لخّصلي

تعتمد شرعية الحكومات في الأنظمة البرلمانية على ثقة البرلمان، حيث يسقط غياب هذه الثقة الحكومة. يُعيّن رئيس الدولة رئيس الحكومة عادةً من الأغلبية البرلمانية أو الحزب الأكبر، مُشكلاً حكومة ائتلافية إن لم يحظَ حزبه بالأغلبية. تتميز الحكومة بالانسجام والتضامن بين أعضائها، سواءً كانت من حزب واحد أو ائتلافية، حيث يتحمل الوزراء مسؤولية تضامنية عن قرارات الحكومة. وللحكومة دور أساسي في وضع وتنفيذ السياسات العامة للدولة، كمؤسسة مستقلة عن رئيس الدولة والسلطة التشريعية. أخيرًا، يتميز النظام البرلماني بتعاون مرن بين السلطات، يسمح بتأثير وتدخل كل سلطة في الأخرى.

• قيام الحكومة على ثقة البرلمان. أي أنه لا يمكن أن للحكومة أن تستمر في ممارسة مهامها إلا بعد حصولها على ثقة البرلمان، فغياب مثل تلك الثقة يعرض الحكومة للسقوط. لهذا نجد بأن رئيس الدولة حينما يعين رئيس الحكومة أو الوزير الأول يلتزم بتعيينه من داخل الأغلبية البرلمانية أو من الحزب الذي حصل على أكبر عدد من المقاعد، ثم يعمل هذا الأخير على اختيار أعضاء وزارته من داخل قيادات حزبه. أما إذا كان الحزب لا يتوفر على الأغلبية داخل مجلس النواب فإن رئيس الحكومة المعين يلجأ إلى تشكيل حكومة ائتلافية، أي تشكيلها من أكثر من حزب الممثلين داخل مجلس النواب.

وفي هذه الحالة كذلك تحتاج الحكومة إلى ثقة البرلمان فهي لا تستطيع العمل أو الاستمرار في ممارسة السلطة بدون تلك الثقة التي تستمدها من المجلس وبدون

أن تحظى بتأييده.

2 - الحكومة بنية متجانسة ومتضامنة بمعنى أن الحكومة كبنية تتشكل من مجموعة من العناصر تشتغل في شكل هيئة جماعية مميزة دون تنافر بين

الأعضاء المشكلين لها. وللمجلس الحكومي والوزاري دور أساسي في تحقيق التناغم والانسجام بين مكونات الحكومة بما أن داخل هذه المؤسسة يتم تحديد سياسة الدولة والتداول بشأن توجهاتها العامة. كما أن التجانس الحكومي يأتي نتيجة للبناء الحكومي الذي غالبا ما يقوم على أساس أعضاء يتبنون الأفكار وذوى الميول والتوجهات السياسية المتماثلة إذا كانت مشكلة من حزب واحد. أما إذا كانت حكومة ائتلافية فإن التجانس يتحقق بفعل توجه رئيس الحكومة المعين من رئيس الدولة إلى تشكيل حكومة من الأحزاب التي تتقاسم نفس الرؤى وتتقارب فيما بينها حول مجموعة من القضايا السياسية. كما أن اتسام الحكومة في الأنظمة البرلمانية بسمة التضامن فهذا يعني أن كل الوزراء الأعضاء في الحكومة مسؤولين مسؤولية تضامنية عن القرارات الصادرة عنهم، خاصة تلك التي تتعلق بسياسة الدولة العامة وسياساتها العمومية. فهم يسألون على سبيل التضامن عن جميع ما يتخذ من أعمال وقرارات، ولا يكون بمقدور أحدهم التنصل من المسؤولية بحجة أنه لم يكن موافقا عليها، أو على أساس غيابه أو عدم حضوره الجلسة التي تم اعتماد تلك السياسة في إطارها 216

3 الحكومة أداة لممارسة السلطة وليست فقط آلية للتنفيذ. تستمد الحكومة هذه المكانة من الوثيقة الدستورية التي تخولها أهم الاختصاصات التي تمكنها من ممارسة السلطة في مختلف تجلياتها. فهي المسؤولة عن وضع السياسة العامة للدولة وعن السياسات العمومية التي تحدد معالمها وتسهر على تنفيذ مقتضياتها. هذا زيادة عن كونها كيان متميز عن رئيس الدولة، بما أن لها رئيسها الخاص، وعن المؤسسة التشريعية التي تتحمل وحدها المسؤولية أمامه. الفرع الثالث: التعاون بين السلطات

إن ما يميز النظام البرلماني هو الفهم المرن الذي أعطي لمبدأ الفصل بين السلطات. فهو لا يقيم فصلا تاما وجامدا بينها وإنما ترك الباب مفتوحا لتأثير وتدخل كل سلطة في الأخرى وسمح لها بخلق جسور التواصل والتعاون