لخّصلي

عمارة المدن الإغريقية القديمة وتنظيمها ) وقد شكل الحجر الأساس في إقامة المباني الإغريقية ، وقد فضله الإغريق في مبانيهم العامة ، وإن استعملوا قوالب اللبن في إقامة مساكنهم . وكانوا خلال القرن السادس قبل الميلاد يؤثرون الجدران الحاملة والجدران الساندة « الشائعة في تلك البلاد الجبلية التي يكثر فيها البناء على المنحدرات » يشيدون البناء بالأحجار على طبيعتها . بنحت أسطحها المضلعة على حالها ، تاركين لكل حجر في البناء شكله المتميز الخاص الذي لا يفقد الجدار ترابط آرغم عدم انتظام طبقات الأحجار مثال ذلك جدار دلفي الشهير . وقد التزم المهندس المعماري بالدقة في قطع أحجار المباني العامة سواء المدنية . أو الدينية منها حتى يسهل صفها إلى جوار بعضها دون استخدام الملاط ، ثم ربط بينها بوساطة وصلات معدنية صممت على شكل إسفين مزدوج سمي « ذيل اليمامة » وحظيت جدارن المباني في المرحلة النهائية بمزيد من العناية وخاصة تلك التي يستخدم فيها الرخام ، فكانت تصقيل بالمبرد من أعلاها إلى أدناها لإخفاء العيوب وإزالة النتوئات ، لتضفي عليها انتظام الخطوط الحجرية ورقية الوصلات التي تشد الكتل الحجرية إلى بعضها بعضا على الجدران ، كما يتجلى في الآثار الرئيسية لعصر بريكلس بالأكروبول والبارثينون والإرخثيوم والأجزاء المنتهية من البروبيلاي حيث تتميز بملمسها المخملي عن الجدران التي لم تمسها يد الصقل والتهذيب : استخدم الإغريق الأسوب ( الدوري والأيوني ) في إقامة المياني وكانت المدينةالاغريقية تجمع بين المباني العامة والمساكن ، وتشمل : الأولى المعابد والأسواق( الأجورة) وبيوت المال والمسارح وغيرها ، بينما تشمل الثانية قصور الحكام ودور الأهالي والحوانيت ... وقد اندثرت معظم تلك المدن و لم تسفر التنقيبات الحديثة إلا عن القليل من الآثار في شطري اليونان ، مثل أثينا ودلفي وكورنثة وطيبة ودبلوس وكريت في الشطر الأوربي وجزر بحر إيجة ، ومثل برين وبرجامون وطروادة في آسيا الصغرى ، ولم يبق من هذه المدن غير المعابد والمباني العامة ، على حين اندثرت أغلب العمارة السكنية تاركة بعض الأطلال التي دلت رغم قلتها على أصولها ومواقعها في التخطيط العامة للمدينة ،ولم يكن الاغريق يقيمون داخل دورهم الضيقة المؤلفة من فناء غير مسقوف محاط بعدد محدود من الغرف القليلة الحظ من وسائل الراحة وعناصر الجمال بقدر ما كانوا يحيون خارج مساكنهم في الطرقات والميادين التي أقيمت بها آثارهم العامة ، وأهمها المعابد على حساب المباني المدنية ، حتى بات معروفاً لعهد طويل أن المعمار الإغريقي هو معمار ديني فحسب ، إلى أن ظهرت في السنوات الأخيرة آراء صححة هذا المفهوم . فلقد تناولت مؤلفات عدة المباني وأصول تخطيط المدن في اليونان ومستعمراتها ، وأمدتنا بالمعارف عن المباني التي صممت خصيصا لكي تعقد فيها جلسات الاجتماعات والمجالس والمحاكم خلال القرنين السادس والخامس ق.م ، والتي تجمع بالوقت نفسه بين الأغراض الدينية كالقاعات المخصصة لتمثيل مشاهد الأسرار الدينية ، وبين الأعراض المدنية كقاعة البلدية ، وكان الإغريق هم أول من صمم القاعة المستطيلة التي تحيطها المدرجات المرتفعة من جوانب ثلاثة معروفة باسم « البازيليكا » وهو التصميم الذي بقي مائلاً حتى اليوم )( وأتاح الطقس المعتدل للمتوسط فرص التلاقي والتجمع للناس ) مما كان له أثره في إزدهار الحياة الاجتماعية « الجماعية » وإنشاء المباني العامة المكشوفة غير المسقوفة ، وتوصل المهندسون المعماريون إلى ابتكار أنماط من تتلاءم مع طبيعة الاجتماعات ، فكانت « الأجورة » في أثينا كما كانت في كل المدن اليونانية هي النقطة المركزية للحياة اليومية فهي السوق ومقر الحكومة وملتقى الأنشطة الاجتماعية والفكرية والسياسية وميدان المباريات الشعرية وغيرها.