لخّصلي

ففي منتصف الأسبوع الجاري نزل الناس إلى الشوارع وقاموا بإغلاق الطرق ومنعوا سير المركبات حتى ساعات متأخرة من الليل في كل من منطقة باب الزوار وبرج الكيفان وقهوة شرقي (الضواحي الشرقية للعاصمة الجزائرية). الجزائريون إلى الشوارع
وفي المسيلة وهي مدينة جزائرية تقعُ شرق البلاد، احتج السُكان على انقطاع المياه منذ أيام، وإذا ما عثروا عليها يحملونها ويعودون أدراجهم ويقولون: "يكفي فقط للشرب والحفاظ على أدنى شروط النظافة في عز الأزمة الصحية التي تمر بها الجزائر كبقية دول العالم". لم نعد قادرين على توفير المياه حتى من أجل النظافة والاستحمام وهُو ما سيزيد من تعقيدات الوضع الصحي في البلاد الذي يشهدُ موجة جديدة من كورونا، ويروي حمزة المعاناة مع هذه الأزمة ويضيف: "الأزمة تعود إلى ما قبل شهر رمضان، فالماء يصلُ إلى الطوابق السفلية من العمارات بالقطارة بينما لا يصلُ إطلاقاً إلى الطوابق العليا. مرات لا ننامُ ليلاً وإذا ننام يبقى أحدنا في البيت يترقب عودة المياه إلى الحنفيات الجافة، الكل يرقص ويصفق وينتظر دورهُ من أجل الاستحمام وتلبية حاجياته الشخصية وهو السيناريو نفسه الذي عشناهُ في تسعينات القرن الماضي حين كنا نملأ كل ما في البيت بالماء حتى الأواني التي يتم الطهي فيها". حيث بلغ سعر الليتر الواحد منها خمسة دنانير فيما تُباع عبوات المياه الكبيرة بين 200 إلى 300 دينار جزائري في سابقة هي الأولى من نوعها في الجزائر، وتحولت هذه الظاهرة إلى مصدر للسخرية والغضب على مواقع التواصل الاجتماعي. ولتدارك الوضع الخطير الذي تعيشه البلاد هذه الأيام على غرار العديد من الدول وهو التحذير الذي أطلقته في وقت سابق هيئة الأمم المتحدة، ما يسمح بالتوزيع خلال فترة زمنية محددة فقط تدوم من ثماني ساعات إلى 14 ساعة، ومن المتوقع أن يستمر هذا البرنامج المطبق للمرة الأولى منذ 20 سنة إلى حين عودة تساقط الأمطار. فبعض المُدن شهدت انقطاعاً تجاوز الخمسة أيام خلال شهر رمضان إلى درجة أن الحنفيات جفت، وفي المناطق المعزولة أو المعروفة بمناطق الظل لا يصل الماء إلى الأهالي إلا مرة واحدة في الأسبوع بينما تستفيد مدن أخرى من المياه على مدار الأسبوع ولا تنقطعُ عنها إلا نادراً وهُو ما يُثير غضب الجزائريين بخاصة أن بعض المدن تشهدُ تسربات ضخمة بسبب تعطل أشغال الصيانة التي تُشرفُ عليها الشركة المعروفة باسم "سيال" والتي شهدت سلسلة من الإقالات في المدة الأخيرة. لـ"النهار العربي"، إن طالمواطن الجزائري يؤدي دوراً بارزاً في التقليص من خطورة الأزمة من خلال ترشيد الاستهلاك المحلي بخاصة أننا نمرُ بأزمة ذات بعد عالمي، وأيضاً يجب على الجهات المُكلفة تسيير توزيع المياه، وضبط برنامج واضح وعادل في تزويد الأحياء بالماء فيكفي المواطن أن يثق بالبرمجة حتى يتسنى له ضبط أموره وتلبية حاجاته الخاصة وفق برنامج توزيع الماء، وقدّرت وزارة الموارد المائية النُقص المُسجل في المياه على مُستوى العاصمة التي تشهد أزمة حادة بأكثر من 60 ألف متر مُكعب يومياً، لأن كميات المياه المُتاحة في السُدود لا تسمحُ حالياً سوى بإنتاج ما بين 750 و850 ألف متر مكعب يومياً. وتتطابق الأزمة الحالية التي تشهدها الجزائر، حتى أنها صنفت باللون الأحمر وهي الدُول التي يتراوح فيها مُعدلُ العطش بين 40 و80 في المئة. دُول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في قائمة الدُول التي تُعاني أزمة عطش وشحاً في الموارد المائية من جهة وإجهاداً لتلك الموارد من جهة أخرى، وتصدّرت دولة قطر الترتيب العالمي بينما حلّت الأردن، وتحوز الجزائر على 11 محطة لتحلية مياه البحر بينها عشر محطات يبلغُ مُستوى إنتاجها مليوني متر مكعب وهي لا تُغطي سوى نسبة ضئيلة من حاجات السكان.