خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة
مقدمة بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين. حياكم الله أيها الإخوة والأخوات في برنامجكم الأسبوعي: "أسس التربية" من قناتكم قناة "زاد" العلمية الفضائية. كنا في حلقاتٍ سابقةٍ نتحدث معكم من خلال مجموعةٍ من تلكم الحلقات عن التربية من خلال القرآن، على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم. في بداية هذه الحلقة أوصي الأسرة أن تعتني عنايةً شديدةً بالوحيين: الكتاب والسنة؛ لأنهما مصدران أساسيان، والوقوف عند دروسها، لا شك أنها ستستفيد فائدةً عظيمةً جدًّا في حياتها، وستبني أجيالًا من خلال النظر في هذه الآيات، وكيف نستطيع أن نستفيد منها في تربيتنا لأنفسنا ولأهلينا ولأسرنا، ولمَن هم في المحاضن التربوية المقصودة في المدارس والجامعات، كان مع النبي عليه الصلاة والسلام في الحج، وأراد أن ينفر من مزدلفة إلى منى عليه الصلاة والسلام، وكان معه الفضل بن عباس، ماذا تتوقعون من النسوة اللاتي حججن مع النبي ؟ لا شك أنهن مُتستراتٌ، مُتعففاتٌ، ومع ذلك وقعت عين الفضل بن عباس عليهن. وهو يُدرك الفطرة في ميل الجنس إلى الجنس الآخر، عليه الصلاة والسلام، وأدار وجه الفضل. ثم نظر الفضل إليهن مرةً أخرى من الجهة الأخرى لما انتقلن إلى تلك الجهة، فحوّل الفضل وجهه إلى الشق الآخر"[2]. موقف طاعةٍ وحجٍّ، ونتنبه لها. وهنا دور المُربي في المتابعة والمراقبة والتَّنبه حتى يكون له الدور المؤثر؛ لأن الموقف موقفٌ مُفاجئٌ، نسوةٌ مررن أمام النبي ، والفضل نظر إليهن، والنبي تنبه لنظر الفضل للنساء، ففعل النبي هذا الأمر حينما وضع يده، ثم اتجه الفضل إلى الجهة الأخرى، وهكذا فعل النبي عليه الصلاة والسلام. وهذا يُعطينا قضيةً رئيسةً ومهمةً فيما يتعلق بقضية المنهج الذي يُسمى: بالمنهج الوقائي: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6]. أهمية المنهج الوقائي والمنهج العلاجي في التربية إذن نحن نحتاج إلى المنهج الوقائي والمنهج العلاجي في نفس الوقت، النبي عالج المشكلة في أولها قبل أن تستفحل، أقول: نحن في أمس الحاجة إلى الرعاية والمتابعة والمراقبة والاهتمام والنظر والوقاية والعلاج في مثل هذه القضايا، في ظل الانفتاح الذي حصل اليوم فيما يتعلق بوضع الستر والعفاف فيما يرتبط بأحوال النساء للأسف الشديد، وكذلك فيما يرتبط بالتواصل والعلاقات من خلال وسائل التواصل الاجتماعي الذي قرَّب البعيد، ونستفيد منه. أسأل الله أن يحمينا وإياكم من هذه الأمور. وكم تأتي من استفساراتٍ، وإذا لم يكن هذا الوازع الإيماني بالمستوى المطلوب فلا بد من أن يُساعدوا على وقاية المُتربي حتى لا يقع في فخ تلكم الشهوات. في السنة النبوية نصوصٌ وأخبارٌ يمكن أن يُستفاد منها في التربية المتصل: الله يُحييك، مرحبًا بك يا دكتور خالد. المحاور: يا مرحبًا، ونحن نتحدث بعد أن عشنا في حلقاتٍ عديدةٍ مع كتاب الله ، ففي هذا اليوم نبدأ مع سنة النبي ، وكيف نستفيد منها في جانب التربية؟ الوقت بين يديك، بارك الله فيك. المتصل: الله يحفظكم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ، أما بعد: فإن السنة النبوية اشتملت على جملةٍ وافرةٍ جدًّا من النصوص والأخبار التي يمكن أن تُستفاد منها قواعد ضخمةٌ في التعامل وفي التربية التي سلكها النبي . ولا يخفى أن النبي هو ممثلٌ للكمال البشري، وبالتالي فإن مَن فوَّت على نفسه النظر في السنة لاستنباط قواعد في التربية ونماذج في التربية الصحيحة؛ فقد فوَّت خيرًا كثيرًا. النبي سنته اشتملت على جملةٍ وافرةٍ جدًّا من النصوص التي تُستفاد منها أصولٌ في التربية، ولا يخفى أن النبي بعثه الله -تبارك وتعالى- مُزكِّيًا، فهو الذي بشَّر: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ [الجمعة:2]. وهذه التزكية ظاهرةٌ جدًّا في النصوص النبوية، فعلى سبيل المثال من الأحاديث التي يمكن أن تُستقى منها أصولٌ كبيرةٌ في التربية: ما روته أمنا عائشة رضي الله عنها: أن أعرابيًّا جاء عند النبي ، فرأى النبي ﷺ يُقبل بعض صبيانه، فقال الرجل: وتُقبلون صبيانكم؟! فقال النبي : نعم، فهذا النموذج يدل على أن المُربي أحوج ما يكون إلى الرحمة في تربيته، وأن يكون شفيقًا رحيمًا، يتعامل تعاملًا مبنيًّا على هذه القواعد: الرحمة والشفقة مع المُربي. وأيضًا من الأحاديث التي جاءت في السنة النبوية، والتي يمكن أن تُستفاد منها أصولٌ كبيرةٌ في التربية: الحديث المشهور في "صحيح البخاري": أن ابن عباسٍ رضي الله عنهما نام عند خالته ميمونة في بيت النبي ، فأخذه وأداره برفقٍ حتى أوقفه عن يمينه[4]. ونماذجها مبثوثةٌ في السنة النبوية. هل هو نفس الحديث الذي رأى فيه ابن عباسٍ النبي وهو يتوضأ كذلك؟ لما بات كان يرمق النبي ، ثم قرأ العشر آيات الأخيرة من سورة آل عمران، ثم عمد إلى شنٍّ مُعلَّقةٍ فتوضأ منها . إلى آخر الحديث[5]. فهذا فعلًا يؤكد أهمية قاعدة القدوة في التربية. المحاور: دكتور صلاح، وفي قصة ابن عباسٍ وما يتعلق بالقدوة. إذن نحن في مقابل حقيقةٍ معينةٍ لا تنضب، فحياة النبي كلها مجالٌ للتلقي في قضايا التربية، ونتمنى أن نسمع شيئًا مما يفتح الله به عليك. لكنهم ينسون هذا المعين الذي بين أيدينا، الضيف: اللهم صلِّ وسلم عليه، الواقع أن كثيرًا من الناس -مع الأسف الشديد- يترك هذا المعين الصافي الذي هو تمثيلٌ للكمال البشري، الذي كان النبي عليه الصلاة والسلام يُربي به أصحابه، حتى أخرج أكرم جيلٍ وأفضله وأكمله بعد النبي . فهو يبحث عن كمالاتٍ يظنها موجودةً في الشرق أو الغرب، فينتزع بالمناقيش قواعد تربويةً مثلًا عند بعض الكُتَّاب الغربيين، الضيف: نعم، وربما على الصحن أو السُّفرة، وربما وقع منهم تجاوزٌ في الأكل أو أخطاء فيه. هذا المشهد من النبي لم يمر دون توجيهٍ، فقال له كلماتٍ رسخت في قلبه، وحُفرت في ذاكرته، سمِّ الله، هذا الحديث -كما نُلاحظ- أصلٌ مهمٌّ في ضرورة التوجيه التربوي في الأحداث والمواقف التي تمر على المربي، فإما أنه يدعه ويتركه دون توجيهٍ، جزاكم الله عنا خيرًا. المتصل: شكرًا لكم يا دكتور خالد، الله يرضى عنك. المحاور: يا مرحبًا، يعني: الرحمة -بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام-، التوجيه، واستغلال الأحداث في بناء الإنسان، لا شك أن مثل هذا الأمر مهمٌّ، ونحن حقيقةً نجزم من خلاله بحاجتنا إلى الاستقاء والأخذ من معين السنة النبوية. ما زلنا معكم في موضوع: التربية والسنة، وكيف نستطيع أن نستفيد من سنة النبي في تربية أنفسنا وتربية أجيالنا في بيوتنا ومدارسنا ومجتمعنا. عدم الميل عن الكتاب والسنة إلى غيرهما وجزمًا الذي أعجب عمر بن الخطاب لا يمكن أن يتصور أنه سيُخالف الكتاب والسنة من حيث الأصل، ولو كان موسى حيًّا ما وسعه إلا اتِّباعي[7]. ويقع عندها الشباب وغير الشباب. عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه لديه مصدرٌ أصليٌّ للتلقي، وسنة النبي ﷺ، فهذه الشبهة التي يقرأها هنا وهناك قد تُؤثر في عقله وفكره. لذلك أقول وأكرر: أخي الكريم الأستاذ عبدالله، عندنا الحرمان، لو استخدمنا الحرمان في العقوبة بطريقةٍ سليمةٍ، لو حرمنا الطفل شيئًا يُحبه، يُحرم منه في وقتٍ مناسبٍ، وهناك أساليب كثيرةٌ يقولونها، ومنها: التعزيز للسلوك المضاد، وكما قلنا لكم من قبل: نتمنى من الإخوة المُربين أيًّا كانوا: آباء، ذكورًا، وفقك الله يا شيخ عبدالله، طيب، إلى آخره، أيًّا كانت اتجاهاتها وأمثالها، هذه الشبهات التي تتلقفها بعض الأجيال، فالنبي يريد لعمر وللأجيال أن يستقوا من مصدرٍ صافٍ نظيفٍ،
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.
حياكم الله أيها الإخوة والأخوات في برنامجكم الأسبوعي: "أسس التربية" من قناتكم قناة "زاد" العلمية الفضائية.
كنا في حلقاتٍ سابقةٍ نتحدث معكم من خلال مجموعةٍ من تلكم الحلقات عن التربية من خلال القرآن، ولعلنا من هذه الحلقة -بإذن الله - ننتقل وإياكم إلى: التربية مع السنة النبوية، على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم.
مصادر التربية الإسلامية
في بداية هذه الحلقة أوصي الأسرة أن تعتني عنايةً شديدةً بالوحيين: الكتاب والسنة؛ لأنهما مصدران أساسيان، بل هما فيما يتعلق بقضية التربية رأس المصادر كما اتفقنا.
حينما تجلس الأسرة مع بعضها وتتعاطى مجموعةً من الآيات، والنظر فيها، وقراءة تفسيرها، والوقوف عند دروسها، لا شك أنها ستستفيد فائدةً عظيمةً جدًّا في حياتها، وستبني أجيالًا من خلال النظر في هذه الآيات، وهكذا في هدي النبي .
أساليب نبوية في التعامل مع أخطاء الناس
دعونا نأخذ بعض الأمثلة، وكيف نستطيع أن نستفيد منها في تربيتنا لأنفسنا ولأهلينا ولأسرنا، ولمَن هم في المحاضن التربوية المقصودة في المدارس والجامعات، وغير المقصودة في المحاضن التربوية التي تتناثر هنا وهناك؟
حينما نأتي مثلًا لموقف النبي مع الفضل بن عباس رضي الله عنهما، ابن عم النبي ، كان مع النبي عليه الصلاة والسلام في الحج، وكان في مُزدلفة ذات مرةٍ، وقد أسفر الصبح جدًّا، وأراد أن ينفر من مزدلفة إلى منى عليه الصلاة والسلام، وكان معه الفضل بن عباس، وكان شابًّا وسيمًا جميلًا، تقول الرواية: "مرت به ظعنٌ يجرين"[1] أمام النبي عليه الصلاة والسلام.
ماذا تتوقعون من النسوة اللاتي حججن مع النبي ؟
لا شك أنهن مُتستراتٌ، مُتعففاتٌ، وهنَّ في عبادةٍ، ومع ذلك وقعت عين الفضل بن عباس عليهن.
النبي تنبه لهذه القضية، وهو يُدرك الفطرة في ميل الجنس إلى الجنس الآخر، عليه الصلاة والسلام، فوضع النبي يده على وجه الفضل، وأدار وجه الفضل.
ثم نظر الفضل إليهن مرةً أخرى من الجهة الأخرى لما انتقلن إلى تلك الجهة، وهكذا النبي قام بهذا الإجراء عليه الصلاة والسلام، كما جاء في الحديث: "فطفق الفضل ينظر إليهن، فوضع الرسول يده على وجه الفضل، فحوّل الفضل وجهه إلى الشق الآخر"[2].
دور المُربي في المُتابعة والمُراقبة
فماذا نستفيد -أيها الإخوة والأخوات- من هذا الجانب في حياتنا؟
يعني: ابتداءً الموقف موقف عبادةٍ، موقف طاعةٍ وحجٍّ، ومع ذلك تحصل مثل هذه القضية في الميل من الجنس للجنس الآخر، وهذه القضية حينما ننظر إليها لا نُبررها، وإنما نُشخص مثل هذه الأمور، ونتنبه لها.
وهنا دور المُربي في المتابعة والمراقبة والتَّنبه حتى يكون له الدور المؤثر؛ لأن الموقف موقفٌ مُفاجئٌ، نسوةٌ مررن أمام النبي ، والفضل نظر إليهن، والنبي تنبه لنظر الفضل للنساء، ففعل النبي هذا الأمر حينما وضع يده، ثم اتجه الفضل إلى الجهة الأخرى، وهكذا فعل النبي عليه الصلاة والسلام.
وهذا يُعطينا قضيةً رئيسةً ومهمةً فيما يتعلق بقضية المنهج الذي يُسمى: بالمنهج الوقائي: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6].
أهمية المنهج الوقائي والمنهج العلاجي في التربية
إذن نحن نحتاج إلى المنهج الوقائي والمنهج العلاجي في نفس الوقت، النبي عالج المشكلة في أولها قبل أن تستفحل، في بداية الأمر لما رأى أن الفضل ينظر إليهن وهنَّ مُتستراتٌ كما قلنا.
أقول: نحن في أمس الحاجة إلى الرعاية والمتابعة والمراقبة والاهتمام والنظر والوقاية والعلاج في مثل هذه القضايا، في ظل الانفتاح الذي حصل اليوم فيما يتعلق بوضع الستر والعفاف فيما يرتبط بأحوال النساء للأسف الشديد، وكذلك فيما يرتبط بالتواصل والعلاقات من خلال وسائل التواصل الاجتماعي الذي قرَّب البعيد، فلذلك نحتاج إلى مثل هذا الأمر، ونستفيد منه.
هذا هو المنهج السليم فيما يتعلق بقضية الشهوات، فالنبي مع كونه نبيًّا، وابن عمه صحابيٌّ، وهما في الحج، ومع ذلك أراد النبي أن يعصم ابن عمه حتى لا يقع في فخ الشهوات.
أسأل الله أن يحمينا وإياكم من هذه الأمور.
وكم تأتي من استفساراتٍ، وتأتي من مشاكل، في مثل هذه القضايا المتعلقة بجانب الشهوات.
فلا بد من وازعٍ إيمانيٍّ داخل الفرد، وإذا لم يكن هذا الوازع الإيماني بالمستوى المطلوب فلا بد من أن يُساعدوا على وقاية المُتربي حتى لا يقع في فخ تلكم الشهوات.
في السنة النبوية نصوصٌ وأخبارٌ يمكن أن يُستفاد منها في التربية
أيها الإخوة، نحن الآن مع مداخلةٍ كريمةٍ من أخٍ عزيزٍ، وهو الشيخ الدكتور: صلاح الزيات، المختص بالسنة النبوية.
أهلًا ومرحبًا بكم يا شيخ صلاح.
المتصل: الله يُحييك، مرحبًا بك يا دكتور خالد.
المحاور: يا مرحبًا، جزاك الله خيرًا على استجابتك لهذه الدعوة، ونسعد بهذه المداخلة، ونحن نتحدث بعد أن عشنا في حلقاتٍ عديدةٍ مع كتاب الله ، ففي هذا اليوم نبدأ مع سنة النبي ، وكيف نستفيد منها في جانب التربية؟
الوقت بين يديك، بارك الله فيك.
المتصل: الله يحفظكم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد: فإن السنة النبوية اشتملت على جملةٍ وافرةٍ جدًّا من النصوص والأخبار التي يمكن أن تُستفاد منها قواعد ضخمةٌ في التعامل وفي التربية التي سلكها النبي .
ولا يخفى أن النبي هو ممثلٌ للكمال البشري، وبالتالي فإن مَن فوَّت على نفسه النظر في السنة لاستنباط قواعد في التربية ونماذج في التربية الصحيحة؛ فقد فوَّت خيرًا كثيرًا.
النبي سنته اشتملت على جملةٍ وافرةٍ جدًّا من النصوص التي تُستفاد منها أصولٌ في التربية، ولا يخفى أن النبي بعثه الله -تبارك وتعالى- مُزكِّيًا، فهو الذي بشَّر: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ [الجمعة:2].
وهذه التزكية ظاهرةٌ جدًّا في النصوص النبوية، فعلى سبيل المثال من الأحاديث التي يمكن أن تُستقى منها أصولٌ كبيرةٌ في التربية: ما روته أمنا عائشة رضي الله عنها: أن أعرابيًّا جاء عند النبي ، فرأى النبي ﷺ يُقبل بعض صبيانه، فقال الرجل: وتُقبلون صبيانكم؟! فقال النبي : نعم، قال: إن لي تسعةً من الولد ما قبَّلتُ منهم واحدًا! فقال : أوأملك أن نزع الله من قلبك الرحمة![3].
فهذا النموذج يدل على أن المُربي أحوج ما يكون إلى الرحمة في تربيته، وأن يكون شفيقًا رحيمًا، يتعامل تعاملًا مبنيًّا على هذه القواعد: الرحمة والشفقة مع المُربي.
وأيضًا من الأحاديث التي جاءت في السنة النبوية، والتي يمكن أن تُستفاد منها أصولٌ كبيرةٌ في التربية: الحديث المشهور في "صحيح البخاري": أن ابن عباسٍ رضي الله عنهما نام عند خالته ميمونة في بيت النبي ، فلما قام النبي يُصلي من الليل قام ابن عباسٍ فصفَّ بجانب النبي عن شماله، فأخذه وأداره برفقٍ حتى أوقفه عن يمينه[4].
هذا الحديث العظيم فيه لفتةٌ نبويةٌ في كيفية بناء القدوة في نفوس الصِّغار، فابن عباسٍ لما بات عند رسول الله رأى كيف يُحيي النبي ليله؟ فتلقائيًّا تأثر بهذا السلوك النبوي العظيم، وقام بجانب النبي يُصلي.
فالقدوة أصلٌ كبيرٌ جدًّا، ونماذجها مبثوثةٌ في السنة النبوية.
المحاور: دكتور صلاح، هل هو نفس الحديث الذي رأى فيه ابن عباسٍ النبي وهو يتوضأ كذلك؟
المتصل: بالضبط، هو الحديث بطوله، لما بات كان يرمق النبي ، فحكى كيف قام من النوم، ثم قرأ العشر آيات الأخيرة من سورة آل عمران، ثم عمد إلى شنٍّ مُعلَّقةٍ فتوضأ منها ... إلى آخر الحديث[5].
فهذا فعلًا يؤكد أهمية قاعدة القدوة في التربية.
المحاور: دكتور صلاح، أنت ذكرت مثالًا في الرحمة فيما يتعلق بالقصة التي ذكرتها عائشة رضي الله عنها وأرضاها، وفي قصة ابن عباسٍ وما يتعلق بالقدوة.
إذن نحن في مقابل حقيقةٍ معينةٍ لا تنضب، فحياة النبي كلها مجالٌ للتلقي في قضايا التربية، ونتمنى أن نسمع شيئًا مما يفتح الله به عليك.
الآن كثيرٌ من الناس حينما يتحدثون في التربية قد يأخذون من هنا وهناك، لكنهم ينسون هذا المعين الذي بين أيدينا، ينسون هذا النبي العظيم الذي أنت ذكرت وصفًا جميلًا حين قلت: فيه الكمال البشري عليه الصلاة والسلام.
الضيف: اللهم صلِّ وسلم عليه، الواقع أن كثيرًا من الناس -مع الأسف الشديد- يترك هذا المعين الصافي الذي هو تمثيلٌ للكمال البشري، الذي كان النبي عليه الصلاة والسلام يُربي به أصحابه، حتى أخرج أكرم جيلٍ وأفضله وأكمله بعد النبي .
الواقع أن بعض الناس يعيش مشكلة استلابٍ -إذا صحت العبارة- حضاريٍّ وثقافيٍّ، فهو يبحث عن كمالاتٍ يظنها موجودةً في الشرق أو الغرب، فينتزع بالمناقيش قواعد تربويةً مثلًا عند بعض الكُتَّاب الغربيين، وشيءٌ من هذا موجودٌ عندهم، غير أن الأصل الذي تُبنى عليه كل هذه السلوكيات الرفيعة في التعامل والتربية موجودٌ في سنة النبي ، ولا يمكن لمُرَبٍّ ولا معلمٍ أن يقوم بتربيةٍ صحيحةٍ وتعليمٍ صحيحٍ تامٍّ مع الإعراض عن السنة النبوية، فكل ما أراد من النصوص والأمثلة التي يمكن من خلالها بناء الأنفس وبناء الأجيال وتربيتها التربية السليمة الصحيحة سيجد على هذا نماذج كثيرةً في أفعال النبي .
المحاور: ولو ختمنا بمثالٍ أخيرٍ يا دكتور صلاح -جزاك الله خيرًا- نستفيد منه أيضًا فيما يتعلق بهذا الجانب.
الضيف: نعم، ومن أوضح الأمثلة: حديث الصحابي الجليل عمر ابن أبي سلمة رضي الله عنه وأرضاه لما كان ربيبًا في حجر النبي ، وجلس كما يجلس الصبيان على الصَّحفة، وربما على الصحن أو السُّفرة، وربما وقع منهم تجاوزٌ في الأكل أو أخطاء فيه.
يقول عن نفسه رضي الله عنه وأرضاه: أن يديه كانت تطيش في الصَّحْفة، تمتد إلى هنا وهنا، ويأكل من هذا وهذا، هذا المشهد من النبي لم يمر دون توجيهٍ، فقال له كلماتٍ رسخت في قلبه، وحُفرت في ذاكرته، فحدَّث بها بعدما كبر، قال له: يا غلام، سمِّ الله، وكُلْ بيمينك، وكُلْ مما يليك[6].
هذا الحديث -كما نُلاحظ- أصلٌ مهمٌّ في ضرورة التوجيه التربوي في الأحداث والمواقف التي تمر على المربي، فهو لا يُفوِّت شيئًا من المواقف التي يمكن أن ينتفع منها المُتربي إلا وهو يزرع في قلبه توجيهًا وإرشادًا ونُصْحًا، فهذا واضحٌ في فعل النبي .
المحاور: جدًّا، جزاك الله خيرًا؛ لأن كثيرًا من الآباء ومن الذين يقفون مواقف مع هذه المراحل العُمرية الصغيرة يترك مجال التوجيه بحجة أنه صغيرٌ، فإما أنه يدعه ويتركه دون توجيهٍ، وإما أن يُوبخه ويغلظ عليه، ويكون في وضعٍ من القسوة والشدة التي قد تُنفره.
ولا شك أن ما ذكرته هو عين الحقيقة، ما نحتاجه في التعامل مع مثل هذه المراحل العُمرية.
جزاكم الله خيرًا، وفتح الله عليكم، وسعدنا بكم، وإن شاء الله نحظى بأن تكون ضيفًا لنا في إحدى الحلقات، بإذن الله الواحد الأحد، جزاكم الله عنا خيرًا.
المتصل: شكرًا لكم يا دكتور خالد، الله يرضى عنك.
المحاور: يا مرحبًا، جزاكم الله عنا خيرًا.
كان معنا الشيخ الدكتور صلاح الزيات إمام وخطيب جامع المسحم بالدمام، والمختص بالحديث والسنة.
ونحن أيها الإخوة من خلال ما ذكر الشيخ -وفَّقه الله، وهو من المُختصين في مجال (الدكتوراه) في السنة- أدركنا ما بدأنا به في أهمية هذا المصدر، والحاجة إلى أن نقف على مواقف بسيطةٍ جدًّا وقفها النبي ، فنحن في أمس الحاجة إلى أن نستقي منها مثل هذه الدروس والمواقف، يعني: الرحمة -بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام-، القدوة، الموقف، التوجيه، وعدم تفويت الفرص، واستغلال الأحداث في بناء الإنسان، وما شابه ذلك.
لا شك أن مثل هذا الأمر مهمٌّ، ونحن حقيقةً نجزم من خلاله بحاجتنا إلى الاستقاء والأخذ من معين السنة النبوية.
أيها الإخوة والأخوات، ما زلنا معكم في موضوع: التربية والسنة، وكيف نستطيع أن نستفيد من سنة النبي في تربية أنفسنا وتربية أجيالنا في بيوتنا ومدارسنا ومجتمعنا.
عدم الميل عن الكتاب والسنة إلى غيرهما
دعونا نأخذ موقفًا آخر من مواقف النبي عليه الصلاة والسلام، بأبي هو وأمي.
لقد كان البطل في هذا الموقف هو: عمر بن الخطاب كما جاء في الحديث الصحيح: أنه قال للنبي عليه الصلاة والسلام: "إنا نسمع أحاديث من يهودٍ فتُعجبنا، أفترى أن نكتب بعضَها؟" يعني: عمر بن الخطاب قرأ شيئًا من التوراة، فأعجبته بعض الأمور، وجزمًا الذي أعجب عمر بن الخطاب لا يمكن أن يتصور أنه سيُخالف الكتاب والسنة من حيث الأصل، ولو أدرك المُخالفة لما ذكر للنبي هذا الطلب.
فقال له النبي : أَوَمُتَهَوِّكون أنتم كما تَهَوَّكَت اليهودُ والنصارى؟! لقد جئتُكم بها بيضاء نقيةً، ولو كان موسى حيًّا ما وسعه إلا اتِّباعي[7].
الله أكبر! هذا الموقف نحتاجه بشكلٍ كبيرٍ، ولعلنا نقف معه وقفةً في ظل زمن الشبهات الذي نعيشه اليوم، وأوج تلك الشبهات التي أصبحت تخطف، ويقع عندها الشباب وغير الشباب.
عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه لديه مصدرٌ أصليٌّ للتلقي، ألا وهو كتاب الله، وسنة النبي ﷺ، وبين يديه النبي عليه الصلاة والسلام.
والتوراة موجودةٌ، بغض النظر عن انحرافها، لكنها موجودةٌ، النبي ﷺ يمنعه ويقول: أَوَمُتَهَوِّكون، وحين ترجع إلى اللغة تجد أن "مُتهوِّكين" يعني: شاكّين، مُتحيرين. فأراد النبي عليه الصلاة والسلام أن يقطع هذا عن عمر، وعن غير عمر.
فالبشر مهما كان لديهم تأثرٌ فإنهم يعيشون التأثر والتأثير، فهذه الشبهة التي يقرأها هنا وهناك قد تُؤثر في عقله وفكره.
ستخدام وسائل تربويةٍ أخرى غير الضرب
لذلك أقول وأكرر: أخي الكريم الأستاذ عبدالله، هناك وسائل أخرى غير الضرب، عندنا الحرمان، لو استخدمنا الحرمان في العقوبة بطريقةٍ سليمةٍ، لو حرمنا الطفل شيئًا يُحبه، يُحرم منه في وقتٍ مناسبٍ، ويتناسب مع السلوك السلبي الذي لديه؛ أجزم في مثل المرحلة التي أنت تدرسها أنها ستُؤثر عليه بشكلٍ كبيرٍ جدًّا.
وهناك أساليب كثيرةٌ يقولونها، ومنها: التعزيز للسلوك المضاد، بما أنك تُعزز أخي عبدالله السلوك المضاد، تقول له: لو عملت السلوك المقابل الإيجابي سأُكافئك بالشيء الذي تُحبه. وهناك أساليب عديدةٌ جدًّا.
وكما قلنا لكم من قبل: نتمنى من الإخوة المُربين أيًّا كانوا: آباء، أو معلمين، ذكورًا، أو إناثًا أن ينظروا في مهارات تعديل السلوك، وذكرنا كتابًا للشيخ محمد المنجد بعنوان: "أساليب نبوية في التعامل مع أخطاء الناس"، وهو مهمٌّ جدًّا وموجودٌ بنسخة (PDF) على الشبكة العنكبوتية.
وفقك الله يا شيخ عبدالله، وشكرًا لتجاوبك معنا.
النبي يُغلق باب الشبهات
طيب، عودًا أيها الإخوة والأخوات إلى ما يتعلق بقضية موقف النبي مع عمر بن الخطاب فيما يتعلق بقضية الشبهات.
اليوم أصبحت عندنا شبهاتٌ كثيرةٌ وخطيرةٌ جدًّا، وكلنا سمع بها، وعندما نقارن الوضع الراهن بأوقاتٍ سابقةٍ سنجد إفراطًا وتفريطًا في قضايا الأفكار، نتحدث عن أفكارٍ متعلقةٍ بقضايا الغلو والتطرف والتكفير، أيًّا كانت اتجاهاتها وانتماءاتها .. إلى آخره، ونتحدث في الاتجاه الآخر عما يرتبط بالإلحاد والتغريب والليبرالية .. إلى آخره، أيًّا كانت اتجاهاتها وأمثالها، وما شابه ذلك.
هذه الشبهات التي تتلقفها بعض الأجيال، وخاصةً مع وسائل الاتصال الحديثة، وأثر ذلك عليهم، فهم يحتاجون إلى الاستفادة منها كمُربين، نحتاج أن نستفيد هذا في تربيتنا لأبنائنا، وأيضًا العقلاء من المُتربين لا بد أن يُدركوا موقف النبي مع عمر بن الخطاب، حتى يُدركوا أن هذا ليس شكًّا من النبي في عمر، وإنما وقايةٌ، فالنبي يريد لعمر وللأجيال أن يستقوا من مصدرٍ صافٍ نظيفٍ، ولا يتلوثوا بالتلقي من مصادر أخرى؛ حتى يسلكوا في هذه الحياة بسعادةٍ وهناءٍ.
هذه قضيةٌ مهمةٌ جدًّا، فأنت تتلقى أيها الأخ الكريم، أيها الشاب، أيتها البنت، أيها المسلم، تتلقى من مصدرك الذي تفضل الله به عليك، ألا وهو الكتاب والسنة.
تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص
يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية
يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة
نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها
حيث تم التركيز على أهمية الموازنة بين المساءلة وإعادة التأهيل. من المتوقع أن تسفر نتائج البحث عن فهم...
تُعتبر المملكة العربية السعودية واحدة من أهم الدول في العالم العربي والإسلامي، حيث تحتل موقعًا جغراف...
This study explores university students' experiences and perceptions of using artificial intelligenc...
1 تجارب تهدف الى اكتشاف الظواهر الجديدة 2 تجارب التحقق تهدف لاثبات او دحض الفرضيات وتقدير دقتها 3 ال...
علق رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، على صورته المتداولة والتي أثارت الجدل برفقة نظيره الإثيوبي آبي...
تعاني المدرسة من مجموعة واسعة من المخاطر التي تهدد سلامة الطلاب والطاقم التعليمي وتعوق العملية التعل...
يهدف إلى دراسة الأديان كظاهرة اجتماعية وثقافية وتاريخية، دون الانحياز إلى أي دين أو تبني وجهة نظر مع...
تعريف الرعاية التلطيفية وفقا للمجلس الوطني للصحة والرفاهية ، يتم تعريف الرعاية التلطيفية على النح...
Risky Settings Risky settings found in the Kiteworks Admin Console are identified by this alert symb...
الممهلات في التشريع الجزائري: بين التنظيم القانوني وفوضى الواقع يخضع وضع الممهلات (مخففات السرعة) عل...
Lakhasly. (2024). وتكمن أهمية جودة الخدمة بالنسبة للمؤسسات التي تهدف إلى تحقيق النجاح والاستقرار. Re...
Management Team: A workshop supervisor, knowledgeable carpenters, finishers, an administrative ass...