لخّصلي

تعد شركة سامسونج للإلكترونیات من أكبر الشركات التقنیة في العالم من حیث العوائد، وتتواجد فروعھا ومصانعھا وأعمالھا في ٦١ دولة حول العالم وتوظف حوالي ٣٠٠ ألف شخص. كما تعد أكبر مصنع للھواتف المحمولة وثاني أكبر مصنع لأنصاف النواقل وأشباه الموصلات والشرائح. ومنذ ٢٠٠٦م كانت
أكبر مصنع لأجھزة التلفاز. وصناعة السفن وحتى بناء ناطحات السحاب مثل برج خلیفة في دبي.
اتبعت سامسونج استراتیجیة مختلفة في عملھا مقارنة بالمنافسین الآخرین في كوریا الجنوبیة. ففي المراحل الأولى أدركت أھمیة البحث والتطویر في الشركة وأرادت أن یتعرف إلیھا العالم كعلامة تجاریة عالمیة. وفي الثمانینیات ركزت الشركة على تصنیع منتجات عالیة الجودة، في حین كان معظم المنافسین یركزون على الإنتاج بالحجم الكبیر لتلبیة الطلب المتزاید بغض النظر عن جودة تلك المنتجات. كانت سامسونج تعید استثمار أرباحھا في البحث والتطویر وتحسین سلسلة التورید لضمان إمداد الأسواق بالمنتجات عالیة الجودة
وبدون انقطاعات.
تعمل مجموعة سامسونج في عدد كبیر من القطاعات منھا الصناعات الثقیلة
1
في عام ١٩٩٣ أطلق رئیس مجلس إدارة سامسونج كون ھي لي ما سماه” مبادرة الإدارة الجدیدة” وھي مبادرة تھدف لإیصال سامسونج لقیادة الأعمال على مستوى العالم. وكانت ھذه المبادرة ھي ما أنقذ سامسونج من الخسائر الكبیرة التي لحقت بالشركات الآسیویة في الأزمة المالیة التي ضربت المنطقة في ١٩٩٧ وسمیت حینھا بأزمة النمور الآسیویة. غیرت ھذه المبادرة التي أطلقھا رئیس مجلس الإدارة من مسار شركة سامسونج ونقلھا من شركة عادیة في قطاع المنتجات الإلكترونیة الاستھلاكیة لتصبح شركة عالمیة قیادیة
للقطاع.
وخططت سامسونج لأن تلتزم على المدى البعید بالاستثمار في الابتكار وعلامتھا التجاریة والمنتجات الممیزة، في حین كان المنافسین الكوریین یركزون أكثر على الأھداف قصیرة المدى مثل تعظیم أرباح المنتجات. غیرت شركة سامسونج من تفكیرھا ونظرتھا من أن تكون شركة تھدف لتحقیق الأھداف قصیرة المدى، إلى أن تكون شركة تركز على الأھداف بعیدة المدى. وفي عام ١٩٩٣ غیرت سامسونج من شعارھا وأصبح اسم الشركة مكتوبا ً باللغة الإنكلیزیة من أجل أن تحوز على اھتمام المستھلكین حول العالم. و ركزت على أن تصنع منتجات عالیة الجودة و تستثمر مواردھا في البحث والتطویر المتواصل للوصول إلى منتجات بمزایا جدیدة دوماً وجودة عالیة دوما وفي إحدى القصص التي تروى عن موضوع الجودة أنھ بعدما أھدى مدیر سامسونج رئیس كوریا الجنوبیة جھاز خلیوي وظھرت فیھ بعض عیوب التصنیع البسیطة للغایة، كانت ردة فعل المدیر أنھ أحرق كامل الدفعة المنتجة والتي كان عددھا ٢٥ ألف جھاز أمام أعین العاملین، وھذا الموقف كان لھ أثر نفسي كبیر لدیھم وتأكید لالتزام الشركة على أعلى جودة ممكنة وفق المعاییر التي
تحددھا.
تؤكد شركة سامسونج على أن مجال التصنیع في الشركة ھو واحد من النقاط الجوھریة في نموذج عملھا، وركز نائب رئیس الشركة عام ١٩٩٧ على التصنیع الداخلي في سامسونج بدلاً من تعھید عملیات التصنیع إلى موردین خارجیین. وكان تركیز سامسونج الأساسي في نھایة التسعینیات ھو تطویر الشرائح والموصلات داخل الشركة. وبین عامي ١٩٩٨ و٢٠٠٣ استثمرت سامسونج ١٩ ملیار دولار في بناء مصانع جدیدة للمعالجات والشرائح، وھذا ما یؤكد توجھ الشركة للمنافسة من خلال تصنیع منتجاتھا بنفسھا بدءاً من معالجات الأجھزة والموصلات. وھذا الاعتماد على النفس وفر للشركة عدد كبیر من المزایا التنافسیة أھمھا خفض في التكالیف وتأمین القطع اللازمة بالعدد والوقت المناسب مقارنة بغیرھا من المنافسین الذین كانوا یطلبون ھذه المواد من موردین خارجیین فضلاً عن أنھا لا تضع نفسھا تحت رحمة
2
السوق والمورد وبالتالي یتحكم فیھا. تتوزع مصانع سامسونج لیس في كوریا الجنوبیة فحسب، بل لدیھا مصانع في الصین والھند للاستفادة من العمالة الرخیصة ھناك ولقرب ھذه الدول من مقرھا الرئیسي وتوفر إمكانیات النقل والشحن الدولي. ھذه المرونة الكبیرة في التصنیع التي تتمتع بھا سامسونج، تسمح لھا بأن تصنع منتجات غیر نمطیة ومعدلة وفق الطلب، لذا فإن أكثر من نصف مبیعاتھا من شرائح الذاكرة العشوائیة
تكون بطلبات خاصة من شركات كبرى مثل دیل، مایكروسوفت ونوكیا.
قررت سامسونج أن تبتعد بنفسھا عن تطویر البرمجیات والنظم والمحتوى حتى لا تقع في دوامة القرصنة وحقوق الملكیة الفكریة وغیرھا. لذا توجھت كلیاً في تركیزھا على صناعة العتاد. فھي الیوم تستطیع تطویر منتجات جدیدة وتقنیات جدیدة بكفاءة أعلى وبدون الاعتماد على موردین خارجیین. و لأن عصب التحكم في صناعة الأجھزة الإلكترونیة لاسیما الھواتف الذكیة و الحواسب الشخصیة و أجھزة التلفاز و الحواسب اللوحیة ھو معالجات ھذه الأجھزة، نجد أن سامسونج لا تدخر جھداً في تطویر صناعة معالجاتھا لتقدیم منتجات أفضل من عدد كبیر من المنافسین و أحیاناً أفضل من الشركات المتخصصة في المعالجات فقط. وھذا ما دفع شركة آبل للاعتماد على سامسونج لصنع معالجات ھاتفھا الآیفون طوال السنوات الماضیة.
وفي النھایة قامت شركة سامسونج بضخ المزید من الأموال في میزانیة التسویق، وھنا جاء دور برنامج التسویق M-net الذي ساعد الأموال في مكانھا الصحیح. یقوم ھذا البرنامج بتحلیل نتائج الحملات السابقة التي قامت بھا الشركة والأموال التي تم صرفھا علیھا، ثم یقترح الطریقة الجدیدة التي یجب إتباعھ والأموال المناسبة لصرفھا في كل سوق ولكل منتج أو تصنیف ما یجعل إعادة تخصیص
المیزانیات التسویقیة بشكل جدید أكثر كفاءة