لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (38%)

ونحن راهناً بصدد موجة تعرف زخماً غير مسبوق في الدراسات والأبحاث في هذين المجالين في نوع من حمى جديدة تتجاوز ما عرفته كل من نظرية التحليل النفسي والنظرية السلوكية من حماس وانتشار. ويتفنن العلماء الباحثون والعياديون الممارسون راهناً في رد كل مظاهر الاضطراب النفسي، واعتلال الصحة إما إلى خلل في بعض المورثات أو خلل من نوع ما في كيمياء الدماغ. وبرهانهم على ذلك تلك الاكتشافات الهامة والمتسارعة التي يحققها كل من علم المورثات وعلوم الأعصاب. ويذهب العديد من الكتاب والاختصاصيين إلى حد القول بأن مستقبل الصحة النفسية والمرض النفسي، أي أن الصحة النفسية ستصبح شأناً بيولوجياً بشكل متسارع سواء على مستوى الأسباب، أم على صعيد العلاج. وعليه سنعرض بإيجاز في هذا القسم للمعطيات العامة المتداولة راهناً والتي تلقي الضوء على الرصيد البيولوجي. ومعطيات علم النفس العصبي العيادي الذي يقسم بدوره إلى كيمياء الدماغ، 1 - الصحة النفسية وعلم المورثات : يشكل علم المورثات genetics وهندستها أحد أبرز الثورات العلمية في نهاية القرن بالتوازي مع ثورة المعلوماتية والاتصال. وتتسابق مراكز البحث المتخصصة في الدول المتقدمة في إحراز فتوحات في هذا المجال نظراً لما يمكن أن توفره من تيم 89 الصحة النفسية ما بين الصحة البيولوجيا والسسيولوجيا إنجازات في الطب والغذاء ومحاربة الآفات وتخليق أنواع مطورة من النبات والحيوان وحل مشكلات مستعصية في علاج الأمراض. بل يتجاوزه إلى الانخراط في مشروعات وطنية طموحة تتمثل في رسم خريطة الرصيد الجيني للإنسان Maping the Genome التي تعني تحديد موقع كل واحد من ماية ألف المورث البشري على الصبغيات الـ 46. وحين يتم ذلك يمكن عندها التعرف على دور وتأثير كل مورث، وعلاج هذا الاختلال من خلال تصحيح تتابع هذه العصيات التي تمثل أحرف الـ DNA البشري التي تبلغ 3 مليارات أبرزها المشروع الأميركي الذي خصص له 3 مليارات دولار القراءة الخريطة الوراثية والتسلسل الوراثي والذي انطلق في العام 89، من خلال معرفة محتوى هذا الشريط المدهش الذي يطلق عليه اسم DNA ويتعدى الأمر مسألة المعرفة العلمية المحضة، فيها الذكاء، من ذلك نرى مدى الصلة الراهنة ما بين الصحة النفسية وعلم المورثات. وهذا ما حدا بأحد أساتذة علم النفس البارزين إلى القول : لقد تغير الحال كثيراً في علم النفس في أيامنا . وتحتوي كل مورثة على ما يتراوح ما بين 1000 و 2 مليون عصية أو حرف وراثي Nucleotides. وهو ما يشكل البصمة الوراثية الفريدة الخاصة بكل شخص، . ذلك أن تتابع العصيات أو الحروف في هذه المورثة هو الذي يرشدها إلى كيفية نموها إلى عضو معين . . بل هي تتكيف في نشاطها تبعاً لخصائص البيئة الخلوية . فكلما اقتربت المورثات من بعضها البعض على صبغية واحدة زاد تجمعها وتعزز تأثيرها . على العكس من بعض الخصائص البيولوجية التي قد تتحدد بمورثة واحدة. ويتوقف التأثير على نوع التتابع . ص 99). - رغم أهمية معرفة العلاقة بين المورثة والسمة التي تنتجها، وعليه فإنه من
كحول ومخدرات فيروسات، إلخ. ؛ الطفرات والأخطاء على مستوى التتابع الجيني حيث تتحرك بعض الجينات في الصبغيات، مما يؤدي إلى تغيير التركيبية الجينية القاعدية . يتضح من ذلك كله مقدار تقدم المعرفة في علم المورثات عما كان عليه الحال في الدراسات الوراثية تبعاً لقوانين مندل. كما يتضح في الآن عينه مقدار المجهول الذي لا زال يتعين جلاؤه وصولاً إلى المعرفة الموثوقة في الموضوع. وبالتالي يتضح مقدار التعقيد الذي يحيط بالعلاقة ما بين الصحة النفسية وأبحاث علم المورثات، مما يتعين التوقف عنده . 2 - الجينات والاضطرابات النفسية : هناك ورشة كبرى من الدراسات الجينية في العديد من الجامعات الأميركية وفي معهد الصحة الوطني الأميركي في محاولة لاكتشاف المورثات المسؤولة عن مرض التوحد Autism. ومنها ما وجد مورثة معينة ترتبط بالتوحد في %50% من الحالات، ومنها ما اعتقد أنه وضع اليد على مورثة معينة ولكن لا يعرف كيفية فعلها - أجريت عدة أبحاث بقيادة دافيد بول من جامعة ييل على عينة من 94 شخصاً من عائلات تعاني من صعوبات نطق. واحدة على
الصبغية 15 خاصة بالقدرة على قراءة الكلمات المفردة، Vol 28 No 5( بين تجمع من المورثات مع الموصل العصبي Gaba ذي الصلة بمشكلة الاعتماد على الكحول وتحمله. إلا أنهما أشارا أن ذلك لا يشكل سوى شطر صغير من أحجية الكحول المعقدة. لخص آزار بعض الدراسات الجينية AZARA99Vol 28 الخاصة بالتعلم الشرطي مبيناً أن هناك عدة مراحل في ترسيخه في الذاكرة طويلة المدى في كل مرحلة منها تتدخل بعض المورثات بشكل متتابع في عملية كلية. بما فيها الشخصية الذكاء ، وبدون احتمال تلاقيها مطلقاً، WESTEN, 1999, إلا أن هناك من جادل بأن الأمر يتوقف على مدى وحدة خصائص البيئة في العينة المدروسة. فإذا أخذنا عينة ذات خصائص بيئية متقاربة برزت آثار الوراثة في التباين بين الأفراد. بينما إذا أخذنا عينة متباينة ومتنوعة بيئياً بما يكفي برز وزن البيئة بوضوح . خلاصة القول إنه بعد الحماس المفرط للدراسات الجينية، مما تتدخل فيه الجينات بالضرورة وبحكم التكوين الحيوي) أصبح علماء النفس أقل اهتماماً بتجزئة Parceling الدور النسبي لكل من الوراثة والبيئة، ويقول هذا العالم إن فهم الإنسان يتطلب الاهتمام بتكوينه البيولوجي وخبراته النفسية وإطاره الثقافي.


النص الأصلي

فهم الاضطراب والصحة، وكان أبرزها الطريقة العقلانية - الانفعالية والطريقة المعرفية التي أخذت تحتل صدارة المسرح العلاجي لاضطرابات النفس . أدت هذه الطرائق والممارسات إلى إزاحة المنظورات البيولوجية العصبية - العقلية عن موقع الصدارة . إلا أن أبحاث علوم المورثات والعلوم العصبية أعادت إلى هذه المنظورات العضوية مجدها. ونحن راهناً بصدد موجة تعرف زخماً غير مسبوق في الدراسات والأبحاث في هذين المجالين في نوع من حمى جديدة تتجاوز ما عرفته كل من نظرية التحليل النفسي والنظرية السلوكية من حماس وانتشار. ويتفنن العلماء الباحثون والعياديون الممارسون راهناً في رد كل مظاهر الاضطراب النفسي، واعتلال الصحة إما إلى خلل في بعض المورثات أو خلل من نوع ما في كيمياء الدماغ. وبرهانهم على ذلك تلك الاكتشافات الهامة والمتسارعة التي يحققها كل من علم المورثات وعلوم الأعصاب. وتعود هذه الاكتشافات بالطبع إلى انتشار مراكز البحث العلمي التي تتوفر لها ميزانيات ضخمة سواء في الجامعات والمعاهد أو في مراكز الأبحاث التابعة للقطاع البيولوجي التجاري. ويذهب العديد من الكتاب والاختصاصيين إلى حد القول بأن مستقبل الصحة النفسية والمرض النفسي، كما هو حال الصحة الجسدية وعللها، يكمن تحديداً في مستقبل الاكتشافات في هذين المجالين. أي أن الصحة النفسية ستصبح شأناً بيولوجياً بشكل متسارع سواء على مستوى الأسباب، أم على صعيد العلاج. والواقع أن الاكتشافات في هذا المجال تحقق إنجازات رائعة. إلا أن الحماس المفرط الذي يقع في أحادية النظرة وجزئيتها يحتاج إلى ضوابط جادة . وعليه سنعرض بإيجاز في هذا القسم للمعطيات العامة المتداولة راهناً والتي تلقي الضوء على الرصيد البيولوجي. ويمكن بحث هذه المعطيات في عنوانين أساسيين هما معطيات علم المورثات، ومعطيات علم النفس العصبي العيادي الذي يقسم بدوره إلى كيمياء الدماغ، والإصابات الدماغية


1 - الصحة النفسية وعلم المورثات : يشكل علم المورثات genetics وهندستها أحد أبرز الثورات العلمية في نهاية القرن بالتوازي مع ثورة المعلوماتية والاتصال. وتتسابق مراكز البحث المتخصصة في الدول المتقدمة في إحراز فتوحات في هذا المجال نظراً لما يمكن أن توفره من تيم 89 الصحة النفسية ما بين الصحة البيولوجيا والسسيولوجيا إنجازات في الطب والغذاء ومحاربة الآفات وتخليق أنواع مطورة من النبات والحيوان وحل مشكلات مستعصية في علاج الأمراض. ولا يقتصر الأمر على تحقيق اكتشافات جزئية في هذا المضمار لعلاج هذا أو ذاك من الأمراض، أو تحقيق إنجازات جزئية، بل يتجاوزه إلى الانخراط في مشروعات وطنية طموحة تتمثل في رسم خريطة الرصيد الجيني للإنسان Maping the Genome التي تعني تحديد موقع كل واحد من ماية ألف المورث البشري على الصبغيات الـ 46. وحين يتم ذلك يمكن عندها التعرف على دور وتأثير كل مورث، وتحديد المورثات المتضررة (التالفة) التي تسبب الآلاف من الأمراض الموروثة. كذلك تنخرط البلاد الرائدة وعددها 18 بلداً) في رسم تسلسل الرصيد الوراثي Sequencing the Genome الذي يعني معرفة تسلسل العصيات Nucleotides في كل مورث مما يساعد على تحديد كيفية اختلاله، وعلاج هذا الاختلال من خلال تصحيح تتابع هذه العصيات التي تمثل أحرف الـ DNA البشري التي تبلغ 3 مليارات أبرزها المشروع الأميركي الذي خصص له 3 مليارات دولار القراءة الخريطة الوراثية والتسلسل الوراثي والذي انطلق في العام 89، وأمكن مسح حوالي مليون حرف حتى عام 93. ويؤمل الانتهاء من رسم هذه الخرائط البشرية بحدود عام 2002 - 2003 بفضل صناعة آلات متقدمة تستطيع مسح وقراءة ما بين 100 ألف ومليون حرف في اليوم. وعندما يستكمل وضع هذه الخريطة يتوقع العلماء معرفة كامل الحكاية الحيوية : التطور الطفرات الاختلالات الأمراض، من خلال معرفة محتوى هذا الشريط المدهش الذي يطلق عليه اسم DNA ويتعدى الأمر مسألة المعرفة العلمية المحضة، وصولاً إلى السيطرة على تكنولوجيا قادرة على التحكم بأشكال الحياة، وتمثل مشاريع تكنولوجية تجارية هائلة .


فيها الذكاء، حتى أن هناك من وجد تأثيراً جينياً على المعتقدات والقيم والاتجاهات الدينية . من ذلك نرى مدى الصلة الراهنة ما بين الصحة النفسية وعلم المورثات. وهذا ما حدا بأحد أساتذة علم النفس البارزين إلى القول : لقد تغير الحال كثيراً في علم النفس في أيامنا . فمن النادر أن يبقى مجال من مجالات البحث في علم النفس بمعزل عن تأثير انفجار المعلومات الجديدة حول الدماغ والبيولوجيا وعلم المورثات (وستن، 1999 ، ص 125) . ولقد نشأ من جراء ذلك فرع جديد من فروع المعرفة يطلق عليه اسم علم المورثات السلوكي Behavioral Genetics يهتم أساساً بدراسة العلاقات والتفاعلات ما بين المورثات والبيئة في تشكيل العمليات العقلية والسلوك . وقبل استعراض بعض هذه الدراسات والتعليق عليها، نأتي بتوضيح موجز عن تكوين وخصائص الرصيد الوراثي البشري، مما ييسر أمر المناقشة النقدية لهذه الدراسات . يتكون الرصيد الوراثي من 23 زوجاً من الصبغيات Chromsomes، تحتوي في مجموعها على 100 ألف مورثة Genes . وتحتوي كل مورثة على ما يتراوح ما بين 1000 و 2 مليون عصية أو حرف وراثي Nucleotides. وتتكون الحروف الوراثية من 4 أزواج فقط هي AT أو GC تشكل الأبجدية الوراثية. ويبلغ عدد العصيات في الخلية البشرية 3 مليارات تشكل في مجموعها شريط الـ DNA الذي تتضمنه كل خلية. ويختلف ترتيب هذه الحروف من حيث تسلسل أبجديتها من شخص إلى آخر . وهو ما يشكل البصمة الوراثية الفريدة الخاصة بكل شخص، حيث إن أحرف الأبجدية الأربعة تتتابع بشكل ثابت في الجينات وعلى شريط الـ DNA، وأي اختلال في تتابع عصية أو أكثر يؤدي إلى اضطراب أو مرض وراثي خطير من مثل مرض تكسر الكريات الحمراء (السيكلر). مثلاً يحكم بنية مورثة الكرية الحمراء تتابع 450 عصية، وإذا اختل واحد منها أدى إلى المرض المعروف . وتعتبر المورثة هي أصغر وحدة وراثية من 100 ألف وحدة تتكون منها الصبغيات الـ 46. وهي تشكل شطراً من شريط الـ DNA ويشكل عدد وتتابع العصيات في كل مورثة ما بين 1000 و 2 مليون نوعيتها ووظيفتها الحيوية المتخصصة كريات حمراء أو بيضاء، لون الشعر إلخ ... . ذلك أن تتابع العصيات أو الحروف في هذه المورثة هو الذي يرشدها إلى كيفية نموها إلى عضو معين .


وهناك نوعان من المورثات بنائية Structurals، وضابطة أو منظمة Regulators . أما البنائية فهي التي تنتج البروتينات التي تحدد نوع الخلية الحيوية (شعر) ،عضل عظم عصب ....) . وأما الضابطة أو الموجهة فهي تنظم نشاط البنائية. وبالتالي فهي تحدد نوع المادة البروتي المستخدمة في بناء كل عضو التي تنتجها البنائية، وتمنع إنتاج غيرها. كما أن الضابطة أو المنظمة تعطي أوامر النشاط الانقسام والتكاثر) للمورثات البنائية، أو أوامر التوقف عن النشاط ON/OFF ، وذلك تبعاً للبيئة الخلوية المحيطة بها . ومع أن عملية الضبط هذه وكيفية فعلها والقوى المؤثرة فيها غير معروفة بما يكفي راهناً، إلا أن المورثات الضابطة حساسة في فعلها للبيئة الخلوية المحيطة، كما أنها حساسة للمؤثرات على هذه البيئة الخلوية. ومن ذلك تتضح مسألة هامة وهي أن المورثة لا تنشط بشكل ميكانيكي مغلق، بل هي تتكيف في نشاطها تبعاً لخصائص البيئة الخلوية . وهو ما يفتح ملف النشاط الوراثي على التفاعل مع البيئة مما يتخصص فيه علم المورثات السلوكي الذي يؤكد على أن النشاط الوراثي يتصف بالعديد من الديناميات من أبرزها ما يلي : تتقارب المورثات المتقاربة مكانياً في تأثيرها الوراثي. فكلما اقتربت المورثات من بعضها البعض على صبغية واحدة زاد تجمعها وتعزز تأثيرها . - بعض السمات تنتقل مستقلة عن الأخرى بينما بعضها الآخر يتجمع معاً في تكتلات. ويرجع ذلك إلى أن السمات المعقدة يتدخل فيها أكثر من مورثة واحدة، على العكس من بعض الخصائص البيولوجية التي قد تتحدد بمورثة واحدة. - يتفاوت تأثير الجينات في قوته؛ فبعضها أقوى تأثيراً من سواها. ويتوقف التأثير على نوع التتابع . - يمكن أن تلعب البيئة دوراً حاسماً في تجليات بعض المورثات من مثل تغير لون فرو الذئب القطبي من الأبيض خلال موسم الثلوج إلى الأسمر بعد ذوبانها في الصيف. ويصدق الأمر عينه على عمل المورثات البنائية والضابطة في النباتات العشبية تبعاً لتغير الطقس ومقدار المياه والحرارة والجفاف. إلا أنه من غير المعروف إذا كان ذلك ينطبق على الإنسان فيستا) وآخرون، 1995، ص 99). - رغم أهمية معرفة العلاقة بين المورثة والسمة التي تنتجها، إلا أن الكيان الإنساني يتشكل من آلاف من السمات التي تتفاعل غالباً فيما بينها. وعليه فإنه من


الأكثر واقعية بحث السمات في تشكيلات أو أنماط Patterns وليس فردياً . تنشأ الاختلالات الوراثية من عدة مصادر: الانتقال من الوالدين أو أحدهما على مستوى الصبغيات الاختلال أثناء انقسام شريط الـ DNA على مستوى المورثات؛ إمحاء، أو نقص جزء من شريط الـ DNA في إحدى الصبغيات؛ الاختلالات الناتجة عن بعض المؤثرات في البيئة الرحمية مواد كيميائية، إشعاعات، كحول ومخدرات فيروسات، إلخ...)؛ الطفرات والأخطاء على مستوى التتابع الجيني حيث تتحرك بعض الجينات في الصبغيات، مما يؤدي إلى تغيير التركيبية الجينية القاعدية . وهكذا يكون لدينا احتمالات كثيرة تحدد عمل المورثات : انتقال عادي مستقل؛ تفاعل التجاوز الجيني على الصبغيات؛ تفاعل السمات عند الإنسان؛ آثار الاختلالات على أنواعها. يتضح من ذلك كله مقدار تقدم المعرفة في علم المورثات عما كان عليه الحال في الدراسات الوراثية تبعاً لقوانين مندل. كما يتضح في الآن عينه مقدار المجهول الذي لا زال يتعين جلاؤه وصولاً إلى المعرفة الموثوقة في الموضوع. وبالتالي يتضح مقدار التعقيد الذي يحيط بالعلاقة ما بين الصحة النفسية وأبحاث علم المورثات، مما يتعين التوقف عنده . هناك فورة في الأبحاث الجينية وعلاقتها بمختلف الوظائف والاضطرابات النفسية نشر إلى بعضها . 2 - الجينات والاضطرابات النفسية : هناك ورشة كبرى من الدراسات الجينية في العديد من الجامعات الأميركية وفي معهد الصحة الوطني الأميركي في محاولة لاكتشاف المورثات المسؤولة عن مرض التوحد Autism. وفي حصيلة دراسة 1000 أسرة لديها أطفال متوحدون أظهرت الدراسات بعض النتائج الهامة إنما غير القاطعة. منها ما أظهر أن هناك جينات فاعلة في هذا المرض في كل من الصبغيات 15 ، 13 ، 7 ، حسب اختلاف الدراسات. ومنها ما وجد مورثة معينة ترتبط بالتوحد في %50% من الحالات، ولكنها لا ترتبط بالمرض في 50% الأخرى. ومنها ما اعتقد أنه وضع اليد على مورثة معينة ولكن لا يعرف كيفية فعلها - أجريت عدة أبحاث بقيادة دافيد بول من جامعة ييل على عينة من 94 شخصاً من عائلات تعاني من صعوبات نطق. ولقد وجد الباحثون أن هناك مورثتين، واحدة على


الصبغية 15 خاصة بالقدرة على قراءة الكلمات المفردة، والأخرى على الصبغية 6 الخاصة بالوعي الصوتي. ويستنتج الدكتور بول بأن هناك وجهين مختلفين من الاضطراب يرتبطان بمنطقتين صبغيتين مستقلتين عن بعضهما AZAR In APA) 1997 كذلك وجد الباحثان بوك وجرابل من جامعة أوريغون علاقة, Vol 28 No 5( بين تجمع من المورثات مع الموصل العصبي Gaba ذي الصلة بمشكلة الاعتماد على الكحول وتحمله. إلا أنهما أشارا أن ذلك لا يشكل سوى شطر صغير من أحجية الكحول المعقدة. حيث إن الإدمان الكحولي كسواه من الاضطرابات يبقى مفتوحاً في بعض جوانبه مما يؤدي إلى تعقيدات كثيرة نابعة من تدخلات لعوامل متعددة؛ في حين أن التحديد الجيني يرتبط بدرجة عزل الاضطراب ومكوناته بدقة. ينطبق هذا الأمر على ما ذهب إليه البعض من العثور على مورثات خاصة بمرض الفصام. إلا أن المسألة تتعقد لأن هذا المرض ليس وحدة واحدة معزولة، بل هناك العديد من فئات الفصام ودرجاته، مما لا يمكن لمورثة واحدة محددة أو أكثر أن تكون مسببة حصرية له . لخص آزار بعض الدراسات الجينية AZARA99Vol 28 الخاصة بالتعلم الشرطي مبيناً أن هناك عدة مراحل في ترسيخه في الذاكرة طويلة المدى في كل مرحلة منها تتدخل بعض المورثات بشكل متتابع في عملية كلية. وإذا اختلت إحدى هذه المورثات تنهار عملية التعلم ويحدث هذا التدخل الجيني من خلال تفعيل البروتينات ونشاطها . يقول الدكتور روبرت بلومن R. Plomin وهو من كبار العلماء المرجعيين في موضوع الأبحاث الجينية بعد استعراض دراسات استمرت نحو 20 عاماً على التوائم والأطفال المتبنين بأن هناك مورثة لكل سمة إنسانية أو سلوك تقريباً، بما فيها الشخصية الذكاء ، الفصام العظمة، واضطرابات السلوك. إلا أن التأثير الجيني على هذه السمات يظل جزئياً، حيث يكون مسؤولاً عن نصف متغيرات السمة، مما يعني أن المحيط مسؤول عن النصف الباقي، كما ظهر في بعض الدراسات حول كل من الذكاء والعظمة. ويقرر هذا العالم بأن دراسات علم الجينات السلوكي المعاصرة تخرج بصورة أكثر تعقيداً بكثير عن النمو والصحة والمرض مما اعتقده علماء النفس فالمورثات لا تؤثر على السلوك BAZAR, APA, 1997, Vol 25 سابقاً مباشرة بل هي تؤثر متفاعلة مع البيئة : فالناس قد تتأثر لميولنا الجينية وتستجيب لها؛ كما أننا في المقابل قد نختار أوساطاً بيئية معينة تتمشى مع ميولنا الجينية كي نعيش فيها .


ولقد ذهب البعض من أمثال جون دفراي، وهو من الباحثين الأساسيين في مشروع أطفال التبني والتوائم إلى أن بيئة التنشئة ليس لها سوى أثر ضئيل على السلوك. حيث وجد أن التوائم المتطابقة التي نشأت في بيئات منفصلة كلياً عن بعضها، وبدون احتمال تلاقيها مطلقاً، تميل إلى امتلاك اهتمامات مهنية، ومستوى رضى وظيفي متشابه، كما وجد العلماء تأثيراً جينياً على اتجاهاتها الدينية وقيمها ومعتقداتها (123 .WESTEN, 1999, P) . إلا أن هناك من جادل بأن الأمر يتوقف على مدى وحدة خصائص البيئة في العينة المدروسة. فإذا أخذنا عينة ذات خصائص بيئية متقاربة برزت آثار الوراثة في التباين بين الأفراد. بينما إذا أخذنا عينة متباينة ومتنوعة بيئياً بما يكفي برز وزن البيئة بوضوح . خلاصة القول إنه بعد الحماس المفرط للدراسات الجينية، ومحاولة العثور على مورث لكل صفة أو خاصية أو سلوك أو اضطراب، مما تتدخل فيه الجينات بالضرورة وبحكم التكوين الحيوي) أصبح علماء النفس أقل اهتماماً بتجزئة Parceling الدور النسبي لكل من الوراثة والبيئة، وتوجه اهتمامهم إلى فهم طرق تفاعل هذه المتغيرات في الصحة والمرض (1999) WESTEN). ويقول هذا العالم إن فهم الإنسان يتطلب الاهتمام بتكوينه البيولوجي وخبراته النفسية وإطاره الثقافي. أي أنه لا بد من توسل مقاربات شمولية وعلى درجة من التعقيد في دراسة هذا الكائن الذي يفلت من كل محاولات الاختزال والتبسيط التي تحاول الدراسات المختبرية (ومنها الأبحاث الجينية) حشره فيها. فلقد بينت مختلف المحاولات أنه لا يمكن رد الكل إلى أحد أجزائه . فالطبيعة والتنشئة لا تتنافيان بل هما تتكاملان. ومن المفضل التمسك بهذا المنظور والعمل بهديه لحين الانتهاء من رسم خريطة الرصيد الجيني البشري واستكمال عملية تتابع الـ 3 مليارات حرف المكونة لشريط DNA البشري التي يؤمل أن تسمح بكشف كامل الأسرار البنيوية والوظيفية والدينامية. وكذلك لحين التقدم في معرفة وظائف مختلف المورثات وعملها


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

فالتنويع الاقتص...

فالتنويع الاقتصادي يُعد أساسيًا لتحقيق اقتصاد مستدام، وذلك بالنظر إلى الاقتصاديات التي تعتمد تصدير س...

استخدمت هذا الع...

استخدمت هذا العنوان مرتين من قبل، وهذه المرة الثالثة، وأحد الأسباب هو التوسع في قطاع الغاز السعودي ا...

Angel Reese con...

Angel Reese continues to battle fierce criticism despite historic double-double streak.Reese has bro...

1. صف الفعالية ...

1. صف الفعالية بالتفصيل مع مراعاة وضوح الكتابة وحسن الصياغة 2. استخدم الصور كلما أمكن، لأنها تصنع ن...

مقدمة: تمثل اضط...

مقدمة: تمثل اضطرابات الأكل Eating disorders العلاقة بين الحالة النفسية للفرد وبين الرغبة الملحة لتنا...

هلا بنت مزيد بن...

هلا بنت مزيد بن محمد التويجري، (1977 -) رئيس هيئة حقوق الإنسان في السعودية منذ 22 سبتمبر 2022، وهي أ...

من هذه الخصائص ...

من هذه الخصائص ما يلي :- 1- إنها إنسانية أي خاصة بالإنسان فقط فهي من صنع الإنسان . 2- مشبعة لحاجات ...

مؤّش األداء الر...

مؤّش األداء الرئيسة أمًرا بالغ األهمّية. ففي العالم السريع التغّير خاّصًة بعد وباء يع ّد اإلطار العم...

مقدّمة: ي...

مقدّمة: يعتبر المعجم من أهم روافد اللغة والمعرفة ويمثل ذاكرة الشعوب، وقد اعتنى اللغويون العرب ...

US Army soldier...

US Army soldiers wear a uniform for everyday work. In the year 2004, the Army made some important ch...

) بدراسة هدفت إ...

) بدراسة هدفت إلى تقييم المستوى التحصـيلي لمعلمـي الأطفال ذوي الحاجات الخاصة ومدى امتلاكهم للكفايات ...

عم التعاون بين ...

عم التعاون بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لإحباط أنشطة حزب الله الإجرامية والإرهابية وتقديم ...