لخّصلي

بين أربعٍ وخمسين ألف كلمة وسط الدراما وتاريخ تقبع فرنسا خاصتي، بيد أنه مُرحّبٌ بهم في أرض خيالي وبين جدران عملي "مقهى البؤساء"
تجري أحداث هذا العمل تزامناً مع قرب انتهاء عصر التنوير قبل الثورة الفرنسية، حينما كانت فرنسا تخضع للفلسفة الطبقية في السلطة والمكانة الاجتماعية ونمط الحياة الذي يمكنك الحصول عليه. وفي ظل تنافس العائلات النبيلة والطبقة الأرستقراطية للحصول على عرش فرنسا ونفوذها، نجح آل بوربون في هذه المهمة مُورثين العرش لمن بعدهم، كما أن هناك عددٌ كبيرٌ من العائلات التي كانت تعمل بجدٍّ مع صغارها للاستيلاء على ذاك العرش. من أبرز تلك العائلات والتي تُعد منافساً لآل بوربون هم آل بيير من مونبلييه، حيث أمضى الدوق لويس بيير عُمرهُ في تدريب ابنه ليو منذ صغره مستخدماً معه كل أساليب التعنيف الجسدي والنفسي لجعله مؤهلا للعرش، وقد كان للصغير والدةً رؤوفة تُدعى فايوليت، تحاول جاهدة التخفيف عنه، وقد أوصت في آخر أيامها نادين -الصديقة المُفضلة للأسرة- أن تبقى بجانب ليو حتى وإن أراد الهروب من والده، وبالفعل هذا ما حدث بعد وفاة فايوليت، قرر ليو الحصول على هوية جديدة، والهروب من مونبلييه إلى باريس بمساعدة نادين التي الحقته بالمدرسة العسكرية، مُقرراً بعد تخرجه من الكلية انضمامه للجيش والاستشهاد في أرض المعارك زاعماً تعجيل لقاءه بوالدته. انتهى الأمر بليو مُقابلاً فتىً ذكياً نجح في كشف هُويته القديمة، وبدأ بتهديده بها إلى أن اتفقا أن يكونا صديقين في المقام الأول وشركاء في المهمة، كما أن الفتى سيساعده في أمره إن أراد أن يُصبح ملكاً لفرنسا أو أن يستشهد في أرض المعارك، كان ذلك الفتى يدعى نابليون بونابارت. قبل خروج ليو من مونبلييه وفي آخر محفلٍ اجتماعي أُجبر على حضوره كان قد التقى بشخصٍ مُثيرٍ للاهتمام يُدعى ماكسيميليان روبسبير. بعد مرور السنوات وبينما كان ليو ونابليون قد اشتدّ عُودهما، بدأت وتيرة الأحداث بالتصاعد داخل فرنسا، وحجر الأساس في هذا الأمر هو مُحامٍ شاب وثوري، والتدرج في التقدم المهني، ثم قائداً للثورة الفرنسية، مُقرراً بعدها إبادة ملوك فرنسا وجميع أعدائه حتى اكتست فرنسا فرشاً أحمرا، قاصيّن رقبته بمحبوبته، مُغلقين باباً ظنوهُ لن يُفتح، كان هذا الشاب الثوري هو ماكسيميليان روبسبير نفسهُ. مرّت السنوات وتخرج كلٌ من ليو ونابليون وقد نالا الرتب والحب مع كُلاً من جوزيفين لناب وكلوي لليو، ووجدا فرنسا قد أقحمت نفسها في حروب سيكونا هما الأسدان فيها، وكان ليو أحد مُصابيه، وانتهى الأمر ببتر يده، وفور استيقاظه وُجدت فرصة ستسنح لناب بحكم فرنسا إن اغتنمها، كما أن السعادة والمصائب تأتي سوياً، فقد فُوجئ ليو بحمل كلوي، ومع اقتراب الولادة حدث ما لم يكن في الحسبان وماتت كلوي إثر مضاعفاتٍ طبية، تاركةً الصغير جان لليو وحده، والذي قرر أن يصبح أباً صالحاً له ويداً يُمنى وسريّةً للامبراطور نابليون. تحت قيادة ناب وليو قدمت فرنسا أفضل انتصاراتها ضد الأعداء، قرر الصغير الانتقام لإخوته، مُصمماً على الدراسةِ والعمل في أكبر الصحف للحصول على تفاصيل ومعلومات تلك المعركة، بالمُقابل تعهد جان الدراسة جيداً لكي يُصبح مُخترعاً لصنع يدٍ لوالده. مُحدثين عهداً من الانتصارات، عاشت فرنسا فيها أفضل عصورها على الإطلاق، مما أقلق بريطانيا، والتي وضع لها ليو خطة مُحكمة، إلا أن ناب قرر هذه المرة ألا يستمع له، وانتهى الأمر بخوض خلاف حاد، وبدأ ناب يبتلعُ الطُعم ولا أحد يسُرُّهُ الحال عدا جيروم أخ ناب. في تلك الفترة الصامتة بينهما لاحظ ليو تغييرات في ذاكرته، قرر ليو لقاء ناب ليخبره بمخططه، إلا أن ناب أرسل ليو إلى البيت ناصحاً إياهُ أن يمضي ما تبقى له من عمره مع ابنه. بعد عِدة معارك خسرها نابليون، وصل به الحال لخسارة العرش، وتم نفيهُ، إلا أن آل بوربون قاموا بنفيهِ مرةً أخرى، تاركين له رسالة ولمن حاول دعمه من خلال الامساك بأحد إخوته وهو جيروم، والذي بدا أكثر جُبناً وخُبثاً؛ حيث راهن قبل إعدامه بثوانٍ أن يكشف عن اليد اليمنى لنابليون، الذي ضحى بحياة الجنود في معركة أوسترليتز وهو ليو بيير، وقد أُتي به على الملأِ للإعدام، وقد ناله، حيث وصل جان مؤخراً ليرى كل هذا العبث بوالده، والفاعل هو صديقه الذي بدأ ينعتهُ بالمنافق لعدم علمه بحقيقة والده، ومن تلك اللحظة بدأت عداوةٌ جديدة لم تشهدها فرنسا من قبل. لم يغمض لتيو جفن إلا وهو مشوهٌ باسم جان عبر الصحف، حارماً إياهُ من الدراسة ومن الالتحاق بأي مؤسسةٍ دراسيةٍ أخرى. قرر جان أن لا يستسلم وأن يدرس بمفرده وباشر اختراعهُ "البؤسميتر" الذي لم تقبله أي مُنشأة تعليمية. بعد مرور عامٍ من هذه الأحداث زار جان قبر والده، الذي وجده قد ترك له خطابات يمكنه أن يأخذ واحداً منها فقط في كل عام في يوم ميلاده، وبين هذا وذاك أصبح جان يذهب لتجمعات العلماء التي يُطرد منها فور ظهوره، ولكنه يجلس خارجاً في كرسي مقابل يستمع لهم، فنانة ورسامة، تدعى فيفيان دوبلييه. وما بدأ كضحكٍ ساخرٍ على بعضهما انتهى بصداقةٍ حميمة قررا عبرها تحقيق أحلامهما بعيداً عن المجتمع، لن يدخله سعيد. وبالطبع هذا أمرٌ لم يغفل عنه تيو الذي خصص عموداً أخر من صحفه مهاجماً فيه فيفيان، الأمر الذي لم يسكت عنه جان وقد عارك فيه تيو وأخبره أنه لا يعلم الحقيقة كاملة، مما شجعه للبحث عن جيروم الذي كان سبباً في كلها بداخل تيو وبالفعل بدأ البحث عنه. بعد قراءة آخر خطاب تركه ليو لجان كان جان قد انهى تصميم البؤسميتر، وفيفان تعمل على قصتها، وتم رفض اختراع جان هذه المرة أيضاً زعماً من الجمعية العلمية أنه لا حاجة لهم بالبؤس، فباريس أشد البقاعِ سعادةً. ترك جان أوراقه واختراعه لهم على يقين أنهم سيرجعون له يوماً ما، فيما بدأت صحته بالتدهور إثر إصابته بمرضٍ وراثي يتطلبه نقل دم من زمرةٍ مطابقة له لا توجد إلا عند عدوه تيو، إلا أنه كان في رحلة بحث عن جيروم، والذي وجده أخيراً وألقى به من أعلى جرفٍ بعد ما اعترف له أنه لا يد لليو في قتل إخوته، إذ أن الجنود في تلك المعركة هم من قرروا المخاطرة بأنفسهم. رجع تيو إلى باريس مُتجهاً نحو بيت جان وقد استلم رسالة نادين، ولكن الوقت كان قد فات وفارق جان أرض باريس والحياة جميعا، الأمر الذي لم يقدر على تحمله فرمى نفسه من أعلى جسرٍ وخرَّ ميتا. توطدت العلاقة بين نادين وفيفيان بعد وفاة جان، وبعد نجاح قصتها قامت فيفيان بافتتاح مقهى البؤساء الذي كان أول زائريه نادين مع أخيها الذي كان مفقوداً منذ الصغر، كما قرر رئيس الجمعية العلمية الجديد باسكال دوبلييه اعتماد تصميم البؤسميتر، الاختراع الذي أنقذ حياة قاطنيّ فرنسا والعالم أجمع،