لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (100%)

وقيل: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في أول البعثة ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي، وعلى هاتين الصلاتين تحمل الآيات المكية التي ورد فيها ذكر الصلاة، كآية {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُون} ١. وقد اتفق العلماء على أن فرض الصلوات الخمس كان ليلة الإسراء والمعراج قبل الهجرة بسنة، كما روى في حديث الإسراء والمعراج. وصح عن عائشة رضي الله عنها: أن الصلوات الخمس فرضت ركعتين، ٢- أما أوقات الصلوات الخمس فقد جاءت مجملة في قوله تعالى: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ، وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ} ٢ وجاء في الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أمني جبريل عند البيت مرتين، فصلى بي الظهر في الأولى منهما حين كان الفيء مثل الشراك، ثم صلى العصر حين صار ظل كل شيء مثله، ثم صلى المغرب حين وجبت الشمس وأفطر الصائم. ثم صلى العشاء حين غاب الشفق، ثم صلى الفجر حين بقرق الفجر وحرم الطعام على الصائم. وصلى في المرة الثانية الظهر حين صار ظل كل شيء مثله لوقت العصر بالأمس، ثم صلى العصر حين صار ظل كل شيء مثله، ثم صلى المغرب لوقت الأولى، ثم صلى العشاء الأخيرة حين ذهب ثلث الليل، ثم صلى الصبح حين أسفرت الأرض، ثم التفت إلى جبريل وقال: يا محمد، هذا وقت الأنبياء من قبلك، والوقت فيما بين هذين " [رواه أبو داوود وابن ماجه والترمذي وقال: هذا حديث حسن، وأصله في الصحيحين] . ٣- وأصل مشروعية الطهارة كان بمكة وفي سورة المدثر - وهي أول سورة نزلت بعد "أقرأ" {وَثِيَابَكَ فَطَهِّر} ١ والتطهير لفظ عام يتناول الطهارة الحسية والطهارة المعنوية كما ذكر المفسرون، وهذا أصل في طهارة الثوب والبدن والمكان، وفي القرآن الكريم المكي {لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} ٢ وثبت عند أهل السير قصة إسلام عمر، وأن أخته منعته من مس الصحيفة حتى اغتسل، وجماع هذه النصوص يدل على وجوب إزالة النجاسة. أما الوضوء فكان قريبا لفرض الصلاة، إذ لا يتأتي صلاة بدون وضوء. فيكون فرض الوضوء قبل الهجرة عقب فرض الصلاة وذهب ابن حزم أن الوضوء لم يشرع إلا بالمدينة محتجا بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ . } ٣ فإنه الآية مدنية لذكر التيمم فيها. وذهب بعضهم إلى أن الوضوء قبل الهجرة كان مندوبا ثم فرض بالمدينة، وبهذا بمكن الجمع بين الرأيين. ٤- وفرضت صلاة الجمعة قبل الهجرة، فإنه بعد أن كانت بيعة العقبة وبايع القوم رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعث معهم مصعب بن عمير، وأمره أن يقرئهم القرآن ويعلمهم الإسلام، فكان يسمى المقريء بالمدينة. وكان نزوله على أسعد بن زرارة كان يصلي بهم. واستأذن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الجمعة فأذن له. فأقامها في المدينة قبل الهجرة، وأخرج الطبراني أن أول من جمع بالمدينة مصعب بن عمير. وأخرج أبو داود وابن ماجه وابن حبان والبيهقي أن أول من جمع بهم أسعد بن زرارة. ٥- ومشروعية الخطبة كانت في السنة الأولى من الهجرة، كما روى ابن إسحاق، وأورد أول خطبة خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه قام فيهم فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: "أما بعد: أيها الناس قدموا لأنفسكم، تعلمن والله ليصعقن أحدكم ثم ليدعن غنمه ليس راع، ثم ليقولن له ربه وليس ترجمان ولا حاجب يحجبه دونه. " قال إبن إسحاق: ثم خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس مرة أخرى، فقال: "إن الحمد لله، نعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحد لا شريك له. وهو اللفظ المعلوم المشروع في أوقات الصلوات للإعلام بوقتها، فإنهم كانوا يتحينون وقت الصلاة فيجتمعون لها، فلما كثروا شاورا النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه فيما يتخذ للإعلام بدخول الوقت، فأمر بلالا أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة. ورأي عمر مثل رؤيا عبد الله كذلك. ٧- وشرعت صلاة العيدين في السنة الثانية من الهجرة، حيث قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كما روى أبوداد والنسائي ولهم يومان يلعبون فيهما. فقال: "أبد لكم الله تعالى بهما خيرا منهما: يوم الفطر ويوم الأضحى" وتبع ذلك مشروعية الأضحية، وفيما رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي من حديث جابر قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عيد الأضحى، فلما انصرف أتي بكبش فذبحه فقال: "بسم الله والله أكبر. اللهم إن هذا عني وعن من لم يضح من أمتي" وروى أحمد عن أبي رافع: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا ضحى اشترى كبشين سيمنين أقرنين أملحين. فمكثنا سنين ليس لرجل من بني هاشم يضحى، قد كفاه الله المؤنة برسول الله صلى الله عليه وسلم والغرم". ٨- وفي السنة الثانية الهجرة كان تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة، فقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت وكان يكثري النظر إلى السماء ينتظر أمر الله، فأنزل الله: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} ١ وكانت أول صلاة صلاها إلى الكعبة صلاة العصر، وقد ارتاب من ذلك اليهود وأهل النفاق وقالوا: {مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} ؟ فأنزل الله {قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِب} ٢. وأنزل {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّه} ٣. ٩- وكانت بداية مشروعية الصيام عقب الهجرة حين قدم رسول الله صلى الله عليه وسم المدينة فصام يوم عاشوراء قبل أن يفرض صيام رضمان فقد أخرج البخاري ومسلم عن ابن عباس قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدين’ فرأي اليهود تصوم عاشوراء فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح، وقال: "أنا أحق بموسى منكم" فصامسه وأمر بصيامه. فلما فرض رمضان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن عاشوراء يوم من أيام الله، فمن شاء صامه" أخرجه البخاري ومسلم عن ابن عمر. ١٠- وشرعت زكاة الفطر على الأبدان في السنة الثانية من الهجرة قبل أن تفرض زكاة الأموال. لما رواه النسائي عن قيس بن سعد بن عبادة رضي الله عنهما قال: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بصدقة الفطر قبل أن تنزل الزكاة، ١٢- واختلفوا في قصر الصلاة في السفر: ١٣- وشرع التيمم في السنة الرابعة من الهجرة لفاقد الماء حقيقة أو حكما بدلا عن الغسل والوضوء، حيث فقدت عائشة رضي الله عنها عقدها، حتى إذا كنا بالبيداء أو بذات الجيش انقطع عقدي، فأتى الناس إلى أبي بكر الصديق فقالوا: ألا ترى ما صنعت عائشة؟ أقامت برسول الله صلى الله عليه وسلم والناس، فقال: حبست رسول الله صلى الله عليه وسلم واضع رأسه على فخذي قد نام، فقالت عائشة: فعاتبني أبو بكر. فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أصبح على غير ماء، وأول عمرة اعتمرها برسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة كانت عمرة الحديبية سنة ست، وحلق هو وأصحابه رؤوسهم، ورجع من عامه إلى المدينة. ١٥- وشرع وجوب ستر العورة في السنة التاسعة، وصح أن العرب كانت تطوف بالبيت عراة إلا الحمس١ والحمس قريش وما ولدت، وكان سائر العرب يطوفون بالبيت عراة لاعتقادهم أن ثيابهم مدنسة، فإذا لم يعطهم الحمس ثيابا طافوا عراة، فقال الناس: انكسفت الشمس لموت إبراهيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، حتى ينكشف" [متفق عليه] . ١- كان تحريم التطفيف في الكيل والوزن من أول ما نزل في المعاملات بعد هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة: أخرج النسائي وابن ماجه عن طريق على بن الحسين بن واقد متصلا عن ابن عباس قال: "لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وكانوا من أخبث الناس كيلا أنزل الله تعالى: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِين} ١ فحسنوا الكيل بعد ذلك" والتطفيف: البخس في المكيال والميزان إما بالازدياد إن اقتضى من الناس، وإما بالنقصان إن قضاهم، وبهذا فسره الحق تبارك وتعالى: {الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ، وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} ٢. ٢- وشرع للحاكم العادل في السنة الرابعة من الهجرة أن يقطع بعض الأفراد من الأرض الميتة والمعادن والمياه ما دامت هناك مصلحة، وقد دلت الآثار على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطع أقواما، ورأي رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاح فيما فعل من ذلك، إذ كان فيه تأليف على الإسلام، وكذلك الخلفاء إنما أقطعوا من رأوا أن له غناء في الإسلام، أخرج أبو داود عن ابن عمر: "أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع الزبير حضر فرسه، ثم رمى بسوطه فقال: أعطوه من حيث بلغ السوط"٣. قال في سبل السلام: وأخرجه أحمد من حديث أسماء بنت أبي بكر وفيه أن الإقطاع كان من أموال بني النضير. وإنما يقطع الحاكم من أجل المصلحة، فإذا لم تتحقق بأن لم يعمرها من أقطع له ولم يستثمرها فإنها تنزع منه إن تركها ثلاث سنين كما جاءت بذلك الآثار. عن جده: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطع لأناس من مزينة أو جهينة - أرضا فلم يعمروها فجاء قوم فعمروها، فخاصمهم الجهينون - أو المزينون - إلى عمر بن الخطاب فقال: لو كانت مني أو من أبي بكر لرددتها، ولكنها قطيعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: من كانت له أرض ثم تركها ثلاث سنين فلم يعمرها فعمرها قوم آخرون فهم أحق بها". ٣- وكانت مشروعية الوقف في السنة السابعة من الهجرة بعد أن قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنيمة خيبر، واصاب عمر بن الخطاب رضي الله عنه سهما منها، فاستشار عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في سهمه، فأشار عليه بحبسه في سبيل الله. ٤- وشرعت المساقاة والمزارعة في السنة السابعة حين عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم يهود خيبر. واستمر على ذلك إلى حين وفاته ولم ينسخ البتة، واستمر عمل خلفائه الراشدين عليه، فمن أباح المضاربة وحرم ذلك فقد فرق بين متماثلين، فإنه صلى الله عليه وسلم دفع إليهم الأرض على أن يعتملوها من أموالهم، وهذا كان هديه صلى الله عليه وسلم وهدى الخلفاء الراشدين من بعده، فإن الأرض بمنزلة المال في المضاربة، والبذر يجري مجرى سقي الماء، فعلم أن القياس الصحيح هو الموافق لهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين". ٥- وكان تحريم بيع الخمر والميتةوالخنزير والأصنام في السنة الثامنة من الهجرة حيث فتحت مكة. أرأيت شحوم الميتة فإنه يطلي بها السفن، ويدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟ فقال: "لا، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: "قاتل الله اليهود، فنزلت سورة المائدة -وهي من أواخر ما نزل- وجاء في صدرها الأمر بالوفاء بالعقود {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} ١ وقد نزل قبل ذلك النهي عن أكل أموال الناس بالباطل في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} ٢ وقوله: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْأِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} ٣. ثالثا - في شئون الأسرة "الأحوال الشخصية": ١- نزل القرآن المكي بحفظ الفروج، وأبطل رسول الله صلى الله عليه وسلم أنكحة الجاهلية، وجاء كثير منها في سورة النساء: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا، وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} ٤. ٢- وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار بعد الهجرة. فكانوا يتوارثون بذلك إرثا مقدما على القرابة، ونزل في السنة الثانية من الهجرة قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} ١ فكانت ولاية نصرة وإرث. ثم نزل قوله تعالى: {وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} ٢ فكان الإرث بين ذوي الأرحام. ٣- وشرع الله الطلاق والرجع والخلع والعدة في السنة الثالثة من الهجرة، حيث نزلت سورة الطلاق، وأيات الطلاق والعدة في سورة البقرة، وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة عن أنس قال: "طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة فأتت أهلها، فأنزل الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنّ} ٢ فيل له: راجعها فإنها صوامة قوامة، وهي من أزواجك ونسائك في الجنة". وهي مما وافق تنزيلها قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما ثبت ذلك في الصحيحين. ٥- وشرع الإيلاء في السنة الخامسة من الهجرة كذلك حيث نزل قوله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ، وأنظر المولى أربعة أشهر، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كان إيلاء الجاهلية السنة والسنتين فوقت الله أربعة أشهر فإن آلى أقل من أربعة أشهر فليس بإيلاء" [أخرجه البيهقي والطبراني] . ٦- وكان الظهار طلاقا في الجاهلية، وابن جرير - واللفظ لابن أبي حاتم - عن عائشة قالت: "تبارك الذي أوعى سمعه كل شيء، وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تقول: يا رسول الله . حتى إذا كبرت سني وانقطع ولدي ظاهر مني، قالت: فما برحت حتى نزل جبريل بهذه الأية: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} ٢ قالت: وزوجها أوس بن الصامت". عن خويلة بنت ثعلبة قالت: "في والله وفي أوس بن الصامت أنزل الله صدر سورة المجادلة قالت: كنت عنده وكان شيخا كبيرا قد ساء خلقه، فقال: أنت على كظهر أمي، قالت: ثم خرج فجلس في نادي قومه ساعة ثم دخل على فإذا هو يريدني عن نفسي، قالت: قلت: كلا والذي نفس خويلة بيده لا تخلص إلى وقد قلت ما قلت حتى يحكم الله ورسوله فينا بحكمه، قالت: ثم خرجت إلى بعض جاراتي فاستعرت منها ثيابان ثم خرجت حتى جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعلت أشكو إليه ما ألقى من سوء خلقه، قالت: فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يا خويلة: ابن عمك شيك كبير، فتغشى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان يتغشاه، فقال لي: يا خويلة. قد أنزل الله فيك وفي صاحبك قرآنا، ثم قرأ على {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِير} إلى قوله تعالى: {ِوَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيم} ١ قالت: فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: مريه فليعتق رقبة، قالت: فقلت: يا رسول الله ما عنده ما يعتق، قال: فليطعم ستين مسكينا وسقا من تمر، قالت: فقلت: والله يا رسول الله ما ذاك عنده، قالت: فقلت: يا رسول الله، فاذهبي فتصدقي به عنه. ثم استوصى بابن عمك خيرا، وعنده خولة بنت ثعلبة، ٧- وكان نكاح المتعة ويسمى الزواج المؤقت - مباحا لضرورة الغزو والسفر، ثم أبيح في غزوة أوطاس بعدها ثلاثة أيام ثم منع، عن ابن مسعود قال: "كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس معنا نساء، فقلنا: ألا نختصي؟ فنهانا عن ذلك، ثم رخص لنا بعد أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل، ثم قرأ عبد الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} ١ الآية" [متفق عليه] . وعن علي رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن نكاح المتعة، وعن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر" وفي رواية: "نهى عن متعة النساء يوم خيبر، وعن سبرة الجهني "أنه غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم فتح مكة، قال: فأقمنا بها خمسة عشرة، فأذن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في متعة النساء" وذكر الحديث إلى أن قال: "فلم أخرج حتى حرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا أيها الناس، إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا" [رواهن أحمد ومسلم] ثم لم تخرج منها حتى نهانا عنها" [رواه مسلم] . وفي رواية عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع نهى عن نكاح المتعة". وما حكى عن ابن عباس أو غيره من إباحة المتعة فإنه معارض بالرجوع عن ذلك، ثم أجمع السلف والخلف على تحريمها إلا من لا يلتفت إليه من الروافض، ٨- وكانت الوصية واجبة بقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} ١ ثم نسخ ذلك، فقيل: آية الفرائض: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْن. إلى قوله تعالى: {. وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيم} ٢ وقيل: حديث: "إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث" [رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه، لأن الأقربين أعم من أن يكونوا وارثين أم لا؟ فكانت الوصية واجبة لجميعهم، وخص منها الوارث بآية الفرائض وبالسنة الصحيحة، وفي السنة العاشرة منعت الوصية بأكثر من الثلث في قصة سعد بن أبي وقاص عندما مرض في مكة بحجة الوداع. عن سعد بن أبي وقاص أنه قال: "جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني من وجع اشتد بي، فقلت: يا رسول الله: إني قد بلغ بي من الوجع ما ترى، الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} ١ قال جابر بن عبد الله: "مرضت فأتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر يعوداني ماشين، فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صب على من وضوئه، كيف أقضي في مالي؟ فلم يرد على شيئا حتى نزلت آية الميراث: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ} [رواه مسلم] وتسمى آية الصيف، روى ابن ماجه عن عمر قال: "إني والله لا أدع شيئا أهم إلى من أمر الكلالة، فما أغلظ في شيء ما أغلظ لي فيها، حتى طعن بإصبعه في جنبي أو في صدري - ثم قال: يا عمر . ألا تكفيك آية الصيف التي أنزلت في آخر سورة النساء" ١- كانت مشروعية الرجم في الزنا عند الإحصان في السنة الرابعة من الهجرة بما جاء في قضية اليهودي واليهودية اللذين زنيا فرجمهما النبي صلى الله عليه وسلم. وأما قوله عليه الصلاة والسلام: "البكر بالبكر" والثيب بالثيب" فليس هو على سبيل الاشتراط، بل حد البكر الجلد والتغريب سواء زنى ببكر أم ثيب، وحد الثيبس الرجم سواء زنى بثيب أم بكر، فهو شبيه بالتقييد الذي يخرج على الغالب. والمراد بالثيب من جامع في دهره مرة في نكاح صحيح وهو بالغ عاقل حر. ٢ وفي السنة الرابعة كذلك شرع حد القذف في أعقاب حديث الإفك، ونزل قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ، إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ١ ٣- وكان تحريم الخمر على مراحل حتى نزل تحريمها القطعي في المرحلة الأخيرة: وتحريم الميسر والأنصاب والأزلام في السنة السادسة من الهجرة، ٤- وشرع حد الحرابة في السنة السادسة أو السابعة: ٥- وكانت مشروعية القصاص في النفس والأطراف في السنة الثامنة من الهجرة، وأبطل الإسلام ما كان في الجاهلية من تفاوت بين الأشخاص في القصاص، ونزل قول الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ، حيث قال: يا رسول الله: أرأيت لو وجد أحدنا امرأته على فاحشة كيف يصنع؟ إن تكلم تكلم بأمر عظيم، وإن سكت سكت على مثل ذلك. قال: فسكت النبي صلى الله عليه وسلم فلم يجبه. فلما كان بعد ذلك أتاه فقال: إن الذي سألتك عنه إبتليت به، ثم دعها فوعظها وأخبرها أن عذاب الدينا أهون من عذاب الآخرة، فقالت: لا والذي بعثك بالحق إنه لكاذب، فبدا بالرجل فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، فشهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، خامسا - في الجهاد والسير "العلاقات الدولية": الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} ١ روى الحاكم في مستدركه عن ابن عباس قالك "لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة قال أبو بكر: أخرجوا بينهم، ٢- ثم كان أمر المسلمين بقتال من قاتلهم حماية للدعوة، ودفاعا عن حوزة الدين، والنهي عن القتال في الحرم إلا إذا قاتل المشركون فيه، قال تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ، وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِين} ٢. حيث بعث رسول الله سبعة نفر عليهم عبد الله بن جحش، وكتب له كتابا وأمره ألا ينظر فيه حتى يسير يومين، فلما سار عبد الله بن جحش يومين فتح الكتاب فنظر فيه، فإذا فيه: "إذا نظرت في كتابي هذا فامض حتى تنزل نخلة بين مكة والطائف، وتعلم لنا من أخبارهم" فلما قرأ الكتاب، ثم أخبر أصحابه بما فيه فمضى ومضى معه أصحابه، وفي الطريق أصل اثنان منهم بعيرا لهما كانا يعتقبانه، فتأخرا في طلبه ومضى عبد الله بن جحش وبقية أصحابه حتى نزل نخلة، فيها عمرو بن الحضرمي وآخرون فقتلوا ابن الحضرمي وأسروا أسيرين واستولوا على العير ولم يدروا أن ذلك اليوم من رجب أو من جمادي. ابن جحش وأصحابه بالعير والأسيرين على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ} ١ ب- وكان في السنة الثانية في بدر كذلك بداية التشريع في حكم الأسرى قبل أن يشتد ساعد المسلمين، فاشار عمر رضي الله عنه بقتلهم، لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} ٤. ج- وفرض الله على المسلمين أن لا يفر واحد من عشرة، روى البخاري عن ابن عباس قال: "لما نزلت هذه الآية: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ} ١ ثقل على المسلمين وأعظموا أن يقاتل عشرون مائتين ومائة ألفا، فخفف الله عنهم فنسخها بالآية الأخرى فقال: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا} الآية٢ فكانوا إذا كانوا على الشطر من عدوهم لم يسغ لهم أن يفروا من عدوهم، وإذا كانوا دون ذلك لم يجب عليهم قتالهم، وهم على كفرهم آمنون على دمائهم وأموالهم، وقسم حاربوه ونصبوا له العدواة وهم المشركون. فلم يصالحوه ولم يحاربوه، فعامل رسول الله صلى الله عليه وسلم كا طئافة من هؤلاء بما أمره به ربه تبارك وتعالى. فصالح يهود المدينة وكتب بينهم وبينه كتاب أمن، وكانوا ثلاث طوائف حول المدينة: بني قينقاع، "أ" وكان بنو قينقاع أول من نقض العهد من اليهود بعد انتصار المسلمين في بدر، وكانوا حلفاء عبد الله بن أبي بن سلول رئيس المنافقين، وكلم حليفهم عبد الله بن أبي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم، وأخرجوا من المدينة فخرجوا إلى أذرعات بالشام، وفيهم نزل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} إلى قوله: {فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} ١. وكان بين بني النضير وبني عامر عقد وحلف، فلما أتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعينهم في دية ذينك الرجلين القتيلين قالوا: نعم يا أبا القاسم، ثم تأمروا على إلقاء صخرة عليه وهو يستند إلى جدار من بيوتهم، فقام وخرج راجعا إلى المدينة، وبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أخرجوا من المدينة، فأبو وتحصنوا بحصونهم. فنهض إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع صحابته وحاصرهم، وقذف الله في قلوبهم الرعب حتى سألوه أن يجيلهم ويكف عن دمائهم على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم إلا السلاح، فاحتملوا من أموالهم ما استقلت به الإبل، وكان الرجل منهم يهدم بيته ويحمل على ظهر بعيره بابه، وكانت مشروعية قسمة الفيء {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ} الآيات٢. جـ- ولما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غزوة الخندق جاء حيي ابن أخطب رئيس بني النضير إلى بني قريظة في ديارهم سنة خمس من الهجرة، فما كاد ينتهي من غزوة الأحزاب حتى جاءه الوحي بالمسير إلى بني قريظة، فقال لصحابته: "لا يصلين أحد منكم العصر إلا في بني قريظة" فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم مع صحابته، وقالوا: يا أبا لبابة، أترى أن ننزل على حكم محم؟ قال: نعم: وأشار بيده إلى حلقه يقول إنه الذبح قال أبو لبابة: فوالله ما زالت قدماي من مكانها حتى عرفت أني خنت الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ثم انطلق أبو لبابة على وجهه ولم يأت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ارتبط في المسجد إلى عمود من عمدة وقال: لا أبرح مكاني هذا حتى يتوب الله على مما صنعت، قد فعلت في بني قينقاع ما قد علمت، قال: فذاك إلى سعد بن معاذ، قالوا: قد رضينا: فأرسل إلى سعد بن معاذ وكان في المدينة لم يخرج معهم لجرح كان به، أجمل إلى مواليك فأحسن فيهم،


النص الأصلي

وقيل: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في أول البعثة ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي، وعلى هاتين الصلاتين تحمل الآيات المكية التي ورد فيها ذكر الصلاة، كآية {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُون} ١. وقد اتفق العلماء على أن فرض الصلوات الخمس كان ليلة الإسراء والمعراج قبل الهجرة بسنة، كما روى في حديث الإسراء والمعراج. وصح عن عائشة رضي الله عنها: أن الصلوات الخمس فرضت ركعتين، ٢- أما أوقات الصلوات الخمس فقد جاءت مجملة في قوله تعالى: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ، وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ} ٢ وجاء في الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أمني جبريل عند البيت مرتين، فصلى بي الظهر في الأولى منهما حين كان الفيء مثل الشراك، ثم صلى العصر حين صار ظل كل شيء مثله، ثم صلى المغرب حين وجبت الشمس وأفطر الصائم. ثم صلى العشاء حين غاب الشفق، ثم صلى الفجر حين بقرق الفجر وحرم الطعام على الصائم. وصلى في المرة الثانية الظهر حين صار ظل كل شيء مثله لوقت العصر بالأمس، ثم صلى العصر حين صار ظل كل شيء مثله، ثم صلى المغرب لوقت الأولى، ثم صلى العشاء الأخيرة حين ذهب ثلث الليل، ثم صلى الصبح حين أسفرت الأرض، ثم التفت إلى جبريل وقال: يا محمد، هذا وقت الأنبياء من قبلك، والوقت فيما بين هذين " [رواه أبو داوود وابن ماجه والترمذي وقال: هذا حديث حسن، وأصله في الصحيحين] . ٣- وأصل مشروعية الطهارة كان بمكة وفي سورة المدثر - وهي أول سورة نزلت بعد "أقرأ" {وَثِيَابَكَ فَطَهِّر} ١ والتطهير لفظ عام يتناول الطهارة الحسية والطهارة المعنوية كما ذكر المفسرون، وهذا أصل في طهارة الثوب والبدن والمكان، وفي القرآن الكريم المكي {لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} ٢ وثبت عند أهل السير قصة إسلام عمر، وأن أخته منعته من مس الصحيفة حتى اغتسل، وجماع هذه النصوص يدل على وجوب إزالة النجاسة. أما الوضوء فكان قريبا لفرض الصلاة، إذ لا يتأتي صلاة بدون وضوء. فيكون فرض الوضوء قبل الهجرة عقب فرض الصلاة وذهب ابن حزم أن الوضوء لم يشرع إلا بالمدينة محتجا بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ . } ٣ فإنه الآية مدنية لذكر التيمم فيها. وذهب بعضهم إلى أن الوضوء قبل الهجرة كان مندوبا ثم فرض بالمدينة، وبهذا بمكن الجمع بين الرأيين. ٤- وفرضت صلاة الجمعة قبل الهجرة، فإنه بعد أن كانت بيعة العقبة وبايع القوم رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعث معهم مصعب بن عمير، وأمره أن يقرئهم القرآن ويعلمهم الإسلام، فكان يسمى المقريء بالمدينة. وكان نزوله على أسعد بن زرارة كان يصلي بهم. واستأذن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الجمعة فأذن له. فأقامها في المدينة قبل الهجرة، وأخرج الطبراني أن أول من جمع بالمدينة مصعب بن عمير. وأخرج أبو داود وابن ماجه وابن حبان والبيهقي أن أول من جمع بهم أسعد بن زرارة. ٥- ومشروعية الخطبة كانت في السنة الأولى من الهجرة، كما روى ابن إسحاق، وأورد أول خطبة خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه قام فيهم فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: "أما بعد: أيها الناس قدموا لأنفسكم، تعلمن والله ليصعقن أحدكم ثم ليدعن غنمه ليس راع، ثم ليقولن له ربه وليس ترجمان ولا حاجب يحجبه دونه. " قال إبن إسحاق: ثم خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس مرة أخرى، فقال: "إن الحمد لله، نعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحد لا شريك له. ".
٦- كما شرع الأذان في السنة الأولى من الهجرة، وهو اللفظ المعلوم المشروع في أوقات الصلوات للإعلام بوقتها، فإنهم كانوا يتحينون وقت الصلاة فيجتمعون لها، فلما كثروا شاورا النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه فيما يتخذ للإعلام بدخول الوقت، وبعضهم بإيقاد النار، فقال: هذا رؤيا حق، فأمر بلالا أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة. ورأي عمر مثل رؤيا عبد الله كذلك. ٧- وشرعت صلاة العيدين في السنة الثانية من الهجرة، حيث قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كما روى أبوداد والنسائي ولهم يومان يلعبون فيهما. فقال: "أبد لكم الله تعالى بهما خيرا منهما: يوم الفطر ويوم الأضحى" وتبع ذلك مشروعية الأضحية، وفيما رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي من حديث جابر قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عيد الأضحى، فلما انصرف أتي بكبش فذبحه فقال: "بسم الله والله أكبر. اللهم إن هذا عني وعن من لم يضح من أمتي" وروى أحمد عن أبي رافع: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا ضحى اشترى كبشين سيمنين أقرنين أملحين. ثم يقول: اللهم هذا عن أمتى جميعا، وشهد لي بالبلاغ، ويأكل هو وأهله منهما، فمكثنا سنين ليس لرجل من بني هاشم يضحى، قد كفاه الله المؤنة برسول الله صلى الله عليه وسلم والغرم". ٨- وفي السنة الثانية الهجرة كان تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة، فقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت وكان يكثري النظر إلى السماء ينتظر أمر الله، فأنزل الله: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} ١ وكانت أول صلاة صلاها إلى الكعبة صلاة العصر، وقد ارتاب من ذلك اليهود وأهل النفاق وقالوا: {مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} ؟ فأنزل الله {قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِب} ٢. وأنزل {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّه} ٣. ٩- وكانت بداية مشروعية الصيام عقب الهجرة حين قدم رسول الله صلى الله عليه وسم المدينة فصام يوم عاشوراء قبل أن يفرض صيام رضمان فقد أخرج البخاري ومسلم عن ابن عباس قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدين’ فرأي اليهود تصوم عاشوراء فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح، فصامه، وقال: "أنا أحق بموسى منكم" فصامسه وأمر بصيامه. فلما فرض رمضان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن عاشوراء يوم من أيام الله، فمن شاء صامه" أخرجه البخاري ومسلم عن ابن عمر. ١٠- وشرعت زكاة الفطر على الأبدان في السنة الثانية من الهجرة قبل أن تفرض زكاة الأموال. لما رواه النسائي عن قيس بن سعد بن عبادة رضي الله عنهما قال: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بصدقة الفطر قبل أن تنزل الزكاة، ونحن نفعله". ١٢- واختلفوا في قصر الصلاة في السفر:
١٣- وشرع التيمم في السنة الرابعة من الهجرة لفاقد الماء حقيقة أو حكما بدلا عن الغسل والوضوء، وذلك في غزوة المريسيع، حيث فقدت عائشة رضي الله عنها عقدها، حتى إذا كنا بالبيداء أو بذات الجيش انقطع عقدي، فأتى الناس إلى أبي بكر الصديق فقالوا: ألا ترى ما صنعت عائشة؟ أقامت برسول الله صلى الله عليه وسلم والناس، وليسوا على ماء، وليس معهم ماء، فقال: حبست رسول الله صلى الله عليه وسلم واضع رأسه على فخذي قد نام، وليس معهم ماء، فقالت عائشة: فعاتبني أبو بكر. فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أصبح على غير ماء، فأصبنا العقد تحته". ١٤- وكانت العمرة، كما كان الحج، وأول عمرة اعتمرها برسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة كانت عمرة الحديبية سنة ست، فنحر البدن، وحلق هو وأصحابه رؤوسهم، وحلوا من إحرامهم، ورجع من عامه إلى المدينة. ١٥- وشرع وجوب ستر العورة في السنة التاسعة، وتقول:
وصح أن العرب كانت تطوف بالبيت عراة إلا الحمس١ والحمس قريش وما ولدت، وكان سائر العرب يطوفون بالبيت عراة لاعتقادهم أن ثيابهم مدنسة، وأن ثياب قريش طاهرة، فإذا لم يعطهم الحمس ثيابا طافوا عراة، فقال الناس: انكسفت الشمس لموت إبراهيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فادعو الله وصلوا، حتى ينكشف" [متفق عليه] . ثانيا- في المعاملات:
١- كان تحريم التطفيف في الكيل والوزن من أول ما نزل في المعاملات بعد هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة: أخرج النسائي وابن ماجه عن طريق على بن الحسين بن واقد متصلا عن ابن عباس قال: "لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وكانوا من أخبث الناس كيلا أنزل الله تعالى: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِين} ١ فحسنوا الكيل بعد ذلك" والتطفيف: البخس في المكيال والميزان إما بالازدياد إن اقتضى من الناس، وإما بالنقصان إن قضاهم، وبهذا فسره الحق تبارك وتعالى: {الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ، وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} ٢. ٢- وشرع للحاكم العادل في السنة الرابعة من الهجرة أن يقطع بعض الأفراد من الأرض الميتة والمعادن والمياه ما دامت هناك مصلحة، وقد دلت الآثار على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطع أقواما، ورأي رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاح فيما فعل من ذلك، إذ كان فيه تأليف على الإسلام، وكذلك الخلفاء إنما أقطعوا من رأوا أن له غناء في الإسلام، ونكاية للعدو، أخرج أبو داود عن ابن عمر: "أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع الزبير حضر فرسه، فأجرى فرسه حتى قام، ثم رمى بسوطه فقال: أعطوه من حيث بلغ السوط"٣. قال في سبل السلام: وأخرجه أحمد من حديث أسماء بنت أبي بكر وفيه أن الإقطاع كان من أموال بني النضير. وإنما يقطع الحاكم من أجل المصلحة، فإذا لم تتحقق بأن لم يعمرها من أقطع له ولم يستثمرها فإنها تنزع منه إن تركها ثلاث سنين كما جاءت بذلك الآثار. عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطع لأناس من مزينة أو جهينة - أرضا فلم يعمروها فجاء قوم فعمروها، فخاصمهم الجهينون - أو المزينون - إلى عمر بن الخطاب فقال: لو كانت مني أو من أبي بكر لرددتها، ولكنها قطيعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: من كانت له أرض ثم تركها ثلاث سنين فلم يعمرها فعمرها قوم آخرون فهم أحق بها". ٣- وكانت مشروعية الوقف في السنة السابعة من الهجرة بعد أن قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنيمة خيبر، واصاب عمر بن الخطاب رضي الله عنه سهما منها، فاستشار عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في سهمه، فأشار عليه بحبسه في سبيل الله. ٤- وشرعت المساقاة والمزارعة في السنة السابعة حين عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم يهود خيبر. واستمر على ذلك إلى حين وفاته ولم ينسخ البتة، واستمر عمل خلفائه الراشدين عليه، وهو نظير المضاربة سواء، فمن أباح المضاربة وحرم ذلك فقد فرق بين متماثلين، فإنه صلى الله عليه وسلم دفع إليهم الأرض على أن يعتملوها من أموالهم، ولم يدفع إليهم البذر، ولا كان يحمل إليهم البذر من المدينة قطعا، وهذا كان هديه صلى الله عليه وسلم وهدى الخلفاء الراشدين من بعده، فإن الأرض بمنزلة المال في المضاربة، والبذر يجري مجرى سقي الماء، ولهذا يموت في الأرض ولا يرجع إلى صاحبه، وهذا يفسد المزارعة، فعلم أن القياس الصحيح هو الموافق لهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين". ٥- وكان تحريم بيع الخمر والميتةوالخنزير والأصنام في السنة الثامنة من الهجرة حيث فتحت مكة. فقيل: يا رسول الله، أرأيت شحوم الميتة فإنه يطلي بها السفن، ويدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟ فقال: "لا، هو حرام"، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: "قاتل الله اليهود، فنزلت سورة المائدة -وهي من أواخر ما نزل- وجاء في صدرها الأمر بالوفاء بالعقود {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} ١ وقد نزل قبل ذلك النهي عن أكل أموال الناس بالباطل في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} ٢ وقوله: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْأِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} ٣. ثالثا - في شئون الأسرة "الأحوال الشخصية":
١- نزل القرآن المكي بحفظ الفروج، وأبطل رسول الله صلى الله عليه وسلم أنكحة الجاهلية، ورغب الإسلام في الزواج، وجاء كثير منها في سورة النساء: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا، وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} ٤. ٢- وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار بعد الهجرة. فكانوا يتوارثون بذلك إرثا مقدما على القرابة، يرث المهاجري الأنصاري، والأنصاري المهاجري، ونزل في السنة الثانية من الهجرة قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} ١ فكانت ولاية نصرة وإرث. ثم نزل قوله تعالى: {وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} ٢ فكان الإرث بين ذوي الأرحام. ٣- وشرع الله الطلاق والرجع والخلع والعدة في السنة الثالثة من الهجرة، حيث نزلت سورة الطلاق، وأيات الطلاق والعدة في سورة البقرة، وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة عن أنس قال: "طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة فأتت أهلها، فأنزل الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنّ} ٢ فيل له: راجعها فإنها صوامة قوامة، وهي من أزواجك ونسائك في الجنة". وهي مما وافق تنزيلها قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما ثبت ذلك في الصحيحين. ٥- وشرع الإيلاء في السنة الخامسة من الهجرة كذلك حيث نزل قوله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ، وأنظر المولى أربعة أشهر، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كان إيلاء الجاهلية السنة والسنتين فوقت الله أربعة أشهر فإن آلى أقل من أربعة أشهر فليس بإيلاء" [أخرجه البيهقي والطبراني] . ٦- وكان الظهار طلاقا في الجاهلية، وتحريما للزوجة، حتى شرع الظهار في السنة السادسة من الهجرة، وابن جرير - واللفظ لابن أبي حاتم - عن عائشة قالت: "تبارك الذي أوعى سمعه كل شيء، وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تقول: يا رسول الله . وأفنى شبابي، حتى إذا كبرت سني وانقطع ولدي ظاهر مني، قالت: فما برحت حتى نزل جبريل بهذه الأية: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} ٢ قالت: وزوجها أوس بن الصامت". وأخرج الإمام أحمد، عن خويلة بنت ثعلبة قالت: "في والله وفي أوس بن الصامت أنزل الله صدر سورة المجادلة قالت: كنت عنده وكان شيخا كبيرا قد ساء خلقه، فغضب، فقال: أنت على كظهر أمي، قالت: ثم خرج فجلس في نادي قومه ساعة ثم دخل على فإذا هو يريدني عن نفسي، قالت: قلت: كلا والذي نفس خويلة بيده لا تخلص إلى وقد قلت ما قلت حتى يحكم الله ورسوله فينا بحكمه، قالت: فواثبني، قالت: ثم خرجت إلى بعض جاراتي فاستعرت منها ثيابان ثم خرجت حتى جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعلت أشكو إليه ما ألقى من سوء خلقه، قالت: فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يا خويلة: ابن عمك شيك كبير، فاتقى الله فيه، قالت: فوالله ما برحت حتى نزل في قرآن، فتغشى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان يتغشاه، ثم سرى عنه، فقال لي: يا خويلة. قد أنزل الله فيك وفي صاحبك قرآنا، ثم قرأ على {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِير} إلى قوله تعالى: {ِوَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيم} ١ قالت: فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: مريه فليعتق رقبة، قالت: فقلت: يا رسول الله ما عنده ما يعتق، قال: فليطعم ستين مسكينا وسقا من تمر، قالت: فقلت: والله يا رسول الله ما ذاك عنده، قالت: فقلت: يا رسول الله، وأنا سأعينه بفرق آخر، قال: قد أصبت وأحسنت، فاذهبي فتصدقي به عنه. ثم استوصى بابن عمك خيرا، وعنده خولة بنت ثعلبة، فالأمر فيها قريب، ٧- وكان نكاح المتعة ويسمى الزواج المؤقت - مباحا لضرورة الغزو والسفر، ثم نهى عنه في غزوة خيبر، ثم أبيح، ثم نهى عنه في غزوة الفتح، ثم أبيح في غزوة أوطاس بعدها ثلاثة أيام ثم منع، وكان ذلك سنة ثمان. عن ابن مسعود قال: "كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس معنا نساء، فقلنا: ألا نختصي؟ فنهانا عن ذلك، ثم رخص لنا بعد أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل، ثم قرأ عبد الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} ١ الآية" [متفق عليه] . وعن علي رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن نكاح المتعة، وعن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر" وفي رواية: "نهى عن متعة النساء يوم خيبر، وعن سبرة الجهني "أنه غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم فتح مكة، قال: فأقمنا بها خمسة عشرة، فأذن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في متعة النساء" وذكر الحديث إلى أن قال: "فلم أخرج حتى حرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا أيها الناس، إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا" [رواهن أحمد ومسلم]
ثم لم تخرج منها حتى نهانا عنها" [رواه مسلم] . وفي رواية عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع نهى عن نكاح المتعة". وما حكى عن ابن عباس أو غيره من إباحة المتعة فإنه معارض بالرجوع عن ذلك، ثم أجمع السلف والخلف على تحريمها إلا من لا يلتفت إليه من الروافض، وقد صح لنا عنه التحريم المؤبد. ٨- وكانت الوصية واجبة بقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} ١ ثم نسخ ذلك، واختلفوا في الناسخ، فقيل: آية الفرائض: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْن. إلى قوله تعالى: {. وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيم} ٢ وقيل: حديث: "إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث" [رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه، لأن الأقربين أعم من أن يكونوا وارثين أم لا؟ فكانت الوصية واجبة لجميعهم، وخص منها الوارث بآية الفرائض وبالسنة الصحيحة، وفي السنة العاشرة منعت الوصية بأكثر من الثلث في قصة سعد بن أبي وقاص عندما مرض في مكة بحجة الوداع. عن سعد بن أبي وقاص أنه قال: "جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني من وجع اشتد بي، فقلت: يا رسول الله: إني قد بلغ بي من الوجع ما ترى، ولا يرثني إلا ابنة لي، في حجة الوداع. الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} ١
قال جابر بن عبد الله: "مرضت فأتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر يعوداني ماشين، فأغمى على، فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صب على من وضوئه، فأفقت، فقلت: يا رسول الله. كيف أقضي في مالي؟ فلم يرد على شيئا حتى نزلت آية الميراث: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ} [رواه مسلم] وتسمى آية الصيف، لأنها نزلت في زمن الصيف. روى ابن ماجه عن عمر قال: "إني والله لا أدع شيئا أهم إلى من أمر الكلالة، وقد سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها، فما أغلظ في شيء ما أغلظ لي فيها، حتى طعن بإصبعه في جنبي أو في صدري - ثم قال: يا عمر . ألا تكفيك آية الصيف التي أنزلت في آخر سورة النساء"
١- كانت مشروعية الرجم في الزنا عند الإحصان في السنة الرابعة من الهجرة بما جاء في قضية اليهودي واليهودية اللذين زنيا فرجمهما النبي صلى الله عليه وسلم. وأما قوله عليه الصلاة والسلام: "البكر بالبكر" والثيب بالثيب" فليس هو على سبيل الاشتراط، بل حد البكر الجلد والتغريب سواء زنى ببكر أم ثيب، وحد الثيبس الرجم سواء زنى بثيب أم بكر، فهو شبيه بالتقييد الذي يخرج على الغالب. والمراد بالثيب من جامع في دهره مرة في نكاح صحيح وهو بالغ عاقل حر. والرجل والمرأة في هذا سواء، والرشيد والمحجور عليه لسفه. ٢ وفي السنة الرابعة كذلك شرع حد القذف في أعقاب حديث الإفك، ونزل قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ، إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ١
٣- وكان تحريم الخمر على مراحل حتى نزل تحريمها القطعي في المرحلة الأخيرة:
وتحريم الميسر والأنصاب والأزلام في السنة السادسة من الهجرة، ٤- وشرع حد الحرابة في السنة السادسة أو السابعة:
٥- وكانت مشروعية القصاص في النفس والأطراف في السنة الثامنة من الهجرة، وأبطل الإسلام ما كان في الجاهلية من تفاوت بين الأشخاص في القصاص، لتفاوتهم حسبا ونسبا، ونزل قول الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ، حيث قال: يا رسول الله: أرأيت لو وجد أحدنا امرأته على فاحشة كيف يصنع؟ إن تكلم تكلم بأمر عظيم، وإن سكت سكت على مثل ذلك. قال: فسكت النبي صلى الله عليه وسلم فلم يجبه. فلما كان بعد ذلك أتاه فقال: إن الذي سألتك عنه إبتليت به، ثم دعها فوعظها وأخبرها أن عذاب الدينا أهون من عذاب الآخرة، فقالت: لا والذي بعثك بالحق إنه لكاذب، فبدا بالرجل فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ثم ثنى بالمرأة، فشهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، والخامسة أن غذب الله عليها إن كان من الصادقين، ثم فرق بينهما. خامسا - في الجهاد والسير "العلاقات الدولية":
الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} ١
روى الحاكم في مستدركه عن ابن عباس قالك "لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة قال أبو بكر: أخرجوا بينهم، ليهلكن القوم، ٢- ثم كان أمر المسلمين بقتال من قاتلهم حماية للدعوة، ودفاعا عن حوزة الدين، والنهي عن القتال في الحرم إلا إذا قاتل المشركون فيه، قال تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ، وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِين} ٢. حيث بعث رسول الله سبعة نفر عليهم عبد الله بن جحش، وكتب له كتابا وأمره ألا ينظر فيه حتى يسير يومين، ثم ينظر فيه، ولا يستكره من أصحابه أحدا، فلما سار عبد الله بن جحش يومين فتح الكتاب فنظر فيه، فإذا فيه: "إذا نظرت في كتابي هذا فامض حتى تنزل نخلة بين مكة والطائف، فترصد بها قريشا، وتعلم لنا من أخبارهم" فلما قرأ الكتاب، قال: سمعا وطاعة، ثم أخبر أصحابه بما فيه فمضى ومضى معه أصحابه، وفي الطريق أصل اثنان منهم بعيرا لهما كانا يعتقبانه، فتأخرا في طلبه ومضى عبد الله بن جحش وبقية أصحابه حتى نزل نخلة، فيها عمرو بن الحضرمي وآخرون فقتلوا ابن الحضرمي وأسروا أسيرين واستولوا على العير ولم يدروا أن ذلك اليوم من رجب أو من جمادي. وأقبل عبد الله. ابن جحش وأصحابه بالعير والأسيرين على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ} ١
وفيها نزلت سورة الأنفال. ب- وكان في السنة الثانية في بدر كذلك بداية التشريع في حكم الأسرى قبل أن يشتد ساعد المسلمين، فاشار عمر رضي الله عنه بقتلهم، لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} ٤. ج- وفرض الله على المسلمين أن لا يفر واحد من عشرة، ثم جاء التخفيف، روى البخاري عن ابن عباس قال: "لما نزلت هذه الآية: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ} ١
ثقل على المسلمين وأعظموا أن يقاتل عشرون مائتين ومائة ألفا، فخفف الله عنهم فنسخها بالآية الأخرى فقال: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا} الآية٢ فكانوا إذا كانوا على الشطر من عدوهم لم يسغ لهم أن يفروا من عدوهم، وإذا كانوا دون ذلك لم يجب عليهم قتالهم، ولا يوالوا عليه عدوه، وهم على كفرهم آمنون على دمائهم وأموالهم، وهم اليهود. وقسم حاربوه ونصبوا له العدواة وهم المشركون. وقسم تاركوه، فلم يصالحوه ولم يحاربوه، بل أظهروا أنهم معه، وأبطنوا العدواة له، وهؤلاء هم المنافقون. فعامل رسول الله صلى الله عليه وسلم كا طئافة من هؤلاء بما أمره به ربه تبارك وتعالى. فصالح يهود المدينة وكتب بينهم وبينه كتاب أمن، وكانوا ثلاث طوائف حول المدينة: بني قينقاع، "أ" وكان بنو قينقاع أول من نقض العهد من اليهود بعد انتصار المسلمين في بدر، وكانوا حلفاء عبد الله بن أبي بن سلول رئيس المنافقين، للهجرة، وحاصرهم خمس عشرة ليلة، وكلم حليفهم عبد الله بن أبي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم، وأخرجوا من المدينة فخرجوا إلى أذرعات بالشام، وفيهم نزل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} إلى قوله: {فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} ١. وكان بين بني النضير وبني عامر عقد وحلف، فلما أتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعينهم في دية ذينك الرجلين القتيلين قالوا: نعم يا أبا القاسم، ثم تأمروا على إلقاء صخرة عليه وهو يستند إلى جدار من بيوتهم، فقام وخرج راجعا إلى المدينة، ولحقه أصحابه، وبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أخرجوا من المدينة، وأمهلهم عشرا. فأبو وتحصنوا بحصونهم. فنهض إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع صحابته وحاصرهم، وقذف الله في قلوبهم الرعب حتى سألوه أن يجيلهم ويكف عن دمائهم على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم إلا السلاح، فاحتملوا من أموالهم ما استقلت به الإبل، وكان الرجل منهم يهدم بيته ويحمل على ظهر بعيره بابه، وفيهم نزلت سورة الحشر، وكانت مشروعية قسمة الفيء {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ} الآيات٢. جـ- ولما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غزوة الخندق جاء حيي ابن أخطب رئيس بني النضير إلى بني قريظة في ديارهم سنة خمس من الهجرة، ونقضوا العهد. فما كاد ينتهي من غزوة الأحزاب حتى جاءه الوحي بالمسير إلى بني قريظة، فقال لصحابته: "لا يصلين أحد منكم العصر إلا في بني قريظة" فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم مع صحابته، وقالوا: يا أبا لبابة، أترى أن ننزل على حكم محم؟ قال: نعم: وأشار بيده إلى حلقه يقول إنه الذبح قال أبو لبابة: فوالله ما زالت قدماي من مكانها حتى عرفت أني خنت الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ثم انطلق أبو لبابة على وجهه ولم يأت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ارتبط في المسجد إلى عمود من عمدة وقال: لا أبرح مكاني هذا حتى يتوب الله على مما صنعت، فتاب الله عليه، فقامت إليه الأوس، قد فعلت في بني قينقاع ما قد علمت، وهم حلفاء إخواننا الخزرج، قال: فذاك إلى سعد بن معاذ، قالوا: قد رضينا: فأرسل إلى سعد بن معاذ وكان في المدينة لم يخرج معهم لجرح كان به، أجمل إلى مواليك فأحسن فيهم،


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

حيث تم التركيز ...

حيث تم التركيز على أهمية الموازنة بين المساءلة وإعادة التأهيل. من المتوقع أن تسفر نتائج البحث عن فهم...

تُعتبر المملكة ...

تُعتبر المملكة العربية السعودية واحدة من أهم الدول في العالم العربي والإسلامي، حيث تحتل موقعًا جغراف...

This study expl...

This study explores university students' experiences and perceptions of using artificial intelligenc...

1 تجارب تهدف ال...

1 تجارب تهدف الى اكتشاف الظواهر الجديدة 2 تجارب التحقق تهدف لاثبات او دحض الفرضيات وتقدير دقتها 3 ال...

طالبت الولايات ...

طالبت الولايات المتحدة الأميركية، يوم الأربعاء، مجلس الأمن الدولي بإنهاء مهمة بعثة الأمم المتحدة لدع...

تعاني المدرسة م...

تعاني المدرسة من مجموعة واسعة من المخاطر التي تهدد سلامة الطلاب والطاقم التعليمي وتعوق العملية التعل...

يهدف إلى دراسة ...

يهدف إلى دراسة الأديان كظاهرة اجتماعية وثقافية وتاريخية، دون الانحياز إلى أي دين أو تبني وجهة نظر مع...

‏تعريف الرعاية ...

‏تعريف الرعاية التلطيفية‏ ‏وفقا للمجلس الوطني للصحة والرفاهية ، يتم تعريف الرعاية التلطيفية على النح...

Risky Settings ...

Risky Settings Risky settings found in the Kiteworks Admin Console are identified by this alert symb...

الممهلات في الت...

الممهلات في التشريع الجزائري: بين التنظيم القانوني وفوضى الواقع يخضع وضع الممهلات (مخففات السرعة) عل...

Lakhasly. (2024...

Lakhasly. (2024). وتكمن أهمية جودة الخدمة بالنسبة للمؤسسات التي تهدف إلى تحقيق النجاح والاستقرار. Re...

‏ Management Te...

‏ Management Team: A workshop supervisor, knowledgeable carpenters, finishers, an administrative ass...