لخّصلي

بالبحث في أصل الكلمة، في معناها اللغوي نجد أنها مشتقة من الجذر اللاتينيEducation، أي مأخوذة من فعل السمو.
أمّا في معاجم اللغة العربية فنجدها مأخوذة من الفعل الرباعي، ربى فأصلها ربا، يربو، أي زاد ونما، وأربيته بمعنى نمّيته، وهنا نجد أن كلمة تربية لها أصول لغوية ثلاث:
ربا يربو بمعنى زاد ونما.
ربّى يربّي بمعنى نشأ وترعرع، وعليه يقول ابن الأعرابي:"فمن يكن سائلا عنّي فإنّي بمكة منزلي وبها ربيت"
ربا بمعنى أصّلهم وتولّى أمرهم وساسهم.
وصفوة القول: أنّ التربية عند العرب كانت تفيد معنى السياسة والقيادة والتنمية، وكان فلاسفة العرب يسمّون هذا الفن سياسة.
ب – تعريف التربية إصطلاحا:
يقال أنّ التربية هي تبليغ الشيء إلى كماله، أو كما يقول المحدثين هي تنمية الوظائف بالتمرين حتى تبلغ كمالها شيئا فشيئا، فقولي ربّيت الولد إذ قوّيت ملكاته ونميّت قدراته وهذّبت سلوكه حتى يصبح صالحا للحياة في بيئة معيّنة، فالتربية إذن، عبارة عن صيرورة تستهدف النّمو والإكتمال التدريجي لوظيفة أو مجموعة من الوظائف الإنسانية، فهي تنمية متكاملة تهدف إلى تطوير إمكانيات الفرد البشري النفسية والإجتماعية والجسدية والأخلاقية، وتيّسر له عملية إدماجه في المجتمع.
ومن أشهر التعريفات الحديثة التي تناولت معنى التربية نذكر:
التربية عملية نمّو الفرد أي تنمية الشخصية البشرية الإجتماعية إلى أقصى درجة تسمح بها إمكاناتها وإستعداداتها، بحيث تصبح شخصية مبدعة خلاّقة، منتجة ومتطوّرة بذاتها.
ج - التعريفات الفلسفية:
كونفيشيوس (551.ـ478ق.م): التربية هي السير في صراط الواجب، وخدمة النظام القائم والمحافظة على إستقرار المجتمع.
سقراط (480ــ399ق.م): التربية صياغة النفس الإنسانية وطبعها على الخير، الحق، والجمال.
أرسطو(384ــ322 ق.م): التربية هي إعداد العقل للتعليم كما تعدّ الأرض للبذور.
هربرت سبنسر(1820ــ1903م): التربية هي كل ما نقوم به من أجل أنفسنا وكل ما يقوم به الآخرون من أجلنا بغية التقرّب من كمال طبيعتنا وإعداد الفرد للحياة المستقبلية.
2/ علاقة التربية بالفلسفة:
إذا كانت الفلسفة هي ذلك المجهود أو النشاط الفكري الذي يحاول تفسير ظواهر وقضايا الكون والحياة من الجانب النظري بالإستناد إلى التحليل والمسائلة والممارسة النقدية، فإنّ التربية هي ذلك الجانب التطبيقي المساعد للجانب النظري عن طريق ترجمة هذه الظواهر والقضايا النظرية إلى جانب تطبيقي سلوكي متمثّل في مجموعة من الإتّجاهات والقيم والمهارات السلوكية والعادات والتقاليد وأنماط التفكير.
ومن هنا نلاحظ أنّ العلاقة بين الفلسفة والتربية علاقة تلازمية لأنّهما يبحثان في موضوع واحد وهو المجتمع بكل ما فيه من قضايا وحيثيات.
وترتبط التربية بالفلسفة أو يمكن القول بالفكر، فالفكر الذي يحاول أن يصل إلى حقيقة الأشياء وأصولها هو في الوقت نفسه إنسان يحاول أن يصل إلى حقيقة الأشياء وأصولها وأسبابها هادفا إلى حلول جذرية لمشكلات مجتمعه، كل هذا لتحقيق السعادة لبنيه عن طريق تلازم الفلسفة مع التربية.
3/ علاقة التربية بعلم الإقتصاد:
يعدّ إرتباط التربية والتعليم بالإقتصاد أمرا مسلّما به لأنّ التربية والتعليم إستثمار لطاقات الإنسان وقدراته ومهاراته التي تعود عليه بالربح المادي والمعنوي.
ومن هنا يمكننا القول أنّ التربية تساهم في التنمية الإقتصادية بل وتعدّ المدخل المنطقي لدراسته، وذلك عن طريق ما يلي:
التأكيد على دور العامل البشري في عملية النمّو الإقتصادي.
تزويد الأفراد بالمعلومات الأساسية والسلوكيات والقيم والمهارات اللازمة في شتى قطاعات الإقتصاد.
دعم البرامج الإقتصادية التي وضعت خططها لسد الإحتياجات الأولية الهامة لأفراد المجتمع.
دفع عجلة التقدّم الإقتصادي عن طريق تدريب الأيادي العاملة وتنمية مهاراتها وتقديم شتّى صنوف المعرفة اللازمة لأفراد المجتمع.
التخطيط العلمي المدروس لإعداد القوى البشرية وإحتياج المجتمع المتنامي لها مع الإهتمام بالمواد الإقتصادية.
4/ تعريف فلسفة التربية ووظائفها:
أ – تعريف فلسفة التربية:

يعرّفها التربويون بكونها:" محاولة جادّة للوعي بالمحرّكات الأساسية للعمل التربوي سواء من داخله، أو من داخل البنية المجتمعية في إطار من التحليل والنقد القائمين على إستخدام الأدّلة العقلية والبراهين المنطقية، والإلتزام الدائم بمحاكاة الخبرة التربوية على أرض الواقع."
وعليه يمكن القول: فلسفة التربية هي فلسفة عملية تلامس الحياة الإنسانية بكل تفاصيلها ومجالاتها ومنها المجال والبعد الإقتصادي للإنسان.
ب - وظائفها:
الفلسفة التربوية شأنها شأن الفلسفة العامة (نظرية، تحليلية، وإرشادية):
نظرية: عندما تسعى إلى إنشاء نظريات عن طبيعة الإنسان المتعلّم، والمجتمع، والعالم المحيط بنا، لكي تفسّر أو تؤوّل بواسطته المعطيات المتعارضة أو المتضاربة للبحث التربوي والعلوم التربوية.
تحليلية: عندما توضّح القرارات أو المقولات النظرية والمبادئ والأسس الإرشادية، فالتحليل يوقد إمتحان عقلانية أفكارنا التربوية وتوافقها مع الأفكار الأخرى، أي أنّ وظيفتها التحليلية تنطلق أساسا من دراسة مشكلات الواقع.
إرشادية: عندما تعيّن الغايات التي ينبغي على التربية الوصول إليها والوسائل التي تتوصل بها لبلوغ هذه الغايات، بمعنى أنّ غايتها إستشراف المستقبل.
والهدف من ضرورة وجود فلسفة التربية في المجتمع هو قدرة هذه الأخيرة على مواجهة تحديّات العصر وأهمها العولمة ومؤثّراتها السلبية وإشكالياتها الموتّرة.