خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة
والتونة هو الاسم الذي يطلقه الصيادون على الأسماك جميعها من ذلك النوع ويميزون كل سمكة من تلك الأسماك باسمها الخاص عندما يأتون لبيعها أو مقايضتها بسمك الطعم. وقال في نفسه: «أستطيع أن أدع القارب ينساب مع التيار، ومد يده إلى الخيط، وأمسك به في رفق بين إبهام يده اليمنى وسبابتها، على بعد مائة قامة سمكة مارلين تأكل السردين الذي يغطي طرف الصنارة، الآن يمكنه أن يدعه ينفلت من بين أصابعه دون أن تشعر السمكة بأي شد. لا بد أن تكون هذه السمكة ضخمة، كلي قطع الطعم - أيتها السمكة كليها، فقد تكون السمكة قد سبحت إلى الأعلى أو إلى الأسفل، قال: «لا يمكن أن تكون قد ذهبت، فترك الخيط ينفلت إلى الأسفل، وبينما كان الخيط ينساب إلى الأسفل بخفة من بين أصابع الشيخ، فقد صار لديه خيط احتياطي لثلاث لفات طول كل واحدة منها أربعون قامة، وقال في نفسه: كليه لكي ينفذ رأس الشص إلى قلبك، ودعيني أغرز الحربة فيك - حسنا -هل أنت مستعدة؟ هل بقيت بما فيه الكفاية على مائدة الطعام؟ قال بصوت مرتفع الآن!»، كل ما هنالك أن السمكة ابتعدت ببطء، وهو مازال ممسكا به مستندا بنفسه إلى مقعد المركب ومميلا ظهره إلى الخلف المقاومة الجذب، تحركت السمكة باطراد، يجب أن أُمسك بها ما استطعت، لا يمكنها أن تفعل هذا إلى الأبد»، وزحف إلى أقصى ما يمكنه نحو مقدم المركب ومد يدا واحدة إلى قنينة الماء، وقد ترتفع السمكة قبل ذلك، وزحزحه بحذر إلى الأسفل ليكون تحت الخيط الذي صار على كتفيه الآن، لأنه إذا كان خط سير السمكة مستقيما، وقال لنفسه: تذكر مهما كانت شهيتك قليلة، اقترب اثنان من الدلافين من القارب، وقال الشيخ في نفسه: ذلك أحزن أمر وقع لي مع الأسماك، ومن خلال الخيط الذي كان يلفه على كتفيه، أما اختياري فكان أن أذهب إلى هناك لأعثر عليها، يجب أن أتذكر بكل تأكيد أن أكل التونة بعد أن يطلع النهار». والآن صارت لديه ست لفات احتياطية من الخيط كانت هناك لفتان من كل طعم قطع خيطه، إضافة إلى لفتي الطعم الذي أكلته السمكة الكبيرة، سأعود إلى الطعم الذي على عمق أربعين قامة، وذلك يمكن تعويضه ولكن من يعوض هذه السمكة إذا علق شص منى بسمكة أخرى، وقطعتها عني؟ لا أدري ما نوع السمكة التي أكلت الطعم قبل قليل، يمكن أن تكون من نوع المارلين، لديك نفسك فقط، أتمنى أن تحوّل السمكة وجهتها مع التيار، فهذا سيدل على أنها متعبة». أدرك الشيخ أن السمكة لم تكن مجهدة، فكل حذية مفاجئة توسع الجرح الذي أحدثه الشص في فم السمكة، نظر الطير إليه عندما تكلم، وسحب الخيط إلى الخلف ليرى ما إذا كان باستطاعته أن يقلب السمكة،
الفصل الرابع مرة أخرى، غاصت أسماك التونة، والتونة هو الاسم الذي يطلقه الصيادون على الأسماك جميعها من ذلك النوع ويميزون كل سمكة من تلك الأسماك باسمها الخاص عندما يأتون لبيعها أو مقايضتها بسمك الطعم. وغدت الشمس حارة الآن، وشعر الشيخ بحرارتها في قفاه، وأحس بالعرق يتصبب على ظهره وهو يحدف، وقال في نفسه: «أستطيع أن أدع القارب ينساب مع التيار، وأنام واضعا طرفا من الخيط حول إبهام قدمي ليوقظني، ولكن اليوم هو اليوم الخامس والثمانون وينبغي أن أمارس الصيد ممارسة جيدة هذا النهار». في تلك اللحظة بالذات، لاحظ - وهو يراقب خيوطه - أن إحدى العصي الخضراء الناتئة تغطس بحدة. قال: نعم نعم». ورفع محداقيه دون أن يرتطما بالقارب، ومد يده إلى الخيط، وأمسك به في رفق بين إبهام يده اليمنى وسبابتها، لم يحس بتوتر ولا يثقل فظل ممسكا بالخيط بخفة، ثم جاءتمرة أخرى، وهذه المرة كانت جذبة مترددة، ليست شديدة ولا ثقيلة، وأدرك ما كانت تعني بالضبط، هناك في العمق؛ على بعد مائة قامة سمكة مارلين تأكل السردين الذي يغطي طرف الصنارة، وساقها حيث يبرز الشص من رأس سمكة التونة الصغيرة. أمسك الشيخ الخيط بلطف، وحله من العصا بيده اليسرى بلطف، الآن يمكنه أن يدعه ينفلت من بين أصابعه دون أن تشعر السمكة بأي شد. وفكر: «في هذا الشهر، وعلى هذا البعد، لا بد أن تكون هذه السمكة ضخمة، كلي قطع الطعم - أيتها السمكة كليها، أرجوك أن تأكليها، ما أطيبها، وأنت هناك على عمق ستمائة قدم في الماء البارد وفي العتمة، دوري دورة أخرى في الظلام، وعودي لتأكلي الطعم. وشعر بالجذب الرقيق الخفيف، ثم بجذبة أشد عندما صعب خلع رأس السردينة من الشص - كما يبدو - ثم لا شيء. قال الشيخ بصوت مرتفع: هيا، قومي باستدارة ثانية، فقط شميها، أليست شهية؟كليها جيدا الآن، ثم هناك سمكة التونة، إنها صلبة وباردة ولذيذة، لا تخجلي - أيتها السمكة - كليها». انتظر والخيط بين إبهامه وسبابته وهو يراقبه، ويُراقب الخيوط الأخرى في الوقت نفسه، فقد تكون السمكة قد سبحت إلى الأعلى أو إلى الأسفل، ثم جاءت الجذبة الرقيقة ذاتها مرة أخرى. قال الشيخ بصوت عال: «ستبتلعه، ساعدها يا إلهي كي تلتهمه». ومع ذلك فإن السمكة لم تبتلع الشص، فقد انصرفت، ولم يحش الشيخ بشيء. قال: «لا يمكن أن تكون قد ذهبت، الله يعلم أنها لا يمكنها الانصراف، إنها تقوم بدورة، لعلها علقت بشص من قبل، وتتذكر شيئًا من ذلك». ثم أحس باللمسة اللطيفة على الخيط، وشعر بالسعادة، وقال: لقد قامت بدورتها فقط، وستأكله».كان سعيدا عندما أحس بالجذب اللطيف، ثم شعر بشيء شديد وثقيل بصورة لا تصدق؛ إنه ثقل السمكة، فترك الخيط ينفلت إلى الأسفل، وإلى الأسفل، وإلى الأسفل، فاتحا بذلك أول اللغتين الاحتياطيين، وبينما كان الخيط ينساب إلى الأسفل بخفة من بين أصابع الشيخ، كان لا يزال بإمكانه أن يحس بالثقل العظيم، فقد كان ضغط إبهامه وسبابته عديم الأثر تقريبا. قال الشيخ: يا لها من سمكة! لقد أخذت الآن الشص في فمها بالعرض، وابتعدت به». وفكر: «إن السمكة ستدور ثم تبتلعه»، لم يقل ذلك؛ لأنه كان يعلم أنك إذا نطقت بشيء حسن، فإنه قد لا يحصل، لقد أدرك مدى ضخامة تلك السمكة، وتخيلها وقد ابتعدت في الظلام، والشص المغطى بسمكة التونة عالقا بالعرض في فمها، في تلك اللحظة، أحس بالسمكة قد توقفت، ولكن الثقل مازال موجودًا، ثم ازداد النقل، فأرخى مزيدا من الخيط شدد من ضغط إبهامه وسبابته لحظة، فازداد النقل، واتحه عموديا إلى الأسفل.قال: «لقد ابتلعته، والآن سأدعها تأكله جيدا». وترك الخيط ينساب من بين أصابعه، فيما مد يده اليسرى ليربط نهاية اللفتين الاحتياطيتين إلى طرف خيط آخر في اللفتين الأخريين، وهكذا غدا الآن مستعدا، فقد صار لديه خيط احتياطي لثلاث لفات طول كل واحدة منها أربعون قامة، بالإضافة إلى اللغة التي كان يستعملها. قال: كلى أكثر قليلا، كليه جيدا». وقال في نفسه: كليه لكي ينفذ رأس الشص إلى قلبك، ويقتلك، اصعدي بسهولة، ودعيني أغرز الحربة فيك - حسنا -هل أنت مستعدة؟ هل بقيت بما فيه الكفاية على مائدة الطعام؟ قال بصوت مرتفع الآن!»، وجذب بشدة بكلتا يديه، فسحب ياردة من الخيط، ثم جذب الخيط مرة ثانية، وثالثة بكلتا ذراعيه بالتناوب، وبكل قوة ذراعيه وهو يدور بثقل جسده. لم يحدث شيء، كل ما هنالك أن السمكة ابتعدت ببطء،ولم يستطع الشيخ أن يرفعها بوصة واحدة، كان خيطه متينا ومصنوعا للسمك الثقيل؛ وقد شدّه إلى ظهره حتى صار متوترا، بحيث راحت حبيبات الماء تتقافز منه، ثم راح الخيط يُحدث هسيسًا بطيئا في الماء، وهو مازال ممسكا به مستندا بنفسه إلى مقعد المركب ومميلا ظهره إلى الخلف المقاومة الجذب، وأخذ القارب في التحرك ببطء مبتعدا في اتجاه الشمال الشرقي. تحركت السمكة باطراد، فأبحروا على مهل فوق سطحالماء الهادئ، وكان الطعمان الآخران مازالا في الماء، ولكن ليس ثمة ما يمكن فعله. قال الشيخ بصوت مرتفع: - أتمنى لو كان الصبي معي، فالسمكة تجرني، وأنا الوتد، كان بإمكاني أن أشد الخيط أكثر، ولكن السمكة قد تقطعه، يجب أن أُمسك بها ما استطعت، وأعطيها من الخيط عندما تحتاج إليه، أحمد الله على أنها تسافر قدما، ولا تغوص إلى الأسفل». ما الذي سأفعله لو أنها قررت أن تغوص إلى الأسفل؟ لا أعرف، وماذا سأفعل إذا أطلقت صوتا، وماتت؟ لا أدري ولكنني سأفعل شيئًا ما، ثمة كثير من الأشياء التي أستطيع فعلها. شد الخيط إلى ظهره، وراقب ميلانه في الماء، وراحالمركب يتحرك بثبات إلى جهة الشمال الشرقي. فكر الشيخ: هذا سيقتلها، لا يمكنها أن تفعل هذا إلى الأبد»، ولكن بعد أربع ساعات، كانت السمكة مازالت تواصل سباحتها في اطراد نحو عرض البحر، وهي تقطر المركب، والشيخ ما يزال يشد الخيط حول ظهره بقوة. قال: كان الوقت ظهرا عندما علقتها، ولم أرها إلى الآن». كان قد دفع بقبعته المصنوعة من الخوص بشدة في رأسه قبل أن تعلق تلك السمكة، والآن أخذت قبعته تحز جبهته، كان ظمآن كذلك، فركع على ركبتيه بحذر لئلا يضغط على الخيط، وزحف إلى أقصى ما يمكنه نحو مقدم المركب ومد يدا واحدة إلى قنينة الماء، وفتحها، وشرب قليلا، ثم استند إلى مقدم المركب، واستراح بالجلوس على السارية غير المرفوعة والشراع، وحاول ألا يفكر، بل يحتمل فقط. ثم نظر خلفه، فوجد أن البر لم يعد على مدى البصر، وفكر: «لا أهمية لذلك، أستطيع دائما العودة مسترشدا بوهج الأضواء من (هافانا)، بقيت ساعتان الغروب الشمس، وقد ترتفع السمكة قبل ذلك، وإذا لم تفعل فقد تظهر عند بزوغ القمر، وإذا لم تفعل ذلك فقد تطلع عند شروق الشمس ليست عندي أية تشنجات، وأشعر بالقوة، إنها هي التي عندها الشص في فمها. ولكن، يا لها من سمكة، بحيث تستطيع أن تواصل الحر بهذا الشكل، لا بد أن فمها مطبق بإحكام على السلك، كم أتمنى أن أراها، أتمنى لو أستطيع أن أراها مرة واحدة فقط؛ لأعرف أي غريم يجابهني»؟ لم تغير الشمكة خط سيرها، ولا اتجاهها أبدًا طوال تلك الليلة، حسب ما يستطيع الشيخ أن يحكم به من ملاحظة النجوم، أمسى الطقس باردا بعد أن غابت الشمس، وجف عرق الشيخ باردًا على ظهره وذراعيه وساقيه الهرمتين، وكان خلال النهار - قد أخذ الكيس الذي يغطي صندوق الطعم، ونشره في الشمس لينشف وبعد أن غربت الشمس، أخذ ذلك الكيس، وربطه حول عنقه بحيث يتدلى على ظهره، وزحزحه بحذر إلى الأسفل ليكون تحت الخيط الذي صار على كتفيه الآن، حتى أصبح الكيس وسادة للخيط، ووجد الشيخ طريقة للاتكاء على مقدم المركب، بحيث صار في وضع مريح تقريبا، كان وضعه في حقيقة الأمر - مجرد وضع يقل نوعا ما عن الوضع الذي لا يُحتمل، ولكنه اعتبره بمثابة وضع مريح تقريبا. وفكر الشيخ: «لا أستطيع أن أفعل شيئًا لهذه السمكة، ولا هي تستطيع أن تفعل شيئًا لي ما دامت تواصل مسلكها ذاك». وذات مرة، نهض، ومن فوق جانب المركب تطلع إلى النجوم، ودقق في خط السير، وبدا له الخيط مثل شريط فوسفوري يمتد من كتفيه إلى الماء، أخذوا يتحركون تحركا أبطأ الآن، وصار وهج أضواء (هافانا) أقل لمعانا، بحيث أدرك أنه لا بد أن التيار يحملهم نحو الشرق، وفكر: «إنني أفقد لمعان (هافانا)، ولا بد أننا نتجه أكثر نحو الشرق؛ لأنه إذا كان خط سير السمكة مستقيما، فهذا يعني أنني أتمكن من رؤية لمعان (هافانا) عدة ساعات. وتساءل في نفسه: يا تری، كيف كانت نتيجة مباراة (البيسبول) في نهائي البطولة اليوم؟ لو كنت أفعل هذا وأنا أتابع المباريات بالمذياع، لكان ذلك شيئًا رائعا. ثم ذكر نفسه قائلا: فكر في عملك دائما، فكر بما تفعل دائما، يجب ألا تقترف فعلا شالنا. ثم قال بصوت مسموع - - أتمنى لو كان الصبي معي، ليساعدني وليشاهد هذا بعينه. وفكر: «لا أحد ينبغي أن يكون بمفرده في شيخوخته، ولكن لا بد مما ليس منه بد، يحب أن أتذكر أن علي أن أكل التونة قبل أن تفسد؛ لأبقى قويا. وقال لنفسه: تذكر مهما كانت شهيتك قليلة، فإنه يجب أن تأكل التونة في الصباحتذكر. و خلال الليل، اقترب اثنان من الدلافين من القارب، وكان بوسعه أن يسمعهما وهما يتقلبان وينفخان، وكان بمقدوره أن يميز بين صوت الذكر وصوت الأنثى. وقال: «إنهما لطيفان؛ فهما يلعبان، ويمرحان، إنهما إخوة لنا، مثل الأسماك الطائرة». ثم أخذ يشعر بالشفقة على الشمكة العظيمة التي جعلها تعلق بصارته، وقال في نفسه: إنها سمكة عجيبة غربة، ومن يدري ما عمرها؟ لم يحدث أبدا أنني اصطدت سمكة بهذه القوة، ولا سمكة تصرفت بهذه الطريقة الغربية، ولعلها أعقل من أن تقفز، إنها تستطيع تدميري بالقفز أو الاندفاع الأهوج ولكن، لعلها قد علقت بالشص عدة مرات من قبل، وهي تعرف كيف ينبغي لها أن تخوض معركتها، ليس بمقدورها أن تعرف أنها تحابه رجلا واحدا فقط، وأنه رجل طاعن في السن، ولكن ما أعظمها من سمكة، وماذا ستدر علي في السوق إذا كان لحمها جيدًا، إنها تناولت الطعم مثل ذكر شجاع ذكي، وهي تحره مثل ذكر، وليس من ذعر في معركتها، أتساءل ما إذا كانت لهذه السمكة خطة تتبعها أم أنها مجرد يائسة مثلي؟ وتذكر تلك المرة التي أصاب بصارته سمكة من زوج من أسماك المرلين، وكان الذكر يدع الأنثى تأكل أولا دائما. وخاضت السمكة الأنثى التي علقت بالصنارة، معركة يائسة مذعورة عنيفة، سرعان ما أنهكتها، وطوال الوقت بقى الذكر إلى جانبها، يعبر الخيط، ويدور معها عند سطحالماء، بقي قريبا لدرجة أن الشيخ خشي أنه سيقطع الخيط بذيله الذي كان حادًا مثل منحل تقريبا من حيث الشكل والحجم. وعندما طعنها الشيخ بالخطاف، وضربها بالهراوة، وهو ممسك بأنفها السيف ذي الحافة الحادة كورق الزجاج، وراح يضربها بالهراوة على قمة رأسها حتى استحال لونها إلى لون يشبه ظهر المرايا تقريبا، ثم - وبمساعدة الصبي - رفعها إلى القارب، ظل الذكر بجانب القارب، وبعد ذلك، وفيما كان الشيخ يجمع الخيوط، ويجهز الحربة، قفز الذكر عاليا في الهواء بجانب القارب ليرى أين صارت السمكة الأنثى ثم غاص عميقا في الماء، وكان جناحاه الأرجوانيان أي زعنفتاه الصدريتان منبسطين باتساع، بحيث بانت خطوطه الأرجوانية العريضة، وتذكر الشيخ أنه كان جميلا، وبقي في الماء. وقال الشيخ في نفسه: ذلك أحزن أمر وقع لي مع الأسماك، وكان الصبي حزينًا كذلك، والتمسنا من السمكة الأنثى أن تعفو عنا، وجزرناها في الحال. - «أتمنى لو كان الصبي هنا». قال ذلك بصوت عال، واستقر على الألواح الخشبية المستديرة في مقدم القارب، ومن خلال الخيط الذي كان يلفه على كتفيه، أحس بقوة السمكة العظيمة وهي تتحرك بثبات في الاتجاه الذي اختارته. وفكر الشيخ: «كان من الضروري لها ذات مرة أن تختار في مقابل أحابيلي». كانت قد اختارت أن تبقى في المياه العميقة بعيدة عن المصايد والكمائن والأحابيل جميعها، أما اختياري فكان أن أذهب إلى هناك لأعثر عليها، بعيدًا عن الناس جميعهم في العالم، والآن نحن مرتبطان معا، ونحن على هذه الشاكلة منذ الظهر، ولا أحد يساعد أيا منا. وفكر: «ربما ما كان ينبغي أن أكون صيادا، ولكن ذلك هو الشيء الذي ولدت من أجله، يجب أن أتذكر بكل تأكيد أن أكل التونة بعد أن يطلع النهار». وقبل أن يطلع ضوء النهار بقليل، أخذ شيء ما أحد الطعمين اللذين كانا خلفه، وسمع العصا تتكثر، والخيط يأخذ في الانفلات من فوق حافة المركب، فاستل سكينه من عمدها في الظلام، وحول الثقل الذي تسببه السمكة إلى كتفه اليسرى، ومال إلى الخلف، وقطع الخيط على خشب حافالمركب، ثم قطع الخيط الآخر الأقرب إليه، وفي الظلام، ربط نهايتي اللفتين الاحتياطيتين. لقد عمل بمهارة بيد واحدة واضعا قدمه على اللفتين ليثبتهما، بينما كان يعقد الخيطين بإحكام، والآن صارت لديه ست لفات احتياطية من الخيط كانت هناك لفتان من كل طعم قطع خيطه، إضافة إلى لفتي الطعم الذي أكلته السمكة الكبيرة، وخيوط كل هذه اللفات متصلة.
وفكر: «بعد أن يعم ضوء النهار، سأعود إلى الطعم الذي على عمق أربعين قامة، وأقطع خيطه كذلك، وأربطه باللفات الاحتياطية، وهكذا سأكون قد فقدت مائتي قامة من الحبال الجيدة إضافة إلى الصنارات ورؤوسها، وذلك يمكن تعويضه ولكن من يعوض هذه السمكة إذا علق شص منى بسمكة أخرى، وقطعتها عني؟ لا أدري ما نوع السمكة التي أكلت الطعم قبل قليل، يمكن أن تكون من نوع المارلين، أو سمكة عريضة الأنف، أو من أسماك القرش، لم أشعر بها أبدا، وكان علي أن أتخلص منها بأسرع ما يمكن».
وقال بصوت عال:
«أتمنى لو كان لدي الصبي».وفكر: ولكنك ليس لديك الصبي، لديك نفسك فقط، ومن الأفضل الآن أن تعود إلى آخر خيط لديك، في الظلام، أو ليس في الظلام، وتقطعه، وتوصل اللفتين الاحتياطيتين».
وهكذا فعل ... وكان ذلك عملا صعبا في الظلام، وقامت السمكة مرة واحدة بحركة مفاجئة جرته إلى الأسفل، وأوقعته على وجهه، وتسببت بجرح تحت عينه، وسال الدم على خده قليلا، ولكنه تخثر، وجف قبل أن يصل إلى حنكه، واتخذ طريقه عائدا إلى مقدم القارب، واتكأ على الخشب، وعدل الكيس، وغير موضع الخيط بعناية، بحيث يمر عبر جزء جديد من كتفيه، وحينما ثبت الخيط على منكبيه، أخذ يشعر بحر السمكة، ثم تحسس بيده سرعة حركة المركب في الماء.
وفكر: «أتساءل لماذا قامت السمكة بتلك الحركة المفاجئة، لابد أن السلك قد انزلق على انحناءة ظهرها العظيمة، ومن المؤكد أن ظهرها لا يؤلمها كما يؤلمني ظهري، ولكنها لا تستطيع جرّ هذا المركب إلى الأبد، مهما كانت ضخمة. الآن تخلصت من كل شيء قد يسبب المتاعب، ولدي احتياطي كبير من الخيط، وهو كل ما يستطيع أن يتمناه المرء».
وبرقة قال بصوت عال:- أيتها السمكة، سأبقى معك حتى الموت».
وأضاف قائلا في نفسه: «وأفترض أنها ستبقى معي كذلك».
وراح ينتظر مطلع النهار، صار الجو باردا الآن قبيل ضوء النهار، فاتكأ على خشب القارب طلبا للدفء، وفكر: إنني أستطيع الاستمرار مادامت السمكة تستطيع ذلك، وعند انبلاج النور، انسحب الخيط متجها إلى الأسفل في الماء، وتحرك القارب بثبات، وعندما طلع أول حافة من قرص الشمس، كان شعاعها على كتف الشيخ اليمني.
فقال الشيخ:
«إنها نتجه شمالا».
وفكر: «إن التيار سيحرفنا بعيدا في اتجاه الشرق، أتمنى أن تحوّل السمكة وجهتها مع التيار، فهذا سيدل على أنها متعبة».
وعندما ارتفعت الشمس أكثر، أدرك الشيخ أن السمكة لم تكن مجهدة، وليس ثمة سوى علامة إيجابية واحدة: تلك هي انحراف الخيط الذي يدل على أن السمكة تسبح على عمق أقل من السابق، وهذا لا يعني بالضرورة أنها ستقفز، ولكنهاقد تفعل ذلك.
قال الشيخ:
دعها يارب تقفز، فلدي ما يكفي من الخيط
لتديرها».
وفكر: «لعلني إذا ما استطعت أن أزيد الضغط عليها قليلا فقط، فإن ذلك سيؤلمها، وستقفز، ومادام الوقت الآن نهارا، فلتقفز لكي تملأ الخياشيم على طول عمودها الفقري بالهواء وحينئذ لا تستطيع الغوص إلى الأعماق لتموت هناك».
حاول أن يزيد الضغط، ولكن الخيط كان متوترا إلى الغاية القصوى لدرجة الانقطاع منذ أن علق الشص بالسمكة وشعر الشيخ بهذه الصعوبة عندما مال بظهره إلى الخلف ليحر الخيط، فأدرك أنه لا يمكنه أن يشده أكثر من ذلك، وفكر: إنني يجب ألا أجذب الخيط بشدة أبدا، فكل حذية مفاجئة توسع الجرح الذي أحدثه الشص في فم السمكة، وحينذاك، عندما تقفز السمكة فقد ترمى الشص، وعلى أية حال، فإنني أشعر بالتحسن بعد شروق الشمس، وهذه المرة لا رغبة لدي في التحديق فيها».كانت هناك طحالب صفراء قد علقت بالخيط، ولكن الشيخ يدرك أنها فقط تزيد من الحمل الذي تحره السمكة فسر بذلك، إنها طحالب الخليج الصفراء التي أحدثت كثيرا من اللمعان الفوسفوري خلال الليل.
قال الشيخ:
تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص
يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية
يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة
نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها
احتسى الشّيخ قهوتَه على مَهل، هذا كلُّ ما سيتنا وله طَوال ذلك النَّهار، وهو يعلم أنَّ عليه أن يحتسيه...
كان كاهل الشيخ ضعيف نتيجة لدغة سمكة قارصة، حيث داس عليها بينما كان يسبح في البحر وسببت له ألم لا يطا...
المطلب الثالث: العلاقة بين التسيير التجاري وباقي وظائف المؤسسة: يعد التسيير التجاري من الوظائف الم...
: مًؼنا ٍػ تٛغزنا عإَأ : ٍٟ٠ خّ١ف خ٘ض١١ّط ٓىّ٠ ،سذ٠ذػ ) ل اخىشأ ( ًّؼٌح ٓػ ذ١غظٌح عٛٔ ٛ٘ ...
Those workers who had the improved working conditions taken away continued to show improved producti...
حركة الترجمة ودورها في نهضة أوروبا: والذي ساعد على ازدهار هذه النهضة، هو نجاح تيار حركة الترجمة — م...
لعل من أهم ما يميز عصرنا هو هذا التقدم العلمى والتكنولوجي المتسارع الذي يمتد ليستوعب كافة مناحي الحي...
תוכנית ההתערבות "مبادرة – יוזמה" פותחה כמענה לצורך שעלה ממחקר שדה איכותי-כמותי, שבחן את הקשרים בין ת...
حثَّ الإسلام على الانتفاع بما خلق الله لعباده من الطيبات بغية التعرف على نعمه وعطاياه، والتي من أظهر...
هو مجموعة تغيرات التي تحدث في النظام البئي نتيجة نشاط الانسان مما يودي الى إختلاف التوازن والتدهور ا...
ثالثًا: يتطلب الموقع الاستراتيجي المستدام تنازلات ومع ذلك، فإن اختيار موقع فريد لا يكفي لضمان ميزة ...
À l’ère des changements climatiques et de l’épuisement des ressources fossiles, les énergies renouve...