لخّصلي

الكف " يتصرف " قصة للكاتب الإماراتي ابراهيم مبارك من مجموعة " ضجر طائر الليل " . وحتى الحيوانات الصحراوية تعرف جيدا كيف تتكيف مع طبيعة الصحراء مسافة طويلة من ساحل البحر إلى قلب الصحراء ، زار مثل أسد عجوز وواصل سيره بهمة وعزيمة قوية قائده البدوي يعرف طرق الصحراء كما نعرف نحن أزقة المدينة وشوارعها . فقد قيمته العظيمة بوجود هذه السيارة " الجيب " التي تأتي محملة بالماء كل أربعة أيام فتروي عطش العجوز ( سلامة ) وجمالها والأغنام . هناك على مسافات ليست ببعيدة تتناتر بيوت الشعر إلى جانب الخيام لتشكل ما يسميه البدو ( قريج ) . تنام البيوت باطمئنان ولا يقطع سكينة الصحراء غير هدير بعير أو أصوات الماعز والأغنام مساء الصحراء سكون مهيب وهدوء يشبه انحباس الأنفاس ، فقط أصوات الحشرات التي ترسل صغيراً عجيباً من الأشجار الصحراوية و أصوات الكلاب قبل سنين طويلة عندما كنت صغيرا ، حيث تنظر للبحر على أنه وحش كبير يلتهم الرجال ولا يؤتمن محال على إنسان عاش عمره في الصحراء أن يتركها للريح والعواصف ، وإن تركها فمن ( الحلال ) ويعتني بالهوش والبوش إنها معادلة صعبة لأصحاب ( الحلال ) وشي ، محال ترك هذا الكنز للصحراء أو الرعاة لذلك فإن زيارة الأهل بين فترة وأخرى غنيمة عظيمة للجميع . يري بين هذه الكتبان الرملية وتلك تمتد أراض متبسطة يسميها الناس هناك ( السيح ) . حيث تتشكل تلك المنحوتات وكأنها حصان ينطلق في البيداء أو رأس إنسان يجلس فوق قمة صخرية وكأنه يحرس هذي الصحاري ، لعل أجمل تلك الأشجار وأعجبها في روعة المنظر أشجار ( الهرم ) التي تحمل ألوانا من الثمار ملونة ومتنوعة الأحجام ، وأجمل شجيرات الصحراء ( الخزامي ) و الأزهار الصحراوية الصغيرة خاصة بعد مواسم المطر الصحراء شيء عجيبه يجمع متناقضات هذي البيئة ، لكنها هائجة ومخيفة عند اشتداد العواصف التي تحمل الرمال والأتربة حتى السائر فيها لا يعرف موقع قدميه هي موطن الكرامة والعزة والشجاعة والاعتداد بالنفس . حتى ساعد قانون المدينة والتحضر على وجود قواعد وقوانين تأسست بعد أن تطورت القرية ونمت المدينة وكبرت الواحات وأصبحت مدنا خضرا ، وتفرغ الجميع بعد استقرارهم للإنتاج والعمل توقف سيارة ( الجيب ) عند حدود الكهوف الصخرية . وأشار لنا البدوي بأن تنظر إلى ذلك الواقف على ساقيه رافعا رأسه إلى أعلى يستنشق الهواء قال البدوي : إنه يشرب الهواء . ثم رفع صوت مسجل السيارة وانطلقت أغنية صحراوية وردد الجميع : أحب البر والمزيون ،

الكف " يتصرف " قصة للكاتب الإماراتي ابراهيم مبارك من مجموعة " ضجر طائر الليل " . اتحاد كتاب وأدباء الإمارات . لا أدري كيف تجاوزت سيارة الجيب الكثبان الرملية مثل جبال صغيرة ، تتدرج الرمال الذهبية مثل أمواج متلاحقة . بعضها انحدار شدید ينتهي بمساحة مستوية , تنبت فيها بعض أعشاب ( الثمام ) يقول عنها البدو ( هور ) . هناك يطيب للجمال رعي الأعشاب النضرة التي يمتلئ بها الهور . في الأجواء الصحراوية التي تهب فيها العواصف الرملية ، ينيخ البدوي جماله ، ويحتمي بالأشجار المتلاحمة ، وعلى الرغم من أن الرمل يأتي من كل الجهات ، لكنها عند البدوي ميناء صغير ، يستطيع أن يشعل ناره ليعد قهوته العربية المرة ، حتى تهدأ العواصف ليواصل الجميع المسير ، وحتى الحيوانات الصحراوية تعرف جيدا كيف تتكيف مع طبيعة الصحراء مسافة طويلة من ساحل البحر إلى قلب الصحراء ، وعندما امتطينا " الجيب " الصغير ، زار مثل أسد عجوز وواصل سيره بهمة وعزيمة قوية قائده البدوي يعرف طرق الصحراء كما نعرف نحن أزقة المدينة وشوارعها . قالوا جميعاً إن منطقة ( غفر ) وهي مكان ما في الصحراء ، لا يختلف عن سرمدية هذا المدى الرملي وجهات الرمل الأربع ، فقط كثبان رمل وبعض أشجار الغاف وبقايا بئر عتيقة ، فقد قيمته العظيمة بوجود هذه السيارة " الجيب " التي تأتي محملة بالماء كل أربعة أيام فتروي عطش العجوز ( سلامة ) وجمالها والأغنام . هناك على مسافات ليست ببعيدة تتناتر بيوت الشعر إلى جانب الخيام لتشكل ما يسميه البدو ( قريج ) . تنام البيوت باطمئنان ولا يقطع سكينة الصحراء غير هدير بعير أو أصوات الماعز والأغنام مساء الصحراء سكون مهيب وهدوء يشبه انحباس الأنفاس ، فقط أصوات الحشرات التي ترسل صغيراً عجيباً من الأشجار الصحراوية و أصوات الكلاب قبل سنين طويلة عندما كنت صغيرا ، لم تكن زيارة العجوز ( سلامة ) تعني لي شيئا . وهي التي تسكن في كبد الصحراء . في ( عفر ) ، وترفض أن تقيم على الساحل . حيث تنظر للبحر على أنه وحش كبير يلتهم الرجال ولا يؤتمن محال على إنسان عاش عمره في الصحراء أن يتركها للريح والعواصف ، وإن تركها فمن ( الحلال ) ويعتني بالهوش والبوش إنها معادلة صعبة لأصحاب ( الحلال ) وشي ، محال ترك هذا الكنز للصحراء أو الرعاة لذلك فإن زيارة الأهل بين فترة وأخرى غنيمة عظيمة للجميع . يري بين هذه الكتبان الرملية وتلك تمتد أراض متبسطة يسميها الناس هناك ( السيح ) . تختلف هذه الأرض في تدرجها بين الرمل المنبسط والأرض الصحراوية ، تبدو في بعض الأماكن وكأنها لوحات فنية صنعتها الرياح والعواصف والمطر ، فقد تمتد بعض الأشكال الصحراوية لتكون على هيئة عمل تشكيلي ، حيث تتشكل تلك المنحوتات وكأنها حصان ينطلق في البيداء أو رأس إنسان يجلس فوق قمة صخرية وكأنه يحرس هذي الصحاري ، أو شكل حبة فطر عظيمة . وفي هذا الامتداد المنبسط من أرض الصحراء ، تنبت أنواع مختلفة من الأشجار يبدو بعضها رائع المنظر وجميل الشكل ، كما أن ألوانه وأشكاله تتدرج وأنواع عجيبة . لعل أجمل تلك الأشجار وأعجبها في روعة المنظر أشجار ( الهرم ) التي تحمل ألوانا من الثمار ملونة ومتنوعة الأحجام ، بعضها يشبه حبات الكرز الصغيرة ، أو حبيبات العنب الهندي ، أو الخرز الملون ، وأجمل شجيرات الصحراء ( الخزامي ) و الأزهار الصحراوية الصغيرة خاصة بعد مواسم المطر الصحراء شيء عجيبه يجمع متناقضات هذي البيئة ، فهي رائعة وجميلة ، وبها مرابع حضر ، تعطي بعض الخيرات الشتاء ، وباردة جدا في الليل ، حارة بعد شروق الشمس الصحركء وديعة وحالمة عند السكون ، لكنها هائجة ومخيفة عند اشتداد العواصف التي تحمل الرمال والأتربة حتى السائر فيها لا يعرف موقع قدميه هي موطن الكرامة والعزة والشجاعة والاعتداد بالنفس . وهي موقع المغامرين شهدت هذه الأرض الصحراوية كل هذه المتناقضات ، حتى ساعد قانون المدينة والتحضر على وجود قواعد وقوانين تأسست بعد أن تطورت القرية ونمت المدينة وكبرت الواحات وأصبحت مدنا خضرا ، وتفرغ الجميع بعد استقرارهم للإنتاج والعمل توقف سيارة ( الجيب ) عند حدود الكهوف الصخرية . وأشار لنا البدوي بأن تنظر إلى ذلك الواقف على ساقيه رافعا رأسه إلى أعلى يستنشق الهواء قال البدوي : إنه يشرب الهواء . كما يشرب الإنسان الماء . انظروا إلى ذلك الكهفه ، ذاك منزله ، ليجمع بعضكم الأعشاب لنسد به مدخل بيته . نزل أحد الرجال ليفعل ذلك ، لكن الواقف على ساقيه ويشرب الهواء انتبه لحيلة البدوي ، وقبل أن يصر الرجل إلى باب منزله ، انطلق كالسهم . أثار غبارا خلفه ودخل المنزل . تأسف البدوي لأن الرجل الذي يحمل الأعشاب لم يكن سريعا أو حذرا ، لكنه أصر على إخراجه من منزله ، فهو لا يرضى بالهزيمة ، وقد سبق أن حاول أمثاله الهرب ، لكن لم يفلحوا سحب البدوي عمودا حديديا ( عتلة ) من صندوق سيارته ، وسرنا معه حتى منزل الهارب المختبئ ، راح يهدم المنزل بواسطة العتلة ، وتحن نعاونه بإزالة الردم . بعد عمل لم يستغرق طويلاً ، أدخل البدوي يديه في الكهف / المنزل وصاح : لقد قبضت عليه . سحبه من مؤخرته يعنف ، ثم قبض بقوة على رقبته وصاح : احضروا قطعة قماش . ربط رأسه جيدا ، ثم حمله ورماه في صندوق السيارة فعل ذلك بآخرين ، حتى بلغ عددهم أربعين . انطلق الجيب يقطع الصحراء ونحن مع الأسرى معصوبي الرؤوس . أنشد البدوي ( تغرودة ) طويلة ، ثم رفع صوت مسجل السيارة وانطلقت أغنية صحراوية وردد الجميع : أحب البر والمزيون ، أحب الأرض والأوطان . استقبلنا البدو بالترحاب والفرح ، أشعلوا ناراً كبيرة ، وضعوا القدور عليها ، حملوا الأسرى وقطعوهم قطعاً صغيراً ورموا بها داخل القدور . بعد سعات تصايح الجميع ، لقد حان وقت العشاء . وضعوا صواني كبيرة مملوءة بالأرز . وتحلق الجميع حولها . نهشوا اللحم شاهدت كف الضب ترتفع فوق أكوام الأرز .