لخّصلي

المبحث السادس التصنيف المبني على أساس طبيعتها

تصنف الجرائم حسب طبيعتها إلى جرائم عادية، وجرائم سياسية، وجرائم عسكرية، وجرائم اقتصادية، وجرائم معلوماتية.

أولاً: الجريمة السياسية

1 مفهوم الجريمة السياسية.

ينطبق وصف الجريمة العادية على كل جريمة تهدد مصلحة يحميها القانون، وما الجريمة السياسية إلا جريمة عادية لكن ذات أغراض سياسية. فلا فرق بين الجريمتين من حيث الأركان والمحل والموضوع؛ إنما يظهر الفرق بينهما في البواعث التي لا تدخل في الأركان ولا في شروط التجريم. وقد عَرَّفَ فقهاء المذهب المالكي جريمة البغي بأنها الامتناع عن طاعة من ثبتت إمامته في غير معصية بمغالبته ولو تأويلا"، وعرفوا البغاة بأنهم فرقة من المسلمين خالفت الإمام الأعظم أو نائبه لمنع حق وجب عليها أو لخلفه، أما الأحناف فيعرفون البغي بأنه "الخروج عن طاعة إمام الحق بغير حق، ويعرفون البغاة بأنهم الخارجون عن طاعة الإمام الحق بغير حق. ولدى الشافعية جريمة البغي هي خروج جماعة ذات شوكة ورئيس مطاع عن طاعة الإمام بتأويل فاسد، والبغاة هم الخارجون عن طاعة الإمام وترك الانقياد له أو منع حق توجه عليهم بشرط شوكة لهم وتأويل ومطاع فيهم . وفي تعريف البغاة يقول الحنابلة بأنهم "الخارجون عن إمام ولو غير عدل بتأويل سائغ ولهم شوكة ولو لم يكن

فيهم مطاع".

رغم هذا الاختلاف الفقهي في تعريف جريمة البغي إلا أن أركانها واحدة لدى جميع المذاهب وهي: 1 - الخروج على الإمام -2 - الخروج بمغالبة. 3- الخروج

المقصود.

2 أهمية التفريق بين الجرائم العادية والجرائم السياسية.

تظهر أهمية هذا التفريق في المعاملة التي يحظى بها المجرمون السياسيون سواء أثناء التوقيف، أم المحاكمة، أم أثناء تنفيذ العقوبة المحكوم بها داخل السجن وفي عدم جواز تسليمهم لأية دولة في حال حصولهم على اللجوء السياسي. كما أنهم ينالون العفو العام أكثر من الجناة العاديين وخاصة في حال حصول المصالحة

السياسية.

ثانياً : الجريمة العسكرية
تختلف الجريمة العسكرية عن الجريمة العادية في أنها تهدد مصلحة عسكرية. والمصلحة العسكرية محل الحماية الجزائية تحددها الأنظمة العسكرية النافذة في البلاد، بما تتضمنه من أوامر ونواه للأفراد العاديين والعسكريين وما تفرضه من واجبات عليهم. فيمكن أن يكون محل الجريمة العسكرية الأموال والأعيان العسكرية كما يكمن أن يكون محلها مخالفة لقواعد الأنظمة العسكرية من قبل أحد العسكريين أو غيرهم من المدنيين في بعض الأحوال

وتبدو أهمية التمييز بين الجريمة العسكرية والجريمة العادية في الجهات التي تتولى إجراءات الملاحقة والمحاكمة. فتختص بأعمال التحري والتحقيق في الجرائم العسكرية ضابطة جنائية خاصة الشرطة العسكرية) وتحكم فيها محاكم أيضاً خاصة شكلت لهذا الغرض. كما أنها تعتبر من الجرائم التعزيرية التي يملك المنظم أن يتبنى

في شأنها سياسة عقابية خاصة.

ثالثاً : الجريمة الاقتصادية:

يمكن أن تعرف الجريمة الاقتصادية بأنها كل فعل أو عمل أو نشاط من شأنه إلحاق الضرر بالأموال العامة وباقتصاد الدولة وبعمليات إنتاج وتوزيع وتداول واستهلاك الخدمات. والخلاف بينها وبين الجريمة العادية يكمن في المصلحة التي تهددها، فهي تهدد اقتصاد البلد بالاعتداء على الأموال العامة والأوراق المالية والنقد الوطني وبالتحكم بعمليات الإنتاج والتوزيع للسلع والخدمات وغيرها، مما يؤثر في سياسة البلد الاقتصادية بشكل سلبي. هذا وقد صدر في المملكة الكثير من الأنظمة الجزائية والاقتصادية والتجارية، التي تهدف إلى تنظيم الاقتصاد الوطني وحمايته من أي نشاط يخل بالسياسة الاقتصادية للبلاد، كالنظام الجزائي الخاص بتزييف وتقليد النقود لسنة 1379 هجري، ونظام مكافحة الغش التجاري قرار رقم 107 وتاريخ 12/5/1404هـ. ، ونظام مكافحة غسل الأموال رقم م / 39 وتاريخ 25 /6/1424هـ. ونظام العلامات التجارية (الفارقة) الرقم (م/5) تاريخ 4/5/1404هـ.، ونظام هيئة سوق المال، وغيرها الكثير من الأنظمة التي صدرت بهذا الخصوص.

رابعاً : الجريمة المعلوماتية

الجريمة المعلوماتية مصطلح جديد العهد في النظام الجزائي، فقد عرفها المنظم في المادة الأولى من نظام مكافحة جرائم المعلوماتية رقم (م/17) تاريخ 1428/3/8 بأنها أي فعل يرتكب متضمناً استخدام الحاسب الآلي أو الشبكة المعلوماتية بالمخالفة الأحكام هذا النظام. تختلف الجريمة المعلوماتية عن باقي الجرائم في الوسيلة التي ترتكب بها فقط، فهي ترتكب عبر الوسائط التقنية الحديثة (حاسب أو جوال أو مشتقاته والشبكة العنكبوتية (الأنترنيت). أما محلها فيمكن أن يكون محل الجريمة العادية (القذف، السب، الشتم)، أو محل الجريمة الاقتصادية (غسل الأموال)، أو محل الجريمة العسكرية الدخول على المواقع العسكرية، والتجسس عبر الإنترنيت على المواقع العسكرية. كما يمكن أن يكون محلها بيانات مخزنة، أو برامج

معلوماتية، وبهذه الحالة فهي جريمة معلوماتية بكل معالمها.