لخّصلي

الإمام البخاري رحمه الله :

أ- اسمه: (الجامع الصحيح المسند المختصر من أمور رسول الله ﷺ وسننه وأيامه). ب سبب تأليف الكتاب من ذلك ما سمعه البخاري من أستاذه أمير المؤمنين في الحديث إسحاق بن راهويه حيث قال لتلاميذه: لو جمعتم كتاباً مختصراً لصحيح سنة رسول الله . اهـ . قال البخاري: فوقع ذلك في قلبي فأخذت في جمع الجامع الصحيح). وأيضاً ما ذكر عن نفسه بأنه رأى النبي الله في المنام، وبيد البخاري مهفة يذب عن النبي ، فعندما قصها على المعبرين عبروها له بأنه يذب عن النبي صلى الله عليه، فعندما قصها على المعبرين، عبروها له بأنه يذب الأحاديث الضعيفة عن حديث رسول الله ، فوقع في قلبه تصنيف الكتاب الصحيح، ومكث في تصنيفه ستة عشر عاماً، وما وضع فيه حديثاً إلا اغتسل قبله وصلى ركعتين، وبعد أن أكمله عرضه على الأئمة أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين وعلي بن المديني، وغيرهم فاستحسنوه وشهدوا له بالصحة إلا في أربعة أحاديث، قال الإمام العقيلي والقول فيها قول البخاري وهي صحيحة . وتلقاه العلماء بالقبول في كل عصر قال البخاري عنه: جعلته

حجة فيما بيني ويبين الله تعالى، وما أدخلت فيه إلا صحيحاً، وما تركت من الصحيح أكثر حتى لا يطول.

وقال الإمام النووي: اتفق العلماء على أن أصبح الكتب بعد القرآن الكريم الصحيحان، صحيح البخاري وصحيح مسلم، وتلقتهما الأمة بالقبول، وكتاب البخاري أصحهما وأكثرهما فوائد (۱)... فقد التزم مع صحة الأحاديث، استنباط الفوائد الفقهية، والنكت الحكمية، فاستخرج بفهمه الثاقب من المتون معاني كثيرة فرقها في أبوابه بحسب المناسبة، واعتنى فيها بآيات الأحكام ... ثم إن تراجم الأبواب - أي عناوين الأبواب - قد تكون ظاهرة وخفية، فالظاهرة أن تكون دالة بالمطابقة لما يورد في مضمونها، وإنما فائدتها الإعلام بما ورد في ذلك الباب.. ولذا اشتهر في قول

جمع من الفضلاء: فقه البخاري في تراجمه
وقال الإمام الذهبي: وأما جامع البخاري الصحيح، فأجل كتب الإسلام وأفضلها بعد كتاب الله تعالى. وهو أعلى شيء في وقتنا إسناداً للناس ومن ثلاثين سنة يفرحون بعلو سماعه، فكيف اليوم فلو رحل الشخص لسماعه من

مسيرة ألف فرسخ لما ضاعت رحلته (۱).

ترتيب الكتاب : وقد رتبه على سبعة وتسعين كتاباً بدأ بكتاب بدء الوحي وختمه بكتاب (التوحيد) وأدرج

ما بينهما سائر الكتب الأخرى الشاملة لجميع أبواب الدين، ولذا سمي بكتاب الجامع. وقد اعتنى العلماء بصحيح البخاري على مدى العصور المتوالية، شرحاً، واستنباطاً للأحكام منه، وقد زادت المؤلفات حوله على أربعمائة كتاب، ومن أشهرها كتاب فتح الباري شرح صحيح البخاري للحافظ ابن حجر (المتوفي ٨٥٤هـ) الذي طبع في أربعة عشر مجلداً، وقال عنه العلماء: لقد كان شرح البخاري ديناً في عنق الأمة حتى جاء

الحافظ ابن حجر بشرحه فتح الباري فوفى هذا الدين، والله أعلم.

ثانياً: صحيح الإمام مسلم

اسمه: (المسند الصحيح المختصر من السنن بنقل العدل عن العدل عن رسول الله ).

ألف الإمام مسلم كتابه الصحيح استجابة لطلب أحد طلبة العلم النبهاء، في مدة استمرت خمس عشرة سنة، انتهى منه عام مائتين وخمسين هجرية في بلده وفي حياة كثير من مشايخه ورتبه على الأبواب، لكنه لم ينص على هذه الأبواب لئلا يزداد حجم الكتاب أو لغير ذلك، ثم جاء بعد الأئمة فشرحوا الكتاب مع وضع أسماء لتلك الأبواب؛ ولذا

قد يحدث اختلاف في بعضها.

ولقد اعتنى العلماء بصحيح الإمام مسلم فكثرت عليه الشروح حتى زادت على مائة كتاب، ومن أشهرها شرح الإمام النووي المعروف باسم المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج وطبع في تسع مجلدات كبار .

ثالثاً: سنن أبي داود:

للإمام الحافظ سليمان بن الأشعث بن إسحاق الأزدي السجستاني. ولد سنة ٢۰۲هـ، طلب العلم صغيراً،

ومن الذين طافوا البلاد في طلب الحديث، ولقي كثيراً من أئمة الحفاظ في عصره كالإمام أحمد بن حنبل رحمه الله وله مصنفات أشهرها : (السنن) وقد صنفه على أبواب الفقه واقتصر فيه على الأحكام ولم يذكر القصص والمواعظ. قال رحمه الله: كتبت عن رسول الله . خمسمائة ألف حديث انتخبت منها ما ضمنته في هذا الكتاب جمعت فيه أربعة آلاف وثمانمائة حديث (۲) ذكرت الصحيح وما يشبهه وما يقاربه"، وقال رحمه الله : "ما ذكرت في كتابي حديثاً أجمع الناس على تركه (۳). ومن أهم شروحه : معالم السنن لأبي سليمان محمد بن محمد الخطابي، توفي أبو داود رحمه الله سنة

٢٧٥ هـ (٤).

رابعاً سنن الترمذي:

ويسمى "جامع الترمذي" أو "الجامع الصحيح"، للإمام الحافظ أبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة بن موسى بن الضحاك السلمي الترمذي ولد سنة ۲۰۰ هـ ، طلب العلم صغيراً، ورحل في طلبه إلى كثير من البلدان، ولقي كثيراً من أئمة عصره، كالإمام البخاري ومسلم وأبي داود، وكان من أئمة الحفاظ الذين اشتهروا بالضبط والإتقان إلى جانب زهده وورعه، بكى حتى أبيضت عيناه، وبقي ضريراً سنين آخر عمره وتوفي سنة ۲۷۹ هـ (۱) ، وقد ترك عدة مصنفات من أشهرها كتابه السنن فيه الصحيح والحسن والضعيف والغريب والمعلل وكشف عن علته، ويتجه أهل التحقيق إلى أن غالبية أحاديث هذا الكتاب صحيحة والضعيف فيها قليل، قال الترمذي: صنف هذا الكتاب فعرضته على علماء الحجاز والعراق و خراسان فرضوا به ومن كان في بيته فكأنما في بيته نبي بينكم .. (٢) . . ومن أهم شروحه عارضة الأحوذي (۲)

لأبي بكر بن العربي، وتحفة الأحوذي للمباركفوري.

خامساً – سنن النسائي:

ويسمى بالمجتبى أو المجتبى - بالنون ، وبالسنن الصغرى؛ لأنه اختصر من كتابه "السنن الكبرى"، للإمام أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي الخراساني، النسائي، نسبة إلى بلده نسا بخراسان، ولد سنة ٢١٥هـ، طلب العلم صغيراً، ورحل في طلبه، وهو ابن خمس عشرة سنة إلى بلاد مختلفة، وسمع من كبار علماء عصره في بلده، ومن تلك

البلدان على سبيل المثال الحجاز، والعراق ومصر والشام وغيرها، ثم استوطن مصر .

وبرع فيها وكان فقيهاً شافعي المذهب كثير العبادة، متمسكاً بالسنة توفي بالرملة بفلسطين سنة ٣٠٣هـ (٣)،

ودفن في بيت المقدس، وللنسائي خمسة عشر مؤلفاً أكثرها في الحديث وأشهرها كتابه: "السنن" صنفه على أبواب الفقه ويدعى المجتبي وكان رحمه الله في أول الأمر ألف كتاباً يقال له السنن الكبرى" ثم اختصره، وأسقط كل حديث تكلم في

إسناده بالتعليل. وأما شروحه فمنها شرح السيوطي، وحاشية السندي، وهما مطبوعان.

سادساً - سنن ابن ماجه:

للإمام الحافظ أبي عبد الله محمد بن يزيد بن عبد الله القزويني عرف بابن ماجه ولقب به، ولد في قزوين سنة

٢٠٩هـ، وطلب العلم في مطلع شبابه، ورحل إلى العراق والحجاز ومصر والشام وغيرها ولقي كثيراً من أئمة عصره، له

مصنفات في السنن والتفسير والحديث والتاريخ وأشهر كتبه كتاب السنن ووضعه على أبواب الفقه. توفي سنة

٢٧٣ هـ (٤) ، وقد جمع في كتابه الصحيح والحسن والضعيف، لهذا لم يدخله كثير من أهل العلم في الكتب الستة قبل

القرن السادس، وأول من ضم سنن ابن ماجه إلى الكتب الخمسة أبو الفضل طاهر المقدسي : ٤٤٨ - ٥٠٧هـ ، في

كتابه أطراف الكتب الستة وبهذا أصبحت كتب الحديث المعتمدة ستة وتابعه على ذلك أهل العلم من بعده.

وكان العلماء قبل ذلك يعدون الأصل السادس كتاب الموطأ للإمام مالك رحمه الله ؛ لأنه أصح من سنن ابن

ماجه، وإنما قدم العلماء سنن ابن ماجه على الموطأ، لما في السنن من زوائد على الكتب الستة بخلاف الموطأ فجعل ابن

ماجه ما فيه موجوداً في الكتب الخمسة إلا القليل منه (٥). فلم يقدم كتاب ابن ماجه على الموطأ لأنه أصح منه بل

لكثرة الزيادات فيه ثم تأتي بعد ذلك كتب الأحاديث الأخرى منها: سابعاً - موطأ الإمام مالك بن أنس الأصبحي الحميري المدني الفقيه أحد أعلام الإسلام واحد أصحاب

المذاهب الأربعة وإمام دار الهجرة ولد سنة ٩٣هـ، وتوفي سنة ١٧٩هـ. ثامناً - مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني المروزي خرجت أمه به من سرد وهي حامل به فولدته في

بغداد سنة ١٦٤هـ، وفيها نشأ وطلب العلم، وهو أحد أصحاب المذاهب الأربعة توفي رحمه الله سنة ٢٤١هـ. تاسعاً - ثم صحيح ابن خزيمة للإمام الحافظ أبي بكر محمد بن إدريس بن خزيمة النيسابوري ولد سنة ٢٢٣هـ،

وتوفي سنة ۳۱۱هـ، وقيل: إن أصح . ما صنف بعد الشيخين ابن خزيمة فابن حبان (۱).

عاشراً - ثم صحيح ابن حبان للإمام حافظ أبي حاتم أحمد بن حبان البستي الشافعي ت: ٣٥٤هـ، له تصانيف عدة أشهرها المسند الصحيح، وقد رتبه الأمير علاء الدين بن عبد الله على الأبواب ترتيباً حسناً وسماه:

الإحسان في ترتيب صحيح ابن حبان (۲)، وغير ذلك من الكتب في علم الحديث.

٦ - منهج المحدثين في توثيق السنة:

لقد بذل علماء الحديث جهوداً حثيثة مباركة وفق منهج علمي دقيق التزموه في تدوينهم للسنة النبوية وتمييزهم للمقبول من المردود منها. وقد ظهرت هذه العناية بالسنة النبوية المطهرة في قواعد ثابتة ومنهج نقدي واضح، وأبرز معالم

هذه المنهج :

أولاً : نقد السند والسند في اصطلاح المحدثين هو سلسلة الرواة الذين ينقلون ما أضيف إلى رسول الله

، وسمي سنداً لاعتماد الحفاظ عليه في معرفة قبول الحديث ورده.

وقد اجتهد الصحابة رضوان الله عليهم، ومن جاء بعدهم في المحافظة على الحديث، وفحص رواته وأحوالهم

وجعلوا الاهتمام بالإسناد من الدين، قال الإمام عبد الله بن المبارك: الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء (۳). اهـ. وقال الإمام شعبة: إنما يعلم صحبة الحديث بصحة الإسناد. اهـ. وقال الإمام سفيان الثوري: الإسناد

سلاح المؤمن إذا لم يكن معه سلاح، فبأي شيء يقاتل (٤). اهـ. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية والإسناد من خصائص هذه الأمة، وهو من خصائص الإسلام، ثم هو في

الإسلام من خصائص أهل السنة (٥) اهـ. ولقد أراد أعداء الإسلام الكيد لهذا الدين والنيل منه بتلفيق الأحاديث المكذوبة، فأفزع هذا الصنيع الخبيث

علماء الإسلام، فنهض جمع منهم المهمة الكشف عن هؤلاء الرواة بدراسة أحوالهم، والتحري عن ميولهم ومذاهبهم، مع التجرد عن الهوى، والتجلي بالحيادية الحقيقية في البحث، حيث إن محبتهم الرسول الله ، أغلى من محبتهم لأنفسهم وأهليهم وأوطانهم، فكانوا يبحثون عن القرائن التي تجلي الحكم عن هذا الراوي أو ذاك، دون الاهتمام بأن تكون نتيجة سلبية أو إيجابية، بل غياتهم أن تكون النتيجة صحيحة صادقة، مثل المخبري عندما يحلل مادة، فيذكر النتيجة حتى وإن

لم يرض عنها الطبيب.