لخّصلي

ة
ًا على الر
ُد قادر
َ ّ الش َّ يخ بالدوار والغثيان ولم يع
شعر
ّ من بين يديه
َّه أرخى خيط الحربة، وتركه يمر
ًِّدا، ولكن
جي
َّمكة
ُ ُ الق ُدرة ِ على اإلبصار رأى الس
ْه
َت
َد
ْن، وعندما عاو
ي
َ
الخشنت
ّ إلى األعلى، وكانت قصبة
ً طافية ّ على ظهرها وبطنها الفضي
َّمكة، والبحر قد اصطبغ
ِّ الحربة تشك ً ل زاوية مع كتف الس
َّمكة.
َّ بلون الدم األحمر من قلب الس
ً في البداية كانت تلك البقعة داكنة َّ مثل لون المياه الضحلة
ّ انتشرت
ُ ٍ على ميل، ثُم
في ذلك البحر األزرق الّ ُ ذي يزيد عمقه
َّ ً ون وساكنة ً وطافية
َة الل
ّ
َّمكة فضي
ّ ِحاب، وكانت الس
انتشار الس
فوق األمواج.
ّ ِّ قام بلف
ية لديه، ثم
ُّ ّ ؤية المتبق َ
َ حملق ّ الشيخ ببصيص الر
ُ َّقدم القارب، ووضع رأسه
َين على الوتد في م
ت
َّ
خيط الحربة مر
ْه.
َ على يدي
ُ َّقدم القارب:
ٌ وقال وهو مستند إلى خشب م
َ - ب،
ُتع
َّ ٌ ني شيخ م
ًا، إن
»يجب أن أحتفظ برأسي صافي
َّمكة الّتي هي أُختي، واآلن يجب
َّ ُ ني قتلت هذه الس
ولكن
138
ّ أن أقوم بالعمل الش ّ اق«.
ُنشوطات والحبل لكي
َ األ
ّئ
:َ »اآلن يجب أن أُهيِ
َّ وفكر
َين، وأفرغنا
ّى لو كنا اثن
أربطها إلى جانب المركب، وحت
َّلها
َّ َّ مكة، فإن هذا القارب لن يتحم
القارب من الماء لتحميل الس
َّمكة، وأربطها
ّ أسحب الس
أبدا، يجب أن أُ ِّحض َّ ر كل ٍ شيء، ثم
ً
ّ اري، وأُ ِ بح ً ر عائدا إلى المنزل«.
بإحكام، وأرفع الس
َّ َّ مكة إليه لتكون بجانب القارب، بحيث يتمكن
ِّ الس
بدأَ بجر
ُ ِخرجه من فمها، ويربط
من تمرير الخيط في خياشيمها، وي
ُ َّقدم القارب. وقال في نفسه: »أريد أن أراها،
رأسها إلى م
ْ ليس لهذا أرغب في
ّها ثروتي، ولكن
وألمسها، وأحس بها، إن
ّ
َّ ُ ني أحسست ُ بقلبها عندما غرزت نصل الحربة
ّ أن
ّها، أظن
جس
ُنشوطة حول
ْ ِ ها، وضع األ
ت
ّ
ْها اآلن، وثب
انية، اسحب
ّ َ
َّة الث
فيه المر
َبها، وأُنشوطة أُ َّ خرى حول وسطها لتشدها إلى المركب«.
َذن
ُّ ّ ها الشيخ«.
ّا إلى العمل أي
وقال: »هي
ّ أضاف:
َ تناول ً شربة ً صغيرة من الماء، ثم
ٌ - ّ من العمل الش ِّ اق ينبغي القيام به اآلن بعد أَن
»هناك كثير
ِ انتهت المعركة«.
139
ّ ّ ألقى نظرة على سمكته، وحدَق
َّماء، ثم
َ بصره إلى الس
رفع
َّ في الش ُ مس بعناية، وقال في نفسه: »لم يتجاوز الوقت الظهر،
ًا اآلن،
َّة، والخيوط جميعها ال تعني شيئ
ِّجاري
ّيح الت
وستهب الر
ُّ
ّ بجدلها بعد العودة إلى المنزل«.
َّ وسأقوم أنا والصبي
قال:
َّ - مكة«.
ُها الس
ت
ّ
»تعالي أي
َ ْت هناك
َّ ِ مكة لم تأت ْ ، بل، بدًال من ذلك، مكث
َّ الس
ولكن
َ ّ الش َ يخ القارب نحوها.
َّه
ً منغمسة في ماء البحر، فوج
ُ َّقدم القارب، لم
َّمكة، وجعل رأسها عند م
وعندما بلغ الس
ّ َّ ه فك حبل الحربة من الوتد،
ْ َد أَن
ي
َ
يستطع تصديق حجمها، ب
ُ َّ من بين فك ّ يها، ولفه
َه
َّمكة، وأخرج
َّره من خياشيم الس
ومر
َّ ّ ر الحبل في الخيشوم اآلخر، ولف ّ لفًة
ّ مر
حول سيفها، ثم
ُ َّقدم
َي الحبل، وربطه بالوتد في م
أُ َ خرى حول أنفها، وعقد طرف
ٍ القارب، وعندئذ َّ قطع الحبل، وذهب إلى مؤخر القارب ليربط
َّمكة.
ذيل الس
ّ خالص بعد أن كان لونها
َّ ٍ مكة إلى لون ّ فضي
َ استحال ُ لون الس
ّ َ ، وانكشف ْت ُ خطوطها
ّ ّ والفضي
مزيجا من األرجواني
ُّ ً
األصلي
140
ٍّ ٍ شاحب مثل ذيلها، وكانت الخطوط أعرض
ٍ عن لون بنفسجي
َّ ً مكة شاخصة
ُ الس
َين
ُ َ ه منفرجة، وبد ْت ع
ُ ٍل وأصابع
ِّ من كف رج
بحري.
ٍ مثل مرايا منظار ٍّ
ّ قال الشيخ:

• َّ »كانت هذه الطريقة الوحيدة لقتلها«.
  ُغمى
  َّه لن ي
  ُّ ٍن ْ منذ أن َ شرب الماء، وأدرك أن
  َ بتحس
  وشعر
  َِزُن ٍ أكثر من ألف
  َّها ت
  :َ »إن
  ً َّ ا، وفكر
  َّ عليه، وأن رأسه عاد صافي
  َّما أكثر بكثير، فكم
  ِ ٍ رطل كما هي عليه، ورب
  وخمسمائة
  ِ َص منها ثُلثا ذلك الوزن بسعر ثالثين
  ُخل
  ّنها إذا است
  سيكون ثم
  َّطل الواحد؟
  ًا للر
  سنت
  وقال:
  ً - ا كما ينبغي،
  َ ٍ لم لذلك، فرأسي ليس صافي
  ُ إلى ق
  »أَحتاج
  ،َ
  ًا بي هذا اليوم
  ّ أن )ديماجيو( سيكون فخور
  ولكن أظن
  ّ َ ظ َ هري ويد ّي تؤلمني
  لم أُ َص ْب ِ بنتوء العظم، ولكن
  حقا«.
  ًّ
  ُصاب به دون أن
  َّما ن
  ب
  ُ
  َّ وفكر: »أتساءل ما هو نتوء العظم؟ ر
  ُ ِدرك ذلك..«