لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (التلخيص باستخدام خوارزمية التجزئة)

في الوقت الحاضر برزت ثقافات مختلفة تقدم إلى الشباب عن طريق وسائل الإعلام معلومة متباينة و متنوعة،
هذة الثقافات التي تعتبر في تنافس مع الثقافات التقليدية.
ومن انعكاساتها مثلا تراجع سلطة الأقارب و المربين لأنه كما سبق و بينا ،
وأصبحت المدرسة الفضاء الخاص لاكتساب المهارات لمهنة أو لحرفة و هذا يعني أن الطفل لم يعد يتعلم الحياة مباشرة بواسطة الاحتكاك المباشر والاختلاط بالراشدين في كل أوقات اليوم.
فقد وقع فصل الطفل عن الراشدين من أقارب و غيرهم واحتفظ به في المدرسة.
هذا إلى جانب تغير نظرة الأطفال و الشباب خاصة للآباء و للمدرسين : فحسب نظر الشباب يعتبر المربي غير مواكب للعصر ،
فالآباء ينتمون إلى ثقافة عتيقة،
ذلك لأن المراهق حسب البحث النفسي الاجتماعي يعيد النظر في الماهيات و في كل الأشخاص،
فتتجدد نظرته لكل الأشياء والأحداث والأفراد تحكمها التغيرات البدنية الفيزيولوجية و الهرمونية و بالتالي صورة الجسم التي تجعل الفرد يسعى للانتماء إلى عالم الكبار،
هذا السعي الذي يقابل في جل الأحيان بالرفض الشيء الذي يجعل الأبناء يتمردون و يرفضون كل ما يمثله الآباء من أفكار و آراء ووجهات نظر لجل مسائل الحياة.
أما عن المربي المعلم أو الأستاذ) فالوضع الاجتماعي ليس نفسه في كل المجتمعات و من المؤكد أن المجتمعات التي يكون فيها وضع المربي الاجتماعي و الاقتصادي و الثقافي مرتفعا جدا بالنسبة إلى متوسط السكان العام،
تصبح فيه العلاقات : بين العربي والتلميذ ذات صيغة مختلفة عنها في المجتمعات التي يكون فيها وضع المربي مختلفا عن المستوى الاقتصادي الاجتماعي لتلاميذه الذين عليه تربيتهم.
ولهذه الصورة العلائقية دور مؤثر في الوضعيات التربوية.
إلى جانب ما تبين من أهمية إعادة النظر في سلطة المدرس التي قد تزعزعت إلى حد مهم،
فدوره كمبلغ المعلومة وناقل للتراث وللسلوك قد تغير،
حيث أصبح نقل المعارف من خلال الوسائط والوسائل التكنولوجية الحديثة( كالحاسوب و شبكات الأنترنات و التلفزة وغيرها) منافسا لعمل المربين في المدرسة.
وبالتالي أصبحت هذه الوسائل المختلفة تستهوى الشباب وتنافس المدرسة في نشر ثقافات مختلفة و ضرب التقاليد.
هذا كله أدى إلى بروز العديد من الظواهر نظرا لتعدد نماذج السلوك،
ومن انعكاسات تنافس الثقافات ايجاد علاقة ذات طابع تنازعي،
مما يحتم على المنظرين مراجعة دور المدرسة.
وفي هذا الإطار ظهر تياران التيار المؤسسي والتيار الإنساني
ومن أهم رواده " F.
Aurney" et "Tvasquez" اللذان بينا أن المؤسسة المدرسية لا تخضع إلى مقاييس تفرضها السلطة العليا بل تتخذ وتسن أحكامها وضوابطها بنفسها.
فمن هذا المنظور أي المؤسسي تصبح العلاقة التربوية الأنموذج المثالي لكل علاقة إنسانية يكون فيها المشاركون معا في عملية تحرر مستمر من المعتقدات الأولية والاتجاهات التي تعيق العلاقة التربوية.
التيار الإنساني : هذا التيار جاء كردة فعل على السلوكية التى هيمنت أهم مبادئها على البحث النظري و التطبيقي في علم النفس التي تقول بأن السلوك محكوم من الخارج وهو ليس إلا مثير واستجابة لأن هناك مثيرات داخلية لا خارجية فحسب.
وحسب ما جاءت به مدرسة العلاقات الإنسانية التي كان من أهم روادها E.
Mayo" (فيما بين 1920 و 1940) ،
تعتبر مثل هذه العلاقات فيما بين الجماعات أو داخل الجماعة البشرية الواحدة،
إلى جانب تلك العلاقات التراتبية فيما بين أفرادها من المحددات المهمة التي يتطلبها الأداء ( la performance ) كما يتطلبها تحقيق الرضا والإشباع (النفسي الوجداني) في العمل.
فالإنسان في إطار أداء فعل معين نجده ينشط كعنصر ضمن جماعة لها منظومة قيمية سلوكية وتضامنية وقيادية خاصة بها .
ولكن هذا التوجه الفكري وقع نقده على المستويين النهجي و الدييونتولوجي خاصة على يد أنصار العلاقات الإنسانية الجدد ( le courant néo relationnel humaniste ) الذين أكدوا على أفقية دور المؤسسة التي نتنزل وتتطور في إطارها
مختلف العلاقات في الاعتراف بحاجات الأفراد الخاصة وبحاجتهم إلى الانتماء وإلى تحقيق الذات وتقديرها وفي تلبيتها .
لإن الإنسان في علاقة متواصلة مع الآخرين،
فمن خلال علاقاته وكله تدقيق ذاته،
وتأكيدها أو إعادة بنائها وتكوينها بإدراج تغييرات تكون أحيانا ملحوظة للعبان كما مكنها أن لا تكون بيّنة الا من خلال سبر خبايا الشخصية وتحليلها.
و قد أثر التيار الإنساني في العلاقة التربوية وما يمكن أن يتميز به الفرد صانعا و ناحتا لهويته كما يعتبر الأخذ بمبادئ هذا التيار عاملا لتغيير للبنى الاجتماعية،
وهذه الوجهة التي تعاكس وجهة النظر الاجتماعية التي تؤكد على خضوع الفرد للمعايير الاجتماعية وتراه الفاعل الأساسي في تغيير البنى الاجتماعية.
ومن رواد هذا التيار "كارل روجارس" الذي يركز على أهمية إدراك المربي بشكل عام للآخر،
أي إدراكه لشريكه في العلاقة وتقبله ككائن مستقل له حريته وحقوقه الخاصة به،
كما على المربي من موقعه تفهم وجهة نظر التلميذ خاصة،
وبالتالي فعليه أن يزيح نفسه عن المركز وأن لا يعتبر نفسه مركز العالم،
وأن ينزع عن نفسه صفة المرجع الشامل (والوحيد) ،
إذا يرى "كارل روجارس" أنه على المربي أن يضع نفسه مكان الآخر وأن يشعر بشعوره ويحس بإحساسه كما عليه الاقتراب منه ومما يعيشه ،
وهذا ما عبر عنه بـ ـ "التقمص النفسي" ويتمثل هذا التقمص في مدارسنا اليوم بمكاتب الإنصات ،
كما أن هذا الأخير ينبه من مخاطر هذا التقمص والتي تتمثل في الانصهار ،
إذ يجب الاقتراب من الآخر دون الانصهار فيه فالانصهار يؤدي إلى فقدان كلا الطرفين لذاته.
فبدلا من أن تكون وساطة المعلم ذات طابع فكري فحسب كما يرى العديد من الفكرين مثل ساطو" و"آلان " بل يجب أن تكون وساطة ذات طبيعة عاطفية (لان للعلاقة التربوية طابع نفسي علينا إدراكه) .
فالمعلم ليس وسيطا بين التلميذ والمعرفة فحسب،
بل وساطته العاطفية قائمة على تعزيز الآخر وذلك عن طريق الإصغاء وبناء علاقة قوامها احترام الآخر واعتباره كائنا باستمرار يعيش سيرورة حتى وإن صدرت عنه سلوكات سيئة فهي عابرة.
كما يجب تعزيز السلوك الإيجابي ومعالجة السلوك السلبي.
إذن فالعلاقة العاطفية شرط أساسي في تطوير الآخر وهي مهمة بالنسبة إلى كل المربين والمدرسين بصفة خاصة.
والتحول المنشود للعلاقة التربوية من هذه الزاوية يكمن في كون أنها علاقة لا يُنظر إليها على أنها نقل في اتجاه لتغيير المتربى وفق نموذج المعلم،
بل يُنظر إليها کتبادل بين الأجيال تلعب فيها الذاتية دورها،
وتستخدم فيها النزاعات كحافز على التجاوز والتقدم.
هنا نرى عنصرين ينظر لهما عادة كعنصرين سلبيين هما "الذاتية" و "النزاعات" ،
إلا أن الذاتية مثل التعبير عن الذات (تلك الذات التي تتسم بالنضج لا بالموضوعية الساذجة).
أما النزاعات فمن خلالها يستطيع الفرد أن يعبر عن رأيه ،
وأن يتطور (فهي أساس صراعات عرفانية) ،
خاصة وأن النزاعات وسط العائلة وبين الأولياء والأبناء ليست عامل تنافر وقطيعة بل حافزا نحو التقدم والتجاوز.
ولأن العلاقات التربوية لا تقتصر في نعتها هذا على العلاقات داخل المدرسة،
بل للعلاقات داخل عائلة وبين مختلف أفرادها طبيعة تربوية خاصة فيما بين الأولياء والأبناء.
الإنسان كائن في علاقة متواصلة بالآخرين،
فمن خلال علاقاته يمكنه تحقيق ذاته أو تأكيدها غبر سلوكه اليومي التواصل.
تنطلق العلاقة التربوية من المثلث الذي يجمع بين الأم والأب والطفل الذي بمثل بناء ذو ديناميكية تختلف باختلاف الجدلية العلائقية المابينية للعناصر التي يتكون منها،
تلك العلاقات التي تحكمها جملة الحاجات إلى جانب الإمكانيات غير المحققة أو النسبية،
الظرفية من ناحية والفردية من ناحية ثانية.
ومع انتقال الطفل إلى المؤسسات التعليمية التربوية مثل رياض الأطفال ومختلف المؤسسات التي يمكن أن تجمعه بالمربي الذي يختلف عن الأب أو الأم،
كما تجمعه بالأتراب وبـ الأطفال من فترات عمرية متفاوتة.
وباختلاف الأفراد الذين يتعامل معهم تتباين طبيعة العلاقة التربوية وبالتالي التفاعلات وأساليب التعامل فيما بين معلم وتلميذ،
فتتكون لدى الطفل مجموعة من الصور الذهنية والتصورات تتبلور أكثر فأكثر مع تواتر العملية لتتخذ قوالب ومنمطات تترسخ لدى التلميذ كما في ذهن المعلم وتصبح،
وقد تبقى من العوامل الفاعلة في تحديد سلوكه تجاه المهمة التعليمية وما تتضمنه من أبعاد و مبادئ،
ومع المهمة التعلمية،
وما يمكن أن تتنزل فيه من أطر نظرية وتطبيقية،
تتفق وتكون مسيرتها متوازية عند البعض،
كما يمكنها أن تتباعد أو تتنافر لدى البعض الآخر.
ولقد تعرض " ستيقنسن" في بحث تحت عنوان " لنتعلم من المدارس الأسيوية"
إلى ملاحظة التلاميذ الأميركيين لكشف أسباب عدم جهوزيتهم بشكل مناسب للمنافسة الاقتصادية وتبين أن هذا التقصير يظهر بوضوح منذ مرحلة رياض الأطفال ويستمر خلال سنوات الدراسة و يصبح التقصير أكثر وضوحا عند مقارنة التلاميذ
الأمريكيين بأقرانهم من شرق آسيا وتبين أن مستويات الأداء العالية في المدارس الآسيوية لا ترد للحفظ الصم والتدرب المتكرر بل يرد إلى تحفيز الأطفال وتوجيههم لبناء طرقهم
الخاصة التي يتمثلون بها معارفهم فالايام الدراسية في آسيا تتخللها عطلات شاملة تؤدي إلى تعزيز موقف الأطفال الإيجابي تجاه الدراسة.
وقد وجد لدى الأطفال في الصين و تايوان و اليابان،
العديد من الأفكار المشابهة لأفكار وتصورات الأمريكيين حول مدارسهم،
ولكن الاختلاف يكمن في طريقة استثمار تلك الأفكار للترغيب في المدرسة و العمل المدرسي.
وتبين أن النتائج الأفضل التي يحرزها تلاميذ المدارس الآسياوية يعود إلى عوامل عدة،
منها: أن أولياء أمور التلاميذ الأمريكيين يظهرون درجة عالية و غير متوقعة من الرضى عن مستوى أداء أطفالهم الدراسي،
إذ إن رضى أمهات من مينيابوليس (الولايات التحدة الأمريكية) عن أداء أبنائهن في مرحلة الحضانة وحتى الصف الحادي عشر يفوق ثلاثة أضعاف رضی الأمهات الآسيويات عن مستوى أداء أبنائهن (في الرياضيات و القراءة و الرياضة و في درجة الانسجام مع الأطفال الآخرين).
وتعيد هذه الدراسة سبب اطمئنان الأمهات الأمريكيات العالي عن أداء أولادهن إلى احتمال افتقادهن المعايير الواضحة التي يمكنهن الاعتماد عليها،
إلى جانب أنه لم يكن لدى الأمهات الأمريكيات حوافز للسعي إلى تحسين نوعية تعليم أطفالهن.
وكانت اهتمامات الأطفال الصينيين متركزة في المجال التعليمي ،
وقد أعيد ذلك لدى اليابانيين إلى الجهد الجماعي أكثر من التركيز على الأسباب الفردية،
فإرجاع الحماس للمدرسة كنتيجة للأريحية التي يعيشونهغ أثناء وجودهم داخل الفضاء الدرسي ،
ليس لاعتبارها مكانا كثير المطالب وخاضعا لنظام صارم .
بينما كانت اهتمامات الأطفال الأمريكيين متعلقة بالمال و بالأشياء المادية أقل من السعي وراء التفوق المدرسي ،
وهذا ما يخفض إمكانيات جعل المدرسة مكانا ممتعا للتلاميذ الأمريكيين.
وقد أعاد البحث هذه الفروقات لدى الأمريكيين إلى الجهد و القدرة على الإنجاز وإلى الموهبة الفطرية،
فيعتقد الأهل عندها أن النجاح يرتبط إلى حد كبير بالموهبة الطبيعية و ليس بالجهد المبذول لتحقيقه.
وهم لذلك أقل تشجيعا لأطفالهم على المشاركة في النشاطات المرتبطة بالإنجاز المدرسي خاصة و أن هذه النشاطات إلى جانب أنها مرتبطة بأثر البيئة و الإطار التربوي الأسري فهي مرتبطة أيضا بتأثير شخصية المعلم في تلاميذه فلا يوجد خلاف بين المربين و علماء النفس على أن المعلم أو المربي هو الذي يوجه كل عمليات التربية والبناء المعرفي الوجداني في المدرسة،
و يمكن القول أن تأثير شخصية المدرس أقوى من الكتب الدراسية،
وميل التلاميذ لمادة من المواد الدراسية مرتبط إلى حد كبير بدرجة حب التلاميذ لمدرس هذه المادة،
ورفض التلميذ لهذه المادة قد يدل على أن التلميذ يرفض مدرسها.
كذلك إن التلاميذ ينظرون إلى مدرسيهم كمثل أعلى بسبب الخصائص الإيجابية في شخصياتهم ولذلك فالمطلوب من المدرس أن يتميز بمواصفات خاصة في تصرفاته وسلوكه،
وعلى الأخص النواحي النفسية والخلقية.
وقد أجرى كليم Klemm بحثا على 3000 تلميذ ،
لمعرفة رأي التلاميذ في مدرسيهم،
وما يجب أن يكون عليه المدرس في رأيهم،
الشرح المنظم الواضح الذي يستوعبه العقل بسهولة.
إحساس التلاميذ بحب المدرس لهم.
القدرة على حل مشاكل التلاميذ.
ويذكر ايرلباخ Erlebach و زهنر Zehner في كتابهما "علم النفس للمعلم و المربي" أنه يجب على المدرس أن يكون مدركا لمميزاته ونقاط الضعف عنده لكي يطور نفسه إلى الأحسن كما أنه لكي يهتم التلاميذ بالعلم يجب على المدرس أن لا ينسى أن يتحدث بقدر الإمكان مع كل تلميذ،
أما عن مسائل النظام في الفصل أو ضمان السيطرة على التلاميذ فذلك مرتبط بوثوق المدرس من نفسه وتمكنه من مادته ومن طرق التدريس.
كما أنه على المعلم أن لا يشعر تلاميذه بضيقه (عند وجود مشاكل أو أحزان) أو بمزاجه غير المعتدل.
لأن وظيفة المعلم هي خلق أفضل الظروف الملائمة لعملية التعليم،
والتعرف على ما يحدث عندما يتلقى التلاميذ موقفا تعليميا والتفاعل السيكولوجي بين الطرفين هو الذي يقرر نوع التعليم والتعلم،
ولكي يتحقق ذلك بكفاءة يجب أن يدرك المعلم قدراته و يستغلها أفضل استغلال.
يقول "كانتور" أن المعلم يجب أن يستخدم في فصله مجموعة من الاتجاهات المنظمة النابعة من خبرته بالعلاقات الإنسانية لينظم علاقاته بتلاميذه،
حسب سرعته الخاصة و هذا يتطلب فهمه وتقبله للفروق الفردية بين التلاميذ .
والمعلم المتمرس يهتم أولا بفهم التلاميذ وليس بالحكم عليهم ،
ويجب أن يكون على حذر مستمر من إسقاط إرادته على التلميذ،
ولذلك يجب أن يستخدم معرفته بالصحة النفسية وعلم النفس الإكلينيكي لكي يساعد نفسه على فهم كل تلميذ .
ويمكن أن يمثل التروع لفرض السلطة على الآخرين وقاية للإنسان من الاعتراف بالفشل في ضبط النفس والمعلم بحكم طبيعة عمله يشغل وظيفة تحمل في طياتها السلطة والإغراء باستخدام سلطة الوظيفة لإرضاء حاجات شخصية،
وما يزيد هذا الإغراء قوة الفارق الزمني بين عمر المعلم و التلاميذ،
أضف إلى ذلك أن العلم واثق من النصر إذا تصارعت الإرادات والرغبات،
ولهذا فإن طبيعة الفصل تساعد المعلم على إظهار التوتر.
ومقاومة هذا الإغراء و الانتصار عليه تدريجيا يتطلب من المعلم اقتناعا كاملا بأن عمله هو مساعدة التلميذ.
وبالتالي فإن العوامل المجددة للوضعيات التربوية الأخرى داخل المدرسة متعددة ومتنوعة إذ أن الوضعية التربوية موجودة داخل مجموعة من العلاقات والتي تحددها نوعيا.
فالوضعية التربوية وعلاقة معلم - تلميذ ليستا سوى النتاج الأخير الذي لا يمكن تحليله و فهمه بشكل جيد إلا بالنسبة إلى مجموعة القوى التي تحدده.
وبالتالي فهناك ثلاث مجموعات من العوامل:
-العوامل المتعلقة بالشروط العامة للتربية المؤسسية،
وهي تترجم على شكل قرارات اجتماعية توخذ من قبل سلطات الإشراف.
-العوامل المتعلقة بالشروط الخاصة للوضعيات التربوية،
وتترجم في شكل قرارات تؤخذ من قبل السلطات التربوية في نفس اتجاهات القرارات الاجتماعية.
-العوامل المتعلقة بشروط العلاقة التربوية بالذات،
أي بمضمون نشاط المعلمين داخل الفصل.
- أولا،
في الوضعيات الأكثر ،
سطحية هناك المكان أي الصف،
أو قاعة الدروس المدرج،
قاعة الرياضة .
فالعلاقات التي سبق لنا أن عددناها سوف تقام داخل هذه القاعات،
و حسب مساحتها،
صفاتها الصوتية،
إضاءتها،
مفروشاتها.
سوف ينمو تبعا لذلك هذا النمط أو ذاك من النشاطات التربوية،
فمن المؤكد أن قاعة مساحتها 100 م² و عدد تلاميذها 125 تلميذا لن تسمح بقيام علاقات من نمط حميم بين أفرادها.
و على العكس من ذلك (كما في بعض الصفوف الأمريكية) حين يكون الأثاث صالحا للتكيف مع نشاط الأطفال،
ويمكن تحريكه وحيث المواد غنية و القاعات متخصصة،
(مسرح ،
موسيقى،
أشغال يدوية سماع للأسطوانات مكتبات لا بد أن ينمو في هذا الجو نمط من العلاقات التربوية و نوع من نشاطات العمل الجماعية المختلفة جدا عما يمكن أن يكون عليه الحال في الصفوف المكتظة.
- هذا،
وتجدر الإشارة إلى جماعة الصف التي يجد المربي نفسه بحضورها،
و المؤلفة من عناصر لكل واحد منها شخصيته ،
عاداته طريقته في العيش هؤلاء الأفراد المتنوعون سيشكلون جماعة سوف يكون لها ردة فعل كجماعة و المربي يجد نفسه في علاقة مع كل فرد على حدة و لكن مع الجماعة كلها في آن واحد،
و إقامة هذه العلاقات ضروري جدا للوضعية التربوية و جميع المربين يعرفون تماما أن لكل صف شخصيته و طابعه الخاص،
و يستنتج من كلام المعلمين الدارج أن هناك صفوفا "جيدة" و صفوفا "سيئة".
و من المؤكد أن المربي نفسه يقيم علاقات مختلفة من صف إلى آخر.
أما المربي فإنه العنصر المهم طوال النهار في المدرسة الابتدائية و خلال عدة ساعات فيما بعد.
لذلك تصبح المميزات الشخصية لهذا المربي شخصيته،
إعداده العام،
ثقافته،
قدرته على الملاحظة و سرعة بديهته أو مهارته التربوية .
كلها تشكل عناصر مهمة في الوضعية التربوية.


النص الأصلي

في الوقت الحاضر برزت ثقافات مختلفة تقدم إلى الشباب عن طريق وسائل الإعلام معلومة متباينة و متنوعة، هذة الثقافات التي تعتبر في تنافس مع الثقافات التقليدية. ومن انعكاساتها مثلا تراجع سلطة الأقارب و المربين لأنه كما سبق و بينا ، وأصبحت المدرسة الفضاء الخاص لاكتساب المهارات لمهنة أو لحرفة و هذا يعني أن الطفل لم يعد يتعلم الحياة مباشرة بواسطة الاحتكاك المباشر والاختلاط بالراشدين في كل أوقات اليوم. فقد وقع فصل الطفل عن الراشدين من أقارب و غيرهم واحتفظ به في المدرسة.


هذا إلى جانب تغير نظرة الأطفال و الشباب خاصة للآباء و للمدرسين : فحسب نظر الشباب يعتبر المربي غير مواكب للعصر ، فالآباء ينتمون إلى ثقافة عتيقة، ذلك لأن المراهق حسب البحث النفسي الاجتماعي يعيد النظر في الماهيات و في كل الأشخاص، فتتجدد نظرته لكل الأشياء والأحداث والأفراد تحكمها التغيرات البدنية الفيزيولوجية و الهرمونية و بالتالي صورة الجسم التي تجعل الفرد يسعى للانتماء إلى عالم الكبار، هذا السعي الذي يقابل في جل الأحيان بالرفض الشيء الذي يجعل الأبناء يتمردون و يرفضون كل ما يمثله الآباء من أفكار و آراء ووجهات نظر لجل مسائل الحياة.


أما عن المربي المعلم أو الأستاذ) فالوضع الاجتماعي ليس نفسه في كل المجتمعات و من المؤكد أن المجتمعات التي يكون فيها وضع المربي الاجتماعي و الاقتصادي و الثقافي مرتفعا جدا بالنسبة إلى متوسط السكان العام، تصبح فيه العلاقات : بين العربي والتلميذ ذات صيغة مختلفة عنها في المجتمعات التي يكون فيها وضع المربي مختلفا عن المستوى الاقتصادي الاجتماعي لتلاميذه الذين عليه تربيتهم. ولهذه الصورة العلائقية دور مؤثر في الوضعيات التربوية.


إلى جانب ما تبين من أهمية إعادة النظر في سلطة المدرس التي قد تزعزعت إلى حد مهم، فدوره كمبلغ المعلومة وناقل للتراث وللسلوك قد تغير، حيث أصبح نقل المعارف من خلال الوسائط والوسائل التكنولوجية الحديثة( كالحاسوب و شبكات الأنترنات و التلفزة وغيرها) منافسا لعمل المربين في المدرسة. وبالتالي أصبحت هذه الوسائل المختلفة تستهوى الشباب وتنافس المدرسة في نشر ثقافات مختلفة و ضرب التقاليد. هذا كله أدى إلى بروز العديد من الظواهر نظرا لتعدد نماذج السلوك، ومن انعكاسات تنافس الثقافات ايجاد علاقة ذات طابع تنازعي، مما يحتم على المنظرين مراجعة دور المدرسة.


وفي هذا الإطار ظهر تياران التيار المؤسسي والتيار الإنساني


التيار المؤسسي:


ومن أهم رواده " F.Aurney" et "Tvasquez" اللذان بينا أن المؤسسة المدرسية لا تخضع إلى مقاييس تفرضها السلطة العليا بل تتخذ وتسن أحكامها وضوابطها بنفسها. فمن هذا المنظور أي المؤسسي تصبح العلاقة التربوية الأنموذج المثالي لكل علاقة إنسانية يكون فيها المشاركون معا في عملية تحرر مستمر من المعتقدات الأولية والاتجاهات التي تعيق العلاقة التربوية.


التيار الإنساني : هذا التيار جاء كردة فعل على السلوكية التى هيمنت أهم مبادئها على البحث النظري و التطبيقي في علم النفس التي تقول بأن السلوك محكوم من الخارج وهو ليس إلا مثير واستجابة لأن هناك مثيرات داخلية لا خارجية فحسب. وحسب ما جاءت به مدرسة العلاقات الإنسانية التي كان من أهم روادها E. Mayo" (فيما بين 1920 و 1940) ، تعتبر مثل هذه العلاقات فيما بين الجماعات أو داخل الجماعة البشرية الواحدة، إلى جانب تلك العلاقات التراتبية فيما بين أفرادها من المحددات المهمة التي يتطلبها الأداء ( la performance ) كما يتطلبها تحقيق الرضا والإشباع (النفسي الوجداني) في العمل. فالإنسان في إطار أداء فعل معين نجده ينشط كعنصر ضمن جماعة لها منظومة قيمية سلوكية وتضامنية وقيادية خاصة بها .
ولكن هذا التوجه الفكري وقع نقده على المستويين النهجي و الدييونتولوجي خاصة على يد أنصار العلاقات الإنسانية الجدد ( le courant néo relationnel humaniste ) الذين أكدوا على أفقية دور المؤسسة التي نتنزل وتتطور في إطارها
مختلف العلاقات في الاعتراف بحاجات الأفراد الخاصة وبحاجتهم إلى الانتماء وإلى تحقيق الذات وتقديرها وفي تلبيتها ...


لإن الإنسان في علاقة متواصلة مع الآخرين، فمن خلال علاقاته وكله تدقيق ذاته، وتأكيدها أو إعادة بنائها وتكوينها بإدراج تغييرات تكون أحيانا ملحوظة للعبان كما مكنها أن لا تكون بيّنة الا من خلال سبر خبايا الشخصية وتحليلها.


و قد أثر التيار الإنساني في العلاقة التربوية وما يمكن أن يتميز به الفرد صانعا و ناحتا لهويته كما يعتبر الأخذ بمبادئ هذا التيار عاملا لتغيير للبنى الاجتماعية، وهذه الوجهة التي تعاكس وجهة النظر الاجتماعية التي تؤكد على خضوع الفرد للمعايير الاجتماعية وتراه الفاعل الأساسي في تغيير البنى الاجتماعية. ومن رواد هذا التيار "كارل روجارس" الذي يركز على أهمية إدراك المربي بشكل عام للآخر، أي إدراكه لشريكه في العلاقة وتقبله ككائن مستقل له حريته وحقوقه الخاصة به، كما على المربي من موقعه تفهم وجهة نظر التلميذ خاصة، وبالتالي فعليه أن يزيح نفسه عن المركز وأن لا يعتبر نفسه مركز العالم، وأن ينزع عن نفسه صفة المرجع الشامل (والوحيد) ،إذا يرى "كارل روجارس" أنه على المربي أن يضع نفسه مكان الآخر وأن يشعر بشعوره ويحس بإحساسه كما عليه الاقتراب منه ومما يعيشه ، وهذا ما عبر عنه بـ ـ "التقمص النفسي" ويتمثل هذا التقمص في مدارسنا اليوم بمكاتب الإنصات ، كما أن هذا الأخير ينبه من مخاطر هذا التقمص والتي تتمثل في الانصهار ، إذ يجب الاقتراب من الآخر دون الانصهار فيه فالانصهار يؤدي إلى فقدان كلا الطرفين لذاته.


فبدلا من أن تكون وساطة المعلم ذات طابع فكري فحسب كما يرى العديد من الفكرين مثل ساطو" و"آلان " بل يجب أن تكون وساطة ذات طبيعة عاطفية (لان للعلاقة التربوية طابع نفسي علينا إدراكه) . فالمعلم ليس وسيطا بين التلميذ والمعرفة فحسب، بل وساطته العاطفية قائمة على تعزيز الآخر وذلك عن طريق الإصغاء وبناء علاقة قوامها احترام الآخر واعتباره كائنا باستمرار يعيش سيرورة حتى وإن صدرت عنه سلوكات سيئة فهي عابرة. كما يجب تعزيز السلوك الإيجابي ومعالجة السلوك السلبي.


إذن فالعلاقة العاطفية شرط أساسي في تطوير الآخر وهي مهمة بالنسبة إلى كل المربين والمدرسين بصفة خاصة. والتحول المنشود للعلاقة التربوية من هذه الزاوية يكمن في كون أنها علاقة لا يُنظر إليها على أنها نقل في اتجاه لتغيير المتربى وفق نموذج المعلم، بل يُنظر إليها کتبادل بين الأجيال تلعب فيها الذاتية دورها، وتستخدم فيها النزاعات كحافز على التجاوز والتقدم.


هنا نرى عنصرين ينظر لهما عادة كعنصرين سلبيين هما "الذاتية" و "النزاعات" ، إلا أن الذاتية مثل التعبير عن الذات (تلك الذات التي تتسم بالنضج لا بالموضوعية الساذجة). أما النزاعات فمن خلالها يستطيع الفرد أن يعبر عن رأيه ، وأن يتطور (فهي أساس صراعات عرفانية) ، خاصة وأن النزاعات وسط العائلة وبين الأولياء والأبناء ليست عامل تنافر وقطيعة بل حافزا نحو التقدم والتجاوز.
ولأن العلاقات التربوية لا تقتصر في نعتها هذا على العلاقات داخل المدرسة، بل للعلاقات داخل عائلة وبين مختلف أفرادها طبيعة تربوية خاصة فيما بين الأولياء والأبناء. الإنسان كائن في علاقة متواصلة بالآخرين، فمن خلال علاقاته يمكنه تحقيق ذاته أو تأكيدها غبر سلوكه اليومي التواصل.


تنطلق العلاقة التربوية من المثلث الذي يجمع بين الأم والأب والطفل الذي بمثل بناء ذو ديناميكية تختلف باختلاف الجدلية العلائقية المابينية للعناصر التي يتكون منها، تلك العلاقات التي تحكمها جملة الحاجات إلى جانب الإمكانيات غير المحققة أو النسبية، الظرفية من ناحية والفردية من ناحية ثانية. ومع انتقال الطفل إلى المؤسسات التعليمية التربوية مثل رياض الأطفال ومختلف المؤسسات التي يمكن أن تجمعه بالمربي الذي يختلف عن الأب أو الأم، كما تجمعه بالأتراب وبـ الأطفال من فترات عمرية متفاوتة. وباختلاف الأفراد الذين يتعامل معهم تتباين طبيعة العلاقة التربوية وبالتالي التفاعلات وأساليب التعامل فيما بين معلم وتلميذ، فتتكون لدى الطفل مجموعة من الصور الذهنية والتصورات تتبلور أكثر فأكثر مع تواتر العملية لتتخذ قوالب ومنمطات تترسخ لدى التلميذ كما في ذهن المعلم وتصبح، وقد تبقى من العوامل الفاعلة في تحديد سلوكه تجاه المهمة التعليمية وما تتضمنه من أبعاد و مبادئ، ومع المهمة التعلمية، وما يمكن أن تتنزل فيه من أطر نظرية وتطبيقية، تتفق وتكون مسيرتها متوازية عند البعض، كما يمكنها أن تتباعد أو تتنافر لدى البعض الآخر.


ولقد تعرض " ستيقنسن" في بحث تحت عنوان " لنتعلم من المدارس الأسيوية"


إلى ملاحظة التلاميذ الأميركيين لكشف أسباب عدم جهوزيتهم بشكل مناسب للمنافسة الاقتصادية وتبين أن هذا التقصير يظهر بوضوح منذ مرحلة رياض الأطفال ويستمر خلال سنوات الدراسة و يصبح التقصير أكثر وضوحا عند مقارنة التلاميذ
الأمريكيين بأقرانهم من شرق آسيا وتبين أن مستويات الأداء العالية في المدارس الآسيوية لا ترد للحفظ الصم والتدرب المتكرر بل يرد إلى تحفيز الأطفال وتوجيههم لبناء طرقهم
الخاصة التي يتمثلون بها معارفهم فالايام الدراسية في آسيا تتخللها عطلات شاملة تؤدي إلى تعزيز موقف الأطفال الإيجابي تجاه الدراسة. وقد وجد لدى الأطفال في الصين و تايوان و اليابان، العديد من الأفكار المشابهة لأفكار وتصورات الأمريكيين حول مدارسهم، ولكن الاختلاف يكمن في طريقة استثمار تلك الأفكار للترغيب في المدرسة و العمل المدرسي. وتبين أن النتائج الأفضل التي يحرزها تلاميذ المدارس الآسياوية يعود إلى عوامل عدة، منها: أن أولياء أمور التلاميذ الأمريكيين يظهرون درجة عالية و غير متوقعة من الرضى عن مستوى أداء أطفالهم الدراسي، إذ إن رضى أمهات من مينيابوليس (الولايات التحدة الأمريكية) عن أداء أبنائهن في مرحلة الحضانة وحتى الصف الحادي عشر يفوق ثلاثة أضعاف رضی الأمهات الآسيويات عن مستوى أداء أبنائهن (في الرياضيات و القراءة و الرياضة و في درجة الانسجام مع الأطفال الآخرين). وتعيد هذه الدراسة سبب اطمئنان الأمهات الأمريكيات العالي عن أداء أولادهن إلى احتمال افتقادهن المعايير الواضحة التي يمكنهن الاعتماد عليها، إلى جانب أنه لم يكن لدى الأمهات الأمريكيات حوافز للسعي إلى تحسين نوعية تعليم أطفالهن.
وكانت اهتمامات الأطفال الصينيين متركزة في المجال التعليمي ، وقد أعيد ذلك لدى اليابانيين إلى الجهد الجماعي أكثر من التركيز على الأسباب الفردية، فإرجاع الحماس للمدرسة كنتيجة للأريحية التي يعيشونهغ أثناء وجودهم داخل الفضاء الدرسي ،ليس لاعتبارها مكانا كثير المطالب وخاضعا لنظام صارم .


بينما كانت اهتمامات الأطفال الأمريكيين متعلقة بالمال و بالأشياء المادية أقل من السعي وراء التفوق المدرسي ، وهذا ما يخفض إمكانيات جعل المدرسة مكانا ممتعا للتلاميذ الأمريكيين. وقد أعاد البحث هذه الفروقات لدى الأمريكيين إلى الجهد و القدرة على الإنجاز وإلى الموهبة الفطرية، فيعتقد الأهل عندها أن النجاح يرتبط إلى حد كبير بالموهبة الطبيعية و ليس بالجهد المبذول لتحقيقه. وهم لذلك أقل تشجيعا لأطفالهم على المشاركة في النشاطات المرتبطة بالإنجاز المدرسي خاصة و أن هذه النشاطات إلى جانب أنها مرتبطة بأثر البيئة و الإطار التربوي الأسري فهي مرتبطة أيضا بتأثير شخصية المعلم في تلاميذه فلا يوجد خلاف بين المربين و علماء النفس على أن المعلم أو المربي هو الذي يوجه كل عمليات التربية والبناء المعرفي الوجداني في المدرسة، و يمكن القول أن تأثير شخصية المدرس أقوى من الكتب الدراسية، وميل التلاميذ لمادة من المواد الدراسية مرتبط إلى حد كبير بدرجة حب التلاميذ لمدرس هذه المادة، ورفض التلميذ لهذه المادة قد يدل على أن التلميذ يرفض مدرسها. كذلك إن التلاميذ ينظرون إلى مدرسيهم كمثل أعلى بسبب الخصائص الإيجابية في شخصياتهم ولذلك فالمطلوب من المدرس أن يتميز بمواصفات خاصة في تصرفاته وسلوكه، وعلى الأخص النواحي النفسية والخلقية.


وقد أجرى كليم Klemm بحثا على 3000 تلميذ ، لمعرفة رأي التلاميذ في مدرسيهم، وما يجب أن يكون عليه المدرس في رأيهم، وقد لخص إجاباتهم في مواصفات اليدرس فيما يلي :


الشرح المنظم الواضح الذي يستوعبه العقل بسهولة.


إحساس التلاميذ بحب المدرس لهم.


القدرة على حل مشاكل التلاميذ.


الحيوية والنشاط.


ويذكر ايرلباخ Erlebach و زهنر Zehner في كتابهما "علم النفس للمعلم و المربي" أنه يجب على المدرس أن يكون مدركا لمميزاته ونقاط الضعف عنده لكي يطور نفسه إلى الأحسن كما أنه لكي يهتم التلاميذ بالعلم يجب على المدرس أن لا ينسى أن يتحدث بقدر الإمكان مع كل تلميذ، أما عن مسائل النظام في الفصل أو ضمان السيطرة على التلاميذ فذلك مرتبط بوثوق المدرس من نفسه وتمكنه من مادته ومن طرق التدريس. كما أنه على المعلم أن لا يشعر تلاميذه بضيقه (عند وجود مشاكل أو أحزان) أو بمزاجه غير المعتدل.


لأن وظيفة المعلم هي خلق أفضل الظروف الملائمة لعملية التعليم، والتعرف على ما يحدث عندما يتلقى التلاميذ موقفا تعليميا والتفاعل السيكولوجي بين الطرفين هو الذي يقرر نوع التعليم والتعلم، ولكي يتحقق ذلك بكفاءة يجب أن يدرك المعلم قدراته و يستغلها أفضل استغلال.


يقول "كانتور" أن المعلم يجب أن يستخدم في فصله مجموعة من الاتجاهات المنظمة النابعة من خبرته بالعلاقات الإنسانية لينظم علاقاته بتلاميذه، وأن يترك لتلاميذه فرصة النمو كل
حسب سرعته الخاصة و هذا يتطلب فهمه وتقبله للفروق الفردية بين التلاميذ . والمعلم المتمرس يهتم أولا بفهم التلاميذ وليس بالحكم عليهم ، ويجب أن يكون على حذر مستمر من إسقاط إرادته على التلميذ، ولذلك يجب أن يستخدم معرفته بالصحة النفسية وعلم النفس الإكلينيكي لكي يساعد نفسه على فهم كل تلميذ . ويمكن أن يمثل التروع لفرض السلطة على الآخرين وقاية للإنسان من الاعتراف بالفشل في ضبط النفس والمعلم بحكم طبيعة عمله يشغل وظيفة تحمل في طياتها السلطة والإغراء باستخدام سلطة الوظيفة لإرضاء حاجات شخصية، وما يزيد هذا الإغراء قوة الفارق الزمني بين عمر المعلم و التلاميذ، أضف إلى ذلك أن العلم واثق من النصر إذا تصارعت الإرادات والرغبات، ولهذا فإن طبيعة الفصل تساعد المعلم على إظهار التوتر. ومقاومة هذا الإغراء و الانتصار عليه تدريجيا يتطلب من المعلم اقتناعا كاملا بأن عمله هو مساعدة التلميذ.
وبالتالي فإن العوامل المجددة للوضعيات التربوية الأخرى داخل المدرسة متعددة ومتنوعة إذ أن الوضعية التربوية موجودة داخل مجموعة من العلاقات والتي تحددها نوعيا. فالوضعية التربوية وعلاقة معلم - تلميذ ليستا سوى النتاج الأخير الذي لا يمكن تحليله و فهمه بشكل جيد إلا بالنسبة إلى مجموعة القوى التي تحدده.
وبالتالي فهناك ثلاث مجموعات من العوامل:


-العوامل المتعلقة بالشروط العامة للتربية المؤسسية، وهي تترجم على شكل قرارات اجتماعية توخذ من قبل سلطات الإشراف.


-العوامل المتعلقة بالشروط الخاصة للوضعيات التربوية، وتترجم في شكل قرارات تؤخذ من قبل السلطات التربوية في نفس اتجاهات القرارات الاجتماعية.
-العوامل المتعلقة بشروط العلاقة التربوية بالذات، أي بمضمون نشاط المعلمين داخل الفصل.


شروط العلاقة التربوية، ثلاثة عوامل هنا تلعب دورها:




  • أولا، في الوضعيات الأكثر ،سطحية هناك المكان أي الصف، أو قاعة الدروس المدرج، قاعة الرياضة ... فالعلاقات التي سبق لنا أن عددناها سوف تقام داخل هذه القاعات، و حسب مساحتها، صفاتها الصوتية، إضاءتها، مفروشاتها. سوف ينمو تبعا لذلك هذا النمط أو ذاك من النشاطات التربوية، فمن المؤكد أن قاعة مساحتها 100 م² و عدد تلاميذها 125 تلميذا لن تسمح بقيام علاقات من نمط حميم بين أفرادها. و على العكس من ذلك (كما في بعض الصفوف الأمريكية) حين يكون الأثاث صالحا للتكيف مع نشاط الأطفال، ويمكن تحريكه وحيث المواد غنية و القاعات متخصصة، (مسرح ، موسيقى، أشغال يدوية سماع للأسطوانات مكتبات لا بد أن ينمو في هذا الجو نمط من العلاقات التربوية و نوع من نشاطات العمل الجماعية المختلفة جدا عما يمكن أن يكون عليه الحال في الصفوف المكتظة.




  • هذا، وتجدر الإشارة إلى جماعة الصف التي يجد المربي نفسه بحضورها، و المؤلفة من عناصر لكل واحد منها شخصيته ،عاداته طريقته في العيش هؤلاء الأفراد المتنوعون سيشكلون جماعة سوف يكون لها ردة فعل كجماعة و المربي يجد نفسه في علاقة مع كل فرد على حدة و لكن مع الجماعة كلها في آن واحد، و إقامة هذه العلاقات ضروري جدا للوضعية التربوية و جميع المربين يعرفون تماما أن لكل صف شخصيته و طابعه الخاص، و يستنتج من كلام المعلمين الدارج أن هناك صفوفا "جيدة" و صفوفا "سيئة". و من المؤكد أن المربي نفسه يقيم علاقات مختلفة من صف إلى آخر. أما المربي فإنه العنصر المهم طوال النهار في المدرسة الابتدائية و خلال عدة ساعات فيما بعد. لذلك تصبح المميزات الشخصية لهذا المربي شخصيته، إعداده العام، ثقافته، قدرته على الملاحظة و سرعة بديهته أو مهارته التربوية ... كلها تشكل عناصر مهمة في الوضعية التربوية.




تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

المبحث الرابع ح...

المبحث الرابع حرف " أوْ " - بفتح الهمزة وتسكين الواو - وهي تفيد أحد الشيئين أو الأشياء. وهي تقع بين ...

Internet of Thi...

Internet of Things (IoT) reveales the profound integration of wearable technology into our daily liv...

بالاطلاع على تا...

بالاطلاع على تاريخ رياضة الكاراتيه على المستوى المحلي نجد أن هذه الرياضة أدخلت إلى المملكة العربية ا...

1. Principle of...

1. Principle of Proximate Cause in Insurance Law The principle of proximate cause is fundamental in...

سرطان الرئة: سر...

سرطان الرئة: سرطان الرئة هو السبب الرئيسي لحالات الوفاة بالسرطان حول العالم يسبب سرطان الرئة من خلال...

This recognitio...

This recognition led to the convening of the World Assembly on Aging in 2002 with the participation ...

مطلوب! شاب ذكي ...

مطلوب! شاب ذكي يريد أن يصبح غنيا! يجب أن يكون على استعداد لإطاعة الأوامر دون طرح الأسئلة. إذا كنت مه...

التركيب الضوئي ...

التركيب الضوئي إنتاج المادة العضوية من طرف النباتات الية امتصاص الماء و الاملاح المعدنية عند النبات...

ﺇﻥ التدريس عملي...

ﺇﻥ التدريس عملية ﻟﻴﺴﺕ ﺴﻬﻠﺔ ﻜﻐﻴﺭﻫﺎ ﻤﻥ ﺍﻷﻋﻤﺎل ﺍﻷﺨﺭى ﻭﻤﻊ ﺫﻟﻙ ﻓﻬﻲ ﻤﻬﻤﺔ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﻘﻭﻡ ﺒﻬﺎ ﻜل ﻤﻥ ﺍﺴﺘﻬﻭﺍﻫﺎ ﻭ...

Evaluates each ...

Evaluates each market segment’s attractiveness and selects one or more segments to serveA group of p...

المقدمة: تعتبر...

المقدمة: تعتبر السياحة من القطاعات الاقتصادية الأساسية التي راهنت عليها الدولة التونسية منذ الاستقل...

ﻟﻢ ﻳﺘﻮﻗﻒ اﻟﻤﺜﻘﻔ...

ﻟﻢ ﻳﺘﻮﻗﻒ اﻟﻤﺜﻘﻔﻮن اﻟﻌﺮب ﻋﻦ ﻃﺮح اأﻟﺴﺌﻠﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ اﻟﺘ ﻟﻢ ﻳﻒ ﻋﻦ ﻃﺮﺣﻬﺎ اإﻟﺠﺎﺑﺔ ﻋﻨﻬﺎ أو ﻋﻦ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﺎﻟﻞ...