لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (40%)

وعملت مصر وسوريا على إقامة وحدة فيما بينهما . د فالتاريخ يرينا أنه إذا ما اتحـدت سوريا مع مصر فإما ستحميان العالم الشرقي من جميـع الأخطـار الـتي يمكـن أن تتهدده". وعلى أثر توقيع الاتفاق طاف كل من صلاح سالم وخالد العظم بعدة عواصم عربية لدعوا للانضمام للاتفاق العسكري الجديد ، الأمر الذي أدى إلى مزيد مـن القلق من قبل الدول المناهضة لهذا التوجه الوحدوي ، ومـن ثم توالـت المخططـات الغربية المناوئة للسياسات المصرية السورية الوحدوية ، د إبراهيم جلال: انفصال سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة ٤١١ في يوليو ، ١٩٥٦ حيث وقفت كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا كعقبـة كؤود حالت دون وصول الدعم المادي إ لى مصر التي كانت تبذل قصارى جهـدها آنذاك لبناء مشروع السد العالي ، أن الحكومة العراقية تلقـت أمـر ا مـن المخابرات البريطانية بتنفيذه في نفس يوم العدوان الثلاثي على مصر . ونتيجة لهذه التوجهات الرافضة للوحدة العربية ، رأت مصر ضرورة الإسراع نحو دعم الوحدة العربية من خلال عقد التضامن العر بي الرباعي بين مصر وسـوريا والأردن والسعودية في ١٩ يناير ١٩٥٧ للاتفاق على تقديم الدعم المـالي لـلأردن لكي لا يعتمد على بريطانيا ، ولكن بريطانيا أوهمت الملك حسين بأن الوحدة سـتقام على أنقاض الدول الملكية من أجل قيام دول جمهورية . جـاءت الولايات الم تحدة بمشروع وحدة إسلامية بزعامة السعودية التي حاولت ضم سـوريا إليها كبديل عن الوحدة المصرية - السورية (العربية) لكنها فـشلت ، كمـا قامـت السعودية بعدة حملات لتشويه صورة عبد الناصر بأنه معتنق الـشيوعية ، ورغم محاولات الغرب والأنظمة الملكية إثناء سوريا عن السير قدم ا نحو الوحدة مع مصر ، ضاف إلى ذلك تأكيـد البيطار على أن ثورة مصر في ١٩٥٢ تعد مفخرة لكل العرب ، وعلى جميع الـدول العربية أن تتبعها في منهجها من أجل تحقيق ثورة عربية كبرى . وأمام هذا الإصـرار المصري السوري على الوحدة ، بالإضافة إلى تغذية شكوك جميع دول المنطقة من الوحدة . التي حاولت فتح الباب للـبلاد العربيـة )٢( المناهضة لفكر الوحدة العربية للتعاون معها والانضمام إلى حلف بغداد . ورغبة من الجانب السوري في إتمام الوحدة مع مصر ، ١٩٥٧ وبعد نزول القوات المصرية باللاذقية اجتمع مجلس النواب السوري مع مجلس الأمة المصري في جلسة مشتركة لإقرار مبدأ الاتحاد الفيـدرالي . وهـم مصممون على تحقيق الوحدة بأي شكل ، وفى مقابلتهم لجمال عبد الناصر في مـساء ١٥ يناير من العام نفسه ، أوضح عبد الناصر أن مصر ليست مستعدة لقيام الوحـدة قبل خمس سنوات ، د إبراهيم جلال: انفصال سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة ٤١٣ وأوضح لعبد الناصر أنه جاء ممث لاً للحكومة السورية ومطالب ا بإقامة دولـة الوحـدة . وهى : الأول- أن يجرى استفتاء شعبي على الوحدة بين مصر وسوريا . الأمر الذي أفضى إلى إجهاض الوحدة وقيام الانفصال عام ، ثم عاد إلى القاهرة في ٢٥ يناير يحمل المشروع الكامل للوحدة بعد أن أقره مجلس الوزراء ال سوري الذي أعلن قيام الوحدة بعد موافقة الجميع علـى شـروط عبدالناصر عدا الحزب الشيوعي الذي رفض حل نفسه وخرج زعيمه خالد بكداش )٣( من البلاد إلى الكتلة السوفيتية . وفى أول فبراير ١٩٥٨ عقد اجتماع في قصر القبة بالقاهرة بـين الرئيـسين شكري القوتلي وعبد الناصر حضره ممثلو القطرين وانتهى الاجتماع بتوقيـع كـل منهما على وثيقة توحيد سوريا ومصر في الجمهورية العربية المتحدة ، وفى ٥ فبرايـر وافق كل من مجلس النواب ال سوري والأمة المصري بالإجماع على المبادئ التي أقرت لقيام الوحدة وترشيح عبد الناصر ليكون رئيس ا للجمهورية العربية المتحدة، وفى ٢١ فبراير أ جرى استفتاء في الإقليمين ال سوري والمصري، وتمخض عن ذلك كله أن ظهرت إلى الوج ود الجمهورية العربيـة المتحـدة ، ٤١٤ الروزنامة (العدد الثامن - ٢٠١٠)  ويعلق محمد حسنين هيكل على الوحدة بقوله ": إن الوحدة الـتي تمـت في فبراير ١٩٥٨ كانت عم لاً سه ، وصورت الأمر للأمة العربيـة - على نحو هين ويسير - إن الذ ي حدث في فبراير ١٩٥٨ تم بسرعة وببساطة يمكن أن )٥( تصدق في الأحلام ولكن لا تصدق في الواقع" . أُعلن الدستور المؤقـت للجمهورية العربية المتحدة في ٥ مارس ، وتضمن الدستور أن الدولة جمهورية ديمقر اطية مستقلة ذات سيادة وشعبها جزء من الأمـة العربيـة ، وأن رئيس الدولة هو رئيس الجمهورية ، وضمت أول حكومة كلا من : أكرم الحوراني ( رئيس مجلس النواب ال سوري قبل الوحدة وهو بعثي ). وصبرى العسلي ( رئيس الوزراء السوري قبـل الوحـدة ) كنائبين لرئيس الجمهورية . أي أن عبد الناصر استقطب حزب البعث ال سوري، ولم يسمح له بأن يضع يده على الحكم ، د إبراهيم جلال: انفصال سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة ٤١٥ الجمهورية، وازدادت هوة الخلاف بين سياسة الجمهورية وحـزب البعـث وكان ذلك أيضا سببا في تعكير صفو العلاقات بين الطرفين . وفى ا ال الاقتصادي والاجتماعي، اتخذت الدولة إجراءات اقتصادية للتعاون بين الإقليمين - أهمها إصدار قانون الإصلاح الزراعي في أواخـر -١٩٥٨ الـذي سيكون لها أثر سيئ على مسيرة الوحدة ، كما تم وضع خطة شاملة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لمدة خمـس سـنوات ( -١٩٦٠ ١٩٦٥) كان الغرض منها زيادة الإنتاج في كل من إقليمي دولة الوحـدة ، وعلى المصري الجيش الثاني، نتيجة لأن الحزب الشيوعي ال سوري ومن ناصره كانوا مـن المعارضـين لقيام الوحدة ، ففي يوليو من العام نفسه سافر عبد الحكيم عـامر بتوجيـه مـن عبدالناصر إلى دمشق ، أمر بنقل نحو أربعـين مـن الـضباط السوريين إلى القاهرة ، وعملت مصر وسوريا على إقامة وحدة فيما بينهما . د فالتاريخ يرينا أنه إذا ما اتحـدت سوريا مع مصر فإما ستحميان العالم الشرقي من جميـع الأخطـار الـتي يمكـن أن تتهدده". وعلى أثر توقيع الاتفاق طاف كل من صلاح سالم وخالد العظم بعدة عواصم عربية لدعوا للانضمام للاتفاق العسكري الجديد ، الأمر الذي أدى إلى مزيد مـن القلق من قبل الدول المناهضة لهذا التوجه الوحدوي ، ومـن ثم توالـت المخططـات الغربية المناوئة للسياسات المصرية السورية الوحدوية ، د إبراهيم جلال: انفصال سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة ٤١١ في يوليو ، ١٩٥٦ حيث وقفت كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا كعقبـة كؤود حالت دون وصول الدعم المادي إ لى مصر التي كانت تبذل قصارى جهـدها آنذاك لبناء مشروع السد العالي ، أن الحكومة العراقية تلقـت أمـر ا مـن المخابرات البريطانية بتنفيذه في نفس يوم العدوان الثلاثي على مصر . ونتيجة لهذه التوجهات الرافضة للوحدة العربية ، رأت مصر ضرورة الإسراع نحو دعم الوحدة العربية من خلال عقد التضامن العر بي الرباعي بين مصر وسـوريا والأردن والسعودية في ١٩ يناير ١٩٥٧ للاتفاق على تقديم الدعم المـالي لـلأردن لكي لا يعتمد على بريطانيا ، ولكن بريطانيا أوهمت الملك حسين بأن الوحدة سـتقام على أنقاض الدول الملكية من أجل قيام دول جمهورية . جـاءت الولايات الم تحدة بمشروع وحدة إسلامية بزعامة السعودية التي حاولت ضم سـوريا إليها كبديل عن الوحدة المصرية - السورية (العربية) لكنها فـشلت ، كمـا قامـت السعودية بعدة حملات لتشويه صورة عبد الناصر بأنه معتنق الـشيوعية ، ورغم محاولات الغرب والأنظمة الملكية إثناء سوريا عن السير قدم ا نحو الوحدة مع مصر ، ضاف إلى ذلك تأكيـد البيطار على أن ثورة مصر في ١٩٥٢ تعد مفخرة لكل العرب ، وعلى جميع الـدول العربية أن تتبعها في منهجها من أجل تحقيق ثورة عربية كبرى . وأمام هذا الإصـرار المصري السوري على الوحدة ، بالإضافة إلى تغذية شكوك جميع دول المنطقة من الوحدة . التي حاولت فتح الباب للـبلاد العربيـة )٢( المناهضة لفكر الوحدة العربية للتعاون معها والانضمام إلى حلف بغداد . ورغبة من الجانب السوري في إتمام الوحدة مع مصر ، ١٩٥٧ وبعد نزول القوات المصرية باللاذقية اجتمع مجلس النواب السوري مع مجلس الأمة المصري في جلسة مشتركة لإقرار مبدأ الاتحاد الفيـدرالي . وهـم مصممون على تحقيق الوحدة بأي شكل ، وفى مقابلتهم لجمال عبد الناصر في مـساء ١٥ يناير من العام نفسه ، أوضح عبد الناصر أن مصر ليست مستعدة لقيام الوحـدة قبل خمس سنوات ، د إبراهيم جلال: انفصال سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة ٤١٣ وأوضح لعبد الناصر أنه جاء ممث لاً للحكومة السورية ومطالب ا بإقامة دولـة الوحـدة . وهى : الأول- أن يجرى استفتاء شعبي على الوحدة بين مصر وسوريا . الأمر الذي أفضى إلى إجهاض الوحدة وقيام الانفصال عام ، ثم عاد إلى القاهرة في ٢٥ يناير يحمل المشروع الكامل للوحدة بعد أن أقره مجلس الوزراء ال سوري الذي أعلن قيام الوحدة بعد موافقة الجميع علـى شـروط عبدالناصر عدا الحزب الشيوعي الذي رفض حل نفسه وخرج زعيمه خالد بكداش )٣( من البلاد إلى الكتلة السوفيتية . وفى أول فبراير ١٩٥٨ عقد اجتماع في قصر القبة بالقاهرة بـين الرئيـسين شكري القوتلي وعبد الناصر حضره ممثلو القطرين وانتهى الاجتماع بتوقيـع كـل منهما على وثيقة توحيد سوريا ومصر في الجمهورية العربية المتحدة ، وفى ٥ فبرايـر وافق كل من مجلس النواب ال سوري والأمة المصري بالإجماع على المبادئ التي أقرت لقيام الوحدة وترشيح عبد الناصر ليكون رئيس ا للجمهورية العربية المتحدة، وفى ٢١ فبراير أ جرى استفتاء في الإقليمين ال سوري والمصري، وتمخض عن ذلك كله أن ظهرت إلى الوج ود الجمهورية العربيـة المتحـدة ، ٤١٤ الروزنامة (العدد الثامن - ٢٠١٠)  ويعلق محمد حسنين هيكل على الوحدة بقوله ": إن الوحدة الـتي تمـت في فبراير ١٩٥٨ كانت عم لاً سه ، وصورت الأمر للأمة العربيـة - على نحو هين ويسير - إن الذ ي حدث في فبراير ١٩٥٨ تم بسرعة وببساطة يمكن أن )٥( تصدق في الأحلام ولكن لا تصدق في الواقع" . أُعلن الدستور المؤقـت للجمهورية العربية المتحدة في ٥ مارس ، وتضمن الدستور أن الدولة جمهورية ديمقر اطية مستقلة ذات سيادة وشعبها جزء من الأمـة العربيـة ، وأن رئيس الدولة هو رئيس الجمهورية ، وضمت أول حكومة كلا من : أكرم الحوراني ( رئيس مجلس النواب ال سوري قبل الوحدة وهو بعثي ). وصبرى العسلي ( رئيس الوزراء السوري قبـل الوحـدة ) كنائبين لرئيس الجمهورية . أي أن عبد الناصر استقطب حزب البعث ال سوري، ولم يسمح له بأن يضع يده على الحكم ، د إبراهيم جلال: انفصال سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة ٤١٥ الجمهورية، وازدادت هوة الخلاف بين سياسة الجمهورية وحـزب البعـث وكان ذلك أيضا سببا في تعكير صفو العلاقات بين الطرفين . وفى ا ال الاقتصادي والاجتماعي، اتخذت الدولة إجراءات اقتصادية للتعاون بين الإقليمين - أهمها إصدار قانون الإصلاح الزراعي في أواخـر -١٩٥٨ الـذي سيكون لها أثر سيئ على مسيرة الوحدة ، كما تم وضع خطة شاملة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لمدة خمـس سـنوات ( -١٩٦٠ ١٩٦٥) كان الغرض منها زيادة الإنتاج في كل من إقليمي دولة الوحـدة ، وعلى المصري الجيش الثاني، نتيجة لأن الحزب الشيوعي ال سوري ومن ناصره كانوا مـن المعارضـين لقيام الوحدة ، ففي يوليو من العام نفسه سافر عبد الحكيم عـامر بتوجيـه مـن عبدالناصر إلى دمشق ، أمر بنقل نحو أربعـين مـن الـضباط السوريين إلى القاهرة ، وعملت مصر وسوريا على إقامة وحدة فيما بينهما . د فالتاريخ يرينا أنه إذا ما اتحـدت سوريا مع مصر فإما ستحميان العالم الشرقي من جميـع الأخطـار الـتي يمكـن أن تتهدده". وعلى أثر توقيع الاتفاق طاف كل من صلاح سالم وخالد العظم بعدة عواصم عربية لدعوا للانضمام للاتفاق العسكري الجديد ، الأمر الذي أدى إلى مزيد مـن القلق من قبل الدول المناهضة لهذا التوجه الوحدوي ، ومـن ثم توالـت المخططـات الغربية المناوئة للسياسات المصرية السورية الوحدوية ، د إبراهيم جلال: انفصال سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة ٤١١ في يوليو ، ١٩٥٦ حيث وقفت كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا كعقبـة كؤود حالت دون وصول الدعم المادي إ لى مصر التي كانت تبذل قصارى جهـدها آنذاك لبناء مشروع السد العالي ، أن الحكومة العراقية تلقـت أمـر ا مـن المخابرات البريطانية بتنفيذه في نفس يوم العدوان الثلاثي على مصر . ونتيجة لهذه التوجهات الرافضة للوحدة العربية ، رأت مصر ضرورة الإسراع نحو دعم الوحدة العربية من خلال عقد التضامن العر بي الرباعي بين مصر وسـوريا والأردن والسعودية في ١٩ يناير ١٩٥٧ للاتفاق على تقديم الدعم المـالي لـلأردن لكي لا يعتمد على بريطانيا ، ولكن بريطانيا أوهمت الملك حسين بأن الوحدة سـتقام على أنقاض الدول الملكية من أجل قيام دول جمهورية . جـاءت الولايات الم تحدة بمشروع وحدة إسلامية بزعامة السعودية التي حاولت ضم سـوريا إليها كبديل عن الوحدة المصرية - السورية (العربية) لكنها فـشلت ، كمـا قامـت السعودية بعدة حملات لتشويه صورة عبد الناصر بأنه معتنق الـشيوعية ، ورغم محاولات الغرب والأنظمة الملكية إثناء سوريا عن السير قدم ا نحو الوحدة مع مصر ، ضاف إلى ذلك تأكيـد البيطار على أن ثورة مصر في ١٩٥٢ تعد مفخرة لكل العرب ، وعلى جميع الـدول العربية أن تتبعها في منهجها من أجل تحقيق ثورة عربية كبرى . وأمام هذا الإصـرار المصري السوري على الوحدة ، بالإضافة إلى تغذية شكوك جميع دول المنطقة من الوحدة . التي حاولت فتح الباب للـبلاد العربيـة )٢( المناهضة لفكر الوحدة العربية للتعاون معها والانضمام إلى حلف بغداد . ورغبة من الجانب السوري في إتمام الوحدة مع مصر ، ١٩٥٧ وبعد نزول القوات المصرية باللاذقية اجتمع مجلس النواب السوري مع مجلس الأمة المصري في جلسة مشتركة لإقرار مبدأ الاتحاد الفيـدرالي . وهـم مصممون على تحقيق الوحدة بأي شكل ، وفى مقابلتهم لجمال عبد الناصر في مـساء ١٥ يناير من العام نفسه ، أوضح عبد الناصر أن مصر ليست مستعدة لقيام الوحـدة قبل خمس سنوات ، د إبراهيم جلال: انفصال سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة ٤١٣ وأوضح لعبد الناصر أنه جاء ممث لاً للحكومة السورية ومطالب ا بإقامة دولـة الوحـدة . وهى : الأول- أن يجرى استفتاء شعبي على الوحدة بين مصر وسوريا . الأمر الذي أفضى إلى إجهاض الوحدة وقيام الانفصال عام ، ثم عاد إلى القاهرة في ٢٥ يناير يحمل المشروع الكامل للوحدة بعد أن أقره مجلس الوزراء ال سوري الذي أعلن قيام الوحدة بعد موافقة الجميع علـى شـروط عبدالناصر عدا الحزب الشيوعي الذي رفض حل نفسه وخرج زعيمه خالد بكداش )٣( من البلاد إلى الكتلة السوفيتية . وفى أول فبراير ١٩٥٨ عقد اجتماع في قصر القبة بالقاهرة بـين الرئيـسين شكري القوتلي وعبد الناصر حضره ممثلو القطرين وانتهى الاجتماع بتوقيـع كـل منهما على وثيقة توحيد سوريا ومصر في الجمهورية العربية المتحدة ، وفى ٥ فبرايـر وافق كل من مجلس النواب ال سوري والأمة المصري بالإجماع على المبادئ التي أقرت لقيام الوحدة وترشيح عبد الناصر ليكون رئيس ا للجمهورية العربية المتحدة، وفى ٢١ فبراير أ جرى استفتاء في الإقليمين ال سوري والمصري، وتمخض عن ذلك كله أن ظهرت إلى الوج ود الجمهورية العربيـة المتحـدة ، ٤١٤ الروزنامة (العدد الثامن - ٢٠١٠)  ويعلق محمد حسنين هيكل على الوحدة بقوله ": إن الوحدة الـتي تمـت في فبراير ١٩٥٨ كانت عم لاً سه ، وصورت الأمر للأمة العربيـة - على نحو هين ويسير - إن الذ ي حدث في فبراير ١٩٥٨ تم بسرعة وببساطة يمكن أن )٥( تصدق في الأحلام ولكن لا تصدق في الواقع" . أُعلن الدستور المؤقـت للجمهورية العربية المتحدة في ٥ مارس ، وتضمن الدستور أن الدولة جمهورية ديمقر اطية مستقلة ذات سيادة وشعبها جزء من الأمـة العربيـة ، وأن رئيس الدولة هو رئيس الجمهورية ، وضمت أول حكومة كلا من : أكرم الحوراني ( رئيس مجلس النواب ال سوري قبل الوحدة وهو بعثي ). وصبرى العسلي ( رئيس الوزراء السوري قبـل الوحـدة ) كنائبين لرئيس الجمهورية . أي أن عبد الناصر استقطب حزب البعث ال سوري، ولم يسمح له بأن يضع يده على الحكم ، د إبراهيم جلال: انفصال سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة ٤١٥ الجمهورية، وازدادت هوة الخلاف بين سياسة الجمهورية وحـزب البعـث وكان ذلك أيضا سببا في تعكير صفو العلاقات بين الطرفين . وفى ا ال الاقتصادي والاجتماعي، اتخذت الدولة إجراءات اقتصادية للتعاون بين الإقليمين - أهمها إصدار قانون الإصلاح الزراعي في أواخـر -١٩٥٨ الـذي سيكون لها أثر سيئ على مسيرة الوحدة ، كما تم وضع خطة شاملة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لمدة خمـس سـنوات ( -١٩٦٠ ١٩٦٥) كان الغرض منها زيادة الإنتاج في كل من إقليمي دولة الوحـدة ، وعلى المصري الجيش الثاني، نتيجة لأن الحزب الشيوعي ال سوري ومن ناصره كانوا مـن المعارضـين لقيام الوحدة ، ففي يوليو من العام نفسه سافر عبد الحكيم عـامر بتوجيـه مـن عبدالناصر إلى دمشق ، أمر بنقل نحو أربعـين مـن الـضباط السوريين إلى القاهرة ،


النص الأصلي

+ א: ./ - א − א4 123 ١٩٥٥ 78 و.ع א9 ل٢٨ > !١٩٦١  منذ قيام ثورة يوليو ١٩٥٢ أعلنت مصر أا جزء لا يتجزأ من الأمة العربية ، وأن التصدي للأخطار الغربية والشيوعية الهادفة للسيطرة على العالم العربي لن تتـأتى إلا من خلال الوحدة العربية ، ولذا لم تقف الدول الغربيـة مكتوفـة الأيـدي إزاء السياسات المصرية ، فأقامت حـلف بغداد ،١٩٥٥ الذي رفضت سـوريا ومـصر الانضمام إليه ، وعملت مصر وسوريا على إقامة وحدة فيما بينهما . ولقد وقع حدثان زادا من ضرورة التعاون بين الطرفين ، أولهما: حشد الجيوش الإسرائيلية على الحدود السورية. وثانيهما: وقوع العدوان الإسرائيلي على غزة في ٢٨ فبراير .١٩٥٥ الأمر الذي دفع الدولتين إلى عقد اتفاق عسكري يقضى بإنشاء قيادة عسكرية مـشتركة مصرية سورية في ٢٠ أكتوبر .١٩٥٥ وأعلن عبد الناصر في حـفل التصديق علـى الاتفـاقية " أن هذه الاتفاقية فاتحة مستقبل جدي ، د فالتاريخ يرينا أنه إذا ما اتحـدت سوريا مع مصر فإما ستحميان العالم الشرقي من جميـع الأخطـار الـتي يمكـن أن تتهدده". وعلى أثر توقيع الاتفاق طاف كل من صلاح سالم وخالد العظم بعدة عواصم عربية لدعوا للانضمام للاتفاق العسكري الجديد ، الأمر الذي أدى إلى مزيد مـن القلق من قبل الدول المناهضة لهذا التوجه الوحدوي ، ومـن ثم توالـت المخططـات الغربية المناوئة للسياسات المصرية السورية الوحدوية ، وخاصة بعد تأميم قناة السويس . د إبراهيم جلال: انفصال سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة ٤١١ في يوليو ،١٩٥٦ حيث وقفت كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا كعقبـة كؤود حالت دون وصول الدعم المادي إ لى مصر التي كانت تبذل قصارى جهـدها آنذاك لبناء مشروع السد العالي ، كما حاولت الدولتان تدبير مخطط لضرب سـوريا من خلال لجنة ثلاثية ضمت مندوبين عن المخابرات الأمريكية والبريطانية والعراقيـة بالاتفاق مع بعض العناصر السورية اليمينية . ومما دل على خطورة هذا المخطط ، أن الحكومة العراقية تلقـت أمـر ا مـن المخابرات البريطانية بتنفيذه في نفس يوم العدوان الثلاثي على مصر . وفـشل هـذا )١( المخطط كما فشل العدوان أيضا . ونتيجة لهذه التوجهات الرافضة للوحدة العربية ، رأت مصر ضرورة الإسراع نحو دعم الوحدة العربية من خلال عقد التضامن العر بي الرباعي بين مصر وسـوريا والأردن والسعودية في ١٩ يناير ١٩٥٧ للاتفاق على تقديم الدعم المـالي لـلأردن لكي لا يعتمد على بريطانيا ، ولكن بريطانيا أوهمت الملك حسين بأن الوحدة سـتقام على أنقاض الدول الملكية من أجل قيام دول جمهورية . وفى الوقت نفـسه ، جـاءت الولايات الم تحدة بمشروع وحدة إسلامية بزعامة السعودية التي حاولت ضم سـوريا إليها كبديل عن الوحدة المصرية - السورية (العربية) لكنها فـشلت ، كمـا قامـت السعودية بعدة حملات لتشويه صورة عبد الناصر بأنه معتنق الـشيوعية ، وأن مـصر تسير في ركاب الاتحاد السوفيتي ، ولذا شنت سوريا هجوم ا على النظامين الـسعودي والأردني لتقرما من الغرب . وزاد من توتر العلاقات السعودية- الـسورية حركـة الانقلاب التي جاء على أثرها غلق السعودية سفارا بدمشق وتعليق علاقاـا مـع سوريا ومعارضة صلاح البيطار لسياسة السعودية وهجوم أكرم الحورانى على سياسة الملك سعود . ورغم محاولات الغرب والأنظمة الملكية إثناء سوريا عن السير قدم ا نحو الوحدة مع مصر ، فإن سوريا رحبت بخطاب عبد الناصر في الإسكندرية ، وأشـارت إلى أا ومصر يسيران في إطار الوحدة والتـصدي للمـشاريع الغربيـة المعارضـة ٤١٢ الروزنامة (العدد الثامن - ٢٠١٠)  لسياستهما الوحدوية ، ولا يتم ذلك إلا من خلال الوحدة ي، ضاف إلى ذلك تأكيـد البيطار على أن ثورة مصر في ١٩٥٢ تعد مفخرة لكل العرب ، وعلى جميع الـدول العربية أن تتبعها في منهجها من أجل تحقيق ثورة عربية كبرى . وأمام هذا الإصـرار المصري السوري على الوحدة ، أوفدت الولايات المتحدة لوى هندرسـون وكيـل وزارة الخارجية الأمريكية في مهمة خاصة بالشرق الأوسـط طـاف خـلال شـهر أغسطس ١٩٥٧ بكل من تركيا والعراق ولبنان والأردن ، وكانت هذه الدول وثيقة الصلة بالغرب آنذاك ، وظهر أن الغرب قدم الدعم المادي والعسكري لهذه الـدول ، بالإضافة إلى تغذية شكوك جميع دول المنطقة من الوحدة . ورغبة من الولايات المتحدة الأمريكية في تنفيذ مشروع أيزاور ١٩٥٧ لملء الفـراغ في الـشرق الأوسـط ، واعتماد الكونجرس الأمريكي لذلك مبلـغ ٢٠٠ مليـون دولار ، وقـام المبعـوث الأمريكي بالتنسيق مع الحكومة البريطانية ، التي حاولت فتح الباب للـبلاد العربيـة )٢( المناهضة لفكر الوحدة العربية للتعاون معها والانضمام إلى حلف بغداد . ورغبة من الجانب السوري في إتمام الوحدة مع مصر ، اتخذ الجيش الـسوري قرارا باستقدام كتيبتين مصريتين إلى اللاذقية ، وتمت العمليـة بـسرية تامـة في ١٤ أكتوبر ،١٩٥٧ وبعد نزول القوات المصرية باللاذقية اجتمع مجلس النواب السوري مع مجلس الأمة المصري في جلسة مشتركة لإقرار مبدأ الاتحاد الفيـدرالي . وفى ١٢ يناير ١٩٥٨ بادر ١٤ من كبار الضباط الـسوريين بالـسفر إلى القـاهرة ، وهـم مصممون على تحقيق الوحدة بأي شكل ، وفى مقابلتهم لجمال عبد الناصر في مـساء ١٥ يناير من العام نفسه ، أوضح عبد الناصر أن مصر ليست مستعدة لقيام الوحـدة قبل خمس سنوات ، ولذلك تقرر إيفاد صلاح البيطار إلى القاهرة في ١٦ يناير الـذي وصل أثناء اجتماع مجلس الأمة المصري للاحتفال بذكرى إصدار دستور ١٦ ينـاير . د إبراهيم جلال: انفصال سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة ٤١٣ وأوضح لعبد الناصر أنه جاء ممث لاً للحكومة السورية ومطالب ا بإقامة دولـة الوحـدة . ولذلك أوضح عبد الناصر رأيه من خلال وضع شروط ثلاثة لإقامة الوحدة، وهى : الأول- أن يجرى استفتاء شعبي على الوحدة بين مصر وسوريا . الثاني- أن يتوقف النشاط الحزبي في سوريا وأن تحل الأحزاب نفسها . الثالث- أن يتوقف تدخل الجيش في السياسة . ويرى الباحث أن هذه الشروط أدت فيما بعد إلى تـوتر العلاقـات بـين الطرفين، الأمر الذي أفضى إلى إجهاض الوحدة وقيام الانفصال عام ،١٩٦١ حيث كانت من أهم عوامل الانفصال، لأن اتمع السوري كان مجتمعا حزبيا سياسي .ا وعقب ذلك ، عاد صلاح البيطار إلى دمشق في ٢٢ يناير واجتمـع بمجلـس الوزراء ال سوري برئاسة شكري ال قوتلي لعرض موضوع الوحدة الذي اتفق عليه في القاهرة ، ثم عاد إلى القاهرة في ٢٥ يناير يحمل المشروع الكامل للوحدة بعد أن أقره مجلس الوزراء ال سوري الذي أعلن قيام الوحدة بعد موافقة الجميع علـى شـروط عبدالناصر عدا الحزب الشيوعي الذي رفض حل نفسه وخرج زعيمه خالد بكداش )٣( من البلاد إلى الكتلة السوفيتية . وفى أول فبراير ١٩٥٨ عقد اجتماع في قصر القبة بالقاهرة بـين الرئيـسين شكري القوتلي وعبد الناصر حضره ممثلو القطرين وانتهى الاجتماع بتوقيـع كـل منهما على وثيقة توحيد سوريا ومصر في الجمهورية العربية المتحدة ، وفى ٥ فبرايـر وافق كل من مجلس النواب ال سوري والأمة المصري بالإجماع على المبادئ التي أقرت لقيام الوحدة وترشيح عبد الناصر ليكون رئيس ا للجمهورية العربية المتحدة، وفى ٢١ فبراير أ جرى استفتاء في الإقليمين ال سوري والمصري، وجاءت الموافقة شبه إجماعيـة ، وتمخض عن ذلك كله أن ظهرت إلى الوج ود الجمهورية العربيـة المتحـدة ، في ٢٢ )٤( فبراير كنموذج لأول تجربة وحدوية في تاريخ العرب الحديث . ٤١٤ الروزنامة (العدد الثامن - ٢٠١٠)  ويعلق محمد حسنين هيكل على الوحدة بقوله ": إن الوحدة الـتي تمـت في فبراير ١٩٥٨ كانت عم لاً سه ، لاً خدعتنا سهولته ، وصورت الأمر للأمة العربيـة - على نحو هين ويسير - إن الذ ي حدث في فبراير ١٩٥٨ تم بسرعة وببساطة يمكن أن )٥( تصدق في الأحلام ولكن لا تصدق في الواقع" . وحتى ينقل مشروع الوحدة من النظرية إلى التطبيق ، أُعلن الدستور المؤقـت للجمهورية العربية المتحدة في ٥ مارس ،١٩٥٨ ونظام الحكم فيها، وتضمن الدستور أن الدولة جمهورية ديمقر اطية مستقلة ذات سيادة وشعبها جزء من الأمـة العربيـة ، وينظم الاقتصاد وفقً ا لخطط مرسومة تستهدف المصلحة العليا والعدالة الاجتماعيـة ، وأن المواطنين سواء أمام القانون . والحريات العامة مكفولة في حدود القـانون . وأن رئيس الدولة هو رئيس الجمهورية ، ويتولى السلطة التنفيذ ، ية كما يتولى مجلس الأمـة السلطة التشريعية . وضمت أول حكومة كلا من : أكرم الحوراني ( رئيس مجلس النواب ال سوري قبل الوحدة وهو بعثي ). وصبرى العسلي ( رئيس الوزراء السوري قبـل الوحـدة ) كنائبين لرئيس الجمهورية . كذلك ضمت أول حكومة عدد ا ملحوظًا مـن الـوزراء البعثيين واشترك في الوزارة أيضا بعض الوزراء من العسكريين . وفى نوفمبر ،١٩٥٩ تشكلت ثلاث وزارات : إحـداها مركزيـة ومقرهـا القاهرة. ووزارة للإقليم الشمالي (سوريا .) ووزارة للإقليم الجنوبي (مصر ، ) كمـا تم إنشاء مجلسين تنفيذيين ، وكان غرض عبد الناصر من الوزارة المركزية استقطاب بعض الأقطاب البعثية في القاهرة ، كما دعم قوة البعث في الس التنفيذي السوري بعناصر بعثية جديدة ، أي أن عبد الناصر استقطب حزب البعث ال سوري، ولم يسمح له بأن يضع يده على الحكم ، ومن ثم بدأت حملة النقد البعثي لعبد الناصر، واقتضى تزايـد الخلاف أن يرسل عبد الناصر عبد ا لحكيم عامر إلى دمشق متمتع ا بصلاحيات رئيس . د إبراهيم جلال: انفصال سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة ٤١٥ الجمهورية، وأراد الأخير أن يقبض على زمام الأمور بحزم ، مما أدى بالوزراء البعثـيين إلى تقديم استقالام ، وازدادت هوة الخلاف بين سياسة الجمهورية وحـزب البعـث وكان ذلك أيضا سببا في تعكير صفو العلاقات بين الطرفين . وفى ا ال الاقتصادي والاجتماعي، اتخذت الدولة إجراءات اقتصادية للتعاون بين الإقليمين - أهمها إصدار قانون الإصلاح الزراعي في أواخـر -١٩٥٨ الـذي سيكون لها أثر سيئ على مسيرة الوحدة ، كما تم في عام ،١٩٥٩ توحيـد قـوانين شؤون العمل والعمال في الإقليمين ، كما قام عبد الناصر في مارس ١٩٦١ بـإعلان الاشتراكية وتأميم البنوك في سوريا ، وهذا لا يتفق مع طبيعة اتمع ال سوري. كما تم وضع خطة شاملة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لمدة خمـس سـنوات ( -١٩٦٠ ١٩٦٥) كان الغرض منها زيادة الإنتاج في كل من إقليمي دولة الوحـدة ، كمـا اتخذت الإجراءات اللازمة لزيادة التبادل التجاري بين الإقليمين . أما بالنسبة للجيش ، فبعد صدور الدستور المؤقت ، أُطلق على الجيش ال سوري الجيش الأول ، وعلى المصري الجيش الثاني، ونتيجة للنقص في عدد الضباط في الجيش الأول، فإن عبد الحكيم عامر قام بتعزيزه من الضباط والقادة المصريين ، وتـضم نت الدفعة الأولى من هؤلاء نحو مائة وعشرين ضابطً .ا وشهدت الأشهر الأولى من الوحدة عملية إاء الخدمة لعدد مـن الـضباط الشيوعيين، نتيجة لأن الحزب الشيوعي ال سوري ومن ناصره كانوا مـن المعارضـين لقيام الوحدة ، كما أن عبد الناصر رأى ضرورة إعادة النظـر في موقـف الـضباط السوريين البعثيين . ففي يوليو من العام نفسه سافر عبد الحكيم عـامر بتوجيـه مـن عبدالناصر إلى دمشق ، وبعد دراسته للموقف ، أمر بنقل نحو أربعـين مـن الـضباط السوريين إلى القاهرة ، وكان نصفهم من البعثيين والنصف الآخـر مـن المـستقلين ، واتضح أن القاهرة التي ألغت الأحزاب ، لن تشجع النظام الحزبي في سوريا وخاصـة ٤١٦ الروزنامة (العدد الثامن - ٢٠١٠)  بين الضباط . وبدأ السوريون يشعرون أن الجيش في ظل الوحدة قـد ابتعـد عـن السياسة وركز اهتمامه على عمليات الإعداد والتدريب العسكري ، ولكـن بمـرور الوقت ظهرت الاحتكاكات والمناوشات بين الضباط السوريين والمصريين في الإقلـيم )٦( الشمالي، وبدأت النعرات الإقليمية والقطرية في التسلل إلى صفوف الجيش . + א: ./ - א − א4 123 ١٩٥٥ 78 و.ع א9 ل٢٨ > !١٩٦١  منذ قيام ثورة يوليو ١٩٥٢ أعلنت مصر أا جزء لا يتجزأ من الأمة العربية ، وأن التصدي للأخطار الغربية والشيوعية الهادفة للسيطرة على العالم العربي لن تتـأتى إلا من خلال الوحدة العربية ، ولذا لم تقف الدول الغربيـة مكتوفـة الأيـدي إزاء السياسات المصرية ، فأقامت حـلف بغداد ،١٩٥٥ الذي رفضت سـوريا ومـصر الانضمام إليه ، وعملت مصر وسوريا على إقامة وحدة فيما بينهما . ولقد وقع حدثان زادا من ضرورة التعاون بين الطرفين ، أولهما: حشد الجيوش الإسرائيلية على الحدود السورية. وثانيهما: وقوع العدوان الإسرائيلي على غزة في ٢٨ فبراير .١٩٥٥ الأمر الذي دفع الدولتين إلى عقد اتفاق عسكري يقضى بإنشاء قيادة عسكرية مـشتركة مصرية سورية في ٢٠ أكتوبر .١٩٥٥ وأعلن عبد الناصر في حـفل التصديق علـى الاتفـاقية " أن هذه الاتفاقية فاتحة مستقبل جدي ، د فالتاريخ يرينا أنه إذا ما اتحـدت سوريا مع مصر فإما ستحميان العالم الشرقي من جميـع الأخطـار الـتي يمكـن أن تتهدده". وعلى أثر توقيع الاتفاق طاف كل من صلاح سالم وخالد العظم بعدة عواصم عربية لدعوا للانضمام للاتفاق العسكري الجديد ، الأمر الذي أدى إلى مزيد مـن القلق من قبل الدول المناهضة لهذا التوجه الوحدوي ، ومـن ثم توالـت المخططـات الغربية المناوئة للسياسات المصرية السورية الوحدوية ، وخاصة بعد تأميم قناة السويس . د إبراهيم جلال: انفصال سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة ٤١١ في يوليو ،١٩٥٦ حيث وقفت كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا كعقبـة كؤود حالت دون وصول الدعم المادي إ لى مصر التي كانت تبذل قصارى جهـدها آنذاك لبناء مشروع السد العالي ، كما حاولت الدولتان تدبير مخطط لضرب سـوريا من خلال لجنة ثلاثية ضمت مندوبين عن المخابرات الأمريكية والبريطانية والعراقيـة بالاتفاق مع بعض العناصر السورية اليمينية . ومما دل على خطورة هذا المخطط ، أن الحكومة العراقية تلقـت أمـر ا مـن المخابرات البريطانية بتنفيذه في نفس يوم العدوان الثلاثي على مصر . وفـشل هـذا )١( المخطط كما فشل العدوان أيضا . ونتيجة لهذه التوجهات الرافضة للوحدة العربية ، رأت مصر ضرورة الإسراع نحو دعم الوحدة العربية من خلال عقد التضامن العر بي الرباعي بين مصر وسـوريا والأردن والسعودية في ١٩ يناير ١٩٥٧ للاتفاق على تقديم الدعم المـالي لـلأردن لكي لا يعتمد على بريطانيا ، ولكن بريطانيا أوهمت الملك حسين بأن الوحدة سـتقام على أنقاض الدول الملكية من أجل قيام دول جمهورية . وفى الوقت نفـسه ، جـاءت الولايات الم تحدة بمشروع وحدة إسلامية بزعامة السعودية التي حاولت ضم سـوريا إليها كبديل عن الوحدة المصرية - السورية (العربية) لكنها فـشلت ، كمـا قامـت السعودية بعدة حملات لتشويه صورة عبد الناصر بأنه معتنق الـشيوعية ، وأن مـصر تسير في ركاب الاتحاد السوفيتي ، ولذا شنت سوريا هجوم ا على النظامين الـسعودي والأردني لتقرما من الغرب . وزاد من توتر العلاقات السعودية- الـسورية حركـة الانقلاب التي جاء على أثرها غلق السعودية سفارا بدمشق وتعليق علاقاـا مـع سوريا ومعارضة صلاح البيطار لسياسة السعودية وهجوم أكرم الحورانى على سياسة الملك سعود . ورغم محاولات الغرب والأنظمة الملكية إثناء سوريا عن السير قدم ا نحو الوحدة مع مصر ، فإن سوريا رحبت بخطاب عبد الناصر في الإسكندرية ، وأشـارت إلى أا ومصر يسيران في إطار الوحدة والتـصدي للمـشاريع الغربيـة المعارضـة ٤١٢ الروزنامة (العدد الثامن - ٢٠١٠)  لسياستهما الوحدوية ، ولا يتم ذلك إلا من خلال الوحدة ي، ضاف إلى ذلك تأكيـد البيطار على أن ثورة مصر في ١٩٥٢ تعد مفخرة لكل العرب ، وعلى جميع الـدول العربية أن تتبعها في منهجها من أجل تحقيق ثورة عربية كبرى . وأمام هذا الإصـرار المصري السوري على الوحدة ، أوفدت الولايات المتحدة لوى هندرسـون وكيـل وزارة الخارجية الأمريكية في مهمة خاصة بالشرق الأوسـط طـاف خـلال شـهر أغسطس ١٩٥٧ بكل من تركيا والعراق ولبنان والأردن ، وكانت هذه الدول وثيقة الصلة بالغرب آنذاك ، وظهر أن الغرب قدم الدعم المادي والعسكري لهذه الـدول ، بالإضافة إلى تغذية شكوك جميع دول المنطقة من الوحدة . ورغبة من الولايات المتحدة الأمريكية في تنفيذ مشروع أيزاور ١٩٥٧ لملء الفـراغ في الـشرق الأوسـط ، واعتماد الكونجرس الأمريكي لذلك مبلـغ ٢٠٠ مليـون دولار ، وقـام المبعـوث الأمريكي بالتنسيق مع الحكومة البريطانية ، التي حاولت فتح الباب للـبلاد العربيـة )٢( المناهضة لفكر الوحدة العربية للتعاون معها والانضمام إلى حلف بغداد . ورغبة من الجانب السوري في إتمام الوحدة مع مصر ، اتخذ الجيش الـسوري قرارا باستقدام كتيبتين مصريتين إلى اللاذقية ، وتمت العمليـة بـسرية تامـة في ١٤ أكتوبر ،١٩٥٧ وبعد نزول القوات المصرية باللاذقية اجتمع مجلس النواب السوري مع مجلس الأمة المصري في جلسة مشتركة لإقرار مبدأ الاتحاد الفيـدرالي . وفى ١٢ يناير ١٩٥٨ بادر ١٤ من كبار الضباط الـسوريين بالـسفر إلى القـاهرة ، وهـم مصممون على تحقيق الوحدة بأي شكل ، وفى مقابلتهم لجمال عبد الناصر في مـساء ١٥ يناير من العام نفسه ، أوضح عبد الناصر أن مصر ليست مستعدة لقيام الوحـدة قبل خمس سنوات ، ولذلك تقرر إيفاد صلاح البيطار إلى القاهرة في ١٦ يناير الـذي وصل أثناء اجتماع مجلس الأمة المصري للاحتفال بذكرى إصدار دستور ١٦ ينـاير . د إبراهيم جلال: انفصال سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة ٤١٣ وأوضح لعبد الناصر أنه جاء ممث لاً للحكومة السورية ومطالب ا بإقامة دولـة الوحـدة . ولذلك أوضح عبد الناصر رأيه من خلال وضع شروط ثلاثة لإقامة الوحدة، وهى : الأول- أن يجرى استفتاء شعبي على الوحدة بين مصر وسوريا . الثاني- أن يتوقف النشاط الحزبي في سوريا وأن تحل الأحزاب نفسها . الثالث- أن يتوقف تدخل الجيش في السياسة . ويرى الباحث أن هذه الشروط أدت فيما بعد إلى تـوتر العلاقـات بـين الطرفين، الأمر الذي أفضى إلى إجهاض الوحدة وقيام الانفصال عام ،١٩٦١ حيث كانت من أهم عوامل الانفصال، لأن اتمع السوري كان مجتمعا حزبيا سياسي .ا وعقب ذلك ، عاد صلاح البيطار إلى دمشق في ٢٢ يناير واجتمـع بمجلـس الوزراء ال سوري برئاسة شكري ال قوتلي لعرض موضوع الوحدة الذي اتفق عليه في القاهرة ، ثم عاد إلى القاهرة في ٢٥ يناير يحمل المشروع الكامل للوحدة بعد أن أقره مجلس الوزراء ال سوري الذي أعلن قيام الوحدة بعد موافقة الجميع علـى شـروط عبدالناصر عدا الحزب الشيوعي الذي رفض حل نفسه وخرج زعيمه خالد بكداش )٣( من البلاد إلى الكتلة السوفيتية . وفى أول فبراير ١٩٥٨ عقد اجتماع في قصر القبة بالقاهرة بـين الرئيـسين شكري القوتلي وعبد الناصر حضره ممثلو القطرين وانتهى الاجتماع بتوقيـع كـل منهما على وثيقة توحيد سوريا ومصر في الجمهورية العربية المتحدة ، وفى ٥ فبرايـر وافق كل من مجلس النواب ال سوري والأمة المصري بالإجماع على المبادئ التي أقرت لقيام الوحدة وترشيح عبد الناصر ليكون رئيس ا للجمهورية العربية المتحدة، وفى ٢١ فبراير أ جرى استفتاء في الإقليمين ال سوري والمصري، وجاءت الموافقة شبه إجماعيـة ، وتمخض عن ذلك كله أن ظهرت إلى الوج ود الجمهورية العربيـة المتحـدة ، في ٢٢ )٤( فبراير كنموذج لأول تجربة وحدوية في تاريخ العرب الحديث . ٤١٤ الروزنامة (العدد الثامن - ٢٠١٠)  ويعلق محمد حسنين هيكل على الوحدة بقوله ": إن الوحدة الـتي تمـت في فبراير ١٩٥٨ كانت عم لاً سه ، لاً خدعتنا سهولته ، وصورت الأمر للأمة العربيـة - على نحو هين ويسير - إن الذ ي حدث في فبراير ١٩٥٨ تم بسرعة وببساطة يمكن أن )٥( تصدق في الأحلام ولكن لا تصدق في الواقع" . وحتى ينقل مشروع الوحدة من النظرية إلى التطبيق ، أُعلن الدستور المؤقـت للجمهورية العربية المتحدة في ٥ مارس ،١٩٥٨ ونظام الحكم فيها، وتضمن الدستور أن الدولة جمهورية ديمقر اطية مستقلة ذات سيادة وشعبها جزء من الأمـة العربيـة ، وينظم الاقتصاد وفقً ا لخطط مرسومة تستهدف المصلحة العليا والعدالة الاجتماعيـة ، وأن المواطنين سواء أمام القانون . والحريات العامة مكفولة في حدود القـانون . وأن رئيس الدولة هو رئيس الجمهورية ، ويتولى السلطة التنفيذ ، ية كما يتولى مجلس الأمـة السلطة التشريعية . وضمت أول حكومة كلا من : أكرم الحوراني ( رئيس مجلس النواب ال سوري قبل الوحدة وهو بعثي ). وصبرى العسلي ( رئيس الوزراء السوري قبـل الوحـدة ) كنائبين لرئيس الجمهورية . كذلك ضمت أول حكومة عدد ا ملحوظًا مـن الـوزراء البعثيين واشترك في الوزارة أيضا بعض الوزراء من العسكريين . وفى نوفمبر ،١٩٥٩ تشكلت ثلاث وزارات : إحـداها مركزيـة ومقرهـا القاهرة. ووزارة للإقليم الشمالي (سوريا .) ووزارة للإقليم الجنوبي (مصر ، ) كمـا تم إنشاء مجلسين تنفيذيين ، وكان غرض عبد الناصر من الوزارة المركزية استقطاب بعض الأقطاب البعثية في القاهرة ، كما دعم قوة البعث في الس التنفيذي السوري بعناصر بعثية جديدة ، أي أن عبد الناصر استقطب حزب البعث ال سوري، ولم يسمح له بأن يضع يده على الحكم ، ومن ثم بدأت حملة النقد البعثي لعبد الناصر، واقتضى تزايـد الخلاف أن يرسل عبد الناصر عبد ا لحكيم عامر إلى دمشق متمتع ا بصلاحيات رئيس . د إبراهيم جلال: انفصال سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة ٤١٥ الجمهورية، وأراد الأخير أن يقبض على زمام الأمور بحزم ، مما أدى بالوزراء البعثـيين إلى تقديم استقالام ، وازدادت هوة الخلاف بين سياسة الجمهورية وحـزب البعـث وكان ذلك أيضا سببا في تعكير صفو العلاقات بين الطرفين . وفى ا ال الاقتصادي والاجتماعي، اتخذت الدولة إجراءات اقتصادية للتعاون بين الإقليمين - أهمها إصدار قانون الإصلاح الزراعي في أواخـر -١٩٥٨ الـذي سيكون لها أثر سيئ على مسيرة الوحدة ، كما تم في عام ،١٩٥٩ توحيـد قـوانين شؤون العمل والعمال في الإقليمين ، كما قام عبد الناصر في مارس ١٩٦١ بـإعلان الاشتراكية وتأميم البنوك في سوريا ، وهذا لا يتفق مع طبيعة اتمع ال سوري. كما تم وضع خطة شاملة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لمدة خمـس سـنوات ( -١٩٦٠ ١٩٦٥) كان الغرض منها زيادة الإنتاج في كل من إقليمي دولة الوحـدة ، كمـا اتخذت الإجراءات اللازمة لزيادة التبادل التجاري بين الإقليمين . أما بالنسبة للجيش ، فبعد صدور الدستور المؤقت ، أُطلق على الجيش ال سوري الجيش الأول ، وعلى المصري الجيش الثاني، ونتيجة للنقص في عدد الضباط في الجيش الأول، فإن عبد الحكيم عامر قام بتعزيزه من الضباط والقادة المصريين ، وتـضم نت الدفعة الأولى من هؤلاء نحو مائة وعشرين ضابطً .ا وشهدت الأشهر الأولى من الوحدة عملية إاء الخدمة لعدد مـن الـضباط الشيوعيين، نتيجة لأن الحزب الشيوعي ال سوري ومن ناصره كانوا مـن المعارضـين لقيام الوحدة ، كما أن عبد الناصر رأى ضرورة إعادة النظـر في موقـف الـضباط السوريين البعثيين . ففي يوليو من العام نفسه سافر عبد الحكيم عـامر بتوجيـه مـن عبدالناصر إلى دمشق ، وبعد دراسته للموقف ، أمر بنقل نحو أربعـين مـن الـضباط السوريين إلى القاهرة ، وكان نصفهم من البعثيين والنصف الآخـر مـن المـستقلين ، واتضح أن القاهرة التي ألغت الأحزاب ، لن تشجع النظام الحزبي في سوريا وخاصـة ٤١٦ الروزنامة (العدد الثامن - ٢٠١٠)  بين الضباط . وبدأ السوريون يشعرون أن الجيش في ظل الوحدة قـد ابتعـد عـن السياسة وركز اهتمامه على عمليات الإعداد والتدريب العسكري ، ولكـن بمـرور الوقت ظهرت الاحتكاكات والمناوشات بين الضباط السوريين والمصريين في الإقلـيم )٦( الشمالي، وبدأت النعرات الإقليمية والقطرية في التسلل إلى صفوف الجيش . + א: ./ - א − א4 123 ١٩٥٥ 78 و.ع א9 ل*٢٨ > !١٩٦١  منذ قيام ثورة يوليو ١٩٥٢ أعلنت مصر أا جزء لا يتجزأ من الأمة العربية ، وأن التصدي للأخطار الغربية والشيوعية الهادفة للسيطرة على العالم العربي لن تتـأتى إلا من خلال الوحدة العربية ، ولذا لم تقف الدول الغربيـة مكتوفـة الأيـدي إزاء السياسات المصرية ، فأقامت حـلف بغداد ،١٩٥٥ الذي رفضت سـوريا ومـصر الانضمام إليه ، وعملت مصر وسوريا على إقامة وحدة فيما بينهما . ولقد وقع حدثان زادا من ضرورة التعاون بين الطرفين ، أولهما: حشد الجيوش الإسرائيلية على الحدود السورية. وثانيهما: وقوع العدوان الإسرائيلي على غزة في ٢٨ فبراير .١٩٥٥ الأمر الذي دفع الدولتين إلى عقد اتفاق عسكري يقضى بإنشاء قيادة عسكرية مـشتركة مصرية سورية في ٢٠ أكتوبر .١٩٥٥ وأعلن عبد الناصر في حـفل التصديق علـى الاتفـاقية " أن هذه الاتفاقية فاتحة مستقبل جدي ، د فالتاريخ يرينا أنه إذا ما اتحـدت سوريا مع مصر فإما ستحميان العالم الشرقي من جميـع الأخطـار الـتي يمكـن أن تتهدده". وعلى أثر توقيع الاتفاق طاف كل من صلاح سالم وخالد العظم بعدة عواصم عربية لدعوا للانضمام للاتفاق العسكري الجديد ، الأمر الذي أدى إلى مزيد مـن القلق من قبل الدول المناهضة لهذا التوجه الوحدوي ، ومـن ثم توالـت المخططـات الغربية المناوئة للسياسات المصرية السورية الوحدوية ، وخاصة بعد تأميم قناة السويس . د إبراهيم جلال: انفصال سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة ٤١١ في يوليو ،١٩٥٦ حيث وقفت كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا كعقبـة كؤود حالت دون وصول الدعم المادي إ لى مصر التي كانت تبذل قصارى جهـدها آنذاك لبناء مشروع السد العالي ، كما حاولت الدولتان تدبير مخطط لضرب سـوريا من خلال لجنة ثلاثية ضمت مندوبين عن المخابرات الأمريكية والبريطانية والعراقيـة بالاتفاق مع بعض العناصر السورية اليمينية . ومما دل على خطورة هذا المخطط ، أن الحكومة العراقية تلقـت أمـر ا مـن المخابرات البريطانية بتنفيذه في نفس يوم العدوان الثلاثي على مصر . وفـشل هـذا )١( المخطط كما فشل العدوان أيضا . ونتيجة لهذه التوجهات الرافضة للوحدة العربية ، رأت مصر ضرورة الإسراع نحو دعم الوحدة العربية من خلال عقد التضامن العر بي الرباعي بين مصر وسـوريا والأردن والسعودية في ١٩ يناير ١٩٥٧ للاتفاق على تقديم الدعم المـالي لـلأردن لكي لا يعتمد على بريطانيا ، ولكن بريطانيا أوهمت الملك حسين بأن الوحدة سـتقام على أنقاض الدول الملكية من أجل قيام دول جمهورية . وفى الوقت نفـسه ، جـاءت الولايات الم تحدة بمشروع وحدة إسلامية بزعامة السعودية التي حاولت ضم سـوريا إليها كبديل عن الوحدة المصرية - السورية (العربية) لكنها فـشلت ، كمـا قامـت السعودية بعدة حملات لتشويه صورة عبد الناصر بأنه معتنق الـشيوعية ، وأن مـصر تسير في ركاب الاتحاد السوفيتي ، ولذا شنت سوريا هجوم ا على النظامين الـسعودي والأردني لتقرما من الغرب . وزاد من توتر العلاقات السعودية- الـسورية حركـة الانقلاب التي جاء على أثرها غلق السعودية سفارا بدمشق وتعليق علاقاـا مـع سوريا ومعارضة صلاح البيطار لسياسة السعودية وهجوم أكرم الحورانى على سياسة الملك سعود . ورغم محاولات الغرب والأنظمة الملكية إثناء سوريا عن السير قدم ا نحو الوحدة مع مصر ، فإن سوريا رحبت بخطاب عبد الناصر في الإسكندرية ، وأشـارت إلى أا ومصر يسيران في إطار الوحدة والتـصدي للمـشاريع الغربيـة المعارضـة ٤١٢ الروزنامة (العدد الثامن - ٢٠١٠)  لسياستهما الوحدوية ، ولا يتم ذلك إلا من خلال الوحدة ي، ضاف إلى ذلك تأكيـد البيطار على أن ثورة مصر في ١٩٥٢ تعد مفخرة لكل العرب ، وعلى جميع الـدول العربية أن تتبعها في منهجها من أجل تحقيق ثورة عربية كبرى . وأمام هذا الإصـرار المصري السوري على الوحدة ، أوفدت الولايات المتحدة لوى هندرسـون وكيـل وزارة الخارجية الأمريكية في مهمة خاصة بالشرق الأوسـط طـاف خـلال شـهر أغسطس ١٩٥٧ بكل من تركيا والعراق ولبنان والأردن ، وكانت هذه الدول وثيقة الصلة بالغرب آنذاك ، وظهر أن الغرب قدم الدعم المادي والعسكري لهذه الـدول ، بالإضافة إلى تغذية شكوك جميع دول المنطقة من الوحدة . ورغبة من الولايات المتحدة الأمريكية في تنفيذ مشروع أيزاور ١٩٥٧ لملء الفـراغ في الـشرق الأوسـط ، واعتماد الكونجرس الأمريكي لذلك مبلـغ ٢٠٠ مليـون دولار ، وقـام المبعـوث الأمريكي بالتنسيق مع الحكومة البريطانية ، التي حاولت فتح الباب للـبلاد العربيـة )٢( المناهضة لفكر الوحدة العربية للتعاون معها والانضمام إلى حلف بغداد . ورغبة من الجانب السوري في إتمام الوحدة مع مصر ، اتخذ الجيش الـسوري قرارا باستقدام كتيبتين مصريتين إلى اللاذقية ، وتمت العمليـة بـسرية تامـة في ١٤ أكتوبر ،١٩٥٧ وبعد نزول القوات المصرية باللاذقية اجتمع مجلس النواب السوري مع مجلس الأمة المصري في جلسة مشتركة لإقرار مبدأ الاتحاد الفيـدرالي . وفى ١٢ يناير ١٩٥٨ بادر ١٤ من كبار الضباط الـسوريين بالـسفر إلى القـاهرة ، وهـم مصممون على تحقيق الوحدة بأي شكل ، وفى مقابلتهم لجمال عبد الناصر في مـساء ١٥ يناير من العام نفسه ، أوضح عبد الناصر أن مصر ليست مستعدة لقيام الوحـدة قبل خمس سنوات ، ولذلك تقرر إيفاد صلاح البيطار إلى القاهرة في ١٦ يناير الـذي وصل أثناء اجتماع مجلس الأمة المصري للاحتفال بذكرى إصدار دستور ١٦ ينـاير . د إبراهيم جلال: انفصال سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة ٤١٣ وأوضح لعبد الناصر أنه جاء ممث لاً للحكومة السورية ومطالب ا بإقامة دولـة الوحـدة . ولذلك أوضح عبد الناصر رأيه من خلال وضع شروط ثلاثة لإقامة الوحدة، وهى : الأول- أن يجرى استفتاء شعبي على الوحدة بين مصر وسوريا . الثاني- أن يتوقف النشاط الحزبي في سوريا وأن تحل الأحزاب نفسها . الثالث- أن يتوقف تدخل الجيش في السياسة . ويرى الباحث أن هذه الشروط أدت فيما بعد إلى تـوتر العلاقـات بـين الطرفين، الأمر الذي أفضى إلى إجهاض الوحدة وقيام الانفصال عام ،١٩٦١ حيث كانت من أهم عوامل الانفصال، لأن اتمع السوري كان مجتمعا حزبيا سياسي .ا وعقب ذلك ، عاد صلاح البيطار إلى دمشق في ٢٢ يناير واجتمـع بمجلـس الوزراء ال سوري برئاسة شكري ال قوتلي لعرض موضوع الوحدة الذي اتفق عليه في القاهرة ، ثم عاد إلى القاهرة في ٢٥ يناير يحمل المشروع الكامل للوحدة بعد أن أقره مجلس الوزراء ال سوري الذي أعلن قيام الوحدة بعد موافقة الجميع علـى شـروط عبدالناصر عدا الحزب الشيوعي الذي رفض حل نفسه وخرج زعيمه خالد بكداش )٣( من البلاد إلى الكتلة السوفيتية . وفى أول فبراير ١٩٥٨ عقد اجتماع في قصر القبة بالقاهرة بـين الرئيـسين شكري القوتلي وعبد الناصر حضره ممثلو القطرين وانتهى الاجتماع بتوقيـع كـل منهما على وثيقة توحيد سوريا ومصر في الجمهورية العربية المتحدة ، وفى ٥ فبرايـر وافق كل من مجلس النواب ال سوري والأمة المصري بالإجماع على المبادئ التي أقرت لقيام الوحدة وترشيح عبد الناصر ليكون رئيس ا للجمهورية العربية المتحدة، وفى ٢١ فبراير أ جرى استفتاء في الإقليمين ال سوري والمصري، وجاءت الموافقة شبه إجماعيـة ، وتمخض عن ذلك كله أن ظهرت إلى الوج ود الجمهورية العربيـة المتحـدة ، في ٢٢ )٤( فبراير كنموذج لأول تجربة وحدوية في تاريخ العرب الحديث . ٤١٤ الروزنامة (العدد الثامن - ٢٠١٠)  ويعلق محمد حسنين هيكل على الوحدة بقوله ": إن الوحدة الـتي تمـت في فبراير ١٩٥٨ كانت عم لاً سه ، لاً خدعتنا سهولته ، وصورت الأمر للأمة العربيـة - على نحو هين ويسير - إن الذ ي حدث في فبراير ١٩٥٨ تم بسرعة وببساطة يمكن أن )٥( تصدق في الأحلام ولكن لا تصدق في الواقع" . وحتى ينقل مشروع الوحدة من النظرية إلى التطبيق ، أُعلن الدستور المؤقـت للجمهورية العربية المتحدة في ٥ مارس ،١٩٥٨ ونظام الحكم فيها، وتضمن الدستور أن الدولة جمهورية ديمقر اطية مستقلة ذات سيادة وشعبها جزء من الأمـة العربيـة ، وينظم الاقتصاد وفقً ا لخطط مرسومة تستهدف المصلحة العليا والعدالة الاجتماعيـة ، وأن المواطنين سواء أمام القانون . والحريات العامة مكفولة في حدود القـانون . وأن رئيس الدولة هو رئيس الجمهورية ، ويتولى السلطة التنفيذ ، ية كما يتولى مجلس الأمـة السلطة التشريعية . وضمت أول حكومة كلا من : أكرم الحوراني ( رئيس مجلس النواب ال سوري قبل الوحدة وهو بعثي ). وصبرى العسلي ( رئيس الوزراء السوري قبـل الوحـدة ) كنائبين لرئيس الجمهورية . كذلك ضمت أول حكومة عدد ا ملحوظًا مـن الـوزراء البعثيين واشترك في الوزارة أيضا بعض الوزراء من العسكريين . وفى نوفمبر ،١٩٥٩ تشكلت ثلاث وزارات : إحـداها مركزيـة ومقرهـا القاهرة. ووزارة للإقليم الشمالي (سوريا .) ووزارة للإقليم الجنوبي (مصر ، ) كمـا تم إنشاء مجلسين تنفيذيين ، وكان غرض عبد الناصر من الوزارة المركزية استقطاب بعض الأقطاب البعثية في القاهرة ، كما دعم قوة البعث في الس التنفيذي السوري بعناصر بعثية جديدة ، أي أن عبد الناصر استقطب حزب البعث ال سوري، ولم يسمح له بأن يضع يده على الحكم ، ومن ثم بدأت حملة النقد البعثي لعبد الناصر، واقتضى تزايـد الخلاف أن يرسل عبد الناصر عبد ا لحكيم عامر إلى دمشق متمتع ا بصلاحيات رئيس . د إبراهيم جلال: انفصال سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة ٤١٥ الجمهورية، وأراد الأخير أن يقبض على زمام الأمور بحزم ، مما أدى بالوزراء البعثـيين إلى تقديم استقالام ، وازدادت هوة الخلاف بين سياسة الجمهورية وحـزب البعـث وكان ذلك أيضا سببا في تعكير صفو العلاقات بين الطرفين . وفى ا ال الاقتصادي والاجتماعي، اتخذت الدولة إجراءات اقتصادية للتعاون بين الإقليمين - أهمها إصدار قانون الإصلاح الزراعي في أواخـر -١٩٥٨ الـذي سيكون لها أثر سيئ على مسيرة الوحدة ، كما تم في عام ،١٩٥٩ توحيـد قـوانين شؤون العمل والعمال في الإقليمين ، كما قام عبد الناصر في مارس ١٩٦١ بـإعلان الاشتراكية وتأميم البنوك في سوريا ، وهذا لا يتفق مع طبيعة اتمع ال سوري. كما تم وضع خطة شاملة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لمدة خمـس سـنوات ( -١٩٦٠ ١٩٦٥) كان الغرض منها زيادة الإنتاج في كل من إقليمي دولة الوحـدة ، كمـا اتخذت الإجراءات اللازمة لزيادة التبادل التجاري بين الإقليمين . أما بالنسبة للجيش ، فبعد صدور الدستور المؤقت ، أُطلق على الجيش ال سوري الجيش الأول ، وعلى المصري الجيش الثاني، ونتيجة للنقص في عدد الضباط في الجيش الأول، فإن عبد الحكيم عامر قام بتعزيزه من الضباط والقادة المصريين ، وتـضم نت الدفعة الأولى من هؤلاء نحو مائة وعشرين ضابطً .ا وشهدت الأشهر الأولى من الوحدة عملية إاء الخدمة لعدد مـن الـضباط الشيوعيين، نتيجة لأن الحزب الشيوعي ال سوري ومن ناصره كانوا مـن المعارضـين لقيام الوحدة ، كما أن عبد الناصر رأى ضرورة إعادة النظـر في موقـف الـضباط السوريين البعثيين . ففي يوليو من العام نفسه سافر عبد الحكيم عـامر بتوجيـه مـن عبدالناصر إلى دمشق ، وبعد دراسته للموقف ، أمر بنقل نحو أربعـين مـن الـضباط السوريين إلى القاهرة ، وكان نصفهم من البعثيين والنصف الآخـر مـن المـستقلين ، واتضح أن القاهرة التي ألغت الأحزاب ، لن تشجع النظام الحزبي في سوريا وخاصـة ٤١٦ الروزنامة (العدد الثامن - ٢٠١٠)  بين الضباط . وبدأ السوريون يشعرون أن الجيش في ظل الوحدة قـد ابتعـد عـن السياسة وركز اهتمامه على عمليات الإعداد والتدريب العسكري ، ولكـن بمـرور الوقت ظهرت الاحتكاكات والمناوشات بين الضباط السوريين والمصريين في الإقلـيم )٦( الشمالي، وبدأت النعرات الإقليمية والقطرية في التسلل إلى صفوف الجيش .


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

Schools are imp...

Schools are important entry points for tackling the complex relationship between food waste and nutr...

- "In addition ...

- "In addition to social media, we should also consider traditional advertising channels like print ...

كانت سبب ًا رئي...

كانت سبب ًا رئيس ًا في هذا التصادم مع الدين، وأعني به هنا "الدين النـصراني المحرف"، وهذا ليس تبرير ً...

I am drawn to v...

I am drawn to volunteer with the European Solidarity Corps because of its commitment to fostering so...

وفي النموذج الذ...

وفي النموذج الذي عرضناه أعلاه، يتم تخصيص حوالي نصف ساعة للقراءة المشتركة أو الجماعية (shared reading...

يحكى أنه في قري...

يحكى أنه في قرية ريفية صغيرة، كان هناك راع يأخذ أغنام القرية إلى المراعي المجاورة في الصباح الباكر و...

الطيور من اجمل ...

الطيور من اجمل مخلوقات الله على وجه الارض، وأكثرها انتشارا في معظم مناطق العالم شمالا وجنوبا وشرقا و...

الإعـــــــلان ...

الإعـــــــلان عــن إفتتــاح دورة محكمــة الجنايــات الإبتدائيــة و/أو محكمــة الجنايــات الإستئنافي...

مجالات تعاون ال...

مجالات تعاون الجزائر الإقليمي والدولي: تتمتع الجزائر بعلاقات تعاون واسعة النطاق على المستويين الإقلي...

إستجابة المسترش...

إستجابة المسترشد تكشف عن المعنى الكامن في نفسه أو النية الكامنة لديه وفي نفس الوقت تتيح الفرصة للمر...

لا يمكن الفصل ب...

لا يمكن الفصل بين أعمال المجلس الوطني الفلسطيني وانجازاته وأعمال سائر مؤسسات منظمة التحرير الفلسطيني...

Researchers are...

Researchers are interested in answering many types of questions. For example; a scientist might want...