لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (63%)

(تلخيص بواسطة الذكاء الاصطناعي)

تمتد منطقة شبه الجزيرة العربية على مساحة تربو على ثلاثة ملايين كيلومتر مربع ، ومنذ أقدم العصور ظلت توصف بأنها مجرد أرض صحراوية جبلية ، وعلى الرغم من صحة هذا الوصف إلى حد كبير فإنها لا تخلو من أراض خصبة . وعلى جانبها الغربي التلال الصخرية التي يتزايد ارتفاعها حتى يبلغ 4000 متر في المنطقة تمتد سلسلة من 9 الواقعة حالياً ضمن حدود اليمن . وعلى امتداد ساحل بحر العرب تبدأ التلال العالية في الانحدار تدريجياً إلى أن تصبح سهلاً يمتد بعمق إلى الداخل . وتبدأ الأرض الممتدة حول الساحل في الارتفاع مرة أخرى حتى تصل إلى سلسلة مرتفعات الجبل الأخضر في سلطنة عُمان ، امتداداً إلى النتوء الصخري لشبه جزيرة مسندم التي تتاخم أحد أهم المضايق المائية في العالم من الناحية الاستراتيجية ، وهو مضيق هرمز الذي يسيطر على حركة الملاحة في مدخل الخليج العربي . ولا يرتفع ساحل الخليج العربي كثيراً عن مستوى سطح البحر ، ويظل هكذا إلى أن يصل إلى مصب نهري دجلة والفرات . وتختلف هذه السلاسل من الجبال والتلال بعضها عن بعض ، ومن ثم تختلف أنماط النشاطات الاقتصادية ونوعية الممارسين لها . وبالمثل تظهر خريطة المنطقة الأراضي الصحراوية الممتدة من ساحل بحر العرب صعوداً إلى الشريط الساحلي المتاخم للبحر الأبيض المتوسط ، غير أن هذه المنطقة الواسعة تضم العديد من الأراضي القاحلة ، فإلى الشمال تقع جبال الحمد وأجزاء من صحراء النفود التي تمتد جنوباً حتى تصل إلى جبال عسير في الجنوب الغربي . أما من جهة الشرق فتقع صحراء الدهناء ومنطقة الظفرة التي تشكل امتداداً للصحراء حتى ساحل الخليج العربي . وإلى الجنوب من الدهناء والمناطق الداخلية من الظفرة تقع صحراء الربع الخالي أو ما يعرف بـ " بحر الرمال " ، وتشكل الظفرة وواحة ليوا أراضي قبيلة بني ياس ، وهي القبيلة التي ينتمي إليها الشيخ زايد . هناك تقارير لشهود عيان يعود تاريخها إلى بداية القرن التاسع عشر تصف هذه المنطقة وتتناول نمط الحياة فيها ؛ فقد كتب ديفيد سيتون David Seton المقيم البريطاني في مسقط ، أثناء مروره بأراضي بني ياس في كانون الأول / ديسمبر 1801 قائلاً : إلى الجنوب من البدع تقع الظفرة ؛ وهي أراضي قبيلة بني ياس التي تتألف من نحو ألف رجل ... وهي صحراوية باستثناء بعض الجزر ( الواحات ) المتناثرة في الرمال والتي يرعون قطعانهم فيها ، وأمام ساحلهم تقع ثلاث جزر هي أبوظبي وزركوه بينما اسم الثالثة غير معروف ؛ أما الأولى فليس فيها سوى الرمال ، وفيها بئر ماء عذب يلجأ إليها أبناء قبيلة بني ياس حين يشتد الحر وتتعرض أرضهم للجفاف ، وهذه الجزيرة قريبة من اليابسة . وأما جزيرة زركوه فهي جزيرة صغيرة ، وفيها أطلال حصن أوربي وآثار عمران قديم » . ثم زار المنطقة جيه . بي . كيلي J. B. Kelly وهو كاتب أكثر معاصرة عرف أبوظبي في الأيام الأولى من حكم الشيخ زايد ليضيف وصفاً عاماً لهذه المنطقة قائلاً : ذلك الجزء من شبه الجزيرة العربية ... هو في معظمه صحراء مقفرة تغطيها الكثبان الرملية ، والمسطحات الملحية ، والسهول المغطاة بالحصى . وعموماً فهي تتكون من بقعة ساحلية بها سلسلة من الجزر التي تبعد عن سواحلها ، ومنطقة صحراوية بعيدة عن الساحل . تبدأ هذه الجزر بمحاذاة ساحل قطر وتنتهي إلى الشمال الشرقي من مدينة أبوظبي ، والتي تقع هي نفسها على جزيرة . أما البقعة الساحلية فهي عبارة عن سلسلة من السهول الرملية والأراضي المغطاة بطبقة من الحصى وتتناثر فيها السبخات ( أو المسطحات ( الملحية التي تمتد من أسفل قطر نحو الشرق باتجاه أبوظبي ، ومن ثم تتجه نحو الشمال الشرقي لتمتد إلى ما وراء رأس الخيمة ، وهي الإمارة التي تقع في أقصى الشمال من الإمارات المتصالحة ، وتنفذ إلى البحر بسبب الجروف الصخرية الهائلة في شبه جزيرة مسندم ، والتي تشكل بدورها نتوءاً يتغلغل في المدخل المؤدي إلى الخليج العربي . . أما الصحراء الواقعة بعيداً عن الساحل فتغلب عليها الكثبان الرملية ، والتي يكبر حجمها تدريجياً كلما اقتربنا من الربع الخالي . وتضم المنطقة واحتين كبيرتين نسبياً ، هما واحة ليوا التي تقع في وسط الصحراء ، وواحة البريمي ( العين ) عند حافتها الشرقية ، بالقرب من التلال الواقعة عند سفح جبال الحجر الغربي . لقد تكيفت الشعوب التي عاشت في شبه الجزيرة العربية مع هذه البيئة الطبيعية المتنوعة ، وابتدعت طرقاً تمكنها من العيش في هذه الظروف شديدة القسوة . وكان أسلافهم المنحدرون من السلالة نفسها في العصور القديمة ، والذين عاشوا في أ الجنوب الغربي من شبه الجزيرة العربية قد هاجروا أولاً إلى أطراف شبه الجزيرة العربية نفسها ، ومن ثم غرباً عبر شمالي أفريقيا إلى المحيط الأطلسي وصولاً إلى إسبانيا ، كما اتجه بعضهم شرقاً حتى وصلوا إلى الهند وماتزال بعض أوجه عملية الهجرة والتكيف هذه قائمة إلى يومنا هذا . وفي الأراضي البعيدة عن المناطق التي فتحتها الجيوش العربية أقام التجار صلات بين شبه الجزيرة العربية والمناطق الواقعة إلى الشرق والغرب منها . وماتزال التجمعات العربية موجودة في كل قارة تقريباً حتى الآن . وقد تبين أن صفة القدرة على التكيف التي غرستها في عمق تكوينهم بيئتهم الصحراوية قد ساعدتهم على العيش في مناطق أقل قسوة . من الصعب أن يتخيل المرء مدى قسوة تلك البيئة الأصلية ؛ فالمسطحات الملحية والتلال المنخفضة في الأراضي الداخلية البعيدة عن مياه الخليج العربي كانت مقفرة وموحشة ، وإن كانت أخف وطأة من التلال الرملية الضخمة المعروفة باسم " الرملة " . لقد قدم الرحالة ويلفرد ثيسيجر Wilfred Thesiger - المعروف باسم مبارك بن لندن - الذي عبر هذه المنطقة ، في طريقه من الغرب إلى أبو ظبي سنة 1948 وصفاً لصعوبات رحلته في هذه الأراضي المقفرة قائلاً : « لقد قررنا أن نلتف ونعبر هذه المسطحات الملحية بالقرب من أطرافها ، وإلا فإن الجمال قد تغوص في هذه الرمال بحيث يصعب إخراجها ، خاصة أن أمطاراً غزيرةً قد هطلت مؤخراً . وكان يكفي أن تغوص الإبل إلى ركبها ومن ثم نفقدها ... لقد كانت المسطحات نفسها مغطاة بقشرة ملحية مغبرة ، تتطاير ذراتها لتضفي وهجاً ساطعاً على وجوهنا ، بل كانت تدخل إلى عيني شبه المغمضتين وكأنها تنفذ إلى قاع جمجمتي . لقد شقت الجمال طريقها وسط هذه القشرة الملحية ، وتقدمت متعثرة عبر هذا الوحل الداكن ، واستغرق الأمر منا خمس ساعات عصيبة من القلق والعناء للعبور ... وفي الجانب الآخر نصبنا خيامنا وسط رمال متموجة بيضاء خالية من الحياة تماماً ، حتى إن الشجيرات الملحية ذاتها قد ماتت ، ويبست وكانت بقايا أغصانها المتساقطة تطعن أقدامنا الحافية وكأنها وخز الإبر » . إن الماء هو عصب الحياة في أي منطقة صحراوية ، والماء في الظفرة موجود في مناطق غير متوقعة ، فمن المنظور الجيولوجي يتدفق الماء من الجبال إلى البحر فقط حيث نجد أنه عند هطول كميات كافية من الأمطار فإن سيولها تجرف الحصى والرمال إلى سفوح الجبال عبر أراضي السهول الممتدة بين الجبال ؛ ثم تتجه مياه الأمطار في دروب تصل إلى البحر ( ولذلك فهي تعتبر ضائعة " ) مرة كل عشر سنوات تقريباً في الإمارات الشمالية ، وإلى الجنوب من جبل فياء فإنها تُمتص في الكثبان الرملية ... » . غير أن الماء الذي " تمتصه " الكثبان الرملية يمكن الوصول إليه واستغلاله ، إذ يظل بعضه محتجزاً في السبخات الواقعة في الأراضي الداخلية ، والمناطق المسطحة المغطاة بالرمال أو بالطمي أو الطين ، وتكسوها طبقة رقيقة من الملح الصلب . وفي أمكنة أخرى يظل الماء محتجزاً في تجويفات عميقة تحت الكثبان الرملية ، وقد حفظت البنية الجيولوجية النادرة للرمال الصحراوية في أبوظبي كميات من المياه على النحو الذي يسر على البدو الخبيرين بالمواقع الخفية التي تتوافر فيها المياه إمكانية الاستفادة منها . ويتمتع كل فرد من قاطني الصحراء بقدرة فطرية على اكتشاف المواقع التي يمكن أن يعثر فيها على الماء في المنطقة التي يعيش فيها . وتختلف نوعية الماء الذي كان يمكن الحصول عليه اختلافاً واسعاً ؛ فالمياه العذبة المنسابة من الجبال لم تكن تتوافر إلا في مدينة العين ، أما المياه المتوافرة في جزيرة أبوظبي فكانت على الدوام مالحة نوعاً ما ، بينما يوجد في منطقة واحة ليوا وهيا الأصلي لبني ياس ، نحو ثلاثين واحة صغيرة ، لكل منها مصدرها من الماء . وكان توافر الماء في ليوا ، على عكس الحال في مدينة العين ، يعتمد على الأمطار السنوية ، والتي قد لا تهطل طوال سنوات متتالية . وفي الواحات كانت تنمو مزارع النخيل نظراً لأن خصبة ، وكان بنو ياس يملكون بعضاً من مزارع النخيل في حين يملك حلفاؤهم بعضها الآخر . وكانت هذه المزارع تحت رعاية الأسر المقيمة في البيوت المبنية من سعف النخيل ( براستي ) والمشيدة عند أسفل الكثبان الرملية . أما على الساحل فقد عاش بعض أفراد بني ياس على صيد الأسماك تاركين قطعان مواشيهم لترعاها القبائل الأرض . يصور البعض البنية القبلية على أنها ثابتة لا تتغير ولكن الحقيقة لا تتفق منع هذه الصورة النمطية ؛ فالحياة في بيئة قاسية مثل صحراء شبه الجزيرة العربية أفرزت ثقافة فريدة من نوعها تكيفت مع ما اقتضته الضرورة . غير أن فهم هذه القدرة على التكيف ليس أمراً سهلاً ، إن فهم معناها وثقافتها وفلسفتها على حقيقتها يقتضي دراسة الثقافة القبلية بعقلية منفتحة وبديهة حاضرة . ولابد هنا من أن نتذكر كلمات بيلي الذي يرى أنه ليس هناك نمط واحد " للقبيلة " في شبه الجزيرة العربية ، فكل قبيلة عربية في الصحراء تكيفت مع الظروف التي واجهتها وتنقسم القبائل بشكل عام إلى قسمين رئيسيين : أولاً ، القبائل التي عاشت على ما تجود به الصحراء ، فهي تربي الماشية وتزرع الأراضي في الواحات وثانياً ، القبائل التي تعيش على البحر ، سواء بالاعتماد على صيد الأسماك أو الغوص واستخراج اللؤلؤ أو التجارة البحرية . أما الذي يميز قبيلة بني ياس في أبوظبي عن غيرها فهو أن أهلها يندرجون في الفئتين معاً ، إذ كان بعضهم بدواً رحلاً ، ينتقلون في أوقات معينة من السنة نحو الساحل ليعيشوا حياة صيد الأسماك والغوص لاستخراج اللؤلؤ وما إن ينتهي موسم صيد الأسماك حتى يعودوا إلى حياتهم البدوية في الصحراء . وبالنسبة إليهم كان هذا النمط من الحياة يبدو ببساطة استجابة طبيعية للفرصة التي منحتهم إياها بيئتهم ، والتي ينبغي عليهم استغلالها حتى أقصى حد . أما الرؤية التحليلية لهذا النمط من الحياة فهي تركز على كون هؤلاء " متعددي الأنشطة " ، حيث أكسبتهم بيئتهم المباشرة بما تنطوي عليه من قيود وفرص وتنوع ثري وصعب في آن واحد مجموعة من الصفات والقدرات الخاصة التي يتميزون بها عن سواهم من القبائل العربية .


النص الأصلي

تمتد منطقة شبه الجزيرة العربية على مساحة تربو على ثلاثة ملايين كيلومتر مربع ، ومنذ أقدم العصور ظلت توصف بأنها مجرد أرض صحراوية جبلية ، وعلى الرغم من صحة هذا الوصف إلى حد كبير فإنها لا تخلو من أراض خصبة . " وعلى جانبها الغربي التلال الصخرية التي يتزايد ارتفاعها حتى يبلغ 4000 متر في المنطقة تمتد سلسلة من 9 الواقعة حالياً ضمن حدود اليمن . وعلى امتداد ساحل بحر العرب تبدأ التلال العالية في الانحدار تدريجياً إلى أن تصبح سهلاً يمتد بعمق إلى الداخل . وتبدأ الأرض الممتدة حول الساحل في الارتفاع مرة أخرى حتى تصل إلى سلسلة مرتفعات الجبل الأخضر في سلطنة عُمان ، امتداداً إلى النتوء الصخري لشبه جزيرة مسندم التي تتاخم أحد أهم المضايق المائية في العالم من الناحية الاستراتيجية ، وهو مضيق هرمز الذي يسيطر على حركة الملاحة في مدخل الخليج العربي . ولا يرتفع ساحل الخليج العربي كثيراً عن مستوى سطح البحر ، ويظل هكذا إلى أن يصل إلى مصب نهري دجلة والفرات . وتختلف هذه السلاسل من الجبال والتلال بعضها عن بعض ، ومن ثم تختلف أنماط النشاطات الاقتصادية ونوعية الممارسين لها . وبالمثل تظهر خريطة المنطقة الأراضي الصحراوية الممتدة من ساحل بحر العرب صعوداً إلى الشريط الساحلي المتاخم للبحر الأبيض المتوسط ، غير أن هذه المنطقة الواسعة تضم العديد من الأراضي القاحلة ، فإلى الشمال تقع جبال الحمد وأجزاء من صحراء النفود التي تمتد جنوباً حتى تصل إلى جبال عسير في الجنوب الغربي . أما من جهة الشرق فتقع صحراء الدهناء ومنطقة الظفرة التي تشكل امتداداً للصحراء حتى ساحل الخليج العربي . وإلى الجنوب من الدهناء والمناطق الداخلية من الظفرة تقع صحراء الربع الخالي أو ما يعرف بـ " بحر الرمال " ، وتشكل الظفرة وواحة ليوا أراضي قبيلة بني ياس ، وهي القبيلة التي ينتمي إليها الشيخ زايد . هناك تقارير لشهود عيان يعود تاريخها إلى بداية القرن التاسع عشر تصف هذه المنطقة وتتناول نمط الحياة فيها ؛ فقد كتب ديفيد سيتون David Seton المقيم البريطاني في مسقط ، أثناء مروره بأراضي بني ياس في كانون الأول / ديسمبر 1801 قائلاً : إلى الجنوب من البدع تقع الظفرة ؛ وهي أراضي قبيلة بني ياس التي تتألف من نحو ألف رجل ... وهي صحراوية باستثناء بعض الجزر ( الواحات ) المتناثرة في الرمال والتي يرعون قطعانهم فيها ، وأمام ساحلهم تقع ثلاث جزر هي أبوظبي وزركوه بينما اسم الثالثة غير معروف ؛ أما الأولى فليس فيها سوى الرمال ، وفيها بئر ماء عذب يلجأ إليها أبناء قبيلة بني ياس حين يشتد الحر وتتعرض أرضهم للجفاف ، وهذه الجزيرة قريبة من اليابسة . وأما جزيرة زركوه فهي جزيرة صغيرة ، وفيها أطلال حصن أوربي وآثار عمران قديم » . 10 ثم زار المنطقة جيه . بي . كيلي J. B. Kelly وهو كاتب أكثر معاصرة عرف أبوظبي في الأيام الأولى من حكم الشيخ زايد ليضيف وصفاً عاماً لهذه المنطقة قائلاً : ذلك الجزء من شبه الجزيرة العربية ... هو في معظمه صحراء مقفرة تغطيها الكثبان الرملية ، والمسطحات الملحية ، والسهول المغطاة بالحصى . وعموماً فهي تتكون من بقعة ساحلية بها سلسلة من الجزر التي تبعد عن سواحلها ، ومنطقة صحراوية بعيدة عن الساحل . تبدأ هذه الجزر بمحاذاة ساحل قطر وتنتهي إلى الشمال الشرقي من مدينة أبوظبي ، والتي تقع هي نفسها على جزيرة . أما البقعة الساحلية فهي عبارة عن سلسلة من السهول الرملية والأراضي المغطاة بطبقة من الحصى وتتناثر فيها السبخات ( أو المسطحات ( الملحية التي تمتد من أسفل قطر نحو الشرق باتجاه أبوظبي ، ومن ثم تتجه نحو الشمال الشرقي لتمتد إلى ما وراء رأس الخيمة ، وهي الإمارة التي تقع في أقصى الشمال من الإمارات المتصالحة ، وتنفذ إلى البحر بسبب الجروف الصخرية الهائلة في شبه جزيرة مسندم ، والتي تشكل بدورها نتوءاً يتغلغل في المدخل المؤدي إلى الخليج العربي . . أما الصحراء الواقعة بعيداً عن الساحل فتغلب عليها الكثبان الرملية ، والتي يكبر حجمها تدريجياً كلما اقتربنا من الربع الخالي . وتضم المنطقة واحتين كبيرتين نسبياً ، هما واحة ليوا التي تقع في وسط الصحراء ، وواحة البريمي ( العين ) عند حافتها الشرقية ، بالقرب من التلال الواقعة عند سفح جبال الحجر الغربي . 12 أقصى لقد تكيفت الشعوب التي عاشت في شبه الجزيرة العربية مع هذه البيئة الطبيعية المتنوعة ، وابتدعت طرقاً تمكنها من العيش في هذه الظروف شديدة القسوة . وكان أسلافهم المنحدرون من السلالة نفسها في العصور القديمة ، والذين عاشوا في أ الجنوب الغربي من شبه الجزيرة العربية قد هاجروا أولاً إلى أطراف شبه الجزيرة العربية نفسها ، ومن ثم غرباً عبر شمالي أفريقيا إلى المحيط الأطلسي وصولاً إلى إسبانيا ، كما اتجه بعضهم شرقاً حتى وصلوا إلى الهند وماتزال بعض أوجه عملية الهجرة والتكيف هذه قائمة إلى يومنا هذا . وفي الأراضي البعيدة عن المناطق التي فتحتها الجيوش العربية أقام التجار صلات بين شبه الجزيرة العربية والمناطق الواقعة إلى الشرق والغرب منها . 1 وماتزال التجمعات العربية موجودة في كل قارة تقريباً حتى الآن . وقد تبين أن صفة القدرة على التكيف التي غرستها في عمق تكوينهم بيئتهم الصحراوية قد ساعدتهم على العيش في مناطق أقل قسوة . من الصعب أن يتخيل المرء مدى قسوة تلك البيئة الأصلية ؛ فالمسطحات الملحية والتلال المنخفضة في الأراضي الداخلية البعيدة عن مياه الخليج العربي كانت مقفرة وموحشة ، وإن كانت أخف وطأة من التلال الرملية الضخمة المعروفة باسم " الرملة " . لقد قدم الرحالة ويلفرد ثيسيجر Wilfred Thesiger - المعروف باسم مبارك بن لندن - الذي عبر هذه المنطقة ، في طريقه من الغرب إلى أبو ظبي سنة 1948 وصفاً لصعوبات رحلته في هذه الأراضي المقفرة قائلاً : « لقد قررنا أن نلتف ونعبر هذه المسطحات الملحية بالقرب من أطرافها ، وإلا فإن الجمال قد تغوص في هذه الرمال بحيث يصعب إخراجها ، خاصة أن أمطاراً غزيرةً قد هطلت مؤخراً . وكان يكفي أن تغوص الإبل إلى ركبها ومن ثم نفقدها ... لقد كانت المسطحات نفسها مغطاة بقشرة ملحية مغبرة ، تتطاير ذراتها لتضفي وهجاً ساطعاً على وجوهنا ، بل كانت تدخل إلى عيني شبه المغمضتين وكأنها تنفذ إلى قاع جمجمتي . لقد شقت الجمال طريقها وسط هذه القشرة الملحية ، وتقدمت متعثرة عبر هذا الوحل الداكن ، واستغرق الأمر منا خمس ساعات عصيبة من القلق والعناء للعبور ... وفي الجانب الآخر نصبنا خيامنا وسط رمال متموجة بيضاء خالية من الحياة تماماً ، حتى إن الشجيرات الملحية ذاتها قد ماتت ، ويبست وكانت بقايا أغصانها المتساقطة تطعن أقدامنا الحافية وكأنها وخز الإبر » . إن الماء هو عصب الحياة في أي منطقة صحراوية ، والماء في الظفرة موجود في مناطق غير متوقعة ، فمن المنظور الجيولوجي يتدفق الماء من الجبال إلى البحر فقط حيث نجد أنه عند هطول كميات كافية من الأمطار فإن سيولها تجرف الحصى والرمال إلى سفوح الجبال عبر أراضي السهول الممتدة بين الجبال ؛ ثم تتجه مياه الأمطار في دروب تصل إلى البحر ( ولذلك فهي تعتبر ضائعة " ) مرة كل عشر سنوات تقريباً في الإمارات الشمالية ، وإلى الجنوب من جبل فياء فإنها تُمتص في الكثبان الرملية ... » . 15 غير أن الماء الذي " تمتصه " الكثبان الرملية يمكن الوصول إليه واستغلاله ، إذ يظل بعضه محتجزاً في السبخات الواقعة في الأراضي الداخلية ، والمناطق المسطحة المغطاة بالرمال أو بالطمي أو الطين ، وتكسوها طبقة رقيقة من الملح الصلب . وفي أمكنة أخرى يظل الماء محتجزاً في تجويفات عميقة تحت الكثبان الرملية ، وقد حفظت البنية الجيولوجية النادرة للرمال الصحراوية في أبوظبي كميات من المياه على النحو الذي يسر على البدو الخبيرين بالمواقع الخفية التي تتوافر فيها المياه إمكانية الاستفادة منها . ويتمتع كل فرد من قاطني الصحراء بقدرة فطرية على اكتشاف المواقع التي يمكن أن يعثر فيها على الماء في المنطقة التي يعيش فيها . 16 الموطن وتختلف نوعية الماء الذي كان يمكن الحصول عليه اختلافاً واسعاً ؛ فالمياه العذبة المنسابة من الجبال لم تكن تتوافر إلا في مدينة العين ، أما المياه المتوافرة في جزيرة أبوظبي فكانت على الدوام مالحة نوعاً ما ، بينما يوجد في منطقة واحة ليوا وهيا الأصلي لبني ياس ، نحو ثلاثين واحة صغيرة ، لكل منها مصدرها من الماء . وكان توافر الماء في ليوا ، على عكس الحال في مدينة العين ، يعتمد على الأمطار السنوية ، والتي قد لا تهطل طوال سنوات متتالية . وفي الواحات كانت تنمو مزارع النخيل نظراً لأن خصبة ، وكان بنو ياس يملكون بعضاً من مزارع النخيل في حين يملك حلفاؤهم بعضها الآخر . وكانت هذه المزارع تحت رعاية الأسر المقيمة في البيوت المبنية من سعف النخيل ( براستي ) والمشيدة عند أسفل الكثبان الرملية . 18 أما على الساحل فقد عاش بعض أفراد بني ياس على صيد الأسماك تاركين قطعان مواشيهم لترعاها القبائل الأرض . 17 نا التكاتف واحداً من الأوجه المهمة لنظام التحالف الأخرى المتحالفة معهم . ويجسد هذا الله ا الذي تميز به بنو ياس كما يعكس مرونة متأصلة فيهم وقدرة على التوزيع المتكامل الأسباب الحياة وطرائقها . ولقد تميز أهل . أبوظبي بهذه الصفات حتى وصفوا بأنهم ذوو الأنشطة المتعددة " . 19 يصور البعض البنية القبلية على أنها ثابتة لا تتغير ولكن الحقيقة لا تتفق منع هذه الصورة النمطية ؛ 20 فالحياة في بيئة قاسية مثل صحراء شبه الجزيرة العربية أفرزت ثقافة فريدة من نوعها تكيفت مع ما اقتضته الضرورة . غير أن فهم هذه القدرة على التكيف ليس أمراً سهلاً ، إن فهم معناها وثقافتها وفلسفتها على حقيقتها يقتضي دراسة الثقافة القبلية بعقلية منفتحة وبديهة حاضرة . ولابد هنا من أن نتذكر كلمات بيلي الذي يرى أنه ليس هناك نمط واحد " للقبيلة " في شبه الجزيرة العربية ، فكل قبيلة عربية في الصحراء تكيفت مع الظروف التي واجهتها وتنقسم القبائل بشكل عام إلى قسمين رئيسيين : أولاً ، القبائل التي عاشت على ما تجود به الصحراء ، فهي تربي الماشية وتزرع الأراضي في الواحات وثانياً ، القبائل التي تعيش على البحر ، سواء بالاعتماد على صيد الأسماك أو الغوص واستخراج اللؤلؤ أو التجارة البحرية . أما الذي يميز قبيلة بني ياس في أبوظبي عن غيرها فهو أن أهلها يندرجون في الفئتين معاً ، إذ كان بعضهم بدواً رحلاً ، ينتقلون في أوقات معينة من السنة نحو الساحل ليعيشوا حياة صيد الأسماك والغوص لاستخراج اللؤلؤ وما إن ينتهي موسم صيد الأسماك حتى يعودوا إلى حياتهم البدوية في الصحراء . وبالنسبة إليهم كان هذا النمط من الحياة يبدو ببساطة استجابة طبيعية للفرصة التي منحتهم إياها بيئتهم ، والتي ينبغي عليهم استغلالها حتى أقصى حد . أما الرؤية التحليلية لهذا النمط من الحياة فهي تركز على كون هؤلاء " متعددي الأنشطة " ، حيث أكسبتهم بيئتهم المباشرة بما تنطوي عليه من قيود وفرص وتنوع ثري وصعب في آن واحد مجموعة من الصفات والقدرات الخاصة التي يتميزون بها عن سواهم من القبائل العربية .


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

Le pêcheur et s...

Le pêcheur et sa femme Il y avait une fois un pêcheur et sa femme, qui habitaient ensemble une cahu...

في التاسع من ما...

في التاسع من مايو/أيار عام 1960، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على الاستخدام التجاري لأول أقر...

أهم نقاط الـ Br...

أهم نقاط الـ Breaker Block 🔹 ما هو الـ Breaker Block؟ • هو Order Block حقيقي يكون مع الاتجاه الرئي...

دوري كمدرب و مس...

دوري كمدرب و مسؤولة عن المجندات ، لا اكتفي باعطاء الأوامر، بل اعدني قدوة في الانضباط والالتزام .فالم...

سادساً: التنسيق...

سادساً: التنسيق مع الهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية وفريق إدارة شؤون البيئة لنقل أشجار المشلع ب...

I tried to call...

I tried to call the hospital , it was too early in the morning because I knew I will be late for ...

أكد موقع " cons...

أكد موقع " construction business news " في أحد تقاريره عزم الشركات اليابانية والصينية على استهداف ال...

This paragraph ...

This paragraph is a description about ... The relation).. I am ... (name of the person)....•• is thi...

عام. يمكن القول...

عام. يمكن القول إن نظام المعلومات يعزز شفافية السوق من خلال توفير المعلومات اللازمة ويعزز تداولية ال...

In this present...

In this presentation, I will focus on main points: First, I will provide a definition of the concep...

في خسائر فادحة ...

في خسائر فادحة للذرة، والمحاصيل السكرية، والأعلاف النجيلية، والكينوا. لمواجهة هذه التحديات بفعالية،...

أدى الإنترنت وا...

أدى الإنترنت والتطور الرقمي إلى إحداث تحول جذري في أساليب التواصل وتبادل المعلومات بين الأفراد. فنحن...