لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (33%)

الكتاب الأول الفصل الأول: فصول الكتاب الأول إن الابن الوحيد هو أزلي وقبل كل الدهور ، شرح الآية: " فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ ". الفصل الثاني: إن الابن هو من جوهر الآب نفسه، شرح الآية : " وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ " شرح الآية : " وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللَّهَ ". الفصل الرابع: الفصل الخامس: الفصل السادس: إن الابن بالطبيعة هو الحياة، شرح الآية : " وَالْحَيَاةَ كَانَتْ نُورَ النَّاسِ . إن نفس الإنسان لا وجود لها قبل وجود الجسد ، الكتاب الأول مقدمة بقلم القديس كيرلس الأسكندري ينظرون - مثل الذين يقفون على رأس جبل أو مكان مراقبة عال يشاهدون منه كل الاتجاهات، فيقدمون ما ينفع السامعين - ويقنعونهم بغيرة بكل ما يمكن أن يكون لفائدة المتعطشين للحق الكامن في التعاليم الإلهية ولأنهم قد حددوا لأنفسهم هدفًا صالحاً فانهم يفتشون عن الخطة المختفية في الأسفار الإلهية. بل يفرح بالروح ويُسر بالشركة التي له مع أصحاب العقول النقية لأن دوافعهم للمعرفة ليس فيها مكر، وعندما تسكن فيهم الحكمة يصاحبها الخوف من الخطأ أو اتخاذ طريق آخر غير الطريق الملوكي المستقيم، إلا أنه يمكن أن نقول إن إنجيل يوحنا قد كُتِبَ بشكل يفوق الباقين، إلا أنهم استعملوا أساليب مختلفة مما جعلهم يشبهون أشخاصا تلقوا أمرًا أن يجتمعوا معا في مدينة واحدة، ولكن كل واحد منهم فضل أن يسلك طريقه الخاص به وليس الطريق العام المطروق. واحد منهم اختار أن يبدأ من إبراهيم نازلا خطوة بعد خطوة إلى يوسف (خطيب العذراء)، وأن تعجز مقاييس الطبيعة الإنسانية عن الاقتراب إلى الذي لا يمكن الإحاطة به، ولكن لكي يجعل هذا الاقتراب مختفيا للذين لا يعلمون التعليم الصحيح بل يُضلون البسطاء ( ١ تي ٤:٦) ولكنه مكشوف للقديسين الذين هم شهود عيان وخدام للكلمة (انظر لوقا ٢:١) ، فإنه يأتي بسرعة وغيرة إلى ذات جوهر التعاليم الإلهية صارخا بصوت عال في البدء كان الكلمة. يمكنهم الإستعانة بكل الكتابات الأمينة والصالحة والخالية من الأخطاء. وهكذا يجمعون أفكارا لكثيرين في وحدة واحدة لخدمة الرؤيا وإدراك الحق هؤلاء يرتفعون إلى مستوى جيد من المعرفة ويتشبهون بالنحلة أو المرأة الحكيمة النشيطة التي تجمع شهد العسل الذي للروح القدس. وتكلم هؤلاء جميعًا : " بِرُؤْيَا قَلْبِهِمْ لَا عَنْ فَمِ الرَّبِّ. وأنا أعني الشيطان . بل يفيض السم الفتاك من التنين الذي قال عنه المزمور للإله الواحد الضابط الكل أَنْتَ كَسَرْتَ رُؤُوسَ التَّنَانِينِ عَلَى الْمِيَاهِ " (مزمور ١٣:٧٤). وهجوم هؤلاء الذين يعلمون تعليمًا آخر، وأن يمد يد الخلاص للذين سقطوا في شباك الشيطان، أما التلميذ فقد حزن على الذين سقطوا وفسد عقلهم، أي القضاء على فساد تصور عقل الإنسان وقبول عبادة الله الواحد. ٤١ مخ. لقد أصابت الدهشة النبي إشعياء عندما قال وميلاده من يُخبر به؟ لأن حياته رفعت من الأرض" (إش ٨:٥٣). وحقا لقد رفع من الأرض تماما كل آثار الميلاد الأزلي لأنه يفوق الإدراك. لأننا نقدر أن نحدد بوضوح زمن بداية المخلوقات وكيفية وجودها ، نظرة أخرى مختلفة إلى عبارة " في البدء كان الكلمة " : والطبيعة الإلهية تغلق حدود الزمن، فهي كما هي لا تتغير حسبما قيل في المزمور عن الله: "أنتَ هُوَ وَسِنُوكَ لَنْ تَنْتَهِي " (مزمور ۲۷:۱۰۲). أما بالنسبة للابن فالبدء ليس بدءًا زمنيا ولا جغرافيا، أو كما قال هو خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِ الْآبِ وَقَدْ أَتَيْتُ إِلَى الْعَالَمِ " (يوحنا ٢٨:١٦). فإن الكلمة كان فيه لأنه حكمته وقوته وصورة جوهره وشعاع مجده. وإذا لم يكن وقت كان الآب فيه بلا حكمة وكلمة وصورة وشعاع، فهو أزلي مثل الآب الأزلي، وإلا كيف يوصف أنه صورته الكاملة ومثاله التام، إلا إذا كان له بوضوح ذات الجمال الذي هو على صورته. لأن الابن في الآب وهو من الآب، ليس كمن يأتي من الخارج في الزمان، يشع مثل الشعاع من فالانفصال يعني أن يفقد الشيئان معا الطبيعة التي تميزهما، ويشرق منه دائما حسب الميلاد الإلهي الأزلي غير المدرك. وكانوا يقصدون من ذلك أنه مع الآب لأن كاتب المزمور يقول بالروح القدس عن الظهور الثاني بالجسد لمخلصنا يقول عنه كابن " معك البدء في يوم قوتك في بهاء قديسيك " (مز ۱۱۰ : ۳ س) ويقول قوة الابن هو اليوم الذي سوف يدين فيه العالم ويعطي كل واحد حسب أعماله وحقا سوف يأتي مع الآب لأنه في الآب، سوف يقودنا هذا الشرح إلى أفكار كثيرة متعددة وجوانب مختلفة لمعنى "البدء" وسوف نتتبع كل هذه الأفكار في غيرة شديدة مثل كلب الصيد الذي يطارد الفريسة ولا يتوقف حتى يقتنصها ، وهكذا سوف نقتفي آثار التعاليم الإلهية ودقة الأسرار. ٤٤ على ما يبدو لي - يسمى الآب " البدء Qxn" أي القوة والسيادة التي على الكل أي الطبيعة الإلهية التي فوق الكل والتي تحت أقدامها تستقر الطبائع المخلوقة التي هي كائنة ومدعوة للوجود بسبب إرادة اللاهوت. في هذا البدء aoxn " الذي هو فوق الكل وعلى الكل "كان الكلمة"، لذلك هو مولود حر من الآب الحر، ومنه ومعه له السيادة aoxn على الكل. وما هو المقصود من هذه النقطة بالذات؟ ومن من الطبائع المخلوقة يمكنه بحق أن يهرب من الخضوع لسلطة الله الآب الذي هو على الكل؟ ومن من الكائنات يتوقف عن الخضوع للسيادة والقوة والربوبية التي على الكل؟ والتي يشير إليها سليمان حينما يقول لأَنَّ الْكُرْسِيَّ يُثَبَّتُ بالبر " (أمثال ١٢:١٦). لأنه من ذات جوهر الآب وله ذات السيادة ويعلن عن طبيعته بقوله " في الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ . ٤٥ إذن فالكلمة كان في البدء" ، أي كان في السيادة على الكل، وله صفات الربوبية لأنه من الله وما دام هذا هو الصحيح فكيف يمكن أن يُقال أنه خُلِقَ !؟ وكيف ينطبق هذا الإدعاء على معنى فعل "كان"؟ وكيف يمكن مصالحة الذي "لم يكن مع الذي كان؟ وأي مكان هناك بالمرة لعبارة "لم يكن فيما يخص الابن؟ الفصل الثاني الابن واحد مع الآب في الجوهر ولذلك هو إله في اقنومه " والكلمة كان عند الله " : بعد أن عرى الرسول الذين يدعون أن الابن الكلمة مخلوق، فالعبارة " فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ " تقفل باب الإدعاء أن الابن يحسب في عداد الكائنات المخلوقة، وبعد أن جردهم من كل الأفكار الغبية بهذه العبارة "في البدء كان الكلمة يتقدم لمحاربة هرطقة فاسدة أخرى، مثل فارس عظيم ثابت له صبر لا ينتهي بل يفرح بالأتعاب والجهاد ويشد حقويه ويرتدي عدة القتال، أو مثل فلاح ينزع من حقله كل الأشواك وينزعها واحدة واحدة، ويدور حول الحقل عدة مرات لكي يجمع كل شوكة على حدة ويضعها كلها واحدة واحدة ويبحث عن جذور الأشواك، هكذا صار الرسول يوحنا الذي عرف أن كلمة الله " حَيَّةٌ وَفَعَالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفِ ذِي حَدَّيْنِ (عبرانيين ١٢:٤) ، وعندما أدرك خطورة هؤلاء نازلهم بقوة لكي ينزع الجذور المرة الشريرة للمقاومين للحق، لندرك حذر هذا الذي حمل الروح في داخله، لم يجهل أن البعض سوف يقومون بجهل شديد ليدعوا أن الآب والابن هما واحد وأنهما غير متمايزين إلا في الأسماء فقط، وإنه ليس في الثالوث أقانيم. وضد هذه الهرطقة يسلّح نفسه لكي يقضي عليها ويهاجم من جانب بقوله "في البدء كان الكلمة ثم يهاجم من جانب آخر بقوله "والكلمة كان عند الله". وفي كلتا العبارتين استخدم فعل "كان" لضرورة تأكيد أن ميلاده كان أزليا. وبقوله "والكلمة كان عند الله أكد أنه متمايز وأنه أقنوم آخر غير أقنوم الآب الذي معه الكلمة. فهو وحده بذاته. هذا الأمر يستدعي مناقشة الهرطوقي لكي يدرك أن إدعاءه لا يتفق مع المعرفة الصحيحة، وسوف نعلم في المقاطع التالية من خلال أسئلة واضحة ومحددة خطأ الهراطقة. " براهين مأخوذة من شهادات الأسفار تبرهن أن الآب أقنوم والابن أقنوم آخر وأن الروح القدس يحسب معهما الأقنوم الثالث رغم أننا لا نخصص كلاما هنا عن ألوهية أقنوم الروح القدس". الابن هو من الجوهر نفسه مع الآب والآب هو من الجوهر نفسه مع الابن وكلاهما مساوي ومثل الآخر تماما بلا تغيير حتى أننا نرى الآب في الابن والابن في الآب، ومع أن الابن في الآب والآب في الابن وهو مثل الآب الذي ولده تماما في كل شيء، ولا أن الآب فقد أقنومه الخاص به، ولكن الطبيعة الإلهية الواحدة نفسها هي للاقنومين مع تمايز كل منهما حتى أن الآب هو الآب والابن هو الابن وأيضا الروح القدس يحسب معهما إلها مثل الآب والابن وهذا هو كمال الثالوث المعبود. وهذا هو الحق - فإننا ندرك أن له أقنوم متميز كما أن الآب له أقنوم متميز مثل تمايز الوالد عن المولود. ٤٨ ثانيا: فالآب والابن ليسا واحدا في الأقنوم بل كل منهما أقنوم يمكن رؤيته في الآخر بسبب وحدة الجوهر،


النص الأصلي

الكتاب الأول


الفصل الأول:


فصول الكتاب الأول


إن الابن الوحيد هو أزلي وقبل كل الدهور ، شرح الآية: " فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ ".


الفصل الثاني:


إن الابن هو من جوهر الآب نفسه، ولذلك فهو إله في أقنومه مثل الآب تماما ، شرح الآية : " وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ "


الفصل الثالث:


إن الابن هو بالطبيعة إله وليس أقل من الآب أو غير مماثل له، شرح الآية : " وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللَّهَ ".


الفصل الرابع:


الرد على أولئك الذين يقولون إن الكلمة الطبيعي في الله الآب هو غير الذي يدعى الابن في الأسفار المقدسة تعليم أصحاب بدعة أونوميوس)، شرح الآية : هَذَا كَانَ فِي الْبَدْءِ عِنْدَ اللَّهِ ".


الفصل الخامس:


إن الابن بالطبيعة خالق مع الآب، وهو من جوهر الآب، ولا يعمل مثل خادم مع الآب ، شرح الآية : " كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ .


الفصل السادس:


إن الابن بالطبيعة هو الحياة، ولذلك هو غير مخلوق، بل من جوهر الله الآب شرح الآية : " فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ .


الفصل السابع:


إن الابن بالطبيعة هو النور ، لذلك هو ليس مخلوقاً ، بل من جوهر الله الآب، نور من نور، شرح الآية : " وَالْحَيَاةَ كَانَتْ نُورَ النَّاسِ .


الفصل الثامن:


إن ابن الله وحده هو النور ، وإن الخلائق ليست هي النور بالمرة بل تشترك في النور، شرح الآية : كَانَ النُّورُ الْحَقِيقِيُّ".


الفصل التاسع:


إن نفس الإنسان لا وجود لها قبل وجود الجسد ، وإنه ليس وجود النفس في الجسد . كما يقول البعض . هو بسبب خطايا سابقة ، شرح الآية: كَانَ النُّورُ الْحَقِيقِيُّ الَّذِي يُنيرُ كُلَّ إِنْسَانِ آتِياً إِلَى الْعَالَمِ. كَانَ فِي الْعَالَمِ ".


الفصل العاشر :


إن الابن الوحيد هو وحده بالطبيعة الابن من الآب لكونه من الآب وفي الآب، شرح الآية : " اللَّهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَط .


الكتاب الأول


مقدمة بقلم القديس كيرلس الأسكندري


إن اتفاق الحق، والتعلم من الله هو ما يميز عقل الإنجيليين القديسين، لأنهم بالقوة الفائقة التي نالوها ، ينظرون - مثل الذين يقفون على رأس جبل أو مكان مراقبة عال يشاهدون منه كل الاتجاهات، فيقدمون ما ينفع السامعين - ويقنعونهم بغيرة بكل ما يمكن أن يكون لفائدة المتعطشين للحق الكامن في التعاليم الإلهية ولأنهم قد حددوا لأنفسهم هدفًا صالحاً فانهم يفتشون عن الخطة المختفية في الأسفار الإلهية.


لأن الله لا يُعلن الحق للذين يبحثون بفضول ويجدون لذة في أحابيل وفخاخ الجدل، بل يعلن الروح القدس الحق للذين يفرحون بالحق لأنه لا يسكن في النفس المملوءة بالغش ( حكمة (٤:١ ) ، ولا يطيق أن يلقي باللؤلؤ الذي يخصه تحت أقدام الخنازير ( متى (٧ (٦) ، بل يفرح بالروح ويُسر بالشركة التي له مع أصحاب العقول النقية لأن دوافعهم للمعرفة ليس فيها مكر، فهم يهربون من المكر، وعندما تسكن فيهم الحكمة يصاحبها الخوف من الخطأ أو اتخاذ طريق آخر غير الطريق الملوكي المستقيم، لان من يسلك بنقاء يسلك بثقة كما يقول سليمان (أم ٩:١٠).


ومع أن للإنجيليين دقة عجيبة في الكتابة، قال عنها المخلص : لأَنَّ لَسْتُمْ أَنْتُمُ الْمُتَكَلِّمِينَ بَلْ رُوحُ أَبِيكُمُ الَّذي يَتَكَلَّمُ فِيكُمْ " (متى ٢٠:١٠)، إلا أنه يمكن أن نقول إن إنجيل يوحنا قد كُتِبَ بشكل يفوق الباقين، وهذا يمكننا أن نراه إذا دققنا في أفكاره وفي جدة ذكائه واقترابه الشديد من جوهر الأحداث. ومع أن الإنجيليين اشتركوا معا في شرح التعاليم الإلهية، وبدأ الكل من نقطة انطلاق واحدة مثل انطلاق المتسابقين نحو نهاية السباق، إلا أنهم استعملوا أساليب مختلفة مما جعلهم يشبهون أشخاصا تلقوا أمرًا أن يجتمعوا معا في مدينة واحدة، ولكن كل واحد منهم فضل أن يسلك طريقه الخاص به وليس الطريق العام المطروق.


وهذا ما تراه في دقة الإنجيليين في تحديد نسب المخلص حسب الجسد، واحد منهم اختار أن يبدأ من إبراهيم نازلا خطوة بعد خطوة إلى يوسف (خطيب العذراء)، والآخر اختار أن يبدأ من يوسف صاعدًا إلى آدم. أما يوحنا المبارك فلم يهتم بالمرة بهذه الأمور بل نراه برغبة نارية وعقل يرغب في الأمور التي تعلو العقل الإنساني قد تجاسر وإقترب لكي يشرح الميلاد الفائق الذي لا يمكن الإحاطة به أي ميلاد الله الكلمة. فهو يعلم أن " مَجْدُ اللهِ إِخْفَاءُ الأَمْرِ " (أمثال (٢:٢٥)، والكرامة التي تليق بالله تفوق فهمنا وإدراكنا ، ومن الصعب أن يدرك أحد أو يشرح، صفات الطبيعة الإلهية.


ولكن من الضروري في بعض الأحوال أن يقيس الله السماء بشبر (إشعياء ١٢:٤٠) ، وأن تعجز مقاييس الطبيعة الإنسانية عن الاقتراب إلى الذي لا يمكن الإحاطة به، والذي يصعب أن يشرحه أحد، ولكن لكي يجعل هذا الاقتراب مختفيا للذين لا يعلمون التعليم الصحيح بل يُضلون البسطاء ( ١ تي ٤:٦) ولكنه مكشوف للقديسين الذين هم شهود عيان وخدام للكلمة (انظر لوقا ٢:١) ، فإنه يأتي بسرعة وغيرة إلى ذات جوهر التعاليم الإلهية صارخا بصوت عال في البدء كان الكلمة. والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله". هذا بذاته كان في البدء عند الله ".


وأعتقد أن الذين يدرسون الأسفار المقدسة، يمكنهم الإستعانة بكل الكتابات الأمينة والصالحة والخالية من الأخطاء. وهكذا يجمعون أفكارا لكثيرين في وحدة واحدة لخدمة الرؤيا وإدراك الحق هؤلاء يرتفعون إلى مستوى جيد من المعرفة ويتشبهون بالنحلة أو المرأة الحكيمة النشيطة التي تجمع شهد العسل الذي للروح القدس.


لقد أفادنا الذين يحبون البحث أنه بعد صلب المخلص وصعوده إلى السماء هاجم رعاة سوء ، ومعلمون كذبة - مثل الوحوش - قطيع المخلص وأرعبوهم، وتكلم هؤلاء جميعًا : " بِرُؤْيَا قَلْبِهِمْ لَا عَنْ فَمِ الرَّبِّ. (إرميا (١٦:٢٣) ، ليس فقط من قلبهم الخاص بل من تعليم معلمهم . وأنا أعني الشيطان . لأنه إن كان لا يوجد من يقول هي إن يسوع أناثيما سوى بعلزبول، فكيف لا يكون ما نقوله عنهم صحيحا ؟! ما


٤٠


الأمور التي يتمسك بها هؤلاء ضد رئيسهم؟. فهم عن جهل وبعدم تقوى يؤكدون أن الكلمة الابن الوحيد النور الأزلي الذي به نحيا ونتحرك وتوجد (أعمال ۲۸:۱۷) وجد أولاً عندما ولد من العذراء القديسة كإنسان وأخذ شكلنا وظهر للذين على الأرض وتحادث مع البشر" كما هو مكتوب (باروخ ۳ : ۳۷). وكلمة النبي تدين بشدة هؤلاء الذين تجاسروا وأهانوا الميلاد الأزلي غير المدرك فيقول: "أَمَّا أَنْتُمْ فَتَقَدَّمُوا إِلَى هُنَا يَا بَنِي السَّاحِرَةِ نَسْلَ الْفَاسِقِ وَالزَّانِيَةِ بِمَنْ تَسْخَرُونَ وَعَلَى مَنْ تَفْغَرُونَ الْفَمَ وَتَدْلَعُونَ اللسَانَ؟ " (إش ٣:٥٧ ، (٤) فهؤلاء لم يخرجوا من قلبهم ما هو صالح، لأن قلبهم لم يكن صالحا ، بل يفيض السم الفتاك من التنين الذي قال عنه المزمور للإله الواحد الضابط الكل أَنْتَ كَسَرْتَ رُؤُوسَ التَّنَانِينِ عَلَى الْمِيَاهِ " (مزمور ١٣:٧٤).


ولأن الاضطراب الذي حدث بين الذين يؤمنون لم يكن قليلاً، وكان الوباء الذي أحدثته هذه الإهانة يقتل نفوساً كثيرة من بين البسطاء، لأنهم ابتعدوا عن التعليم السليم بواسطة تصورهم الشرير أن الكلمة جاء إلى بداية الوجود عندما صار إنسانًا ) : أما الحكماء من المؤمنين فقد اجتمعوا معا وجاءوا إلى تلميذ المخلص - أي يوحنا - وكشفوا له عن المرض الذي كان يضايق الإخوة، وهجوم هؤلاء الذين يعلمون تعليمًا آخر، وطلبوا منه أن يساعدهم باستنارة الروح، وأن يمد يد الخلاص للذين سقطوا في شباك الشيطان، أما التلميذ فقد حزن على الذين سقطوا وفسد عقلهم، وفي نفس الوقت رأي بثاقب بصره أنه لا يجب أن يترك الذين سيأتون بعده بدون مساعدة، فقرر أن يكتب الإنجيل وترك الجوانب الإنسانية المعروفة مثل سلسلة الأنساب والميلاد حسب الجسد للإنجيليين الآخرين الذين كتبوها بالتفصيل، أما هو فبكل شجاعة النفس تقدم لكي يهاجم الذين أشاعوا التعليم المضاد وقال : " فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ " (يو ١:١).


1 من النصوص الأساسية في صلوات تقديس مياه المعمودية في كل الكنائس الشرقية، وكما هو ظاهر هو القضاء على الوحش الأسطوري التنين، أي القضاء على فساد تصور عقل الإنسان وقبول عبادة الله الواحد.


٤١


مخ.


٤٢


لقد أصابت الدهشة النبي إشعياء عندما قال وميلاده من يُخبر به؟ لأن حياته رفعت من الأرض" (إش ٨:٥٣). وحقا لقد رفع من الأرض تماما كل آثار الميلاد الأزلي لأنه يفوق الإدراك. وإذا كان فوق الإدراك فكيف يمكن أن نقول إنه مخلوق، لأننا نقدر أن نحدد بوضوح زمن بداية المخلوقات وكيفية وجودها ، أما البدء فنحن نعجز عن أن نحدد زمن بدايته.


نظرة أخرى مختلفة إلى عبارة " في البدء كان الكلمة " :


ليس من الممكن أن نعتبر البدء خاصاً بزمان مهما كان، لأن الابن الوحيد هو قبل كل الدهور، والطبيعة الإلهية تغلق حدود الزمن، فهي كما هي لا تتغير حسبما قيل في المزمور عن الله: "أنتَ هُوَ وَسِنُوكَ لَنْ تَنْتَهِي " (مزمور ۲۷:۱۰۲). فالبدء الذي يمكن قياسه بالزمان أو المسافات سوف يتعداه الابن، فهو لا يبدأ في زمان أو مكان بل هو بلا حدود فهو بالطبيعة الله ويصرخ أنا هو الحياة (يوحنا ٦:١٤) ، ومع أن كل بداية لا يمكن أن تكون بلا نهاية لأن البداية تُسمى بداءة من زاوية خاصة وهي وجود نهاية لها ، وكذلك النهاية تُسمى نهاية بسبب وجود بداية لها. هذه البداية خاصة بالزمان والمسافة، ففي الزمان والمسافة البداءة تعني نهاية والعكس. أما بالنسبة للابن فالبدء ليس بدءًا زمنيا ولا جغرافيا، فهو أزلي وأقدم من كل الدهور ، ولم يُولد من الآب في الزمان لأنه "كان" مع الآب، مثل الماء في الينبوع، أو كما قال هو خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِ الْآبِ وَقَدْ أَتَيْتُ إِلَى الْعَالَمِ " (يوحنا ٢٨:١٦). فإذا اعتبرنا الآب المصدر أو الينبوع، فإن الكلمة كان فيه لأنه حكمته وقوته وصورة جوهره وشعاع مجده. وإذا لم يكن وقت كان الآب فيه بلا حكمة وكلمة وصورة وشعاع، فإنه من الواضح أن وجود الابن الذي هو حكمة وكلمة وصورة الآب وشعاع مجده أمر لا يحتاج إلى إقرار منا ، فهو أزلي مثل الآب الأزلي، وإلا كيف يوصف أنه صورته الكاملة ومثاله التام، إلا إذا كان له بوضوح ذات الجمال الذي هو على صورته.


هل من اعتراض على أن الابن في الآب مثل الماء في الينبوع، أو أن الآب هو الينبوع؟ إن كلمة ينبوع تعني هنا المعية. لأن الابن في الآب وهو من الآب، ليس كمن يأتي من الخارج في الزمان، بل هو من ذات جوهر الآب، يشع مثل الشعاع من


٤٣
الشمس أو صدور الحرارة من النار. هذه الأمثلة تعني أن نرى كيف يولد أو يصدر شيء من شيء، وفي نفس الوقت لا يصدر متأخرا أو بعد زمن، أو أن تكون له طبيعة مختلفة بل يصدر الشيء من الشيء ويظل كائنا معه لا ينفصل عنه، بل لا يمكن لأي منهما أن يوجد بدون الآخر، فلا شمس بلا شعاع ولا شعاع بدون شمس تشعه من داخلها. ولا نار بلا حرارة ولا حرارة إلا من نار. فالانفصال يعني أن يفقد الشيئان معا الطبيعة التي تميزهما، فكيف تصبح الشمس شمسا بلا أشعة ، وكيف تصبح النار نارا بلا حرارة.


وكما أن هذه الأشياء التي تصدر بعضها عن البعض تجعل وجودها معا أمرًا ضروريا لا انفصال فيه بل تظل دائما بمصدرها وتحتفظ بطبيعة المصدر، هكذا الأمر مع الآب والابن. لأننا نعتقد ونقول إنه في الآب ومن الآب. وهذا يعني أنه ليس كائنا غريبا أو جاء في الترتيب بعد الآب، بل هو فيه ومعه دائما. ويشرق منه دائما حسب الميلاد الإلهي الأزلي غير المدرك.


ولذلك وصف القديسون الله الآب أنه هو "بدء" الابن، وكانوا يقصدون من ذلك أنه مع الآب لأن كاتب المزمور يقول بالروح القدس عن الظهور الثاني بالجسد لمخلصنا يقول عنه كابن " معك البدء في يوم قوتك في بهاء قديسيك " (مز ۱۱۰ : ۳ س) ويقول قوة الابن هو اليوم الذي سوف يدين فيه العالم ويعطي كل واحد حسب أعماله وحقا سوف يأتي مع الآب لأنه في الآب، وهو البدء غير المبتدئ للطبيعة الإلهية، وهي التي تجعل الآب هو البدء بالنسبة للابن من ناحية المعية لأن الابن من الآب.


" في البدء كان الكلمة ":


سوف يقودنا هذا الشرح إلى أفكار كثيرة متعددة وجوانب مختلفة لمعنى "البدء" وسوف نتتبع كل هذه الأفكار في غيرة شديدة مثل كلب الصيد الذي يطارد الفريسة ولا يتوقف حتى يقتنصها ، وهكذا سوف نقتفي آثار التعاليم الإلهية ودقة الأسرار. لقد قال المخلص " فتشوا الْكُتُبَ لأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً. وَهِيَ الَّتِي تَشْهَدُ لِي " (يوحنا ٣٩:٥).


اس تعني أن الشاهد مأخوذ من الترجمة السبعينية للعهد القديم.


٤٤
والإنجيلي المبارك . على ما يبدو لي - يسمى الآب " البدء Qxn" أي القوة والسيادة التي على الكل أي الطبيعة الإلهية التي فوق الكل والتي تحت أقدامها تستقر الطبائع المخلوقة التي هي كائنة ومدعوة للوجود بسبب إرادة اللاهوت.


في هذا البدء aoxn " الذي هو فوق الكل وعلى الكل "كان الكلمة"، ليس مع الطبائع المخلوقة التي تحت قدمي البدء وإنما عاليًا عنها جميعا لأنه "في البدء" أي من ذات الطبيعة والكائن دائما مع الآب، وله طبيعة الذي ولده كمكان أزلي قبل الكل. لذلك هو مولود حر من الآب الحر، ومنه ومعه له السيادة aoxn على الكل. وما هو المقصود من هذه النقطة بالذات؟


لقد إدعى البعض . كما أشرنا . أن الكلمة دعي إلى الوجود أولاً عندما أخذ هيكله من العذراء مريم وصار إنسانًا لأجلنا. وما نتيجة هذا الإدعاء؟ وماذا يحدث لو كان الابن حقا كما يدعون مخلوقا مثل كل المخلوقات، وجاء إلى الوجود من العدم وله اسم وحقيقة العبودية وصفات الطبيعة المخلوقة. ومن من الطبائع المخلوقة يمكنه بحق أن يهرب من الخضوع لسلطة الله الآب الذي هو على الكل؟ ومن من الكائنات يتوقف عن الخضوع للسيادة والقوة والربوبية التي على الكل؟ والتي يشير إليها سليمان حينما يقول لأَنَّ الْكُرْسِيَّ يُثَبَّتُ بالبر " (أمثال ١٢:١٦). وما هو العرش الذي له السيادة على الكل؟ يقول الله بواسطة أحد القديسين "السَّمَاوَاتُ كرسيي " (إشعياء ١:٦٦). ولذلك فالسماء مستعدة للبر، وهذا يعني أن الكل خاضع لعرش الله في السماء أي كل الأرواح المقدسة المستعدة لخدمته.


لهذا السبب بعينه يهجم الإنجيلي المبارك بقوة على الذين يعلمون أن الابن يحسب في عداد المخلوقات الخاضعة لسلطة عرش الله وإنه تحت السيادة aoxn، ويصرخ الإنجيلي ضد هؤلاء جميعا معلنا أن الابن ليس من المخلوقات بالمرة هو حر تماماً من العبودية، لأنه من ذات جوهر الآب وله ذات السيادة ويعلن عن طبيعته بقوله " في الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ .


1 على أساس أن Aoxn تتضمن معنى السيادة.


٤٥
ولكي يقضي تماما على هذا الرأي يضيف إلى كلمة "البدء فعل "كان" لكي ندرك أن الكلمة ليس حديثا بل أزليا" وقبل كل الدهور. والفعل "كان" وضع هنا لكي يحمل كل مفكر إلى أعماق سحيقة وهي الميلاد الأزلي غير المدرك الذي هو فوق الزمان . وفعل "كان" هو فعل مطلق لا يمكن أن يتوقف لا سيما إذا أقترن "بالبدء" و "كان" يعلو على الزمان ولا يمكن قياسه. فهو دائما يسبق الفكر ومهما حاول العقل أن يتصور أنه وقف عند "كان يجد بعد ذلك أن النقطة التي توقف عندها هي أقل بكثير من فعل "كان".


إذن فالكلمة كان في البدء" ، أي كان في السيادة على الكل، وله صفات الربوبية لأنه من الله وما دام هذا هو الصحيح فكيف يمكن أن يُقال أنه خُلِقَ !؟ وكيف ينطبق هذا الإدعاء على معنى فعل "كان"؟ وكيف يمكن مصالحة الذي "لم يكن مع الذي كان؟ وأي مكان هناك بالمرة لعبارة "لم يكن فيما يخص الابن؟




٤٦


الفصل الثاني


الابن واحد مع الآب في الجوهر ولذلك هو إله في اقنومه


" والكلمة كان عند الله " :


مثلما الآب هو أيضا إله في أقنومه


بعد أن عرى الرسول الذين يدعون أن الابن الكلمة مخلوق، وهؤلاء الذين عفى عليهم الزمان لأنهم بلا إدراك، فالعبارة " فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ " تقفل باب الإدعاء أن الابن يحسب في عداد الكائنات المخلوقة، وبعد أن جردهم من كل الأفكار الغبية بهذه العبارة "في البدء كان الكلمة يتقدم لمحاربة هرطقة فاسدة أخرى، مثل فارس عظيم ثابت له صبر لا ينتهي بل يفرح بالأتعاب والجهاد ويشد حقويه ويرتدي عدة القتال، أو مثل فلاح ينزع من حقله كل الأشواك وينزعها واحدة واحدة، ويدور حول الحقل عدة مرات لكي يجمع كل شوكة على حدة ويضعها كلها واحدة واحدة ويبحث عن جذور الأشواك، هكذا صار الرسول يوحنا الذي عرف أن كلمة الله " حَيَّةٌ وَفَعَالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفِ ذِي حَدَّيْنِ (عبرانيين ١٢:٤) ، وعندما أدرك خطورة هؤلاء نازلهم بقوة لكي ينزع الجذور المرة الشريرة للمقاومين للحق، وبقوة وثبات ينزعهم من كل ناحية ويقدم لمن يقرأ إنجيله، خدمة الدفاع عن الإيمان الصحيح.


لندرك حذر هذا الذي حمل الروح في داخله، لقد كتب أن الكلمة كان في البدء Aoxn " أي "في الله الآب". ولكن لأن عين ذهنه قد استنارت، لم يجهل أن البعض سوف يقومون بجهل شديد ليدعوا أن الآب والابن هما واحد وأنهما غير متمايزين إلا في الأسماء فقط، وإنه ليس في الثالوث أقانيم. مع أن تمايز الأقانيم يعني أن الآب هو فعلاً آب وليس إبنا وكذلك الابن هو ابن وليس أبا ، حسب كلمة الحق....... وضد هذه الهرطقة يسلّح نفسه لكي يقضي عليها ويهاجم من جانب بقوله "في البدء كان الكلمة ثم يهاجم من جانب آخر بقوله "والكلمة كان عند


فجوة في النص نفسه.


٤٧


الله". وفي كلتا العبارتين استخدم فعل "كان" لضرورة تأكيد أن ميلاده كان أزليا. وبقوله "والكلمة كان عند الله أكد أنه متمايز وأنه أقنوم آخر غير أقنوم الآب الذي معه الكلمة.


والذين ينكرون الأقانيم لا يدرون أن الواحد الذي بلا أقانيم لا يمكن أن نقول إنه "معه" أو كان "معه" ، فهو وحده بذاته. هذا الأمر يستدعي مناقشة الهرطوقي لكي يدرك أن إدعاءه لا يتفق مع المعرفة الصحيحة، وسوف نعلم في المقاطع التالية من خلال أسئلة واضحة ومحددة خطأ الهراطقة.


" براهين مأخوذة من شهادات الأسفار تبرهن أن الآب أقنوم والابن أقنوم آخر وأن الروح القدس يحسب معهما الأقنوم الثالث رغم أننا لا نخصص كلاما هنا عن ألوهية أقنوم الروح القدس".


الابن هو من الجوهر نفسه مع الآب والآب هو من الجوهر نفسه مع الابن وكلاهما مساوي ومثل الآخر تماما بلا تغيير حتى أننا نرى الآب في الابن والابن في الآب، وكلاهما يُشرق من خلال الآخر مثلما قال المخلص نفسه الذي رَانِي فَقَدْ رأى الآب " و "أنا في الآب والآب فِي " (يو ٩:١٤ ، (۱۰). ومع أن الابن في الآب والآب في الابن وهو مثل الآب الذي ولده تماما في كل شيء، ويعلن الآب في ذاته بلا نقص، إلا أن هذا لا يعني أن الابن فقد اقنومه المتميز، ولا أن الآب فقد أقنومه الخاص به، فالتماثل التام بين الأقانيم لا يعني اختلاط الأقانيم حتى أن الأب الذي منه يولد الابن يصبح بعد ذلك إبنا، ولكن الطبيعة الإلهية الواحدة نفسها هي للاقنومين مع تمايز كل منهما حتى أن الآب هو الآب والابن هو الابن وأيضا الروح القدس يحسب معهما إلها مثل الآب والابن وهذا هو كمال الثالوث المعبود.


أولاً :


لو كان الابن أبا أيضا فما هو معنى تمايز الأسماء؟ لو كان الآب لم يلد أحدا من ذاته فلماذا يدعي الآب؟ ولماذا يُدعى بهذا الاسم لو كان غير مولود من الآب؟! إن تمايز الأسماء يعني تمايز الاقانيم وحيث إن الأسفار المقدسة تعلن أن الابن مولود من الآب . وهذا هو الحق - فإننا ندرك أن له أقنوم متميز كما أن الآب له أقنوم متميز مثل تمايز الوالد عن المولود.


٤٨


ثانيا:


يكتب الطوباوي بولس في رسالته إلى الفيليبيين عن الابن " الذي إذ كان في صورة الله لم يحسب مساواته لله اختلاسا" (في ٦:٢). فمن هو الذي لا يحسب مساواته لله اختلاسا ؟ فالتمايز هنا ظاهر لأن الذي هو صورة الله متمايز عن الأصل. وهذا هو الحق الذي يؤمن به الكل. فالآب والابن ليسا واحدا في الأقنوم بل كل منهما أقنوم يمكن رؤيته في الآخر بسبب وحدة الجوهر، لأنهما إله من إله، الابن من الآب.


ثالثا :


أنا والآب وَاحِدٌ " (يوحنا ٣٠:١٠) هكذا قال المخلّص مؤكدا أن له كيان خاص متمايز عن كيان الآب. وإذا لم يكن هذا هو الحق الواضح فلماذا قال "أنا والآب" كان عليه الإكتفاء بكلمة " وَاحِدٌ". ولكن حيث إنه أعلن ماذا يقصد بالكلام عن اثنين فقد قضى تماما على إدعاء المخالفين لأن "أنا والآب" لا يمكن أن تعني أنهما أقنوم واحد بل أنهما واحد في الجوهر.


رابعا :


عن خلق الإنسان نسمع صوت الله يقول "تَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا ( تكوين ١ (٢٦). فلو كان الله أقنوما واحدًا بلا تعدّد وليس ثلاثة أقانيم فمن الذي كان يتكلم مع من؟ ويقول له "نخلق الإنسان على صورتنا". ولو كان الله أقنوما واحدا لقال أخلق الإنسان على صورتي لكن الكتاب لم يذكر ذلك، ولكن حيث إن صيغة الجمع استخدمت "صورتنا فإنها تُعلن بصوت قوي أن أقانيم الثالوث هي أكثر من واحد.


خامسا :


لو كان الابن هو إشعاع (بهاء) الآب، كنور من نور (عبرانيين (٣:١) فكيف لا يكون متمايزا عنه وله أقنومه الخاص لأن البهاء غير البهي - الإشعاع غير المشبع).


سادسا:


يعلن الابن أنه من جوهر الآب بقوله " خَرَجْتُ مِنْ عِنْد الْآبِ وَقَدْ أَتَيْتُ إِلَى الْعَالَمِ وَأَيْضاً أَتْرُكُ الْعَالَمَ وَأَذْهَبُ إِلى الآب" (يوحنا ٢٨:١٦). فكيف لا يكون آخرًا


٤٩


ومتمايزا عن الآب في الاقنوم؟ ألا تؤكد كل الأدلة لنا أن الذي يخرج من آخر يعني أنه متمايز عن الآخر والعكس طبعا غير صحيح.


سابعا :


بالإيمان بالله الآب وابنه يسوع المسيح وبالروح القدس نحن نتبرر، ولذلك يأمر المخلص نفسه تلاميذه قائلاً " فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ" (متى ۱۹:۲۸). فإذا كان اختلاف الأسماء لا يعطينا الاعتقاد أن الأقانيم ثلاثة فما الفائدة من استخدام الأسماء الثلاثة؟ إذا كان من يتكلم عن الآب يعني الابن أو من يتكلم عن الابن يعني الآب فما الداعي إلى الوصية أن يعتمد المؤمنون باسم الثالوث وليس باسم واحد ؟ ولكن لأن الطبيعة الإلهية هي الثالوث فمن الواضح أن كل أقنوم له كيانه الخاص به، ولما كان لا يوجد اختلاف بينهم في الطبيعة الإلهية فإن اللاهوت واحد وكل أقنوم يُعبد مع الاقنومين الآخرين.


ثامنا :


تقول الأسفار الإلهية إن مدن السادوميين قد أحرقها غضب الله وتصف هذا الخراب بالقول " فَأَمْطَرَ الرَّبُّ عَلَى سَدُومَ وَعَمُورَة كَبْرِيتاً وَنَاراً مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ . (تكوين ٢٤:١٩ ) ، وهذا هو نصيب وكأس (مز ٦:١١) الذين يرتكبون مثل هذه الخطايا. ولكن من هو الرب الذي أمطر نارًا وكبريتا من عند الرب وأحرق مدن السادوميين؟ من الواضح أنه الأب الذي يعمل كل شيء بالابن، لأنه هو ذراعه القوي وقوته، فهو الذي جعله يمطر نارًا على السادوميين ولذلك قيل "أمطر الرب من عند الرب". فكيف لا يُعلن هذا أن الآب هو آخر غير الابن وأن له أقنومه المميز وكذلك الابن غير الآب وله أقنومه المميز لأن الواحد هنا يظهر أنه من الآخر.


تاسعا :


عندما تحرك المرنم بروح النبوة وعلم ما سيأتي قال في المزامير وهو يعلم أن الجنس البشري لا يمكن أن يخلص إلا بظهور ابن الله الذي يُحوّل كل شيء حسب إرادته. لذلك تنبأ عن مجيء الابن إلينا لكي ينقذ الذين هم تحت الفساد والموت وسلطان الشيطان فقال الله الآب أَرْسِلْ نُورَكَ وَحَقَّكَ " (مزمور ٣:٤٣). فما


٥٠
هو النور؟ وما هو الحق؟ لنسمع الابن نفسه يقول "أنا هو النور" وأيضا "أنا هو الحق" (يوحنا ١٢:٨ ، ٦:١٤) فإذا كان نور الآب وحقه هو الابن الذي سيأتي إلينا ، فكيف لا يكون الابن أقنوما متميزا عن أقنوم الآب رغم أنه واحد معه في الجوهر ومماثل له تماما ؟ وإذا تخيّل أحد أن هذا ليس كذلك وأن الابن والآب هما أقنوم واحد ، فلماذا لا يصرخ المرنم الذي سكن فيه الروح القدس فصاغ صلاته قائلاً تعال أيها النور والحق؟ ولكن حيث إنه يقول "أرسل" فهو يعرف جيدا أن الواحد متميز عن الآخر فالواحد أي الآب يُرسل والابن هو الذي يُرسل والإرسال نفسه يؤكد لنا تمايز الأقانيم.


عاشرا:


تقول الأسفار الإلهية إنه "فَإِنَّهُ فِيهِ خُلِقَ الْكُلُّ : مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأرضِ، مَا يُرَى وَمَا لَا يُرَى " (كولوسي ١ (١٦) ، هكذا نؤمن ونعبد حسب الحق ونصعد في طريقنا إلى الحق والإيمان السليم حسب العقيدة الصحيحة. فما هو المعنى الدقيق للفظة "فيه" أي "في الابن أو بالابن؟ من الواضح أن هذا يعني أن الذي يصنع هو غير الذي يتم بواسطته العمل لأن الآب إذا كان يعمل كل شيء بالابن فمن الواضح أن له أقنوما متميزا ويصبح تعبير "بالابن" "قادرا" على التعبير عن أقنومين. و


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

يهدف إلى دراسة ...

يهدف إلى دراسة الأديان كظاهرة اجتماعية وثقافية وتاريخية، دون الانحياز إلى أي دين أو تبني وجهة نظر مع...

‏تعريف الرعاية ...

‏تعريف الرعاية التلطيفية‏ ‏وفقا للمجلس الوطني للصحة والرفاهية ، يتم تعريف الرعاية التلطيفية على النح...

Risky Settings ...

Risky Settings Risky settings found in the Kiteworks Admin Console are identified by this alert symb...

الممهلات في الت...

الممهلات في التشريع الجزائري: بين التنظيم القانوني وفوضى الواقع يخضع وضع الممهلات (مخففات السرعة) عل...

Lakhasly. (2024...

Lakhasly. (2024). وتكمن أهمية جودة الخدمة بالنسبة للمؤسسات التي تهدف إلى تحقيق النجاح والاستقرار. Re...

‏ Management Te...

‏ Management Team: A workshop supervisor, knowledgeable carpenters, finishers, an administrative ass...

تسجيل مدخلات ال...

تسجيل مدخلات الزراعة العضوية (اسمدة عضوية ومخصبات حيوية ومبيدات عضوية (حشرية-امراض-حشائش) ومبيدات حي...

My overall expe...

My overall experience was good, but I felt like they discharged me too quickly. One night wasn't eno...

- لموافقة المست...

- لموافقة المستنيرة*: سيتم الحصول على موافقة مستنيرة من جميع المشاركين قبل بدء البحث. - *السرية*: سي...

تعزيز الصورة ال...

تعزيز الصورة الإيجابية للمملكة العربية السعودية بوصفها نموذجًا عالميًا في ترسيخ القيم الإنسانية ونشر...

وصف الرئيس الأم...

وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مساء الثلاثاء، الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة بأنها "مأساوية"، متعه...

Mears (2014) A ...

Mears (2014) A system of justice that could both punish and rehabilitate juvenile criminals was the ...