لخّصلي

((وصل إلينا من الجاهلية شعر كثير مقارنة بالنثر، والسبب يعود لندرة التدوين، فلماذا كان التدوين نادرا؟))
.
★★ وصل إلينا من الشعر كمٌّ كبير نسبيا مقارنة بالنثر، وذلك لعدم انتظام النثر على نسق واحد كما هو الحال في الشعر. ومعلوم أن النثر لا يثبت على مر الزمان سوى بالتدوين. وعلى الرغم من وجود كتّاب قلائل في العصر الجاهلي، فإن تدوين النصوص النثرية الفنية لم يكن شائعا لأسباب منها:
1- عدم وجود دولة قوية تحكم العرب وتجمع شتاتهم، بل كانت كل قبيلة دولةَ نفسها.
2. عدم الاستقرار في مناطق حضرية معينة لأن معظم العرب كانوا قبائل رحّل، وأهل القرى كانوا في خطر من مداهمة الغزاة الذين يمكن أن يظهروا في أي وقت.
3. عدم استتباب الأمن بسبب الحروب والأحقاد المتوارثة بين القبائل.
4. عدم وجود مؤسسات تعليم ومكتبات لأن هذه المؤسسات يحتاج إلى دولة قوية توفر العدالة والأمن وتنشر المعرفة وتهيئ وسائل العيش الكريمة لضمان الاستقرار في مناطق معينة.
وهكذا، لم يبق أمام العرب سوى الاعتماد على الذاكرة، التي حفظت كثيرا من الشعر بسبب إيقاعه وأثره الكبير وتناقلته إلى أن وصل إلينا، بخلاف النثر الذي يفتقد للإيقاع الموسيقي، وتقل أهمية موضوعاته عن مثيلاتها في الشعر.

((عدّد أبرز أجناس النثر في العصر الجاهلي)).

أبرز أنواع النثر التي وصلت إلينا من العصر الجاهلي، أربعة هي: الخطابة، والأمثال، وسجع الكهان، والقصص.
.
((عرّف الخطابة، واذكر الخصائص الفنية للخطبة في العصر الجاهلي، مع ذكر مثال واحد على الأقل من إحدى الخطب)).

1. الخطابة: هي فن الوصول إلى قلوب الجماهير وإقناعهم عن طريق: التأثير العاطفي، أو العقلي، أو كليهما، بكلام بليغ وموجز. وكان من أهم مواضيعها الحث على الدفاع عن القوم، أو التحريض على القتال، أو إغاثة الملهوف. ويستخدمها الملوك والزعماء والقادة في مناسبات سياسية واجتماعية مختلفة.
   ★★ الخصائص الفنية للخطبة في العصر الجاهلي:
   كان الخطباء يحرصون على أن تتوافر في خطبهم عدة خصائص، منها:
   (أ) الفكرة: يراعون أن تكون الفكرة واضحة.
   (ب) السَّبْك: يحرصون على سلامة الألفاظ وجودة العبارات.
   (ج) العرض: يزاوجون في عرض الموضوع بين الأسلوبين الخبري والإنشائي، ويوشحونها ببعض الحكم والأمثال، لغرض التأثير والإقناع.
   (د) التصوير: بسبب الحرص على الوضوح لم يكونوا يكثرون من الصور البيانية، ومع ذلك فبعض الخطباء يجعل كلامه فنّيًّا (أكثم بن صيفي مثالا).
   (هـ) الشكل: يميلون إلى السجع في مقاطع الخطبة، وخصوصا في مقامات الفخر والنُّصح.
   (و) الحجم: ليس للخطبة طول محدد، لكنهم كانوا يؤثرون قِصَر العبارة في الخطب عموما، لكن المقام والظرف قد يقتضي تطويلها أحيانا.
   المثل: قول بليغ موجز يُقال في مناسبات معينه مشابهة لوقائع حصلت قديمًا. وكان للجاهليين حظ وافر وتراث كبير من تلك الأمثال، فالعربي بطبعه يَميل إلى تزيين كلامه وتقويته بضرب الأمثال، ومنها قولهم: ""تسمع بالمُعيدي خير من أن تراه". (يضرب مثلاً لمن يكون أمره مشهوراً ولكن هيئته لا تدل على ذلك).
   ((ما المراد بالقصص في العصر الجاهلي؟))


2. القصص:
   تعدّ القصص أحد فنون النثر الجاهلي، وهي حكايات يروي فيها الراوي وقائع وأحداث من أخبار الأمم السابقة مثل أخبار العرب البائدة، وإرم ذات العماد، وعام الفيل، وحكايات مأرب وسيل العرِم، وغيرها. وكان القُصّاصُ يروونها في أوقات سمَرِهِم حول مضارب خيامهم وفي مجالس أهل القرى والحضر. وقد تعرَّضَ كثير منها للتحريف والتبديل، ودخلها الكثير من الأساطير بسبب طول العهد، واقتصارها على الانتقال الشفاهي الذي يعتمد على الذاكرة في ظل عدم وجود مصادر مكتوبة لها.