لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (50%)

التي تكون على الأَقَارِبِ، قال ابن العربي: «الصدقة على الأهل أفضل من الصدقة على الأجانب كانت فرضاً أو تطوعاً) (١) . واستدلوا على ذلك بحديث مَيْمُونَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ ٣ ، أَعْتَقْتُ جَارِيَةً لِي فَدَخَلَ عَلِيَّ النَّبِيَّ * فَأَخْبَرْتُهُ بِعِتْقِهَا، وقد فضّلها مالك على العتق، لكونها صدقةً وصلةً في الوقت نفسه، قَالَ مَالك: «صدقتُكَ على ابْن عَمَّتك الْيَتِيمِ أَفْضَلُ مِنَ الْعِثْقِ، عَائِشَةُ رَوْنَا : يَا رَسُولَ اللهِ، فهذا لا يعني اقتصارَ ثواب الصدقة عليها، ٥- الجانب التطبيقي للصدقة في دولة الإمارات العربية المتحدة اهتمت دولة الإمارات العربية المتحدة بجانب التبرعات والصدقات المالية، والتي تُعرف باسم الحصالات في مختلف أنحاء الدولة، حيث تُعدُّ من أكثر الوسائل التسويقية انتشاراً وجَلْباً للإيرادات من قبَل المحسنين والمتبرعين، بحسب ما صرحت به الهيئة، موزَّعاً على المراكز والمحالّ التجارية والمرافق العامة (مطارات، إضافة إلى حصالات الخزن الحديدية التي وُزّعت على مساجد الدولة، وبلغ عددها في العام المنصرم (٣٦٥) حصالةً، وأشارت الهيئة إلى أنه تم تقسيم الحصالات ال(٣٦٥) التي وزعتها على مساجد الدولة لتلقِّي التبرُّعات المادية على مساجد الدولة، بعدد (٨٠) حصالة في أبوظبي، بل قامت الهيئة بتوفير استمارات ورقية مخصَّصة لأي نوع من أنواع التبرع المالي الذي يرغب به المتبرع، وغالباً ما توجد هذه الاستمارات في الأسواق والمراكز التجارية والبنوك ومناطق ولم تقف الهيئة عند هذا الحد، بل طورت من وسائلها من أجل تيسير قيام المسلمين بصدقاتهم وحَثَّهم عليها، فقد استخدمت تِقْنيات ذكيةً في جمع التبرُّعات، إلى جانب عدد من الخدمات الجديدة التي تسعى لتدشينها في المستقبل القريب (٢) . أشار أهل اللغة في مادة وقف إلى معانٍ عدة؛ منها: معنى الحبس، جاء في المصباح المنير: ((وقفت الدابة تقف وَقْفاً ووقوفاً: سكنت، ووقفت الدار وَقْفاً حبستُها في سبيل الله، وكل شيء وقفَهُ صاحبُه من نخل أو كَرْم أو غيرها يحبس أصله، والحبيس من الخيل: الموقوف في سبيل الله، ويُجعلَ ثمرُهُ في سبيل الله» (٢). ب - تعريفه اصطلاحاً ذهب فقهاء المالكية بنحو المعاني التي ذهب إليها أهل اللغة، ما قاله ابن عرفة: «الْوَقْفُ مَصْدَراً: إعْطَاءُ مَنْفَعَةِ شَيْءِ مُدَّةَ وُجُودِهِ لَازِماً بَقَاؤُهُ فِي مِلْكِ مُعْطِيهَا وَلَوْ تَقْدِيراً»(٣). كما جاء في الفواكه الدواني: «الحبس: ما أَعطيتَ منفعَتَه على غير وجه العارية ولا العُمْرى، بل على وجه الوقفية» (٤). أن الوقف قد يأتي بلفظ الحبس عند الفقهاء، قال ابن عرفة: ((الْفُقَهَاءُ بَعْضُهُمْ يُعَبِّرُ بِالْحَبْسِ، وَالْوَقْفُ عِنْدَهُمْ أَقْوَى فِي التَّحْبِيسِ، كما رأيت أن هذه الاصطلاحات على اختلاف لفظها، وهو تحبيس منفعة عين الشيء للموقوف له، ينقسم الوقف بحسب الجهة الأولى التي وقف عليها في الابتداء على نوعين: خيري، - أما الوقف الخيري: فهو الذي يُوقف في أول الأمر على جهة خيرية، يكون بعدها وقفاً على شخص معين أو أشخاص مُعيَّنين. كأن يقف أرضَه على مستشفى أو مدرسة، ثم من بعد ذلك على نفسه وأولاده. - وأما الوقف الأهلي أو الذُّرِّي: فهو الذي يوقف في ابتداء الأمر على نفس الواقف، ثم من بعدهم على جهة خيرية (١). ٢ - الحكمة من مشروعيته وحكمه الوقف باب عظيم من أبواب البر والخير والإحسان، وهو عمل تطوعي جليل ثابت بقول وفعل الرسول المصطفى : ومَن جاء بعدَه من الصحابة العدول الأخيار، وخصيصةٌ اختصَّ بها عن غيره من الأديان. قال النَّوَوِيّ رَحَمّلهُ : («وَهُوَ مِمَّا اخْتَصَّ بِهِ الْمُسْلِمُونَ) (١). وقال الشَّافِعِيُّ كَمّاله : «لَمْ تَحْبِسْ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ فِيمَا عَلِمْت دَاراً وَلَا أَرْضاً تَبَرُّراً بِتَحْبِيسِهَا، لأنه من أحسن ما يُتَقَرّب به إلى اللّٰه تعالى (٤). قال ابن عرفة: «وَيَجِبُ بِالنَّذْرِ، وقد يكون حراماً إذا استُعين به على معصية، جاء في منح الجليل: (وَبَطَلَ الْوَقْفُ عَلَى مَنْ يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى مَعْصِيَةٍ، وقال الدَّرْدير (٣) : («وبَطلَ الوَقْفُ على معصية، وقد يكون مكروهاً في بعض الحالات، ومنها: اشتراط الواقف على بناته خروجَهُنَّ من الوَقْف في حال زواجهن؛ قال ابن عبد البر: «وقال مالك فيمن حَبَسَ على بنيه وبناته وشَرَطَ أن مَن تزوّج من بناته فالحبس خارج عنها، وقد استدل المالكية على استحباب الوقف بأحباس نبينا ل والصحابة فعَنِ ابْنِ عُمَرَ هَيهَا : أَنْ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ أَصَابَ أَرْضاً بِخَيْبَرَ، فَأَتَى النَّبِيَّ # يسْتَأْمِرُهُ فِيهَا، وَتَصَدَّقْتَ بِهَا» قَالَ: فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ، وَتَصَدَّقَ بِهَا فِي الفُقَرَاءِ، لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفَ، قال: قال النبي ف : ((مَنِ احْتَبَسَ فَرَساً فِي سَبِيلِ اللهِ إِيمَانا بِاللهِ وَتَصْدِيقاً بِوَعْدِهِ، فَإِنَّ شِبَعَهُ وَرِيَّهُ وَرَوْثَهُ وَبَوْلَهُ فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ) (٢) . وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ له ، فقد أجمع أهل المدينة على جواز الأحباس والأوقاف (٣). ٣ - أركان الوقف وشروطه عند المالكية تمثَّلت أركان الوقف عند المالكية في: الصيغة، وترتبط بهذه الأركان مجموعة من الشروط التي رَتَّب المالكية على إِثْرِها بعضَ الاجتهادات الفقهية، وسوف أُشير إليها وإلى أهم هذه المسائل المتعلِّقة بها فيما يلي: الواقف: هُوَ الْمَالِكُ لِلذَّاتِ أَوِ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي أَوْقَفَهَا (٤). فلا يصح الوقف من مجنون. ١ - أن يكون مملوكاً للواقف ذاتاً ومنفعة (١). ٢ - أن لا يتعلق به حقُّ الغير (٣) ، فلا يصح وقف المرهون، والعبد الجاني إذا تعلَّقت بهم حقوق الغير (٣)، أما لو وقف ما ذكر قاصداً وقفه بعد الخلاص من الرهن والإجارة، إذ لا يشترط لديهم في الوقف التنجيز (٤). والمال الموقوف نوعان بشكل عام، فالعقار جائز الوقف عندهم، لأن جماعة من الصحابة رضوان اللّٰه عليهم وقفوه، ولأن العقار متأبِّدٌ يبقى على الدوام ثانياً: وقف المنقول: وهو مختلَفٌ فيه بين فقهاء المذهب، - وقف الطعام: وفيه أقوال، فالبعض قال بالمنع مطلقاً، وابن رشد الذي قال بالكراهة (٢) . لكن الذي رجَّحناه هو أن الطعام يجوز وقفه كما فَهِمَه الحَطّاب الرعيني المالكي(٣)، فقد قال: (وَإِنْ كَانَ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ أَوْقَفَهُ لِلسَّلَفِ إنِ احْتَاجَ إلَيْهِ مُحْتَاجٌ ثُمَّ يَرُدُ عِوَضَهُ فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا الْجَوَازُ، وَأَضْعَفُ مِنْهُ قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ إِنِ حُمِلَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَاللهُ أَعْلَمُ)»(٤)، وقد ذهب الدَّردير (٥) بنحو ذلك (٦). وقف الدنانير والدراهم: لم يُفصِّل فيه فقهاءُ المالكية، ما قاله ابن رشد: (وأما الدنانير والدراهم وما لا يُعرف بعينه فتحبيسه مكروه» (١). وتبعه الشيخ خليل على جواز وقف الطعام والنقد، - وقف الثياب: أجاز المالكية تحبيس الثياب التي يمكن الانتفاع بها (٣)، قال ابن القاسم (٤) فيها: ((وما بلي من الثياب المحبسة ولم يبق فيه منفعة بيعت واشتريَ بثمنها ثياب يُنتفَع بها، فإن لم يبلغ تصدَّق به في السبيل» (٥). - وقف الحيوان والدواب: فأما في تحبيس الخيل فلا خلاف في جوازه، واختلف قول الإمام مالك في غير الخيل من الحيوان، قال مالك: وما ضعف من الدواب المحبسة في سبيل اللّه حتى لا تكون فيه قوة على الغزو بيعت واشتُريَ بثمنها ما يُنتفَعُ به من الخيل فتُجعل في السبيل. وقال ابن القاسم: فإن لم يبلغ ثمنَ فرس أو هجين أو برذون فليُعِنْ بذلك في ثمن فرس () اتفق الجمهور - ومن ضمنهم المالكية - غيرَ الحنفية على جواز وقف المنقول مطلقاً، سواء أكان الموقوف مستقلاً بذاته، إذ لم يَشترِطوا التأبيدَ لصحة الوقف، ج - شروط الموقوف عليه ١ - أهليةَ التملُك: بمعنى أن يكون محتاجاً لمنفعة الموقوف ولو للصرف في مصالحه، وهذه الأهلية تكون إما حكماً كالمسجد، ٢ - أن يكون معيّناً (٤): بمعنى أن تكون الجهة الموقوف عليها ٣ - أن لا يكون الموقوف عليه جهة معصية: بل جهة بِرِّ قال المالكية بأن الوقف يكون صحيحاً على الْمَوْجُود والمعدوم، لأنها على معين كما سبق ذكره في الموقوف عليه (٣). وينعقد الوقف عندِ المالكية إما باللفظ الصريح، أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَ الصِّيغَةِ عُرْفاً فِي الدَّلالةِ عَلَى الْوَقْفِيَّةِ، وهو نوعان: إما فعل كَالْإِذْنِ فِي الصَّلَاةِ فِي الْمَكَانِ الَّذِي بَنَاهُ لِلصَّلَاةِ(٥)، كأن يأتيَ الواقفُ بقرينة تقتضي التأبيدَ في وقفه، كل ذلك يُوجِبُها وقفاً عند مالك إذا أو أفردها مُحْبِسُها بمن يليها لمصالحها (١). وتحصيل المذهب في قرائن صيغة الوقف الدالة على كونه وقفاً مؤبداً ومحرماً - أي: لا يجوز الانتفاع بالموقوف إلا في ذلك الأمر الذي وُقف لأجله، ويصير حكمه بتلك القرينة حكمَ المُحرَّم باللفظ

  • القرينة الدالة على التأبيد بشكل غير صريح، كأن يكون المجهولون محصورين في عدد معين، - أو كان وقفاً له صفات لا ينعدم فيها سبيل البر، أو لا ينقطع عنه البر بانقطاع الناس، كالمساكين والمساجد والمرضى والعميان ونحو فكل هذه الحالات إذا حُمِلَ الوقْفُ فيها على هذه الصفات فلا يجوز عند المالكية إنقاصُهُ ولا تبديلُهُ ولا تغييرُهُ عن وجهه أبداً، ولا يشترط عند المالكية في صيغة الوقف التأبيد، أجاز المالكية الوقف سنة أو أكثر لأجل معلوم، توسعة على الناس في عمل الخير. والذي يقصد به بأن يكون مُنجَّزاً في الحال غيرَ معلَّق بشرط، ولا مضاف إلى وقت في المستقبل؛ كأن يقول: هو حَبْس على كذا بعد شهر أو سنة، أو يقول: إن ملكت دار فلان فهي وقف. أي تعليق الوقف بشرط الخيار أو بخيار الشرط، بأن يقف شيئاً ويَشْرِطَ لنفسه أو لغيره الرجوعَ فيه متى شاء؛ قال المالكية: إذا اشترط الواقف على مستحق الوقف إصلاحه أو دفع ضريبة بغير حق لحاكم ظالم، صح الوقف وأَلْغِيَ الشرط، ٤ - الجانب التطبيقي للوقف في دولة الإمارات العربية المتحدة إن المؤسسة البارزة التي تكفّلت بجانب أوقاف الدولة سواء داخلها أو خارجها هي الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف (١). وقد ارتقت هيئةُ الأوقاف بالوَقْف إلى مراحل عديدة، وتطوعت في توفيره لمن يحتاجه كيفاً ونوعاً، ودعت جميع الجهات المعنية والمجتمع الإماراتي خاصة، إلى السعي في التطوع بالقيام والوقوف به؛ ونَبِّهتهم في محافلَ عديدةٍ على أهميته، ومن المصارف الوقفية التي دعت إليها هيئة الأوقاف: وقف الشؤون الإسلامية، وقف الرعاية الاجتماعية وخدمة المجتمع، كما قامت بعمل مشاريع وقفية، وكل هذه المصارف والمشاريع دعت إليها بالعديد من الطرق؛ وذلك من أجل تيسير قيام الناس بأوقافهم بأقل جهد، ومن هذه الطرق: وجود مناديب التسويق في إمارات الدولة، بالإضافة إلى الحصالات المعدنية الصغيرة والتي يتم توزيعها أيضاً عن طريق مناديب التسويق ويستلمونها أيضاً في حال امتلائها. ومن الطرق الأُخرى: إرسال الرسائل النصية على الأرقام الخاصة المرتبطة بالهيئة، كما يمكن للشخص أن يقوم بوقفه عن طريق إرسال المبلغ المطلوب على الحسابات الوقفية التي وفرتها هيئة الأوقاف في بعض المصارف والبنوك. وما زالت الجهود مستمرةً في اهتمام هيئة الأوقاف بهذا العمل التطوعي الجليل، العمل التطوعي في المجال الاجتماعي الإنساني يُعدُّ ميدان التطوع الاجتماعي من أبرز ميادين العمل التطوعي، بحيث إن أغلب الأعمال التطوعية تندرج تحت إطاره. فالعمل التطوعي عبارة عن رسالة إنسانية هدفها الأول والأخير الحفاظ على النفس الإنسانية وكرامتها وديمومتها عن طريق التكافل الاجتماعي الإنساني الذي يحدث بين أفراد المجتمع. فالمجال الاجتماعي التطوعي هو مُنطلق كل متطوع في الغالب، ثم بعد ذلك يسعى المتطوعون للمجالات الأخرى انطلاقاً من هذا المجال والأساس، نجد أن مجالات العمل التطوعي قد تنوَّعت واتسعت لتشملَ مجالاتٍ أُخرى نابعةٍ من أساس الجانب الاجتماعي والإنساني أولاً وآخراً. ويمكن أن نُدرِجَ ضمنَ هذا الميدان أعمالاً تطوعيةً عديدة، وبذل اللِّباس للمحتاجين، والاهتمام بالأطفال خاصة اليتامى ومجهولي النسب منهم، إن كفالة اليتيم باب عظيم من أبواب التطوع، وقربةٌ جليلة حثت عليها الشريعة الغراء، ووعدت من يقوم بها بالثواب العظيم، فقد قَالَ رَسُولُ اللهِ * : «وَأَنَا وَكَافِلُ اليَتِيمِ فِي الجَنَّةِ هَكَذَا» وَأَشَارَ بِالسَّبَابَةِ وَالوُسْطَى، وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا (١). واليُثْم كما عرفه العلماء يُقصد به: انقطاعُ الصَّبيِّ عن أبيه قبل بلوغه (٣)، فمن إجماع العقول على أن العَيَان أقوى من الخَبَر، فالإشارة قد تكون في عض المواضع أقوى من الكلام(٤)، فكما قال ابن بطال: حق على كل مؤمن يَسمعُ هذا الحديثَ أن يرغب في العمل به ليكون فى الجنة رفيقاً للنبيّ ل ولجماعة النبيين والمرسلين
  • صلوات اللّٰه عليهم أجمعين - ولا منزلة عند اللّٰه في الآخرة أفضلُ من مُرافقة الأنبياء أو كان من جهة المجتمع من حولهم، ودَعَتْ إليها بأسلوب الترغيب والترهيب، فقد حثَّ الإسلام على الإحسان إلى اليتامى، قال تعالى: (وَاعْبُدُواْ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَاِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَى وَٱلْمَسَلْكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَنُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالا فَخُورًا ) (النساء: ٣٦]. ما كتبه أبو الدرداء إِلَى سَلْمَانَ: يَا أَخِي ارْحَمِ الْيَتِيمَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ لِ وَ أَتَاهُ رَجُلٌ يَشْكُو قَسْوَةَ قَلْبِهِ، وَتَقْدِرُ عَلَى حَاجَتِكَ»() . كما حث الإسلام على إصلاح أحوالهم، ورَغَب الدين في حضانتهم ورعايتهم وتربيتهم تربية سليمةً وصحيحةً، وهذا الحق هو الأصعب بحسب اعتقادي، كما أن تربية وتعليم الطفل تأتي على مراحل تدريجية، وفي كل مرحلة يحتاج وليه وكافله إلى أسلوب وطريقة مختلفة لتعليمه وتربيته على الشكل الذي يريده ويرتضيه لطفله (١)، فهي مسؤولية ليست بالسهلة على الكافل، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَشْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، ومن أعظم الحقوق التي اعتنت بها الشريعة في حق اليتيم؛ فقد قال تعالى: ( لَيْسَ الْبِرَ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ ٱلْرَّ مَنْ ءَامَنَ بِاللَّهِ وَٱلْيَوْمِ الْأَخِرِ وَٱلْمَلَيْكَةِ وَٱلْكِنَبِ وَٱلنَّيِّنَ وَءَانَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَٰمَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَوٰةَ وَءَاتَى الزَّكَوٰةَ وَٱلْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَٰهَدُواْ وَالصَّبِرِينَ فِي الْبَأْسَآءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَيِكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَيِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ) البقرة: ١٧٧]،


النص الأصلي

أشاروا أيضاً إلى أن أفضل الصدقات؛ التي تكون على الأَقَارِبِ، قال ابن العربي: «الصدقة على الأهل أفضل من الصدقة على الأجانب كانت فرضاً أو تطوعاً) (١) .
واستدلوا على ذلك بحديث مَيْمُونَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ ٣ ، قَالَتْ:
أَعْتَقْتُ جَارِيَةً لِي فَدَخَلَ عَلِيَّ النَّبِيَّ * فَأَخْبَرْتُهُ بِعِتْقِهَا، فَقَالَ: ((آجَرَكِ الله، أَمَا إِنَّكِ لَوْ أَعْطَيْتِها أَخْوَالَكِ لَكَانَ أَعْظَمَ لأَجْرِكِ) (٢).
وقد فضّلها مالك على العتق، لكونها صدقةً وصلةً في الوقت نفسه، قَالَ مَالك: «صدقتُكَ على ابْن عَمَّتك الْيَتِيمِ أَفْضَلُ مِنَ الْعِثْقِ، ثُمَّ فِي الْجِيرَةِ، وَفِي الإصلاح وَرفع الشحناء، لقَوْله لَمَا قَالَتْ لَهُ
عَائِشَةُ رَوْنَا : يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ لِي جَارَيْنِ فَإِلَى أَيَّهِمَا أُهْدِي؟ قَالَ: «إِلَى أَقْرَبِهِمَا مِنْكِ بَاباً) (٣) .
وَالسِرُّ في ذَلِكَ؛ أَنَّ الْجِوَارَ لَهُ حَقِّ، وَالْقُرْبَ لَهُ حَقٍّ، فَيَجْتَمِعُ فِي الْجَارِ الْقَرِيبِ الْأَمْرَانِ مَعَ الصَّدَقَةِ، كَمَا اجْتمع فِي الْقَرِيبِ، وَمَعْرُوفَانِ أَفْضَلُ مِنْ مَعْرُوفٍ(٤).
وقال أَصبَغُ (١): العتق أحبُّ إليّ، وذلك - والله أعلم - يختلف باختلاف الأحوال، ورُبَّ زمان تكون فيه الصدقة أفضلَ من العتق، ورُبَّ زمان يكون فيه العتق أفضلَ من الصدقة، وإنما يُعرف ذلك عند النزول(٣).
ولكن برغم أفضلية هذه الوجوه التي أشار إليها المالكية، فهذا لا يعني اقتصارَ ثواب الصدقة عليها، فالصدقة في أصلها تُعطى للفقراء والمحتاجين(٣)، وإن كان الأفضل أن تُعطى للأقارب كما ذكره المالكية، كما أن الصدقة قد تخرج من ظهر فقير، وقد تُعتبر أفضلَ عند بعض العلماء (٤).
٥- الجانب التطبيقي للصدقة في دولة الإمارات العربية المتحدة اهتمت دولة الإمارات العربية المتحدة بجانب التبرعات والصدقات المالية، وأذكر في ذلك البارز منها، وهي: مؤسسة الهلال
الأحمر الإماراتي.
فقد وَفّرت الهيئة صناديق خاصةً بالتبرُّعات المالية، والتي تُعرف باسم الحصالات في مختلف أنحاء الدولة، وقد بلغت حصيلة هذه الصناديق الخيرية خلال العام الماضي نحو (٢٠) مليوناً و(١٦٥) ألفاً و(٦٥٦) درهماً، حيث تُعدُّ من أكثر الوسائل التسويقية انتشاراً وجَلْباً للإيرادات من قبَل المحسنين والمتبرعين، وفقاً لما أكدته الهيئة (١).
ولقد بلغ عدد هذه الصناديق، بحسب ما صرحت به الهيئة، حوالي (٥٥٣١) صندوقاً؛ موزَّعاً على المراكز والمحالّ التجارية والمرافق العامة (مطارات، مستشفيات، مكاتب حكومية، مدارس وكليات جامعية وغيرها)، إضافة إلى حصالات الخزن الحديدية التي وُزّعت على مساجد الدولة، وبلغ عددها في العام المنصرم (٣٦٥) حصالةً، وهي مُتاحةٌ للجميع بمختلف طوائفهم، وتتيح التبرُّعَ في أي وقت. وأشارت الهيئة إلى أنه تم تقسيم الحصالات ال(٣٦٥) التي وزعتها على مساجد الدولة لتلقِّي التبرُّعات المادية على مساجد الدولة، بعدد (٨٠) حصالة في أبوظبي، و(٦٥) في بني ياس، و(٦٥) في الشارقة، و(٤٥) في العين، و(٣٠) في رأس الخيمة، و(٢٥) في أم القيوين، و(٢٥) في الفجيرة، و(١٥) في عجمان، والمنطقة الغربية (١٥) حصالة (٢).
ولم تقتصر هذه التبرُّعات على وجود الصناديق أو الحصالات الخيرية، بل قامت الهيئة بتوفير استمارات ورقية مخصَّصة لأي نوع من أنواع التبرع المالي الذي يرغب به المتبرع، وغالباً ما توجد هذه الاستمارات في الأسواق والمراكز التجارية والبنوك ومناطق
التجمعات.
ولم تقف الهيئة عند هذا الحد، بل طورت من وسائلها من أجل تيسير قيام المسلمين بصدقاتهم وحَثَّهم عليها، فقد استخدمت تِقْنيات ذكيةً في جمع التبرُّعات، منها التبرُّع المباشر عبر الموقع الإلكتروني للهيئة(١)، والهواتف المتحركة، والرسائل النصية، إلى جانب عدد من الخدمات الجديدة التي تسعى لتدشينها في المستقبل القريب (٢) .
المطلب الثالث: الوقف
١- تعريفه وأنواعه
أ - تعريفه لغةً
أشار أهل اللغة في مادة وقف إلى معانٍ عدة؛ منها: معنى الحبس، والسكون، والمنع، والتسبيل.
جاء في المصباح المنير: ((وقفت الدابة تقف وَقْفاً ووقوفاً: سكنت، ووقفت الدار وَقْفاً حبستُها في سبيل الله، ووقفت الرجل عن الشيء
وقفاً: منعته عنه، وشيء موقوف، ووَقْف أيضاً؛ تسمية بالمصدر، والجَمْع: أوقاف)) (1).
وجاء في القاموس المحيط: «الحبس: المنع، وكل شيء وقفَهُ صاحبُه من نخل أو كَرْم أو غيرها يحبس أصله، وتُسبَل غَلّتُه.
والحبيس من الخيل: الموقوف في سبيل الله، وتحبيس الشيء: أن يبقى أصله، ويُجعلَ ثمرُهُ في سبيل الله» (٢).
ب - تعريفه اصطلاحاً
ذهب فقهاء المالكية بنحو المعاني التي ذهب إليها أهل اللغة،
ومن ذلك:
ما قاله ابن عرفة: «الْوَقْفُ مَصْدَراً: إعْطَاءُ مَنْفَعَةِ شَيْءِ مُدَّةَ وُجُودِهِ لَازِماً بَقَاؤُهُ فِي مِلْكِ مُعْطِيهَا وَلَوْ تَقْدِيراً»(٣).
كما جاء في الفواكه الدواني: «الحبس: ما أَعطيتَ منفعَتَه على غير وجه العارية ولا العُمْرى، بل على وجه الوقفية» (٤).
لاحظت مما سبق؛ أن الوقف قد يأتي بلفظ الحبس عند الفقهاء، وهما لفظان مترادفان عندهم، قال ابن عرفة: ((الْفُقَهَاءُ بَعْضُهُمْ يُعَبِّرُ بِالْحَبْسِ، وَبَعْضُهُمْ يُعَبَّرُ بِالْوَقْفِ، وَالْوَقْفُ عِنْدَهُمْ أَقْوَى فِي التَّحْبِيسِ، وَهُمَا فِي اللَّغَةِ لَفْظَانِ مُتَرَادِفَانِ) (٥).
كما رأيت أن هذه الاصطلاحات على اختلاف لفظها، إلا أنها تتفق في المعنى، وهو تحبيس منفعة عين الشيء للموقوف له، سواء كان ذلك حقيقة أو حكماً.
ج - أنواعه
ينقسم الوقف بحسب الجهة الأولى التي وقف عليها في الابتداء على نوعين: خيري، وأهلي أو ذُرّي.



  • أما الوقف الخيري: فهو الذي يُوقف في أول الأمر على جهة خيرية، ولو لمدة معينة، يكون بعدها وقفاً على شخص معين أو أشخاص مُعيَّنين. كأن يقف أرضَه على مستشفى أو مدرسة، ثم من بعد ذلك على نفسه وأولاده.

  • وأما الوقف الأهلي أو الذُّرِّي: فهو الذي يوقف في ابتداء الأمر على نفس الواقف، أو أيِّ شخص أو أشخاص معينين، ولو جُعِلَ آخرُهُ لجهة خيرية، كأن يقف على نفسه، ثم على أولاده، ثم من بعدهم على جهة خيرية (١).
    ٢ - الحكمة من مشروعيته وحكمه
    الوقف باب عظيم من أبواب البر والخير والإحسان، وهو نوع من المواساة التي تحفظ من الهلاك وشديد الأذى (٢).
    وهو عمل تطوعي جليل ثابت بقول وفعل الرسول المصطفى :
    ومَن جاء بعدَه من الصحابة العدول الأخيار، والتابعين الأبرار ومَن تبعهم بإحسان إلى يومنا هذا.
    وهو مِيْزة بَصَمها الإسلام في تاريخه وحاضره ومستقبله، وخصيصةٌ اختصَّ بها عن غيره من الأديان. قال النَّوَوِيّ رَحَمّلهُ : («وَهُوَ مِمَّا اخْتَصَّ بِهِ الْمُسْلِمُونَ) (١).
    وقال الشَّافِعِيُّ كَمّاله : «لَمْ تَحْبِسْ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ فِيمَا عَلِمْت دَاراً وَلَا أَرْضاً تَبَرُّراً بِتَحْبِيسِهَا، وَإِنَّمَا حَبَّسَ أَهْلُ الْإِسْلَامِ، وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ بِنَاءُ قُرَيْشِ الْكَعْبَةَ وَحَفْر بِئْرِ زَمْزَمَ؛ لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ تَبَرُّراً، بَلْ فَخْراً ) (٢) .
    وحكم عليه أغلبُ الفقهاء بالجواز، بل بالنَّدْب(٣)؛ لأنه من أحسن ما يُتَقَرّب به إلى اللّٰه تعالى (٤).
    وقد تُعرَضُ عليه أحكام أخرى كالوجوب، قال ابن عرفة: «وَيَجِبُ بِالنَّذْرِ، وَبِالْحِنْثِ، وَبِأَمْرِ مَنْ تَجِبُ طَاعَتُهُ أَمْراً جَازِماً»().
    وقد يكون حراماً إذا استُعين به على معصية، كوقفه على الخمر وما شابهها من المُحرَّمات، جاء في منح الجليل: (وَبَطَلَ الْوَقْفُ عَلَى مَنْ يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى مَعْصِيَةٍ، كَجَعْلِ رِيعِهِ فِي ثَمَنِ خَمْرٍ»(٢).
    وقال الدَّرْدير (٣) : («وبَطلَ الوَقْفُ على معصية، كجعل غَلَّته في ثمن خمر، أو حشيشة، أو سلاح لقتال غير جائز»(٤)، إلى غير ذلك من الأمثلة (٥) .
    وقد يكون مكروهاً في بعض الحالات، ومنها: اشتراط الواقف على بناته خروجَهُنَّ من الوَقْف في حال زواجهن؛ قال ابن عبد البر:
    «وقال مالك فيمن حَبَسَ على بنيه وبناته وشَرَطَ أن مَن تزوّج من بناته فالحبس خارج عنها، قال: أنا أكره هذا ولا أرضاه، وقد كان عندنا القُضاة يُجيزونَهُ، ونَقْضُه أحبُّ إليِّ)» (٢).
    ولكن مع هذه الحالات؛ إلا أن الوقف في أصله مُستحبَّ، وقد استدل المالكية على استحباب الوقف بأحباس نبينا ل والصحابة
    الأخيار.
    فعَنِ ابْنِ عُمَرَ هَيهَا : أَنْ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ أَصَابَ أَرْضاً بِخَيْبَرَ، فَأَتَى النَّبِيَّ # يسْتَأْمِرُهُ فِيهَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أَصَبْتُ أَرْضاً بِخَيْبَرَ لَمْ أُصِبْ مَالاً قَطْ أَنْفَسَ عِنْدِي مِنْهُ، فَمَا تَأْمُرُ بِهِ؟ قَالَ: ((إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا، وَتَصَدَّقْتَ بِهَا» قَالَ: فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ، أَنَّهُ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ، وَتَصَدَّقَ بِهَا فِي الفُقَرَاءِ، وَفِي القُرْبَى وَفِي الرّقَابِ، وَفِي سَبِيلِ اللهِ، وَابْنِ السَّبِيلِ، وَالضَّيْفِ، لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفَ، وَيُطْعِمَ غَيْرَ مُتَمَوَّلٍ(١) .
    وعن أبي هريرة يه، قال: قال النبي ف : ((مَنِ احْتَبَسَ فَرَساً فِي
    سَبِيلِ اللهِ إِيمَانا بِاللهِ وَتَصْدِيقاً بِوَعْدِهِ، فَإِنَّ شِبَعَهُ وَرِيَّهُ وَرَوْثَهُ وَبَوْلَهُ فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ) (٢) .
    وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ له ، قَالَ: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَائَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحِ يَدْعُو لَهُ»
    والشاهد من هذا الحديث هو الصدقة الجارية، وهي الوقف (1).
    أما من ناحية الإجماع؛ فقد أجمع أهل المدينة على جواز الأحباس والأوقاف (٣).
    ٣ - أركان الوقف وشروطه عند المالكية
    تمثَّلت أركان الوقف عند المالكية في: الصيغة، والواقف، والموقوف عليه، والموقوف (٣).
    وترتبط بهذه الأركان مجموعة من الشروط التي رَتَّب المالكية على إِثْرِها بعضَ الاجتهادات الفقهية، وسوف أُشير إليها وإلى أهم هذه المسائل المتعلِّقة بها فيما يلي:
    أ - شروط الواقف
    الواقف: هُوَ الْمَالِكُ لِلذَّاتِ أَوِ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي أَوْقَفَهَا (٤).
    وشرطه عند المالكية بشكل عام: أهليّةُ التبرُّع والتصرُّف في المال(٥)، ويتمثل ذلك في كونه(٦):

  • عاقلاً، فلا يصح الوقف من مجنون.

  • بالغاً، فلا يصح من صبي.

  • حرّاً، فلا يصح من عبد.

  • رشيداً، فلا يصح من سفيه.

  • مختاراً، فلا يصح من المُكرَه.
    ب - شروط الموقوف
    اشترط المالكية في الموقوف:
    ١ - أن يكون مملوكاً للواقف ذاتاً ومنفعة (١).
    ٢ - أن لا يتعلق به حقُّ الغير (٣) ، فلا يصح وقف المرهون، والشيء المؤجّر، والعبد الجاني إذا تعلَّقت بهم حقوق الغير (٣)، أما لو وقف ما ذكر قاصداً وقفه بعد الخلاص من الرهن والإجارة، صح الوقف؛ إذ لا يشترط لديهم في الوقف التنجيز (٤).
    والمال الموقوف نوعان بشكل عام، ولكل نوع إشارات وأحكام سردها المالكية في كتبهم.
    أولاً: وقف العقار: كالأَرَضِيْنَ والدِّيار والحوانيت والجَنّات والمساجد والآبار والقناطر والمقابر والطرق وَغير ذَلِك (١)، فالعقار جائز الوقف عندهم، سواء كان مَشاعاً أو غيرَ مَشَاع (٢).
    وهو جائز باتفاق فقهاء المالكية وغيرهم، لأن جماعة من الصحابة رضوان اللّٰه عليهم وقفوه، مثلما تقدّم من وقف عمر صيه أرضَه في خيبر، ولأن العقار متأبِّدٌ يبقى على الدوام
    ثانياً: وقف المنقول: وهو مختلَفٌ فيه بين فقهاء المذهب، ومن
    أمثلته :

  • وقف الطعام: وفيه أقوال، فالبعض قال بالمنع مطلقاً، أي: لا يجوز تحبيس الطَّعَام لأَن منفعَته فِي استهلاكه(٤)، وهو قول ابن شاس(٥)

  • ⁠وتردد آخرون في ذلك كابن الحاجب(١)، وابن رشد الذي قال بالكراهة (٢) .
    لكن الذي رجَّحناه هو أن الطعام يجوز وقفه كما فَهِمَه الحَطّاب الرعيني المالكي(٣)، فقد قال: (وَإِنْ كَانَ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ أَوْقَفَهُ لِلسَّلَفِ إنِ احْتَاجَ إلَيْهِ مُحْتَاجٌ ثُمَّ يَرُدُ عِوَضَهُ فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا الْجَوَازُ، وَالْقَوْلُ بِالْكَرَاهَةِ ضَعِيفٌ، وَأَضْعَفُ مِنْهُ قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ إِنِ حُمِلَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَاللهُ أَعْلَمُ)»(٤)، وقد ذهب الدَّردير (٥) بنحو ذلك (٦).
    وقف الدنانير والدراهم: لم يُفصِّل فيه فقهاءُ المالكية، ولكن مما وجدناه من أقوال فيه، ما قاله ابن رشد: (وأما الدنانير والدراهم وما لا يُعرف بعينه فتحبيسه مكروه» (١).
    ولكن نصَّ الإمام مالكٌ، وتبعه الشيخ خليل على جواز وقف الطعام والنقد، وهو المذهب، وينزل رَدُّ بَدَلِهِ منزلةَ بقاء عينه (٢).

  • وقف الثياب: أجاز المالكية تحبيس الثياب التي يمكن الانتفاع بها (٣)، أما فيما لا منفعة منه، قال ابن القاسم (٤) فيها: ((وما بلي من الثياب المحبسة ولم يبق فيه منفعة بيعت واشتريَ بثمنها ثياب يُنتفَع بها، فإن لم يبلغ تصدَّق به في السبيل» (٥).

  • وقف الحيوان والدواب: فأما في تحبيس الخيل فلا خلاف في جوازه، واختلف قول الإمام مالك في غير الخيل من الحيوان، فله روايتان إحداهما بالكراهة، والأخرى بالجواز (٦).
    أما فيما ضعف من الحيوانات، قال مالك: وما ضعف من الدواب المحبسة في سبيل اللّه حتى لا تكون فيه قوة على الغزو بيعت واشتُريَ بثمنها ما يُنتفَعُ به من الخيل فتُجعل في السبيل. وقال ابن القاسم: فإن لم يبلغ ثمنَ فرس أو هجين أو برذون فليُعِنْ بذلك في ثمن فرس ()
    وبشكل عام، اتفق الجمهور - ومن ضمنهم المالكية - غيرَ الحنفية على جواز وقف المنقول مطلقاً، كآلات المسجد كالقنديل والحصير، وأنواع السلاح والثياب والأثاث، سواء أكان الموقوف مستقلاً بذاته، وَرَدَ به النصُّ، أو جرى به العُرْف، أم تبعاً لغيره من العقار، إذ لم يَشترِطوا التأبيدَ لصحة الوقف، فيصح كونه مؤبداً أو مؤقتاً، خيريّاً أو أهليّاً (٢).
    ج - شروط الموقوف عليه
    اشترط المالكية فيه:
    ١ - أهليةَ التملُك: بمعنى أن يكون محتاجاً لمنفعة الموقوف ولو للصرف في مصالحه، وهذه الأهلية تكون إما حكماً كالمسجد، أو حِساً كالآدمي
    (٣).
    ٢ - أن يكون معيّناً (٤): بمعنى أن تكون الجهة الموقوف عليها
    معلومةً ومعروفةً.
    ٣ - أن لا يكون الموقوف عليه جهة معصية: بل جهة بِرِّ
    وخير (١).
    وبناءً على هذه الشروط، قال المالكية بأن الوقف يكون صحيحاً على الْمَوْجُود والمعدوم، والمُعَيِّن والمجهول، وَالْمُسلم وَالذَّمّيّ،
    والقريب والبعيد (٢).
    د - شروط الصيغة
    الصيغة عند المالكية هي الإيجاب والقبول، لأنها على معين كما سبق ذكره في الموقوف عليه (٣).
    وينعقد الوقف عندِ المالكية إما باللفظ الصريح، كوَقَفْت، وَتَصَدَّقْت، وَحَبَسْت(٤). أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَ الصِّيغَةِ عُرْفاً فِي الدَّلالةِ عَلَى الْوَقْفِيَّةِ، وهو نوعان: إما فعل كَالْإِذْنِ فِي الصَّلَاةِ فِي الْمَكَانِ الَّذِي بَنَاهُ لِلصَّلَاةِ(٥)، أو لفظ، كأن يأتيَ الواقفُ بقرينة تقتضي التأبيدَ في وقفه، كأن يقول: وقف، أو حَبْس، أو صدقة حَبْس لا يباع ولا يوهب، سواء قال: محرمة مؤبدة، أو لم يقل، وكذلك إذا قال: أرضي صدقة على فلان، وجعل له مرجعاً مؤبّداً، كل ذلك يُوجِبُها وقفاً عند مالك إذا
    أشهد عليها المُحْبِس وقبضها المُحْبَسُ عليه، أو أفردها مُحْبِسُها بمن يليها لمصالحها (١).
    وتحصيل المذهب في قرائن صيغة الوقف الدالة على كونه وقفاً مؤبداً ومحرماً - أي: لا يجوز الانتفاع بالموقوف إلا في ذلك الأمر الذي وُقف لأجله، ويصير حكمه بتلك القرينة حكمَ المُحرَّم باللفظ

  • هو الحالات التالية (٢) :

  • القرينة الدالة على التأبيد بشكل غير صريح، سواء باللفظ (كتصدقت، ولا توهب، ولا تباع، وغير ذلك)، أو بالفعل (كالإذن في الصلاة).

  • إذا كان على مجهولين غيرِ مُعيَّنِيْن، كالفقراء والمساكين
    والعلماء.

  • إذا كان على مُعيَّنِيْن مجهولين، كأن يكون المجهولون محصورين في عدد معين، أو يقول: تصدقت على فلان وعَقِبِه ونَسْلِه.

  • أو كان وقفاً له صفات لا ينعدم فيها سبيل البر، أو لا ينقطع عنه البر بانقطاع الناس، كالمساكين والمساجد والمرضى والعميان ونحو
    ذلك.
    فكل هذه الحالات إذا حُمِلَ الوقْفُ فيها على هذه الصفات فلا يجوز عند المالكية إنقاصُهُ ولا تبديلُهُ ولا تغييرُهُ عن وجهه أبداً، وحرامٌ بيعه وشراؤه إذا كان حِيْزَ وقُبِضَ في حياة المُحبس.
    ولا يشترط عند المالكية في صيغة الوقف التأبيد، ولا التنجيز،
    ولا الإلزام
    (١). ففي التأبيد؛ أجاز المالكية الوقف سنة أو أكثر لأجل معلوم، ثم يرجع ملكاً للواقف أو لغيره، توسعة على الناس في عمل الخير.
    وفي التنجيز؛ والذي يقصد به بأن يكون مُنجَّزاً في الحال غيرَ معلَّق بشرط، ولا مضاف إلى وقت في المستقبل؛ قال المالكية:
    لا يشترط في الوقف التنجيز، فيجوز مع التعليق، كأن يقول: هو حَبْس على كذا بعد شهر أو سنة، أو يقول: إن ملكت دار فلان فهي وقف.
    أما في الإلزام؛ أي تعليق الوقف بشرط الخيار أو بخيار الشرط، بأن يقف شيئاً ويَشْرِطَ لنفسه أو لغيره الرجوعَ فيه متى شاء؛ قال المالكية: إذا اشترط الواقف على مستحق الوقف إصلاحه أو دفع ضريبة بغير حق لحاكم ظالم، صح الوقف وأَلْغِيَ الشرط، ويصح في الأصح الإصلاح ودفع التوظيف من غلة الموقوف. كذلك لو شرط عدمَ البدء بإصلاح الموقوف، أو عدمَ البَدْء بنفقته التي يحتاج إليها كنفقة الحيوان، صح الوقف، وبطل الشرط، وأنفق عليه من غلة الموقوف.
    ٤ - الجانب التطبيقي للوقف في دولة الإمارات العربية المتحدة إن المؤسسة البارزة التي تكفّلت بجانب أوقاف الدولة سواء داخلها أو خارجها هي الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف (١).
    وقد ارتقت هيئةُ الأوقاف بالوَقْف إلى مراحل عديدة، وتطوعت في توفيره لمن يحتاجه كيفاً ونوعاً، ودعت جميع الجهات المعنية والمجتمع الإماراتي خاصة، إلى السعي في التطوع بالقيام والوقوف به؛ ونَبِّهتهم في محافلَ عديدةٍ على أهميته، لكونه موروثاً عريقاً ستَمدّاً من الشريعة الإسلامية الغراء.
    ومن المصارف الوقفية التي دعت إليها هيئة الأوقاف: وقف الشؤون الإسلامية، وقف العلم، وقف البر والتقوى، وقف الأيتام والفقراء، وقف الصحة، وقف الرعاية الاجتماعية وخدمة المجتمع، الوقف الأهلي والذري.
    كما قامت بعمل مشاريع وقفية، وحَثَّت أهلَ الخير إليها؛ كمشروع طباعة القرآن، ومشروع ساهم معنا في صلة الأرحام، ومشروع سهم الوفاء للأب، ومشروع سهم الوفاء للأم، ومشروع فرش المساجد، ومشروع مَفْحَص قطاة.
    وكل هذه المصارف والمشاريع دعت إليها بالعديد من الطرق؛ وذلك من أجل تيسير قيام الناس بأوقافهم بأقل جهد، وفي وقت مختصر.
    ومن هذه الطرق: وجود مناديب التسويق في إمارات الدولة، وأيضاً صناديق التبرعات (الحصالات) الموجودة في جميع المراكز التجارية والجمعيات والمستشفيات والدوائر الحكومية ومحطات البترول والبنوك، وذلك ينطبق على الحصالات الكبيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى الحصالات المعدنية الصغيرة والتي يتم توزيعها أيضاً عن طريق مناديب التسويق ويستلمونها أيضاً في حال امتلائها.
    ومن الطرق الأُخرى: إرسال الرسائل النصية على الأرقام الخاصة المرتبطة بالهيئة، وطريقة التبرع الإلكتروني الموجودة في موقع الهيئة الرسمي.
    كما يمكن للشخص أن يقوم بوقفه عن طريق إرسال المبلغ المطلوب على الحسابات الوقفية التي وفرتها هيئة الأوقاف في بعض المصارف والبنوك.
    وما زالت الجهود مستمرةً في اهتمام هيئة الأوقاف بهذا العمل التطوعي الجليل، والذي ذكرناه ما هو إلا قطرة في بحر إنجازات وأعمال عديدة كانت وما زالت هذه المؤسسة تسعى لتحقيقها.
    المبحث الثاني
    العمل التطوعي في المجال الاجتماعي الإنساني
    يُعدُّ ميدان التطوع الاجتماعي من أبرز ميادين العمل التطوعي، ويُمثِّل جزءاً كبيراً منه؛ بحيث إن أغلب الأعمال التطوعية تندرج تحت إطاره. ولا غرابة في ذلك؛ فالعمل التطوعي عبارة عن رسالة إنسانية هدفها الأول والأخير الحفاظ على النفس الإنسانية وكرامتها وديمومتها عن طريق التكافل الاجتماعي الإنساني الذي يحدث بين أفراد المجتمع.
    فالمجال الاجتماعي التطوعي هو مُنطلق كل متطوع في الغالب، ثم بعد ذلك يسعى المتطوعون للمجالات الأخرى انطلاقاً من هذا المجال والأساس، فالحاجات في السابق كانت مقتصرةً في أغلبها ضمن هذا الإطار والميدان، لكن نظراً لتغير الأحوال والأوضاع في كل قرن، ولتزايد الحاجات في أمور أخرى، نجد أن مجالات العمل التطوعي قد تنوَّعت واتسعت لتشملَ مجالاتٍ أُخرى نابعةٍ من أساس الجانب الاجتماعي والإنساني أولاً وآخراً.
    ويمكن أن نُدرِجَ ضمنَ هذا الميدان أعمالاً تطوعيةً عديدة، كإغاثة الملهوفين، وإطعام الطعام، وبذل اللِّباس للمحتاجين، وسقي الماء للعطشى، وبناء المساجد، ورعاية الأرامل والمطلقات، والاهتمام بالأطفال خاصة اليتامى ومجهولي النسب منهم، ورعاية المُسنِّين والمعاقين، وغير ذلك الكثير، وسوف أفصل في بعض هذه المجالات في المطالب القادمة.
    المطلب الأول: رعاية وكفالة اليتيم
    إن كفالة اليتيم باب عظيم من أبواب التطوع، وقربةٌ جليلة حثت عليها الشريعة الغراء، ووعدت من يقوم بها بالثواب العظيم، فقد قَالَ رَسُولُ اللهِ * : «وَأَنَا وَكَافِلُ اليَتِيمِ فِي الجَنَّةِ هَكَذَا» وَأَشَارَ بِالسَّبَابَةِ وَالوُسْطَى، وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا (١).
    ويُقصد بكافل اليتيم، أي: القَيِّم بأمره ومصالحه (٢)، واليُثْم كما عرفه العلماء يُقصد به: انقطاعُ الصَّبيِّ عن أبيه قبل بلوغه (٣)، وقد أشار ي في هذا الحديث بأصابعه، وهو أبلغ في الوصف، فمن إجماع العقول على أن العَيَان أقوى من الخَبَر، فالإشارة قد تكون في عض المواضع أقوى من الكلام(٤)، فحريٌّ بالمؤمن إذا بلغه هذا القول المؤكَّد بالفعل أن يسعى كي ينالَ هذه المرتبةَ الشريفةَ، فكما قال ابن بطال: حق على كل مؤمن يَسمعُ هذا الحديثَ أن يرغب في العمل به ليكون فى الجنة رفيقاً للنبيّ ل ولجماعة النبيين والمرسلين

  • صلوات اللّٰه عليهم أجمعين - ولا منزلة عند اللّٰه في الآخرة أفضلُ من مُرافقة الأنبياء

  • ⁠إن ترتب هذا الجزاء والثواب العظيم لكفالة وإعالة اليتيم، يُبيِّنُ لنا أنه ليس بالعمل السهل والهَيِّن، فمصالح وحقوق اليتيم عديدة، سواء كان ذلك من جهة الشخص الذي يكفلهم، أو كان من جهة المجتمع من حولهم، وقد بيَّنَتْها الشريعة، ودَعَتْ إليها بأسلوب الترغيب والترهيب، ومن أبرز هذه الحقوق حق الإحسان في معاملتهم؛ فقد حثَّ الإسلام على الإحسان إلى اليتامى، قال تعالى: (وَاعْبُدُواْ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَاِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَى وَٱلْمَسَلْكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَنُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالا فَخُورًا ) (النساء: ٣٦].
    ومن الإحسان رحمتُهُم والعطفُ عليهم، ومما ورد في السنة دليلاً على ذلك، ما كتبه أبو الدرداء إِلَى سَلْمَانَ: يَا أَخِي ارْحَمِ الْيَتِيمَ، وَأَدنِهِ مِنْكَ، وَامْسَحْ بِرَأْسِهِ، وَأَطْعِمْهُ مِنْ طَعَامِكَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ لِ وَ أَتَاهُ رَجُلٌ يَشْكُو قَسْوَةَ قَلْبِهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ لي : (( أَتُحِبُّ أَنْ يَلِينَ قَلْبُكَ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: ((فَأَدْنِ الْيَتِيمَ إِلَيْكَ، وَامْسَخْ بِرَأْسِهِ، وَأَطْعِمْهُ مِنْ طَعَامِكَ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُلَيِّنُ قَلْبَكَ، وَتَقْدِرُ عَلَى حَاجَتِكَ»() .
    كما حث الإسلام على إصلاح أحوالهم، قال تعالى: (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ ٱلْيَتَامَىٰ قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ ) (البقرة: ٢٢٠).
    ورَغَب الدين في حضانتهم ورعايتهم وتربيتهم تربية سليمةً وصحيحةً، وهذا الحق هو الأصعب بحسب اعتقادي، لأن الطفل في هذه
    المرحلة يحتاج للرعاية والتوجيه والمتابعة الدائمة، كما أن تربية وتعليم الطفل تأتي على مراحل تدريجية، وفي كل مرحلة يحتاج وليه وكافله إلى أسلوب وطريقة مختلفة لتعليمه وتربيته على الشكل الذي يريده ويرتضيه لطفله (١)، فهي مسؤولية ليست بالسهلة على الكافل، فكما قال : (كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَشْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَشِؤُولٌ عَنْ رَعِبَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَشْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيَّدِهِ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِبَتِهِ»(٢).
    ومن أعظم الحقوق التي اعتنت بها الشريعة في حق اليتيم؛ حق النفقة، فقد قال تعالى: ( لَيْسَ الْبِرَ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ ٱلْرَّ مَنْ ءَامَنَ بِاللَّهِ وَٱلْيَوْمِ الْأَخِرِ وَٱلْمَلَيْكَةِ وَٱلْكِنَبِ وَٱلنَّيِّنَ وَءَانَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَٰمَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَوٰةَ وَءَاتَى الزَّكَوٰةَ وَٱلْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَٰهَدُواْ وَالصَّبِرِينَ فِي الْبَأْسَآءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَيِكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَيِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ) البقرة: ١٧٧]، وقال تعالى: ( يَسْئَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَآ أَنْفَقْتُم مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَلِدَيْنِ وَٱلْأَقْرَبِينَ وَٱلْتَمَىٰ وَٱلْمَسَٰكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ )


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

Medical coding ...

Medical coding is a pivotal aspect of healthcare administration that directly influences the financi...

ISTJ شصية هادئ ...

ISTJ شصية هادئ وجاد ويكسب النجاح من خلال الدقة والاعتمادية. وعملي وواقعي ومسؤول. ويقرر منطقيا ما يجب...

داخل أروقة مستش...

داخل أروقة مستشفى شهداء الأقصى وسط غزة يجلس محمد صالح منهكا ينتظر دوره لجلسة غسيل الكلى وعلامات التع...

عنوان الدرس: ال...

عنوان الدرس: المؤسسة و حماية البيئة. عنوان المقطع :2 المعايير المعتمدة لحماية البيئة أهداف المقطع ...

وعلى العكس من ع...

وعلى العكس من علماء الاجتماع، إهتم علماء الأنثروبولوجيا بالخواص الوبائية الأمراض الشعوب غير الغربية ...

تجارب الآنسة أو...

تجارب الآنسة أوفيليا وآراؤها كان البيت الذي عُهد إلى الآنسة أوفيليا بالإشراف على إدارته غارقاً في خ...

على الرغم من ال...

على الرغم من العقبات، مثل ضعف التطبيق وقلة الموارد، شكّلت التنظيمات مرحلة مهمة في تاريخ الدولة العثم...

ينقسم االسم من ...

ينقسم االسم من حيث العدد بدوره إلى ثالثة اقسام معروفة وهي على الترتيب: المفرد، المثنى، الجمع . * ال...

مراحل التخطيط ا...

مراحل التخطيط العمراني : ويتم التخطيط العمراني على أربعة مراحل رئيسة : المرحلة الأولى : التخطيط ال...

: التجديد في ال...

: التجديد في الأوزان والقوافي بدأ التطور في موسيقى الشعر منذ وقت مبكر إبان انتشار الغناء في الحجاز و...

لتكافؤ فً التوز...

لتكافؤ فً التوزع الجغرافً للمصادر والموارد الطبٌعٌة : وذلن بسبب تباٌن العوامل والظروف الطبٌعٌة، وخا...

إذا حدث أن توفي...

إذا حدث أن توفي احد الخصوم أثناء نظر الدعوى فإنها تنقطع شريطة أن تكون قابلة لالنتقال إلى الخلف سواء ...