لخّصلي

مؤسسة إسلامية علمية إصلاحية ثقافية خيرية، أسسها سماحة العلامة الراحل الشيخ محمد صالح الفرفور ـــ رحمه الله تعالى ـــ عام 1375هـ /1956م.
بدأ نشاطها على شكل حلقات علمية كان يقيمها العلامة الراحل الشيخ محمد صالح الفرفور في الجامع الأموي، وفي بعض مساجد حي القيمرية في دمشق مثل جامع فتحي وذلك في أربعينات القرن الماضي، ولما اتسع نشاطه وكثر طلابه أسس الشيخ ـــ رحمه الله ـــ جمعية الفتح الإسلامي مع ثلة من خُلّص طلابه وبعض التجار الصلحاء لترعى شؤونها ونشاطها المالي والعلمي.
ثم أنشأ الشيخ المؤسس معهد الفتح الإسلامي قسم الذكور وكلف كبار تلامذته بالتدريس فضيلة الشيخ عبد الرزاق الحلبي وفضيلة الشيخ أديب الكلاس وفضيلة الشيخ رمزي البزم وغيرهم من الأساتذة الفضلاء ومن بعد قسم الذكور أنشأ قسماً للإناث.
وهذا ما أشار إليه البيان الرابع لجمعية الفتح الإسلامي، ثم نقل التدريس لدارٍ اشترتها جمعية الفتح الإسلامي في محلة القيمرية، وهناك انقلبت الدراسة من حلقات دراسية إلى معهد تنظمت صفوفه على خمس درجات (صفوف) تنتهي بشهادة.
تخرج في هذا المعهد كثير من الأئمة والخطباء والمدرسين في سوريا وفي البلاد العربية والإسلامية وغيرهما، ثم استقرت سنوات التدريس أخيراً في ست سنوات حتى يومنا هذا.
ويقول الشيخ المؤسس ـــ رحمه الله تعالى ـــ : (لقد نهض معهد الجمعية نهضة كبرى في الدعوة إلى الله بأساتذته وطلابه والمتخرجين منه، فوفد على المعهد طلاب العلم الشرعي واللغة العربية من كل فج عميق، من دمشق ومحافظات الجمهورية العربية السورية ومن البلاد العربية الشقيقة، والبلاد الإسلامية وغيرها، وما ذلك إلا لينهلوا من معين الإيمان ويدرسوا الفقه وعلوم الشريعة، ويقوموا بنشر الدعوة إلى الله ويحملوا على عاتقهم هذه الأمانة الكبرى.
وأما المواد العلمية التي تُدرس في هذا المعهد فهي علوم القرآن الكريم والتجويد والتفسير والحديث والمصطلح والأخلاق والأصول والعقيدة والفقه والفرائض والأحوال الشخصية، كما تدرس فيه العلوم العربية بأنواعها كالنحو والصرف والبلاغة والأدب والعروض والخطابة والمنطق وغيرها، ولا بد للطالب من حفظ أجزاء من القرآن الكريم عبر سنوات الدراسة، وكثيراً من نصوص الحديث المنتقاة من حديث رسول الله ، مع حفظ المتون الضرورية، التي يدرس شرحها في الصفوف المتقدمة، كما يدرس في المعهد العلوم الكونية كالرياضيات والهندسة والتاريخ وعلوم الصحة والفيزياء والكيمياء).
تخرجت الدفعة الأولى من الطلاب في هذا المعهد عام 1380هـ 1960م، ولا زال المعهد من ذلك الحين وإلى يومنا هذا يخرج طلبة العلم والدعاة إلى الله تعالى التي بلغ عددها بالآلاف.
لم يقتصر الشيخ المؤسس رحمه الله في جهوده التعليمية على تخريج العلماء والخطباء، بل اهتم أيضاً بتعليم المرأة؛ ليخرج منهن عالمات وداعيات إلى الله عز وجل بالحكمة والموعظة الحسنة.
لذا تم تأسيس قسم الإناث في عام 1385هـ -1965م؛ لأن المجتمع بحاجة ماسة إلى امرأة فاضلة متدينة تصبح أمّاً للمستقبل وزوجة ومرشدة مربية لأولادها وأسرتها ومجتمعها.
والحقيقة أن هذه الخطوة ـــ في تأسيس معهد خاص بالإناث ـــ تعد بالغة الأهمية، إذ إنها أول نهضة من نوعها تقام في دمشق لتعليم النساء العلوم الشرعية والعربية ليتبعها بعد ذلك عدة نهضات مشابهة ولله الحمد.
وفي سنة 1391 هـ-1971م افتتح الشيخ رحمه الله تعالى قسم التخصص في معهد الفتح الإسلامي، وكان هدفه تقوية الخريجين خلال ثلاث سنوات، يتخصص فيها الطالب في علم من العلوم التي قرأها في المعهد، وجعله ثلاثة فروع: فرع الفقه والأصول، وفرع اللغة العربية وعلومها، وفرع الحديث والتفسير.
ثم بدأ التطور في المعهد في حياة الشيخ ـــ رحمه الله ـــ حيث انتقل مقره إلى مسجد الصحابي الجليل سيدنا بلال الحبشي بدمشق، بتوجيه من الشيخ المؤسس وكلف وقتها الشيخ عبد الفتاح البزم مديراً للمعهد وذلك في عام 1983-1984، ثم صدر قرار وزير الأوقاف عام 1984م القاضي بتسمية الشيخ عبد الفتاح مديراً للمعهد، وبدأت عملية التطوير والنهضة بإشراف الشيخ المؤسس ـــ رحمه الله تعالى ـــ وإشراف فضيلة العلامة الشيخ عبد الرزاق الحلبي (شيخ الجامع الأموي رئيس مجلس إدارة جمعية الفتح الإسلامي بدمشق رحمه الله تعالى، وبالتعاون مع أنجال الشيخ وعلى رأسهم الشيخ الدكتور حسام الدين فرفور الذي كان نائب رئيس جمعية الفتح الإسلامي ثم فيما بعد أصبح (المشرف العام على مجمع الفتح الإسلامي ـــ رئيس فرع جامعة بلاد الشام في المجمع) وما زال حتى تاريخه.
وكانت مدة الدراسة في هذا القسم ثلاث سنوات دراسية وظل قسم التخصص على الحال التي أسسه الشيخ إلى أن تم توقيع اتفاقية علمية ثقافية مع جامعة الأزهر الشريف سنة 1414هـ-1994م حيث يحمل الطلاب والطالبات وثيقة تؤهلهم للقبول في السنة الرابعة مباشرة في جامعة الأزهر الشريف.
واستمر واقع قسم التخصص إلى أن صدر مرسوم من السيد رئيس الجمهورية العربية السورية ينص على إحداث معهد الشام العالي سنة 1432هـ ــ 2011م بفروعه الثلاثة ومنها فرع مجمع الفتح الإسلامي.
وفي سنة 2017 صدر المرسوم التشريعي رقم /8/ الذي ينص على تسمية معهد الشام العالي بجامعة بلاد الشام للعلوم الشرعية.
أهداف المعهد:
أ ـــ النهوض بالأمة العربية والإسلامية من خلال نشر العلوم والثقافة الإسلامية وعلوم اللغة العربية والدعوة إلى الله تعالى على بصيرة وهدى من خلال منهج الوسطية وفكر الاعتدال، والبعد عن الغلو والإفراط والتشدد.
ب ـــ تخريج جيل مؤمن صالح مخلص لإسلامه ووطنه وأمته.
ج ـــ الجمع بين الإيمان والعلم والعمل والأخلاق، وحمل رسالة الإسلام بما فيها من هداية ورحمة وسماحة وأخوة وحق وعدالة وفضيلة.
د ـــ الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والجمع بين فقه العقل وحضور القلب وفقه الحياة والعصر والشريعة والحقيقة.
هـ ـــ تطوير دراسات العلوم الإسلامية تطويراً يحافظ على الثوابت، وينطلق في المتغيرات، يبني ولا يهدم، ويجدد ولا يبدد.

المنهج العلمي والتربوي في المعهد
يعتمد المعهد في مناهجه ومقرراته أمهات الكتب التراثية المعتمدة، كما إن المنهج العلمي يشمل شتى صنوف العلم الشرعي، كعلوم القرآن والتفسير، وعلوم السنة المطهرة والسيرة النبوية، وعلوم الشريعة من فقه وأصول وعقيدة، وأحوال شخصية وميراث، وأخلاق وعلوم اللغة العربية من نحو وصرف وإعراب وإملاء وبلاغة وعروض وأصول نحو وفقه لغة ومعاجم، والأدب العربي نصوصاً وشرحاً ونقداً وتأريخاً، إضافة إلى التاريخ والمنطق والفِرَق والمذاهب والقضايا الفكرية والفقهية المعاصرة، كما يشمل المنهجُ العلمي بعضَ العلوم التجريبية والثقافة العصرية، كالرياضيات والعلوم الطبيعية والفيزياء والكيمياء والجغرافيا واللغة الأجنبية والمعلوماتية.
ويُوْلي المعهد عناية خاصة بالبحث العلمي والمكتبة، لذا ألزمت إدارة المعهد الطالب والطالبة سنة تخرجه بكتابة بحث تأليفاً أو تحقيقاً (رسالة تخرج) يبدأ الطالب بإعدادها من بداية العام الدراسي لتخرجه، ويناقش بها نهاية العام الدراسي، من خلال مادة (المقابلة) حيث يجلس الطالب (بعد اجتيازه مرحلة الامتحان الأخير الكتابي) بين يدي لجنة من كبار أساتذة وفي مقدمتهم فضيلة العلامة الراحل الشيخ عبد الرزاق الحلبي وفضيلة العلامة الراحل محمد أديب الكلاس وفضيلة الشيخ الدكتور حسام الدين فرفور وفضيلة الشيخ عبد الفتاح البزم المعهد لسبر معلوماته التي تلقاها خلال سني دراسته، ثم يناقش في رسالته التي أعدها، ليعطى بعد ذلك العلامة التي يستحقها في كل من المقابلة ورسالة التخرج.
كما يولي المعهد اللغة العربية الفصحى عناية فائقة، حيث يعتمدها لغة للعلم والمحاضرة في الفصول الدراسية.
للمعهد عناية خاصة بالقرآن الكريم حفظاً وتجويداً، وقد خصص شعبة للقرآن الكريم والقراءات القرآنية بإشراف متخصصين ومجازين بهذا الفن، أجيز من خلالها كثير من الطلاب والطالبات بعد حفظ القرآن الكريم كاملاً مع العناية بأحكام التجويد وحسن الأداء.
ويقوم المنهج التربوي في المعهد على العناية والاهتمام بالأمور التالية:
أ ـــ بناء الشخصية الإسلامية للطالب على الإسلام عقيدةً وشريعةً وفكراً وسلوكاً.
ب ـــ العناية بالتربية الخلقية والروحية التي تميز بها الدعاة العظماء من السلف الصالح، والتي يجب أن تتوافر في شخصية الداعي، فضلاً من الناحية العلمية والثقافية.
ج ـــ تدريب الطالب على أساليب الدعوة بإشراف الأساتذة، وذلك بتكليفهم بالخطابة والإمامة والتدريس والوعظ والإرشاد، والمشاركة في الاحتفالات والمناسبات الدينية والاجتماعية في مناحي الحياة عامة.
د ـــ الجمع بين الأصالة والمعاصرة في الأسلوب التربوي، إذ يطلب من الأساتذة في شرح الدروس وإلقاء المحاضرات الجمع بين المحاضرة ومناقشة عبارات العلماء.
أعداد الطلاب وجنسياتهم، وخريجو المعهد:
بلغ عدد الطلاب والطالبات في المعهد للعام الدراسي 2007-2008م حوالي 1300 ثلاثمائة وألف طالب وطالبة.
فيما بلغ عدد جنسيات الطلاب ما يزيد على (50) خمسين جنسية من أنحاء العالم.
أما الخريجون من المعهد بمختلف أقسامه منذ تأسيسه وحتى الآن فهم بالآلاف من الطلاب والطالبات، يحملون لواء الدعوة إلى الله سبحانه (أنحاء العالم العربي والإسلامي والغربي) في حقل الدعوة الإسلامية، ويشغلون وظائف مهمة في بلادهم، كالإمامة والخطابة والقضاء والإفتاء وفي المحاكم الشرعية، ومنهم من تابع تحصيله العلمي ونال الدرجات العلمية