لخّصلي

: يعيش البشر على هذا الكوكب قد اختلفت دياناتهم وأفكارهم ، وإن الدين الذي يعامل أهل الملل الأخرى بالعدل وبالقسط لا بد أن يكون ديناً عظيماً يقبله العالمون إذا جاءهم فاتحاً . والإسلام أصدق دين يمكن أن ينطبق عليه هذا الوصف . وإن من عظمة هذا الدين أنه دين ذو شريعة غراء تنظم تفاصيل هذه الحياة الدنيا ، ومن ذلك اهتمام هذه الشريعة بالعلاقات الإنسانية ورعايتها لها . ومن هذه العلاقات الإنسانية : علاقات المسلمين بالكفار . وقد قال الله تعالى في الكفار من أهل الكتاب : " ليسوا سواء . " [آل عمران : 113]. بل هم أنواع ومراتب ومنهم البعيد ولكن الحكم ونظر الكفار المعصوموا الدم والمال ٩:٠٣ م, ٢٢‏/٥‏/١٤٤٦ هـ] . : وما يهمنا هنا أنواع الكفار الذين هم معصوموا الدم والمال في نظر الإسلام . وهم ثلاثة أنواع : الأول : أهل الذمة. ولن تتكلم في مبحثنا هذا عن أهل الذمة ؛ لتعذر العمل بالأحكام الخاصة بهم في زماننا هذا بسبب ضعف المسلمين وسيطرة الأفكار الدولية على معظم الدول الإسلامية والعربية ، وأهل الذمة ، والمعاون دون ، والمستأم نون ، كلهم أعطوا عهداً بالأمان من المسلمين. ويختلف كل قسم عن الآخر في عدد من الجوانب والتفاصيل الحكمية الشرعية ٩:٠٦ م, : أولاً : المُستأمنون X تشا المستأمنون جمع مستأمن بكسر الميم الثانية ويفتحها . المستأمين بكسر الميم هو طالب الأمان ٢٤٦ والمستأمن بفتح الميم هو المؤامن بمعنى أنه أعطي الأمان . استوطن صار ذمياً عليه أن يدفع الجزية وتسري عليه أحكام أهل الذمة . ولكن قد يطلق مصطلح المستأمن على المسلم الذي ذهب إلى بلاد الكفار بأمان ، وللمستأمن المسلم ، وقد رود في تعريف الموسوعة : " الْمُسْتَأمِنُ : مَنْ يَدْخُل إِقْلِيمَ غَيْرِهِ بِأَمَان سواء كان مُسْلِمًا أم كافراً حريًّا ٣١١. ماذا يترتب على إعطاء الأمان للكافر المستأمن : ٣١٥ ولا يجوز الغدر بالمستأمنين ونقض الأمان الذي أعطى لهم إلا أن ينبذ إليهم الإمام أو صاحب العهد بأن يخبرهم بأن الأمان قد انتهى فينتهوا لذلك . كما قال الله تعالى : " وإما تخافن من قوم خيانة قائد أو يعقد عهد الأمان لقليل من الكفار المحاربين أو لكثير منهم ، أما تأمين العدد الكبير فهو من حق الإمام . أنا والهدف كما هو واضح من الآية تقريب هؤلاء المؤمنين إلى الله وإسماعه آيات الهدى . يجب على المسلمين جميعاً الالتزام بأمان الإمام أو نائبه : الحكمة من الأمان : ٩:١١ م, ٢٢‏/٥‏/١٤٤٦ هـ] . : يجب على المسلمين جميعاً الالتزام بأمان الإمام أو نائبه : وإذا وقع الأمان من الإمام أو نائبه أو من غيره بشروطه وجب على المسلمين جميعاً الوفاء به ، فلا يجوز قتل المستأمنين ، ولا سببهم ، ولا أحد شيء من أموالهم ، ولا التعرض لعصمتهم ، ولا أذيتهم بغير وجه شرعي . ويسري هذا الأمان إلى أهل المستأمن وما معه من مال إذا كانا معه في بلاد الإسلام . ٩:١٢ م, ٢٢‏/٥‏/١٤٤٦ هـ] . : هل يصح للمرأة المسلمة أن تمنح الأمان : يرى جمهور الفقهاء إلى أنه يصح للمرأة المسلمة أن تمنح الأمان لكافر مستدلين بقوله صلى الله عليه وسلم : " قد أخرنا من أخرْتِ يَا أُمَّ هاني " متفق عليه ٢٥ ٩:١٣ م, ٢٢‏/٥‏/١٤٤٦ هـ] . وحدة بعضهم بشهرين ، وبعضهم قال : يشترط أن لا يزيد على أربعة أشهر ، : متى يصير الأمان لاغياً : ينتقض الأمان بأمور منها : -1- إذا رأى إمام المسلمين أنه لا مصلحة في هذا العقد ، ولا يجوز التعرض للمستأمنين قبل إخبارهم بوضوح ، لقوله سبحانه وتعالى : " فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الخائنين" [الأنفال : ٢٠١ أجمع علماء الإسلام على أن المستأمن إذا رغب في نبذ عهد الأمان وإلغائه ، وأخبر عن رغبته بوضوح وجب على المسلمين تبليغه المأمن ، ولا يتعرض لما معه بشيء انقضاء مدة الأمان إذا كان محدوداً بوقت معلوم لدى الجميع . مَا يَسْتَحِقَّهُ الْمُسْتَأْمِنُ مِنَ الْكَبْرِ وَالْمَعْدِنِ ( والنفط من المعدن ) : إذا عمل المستأمن في استخراج المعادن ( ومنها النفط ) فإنه يستحق ما حصل الاتفاق عليه مع الإمام ، وفي المبسوط للسرخسي من الحنفية : " يؤخذ منه الخمس ، فإذا اتفقوا على أقل من ذلك للمستأمن فإنه حائز من باب أولى إذا دخل المسلم دار الكفار بأمان فإنه يحرم عليه خيانتهم فلا يتعرض لشيء من أموالهم ودمائهم وفروجهم ؛ لأن الله عز وجل قال : " إنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَالِنِينَ " [الأنفال : 58] ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : " المسلمون على شروطهم ٣٥٧ . وأي نوع من أنواع المعاملات اليوم التي تجريها الدول والحكومات اليوم لإدخال غير مواطنيها يعتبر عقد أمان يلزم بموجبه أن يكون الداخل إلى ديارهم مستأمناً لا يجوز له الإخلال بعقد الأمان الذي أدخلوه به . ولا يصلح في دين المسلمين الغدر . ٢٢‏/٥‏/١٤٤٦ هـ] . : ثانياً : المُعَاهَدُونَ المعاهدون جمع معاهد، والمعاهد نسبة إلى العهد. ومن معانيه في اللغة اليمين ، لأنه مما ينبغي الاحتفاظ به والحفاظ عليه. ٣٥٨ ماذا يترتب على الهدنة : ويأمن الأعداء . كما في عقد الأمان . لأن الموادعة عقد أمان أيضاً، وبناء عليه يجب كف أذانا أو أذى الدميين عنهم حتى يتأتى ناقض للعهد منهم . ٩:١٨ م, ٢٢‏/٥‏/١٤٤٦ هـ] . 1- أن الهدنة معاهدة بين دولتين على إنهاء القتال وتوفير السلام في جميع أنحاء الدولة . أما الأمان العام فهو اتفاق الدولة مع جماعة غير محصورة على المسالمة ومنح الأمان في بلد أو إقليم معين 2- أن الهدنة طريق لإنهاء الحرب بين المسلمين وغيرهم، لقوله تعالى : فقال سبحانه: "وإنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَحَارَكَ فَأَجِرُهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلام الله ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ " [التوبة : 6] أما الإجابة لطلب الهدنة فمباحة جائزة غير واجبة بشرط مراعاة المصلحة الإسلامية. 4- إذا بطل أمان رجال لم يبطل أمان نسائهم والصبيان، ٩:١٩ م, ٢٢‏/٥‏/١٤٤٦ هـ] . : مسوغات عقد الهدنة وإبرام العهد مع الدولة الكافرة : يتفق الفقهاء أن شرط مشروعيتها أن يكون المسلمون في حال ضعف، وهو صورة من صور المصلحة من عقد الهدنة . والمصلحة من عقد الهدنة كما تتحقق حال ضعفنا، فإنها تتحقق بأغراض أخرى : 1 - كرجاء إسلام الكفار . ٢ - أو عقد الذمة فيأتون إلينا ويدخلون تحت طاعتنا . المقابل المالي في المعاهدة إذا كان في ذلك مصلحة للمسلمين : ولا بأس بأن يتم الصلح على عوض مالي يدفعه المسلمون إلى الكفار عند الاضطرار، لأن الله تعالى أباح لنا الصلح مطلقاً في قوله : وإن ولأن المقصود من الصلح هو دفع الشر والخطر، ولكن أهم النواقض التي وردت في كلامهم : الخيانة ، وهي كل ما ناقض العهد والأمان ، أو أخل بشرط من شروطه. أو قتل المسلمين ، أو أخذ أموالهم بغير حق . بل ذلك راجع إلى راجع إلى الإمام ، أما الراجح - والله أعلم - فإنه ليس للمهدئة مدة معينة، إنما تقدير المدة راجع إلى اجتهاد الإمام قدر الحاجة لأن المهادن… ٩:٢٣ م, ٢٢‏/٥‏/١٤٤٦ هـ] . : قد أعطوا عهداً بالأمان . والمستأمنون : وهم حربيون أعطوا عهداً بالأمان لمدة مؤقتة ، قد أعطوا عهداً بالأمان . ٩:٢٤ م, ٢٢‏/٥‏/١٤٤٦ هـ] . : مولاء كلهم أهل عهد ، عدم جواز نقض العهد الذي أبرم من أجلهم أو الإخلال به . رهيبة العاقبة . وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما ٣٦٨ والمقصود ب" المعاهد في هذا الحديث الكافر الذي أعطاه المسلمون أو إمامهم عهداً بالأمان ، والمستأمنين ، وأهل الصلح والهدنة . ولهذا نوع البخاري تبويبه لهذا الحديث ، ومرة باب إلم من قتل دمياً بغير حق ٣٧٠٠ 2 عن صفوان بن سليم أنه أخبرة عدة من أبناء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم - عن نالهم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال " الا من ظلم … ٩:٢٦ م, ٢٢‏/٥‏/١٤٤٦ هـ] . : الإسلام دين العدل والحق، كفل لكل إنسان في الوجود حقه، وألزمه من الواجبات، وحتى نرى عظمة ديننا في اهتمامه بكل طوائف المجتمع. ما يأتي: وكرمهم أحسن تكريم، ومن مظاهر هذا الاهتمام 1- أنه خفف عن الرسول ﷺ وأصحابه في قيام الليل حتى لا يعوفهم هذا القيام عن العمل، فقد كان القيام واجبا على الرسول ﷺ قال تعالى ( إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أدْنَى مِنْ تُلْقِي اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَقُلْتَهُ وطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْص… ٩:٢٧ م, لا تميد ولا تضطرب، وفخر فيها الينابيع، وشق الطرق، وهيا المنافع، وأتبت فيها الزروع وأخرج الثمار، فسيروا في جوانبها وأقطارها وأرجائها حيث شئتم بحثا عن المكاسب والتجارات ولا يعني السعي شيئا عن تيسير الله، لذا قال تعالى ( وَكُلُوا مِنْ رِزْقه أي مما رزقكم وخلقه لكم في الأرض، وأعطاكم القدرات على تحصيل خيراتها، فإليه النشور، وإليه المرجع يوم القيامة، فاحذروا الكفر والمعاصي في السر والعلن. : والآية دليل على قدرة الله ومزيد إنعامه على خلقه، وعلى أن السعي واتخاذ الأسباب لا ينافي التوكل على الله، وعلى أن الاتجار والتكسب مندوب إليه. ٩:٣٠ م, ٢٢‏/٥‏/١٤٤٦ هـ] . : أخرج الإمام أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه عن عمر بن الخطاب له أنه سمع رسول الله ﷺ يقول : لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصا، وتروح بطانا "(٢٧) فأثبت لها عدواً ورواحاً، لطلب الرزق، مع توكلها على الله عز وجل، وهو المسحر المسير المسبب. وأخرج الحكيم الترمذي عن معاوية بن قرة قال: مر عمر بن الخطاب الله يقوم، فقال: من أنتم؟ فقالوا : المتوكلون، إنما المتوكل رجل ألقى حبه في بطن الأرض، وحل . ومن اهتمام الإسلام بالعمل أنه حث على الانتشار في الأرض بعد الفراغ من الصلاة قال تعالى ) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ الفلحون) (۳) أي: إذا فعلتم الصلاة وأديتموها وفرغنم منها فانتَشِرُوا فِي الْأَر… ٩:٣١ م, ٢٢‏/٥‏/١٤٤٦ هـ] . : والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ فَيَحْتَطِبَ عَلَى ظهره خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْتِي رَجُلًا فَيَسْأَلَهُ أَعْطَاهُ أَوْ مَنعه. (۳) وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِي الله أَنَّ نَاسًا مِنْ الْأَنْصَارِ سَأَلُوا رَسُولَ اللهِ ﷺ فَأَعْطَاهُمْ ، وَمَا أُعْطِي أَحَدٌ عَطَاءٌ خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ . (۳) فالنبي ﷺ يعلمهم أن الاستعفاف عن المسألة، لأن السؤال ذل للإنسان وإهدار لكرامته ، ولن يكون للأمة كرامة بين الأمم ورفعة إلا إذا اعتمدت على صنع أيديها وا… ٩:٣٣ م, ٢٢‏/٥‏/١٤٤٦ هـ] . : 6- معرفة الأنبياء لقيمة العمل وقيامهم به كان الأنبياء وهم أشرف الخلق على وجه الأرض يعملون؛ لأنهم يعلمون أن شرفهم وعزهم في العمل، فهذا نبي الله داوود التي كان يعمل حداداً يصنع الدروع والسيوف، تلك المهنة التي ربما يعدها البعض اليوم عيباً، ويستحي أن يعملها قال تعالى (وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ) (۲۸) حتى إن الله امين عليه بإلانة الحديد له كما دل على ذلك قوله تعالى (وَلَقَدْ ۳) أخرجه البخاري ك : الزكاة، باب الاستعفاف عن المسألة (صحيح البخاري 2/ 123). ۳۳) أخرجه البخاري ك : الزكاة ، باب الاستعفاف عن المسألة - 1469) (صحيح البخاري (122/2). ) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير من حديث كعب بن عجرة - 15619) المعجم الكبير للطبراني 491/13). 1) سورة الأنبياء الآية (80). آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا… ٩:٣٦ م, ٢٢‏/٥‏/١٤٤٦ هـ] . : - اهتمام الصحابة بالعمل دليل على أهميته كان الصحابة الكرام يعملون بأيديهم؛ ذكر أبو الفرج ابن الجوزي عن عطاء بن السائب قال: لما استخلف أبو بكر أصبح غادياً إلى السوق، وعلى رقبته أثواب يتحر بها،

[٩:٠٠ م, ٢٢‏/٥‏/١٤٤٦ هـ] .: يعيش البشر على هذا الكوكب قد اختلفت دياناتهم وأفكارهم ، وتنوعت مللهم ويحلهم، ولا بد لهم أن يتعايشوا ، وإن الدين الذي يعامل أهل الملل الأخرى بالعدل وبالقسط لا بد أن يكون ديناً عظيماً يقبله العالمون إذا جاءهم فاتحاً .

والإسلام أصدق دين يمكن أن ينطبق عليه هذا الوصف .

وإن من عظمة هذا الدين أنه دين ذو شريعة غراء تنظم تفاصيل هذه الحياة الدنيا ، ومن ذلك اهتمام هذه الشريعة بالعلاقات الإنسانية ورعايتها لها ...

ومن هذه العلاقات الإنسانية : علاقات المسلمين بالكفار .

ولا شك أن هؤلاء الكفار ليسوا في سلة واحدة ، ولا لهم نوع واحد ، وقد قال الله تعالى في الكفار من أهل الكتاب : " ليسوا سواء .. " [آل عمران : 113].

بل هم أنواع ومراتب

منهم القريب ، ومنهم البعيد

ومنهم العدو اللدود ، ومنهم المخالف الودود

ولكن الحكم ونظر

الكفار المعصوموا الدم والمال
[٩:٠٣ م, ٢٢‏/٥‏/١٤٤٦ هـ] .: وما يهمنا هنا أنواع الكفار الذين هم معصوموا الدم والمال في نظر الإسلام ...

وهم ثلاثة أنواع :

الأول : أهل الذمة..

الثاني : المعاهدون

أنا

الثالث : المستأمنون ( يشترك في اسم المستأمن المسلم الذي دخل دار الحرب بأمان...

ولن تتكلم في مبحثنا هذا عن أهل الذمة ؛ لتعذر العمل بالأحكام الخاصة بهم في زماننا هذا بسبب ضعف المسلمين وسيطرة الأفكار الدولية على معظم الدول الإسلامية والعربية ، مع أن فيها ملايين من أهل الذمة !! كنصارى مصر والشام (وهم بالملايين واليهود الذين بقوا في أرضهم ولم ينزحوا إلى بيت المقدس ، كيهود اليمن القاطنين فيها ) اليوم ...

وأهل الذمة ، والمعاون دون ، والمستأم نون ، كلهم أعطوا عهداً بالأمان من المسلمين.. ويختلف كل قسم عن الآخر في عدد من الجوانب والتفاصيل الحكمية الشرعية
[٩:٠٦ م, ٢٢‏/٥‏/١٤٤٦ هـ] .: أولاً : المُستأمنون

X تشا

ج:/المستخدمون/6a6fe/التنزيلات/(1)20%125549_240913_20

المستأمنون جمع مستأمن بكسر الميم الثانية ويفتحها ....

المستأمين بكسر الميم هو طالب الأمان

٢٤٦ والمستأمن بفتح الميم هو المؤامن بمعنى أنه أعطي الأمان .

وفي الاصطلاح : هو الكافر الحزبي الذي يدخل دار المسلمين بأمان من غير استيطان ..

٢١٣ فإن

استوطن صار ذمياً عليه أن يدفع الجزية وتسري عليه أحكام أهل الذمة .

ولكن قد يطلق مصطلح المستأمن على المسلم الذي ذهب إلى بلاد الكفار بأمان ، ولهذا جاء تعريف المستأمن في الموسوعة الفقهية الكويتية شاملاً للمستأمن الكافر الحربي ، وللمستأمن المسلم ، وقد رود في

تعريف الموسوعة : " الْمُسْتَأمِنُ : مَنْ يَدْخُل إِقْلِيمَ غَيْرِهِ بِأَمَان سواء كان مُسْلِمًا أم كافراً حريًّا ٣١١.

ماذا يترتب على إعطاء الأمان للكافر المستأمن :

إذا أعطي المستأمن الأمان فلا يجوز قتله ولا سبية ولا سبي دريته ولا نسائه، ولا غنيمة ماله .. ٣١٥

وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وَذمَّة المسلمين واحدةً يَسْعَى بِمَا أَدْنَاهُمْ ، فَمَنْ أَحْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ الله والمَلائِكَةِ والنَّاسِ أَجْمَعِينَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرَّفٌ وَلَا عَدْلٌ ٣١٦

ولا يجوز الغدر بالمستأمنين ونقض الأمان الذي أعطى لهم إلا أن ينبذ إليهم الإمام أو صاحب العهد بأن يخبرهم بأن الأمان قد انتهى فينتهوا لذلك ... كما قال الله تعالى : " وإما تخافن من قوم خيانة قائد
[٩:٠٨ م, ٢٢‏/٥‏/١٤٤٦ هـ] .: من يعطي الأمان :

أجمع الفقهاء على أن صاحب الحق في إعطاء الأمان هو الإمام المسلم أو نائبه فيؤمن الإمام أفراداً أو يعقده مع حكومات دول أخرى لتأمين رعاياها ، أو يعقد عهد الأمان لقليل من الكفار المحاربين أو لكثير منهم ، إذا كان في ذلك مصلحة للمسلمين...

ویرى جمهور الفقهاء كذلك أن الأمير يمكن يمنح الأمان لأهل بلدة موازية للبلدة التي يحكمها ٣١٧٠٠

ویرى جمهور الفقهاء أن المسلم الواحد يصح أن يعطي الأمان لعدد محصور كأهل قرية أو حصين صغير ، أما تأمين العدد الكبير فهو من حق الإمام .. لأن تأمين المسلم الواحد للعدد الكبير من المستأمنين فيه تجاوز على حق الإمام ٣٤٨٠٠

الحكمة من الأمان :

أنا

بين الله تعالى الحكمة من إعطاء الأمان فقال سبحانه: "وإن أحد من الْمُشْرِكِينَ اسْتَحَارَكَ فَأَجرَّهُ حَتَّى يسْمَعُ كلام الله ثم أتبعه مأمنه ذلك بالهم قوم لا يَعْلَمُونَ " [التوبة : 6]

والهدف كما هو واضح من الآية تقريب هؤلاء المؤمنين إلى الله وإسماعه آيات الهدى .

يجب على المسلمين جميعاً الالتزام بأمان الإمام أو نائبه
[٩:١٠ م, ٢٢‏/٥‏/١٤٤٦ هـ] .: الحكمة من الأمان :

بين الله تعالى الحكمة من إعطاء الأمان فقال سبحانه: وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَحَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ " [التوبة : 6]
[٩:١١ م, ٢٢‏/٥‏/١٤٤٦ هـ] .: يجب على المسلمين جميعاً الالتزام بأمان الإمام أو نائبه :

وإذا وقع الأمان من الإمام أو نائبه أو من غيره بشروطه وجب على المسلمين جميعاً الوفاء به ، فلا يجوز قتل المستأمنين ، ولا سببهم ، ولا أحد شيء من أموالهم ، ولا التعرض لعصمتهم ، ولا أذيتهم بغير وجه

شرعي ..

ويسري هذا الأمان إلى أهل المستأمن وما معه من مال إذا كانا معه في بلاد الإسلام ... إلا أن يشترط

صاحب الأمان ٣٤١
[٩:١٢ م, ٢٢‏/٥‏/١٤٤٦ هـ] .: هل يصح للمرأة المسلمة أن تمنح الأمان :

يرى جمهور الفقهاء إلى أنه يصح للمرأة المسلمة أن تمنح الأمان لكافر مستدلين بقوله صلى الله عليه وسلم : " قد أخرنا من أخرْتِ يَا أُمَّ هاني " متفق عليه ٢٥
[٩:١٣ م, ٢٢‏/٥‏/١٤٤٦ هـ] .: مدة الأمان :

كثير من الفقهاء يقولون إن الأمان لا ينبغي أن يكون أكثر من سنة ، وحدة بعضهم بشهرين ،

وبعضهم قال : يشترط أن لا يزيد على أربعة أشهر ، وقال الحنابلة لا بأس أن يصل إلى عشر سنين
[٩:١٥ م, ٢٢‏/٥‏/١٤٤٦ هـ] .: متى يصير الأمان لاغياً :

ينتقض الأمان بأمور منها :

-1- إذا رأى إمام المسلمين أنه لا مصلحة في هذا العقد ، فعليه أن يخبر من أعطاهم الأمان ، بأن هذا العقد لا يلزمه وأنه يريد إنهاءه ، ولا يجوز التعرض للمستأمنين قبل إخبارهم بوضوح ، ولا يصح في ديننا الغدر ولا الخيانة ؛ لقوله سبحانه وتعالى : " فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الخائنين" [الأنفال :

.. [58

2- رغبة المُسْتَأْمِن في إلغاء عقد الأمان :

٢٠١ أجمع علماء الإسلام على أن المستأمن إذا رغب في نبذ عهد الأمان وإلغائه ، وأخبر عن رغبته بوضوح وجب على المسلمين تبليغه المأمن ، ولا يتعرض لما معه بشيء

انقضاء مدة الأمان إذا كان محدوداً بوقت معلوم لدى الجميع .

مَا يَسْتَحِقَّهُ الْمُسْتَأْمِنُ مِنَ الْكَبْرِ وَالْمَعْدِنِ ( والنفط من المعدن ) :

إذا عمل المستأمن في استخراج المعادن ( ومنها النفط ) فإنه يستحق ما حصل الاتفاق عليه مع الإمام ،

وفي المبسوط للسرخسي من الحنفية : " يؤخذ منه الخمس ، وما بقي فهو له (أي أربعة أخماس )؛ لأن

الإمام شرط له ذلك لمصلحة

فإذا اتفقوا على أقل من ذلك للمستأمن فإنه حائز من باب أولى
[٩:١٦ م, ٢٢‏/٥‏/١٤٤٦ هـ] .: المستأمن المسلم :

إذا دخل المسلم دار الكفار بأمان فإنه يحرم عليه خيانتهم فلا يتعرض لشيء من أموالهم ودمائهم وفروجهم ؛ لأن الله عز وجل قال : " إنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَالِنِينَ " [الأنفال : 58] ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : " المسلمون على شروطهم ٣٥٧ .

وأي نوع من أنواع المعاملات اليوم التي تجريها الدول والحكومات اليوم لإدخال غير مواطنيها يعتبر عقد أمان يلزم بموجبه أن يكون الداخل إلى ديارهم مستأمناً لا يجوز له الإخلال بعقد الأمان الذي أدخلوه به ...

ولا يصلح في دين المسلمين الغدر ..

فإن خان المسلم أولئك الكفار في مالي وجب عليه رده إلى أصحابه
[٩:١٧ م, ٢٢‏/٥‏/١٤٤٦ هـ] .: ثانياً : المُعَاهَدُونَ

المعاهدون جمع معاهد، والمعاهد نسبة إلى العهد...

ومن معانيه في اللغة اليمين ، والأمان والموثق، والوصية ؛ لأنه مما ينبغي الاحتفاظ به والحفاظ عليه. ٣٥٨

وفي الاصطلاح : الصلح (الهدنة) على ترك القتال لمدة معينة سواء كان ذلك بعوض أم بغير عوض.. ٢٠١

ماذا يترتب على الهدنة :

" يترتب على الموادعة أو الهدنة إنهاء الحرب بين المتحاربين، ويأمن الأعداء . كما في عقد الأمان . على أنفسهم وأموالهم ونسائهم وأولادهم؛ لأن الموادعة عقد أمان أيضاً، وبناء عليه يجب كف أذانا أو أذى الدميين عنهم حتى يتأتى ناقض للعهد منهم .
[٩:١٨ م, ٢٢‏/٥‏/١٤٤٦ هـ] .: الفرق بين الهدنة للمعاهدين والأمان العام للمستأمنين:

1- أن الهدنة معاهدة بين دولتين على إنهاء القتال وتوفير السلام في جميع أنحاء الدولة ...

أما الأمان العام فهو اتفاق الدولة مع جماعة غير محصورة على المسالمة ومنح الأمان في بلد أو إقليم معين

2- أن الهدنة طريق لإنهاء الحرب بين المسلمين وغيرهم، وأما الأمان العام فهو لتأمين جماعة ولو في أثناء الحرب.

أ

-3- أن الإجابة لطلب الأمان واجبة، لقوله تعالى : فقال سبحانه: "وإنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَحَارَكَ فَأَجِرُهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلام الله ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ " [التوبة : 6]

أما الإجابة لطلب الهدنة فمباحة جائزة غير واجبة بشرط مراعاة المصلحة الإسلامية.

4- إذا بطل أمان رجال لم يبطل أمان نسائهم والصبيان، وإذا انتقضت الهدنة انتقض أمان جميع المهادتين . ٣٦٢
[٩:١٩ م, ٢٢‏/٥‏/١٤٤٦ هـ] .: مسوغات عقد الهدنة وإبرام العهد مع الدولة الكافرة :

يتفق الفقهاء أن شرط مشروعيتها أن يكون المسلمون في حال ضعف، والكفار أقوياء
[٩:٢٠ م, ٢٢‏/٥‏/١٤٤٦ هـ] .: والحقيقة أن هذا الشرط حالة من الحالات التي تسوع إبرام العهد مع الدولة المحاربة ، وهو صورة من

صور المصلحة من عقد الهدنة ...

والمصلحة من عقد الهدنة كما تتحقق حال ضعفنا، فإنها تتحقق بأغراض أخرى :

1 - كرجاء إسلام الكفار ...

٢ - أو عقد الذمة فيأتون إلينا ويدخلون تحت طاعتنا .

أو التعاون معهم لدفع عدوان غيرهم...

أو الإقرار السلام...

ه أو لتبادل المنافع الاقتصادية ونحوها ٣٦٣

المقابل المالي في المعاهدة إذا كان في ذلك مصلحة للمسلمين :

ولا بأس بأن يتم الصلح على عوض مالي يدفعه المسلمون إلى الكفار عند الاضطرار، أو يدفعه الأعداء للمسلمين إذا كان في الدفع مصلحة للمسلمين؛ لأن الله تعالى أباح لنا الصلح مطلقاً في قوله : وإن

جنحوا للسلم فامنح لها وَتَوَكَّلْ عَلَى الله إنه هو السميع العليم (61) [الأنفال : 61]

فيجوز بمقابل مالي أو بغير مقابل ؛ ولأن المقصود من الصلح هو دفع الشر والخطر، فيجوز بأية وسيلة وهذا باتفاق الفقهاء
[٩:٢١ م, ٢٢‏/٥‏/١٤٤٦ هـ] .: بماذا تنقص الهدنة :

اختلف الفقهاء في نواقض الهدنة، ولكن أهم النواقض التي وردت في كلامهم :

الخيانة ، وهي كل ما ناقض العهد والأمان ، أو أخل بشرط من شروطه.

تنتقض بمقاتلة المعاهدين للمسلمين أو بمناصرتهم لعدو آخر على المسلمين ، أو قتل المسلمين ، أو أخذ أموالهم بغير حق ..

ولا يصلح الأحاد المسلمين نقض الهدنة من تلقاء نفسه باجتهاده . ... بل ذلك راجع إلى راجع إلى الإمام ، وللدولة وحدها تقدير التصرف الملائم لمصلحة المسلمين .

مدة الهدنة :

أكثر الفقهاء على أن عقد الصلح مع العدو لا بد من أن يكون مقدراً بمدة معينة، فلا تصح المهادنة إلى الأبد من غير تقدير بمدة، وإنما هي عقد مؤقت...

ولكن إذا انتهت مدة الهدنة والحاجة باقية فإن تجديد عقد الهدنة جائز ...

أما الراجح - والله أعلم - فإنه ليس للمهدئة مدة معينة، إنما تقدير المدة راجع إلى اجتهاد الإمام قدر الحاجة لأن المهادن…
[٩:٢٣ م, ٢٢‏/٥‏/١٤٤٦ هـ] .: قد أعطوا عهداً بالأمان ....

. والمستأمنون : وهم حربيون أعطوا عهداً بالأمان لمدة مؤقتة ، أو عهداً شبه دائم ولكن من غير قصد الاستيطان ، كالبعثات الدبلوماسية، والعاملين في الشركات، والزائرين لبلادنا ، وغيرهم

قد أعطوا عهداً بالأمان ....

والمعاهدون : وهم حريبون عقدت سلطات الدولة الإسلامية مع دولتهم هدنة وصلحاً عاماً لكف الحرب ، قد أعطوا عهداً بالأمان
[٩:٢٤ م, ٢٢‏/٥‏/١٤٤٦ هـ] .: مولاء كلهم أهل عهد ، وهم كلهم أهل أمان ، تشملهم أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في

عدم جواز نقض العهد الذي أبرم من أجلهم أو الإخلال به ....

وهي أحاديث شديدة الوعيد ، رهيبة العاقبة ....

ومن هذه الأحاديث :

ان عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما ٣٦٨

والمقصود ب" المعاهد في هذا الحديث الكافر الذي أعطاه المسلمون أو إمامهم عهداً بالأمان ،

ويشمل : أهل الذمة، والمستأمنين ، وأهل الصلح والهدنة ..

ولهذا نوع البخاري تبويبه لهذا الحديث ، فمرة يؤب له ب باب إثم من قتل معاهداً ...٢٠١، ومرة

باب إلم من قتل دمياً بغير حق ٣٧٠٠

2 عن صفوان بن سليم أنه أخبرة عدة من أبناء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم - عن نالهم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال " الا من ظلم …
[٩:٢٥ م, ٢٢‏/٥‏/١٤٤٦ هـ] .: المطلب الثاني: حق العمال والمستخدمين
[٩:٢٦ م, ٢٢‏/٥‏/١٤٤٦ هـ] .: الإسلام دين العدل والحق، كفل لكل إنسان في الوجود حقه، وألزمه من الواجبات، ومن طوائف المجتمع الذين اهتم بما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات طائفة العمال والمستخدمين، وسوف نبين في هذه الصفحات حقوق هؤلاء العمال والمستخدمين حتى يقوم كل فرد من أفراد المجتمع بهذه الحقوق، وحتى نرى عظمة ديننا في اهتمامه بكل طوائف المجتمع.

أولا - اهتمام الإسلام بالعمل والعمال:

ما يأتي:

اهتم الإسلام بالعمل والعمال اهتماماً بالغاً، وكرمهم أحسن تكريم، ومن مظاهر هذا الاهتمام

1- أنه خفف عن الرسول ﷺ وأصحابه في قيام الليل حتى لا يعوفهم هذا القيام عن العمل، فقد كان

القيام واجبا على الرسول ﷺ قال تعالى ( إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أدْنَى مِنْ تُلْقِي اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَقُلْتَهُ وطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْص…
[٩:٢٧ م, ٢٢‏/٥‏/١٤٤٦ هـ] .: أي إن الله هو الذي سخر لكم الأرض وذللها لكم، وجعلها سهلة لينة قابلة للاستقرار عليها، لا تميد ولا تضطرب، بما جعل فيها من الجبال، وفخر فيها الينابيع، وشق الطرق، وهيا المنافع، وأتبت فيها الزروع وأخرج الثمار، فسيروا في جوانبها وأقطارها وأرجائها حيث شئتم بحثا عن المكاسب والتجارات

والأرزاق، ولا يعني السعي شيئا عن تيسير الله، لذا قال تعالى ( وَكُلُوا مِنْ رِزْقه أي مما رزقكم وخلقه لكم في الأرض، ومكنكم من الانتفاع بها، وأعطاكم القدرات على تحصيل خيراتها، ثم اعلموا أنكم في النهاية صائرون إليه، فإليه النشور، أي البعث من قبوركم، لا إلى غيره، وإليه المرجع يوم القيامة، فاحذروا الكفر والمعاصي في السر والعلن.
[٩:٢٩ م, ٢٢‏/٥‏/١٤٤٦ هـ] .: والآية دليل على قدرة الله ومزيد إنعامه على خلقه، وعلى أن السعي واتخاذ الأسباب لا ينافي التوكل على الله، وعلى أن الاتجار والتكسب مندوب إليه.
[٩:٣٠ م, ٢٢‏/٥‏/١٤٤٦ هـ] .: أخرج الإمام أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه عن عمر بن الخطاب له أنه سمع رسول الله ﷺ يقول : لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصا، وتروح بطانا "(٢٧)

فأثبت لها عدواً ورواحاً، لطلب الرزق، مع توكلها على الله عز وجل، وهو المسحر المسير المسبب.

وأخرج الحكيم الترمذي عن معاوية بن قرة قال: مر عمر بن الخطاب الله يقوم، فقال: من أنتم؟ فقالوا : المتوكلون، قال: بل أنتم المتأكلون، إنما المتوكل رجل ألقى حبه في بطن الأرض، وتوكل على الله عزا

وحل . (۳)

ومن اهتمام الإسلام بالعمل أنه حث على الانتشار في الأرض بعد الفراغ من الصلاة قال تعالى ) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ

الفلحون) (۳) أي: إذا فعلتم الصلاة وأديتموها وفرغنم منها فانتَشِرُوا فِي الْأَر…
[٩:٣١ م, ٢٢‏/٥‏/١٤٤٦ هـ] .: والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ فَيَحْتَطِبَ عَلَى ظهره خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْتِي رَجُلًا فَيَسْأَلَهُ

أَعْطَاهُ أَوْ مَنعه. (۳)

وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِي الله أَنَّ نَاسًا مِنْ الْأَنْصَارِ سَأَلُوا رَسُولَ اللهِ ﷺ فَأَعْطَاهُمْ ، ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَهُ فَقَالَ مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أُدْخِرَهُ عَنْكُمْ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِقَهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ، وَمَنْ يَتَصَيَّرُ يُصَبِّرْهُ اللهُ، وَمَا أُعْطِي أَحَدٌ عَطَاءٌ خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ . (۳)

فالنبي ﷺ يعلمهم أن الاستعفاف عن المسألة، والاعتماد على النفس خير من سؤال الناس؛ لأن السؤال ذل للإنسان وإهدار لكرامته ، ولن يكون للأمة كرامة بين الأمم ورفعة إلا إذا اعتمدت على صنع أيديها وا…
[٩:٣٣ م, ٢٢‏/٥‏/١٤٤٦ هـ] .: 6- معرفة الأنبياء لقيمة العمل وقيامهم به

كان الأنبياء وهم أشرف الخلق على وجه الأرض يعملون؛ لأنهم يعلمون أن شرفهم وعزهم في العمل، فهذا نبي الله داوود التي كان يعمل حداداً يصنع الدروع والسيوف، تلك المهنة التي ربما يعدها البعض اليوم عيباً، ويستحي أن يعملها قال تعالى (وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ) (۲۸) حتى إن الله امين عليه بإلانة الحديد له كما دل على ذلك قوله تعالى (وَلَقَدْ

(۳) أخرجه البخاري ك : الزكاة، باب الاستعفاف عن المسألة (صحيح البخاري 2/ 123).

(۳۳) أخرجه البخاري ك : الزكاة ، باب الاستعفاف عن المسألة - 1469) (صحيح البخاري (122/2).

() أخرجه الطبراني في المعجم الكبير من حديث كعب بن عجرة - 15619) المعجم الكبير للطبراني 491/13).

(1) سورة الأنبياء الآية (80).

1

آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا…
[٩:٣٦ م, ٢٢‏/٥‏/١٤٤٦ هـ] .: - اهتمام الصحابة بالعمل دليل على أهميته

كان الصحابة الكرام يعملون بأيديهم؛ لأنهم يعرفون للعمل قيمته، فهذا أبو بكر الصديق الله بعد أن يتولى خلافة المسلمين يرى وقد أصبح غاديا إلى السوق للتجارة، ذكر أبو الفرج ابن الجوزي عن عطاء بن السائب قال: لما استخلف أبو بكر أصبح غادياً إلى السوق، وعلى رقبته أثواب يتحر بها، فلقيه عمر وأبو عبيدة ابن الجراح رضي الله تعالى عنهما فقالا : أنى تريد يا خليفة رسول الله؟ قال: السوق، قالا: أتصنع ماذا وقد وليت أمر المسلمين؟ قال: فمن أين أطعم عيالي؟ قالا : انطلق حتى تفرض لك شيئاً، فانطلق معهما، ففرضا له كل يوم شطر شاة وما كسوه في الرأس والبطن.

وذكر عن حميد بن هلال قال: لما ولي أبو بكر قال أصحاب رسول الله ﷺ : افرضوا الخليفة رسول الله كل ما يغنيه، قالوا: نعم، بردان إذا أخلقهما وضعهما وأخذ مثلهما، وظهره إذا سافر، ونفقته على أهله كما كان ق…
[٩:٣٩ م, ٢٢‏/٥‏/١٤٤٦ هـ] .: ثانيا - واجبات العمال في الإسلام

إذا كانت هذه قيمة العمل في الإسلام وحثه عليه واهتمامه به، فإن هناك واجبات على هؤلاء العمال

ومن هذه الواجبات ما يلي
[٩:٤٠ م, ٢٢‏/٥‏/١٤٤٦ هـ] .: من المعروف أن كل حق يقابله واحب ، فالإنسان قبل أن يطالب بحقوقه لابد أن يقوم بواجباته ، ومن أول الواجبات على العامل أن يتقن العمل الذي كلف به، وأن يقوم به على الوجه المطلوب، فقد أخير الرسول ﷺ أن إتقان العمل ينتج عنه محبة الله تعالى للعبد، حيث قال ﷺ : " إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه " (٣٨)

وقد حث القرآن على إتقان العمل، قال تعالى (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيم ذلك خَيْرٌ وَأَحْسَن تأويلا) (۲۱۰)، وقال الا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا الخسِرُوا الْميزان) (۳۱)، فالآيات تشتمل على الأمر بإيفاء الكيل، والقسط في الوزن وهذا من إتقان العمل.

كما اهتمت الأحاديث النبوية الشريفة بالتأكيد على هذا المبدأ، فعن عبد الله بن عمر الله أن

رسول الله ﷺ قال : " ألا كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، فالإمام الذي على الناس راع وهو مسئول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته، وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية على أهل زوجها، وهي مسئولة عنهم، وعبد الرجل راع على مال سيده، وهو مسئول عنه، ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته (1)

2- عدم استغلال عمله ووظيفته في تحصيل المنافع

العمل من أوكد الأمانات، ومن أعظم الواجبات على العمال عدم استغلال نفوذهم في إعطاء أحد ما ليس حقه ، أو منع أحد حقه ، فقد قال :" من استعملناه على عمل فرزقناه ررقا، فما أحد بعد ذلك فهو غلول "(٢٣)، ولذلك شدد الإسلام على ضرورة التعفف من استغلال النفوذ ، وشدد على رفض المكاسب المشبوهة من الرشاوى واستغلال المنصب في العمل واعتبار ذلك من الهدايا الجائزة كما ورد في قصة ابن اللتنبية، الخرج أبو داوود بسنده عن أبي حميد الساعدي: أن النبي 15 استعمل رحلا من الأزد يقال له ابن اللتنبية - قال ابن السرح ابن الأنبية - على الصدقة، فجاء فقال هذا لكم وهذا
[٩:٤٢ م, ٢٢‏/٥‏/١٤٤٦ هـ] .: أهدى لي ، فقام النبي له على المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال: " ما بال العامل نبعثه فيحي، فيقول هذا الكم وهذا أهدي لي الا جلس في بيت أمه أو أبيه فينظر أبهدى له أم لا ؟ لا يأتي أحد منكم بشيء من ذلك إلا جاء به يوم القيامة إن كان بعيرا قله رغاء، أو بقرة فلها خوار، أو شاة تبعر "، ثم رفع يديه حتى رأينا عفرة إبطيه، ثم قال " اللهم هل بلغت اللهم هل بلغت "(). وهكذا نرى النبي في هذا الأمر الذي يفتح بابا عظيما من الفساد في المجتمع المسلم من استغلال النفوذ والمنصب في تحصيل المنافع الشخصية، واعتبار ذلك من قبيل الهدية، وأن الإسلام لا يحرم قبول الهدية ، مع معرفة العامل أن هذه الهدية ما جاءته إلا بسبب عمله ، فيشدد النبي ﷺ على هذا الأمر، ويعتبر ذلك من الغلول الذي يحاسب عليه صاحبه يوم القيامة ...

3 التحلي بالأمانة

من الواجبات اللازمة على العامل والخادم أن يكون أمينا، وقد دل القرآن الكريم على هذا الواجب، ففي حديثه عن سيدنا موسى الله مع الرجل الصالح قال تعالى (قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرُهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأمين (۲۱۰) فقد اعتمدت في طلب استئجاره على أمانته، وقد قبل في أمانته أنه لم يطلع على عورة لها، فأوصاها أن تمشي خلفه وتعرفه الطريق بحصاة ، لا أن يمشى معها أو خلفها فينظر إلى عوراتها ، وهكذا ينبغي أن يكون العمال والخدم مع أصحاب الأعمال والمخدومين، فلا يطلعون على عورات البيوت التي لا يصح الاطلاع عليها ، ومن أمانة العامل والخادم الا يأخذ شيئا من مال المخدوم أو صاحب العمل إلا بطيب نفس منه وبعد معرفته، وكذلك عدم إنشاء أسرار العمل، فقد يترتب على إنشاء أسرار العمل، أو بيوت المخدومين ضرر يلحق برب العمل أو صاحب البيت.

حقوقهم

هذه بعض الواجبات التي يجب على العمال أن يلتزموا بما أوجبها عليهم الإسلام كما كفل لهم
[٩:٤٤ م, ٢٢‏/٥‏/١٤٤٦ هـ] .: لالنا - حقوق العمال والمستخدمين

لقد كفل الإسلام للعمال حقوقهم وحث أصحاب الأعمال على أدائها ومن هذه الحقوق ما

حقوقهم

(1) أخرجه أبو داوود ك الخراج والقيء والإمارة ، باب: في هدايا العمال ج 2946 (سنن أبي داوود 149/2) وصححه
[٩:٤٥ م, ٢٢‏/٥‏/١٤٤٦ هـ] .: 1 إعطاء العامل أجره بمجرد الفراغ من عمله: