لخّصلي

مما لاشك فيه أن الأنشطة الرياضية التي تنظمها الاتحادات الرياضية المختلفة في داخل مصر وخارجها، من الأمور الجائزة شرعا طالما أنها تمارس في حدود الأطر المسموح بها، دون ضرر أو إيذاء للمنافس، ولم تخرج عن الهدف الذي أنشئت من أجله، مثلها في ذلك مثل الرمي الذي شجع عليه النبي عليه الصلاة والسلام فيما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: خرج النبي وقوم من أسلم يرمون فقال :" ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا، ارموا وأنا مع ابن الأدرع، فأمسك القوم، فسألهم فقالوا: يا رسول الله من كنت معه غلب قال: ارموا وأنا معكم كلكم".

ذلك أن الرياضة بمختلف فروعها وفنونها تعمل على تنمية العقول، والأبدان، وكل ما كان كذلك فسبيله الحل لا محالة، وفضلا عن ذلك فإن فيها نوعا من الترفيه الذي يجعل الإنسان أكثر نشاطا في أداء عمله وواجباته، والترويح عن النفس والقلب مما ندب إليه الشارع الحكيم، إذ يقول النبي عليه الصلاة والسلام:" روحوا القلوب ساعة فساعة".

كما للرياضة هدف آخر وهو التقريب من الشعوب لاسيما في الممارسات القارية والمحافل الدولية، إذ تعمل على تلاقي الشباب، والاستفادة من التجارب الإنسانية، والأفكار التي لدى الآخر، وهذا عين ما دعت إليه الأديان السماوية ومنها القرآن الكريم، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى:" يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم حبير" الحجرات: 13

وإذا كان التنافس الرياضي بين الشعوب أمرا مندوبا إليه في شتى المحافل لما يحققه من تبادل الثقافات والخبرات، ويحقق التعارف الإنساني بين البشر بغض النظر عن الدين أو الجنس، أو العقيدة، فالرياضة إذن في المحافل العالمية معرض أو محفل عالمي تعرض فيه الدول والشعوب ثقافتها، وأخلاقها، وحضارتها، ومبادئها، من خلال شبابها الذين توفدهم الدول لتمثيلها في هذه البطولات أو تلك.

وفضلا عن هذا فإنها تخلق صداقات وعلاقات إنسانية بين الشباب تحقق ألوانا من التقارب بين الشعوب من شأنه أن يسهم بشكل كبير في نشر ثقافة التعايس السلمي الإنساني بين البشر على نحو أفضل.

كما أنها تجمع الشباب من الدول ذات العلاقات المتوترة وربما ساهم ذلك في التقريب بين الدول، وحل معضلات الأمور.

إذن الرياضة ممارسة سامية تهذب العقل والبدن والروح، وتحقق غاية مهمة هي بناء الإنسان فكريا وجسديا، وتمنحه القوة المنشودة التي دعا إليه الإسلام في قوله عليه الصلاة والسلام:" المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف" وتمنحه القوة المعنوية بتقبله الهزيمة من الآخر، وعدم التعصب، أو النيل من الآخر، أو التهكم عليه، تطاولا، أو سخرية، أو سبا، فضلا عن ثقافة التواضع عند النصر، وعدم الاستعلاء على المنافس، هذه الثقافة نحتاج إلى تفعيلها وترسيخ معانيها وما تهدف إليه، وتدريس ذلك للتلاميذ منذ نعومة أظفارهم من خلال مدخلات تعليمية معدة بشكل جيد، مع ترسيخها بالممارسة العملية من خلال تفعيل الأنشطة الرياضية والطلابية على مدار العام الدراسي في شتى المراحل المختلفة، لاشك أن هذا البناء الجسدي والفكري لمفهوم الرياضة وأدبياتها سيسهم بشكل فعال في تكوين البناء الثقافي والمعرفي والحضاري لكثير من شبابنا بل وشباب العالم حتى تتلاقي الثقافات المختلفة في ألق من المحبة، وإبداع من منقطع النظير من التعاون والتعارف الإنساني الراقي الذي هو جوهر الأديان السماوية.