خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة
يسعى هذا التمهيد جاهدًا إلى إبراز صورة الأسلوبية بمفهومها النظري والتطبيقي بكافة مناظيرها عند العلماء والباحثين الأسلوبيين في عصرنا الحديث، متناولًا بعض نواحي التعالق بينها وبين البلاغة القديمة. ليس من السهولة أن يصل الباحث إلى معنى دقيق للأسلوبية والأسلوب، وقبل أن نتطرق إلى هذه التعاريف لا بد من التطرق إلى التعريف اللغوي والاصطلاحي. اعتمد مؤسس علم الأسلوب (شارل بالي) على دراسات أستاذه (دي سوسير)، من خلال حديثه عن الفرق بين الكلام واللغة، إذ إن الدراسات اللغوية تركز على اللغة، وعلم الأسلوب يركز على طريقة استخدام اللغة وأدائها، فقد حدد حقل الأسلوبية بظواهر تعبير الكلام وفعل ظواهر الكلام على الحساسية، أي ما يقوم في اللغة من وسائل تعبيرية تُبرز المفارقات العاطفية والإرادية والجمالية بل حتى الاجتماعية والنفسية (). عرف جاكبسون الأسلوبية بأنها: بحث عما يتميز به الكلام الفني عن بقية مستويات الخطاب أولًا، عرَّف فلوبير الأسلوبية بأنها:" طريقة الكاتب الخاصة بالتفكير أو الشعور، فالأسلوب ليس مجرد طريقة للكتابة يتعلمها من يشاء، ولكنه يرتبط عند كل كاتب بالإلهام الخاص الذي يدفعه إلى الكتابة، فالأسلوب صفة لغوية توصل بدقة العواطف أو الأفكار، ويكون الأسلوب كاملًا عندما يتم توصيل الفكر أو العاطفة على الوجه الأكمل (). قدم عبد القاهر الجرجاني تصورا دقيقًا لمعنى الأسلوبية بقوله:" واعلم أن الاحتذاء عند الشعراء وأهل العلم بالشعر وتقديره وتمييزه أن يبتدئ الشاعر في معنى له وغرضٍ أسلوبًا، والأسلوب الضرب من النظم والطريقة فيه، فيعمد شاعر آخر إلى ذلك الأسلوب فيجيء به في شعره ()". ذهب عبد السلام إلى أن الأسلوبية تقوم على ركائز هي المخاطِب، وعرف الأسلوب بأنه: قِوام الكشف لنمط التفكير عند صاحبه، أي أن الأسلوب معانٍ مرتبة قبل أن يكون ألفاظًا منسقة، وهو يتكون في العقل قبل أن يجري به اللسان أو يجري به القلم (). وقد تناول الكثير من الدارسين الحديث عن مفهوم الأسلوبية، ويمكن أن نستخلص تعريفها بشكل عام أنها الطريقة في أداء الكلام، علاقة الأسلوبية بالبلاغة:
ثمة علاقة وثيقة بين الأسلوبية والبلاغة، غير أن عناصر البلاغة لم تعد قادرة على الوفاء بما يقتضيه النص الأدبي، إذ ثمة كثير من جوانب القصور في الجوانب البلاغية القديمة لا يمكن للبلاغة وتجاوزها لولا وجود الأسلوبية، إذ إن علم البلاغة علم معياري خالص، اعتبر فيها البلاغيون أنفسهم أوصياء على الإبداع الأدبي من خلال توصيات قنّنوها وجعلوها سيفًا على رقاب الأدباء (). وأيضًا كانت منهجية البلاغة في دراستها للتركيب اللغوي من حيث أداؤه للمعنى من ناحية، وينضاف إليها أمور تحسينية لا تتصل بالإفادة الأصلية، وقد تصور البلاغيون أنهم بهذا المنهج قد استوعبوا مجال القول وفنونه، فاتجهوا بكل ذلك إلى الخطاب الفني دون الخطاب العادي، وتغاضوا عن الجوانب النفسية والاجتماعية (). ومن الاختلافات بينهما أن مادة البلاغة العربية هي الشواهد المتفرقة والأمثلة المجتزأة، فهي بلاغة الشاهد والمثال والجملة المفردة، أما الدرس الأسلوبي يستحيل أن يتخذ مادة فحصه من الشاهد والمثال، وإنما من معالجة نص أو خطاب أو مدونة تشتمل على مجموعة من النصوص يجمع بينها جامع من مؤلف، وقد أتاح هذا القصور للأسلوبية الحديثة أن تكون وريثة شرعية للبلاغة القديمة، ذلك أن البلاغة وقفت في دراستها عند حدود التعبير ووضع مسمياته وتصنيفها، ولم تحاول الوصول إلى بحث العمل الأدبي الكامل، وكان ذلك بمثابة تمهيد لحلول الأسلوبية في مجال الإبداع كبديل يحاول تجاوز الدراسة الجزئية القديمة، وإقامة بناء علمي يبتعد عن الشكلية البلاغية التي أرهقتها مصطلحات البلاغيين بتفريعات كادت تغطي على كل قيمها الجمالية (). ومن خلال هذه الفروق التي أثرت في طبيعة العلاقة بين البلاغة والأسلوبية، والشمولية التي تميزت بها الأسلوبية عن البلاغة، فجوانب القصور التي افتقدتها البلاغة القديمة استطاعت الأسلوبية أن تعوضها من خلال شموليتها في الإبداع الأدبي. للدراسات الأسلوبية أهمية كبيرة في الدرس البلاغي واللغوي، فقد عنيت بدراسة حالته النفسية والاجتماعية ودورها في عملية الإبداع الأدبي، والبنى البلاغية وما تحتويه من صور وتشبيهات واستعارات، ومن هنا عنيت الدراسات الأسلوبية بدراسة العمل الأدبي بجميع مستوياته بناء على دراسة حالة المؤلف النفسية والاجتماعية وتوضيح أثرها في النص من خلال عملية التأثر والتأثير بين المبدع والعمل الإبداعي(). من المهام الموكلة إلى الأسلوبية أنها جعلت من جميع العناصر المساهمة في العمل الفني مجالًا للدراسة، "فالأسلوب من جهة علم النفس هو السلوك، ومن جهة علم البلاغة هو المتحدث، ومن جهة الفلسفة هو المتكلم الخفي أو الضمني، إن الغرض الرئيسي للدراسات الأسلوبية هو تفكيك النص الأدبي، ثم العمل على تركيبه من جديد بهدف الوصول إلى فهمه فهمًا عميقًا صحيحًا، وحتى يصل القارئ إلى هذا الفهم لا بد له من أن يتناول المستويات المختلفة في النص ويقف عندها، ثم الوصول إلى نتائج مبينة على دراسة واحدة لنص واحد في زمن معين (). هو الملقب بخليل الله، ()
وحكى الحافظ ابن عساكر في ترجمة إبراهيم الخليل من تاريخه عن إسحاق بن بشر الكاهلي صاحب كتاب المبتدأ أنّ اسم أم إبراهيم أُمَيْلَةُ. نسبه:
ينسب سيدنا إبراهيم (عليه السّلام) إلى العربية، فإنّها أصحّ نسبة ينسب إليها، فلا يقال عن سيدنا إبراهيم أنّه إسرائيلي؛ ويعقوب حفيد إبراهيم. ولا يقال عن سيدنا إبراهيم أنّه يهودي؛ لأنّ اليهودي يُنسب إلى يهودا رابع أبناء يعقوب، ولا يقال عنه أيضًا أنّه عبري؛ فقد كان المقصود بالعبرية أنّها لغة مميزة بين اللغات السّامية تتفاهم بها طائفة من السّاميين دون سائر الطّوائف، ولم تكن العبرية قد انفصلت عن سائر اللغات السّامية في تلك الأيام. وقد يقال عنه أنّه ساميٌّ ينتمي إلى سام بن نوح، ()
فإذا فتشنا عن نسبة لسيدنا إبراهيم (عليه السّلام) لم نجد أصدق من النّسبة العربية، ولادته:
يذكر بعض المؤرخين أنّ سيدنا إبراهيم (عليه السّلام) ولد بغوطة دمشق في قرية يقال لها: (برزة) في جبل (قاسيون). " ()
وقد جاء من بعده أخوان (ناحور) و (هاران) وولد (لهاران) لوط (عليه السّلام)، فهو ابن أخ إبراهيم، وأهل الكتاب يقولون إنّ إبراهيم هو الولد الأوسط. ()
فنان تجمد على نحت تماثيل الآلهة وتكرار نفسه، ومهنة الأب تضفي عليه قداسة خاصة في قومه، وتجعل لأسرته كلها مكانة ممتازة في المجتمع، فهي أسرة مرموقة من الأسر الأرستقراطية، ()
ولعلّ هذه التّكنية إنّما جاءته من كثرة ضيوفه، ()
لم يرد في كتاب الله ذكر لنبي اتّخذه الله خليلًا غير إبراهيم (عليه السّلام)، لأنّ محبة الله تعالى قد تخللت في نفسه وخالطتها مخالطة تامة. يتمثل فيه جانبا الصّديقية، وكان نبيًا ورسولًا وإمامًا يُقتدى به. عصره:
وفي الحضارة الإنسانية قياسًا للفترات السّابقة له. إنّ سيدنا إبراهيم (عليه السّلام) كان يمثل الإنسانية في أعلى مراحل تقدّمها آنذاك، وكانت دليلًا له وللنّاس جميعًا على وجود الله ووحدانيته. ()
()
وقد عَهِد بالهجرة من شمال اليمن إلى جنوب العراق، وكانت هذه الأسرة مع الذين جاؤوا من أرض البحر، وينسيها معيشة البداوة التي تستجيب للهجرة من أقصى الجنوب في العراق إلى أقصى الشّمال. ()
نشأ سيدنا إبراهيم (عليه السّلام) على مفترق طريق بين جميع العهود، مفترق طريق بين عهد الكنانة وعهد النّبوة، ومفترق طريق بين إباحة القرابين البشرية وتحريمها، ومفترق طريق بين الإيمان بالهاوية والإيمان بالحياة الأخرى، وأخ وأخوه. ()
ينحتون الأصنام، أنّ الله تعالى واحد أحد، لم يذكر القرآن ولا السّنة شيئًا مما يتعلق بنشأة سيدنا إبراهيم (عليه السّلام)؛ إلّا أنّ بعض العلماء المسلمين يذكرون أنّ آزر أبا إبراهيم كان يصنع أصنام قومه التي يعبدونها ثم يعطيها لإبراهيم ليبيعها، فهذا إمعان من السّخرية والاستهزاء. دعوته:
فدعا أباه ولم يجبه، ولم يقف عند حدّ الرّفض بل هدّد إبراهيم وتوعده، بل كان يمثل شريحة من قومه، وهي شريحة الملأ الذين استكبروا، وكان نمرود عاملًا على سواد العراق، فرمى نمرود إبراهيم في نار عظيمة، فكانت النّار بردًا وسلامًا، وآمنت به زوجته سارة بنت عمه هاران. )
مقامه:
ومن أسفله مثل ذلك، وعرضه عشر أصابع، وفي طرفيه سلسلتان يدخلان في أسفل الصّندوق، ()
• النّار:
وبدأ أولًا بتشكيكهم في نفعها، فسألوه من فعل ذلك؟ فلمّا أفحمهم وبيّن لهم ضلالهم لعبادة أحجار لا تنفع ولا تضر أجمعوا على إحراقه في النار، فكانت المعجزة. ()
لكن معجزة الله فوق كلّ شيء. ()
فلا بُدَّ أنْ تكون النّار حامية تعادل لظى الحقد المتأجج في صدورهم من جراء انتهاك حرمة آلهتهم المنزوعة وتحطيمها دون مبالاة، وبرًا بمعبوداتهم، حتى إنّ المرأة كانت إذا مرضت نذرت إنْ عوفيت لتجمعنَّ حطابًا لحرق إبراهيم (عليه السّلام). وقد صنعه لهم رجل من الأكراد يقال له: (هيزن)، ()
فلما وُضِع الخليل (عليه السّلام) في كفة المنجنيق مُقيّدًا مَكتوفًا، ولم تحرق منه سوى وِثاقه. ()
وفاته:
عاش سيدنا إبراهيم (عليه السّلام) 175 سنة على أصح الرّوايات، ولمّا انتقل إلى جوار الله دفنه ولداه في مغارة المكفيلة، وكانت تسمّى من قبل (قرية أربع). اسمه:
وذكر السدي عن أبي صالح وأبي مالك، عن ابن عباس، فأحرقت دور مصر وجميع القبط ولم تضر بني إسرائيل، فلما استيقظ هاله ذلك، فجمع الكهنة والحذقة والسحرة، يكون سبب هلاك أهل مصر على يديه، ()
وبدأ بتطبيق النظام، والصغار يذبحون، ولما جاء العام الذي يقتل فيه الصبيان ولد سيدنا موسى -عليه السلام-، وقد جاءها نداء عظيم من الله تعالى أنها إذا خافت عليه تلقيه في اليم، وأطاعت أم موسى هذا النداء، أرضعته ووضعته فيه، وذهبت إلى شاطئ النيل وألقته في المياه، كذلك أصدر أمره للنيل أن يحمل موسى بهدوء ورفق حتى يسلمه إلى قصر فرعون، وفي صباح اليوم التالي خرجت زوجة فرعون تتمشى في حديقة القصر كعادتها كل يوم، وكانت مختلفة كثيرًا عن فرعون، وكانت تتمنى أن يكون عندها ولد، وكان الصندوق يرقد عند أقدامهن، وبعد فتحه رأت موسى داخله فأحست أنها تحبه كابنها، فقد ألقى الله محبته في قلبها، فوجئ بحملها لطفل رضيع، وهو لم يرها تبكي من الفرح قبل ذلك، شبابه:
وقد تعلم كل العلوم، كان ينام في الحلقة العلمية الدينية، لهذا لم يكن يسمع الكلام الفارغ الذي يقوله المدرس عن ألوهية فرعون، ويسخر في نفسه من هذا الكلام، وإعلاء كلمة الله بين قومه، فشرع يعيب على فرعون وملئه وما هم من زيغ عن الحق، وينكر ربوبية فرعون، وقد ذهب يتمشى في المدينة، فتدخل موسى وأزاح بيده الرجل الظالم فقتله، ودعا موسى ربه فغفر له، ويلتفت لأوهى الحركات وأخفاها، وأخذ عهدًا على نفسه أنه لن يتدخل في المشاجرات بين المجرمين والمشاغبين ليدافع عن أحد من شيعته، لكنه فوجئ في أثناء سيره بنفس الرجل الذي أنقده في الأمس يناديه وهو مشتبك في عراك مع أحد المصريين، فأدرك أن هذا الإسرائيلي مشاغب، فدفعه الخوف منه إلى استرحامه بأنه يريد قتله كما قتل الرجل بالأمس، وكيف تاب واستغفر ربه، فاستدار عائدًا ومضى وهو يستغفر ربه، وأسرع إلى رجال الأمن، ونصحه أن يخرج من مصر على عجل، ولم يكن معه من دواب الأرض دابه تحمله على ظهرها وتوصله، إنما خرج بمجرد أن جاءه الرجل المؤمن. ()
()
مضت أمه ترعاه بعنايتها، وبلغ سن الفضل والحكمة، وهي سن الأربعين، فقد عاد موسى إلى أهله بعد أن تشرّف بكلام ربه، معتمدًا على ربه، وكان خائفًا من فرعون؛ وأوحى الله إلى موسى أن فرعون لن يؤمن، وفاته:
دون أن يفرّط بشيء من الأمانة، () ودفن -عليه السلام- في الأرض المقدسة بفلسطين.
التمهيد
يسعى هذا التمهيد جاهدًا إلى إبراز صورة الأسلوبية بمفهومها النظري والتطبيقي بكافة مناظيرها عند العلماء والباحثين الأسلوبيين في عصرنا الحديث، متناولًا بعض نواحي التعالق بينها وبين البلاغة القديمة.
ليس من السهولة أن يصل الباحث إلى معنى دقيق للأسلوبية والأسلوب، إذ إن هذا المصطلح خضع لوجهات نظر كثيرة، منها ما كان لغويًا، ومنها ما كان أدبيًا، ومنها ما يتصل بالباحثين العرب، ومنها ما يتصل بالباحثين الغربيين، وقبل أن نتطرق إلى هذه التعاريف لا بد من التطرق إلى التعريف اللغوي والاصطلاحي.
اعتمد مؤسس علم الأسلوب (شارل بالي) على دراسات أستاذه (دي سوسير)، من خلال حديثه عن الفرق بين الكلام واللغة، إذ إن الدراسات اللغوية تركز على اللغة، وعلم الأسلوب يركز على طريقة استخدام اللغة وأدائها، إلا أن (شارل بالي) ركز على العناصر الوجدانية للغة، فقد حدد حقل الأسلوبية بظواهر تعبير الكلام وفعل ظواهر الكلام على الحساسية، أي ما يقوم في اللغة من وسائل تعبيرية تُبرز المفارقات العاطفية والإرادية والجمالية بل حتى الاجتماعية والنفسية ().
عرف جاكبسون الأسلوبية بأنها: بحث عما يتميز به الكلام الفني عن بقية مستويات الخطاب أولًا، وعن سائر أصناف الفنون الإنسانية ثانيًا ().
عرَّف فلوبير الأسلوبية بأنها:" طريقة الكاتب الخاصة بالتفكير أو الشعور، وهذه الطريقة تفرض طريقة خاصة في استخدام اللغة، فالشعور الصادق تعبير لغوي كافٍ يكشف عن طريقة الكاتب في الشعور" ().
فالأسلوب ليس مجرد طريقة للكتابة يتعلمها من يشاء، ولكنه يرتبط عند كل كاتب بالإلهام الخاص الذي يدفعه إلى الكتابة، فالأسلوب صفة لغوية توصل بدقة العواطف أو الأفكار، ويكون الأسلوب كاملًا عندما يتم توصيل الفكر أو العاطفة على الوجه الأكمل ().
قدم عبد القاهر الجرجاني تصورا دقيقًا لمعنى الأسلوبية بقوله:" واعلم أن الاحتذاء عند الشعراء وأهل العلم بالشعر وتقديره وتمييزه أن يبتدئ الشاعر في معنى له وغرضٍ أسلوبًا، والأسلوب الضرب من النظم والطريقة فيه، فيعمد شاعر آخر إلى ذلك الأسلوب فيجيء به في شعره ()".
ذهب عبد السلام إلى أن الأسلوبية تقوم على ركائز هي المخاطِب، والمخاطَب، والخطاب، وعرف الأسلوب بأنه: قِوام الكشف لنمط التفكير عند صاحبه، أي أن الأسلوب معانٍ مرتبة قبل أن يكون ألفاظًا منسقة، وهو يتكون في العقل قبل أن يجري به اللسان أو يجري به القلم ().
وقد تناول الكثير من الدارسين الحديث عن مفهوم الأسلوبية، وتعددت مصطلحاتها، ويمكن أن نستخلص تعريفها بشكل عام أنها الطريقة في أداء الكلام، سواء أكان عبر مظاهر كلامية أو كتابية.
علاقة الأسلوبية بالبلاغة:
ثمة علاقة وثيقة بين الأسلوبية والبلاغة، وذلك بوصفهما يتناولان الحديث عن النص الأدبي، وأن محور الدراسة في كل منهما هو الأدب نفسه، غير أن عناصر البلاغة لم تعد قادرة على الوفاء بما يقتضيه النص الأدبي، إذ ثمة كثير من جوانب القصور في الجوانب البلاغية القديمة لا يمكن للبلاغة وتجاوزها لولا وجود الأسلوبية، إذ إن علم البلاغة علم معياري خالص، اعتبر فيها البلاغيون أنفسهم أوصياء على الإبداع الأدبي من خلال توصيات قنّنوها وجعلوها سيفًا على رقاب الأدباء ().
وأيضًا كانت منهجية البلاغة في دراستها للتركيب اللغوي من حيث أداؤه للمعنى من ناحية، ومن حيث تنوع الأداء من ناحية ثانية، ومن حيث مطابقته لحال المخاطبين من ناحية ثالثة، وينضاف إليها أمور تحسينية لا تتصل بالإفادة الأصلية، وقد تصور البلاغيون أنهم بهذا المنهج قد استوعبوا مجال القول وفنونه، فاتجهوا بكل ذلك إلى الخطاب الفني دون الخطاب العادي، وأدركوا أن الوسائل التعبيرية البارزة هي مناط الاهتمام، ومجال البحث، ومركز الثقل، وتغاضوا عن الجوانب النفسية والاجتماعية ().
ومن الاختلافات بينهما أن مادة البلاغة العربية هي الشواهد المتفرقة والأمثلة المجتزأة، فهي بلاغة الشاهد والمثال والجملة المفردة، أما الدرس الأسلوبي يستحيل أن يتخذ مادة فحصه من الشاهد والمثال، وإنما من معالجة نص أو خطاب أو مدونة تشتمل على مجموعة من النصوص يجمع بينها جامع من مؤلف، أو موضوع، أو فن، أو عصر ().
وقد أتاح هذا القصور للأسلوبية الحديثة أن تكون وريثة شرعية للبلاغة القديمة، ذلك أن البلاغة وقفت في دراستها عند حدود التعبير ووضع مسمياته وتصنيفها، وتجمدت عند هذه الخطوة، ولم تحاول الوصول إلى بحث العمل الأدبي الكامل، وكان ذلك بمثابة تمهيد لحلول الأسلوبية في مجال الإبداع كبديل يحاول تجاوز الدراسة الجزئية القديمة، وإقامة بناء علمي يبتعد عن الشكلية البلاغية التي أرهقتها مصطلحات البلاغيين بتفريعات كادت تغطي على كل قيمها الجمالية ().
ومن خلال هذه الفروق التي أثرت في طبيعة العلاقة بين البلاغة والأسلوبية، والشمولية التي تميزت بها الأسلوبية عن البلاغة، فجوانب القصور التي افتقدتها البلاغة القديمة استطاعت الأسلوبية أن تعوضها من خلال شموليتها في الإبداع الأدبي.
أهمية الأسلوبية وغرضها:
للدراسات الأسلوبية أهمية كبيرة في الدرس البلاغي واللغوي، فقد جاءت لتوضيح دور المبدع وأثره في عمله الأدبي؛ فقد عنيت بدراسة حالته النفسية والاجتماعية ودورها في عملية الإبداع الأدبي، ودرست الظواهر النصية بناء على تفسير حالة المؤلف، لأنه هو الذي يقوم باختيار البنى الصوتية وما فيها من كلمات وأصوات، والبنى البلاغية وما تحتويه من صور وتشبيهات واستعارات، ومن هنا عنيت الدراسات الأسلوبية بدراسة العمل الأدبي بجميع مستوياته بناء على دراسة حالة المؤلف النفسية والاجتماعية وتوضيح أثرها في النص من خلال عملية التأثر والتأثير بين المبدع والعمل الإبداعي().
من المهام الموكلة إلى الأسلوبية أنها جعلت من جميع العناصر المساهمة في العمل الفني مجالًا للدراسة، "فالأسلوب من جهة علم النفس هو السلوك، ومن جهة علم البلاغة هو المتحدث، ومن جهة فقه اللغة هو الشيء الكامن، ومن جهة الأديب هو الفرد، ومن جهة الفلسفة هو المتكلم الخفي أو الضمني، ومن جهة اللسانيات هو اللغة" ().
إن الغرض الرئيسي للدراسات الأسلوبية هو تفكيك النص الأدبي، ثم العمل على تركيبه من جديد بهدف الوصول إلى فهمه فهمًا عميقًا صحيحًا، وحتى يصل القارئ إلى هذا الفهم لا بد له من أن يتناول المستويات المختلفة في النص ويقف عندها، وهي: المستوى الصوتي، والمستوى الصرفي، والمستوى النحوي، والمستوى الدلالي، ثم الوصول إلى نتائج مبينة على دراسة واحدة لنص واحد في زمن معين ().
سيدنا إبراهيم -عليه السلام-:
اسمه:
هو الملقب بخليل الله، فهو " إبراهيم بن ناحور بن ساروغ بن أرغو ابن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح (عليه السّلام)". ()
وحكى الحافظ ابن عساكر في ترجمة إبراهيم الخليل من تاريخه عن إسحاق بن بشر الكاهلي صاحب كتاب المبتدأ أنّ اسم أم إبراهيم أُمَيْلَةُ. وقال الكلبي: اسمها نونا بنت كرنبا بن كوثى من بني أرفخشد بن سام بن نوح. ()
نسبه:
ينسب سيدنا إبراهيم (عليه السّلام) إلى العربية، فإنّها أصحّ نسبة ينسب إليها، فلا يقال عن سيدنا إبراهيم أنّه إسرائيلي؛ لأنّ سيدنا يعقوب هو أول من تسمى بإسرائيل، ويعقوب حفيد إبراهيم. ولا يقال عن سيدنا إبراهيم أنّه يهودي؛ لأنّ اليهودي يُنسب إلى يهودا رابع أبناء يعقوب، ولم يكن يُنسب إليه إلَّا بعد أنْ أصبح اسمه عَلمًا على الإقليم الذي قسّم له عند تقسيم الأرض بين أبناء يعقوب. ()
ولا يقال عنه أيضًا أنّه عبري؛ فقد كان المقصود بالعبرية أنّها لغة مميزة بين اللغات السّامية تتفاهم بها طائفة من السّاميين دون سائر الطّوائف، فإنّ سيدنا إبراهيم (عليه السّلام) كان يتكلم بلغة يفهمها جميع السّكان في بقاع النّهرين وكنعان، ولم تكن العبرية قد انفصلت عن سائر اللغات السّامية في تلك الأيام. وقد يقال عنه أنّه ساميٌّ ينتمي إلى سام بن نوح، ولكنّها نسبة إلى جد وليست إلى قوم. ()
فإذا فتشنا عن نسبة لسيدنا إبراهيم (عليه السّلام) لم نجد أصدق من النّسبة العربية، كما كانت العربية يومئذ بين جزيرة العرب وبقاع الهلال الخصيب. ()
ولادته:
يذكر بعض المؤرخين أنّ سيدنا إبراهيم (عليه السّلام) ولد بغوطة دمشق في قرية يقال لها: (برزة) في جبل (قاسيون). والصّحيح المشهور عند أهل السّير والتّواريخ أنّه ولد (ببابل) وهي أرض الكلدانيين في العراق. () "والصّحيح أنّه ولد ببابل، وإنّما نُسِب إليه هذا المقام؛ لأنّه صلّى فيه، إذ جاء مُعينًا للوط (عليه السّلام)." ()
ولد سيدنا إبراهيم (عليه السّلام) بعد أنْ بلغ والده من العمر 75 سنة، وكان هو الولد الأكبر لآزر، وقد جاء من بعده أخوان (ناحور) و (هاران) وولد (لهاران) لوط (عليه السّلام)، فهو ابن أخ إبراهيم، وأهل الكتاب يقولون إنّ إبراهيم هو الولد الأوسط. ()
ولد سيدنا إبراهيم (عليه السّلام) في أسرة من أسر ذلك الزّمان البعيد، ولم يكن رب الأسرة كافرًا عاديًا من عبدة الأصنام، بل كان كافرًا متميزًا يصنع بيديه تماثيل الآلهة، فرب الأسرة أعظم نحَّات يصنع تماثيل الآلهة، فنان تجمد على نحت تماثيل الآلهة وتكرار نفسه، ومهنة الأب تضفي عليه قداسة خاصة في قومه، وتجعل لأسرته كلها مكانة ممتازة في المجتمع، فهي أسرة مرموقة من الأسر الأرستقراطية، أسرة من الصفوة الحاكمة، فمن هذه الأسرة ولد طفل قُدِّر له أنْ يقف ضد أسرته، وضد نظام مجتمعه، وضد أوهام قومه، وضد ظنون الكهنة، وضد العروش القائمة، وضد عبدة النّجوم والكواكب، وضد كل أنواع الشّرك باختصار. ()
كنّيته:
روى ابن عساكر: عن عكرمة أنّه قال: كان إبراهيم (عليه السّلام) يكنّى (أبا الضّيفان). ولعلّ هذه التّكنية إنّما جاءته من كثرة ضيوفه، فقد كان سيدنا إبراهيم (عليه السّلام) كريمًا مضيافًا، لا ينزل به أحد إلا أحسن ضيافته وأكرم نُزَلَه، وكان سخيَّ النّفس، يذبح لضيوفه الشّاء والنعم. ()
صفاته:
لم يرد في كتاب الله ذكر لنبي اتّخذه الله خليلًا غير إبراهيم (عليه السّلام)، والخليل: هي من الخلة، وهي المودة التي تتخلل النّفس من شدة المحبة. فأطلق على إبراهيم لفظ الخليل؛ لأنّ محبة الله تعالى قد تخللت في نفسه وخالطتها مخالطة تامة. ()
لقد كان سيدنا إبراهيم (عليه السّلام) صِدّيقًا، يتمثل فيه جانبا الصّديقية، وهما: الصّدق وسرعة التّصديق لخبر الله تعالى. وكان نبيًا ورسولًا وإمامًا يُقتدى به. وهو المجعول له لسان صدق في الآخرين، فليس من نبي تجري ألسنة الخلق كلهم بتصديقه. ()
هو صاحب القلب الكبير، هذا القلب الذي كان آية في الرّقة والعطف والحنان والسّلامة من الحقد والخصال الذّميمة. فموطن العظمة في سيدنا إبراهيم (عليه السّلام) هو قلبه الكبير الذي وسع النّاس جميعًا؛ لأنّه نذر نفسه في إسعادهم، سواء أكانوا أقرب النّاس إليه نسبًا، أم كانوا لا يمنون إليه بصلة القربى. ()
وقد كان سيدنا إبراهيم (عليه السّلام) من أصحاب أولو العزم، وهم" أفضل الرّسل، فهم أصحاب الجد والثّبات والصّبر الذين عزموا على أمر الله فيما عهد إليهم، وهم الذين أخذ الله منهم المواثيق الغليظة والعهود المؤكدة على القيام بالعبادة والدّعوة، وهم الذين اجتباهم الله لهداية النّاس، ووصّى بالعمل في شرائعهم، وهم الذين يَعرِف النّاس فضلهم يوم القيامة، ويسألونهم الشّفاعة، وهم الذين فضّلهم الله على سائر النّاس". ()
عصره:
يمثل عصر سيدنا إبراهيم (عليه السّلام) عصر الانتقال الكبير من مرحلة الآيات والمعجزات (المادية العقلية) إلى مرحلة المعجزات (العقلية المادية)، ولذلك يُعتبر عصر سيدنا إبراهيم (عليه السّلام) أعلى مراحل التّطور في العقل الإنساني، وفي الحضارة الإنسانية قياسًا للفترات السّابقة له.()
إنّ سيدنا إبراهيم (عليه السّلام) كان يمثل الإنسانية في أعلى مراحل تقدّمها آنذاك، وقد عبَّر القرآن الكريم عن هذه المكانة المتقدمة وتمثيله للبشرية بقوله: ﴿ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ﴾ () فالقرآن حفظ لنا حياة سيدنا إبراهيم والآيات التي مَنَّ الله بها عليه، وكانت دليلًا له وللنّاس جميعًا على وجود الله ووحدانيته. ()
سيدنا إبراهيم (عليه السّلام) هو المنار الذي استرشد به أنبياء الله والمؤمنون والمسلمون في كل عصر، بل هو الأمثولة الطّيبة السّامية التي جعلها الله لبني الإنسان جميعًا. ()
نشأته:
نشأ سيدنا إبراهيم (عليه السّلام) في أسرة حديثة، وقد عَهِد بالهجرة من شمال اليمن إلى جنوب العراق، وكانت هذه الأسرة مع الذين جاؤوا من أرض البحر، وكان البابليون يسمّون العرب المقيمين على مقربة من خليج فارس. وقد وردت أسماء العرب التي لا شك فيها بين الأسر المالكة في جنوب بابل خلال عهد طويل يحيط بعصر سيدنا إبراهيم على أقدم تقديراته، فلم يمضِ على أسرته بمدينة (أور) زمن يفصله من عشيرته البادية، وينسيها معيشة البداوة التي تستجيب للهجرة من أقصى الجنوب في العراق إلى أقصى الشّمال. ()
نشأ سيدنا إبراهيم (عليه السّلام) على مفترق طريق بين جميع العهود، مفترق طريق بين عهد الكنانة وعهد النّبوة، ومفترق طريق بين إباحة القرابين البشرية وتحريمها، ومفترق طريق بين التّعديد والتّوحيد، ومفترق طريق بين الإيمان بالهاوية والإيمان بالحياة الأخرى، ومفترق طريق في عبادة الأسرة الواحدة، فلا تلبث الأسرة الواحدة أنْ تختلف بين طريقين: أب وابنه، وأخ وأخوه. ()
نشأ سيدنا إبراهيم (عليه السّلام) وسط بيئة فاسدة يحكمها ملك طاغية، مستبد برأيه اسمه (النّمرود بن كنعان)، قبض على زمام الملك في بابل، وكان أهلها ينعمون برغد العيش، وظلال الأمن، غير أنّهم كانوا يتخبّطون في ظلام دامس من الشّرك والوثنية، ينحتون الأصنام، ثم يجعلونها أربابًا من دون الله. ولمّا رأى النّمرود نفسه حاكمًا مطلقًا، تحيط به قوة الملك، والقوم من حوله يتخبّطون في الجهالات، أقام نفسه (إلهًا) ودعا النّاس إلى عبادته. ()
نشأ سيدنا إبراهيم (عليه السّلام) في هذا المحيط، وأتاه الرّشد، وهداه إلى الحق، فعرف بصائب رأيه وثاقب فكره، أنّ الله تعالى واحد أحد، لم يلد ولم يولد، وأنّه مهيمن على الكون، ومسيطر على العالم، وأدرك أيضًا أنّ هذه الأصنام التي يعبدونها، والتّماثيل التي ينحتونها لا تُغني عنهم من الله شيئًا. ()
لم يذكر القرآن ولا السّنة شيئًا مما يتعلق بنشأة سيدنا إبراهيم (عليه السّلام)؛ لأنّ القرآن لم يكن في قصصه مؤرِّخًا وراويًا، بل واعظًا مسترشدًا، مما يجعل له ميزة خاصة ينفرد بها عن التّوراة، إلّا أنّ بعض العلماء المسلمين يذكرون أنّ آزر أبا إبراهيم كان يصنع أصنام قومه التي يعبدونها ثم يعطيها لإبراهيم ليبيعها، فكان إبراهيم يحملها ويسير في الأسواق ويقول: من يشتري ما يضره ولا ينفعه، فلا يشتريها منه أحد، ثم ينطلق بعد ذلك إلى الماء ويغمس رؤوسها فيه ويقول: اشربي، فهذا إمعان من السّخرية والاستهزاء. ()
دعوته:
أُمِر إبراهيم بدعوة قومه إلى التّوحيد بالله (عز وجل)، فدعا أباه ولم يجبه، () فهو قد وجد أباه ليس فقط يعبد الأصنام، بل مِنْ سدنتها والمنتفعين مِنْ وجودها، فكان من الصّعب عليه اتّباع ما جاء به إبراهيم (عليه السّلام) من علم التّوحيد، ولم يقف عند حدّ الرّفض بل هدّد إبراهيم وتوعده، وأمره بالهجرة عنه. ()
لم يكن والد إبراهيم (عليه السّلام) بمعزل عن قومه، بل كان يمثل شريحة من قومه، وهي شريحة الملأ الذين استكبروا، وهم أصحاب النّفوذ وأصحاب الجاه والسّلطان وأعوان الملك الغاشم الظّالم (النّمرود). () فعندما وصل أمره إلى النّمرود بن كوتش ملك تلك البلاد، وكان نمرود عاملًا على سواد العراق، فرمى نمرود إبراهيم في نار عظيمة، فكانت النّار بردًا وسلامًا، وخرج من النّار بعد أيام، وآمن به رجال من قومه على خوف من نمرود، وآمنت به زوجته سارة بنت عمه هاران.()
مقامه:
جاء في ذكر مقام سيدنا إبراهيم (عليه السّلام) "حدّثنا أبو العباس الكديمي قال: حدّثنا سهل بن عتّاب، قال: حدّثنا عيسى بن عبد الرحمن عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عبّاس (رضي الله عنهما) أنّ في مقام إبراهيم (عليه السّلام) لكتابًا لو غُسِّل عنه لقرئ: هذا بيت الله، وضعه على ترابيع عرشه، يأتيه رزقه من كذا وأول من يحله أهله." ()
وقد ذكر ذرع المقام وصفته وما كان عليه إلى اليوم وتفسير ذلك: ذرع المقام مربع، سعة أعلاه أربعة عشرة أصبعًا في أربعة عشر أصبعًا، ومن أسفله مثل ذلك، وفي طرفيه من أعلاه وأسفله طوقان، طوق من ذهب، وبين الطّوقين حجر المقام بارز لا ذهب عليه، طوله من نواحيه كلها تسع أصابع، وعرضه عشر أصابع، ثم عمل أمير المؤمنين جعفر المتوكل على الله وعرَّض حجر المقام من نواحيه أحد وعشرون أصبعًا ووسط مربع، والقدمان داخلتان في الحجر سبع أصابع، ودخولهما منحرفان وبين القدمين من الحجر أصبعان، والمقام في حوض ساج مقبر، ومن وراء ملبن من ساج في الأرض، وفي طرفيه سلسلتان يدخلان في أسفل الصّندوق، ويقفل فيهما قفلان لا يفارقهما حتى يخرج السّلطان إلى الصّلاة، فإذا أقيمت الصّلاة جاء القيمان على المقام وهما خادمان من خدام الكعبة ففتحا القفلين، فإذا قام الإمام في الصلاة كشفا له عن المقام حتى يصلي بالنّاس. ()
معجزته:
• النّار:
عزم سيدنا إبراهيم (عليه السّلام) على تحطيم الأصنام التي يعبدها قومه، وبدأ أولًا بتشكيكهم في نفعها، فذهب وحطمها، إلّا كبيرًا لهم، فسألوه من فعل ذلك؟ فلمّا أفحمهم وبيّن لهم ضلالهم لعبادة أحجار لا تنفع ولا تضر أجمعوا على إحراقه في النار، فكانت المعجزة. ()
معجزة الله تعالى بأنْ جعل النار والتي كانت وظيفتها الإحراق، فخاطبها الله (عزّ وجل) بأنْ تكون بردًا وسلامًا على سيدنا إبراهيم، فالنّار لو اشتعلت لكانت مهمتها الإحراق، لكن معجزة الله فوق كلّ شيء. ()
أراد قومه أنْ يحرقوه عقابًا له، فلا بُدَّ أنْ تكون النّار حامية تعادل لظى الحقد المتأجج في صدورهم من جراء انتهاك حرمة آلهتهم المنزوعة وتحطيمها دون مبالاة، فشرعوا يجمعون الحطب من هنا وهناك، وجعلوا ذلك قُربانًا لآلهتهم المحطمة، وبرًا بمعبوداتهم، حتى إنّ المرأة كانت إذا مرضت نذرت إنْ عوفيت لتجمعنَّ حطابًا لحرق إبراهيم (عليه السّلام). ()
مكثوا مدة يجمعون الحطب حتى تراكمت أعواده، وضاق المكان بما جمعوا، فأشعلوا النّار فيها فاضطرمت وتأججت، وعلا لهبها وسطع ضوؤها. () ثم وضعوا سيدنا إبراهيم (عليه السّلام) في مَنْجَنِيق ()، وقد صنعه لهم رجل من الأكراد يقال له: (هيزن)، وكان أول من صنع المجانيق، فخسف الله به الأرض، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة. ()
ثمّ أخذوا يُقيّدونه ويُكتِّفونه وهو يقول: لا إله إلا أنت، سبحانك، لك الحمد ولك الملك، لا شريك لك. فلما وُضِع الخليل (عليه السّلام) في كفة المنجنيق مُقيّدًا مَكتوفًا، ثمّ ألقوه منه إلى النّار، قال: حسبنا الله ونعم الوكيل. ولم ينتفع أهل الأرض يومئذ بالنّار، ولم تحرق منه سوى وِثاقه. ()
وفاته:
عاش سيدنا إبراهيم (عليه السّلام) 175 سنة على أصح الرّوايات، ولمّا انتقل إلى جوار الله دفنه ولداه في مغارة المكفيلة، التي دُفنت فيها سارة من قبل، وهو في البلدة التي تسمّى (الخليل) الآن، وكانت تسمّى من قبل (قرية أربع). ()
سيدنا موسى -عليه السلام-:
اسمه:
هو موسى بن عمران بن قاهث بن عازر بن لاوى بن يعقوب بن إسحق بن إبراهيم -عليهم السلام-. ()
مولده وصباه:
وذكر السدي عن أبي صالح وأبي مالك، عن ابن عباس، وعن مرة عن ابن مسعود، وعن أناس من الصحابة: أن فرعون رأى في منامه، كأن نارا أقبلت من نحو بيت المقدس، فأحرقت دور مصر وجميع القبط ولم تضر بني إسرائيل، فلما استيقظ هاله ذلك، فجمع الكهنة والحذقة والسحرة، وسألهم عن ذلك، فقالوا: هذا غلام يولد من هؤلاء، يكون سبب هلاك أهل مصر على يديه، فلهذا أمر بقتل الغلمان وترك النسوان. ()
وبدأ بتطبيق النظام، ثم قال خبراء الاقتصاد لفرعون إن الكبار من بني إسرائيل يموتون بآجالهم، والصغار يذبحون، وهذا سينتهي إلى إفناء بني إسرائيل فتضيع على فرعون ثروة بشرية تعمل له ويستعبدها ويستحيي نساءها، والأفضل أن تنظم العملية بأن يذبحون الذكور في عام، ويتركونهم في العام الذي يليه، ولما جاء العام الذي يقتل فيه الصبيان ولد سيدنا موسى -عليه السلام-، وقد حمل ميلاده خوفًا عظيمًا لأمه، وقد جاءها نداء عظيم من الله تعالى أنها إذا خافت عليه تلقيه في اليم، وأطاعت أم موسى هذا النداء، وأمرت بصنع صندوق صغير لموسى، أرضعته ووضعته فيه، وذهبت إلى شاطئ النيل وألقته في المياه، وكان قلبها يمتلئ بالألم وهي ترمي به، إلا أنها كانت تعلم أن الله أرحم بموسى منها، ومثلما أصدر الله أمره للنار بأن تكون بردًا وسلامًا على سيدنا إبراهيم، كذلك أصدر أمره للنيل أن يحمل موسى بهدوء ورفق حتى يسلمه إلى قصر فرعون، وفي صباح اليوم التالي خرجت زوجة فرعون تتمشى في حديقة القصر كعادتها كل يوم، وكانت مختلفة كثيرًا عن فرعون، فقد كانت مؤمنة ورحيمة ورقيقة وطيبة، وكانت تتمنى أن يكون عندها ولد، وفي ذلك الوقت كان جواريها يملأن الجرار من النهر، وكان الصندوق يرقد عند أقدامهن، حملنه إلى زوجة فرعون، وبعد فتحه رأت موسى داخله فأحست أنها تحبه كابنها، فقد ألقى الله محبته في قلبها، فانهمرت دموعها وحملته وراحت تقبله وهي تبكي، في ذات الوقت جلس فرعون على مائدة الإفطار ينتظر زوجته فلم تحضرـ فخرج غاضبًا يبحث عنها، فوجئ بحملها لطفل رضيع، وعندما علم بأمره قال إنه أحد أطفال بني إسرائيل ويجب أن يقتل، إلا أن زوجته وقفت بوجهه ورفضت ذلك ، وقد كانت تبكي من الفرح، وهو لم يرها تبكي من الفرح قبل ذلك، فوافق فرعون لطلبها واستجاب لرغبتها وسمح الله أن تربي هذا الطفل في قصره. ()
شبابه:
قضى نبي الله موسى مرحلة صباه في بيت فرعون حيث لبث في كنفه سنين طويلة، وقد تعلم كل العلوم، كان ينام في الحلقة العلمية الدينية، لهذا لم يكن يسمع الكلام الفارغ الذي يقوله المدرس عن ألوهية فرعون، ويسخر في نفسه من هذا الكلام، فهو يعيش مع فرعون في بيت واحد ويعرف أكثر من غيره أن فرعون مجرد إنسان ولكنه ظالم، فاضطلع موسى بالدعوة إلى ربه، وإعلاء كلمة الله بين قومه، فشرع يعيب على فرعون وملئه وما هم من زيغ عن الحق، وينكر ربوبية فرعون، ونبذ تعاليمه فلا أصنام تعبد، وقد ذهب يتمشى في المدينة، ووجد رجلًا من أتباع فرعون وهو يقتتل مع رجل من بني إسرائيل، واستغاث به الرجل الضعيف، فتدخل موسى وأزاح بيده الرجل الظالم فقتله، فقد كان قويًا للحد الذي يكفي فيه أن يضرب بيده ضربة واحدة ليزيح خصمه فإذا هو يقتله، ودعا موسى ربه فغفر له، وأصبح في المدينة خائفًا يترقب، ويلتفت لأوهى الحركات وأخفاها، وأخذ عهدًا على نفسه أنه لن يتدخل في المشاجرات بين المجرمين والمشاغبين ليدافع عن أحد من شيعته، لكنه فوجئ في أثناء سيره بنفس الرجل الذي أنقده في الأمس يناديه وهو مشتبك في عراك مع أحد المصريين، فأدرك أن هذا الإسرائيلي مشاغب، وصرخ موسى يعنفه واندفع نحوهما يريد البطش بالمصري، إلا أن الإسرائيلي اعتقد أن موسى سيبش به هو، فدفعه الخوف منه إلى استرحامه بأنه يريد قتله كما قتل الرجل بالأمس، فتوقف موسى وتذكر ما فعله، وكيف تاب واستغفر ربه، فاستدار عائدًا ومضى وهو يستغفر ربه، وأدرك المصري أنه قاتل المصري الذي عثروا على جثته بالأمس، وأسرع إلى رجال الأمن، وانكشف سر موسى وظهر، وجاء رجل مصري مؤمن همس في أذن موسى أن هناك اتجاهًا لقتله، ونصحه أن يخرج من مصر على عجل، وهكذا خرج سيدنا موسى -عليه السلام- من مصر على عجل دون أن يغير ملابسه، ولم يأخذ طعامًا للطريق، ولم يعد للسفر عدته، ولم يكن معه من دواب الأرض دابه تحمله على ظهرها وتوصله، إنما خرج بمجرد أن جاءه الرجل المؤمن. ()
نبوته ورسالته:
بعد أن وفّي نبي الله موسى -عليه السلام- أجله الذي أجل له، أخذ أهله وسار بهم من مدين إلى مصر، وفي طريق عودته لمصر أكرمه الله -سبحانه وتعالى- بالنبوة والرسالة. ()
مضت أمه ترعاه بعنايتها، وتحوطه برعايتها، وتحركت فيه عوامل الرشد والفتوّة، وأخذ يخالط بني إسرائيل ويحادثهم، ويختلف إلى مجالسهم، حتى إذا استوى واعتدل، وتم له الرشد والعقل، وبلغ سن الفضل والحكمة، وهي سن الأربعين، تفضّل عليه ربه بالعلم والنبوّة. ()
قومه:
كلف الله -سبحانه وتعالى- سيدنا موسى -عليه السلام- بدعوة فرعون وملئه، فقد عاد موسى إلى أهله بعد أن تشرّف بكلام ربه، وحلّاه بالرسالة، وجمّله بالنبوة، جدّ في السير مع أهله، معتمدًا على ربه، وقد أمره الله أن يذهب إلى فرعون ويدعوه برفق ولين إلى عبادة الله تعالى، وكان خائفًا من فرعون؛ لأنه قتل رجلًا منهم، فأرسل الله معه أخاه هارون، وأوحى الله إلى موسى أن فرعون لن يؤمن، ليدعه موسى وشأنه، وليركز على إطلاق سراح بني إسرائيل والكف عن تعذيبهم. ()
وفاته:
توفي سيدنا موسى -عليه السلام- بعد أن بلّغ رسالة ربه، دون أن يفرّط بشيء من الأمانة، وبذلك أحيى الله ذكره في الدنيا والآخرة، وجعل له سلامًا في الأولين والآخرين، () ودفن -عليه السلام- في الأرض المقدسة بفلسطين. ()
نلاحظ أن سيدنا موسى -عليه السلام- يكاد يكون هو الوجه الآخر لسيدنا إبراهيم -عليه السلام، كلاهما من أولي العزم الكبار، وقد كان سيدنا إبراهيم نموذجًا للحلم والرقة، وسيدنا موسى نموذجًا للاندفاع والقوة.
2
تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص
يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية
يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة
نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها
1-الواقعة المذكورة وقعت في منزلي حيث ان الوالدة تسكن معي في منزل املكه 2_توجد أصابة تبعية الدفاع عن...
إذا قُدّر للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الاتفاق مع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، وهو أمر يرجح...
لقد أرسلت طلبا عبر البريد الإلكتروني إلى HR و وتم الموافقه على الطلب من قبل ال HR ولكن قالت لي بان ...
شركة/ مارش هي صاحبة مصلحة تتعارض مع مصالح المستأنفة الأولى، نظراً لكون المستأنفة الأولى من المنافسين...
يتفق الباحثون بشكل عام على أن تنمية مهارات إدارة المعرفة تتطلب التفاعل المشترك بين الأفراد واستخدام ...
بما أن الفلسفة والعلم حقلان معرفيان مختلفان، ولكل منهما خصائص تختلف عن الآخر، فقد برزت الدعوة الى ا...
1-بذلت أنا والأم جهود لا تقدر بثمن لتلبية احتياجات أبنائنا الاثنين عبدالله واليازية وبالإضافة إلى ت...
With such sadness occupying her thoughts,Erika, a poor single mother of two, struggles to sleep at n...
1. طوير برامج متكاملة: ينبغي تصميم وتصميم برامج تأهيل متكاملة تشمل التعليم والتدريب المهني والفنون، ...
تُعتبر المملكة العربية السعودية واحدة من أهم الدول في العالم العربي والإسلامي، حيث تحتل موقعًا جغراف...
This study explores university students' experiences and perceptions of using artificial intelligenc...
1 تجارب تهدف الى اكتشاف الظواهر الجديدة 2 تجارب التحقق تهدف لاثبات او دحض الفرضيات وتقدير دقتها 3 ال...