لخّصلي

التي تعمل على نقل المعرفة من جيل إلى جيل آخر، فالنظام يشتمل على الأدوار والمعايير الاجتماعية التي تعمل على نقل المعرفة من جيل إلى جيل، التي تعكس التوجهات العامة للمجتمع، وهذه النظم التربوية عامة هي انعكاس للفلسفة الفكرية والاجتماعية والسياسية السائدة". فهي وحدة فنية اجتماعية مزودة بجملة من الإجراءات ذات الاستقلال الذاتي في نشاطاتها المتفاعلة فيما بينها، 3-كل نظام تربوي يتضمن جملة من القواعد والتنظيمات والإجراءات المحددة لإنجاز أهدافه.

12-مفهوم النظام التربوي.نظرا لأهمية النظام التربوي ضمن مجموع الأنظمة الاجتماعية تعددت المفاهيم كل وفق الرؤية التي يتصور من خلالها النظام التربوي، حيث يعرفه معجم علوم التربية ومصطلحاتها "هو مجموعة من العناصر والعلاقات التي تستمد مكوناتها من النظم السياسية والاقتصادية والسوسيوثقافية وغيرها، لبلورة غايات التربية ولأدوار المدرسة ونظام سيرها ومبادئ تكوين الأفراد الوافدين إليها". في حين يعرفه محمد عاطف غيث في قاموس علم الاجتماع "النظام أو النسق الاجتماعي الذي يشمل الأدوار والمعايير الاجتماعية، التي تعمل على نقل المعرفة من جيل إلى جيل آخر، والنظام التربوي لا يشمل فقط على التنظيمات الرسمية يفاقثلاثارتلالقنلعمتجملااهددحيتلالئاسولاىلعكلذىلإةفاضلإابلمشيامناو،ةيبرتللةصصخملا". فالنظام يشتمل على الأدوار والمعايير الاجتماعية التي تعمل على نقل المعرفة من جيل إلى جيل، كما ينطوي على تعليم مهارات وقيم أساسية لازمة لاستمرار المجتمع.كما يرى تعريف آخر أن النظام التربوي يتضمن جملة من القواعد والتنظيمات والإجراءات التي تتبعها الدولة لتسيير شؤون التربية والتعليم، تهدف من ورائها للمحافظة على قيم ومبادئ الأمة، موجهة النظام التربوي وفق هذه السياسات التربوية، التي تعكس التوجهات العامة للمجتمع، "فالنظام التربوي في أي بلد هو عبارة عن مجموعة من القواعد والتنظيمات والإجراءات التي تتبعها الدولة في تنظيم شؤون التربية والتعليم، وهذه النظم التربوية عامة هي انعكاس للفلسفة الفكرية والاجتماعية والسياسية السائدة". ومنه فهو يعبر عن فلسفات تؤسس على ضوئها المناهج التربوية التي تأطر عملية التعليم على كافة المستويات التنظيمية، فهي وحدة فنية اجتماعية مزودة بجملة من الإجراءات ذات الاستقلال الذاتي في نشاطاتها المتفاعلة فيما بينها، لخدمة غرض محدد يكون نابع من فلسفةالمجتمع والسياسة التربوية المعدة لذات الغرض، ومؤسساته بما تحمله هذه المؤسسات من روافد سوسيوثقافية، تعبر عن طموح وآمال الشعوب في منظومتها التربوية.مما سبق الإشارة إليه يمكن أن نحدد جملة من الخصائص التي يتميز بها النظام التربوية نوجزها فيما يلي:1-للنظام التربوي غايات ومرامي مرتبطة بالسياسة التربوية للأمة، ضمن إطار فلسفتها التربوية.2-الارتباط الوثيق بين الجوانب السوسيوثقافية وقيام النظم التربوية.3-كل نظام تربوي يتضمن جملة من القواعد والتنظيمات والإجراءات المحددة لإنجاز أهدافه.4-يعبر عن آمال وطموح الأمة في الرقي والتقدم. لمحة تاريخية عن تطور النظام التربوي في الجزائر.1-ـ1-قبل الاحتلال الفرنسي للجزائر (قبل 1381).إن التعليم في مرحلة ما قبل الاحتلال الفرنسي للجزائر كان تعليما مزدهرا تتكفل بتمويله فئات الشعب الجزائري بكل الوسائل والآليات المتوفرة، سواء من هبات وعطايا أو الوقف الإسلامي أو الصدقات الممولة من الزكاة، تقدم لدور العلم والعبادة في المساجد والزوايا والكتاتيب، لم يكن الأتراك ينظمون العملية التعليمية في الجزائر، بل كانت متروكة للعمل الجمعوي إن جاز التعبير، لكنهم لم يعرقلوا نشر العلم ولم يقفوا في وجه من يتصدر لذلك بل كان هناك تشجيع في فترات معينة من خلال إكرام أهل العلم في المناسبات الرسمية، لم يكن العثمانيين في الجزائر سياسية للتعليم، ولا خطة رسمية لتشجيعه والعناية بأهلهوتطويره وتوجيهه وجهة تخدم المصالح الإسلامية العليا من جهة والمصالح الوطنية الجزائرية من جهة أخرى.
2فحب التعليم كان نابعا من التمسك بالدين لدى الفرد الجزائري، فحث الدين على طلب العالم كان دافعا قويا للجز ائريين لتحصيل العلمي، ولم يقتصر التعليم على الذكور فقط، بل امتد لتعليم الإناث ودوما تحت غطاء الدين وتوجيهه رغبة في تعلم الفرائض والقرآن الكريم من أجل إقامة الشعائر الإسلامية بصورة صحيحة.فالتعليم كان قبل كل شيء لرفع الأمية واستجابة لدعوة الدين في طلاب العلم ومعرفة الفروض وليس لأغراض أدبية أو اجتماعية، وقد ذكر السيد شيلر الذي عاش في الجزائر أكثر من خمسة عشر سنة أن في الجزائر مدارس خاصة لتعليم البنات لم يشهدها هو لكن الناس حدثوه عنها وأن النساء هن اللاتي يدرن هذه المدارس. أما مصادر التكوين في الجزائر لتخريج العلماء قبل الاحتلال الفرنسي فقد تباينت إلى ثلاث مصادر للتكوين ذكرها أبو القاسم سعد الله هي: أ-المدرسة الجزائرية: وتمثلها المساجد والزوايا بما تقدمه من دروس في مجالات مختلفة، لعل أبرزها تحفيظ القرآن الكريم والنحو والبلاغة والتفسير .... الخ. من العلوم ذات الصلة بالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.ب-المدرسة المزدوجة الجزائرية الإسلامية:وهي المدرسة التي يجمع فيها الطالب بين تكوينه في الجزائر ومن ثم الالتحاق بالمعاهد والمدارس العربية لإكمال الدراسة ثم العودة للجزائر لمباشرة العمل الوظيفي، كمثالعلى ذلك جامع الزيتونة والأزهر الشريف اللذين كانا يقصدهما الكثير من طلبة العلم من الجزائريين وبعض المعاهد في الشام والحجاز.ج-المدرسة الإسلامية عموما:وهذه المدرسة جاءت بها طائفة من علماء المسلمين الذين لم يكونوا جزائريين في الأصل ولكنهم استوطنوا الجزائر و تولوا فيها وظائف مختلفة كالإفتاء والإمامة وساهموا هم أيضا في عمليات التكوين.1-2-أثناء الاحتلال الفرنسي (1381-1691): تعتبر الفترة التي قضاها الاحتلال الفرنسي في الجزائر أقسى أنواع الاحتلال في العالم، حيث مارس فيها ،انايحأابيهرتوانيحابيغرت،هبوثريغابوثهسابلاوهتيوهنمبعشلاجارخإىلعةردقلااهيفىرييتلاتاسايسلاعاونألكلتحملاكل هذا يحدث وفق خطة ممنهجة يساهم في و ضعها ثلة من المفكرين والمنظرين يساعدهم على تنفيذها جيش من الأعوان تحت مظلات عديدة لتبرير الأفعال التي يقومون بها تارة، تحت غطاء الدين ومرة أخرى من أجل الحضارة ولنشر العلم والتنوير، لكن ما يؤكد ذلك هو ما تم تسجيله على أرض الواقع لا ما يتفوه به ساستهم وقادتهم ولعل في التصريح الذي جاء على لسانالكاردينال لافيجري (5281-5288) وهو يقول سنة 5288: "علينا أن نخلص هذا الشعب من قرآنه وعلينا أن نعتني على الأقل بالأطفال لتنشئتهم على مبادئ غير التي شب عليها أجدادهم، فإن من واجب فرنسا تعليمهم الإنجيل أو طردهم إلى أقاصي الصحراء بعيدين عن العالم المتحضر".إن هذا التصريح الواضح الذي لا لبس عليه يبرز بصورة جلية لكل متتبع النوايا الحقيقية للاحتلال الفرنسي للجزائر، وهذا ما تجسد فعليا من خلال خططهم في مجال التربية والتعليم والتي سنتعرض لها بشيء من التفصيل.إن نسبة الأمية في الجزائر غداة دخول المحتل كانت في حدود 51%غير أن الأرقام من أجل التنوير ونشر الحضارة الأوروبية المزعومة صارت وضعية التعليم في الجزائر وهذا بشهادة الجنرال الفرنسي دوماس الذي قال سنة 5855أي بعد حوالي 05سنة
3من الاحتلال "أن نسبة المتعلمين من الأهالي لا تتعدى 8.2%، وبعد قرن من الاحتلال أصبح أصبحت نسبة الأميين في الجزائر 88.8%بين من تتراوح أعمارهم من 51إلى 52سنة، و85%بين ما تجاوزت أعمارهم ثمانين عاما، وتشرد أكثر من مليون ونصف المليون طفل جزائري في الشوارع وهم في سن الدراسة لأنهم لم يجدوا المكان ولا من ينفق عليهم .-أهداف السياسة التعليمية للمحتل في الجزائر:-الفرنسة: أي يجب فرنسة الشعب بحيث ينسى لغته الأصلية ويصبح لا يفكر إلا بلغة الغالب المحتل.-التنصير: من خلال الحركات التبشيرية لإبعاد الشعب عن مقومه الثاني الهام وهو الإسلام، فباعتناقه المسيحية يسهل فصله عن ماضيه وحضارته الأصلية.حيث تم تأسيس مدارس دينية مسيحية ابتداء من سنة 5202يسيرها مسيحيون وتركزت هذه المدارس في مناطق القبائل الجزائرية ، البيض وأولاد سيدي الشيخ وورقلة.لقد خاض المحتل حربا شرسة على مؤسسات التعليم القائمة في الجزائر منذ دخوله أرض الجزائر، حيث تم غلق ومحاربة التعليم العربي بكل أشكاله، فلم تسلم الزوايا ولا المدارس ولا المساجد والكتاتيب، فالاستيلاء على المؤسسات ومحاربة مصادر تمويلها تم بطريقة منظمة من خلال مصادرة الأوقاف الإسلامية، والاستيلاء على المؤسسات التي تقدم خدمات تعليمية للمواطنينكما سن قوانين تمنع فتح المدارس التعليمية إلا بعد طلب رخصة من السلطات المحتلة أيضا تم التضييق على المعلمين الجزائريين واعتبارهم خطرا محدقا بالسياسة التعليمية الفرنسية ودفعهم للهجرة وترك الوطن، مما يحقق لفرنسا انتشار الجهل والأمية بين أفراد المجتمع خدمة لمصالحها.ولم تكتف فرنسا بتحريم فتح المدارس في الجزائر من قبل الجزائريين، بتضييقها عليهم وعدم منح الرخصة لهم، بل حاربتهم في عقيدتهم وذلك من خلال منعهم من فتح المدارس القرآنية بدون رخصة أيضا، لأنها تنبهت أن سر المحافظة على اللغة العربية والإسلام تتكفل به بشكل واضح الكتاتيب والزوايا المنتشرة في أرجاء البلاد.ولامتصاص غضب الأهالي كما يصفهم المحتل وتحت وطأة الاحتجاجات تم بموجب المرسوم الصادر في 54/50/5215إنشاء المدارس الفرنسية في كل من الجزائر، قسنطينية، وهران، عنابة، مستغانم بهدف تكوين مرشحين للوظائف المدنية والقضائيةوالتعليمية والإدارية، لكن هذه المدارس لم تكن لخدمة الشعب الجزائري، بل كانت لأهداف استعمارية بحتة.لقد عمدت فرنسا على إنشاء نوعين من المدارس الفرنسية والعربية كما يسمونها، فالأولى لأبناء المحتلين والثانية لأبناء الأهالي، طبقا للمرسوم الصادر في 58فيفري 5228، والذي يسعى إلى تنظيم التعليم في الجزائر، فكانت هذه المدارس تهدف إلى استقطاب عينة من أبناء الجزائريين لتكوينها وفقا للمناهج المعدة من قبل المحتل، والتي تدرس باللغة الفرنسية، رغم أن المدارس أعدت من أجل المواطنين الأصليين، حيث نص هذا القانون على أن العربيةلغة اختيارية واعتبارها لغة أجنبية.ولعل أبرز ما ميز النشاط التربوي والإصلاحي في العقد الثالث من القرن الماضي هو تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، كجمعية إصلاحية تربوية تعمل على ترسيخ ثوابت الأمة والدفاع عنها، تأسست جمعية العلماء المسلمين الجزائريينيوم الثلاثاء 50ذي الحجة 5848هـ الموافق للخامس من ماي 5885م، في نادي الترقي بالعاصمة.1-8ــــ النظام التربوي بعد الاستقلال:ورثت الجزائر نظاما تربويا بعد حرب ضروس كانت ختاما لصراع مرير امتد لأكثر من ثلاث عقود بعد المائة، للمحافظة على مقوماتها الوطنية من الانحلال والذوبان، فلقد تأثر التعليم ونظامه بكل ما كان يحدث في المجتمع.فالمنظومة التربو ية في عام