت معه من دونها لن نحسن عملنا ،
ولن يتقدم علمنا وفننا،
ولن تتقدم حياتنا ولن تكون لنا حضارة (۳) فاللغة احدى اهم وسائل نشاطنا العلمي والفكري والاجتماعي.
ومن هنا لا يمكن فهم اللغة وقوانين تطورها بمعزل عن حركة المجتمع الناطق بها في الزمان والمكان المعينين لان فيها من الانسان فكره،
وطرائف الذهنية،
وفيها من العالم الخارجي تنوعه والوانه .
وقد مضى على الانسان حين طويل من الدهر نجهل تحديده تعامل فيه مع اللغة تعامله مع الهواء والماء،
فلم يكلف نفسه عناء البحث عن مكوناتها ،
ولم يشغل باله في معرفة كنه وسيلته الابلاغية المثلى،
ثم جاء زمن بدأ فيه الانسان يصرف جهداً من اجل الوقوف على سر سلوكه التواصلي اعني (الكلام)،
او اثراء نظام هذا السلوك اعني : : (اللغة).
ولكن ما زال الانسان يجد أن معرفته باللغة على النحو الذي يطمح اليه بحاجة إلى مزيد من الدرس والبحث ،
ويؤكد (براتراند راسل) ضالة .
بالكلام واللغة ويدعو الى طريقة سلوكية دقيقة في البحث اللغوي قائلا : إنني اظن ان المعنى لا يمكن أن يفهم ! اذا عالجنا اللغة على اساس انها عادة جسمية .
والميدان الصحيح لعلم اللغة هو دراسة ما يقوله الناس،
ومنا يسمعونه وسط المحيط والتجارب التي يعملون فيها الاشياء : (٤) .
ويؤكد ( فيرث) هذه النظرة الاجتماعية الى اللغة بقوله : ولنبدأ بأن نعتبر الانسان ليس مفصولاً عن العالم الذي يعيش فيه،
إنه ليس إلا جزءاً منه،
إنه ليس موجوداً ليفكر فيه،
ولكن ليعمل ما يناسب،
وذلك يقتضيه أ يمتنع عن الى العمل في الوقت المناسب ايضا،
وهذا ينطبق على أهم نشاط اجتماعي للانسان ونعني به دفع الهواء،
وآذان الآخرين الى الاضطراب بواسطة ما ينطقه.
فكلامك ليس مجرد تحريك للسان،
أو اهتزاز في الحنجرة،
او اصغاء،
انه اكثر من ذلك نتيجة لعمل العقل في تأدية وظيفته كمدير للعقلات لتحفظ عليك سيرك في المحيط الذي تعيش فيه ) (٥) .
إن هذا الارتباط بين اللغة والانسان يخولنا أن نؤكد : إن الانسان لغة،
ويلزم عن هذه المقولة ان اللغة من كيان الإنسان،
فلا انسانية بدون لغة (٦) ،
والانسان بدون لغة لا يتمتع بالانسانية الكاملة ،
ولو كان عقله وافكاره في .
مستوى أعلى بكثير من المستوى الحيواني،
وقد اثبتت الابحاث التي قام بها العلماء .
أن العقل لا يبلغ نموه إلا بعد أن يتمكن الانسان من النطق كل التمكن ) (1) .
3 فاللغة قطعة من الحياة نشأت فيها ،
وسارت معها،
وغذت بغذائها ،
ونهضت بنهوضها ،
وركدت بركودها،
وكان تاريخ اللغة وسيظل مجالا رحباً نتصفح من خلاله تاريخ الحضارات الانسانية،
ففي كل مجتمع مهما كانت طبيعته وحجمه تلعب اللغة دوراً ذا اهمية أساسية باعتبارها من اقوى الروابط بين اعضاء ذلك المجتمع،
وهي في الوقت نفسه رمز الحيواتهم المشتركة،
وضمان الها و فما الاداة التي يمكن أن تكون اكثر كفاءة من اللغة في تاكيد خصائص الجماعة؟ اذج هي في مرونتها ويسرها وامتلائها بالظلال الدقيقة للمعاني تصلح لاستعمالات متشعبة،
وتقف موقف الرابطة التي توحد اعضاء الجماعة،
فتكون العلامة التي بها يعرفون،
والنسب الذي اليه ينتسبون (۸) فلا يمكن أن تعرف شيئاً عن نظم العرب في عصر ما قبل الاسلام مثلا،