لخّصلي

تُعد ماريا منتسوري رائدة في مجال تربية الطفل، حيث أسست "دار الأطفال" كمدرسة ابتكارية. انتشر منهجها التربوي في أوروبا رغم سياقها المضطرب بالحروب. كانت منتسوري طبيبة عملت مع أطفال الروضة، وركز منهجها على: اعتبار البيئة المدرسية (لأطفال 3-7 سنوات) أفضل بيئة اجتماعية، وتنمية ذكاء الأطفال وقدراتهم الإرادية بشكل طبيعي، وتدريب حواسهم، والعناية بصحتّهم وتكوين عادات صحية، واستخدام وسائل تربوية عبر اللعب والنشاط الذاتي، وتأهيل الأطفال المعوقين للاندماج الاجتماعي، ومتابعة نموهم العقلي مع مراعاة حريتهم وحبهم للحركة. يُعدّ منهجها مثاليا لتنمية الحواس والملاحظة والصبر والاستقلالية. حقق منهجها نتائج باهرة في النمو الفكري والجسمي والاجتماعي، حيث تعلم أطفالها القراءة والكتابة باستخدام أشكال هندسية ملونة، بين سن 3 و6 سنوات. يتمثل التحصيل الدراسي في ثلاث مراحل: إظهار اللون، تحديد اللون، ثم تسميته. أكدت منتسوري على أهمية بناء علاقات عاطفية بين الأطفال والكبار قبل البدء بالتعليم، معتبرة ذلك أساسًا لنموهم الفكري والمعرفي والإبداعي والاجتماعي.

تعتبر الايطالية ماريا منتسوري القائدة الثانية في اهتمامها الكبير والعجيب بحقوق و تربية الطفل والتي ظهرت بعد فروبل ، حيث عملت بدورها على إنشاء أول مدرسة والتي أطلقت عليها - اسم – "دار الأطفال" .
لقد انتشرت منهجها و طرقها التربوية إلى بقية الدول الأوروبية في الوقت الذي كانت أوروبا قد ضاقت مرارة الحروب الاستعمارية بحثا عن وحدتها القومية والاستقلال، وحروبا ضد النظم الدكتاتورية و الإقطاعية و الحربين العالميتين : الأولى (1914-1918) ، والثانية (1935- .1945).
كانت مهنة ماريا منتسوري الحقيقية طبيبة بمستشفى الأمراض العقلية و بنفس الوقت اهتمت بتربية وتعليم أطفال الروضة، و يمكن أن نلخص أهم المبادئ و الأفكار الخاصة بهذه الطبيبة، و البقية موجودة ضمن عنصر الطرق التربوية:
-1 اعتبار البيئة المدرسية هي أصلح لتنشئة الطفل اجتماعيا،حيث فرضت إلزامية قبول دخول الطفل إلى "دار الأطفال" الذي يتراوح عمره ما بين 03 الى07 سنوات، وذلك من أجل إبعاد هذا الطفل عن مساوئ البيئة التي يعيش فيها سواء في منزله أو خارجه.تطبق ماريا منتسوري منهج كمرشدة، ذلك المنهج يهيئ الفرص لتنمية ذكاء الطفل و نمو قدراته الإرادية بشكل طبيعي بما يحقق نمو شخصية الطفل سويا.(محمد السرغلي:التربية- مكتبة الرشاد- الدار البيضاء- عام 1963 ص192) . 3- اهتمت بتربية حواس الطفل عن طريق التدريب و التعلم.

4- اعتنت بصحة الطفل و تغذيته، و تكوين العادات الصحية فيه.
5- استعملت الوسائل التربوية الهامة لتعليم الأطفال وذلك عن طريق اللعب والنشاط الذاتي.
6- اقتصرت ماريا في تربية و تعليم الأطفال المعوقين، تربية و تعليما بما يؤهلهم للتكيف و الاندماج ضمن النشاط الاجتماعي عن طريق التعلم الاجتماعي.
7- تتابع ماريا تحت المراقبة المستمرة باعتبارها مختصة بالقطاع الصحي، برنامج تطور النمو العقلي لهؤلاء الأطفال، كما تراعي نشاطهم و حريتهم و حبهم للعمل والحركة الجسمية.
8- تأثير و انتقال التربية المنتسورية عبر العالم، باعتبار طريقتها مثالية في تربية الحواس وتطوير الملاحظة و تعويد الطفل على الانتباه الصبر، وتنمية استقلاليته خاصة في مرحلة ما قبل المدرسة.(عبد المجيد عبد الرحيم: التربية والحضارة- دار العلم للملايين بيروت-عام1962- ص173 -174). إن طريقة المربية و الطبيبة ماريا منتسوري في تربية و تعليم الطفل توجت بنتائج باهرة من حيث النمو الفكري، الجسمي ، والاجتماعي لأطفال الروضة، خاصة إذا علمنا أن أطفال مدرسة ماريا منتسوري، تعلموا القراءة و الكتابة عن طريق أشكال هندسية ملونة بألوان مختلفة، و هذه الأشكال و الألوان التي تثير اهتمام الأطفال يعتبرونها أو يشبهونها لا محالة بوسائل اللعب مثل الكرة. و هؤلاء الأطفال لمدرسة "ماريا" نجد أعمارهم ما بين خاصة الثالثة و السادسة و هم يتعلمون كما قلت سابقا القراءة و الكتابة بنظام وترتيب حسب منهجية منتسوري. إن عملية التحصيل الدراسي و النمو المعرفي و الاجتماعي بالنسبة لطريقة منتسوري تمر أساسا بثلاث مراحل: 1- في البداية نجد أن المربية تقوم بإظهار لونا ما، مثلا الأزرق،و تقول هذا لون أزرق و في الفترة الثانية تطلب المربية أن يبين لها اللون الأزرق من بين عدة ألوان أخرى. و في النهاية تقوم المربية بإظهار اللون الأزرق، و تطلب هذه المرة اسم اللون. ترى منتسوري ضرورة إقامة علاقات عاطفية بين الأطفال و الراشدين و العمل على تعزيزها، وتعتبرها الحاجة الأولى التي يجب إتباعها قبل التفكير في تعليم الأطفال.بمعنى أن منتسوري بدأت بتربية الأطفال و تنشئتهم اجتماعيا عن طريق إقامتهم بعلاقات مع الكبار، وبنفس الوقت في هذه الحالة يمكن لهؤلاء الأطفال أن ينمون فكريا،معرفيا، إبداعيا و اجتماعيا، كل ذلك حسب ماريا منتسوري من أجل الحفاظ على طبيعة نمو الطفل المبكر.